الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المتن)
فَصْلٌ
وَمَنْ أَرَادَ النَّوْمَ يُغْلِقُ بَابَهُ
، وَيُوْكِيْ سِقَاءَهُ، وَيُغَطِّيْ إِنَاءَهُ، وَيُطْفِئُ سِرَاجَهُ، كَذَلِكَ رُوِيَ فِيْ السُّنَنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَكَرِهَ أَحْمَدُ رضي الله عنه غَسْلَ اليَدِ لِلطَّعَامِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الخَبَرِ غَسْلُ اليَدِ لَهُ، وَلَعَلَّهُ مَا صَحَّ عِنْدَ أَحْمَدَ رضي الله عنه.
(الشرح)
الأصل في هذه المسألة ما أخرجه صاحبا الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان جُنح الليل فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ، فإذا ذهب ساعة العشاء، فخلوا» ، قال:«وأغلق بابك واذكر اسم الله، وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله، وخمر إناءك واذكر اسم الله، ولو تعرض عليه عودًا» ، وفي لفظ مسلم:«غطوا الإناء وأوكوا السقاء» . .
فالمصلحة ظاهرة في إغلاق الأبواب، ومن السنة أن الإنسان إذا أراد أن ينام أن يغلق من الأبواب ما يحتاج إلى غلقه.
(1) أخرجه أحمد (رقم: 15206)، والبخاري (رقم: 3138)، والترمذي (رقم: 2857)، وأبو يعلى (رقم: 2130)، والبيهقي في شعب الإيمان (رقم: 6062)، والديلمي (رقم: 2845).
وهذا من حسن التدبير، وهو واجب من الواجبات، لأن مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فلا يتم حفظ النفوس، والعورات، والأموال، والأعراض، إلا بهذا، فحينئذٍ يكون من الواجبات.
وهذه الأفعال مقرونة باسم الله، فتغلق الباب، وتقول:"بسم الله"، ويشمل إغلاق الأبواب إغلاق باب السيارة، فإن السيارة تُنزَّل على أنها بيت صغير، ولا تنزل على أنها دابة، فأحكام البيت الصغير فيها أكثر، ولها أبواب، فهي مشابهة للبيت الصغير، فتغلق الباب وتذكر اسم الله، سواءً أكنت تريد الركوب أو كنت تريد الخروج، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«فإن الشيطان لا يفتح بابًا ذكر اسم الله عليه» (1).
وقد يكون من بركة هذا حفظ هذه السيارة من السرقة.
قوله: (ويطفئ سراجه).
وفي لفظ جابر: «وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله» .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطفاء النيران، وحُدِّث صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي موسى عن قوم احترق عليهم بيتهم في المدينة، فقال:«إن هذه النار إنَّما هي عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها» (2).
(1) أخرجه أحمد (رقم: 14266)، والبخاري (رقم: 5300)، ومسلم (رقم: 2012)، وأبو داود (رقم: 3731)، والنسائي (رقم: 10581)، وابن خزيمة (رقم: 132)، وابن حبان (رقم: 1274).
(2)
أخرجه أحمد (رقم: 19588)، والبخاري (رقم: 5936)، ومسلم (رقم: 2016)، وابن ماجه (رقم: 3770)، وابن حبان (رقم: 5520).
قلت: لأن في إبقاء بعض المصابيح إسراف، لاسيما بعض المصابيح المتوهجة التي قد يخشى من إحراقها.
وقوله: (وكره أحمد رضي الله عنه غسل اليد. . . ما صح عند أحمد رضي الله عنه).
الصواب أنه لم يصح في غسل اليد للطعام خبر وقد تتبعت هذا كثيرًا، فلم أجد حديثًا صحيحًا صريحًا سالمًا من المعارضة، ومن أصح ما ورد في هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الجنب إذا أراد أن يأكل ويشرب وينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة (1).
وهذا أيضًا ليس صريحًا؛ لأنه في حق الجنب، وهذا لمعنى آخر، فهو لتخفيف الجنابة لا لغسل اليدين، ولما سئل شيخنا ابن باز رحمه الله: هل يؤخذ من هذا الحديث غسل اليدين للطعام؟
قال: لا، هذا لأجل الجنابة.
أما غسل اليد بعد الطعام فهو مشروع، وقد روى البخاري من حديث جابر رضي الله عنه، قال: كنا إذا طعمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لنا مناديل إلا أكفنا وسواعدنا.
(1) أخرجه مالك (رقم: 151)، وعبد الرزاق (رقم: 1074)، والبخاري (رقم: 285)، ومسلم (رقم: 306)، والترمذي (رقم: 120)، والنسائي (رقم: 259).