الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معرفة الله:
كلما ازدادت معرفة الواحد منا بشخص ما تغيرت معاملته له، فعلى قدر المعرفة تكون المعاملة، وهذا أمر نلمسه جميعا من خلال علاقاتنا مع الآخرين، واختلافها من شخص لآخر .. فإذا ما طبقنا هذه القاعدة على علاقتنا بالله عز وجل، نجد أن اختلاف تعامل الناس معه سبحانه ناتج من اختلاف معرفتهم به.
من هنا تبرز أهمية معرفة الله عز وجل معرفة صحيحة وعميقة لتتغير معاملاتنا له وتتجه في الاتجاه الصحيح، فخشية الله - وهي صورة من صور المعاملة معه سبحانه - ثمرة من ثمرات العلم به:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر/28].
إذن فلكي نخلص أعمالنا لله كصورة من صور تعاملنا معه، فإن هذا يستلزم منا معرفته سبحانه وتعالى وبخاصة في جوانب معينة .. منها:
التعرف على الله القوي، الجبار لتورث هذه المعرفة خوفا وخشية منه، تدفع لصدق التوجه إليه، كما قال تعالى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان/8، 9]، ما الذي دفعهم لذلك:{إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} [الإنسان/10].
التعرف على الله القريب، السميع، الشهيد، البصير لتورث هذه المعرفة في القلب حياء منه سبحانه، مما يدفع صاحبه إلى الإخلاص أكثر وأكثر.
معرفة الله الغني الحميد وأنه لا يحتاج إلى أعمالنا، وأن حجم ما نقوم به من طاعات لا يساوي شيئا بجوار تسبيح الكون المتواصل لله عز وجل .. فيؤدي ذلك إلى استصغار واستقلال أعمالنا، فنؤدي الطاعة ونستغفر الله بعدها كقوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ
…
} [البقرة/199].
معرفة الله المنعم ومعرفة صور إنعامه علينا، وأننا مطالبون بشكر هذه النعم مما يؤدي إلى عدم رؤية العمل، واستشعار ان دخول الجنة هو محض فضل من الله عز وجل.
معرفة الله القيوم: وأنه هو الذي يقوم بإطعامنا وسقايتنا ونمنا ويقظتنا ورعاية كل ما في أجسادنا من أعضاء وأجهزة، وأنه سبحانه يعيننا على القيام بالطاعة، ويعصمنا من الوقوع في المعصية:{وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ} [الأنبياء/73]، هذه المعرفة تؤدي إلى استشعار عظيم فضل الله علينا، وأننا به لا بأنفسنا فيؤدي ذلك إلى صدق الاستعانة به، وعدم الاتكال على النفس.
معرفة الله الملك: وأنه لا ملك إلا ملكه، ولا يملك أحد سواه شيئا، فيؤدي ذلك إلى قطع الطمع فيما عند الناس والزهد فيهم، وعدم العمل من أجلهم فالكل فقير ومحتاج إلى من بيده ملكوت كل شيء.
التعرف على الله من خلال القرآن:
هذه المعارف وغيرها لها دور كبير في إخلاص العمل لله عز وجل، وعلى قدر تمكنها من القلب وتعمقها فيه يكون صدق معاملة العبد لربه، وأفضل وسيلة لتحقيق هذه المعارف: القرآن الكريم: فمن أهم سماته أنه كتاب تعريف بالله عز وجل، وبأسمائه وصفاته، وآثارها، ولا يكتفي القرآن بالتعريف النظري بالله عز وجل بل ويعلم قارئه كيف يربط هذه المعرفة بأحداث الحياة:{سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت/53].
فعلى سبيل المثال: القرآن يُعرفك بربك المنتقم ويُعدد لك صور عقابه للمسيء، فإذا ما أُسقطت هذه المعرفة على واقع حياتك فستجد أن هناك عقوبات تُجرى عليك نظير إساءتك كوحشة في الصدر أو تعسير في الأمور، فيؤدي ذلك إلى مسارعتك بالاستغفار والتوبة لتوقف تلك العقوبات: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
…
} [الأنفال/33].