الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: (ولا يحل لأحد أن يجر ثوبه خيلاءً وبطرًا).
هذا الحكم مما يختص به الرجال.
والإسبال: هو إرخاء الرجل لباسه تحت الكعب، فقولنا:"لباسه" يشمل السراويل والأزر والثياب والعمائم والمشالح وغيرها.
اتفق العلماء على تحريم الإسبال، إذا كان للخيلاء وللعجب وللكبر، بل عدّوه من كبائر الذنوب، فهذه المسألة لا خلاف فيها، وحججهم ظاهرة:«من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» أخرجه البخاري من حديث ابن عمر.
والإسبال على قسمين:
القسم الأول: الإسبال بخيلاء فيستحق الوعيد بعدم نظر الله إليه، وهو كبيرة مغلظة.
القسم الثاني: الإسبال بغير خيلاء فهذا متوعد عليه بالنار، وهو كبيرة.
مسألة: يجوز الإسبال في صور:
الصورة الأولى: لستر جرح يتأذى بالذباب ونحوه، كما لو كان هذا الجرح على كعبه أو تحته، فيكون هذا من باب دفع الضرر.
الصورة الثانية: يجوز أن يكون مسبلاً إذا انحنى الإنسان ونزل الثوب تحت الكعب - حال نزوله - فلا بأس؛ لأن هذا إسبال عارض، ومن أهل العلم من رخص في الإسبال عند الحرب، ولم أقف على دليل لهؤلاء.
قول المؤلف: (ودخول الحمام جائز للرجال في الميازر الساترة ويكره للنساء إلا من علة وحاجة).
والأحاديث الواردة في الحمام فيها كلام.
واختلف العلماء في دخول الحمام على أقوال، وأصح الأقوال في هذه المسألة القول بالإباحة مطلقًا، ولكن بشروط، وهذا الذي صححه ابن كثير في كتابه الآنف الذكر.
وشروط جوازه:
1 -
أن يكون دخوله لحاجة، كإزالة وسخ أو غسل حيض أو جنابة أو غسل مستحب، كجمعة وعيد.
2 -
أن يكون مستور العورة.
3 -
أن يكن النساء في الخروج إليه متسترات، غير متبرجات.
4 -
أن لا يعهد في الحمام كشف العورات ولا وجود منكرات.
5 -
أن يحفظ بصره عن عورات الناس.
6 -
أن تكون حمامات الرجال مفصولة عن حمامات النساء.
قوله: (ولا بأس بالخضاب بالحناء، وهو يستحب وكذلك الكتم، ويكره بالسواد).
الخضاب: تغيير الشعر بشيء، إما بحناء، أو حناء وكتم، أو بصفرة، أو بسواد، واختلف العلماء رحمهم الله في الخضاب بغير السواد للشيب على أقوال:
الأول: أنه مسنون، وهذا المشهور من مذهب الجمهور عند الحنفية والشافعية والحنابلة.
الثاني: أنه مباح، وهذا ظاهر مذهب المالكية.
الثالث: أنه لا يسن تغيير الشيب.
الرابع: أن خضاب الشيب واجب.
وقد أدركنا جماعة من شيوخنا فمنهم من يصبغ ومنهم من يترك، وسئل شيخنا ابن عثيمين رحمه الله عن تركه الصبغ، فقال: له كلفة ويشق علي.
وكذلك شيخه ابن سعدي رحمه الله لا يصبغ، وأما شيخنا ابن باز رحمه الله فهو وإن كان خفيف شعر اللحية فإنه كان يصبغ وقد يبطئ رحمه الله في صبغه فتبيض لحيته، وسمعته يقول إن من أدلة عدم وجوب الصبغ أن الصحابة قد يتأخرون في الصبغ.
قوله: (ويكره بالسواد).
ومن المسائل المهمة الخلاف في الخضاب بالسواد.
أقول: الذي يتحرر لي أن ما وقع في مسلم من لفظه: «وجنبوه السواد» غير محفوظ، وأن أبا الزبير اضطرب فيها، وأحسن المذاهب عندي في هذه المسألة ما ذهب إليه الزهري، وهو إباحته للشباب ومن في وجوههم ماء الشباب وكراهته للشيوخ الذين ظهر عليهم الكِبَرُ.
قوله: (ولا يجوز أن يخلو الرجل بامرأة ليست له بمحرم).
لحديث ابن عباس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم» والحديث متفق عليه، وفي حديث عمر في سنن الترمذي وغيره وقال عنه: حديث حسن صحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» (1)، وهذا من باب تحريم الوسائل؛ لأن الخلوة بالمرأة وسيلة إلى وقوع الفجور بها، وهذا أيضًا يكون من الذرائع.
قوله: ولا يجتمع رجلان ولا امرأتان عريانين في فراش واحد، ولا إزار واحد. ولا يجوز تعمد حضور اللهو واللعب، ولا شيء من الملاهي المطربة كالطبل، والزمر، وخُصّ بذلك الدف للنكاح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف» (2).
لما نهى عن اجتماع الرجل بالمرأة الأجنبية أتى بما هو أخص من ذلك من اجتماع الرجلين في فراش واحد، ولا إزار بينهما، أو امرأتان في فراش واحد، أو امرأة ورجل، وهذا الأخير ينقسم إلى قسمين:
الأول: امرأة ورجل أجنبي وهذا أظهر من أن يُسأل عنه.
(1) أخرجه عبد الرزاق (رقم: 20710)، وأبو داود الطيالسي (رقم: 31)، والشافعي (رقم: 665)، وأحمد (رقم: 177)، وابن حبان (رقم: 5586)، والنسائي (رقم: 9219)، والترمذي (رقم: 2165) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، والحاكم (رقم: 387) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
(2)
أخرجه أحمد (رقم: 16175)، قال الهيثمي (4/ 289): رجال أحمد ثقات، والترمذي (3/ 398، رقم 1089) وقال: غريب حسن، وابن ماجه (رقم: 1895)، وابن حبان (رقم: 4066)، والحاكم (رقم: 2748) وقال: صحيح الإسناد، والبيهقي (رقم: 14463)، والضياء (رقم: 263)، والبزار (رقم: 2214).
الثاني: رجل وامرأة من المحارم.
وقد أمر الشارع بالتفريق بين الصبية في المضاجع كما في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع» (1).
فلا يجتمع رجل ورجل في فراش واحد عريانَين، ولا يلبسان إزارًا واحدًا، فتلتقي بشرتهما، وكذلك لا يجتمع امرأتان عريانتان في فراش واحد، ولا تلبسان إزارًا واحدًا فتلتقي بشرتهما، وأفحش منه التقاء رجل بامرأة، سواءً كانت هذه من المحارم، كأخته أو عمته، أو كانت أجنبية، وهذا الأمر فيه أشد؛ إلا أنه يستثنى من هذا صورة واحدة كما هو معلوم، وهي اجتماع الرجل وأهله في فراش واحد، أو في لحاف واحد، أو في إزار واحد.
وهذا كله من سد الوسائل المفضية إلى ما لا تحمد عقباه.
وأكمل الصفات أن ينفصل هذا بفراش وهذا بفراش، وهذا بلحاف وهذا بلحاف، وأكمل منه أن يُجعل للنساء والبنات مكان مستقل، وللصبية غرفة مستقلة ينامون فيها، بل هذا متحتم سدًا لباب الفساد.
قوله: (ولا يجوز تعمد حضور اللهو واللعب).
والملاهي تنقسم إلى قسمين:
الأول: ملاهٍ جائزة.
والثاني: ملاهٍ ممنوعة.
(1) أخرجه أحمد (رقم: 6689 و 6756)، وأبو داود (رقم: 495).
كما في حديث عقبة بن عامر الذي يُروى من غير وجه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «. . . ليس من اللهو إلا ثلاث: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه ونبله، ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها» أو قال: «كفرها» (1).
والمراد باللهو هنا: هو كل شيء باطل ذاهب، إلا هذه الثلاثة، ومما جاء فيه اللهو المباح، اللهو بالدف في النكاح، وفي الأعياد كذلك.
قوله رحمه الله: (ولا شيء من الملاهي المطربة؛ كالطبل، والزمر).
يعني هذا ممنوعٌ منه مطلقًا، وخص من ذلك الدف، فدل كلام المؤلف على أن الدف من الملاهي، فالأصل أنه من الملاهي، وهو كذلك، فإن الدف آلة لهو لا شك، هو آلة لهو بالنصوص، لكن جاء استثناؤه في مواضع.
استدل المؤلف بهذا الحديث فقد جاء بلفظ: «أعلنوا النكاح» (2).
فهذا يدل على مشروعية الدف في النكاح، ومشروعية الإعلان، وكان هذا يُفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وبحضرة نسائه صلى الله عليه وسلم، والدف له وجه واحد، ويسمونه:(الطار)، وهذا يجوز عند جماهير أهل العلم، بخلاف الطبل؛ لأن الطبل له وجهان.
مسألة: متى يجوز الدف؟ وما حكم الطبل؟
(1) أخرجه عبد الرزاق (رقم: 21010)، وابن أبي شيبة (رقم: 19779)، وأحمد (رقم: 17375)، وأبو داود (رقم: 2515)، والترمذي (رقم: 1637)، والنسائي (رقم: 3578).
(2)
سبق تخريجه.
ذكرنا أن الدف من الملاهي، والأصل في الملاهي المنع؛ إلا أنه جاء في غير موضع في العهد النبوي، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم ضربه في غير مكان.
اختلف أهل العلم في ضرب الدف، على أقوال:
القول الأول: يستخدم في كل فرح حادث؛ كالعيد، والختان، والعرس، وقدوم الغائب، وانتهاء البناء، والولادة، إلى غير ذلك، فكل فرح يحدث للناس فإنه يستخدم فيه الدف، وهذا أوسع الأقوال.
القول الثاني: يستخدم في العيد والعرس والختان وقدوم الغائب.
القول الثالث: يستخدم في العرس والعيد وقدوم الغائب. وهو مشهور مذهب الحنابلة، واختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
القول الرابع: أنه يستخدم في العيد والعرس فحسب، وهو اختيار شيخنا ابن باز رحمه الله.
وأما استخدامه بإطلاق فالصحيح أنه من آلات اللهو التي لا يجوز استخدامها بإطلاق.