الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن الهدى والسعادة والتغيير وسائر الثمار المترتبة على الدخول لعالم القرآن تستلزم هذه النقطة فإن الشيطان سيعمل جاهدا على صرف الذهن إلى أمور أخرى ليُبعدنا عن فهم القرآن، فعلينا ألا يتسرب إلينا الشعور باليأس أو الإحباط لدينا كلما شرد الذهن في أمور الدنيا بل نثابر ونثابر ونستعين بالله، ونستعيذ به من الشيطان حتى نتعود على التركيز مع القراءة .. أما الآيات التي شرد الذهن فيها فعلينا إعادتها مرة أخرى كما نفعل عند القراءة في أي كتاب آخر.
خامسا: التجاوب مع القراءة:
مما يعين على التركيز مع القراءة: التعامل مع الآيات على حقيقتها في كونها خطابا مباشرا من الله عز وجل للبشر: لي ولك ولغيرنا.
هذا الخطاب يتضمن أسئلة: علينا أن نُجيب عنها. كقوله تعالى: {أَإلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل/61]، فنقول: لا إله إلا الله.
ويتضمن مطالب مثل الاستغفار والتسبيح والسجود، فعلينا حينئذ تنفيذها. كقوله تعالى:{وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} [البقرة/199]، فنستغفر.
وفيه أدعية: علينا أن نؤمِّن عليها. كما نفعل مع الدعاء الذي في نهاية سورة الفاتحة .. وفيه وفيه ..
قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح بالبقرة فقرأها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بآية سؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوَّذ، ثم ركع.
سادسا: أن نجعل المعنى الإجمالي هو المقصود:
ونحن نطبق الوسائل السابقة عند تلاوتنا للقرآن قد نجد أمامنا كلمات غريبة لا نعرف معناها .. فهل نتوقف عن القراءة ونبحث عن معناها في التفاسير؟!
مما لا شك فيه أن معرفة المعنى ستزيد الفهم، وتفتح آفاقا جديدة للعقل في تعامله مع الآيات، ولكن في نفس الوقت لو تم ذلك مع كل كلمة غريبة تقابلنا فسينقطع اتصالنا بالقرآن ومن ثَمّ يضعف تأثرنا به، ويتحول انتفاعنا إلى انتفاع عقلي فقط، وهذا جزء يسير من التغيير الذي نريده. فالتغيير الأهم هو ما يُحدثه القرآن في القلب من زيادة إيمان وتوليد الطاقة الدافعة للقيام بأعمال البر بسهولة ويسر، وهذا يستدعي منا الاسترسال مع القراءة، والسماح للآيات أن تنساب داخلنا، ويتصاعد تأثيرها على المشاعر شيئا فشيئا حتى تثيرها وتؤججها فيؤدي ذلك إلى زيادة الإيمان، ودخول النور إلى القلب.
فإن قلت: فماذا نفعل إذن لكي يتم فهم الآيات وما تتضمنه من كلمات لا نعرف معناها، وفي نفس الوقت الاسترسال معها؟!
الحل هو أن نقرأ الآيات ونفهم منها المعنى الإجمالي الذي تدل عليه، ولا نقف عند كل كلمة، فإننا لا نبحث عن معاني تلك الكلمات بل نأخذ المعنى الإجمالي من السياق. ولقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه الطريقة بقوله:" إن القرآن لم ينزل يُكذِّب بعضه بعضا، بل يُصدق بعضه بعضا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم فردوه إلى عالِمه ".
فلو قرأنا عشر آيات مثلا وفهمنا ما يدل عليه نصفها، فهذا يكفينا، وبمرور الوقت ستزداد مساحة ما نعرفه لأن القرآن كما نعلم يُفسر بعضه بعضا.
يقول ابن مسعود رضي الله عنه: عن للقرآن منار كمنار الطريق، فما عرفتم منه فتمسكوا به، وما يشبه عليكم - أو قال: شُبّه عليكم - فكلوه إلى عالمه.