الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المتن)
فَصْلٌ
وَلَا يَنْبَغِيْ لِأَحَدٍ أَنْ يَهْجُمَ عَلَى أَقَارِبٍ أَوْ أَجَانِبٍ
؛ لِئَلَّا يُصَادِفَ بَذْلَةً مِنْ كَشْفِ عَوْرَةٍ. وَيَسْتَأْذِنُ ثلاثًا، فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا رَجَعَ.
(الشرح)
الاستئذان طلب الإذن من أجل الدخول في البيوت، والمحالّ التي يستتر فيها الناس كالحُجر، والأبنية، والمجالس المستورة، ومثله في عصرنا الاستراحات وما أشبه ذلك، فالأصل أن الإنسان لا يتقحم بيت غيره، ولا مكانًا يستتر به الناس عادة، سواء كان هذا المستتر واحدًا أو جماعة إلا بإذن، وهذا الإذن إما أن يكون إذنًا صريحًا، أو إذنًا جرت به العادة.
وقد ثبت في السنة: أن الإنسان إذا أتى دار غيره أن يستأذن ثلاث مرات من أجل أن يسمع أهل الدار، وينظروا في الأمر ويتأملوا، فإن شاءوا بعد الثالثة سمحوا بالدخول، وإن شاءوا سكتوا، وعلى الذي في الخارج أن يرجع، كما قال تعالى:(وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ)(1).
وصفة الاستئذان: إن كان الإنسان قريبًا يسمع الكلام أن يقول: السلام عليكم يا فلان أأدخل؟ ثلاث مرات، ويفرق بينها، فإن لم يجد جوابًا فليرجع، وإن لم يكن أهل الدار قريبين والباب مقفل أو به جرس فبالدق بحيث يغلب على الظن أن أهل الدار يسمعون.
(1) النور: 28.
أما بالنسبة للاستئذان من داخل البيوت: فهو أشد على أهل الدار، وقد يقال أيضًا: الاستئذان من الخارج أشد؛ لأجل أنه أجنبي.
واستئذان أهل الدار بعضهم على بعض، هذا جاء في قوله تعالى في سورة النور:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(1) ثم قال تعالى في الآية التي بعدها: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(2).
هذه الآية دلت على وجوب الاستئذان داخل الدور إذا كان للشخص مكان خاص ليس مفتوحًا؛ كالصالة أو نحوها، يجب أن يعلم الولد أدب الاستئذان، فالذي لم يبلغ يستأذن في هذه الأوقات الثلاثة، وكذلك الخدم، فإن الناس في هذه الأوقات قد يدخلون أماكنهم الخاصة، ويستريحون فيها، ويضعون ثيابهم، وقد يكون المرء على أهله فيجب حينئذٍ الاستئذان؛ حتى على الصبية الذين لم يبلغوا، حتى ينشأ هذا الولد على الطهر والعفاف، ولا يألف المناظر السيئة بذاكرته، أما إذا بلغ الأطفال الحلم، فيجب أن يستأذنوا في كل وقت.
(1) النور: 58.
(2)
النور: 59.