الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَوارٍ يُحَلَّيْنَ اللِّطاطَ، تَزِينُها
…
شَرائِحُ أَحْوافٍ مِنَ الأَدَمِ الصِّرْف
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: تزوَّجَني رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وعليَّ حَوْفٌ
؛ الحَوْف: البَقِيرةُ تَلْبَسُه الصَّبيةُ، وَهُوَ ثَوْبٌ لَا كُمَّيْنِ لَهُ، وَقِيلَ: هِيَ سُيُور تَشُدُّها الصِّبْيَانُ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ: هُوَ شِدَّةُ العَيْشِ. والحوْفُ: القَرْيةُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، وَجَمْعُهُ الأَحْوافُ. والحَوْفُ: موضِع.
حيف: الحَيْفُ: المَيْلُ فِي الحُكم، والجَوْرُ والظُّلم. حافَ عَلَيْهِ فِي حُكْمِه يَحِيفُ حَيفاً: مالَ وجارَ؛ وَرَجُلٌ حائِفٌ مِنْ قَوْمٍ حَافَةٍ وحُيَّفٍ وحُيُفٍ. الأَزهري: قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يُرَدُّ مِنْ حَيفِ النّاحِل مَا يُرَدُّ مِنْ جَنَفِ المُوصِي، وحَيْفُ الناحِلِ: أَن يَكُونَ لِلرَّجُلِ أَولاد فيُعْطي بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ، وَقَدْ أُمر بأَن يسوِّي بَيْنَهُمْ، فَإِذَا فضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَقَدْ حَافَ.
وَجَاءَ بَشيرٌ الأَنصاريُّ بِابْنِهِ النُّعمان إِلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ نَحَلَه نَحْلًا وأَراد أَن يُشْهِدَه عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: أَكُلَّ ولَدِكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَه؟ قَالَ: لَا، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْهَد عَلَى حَيْفٍ، وَكَمَا تُحِبّ أَن يَكُونَ أَولادُك فِي بِرِّك سَوَاءً فسَوِّ بَيْنَهُمْ فِي العَطاء.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ
، أَي يَجُورَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَريفٌ فِي حَيْفِك
أَي فِي مَيْلِك مَعَهُ لشرَفِه؛ الحَيْفُ: الجَوْرُ وَالظُّلْمُ. وحَافَةُ كُلِّ شَيْءٍ: ناحِيَتُه، وَالْجَمْعُ حيَفٌ عَلَى القِياسِ، وحِيف عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَمِنْهُ حَافَتَا الْوَادِي، وَتَصْغِيرُهُ حُوَيْفَةٌ، وَقِيلَ: حِيفةُ الشَّيْءِ نَاحِيَتُهُ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي عَنْ أَبي الجَرَّاح: جَاءَنَا بضَيْحةٍ سَجاجةٍ تَرى سوادَ الْمَاءِ فِي حِيفِها. وحَافَتَا اللسانِ: جانِباه. وتَحَيَّفَ الشيءَ: أَخذ مِنْ جوانِبه ونواحِيه؛ وَقَوْلُ الطِّرِمّاح:
تَجَنَّبها الكُماةُ بكلِّ يَوْمٍ
…
مَرِيضِ الشَّمْسِ، مُحْمَرِّ الحَوافي
فُسِّر بأَنه جَمْعُ حافةٍ، قَالَ: وَلَا أَدري وَجهَ هَذَا إِلَّا أَن تُجمع حَافَةٌ عَلَى حَوَائِفَ كَمَا جَمَعوا حَاجَةً عَلَى حَوائجَ، وَهُوَ نَادِرٌ عَزيز، ثُمَّ تُقلب. وتَحَيَّفَ مالَه: نَقَصَه وأَخَذَ مِنْ أَطْرافه. وتَحَيَّفْتُ الشَّيْءَ مِثْلَ تَحَوَّفْتُه إِذَا تَنَقَّصْته مِنْ حَافَاتِهِ. والحِيفةُ: الطَّريدَةُ لأَنها تَحَيَّفُ مَا يَزيدُ فتَنْقُصه؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والحَافَانِ: عِرْقانِ أَخضران تَحْتَ اللِّسَانِ، الْوَاحِدُ حَافٌ، خَفِيفٌ. والحَيْفُ: الهامُ وَالذَّكَرُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وذاتُ الحِيفَةِ: مِنْ مساجِد النبي، صلى الله عليه وسلم، بَيْنَ الْمَدِينَةِ وتَبُوك.
فصل الخاء المعجمة
ختف: الخُتْفُ: السَّذابُ، يَمَانِيَّةٌ.
خجف: الخَجِيفُ: لُغَةٌ فِي الجَخيف وَهُوَ الطَّيْشُ والخِفَّةُ وَالتَّكَبُّرُ. وَغُلَامٌ خُجافٌ: صَاحِبُ تَكَبُّرٍ وَفَخْرٍ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. اللَّيْثُ: الخَجِيفَةُ المرأَة القَضيفةُ، وهُنَّ الخِجافُ. وَرَجُلٌ خَجِيفٌ: قَضِيفٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع الْخَجِيفَ، الْخَاءُ قَبْلَ الْجِيمِ، فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ لِغَيْرِ الليث.
خدف: الخَدْفُ: مَشْيٌ فِيهِ سُرعةٌ وتَقارُبُ خُطىً. والخَدْفُ: الاخْتِلاسُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
واخْتَدَفَ الشيءَ: اخْتَطَفَه واجْتذبه. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لخِرَقِ الْقَمِيصِ قَبْلَ أَن تُؤَلَّفَ الكِسَفُ والخدَفُ، وَاحِدَتُهَا كِسْفَةٌ وخِدْفةٌ. والخَدْفُ: السُّكانُ الَّذِي لِلسَّفِينَةِ. ابْنُ الأَعرابي: امْتَعَدَه وامْتَشَقَه واخْتَدَفَه واخْتواه واخْتَاتَه وتَخَوَّته وامْتَشَنَه إِذَا اخْتَطفَه. وخَدَفْتُ الشَّيْءَ وخَذَفتُه: قَطَعْتُه.
خذف: الخَذْفُ: رَمْيُكَ بحَصاة أَو نواة تأْخُذها بين سَبّابَتَيْك أَو تَجْعَلُ مِخْذَفةً مِنْ خَشَبٍ تَرْمِي بِهَا بَيْنَ الإِبهام وَالسَّبَّابَةِ. خَذَفَ بِالشَّيْءِ يَخْذِفُ خَذْفاً: رَمى، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الحَصى. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ حَذَفَ قَالَ: وأَما الخَذْف، بِالْخَاءِ، فَإِنَّهُ الرَّمْيُ بِالْحَصَى الصِّغَارِ بأَطْراف الأَصابع. يُقَالُ: خَذَفَه بِالْحَصَى خَذْفًا.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه نَهَى عن الخَذْفِ بِالْحَصَى وَقَالَ: إِنَّهُ يفقأُ العينَ وَلَا يَنْكِي العَدُوّ وَلَا يُحْرِزُ صَيداً.
ورمْيُ الجِمارِ يَكُونُ بمثْلِ حَصى الخَذْفِ وَهِيَ صِغَارٌ. وَفِي حَدِيثِ رَمْيِ الجِمار:
عَلَيْكُمْ بِمِثْلِ حَصَى الخذْف
أَي صغاراً. الجوري: الخَذْفُ بِالْحَصَى الرَّمْيُ بِهِ بالأَصابع؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كأَنّ الْحَصَى مِنْ خَلْفِها وأَمامِها،
…
إِذَا نَجَلَتْهُ رِجْلُها، خَذْفُ أَعْسَرا
وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ الخَذْفِ
، وَهُوَ رَمْيُكَ حَصاةً أَو نواة تأْخذها بين سبابتيك فَتَرْمِي بِهَا، أَو تَتَّخِذُ مِخْذَفةً مِنْ خَشَبٍ فَتَرْمِي بِهَا الْحَصَاةَ بَيْنَ إبْهامك وَالسَّبَّابَةِ. والمِخْذَفةُ: المِقْلاعُ وَشَيْءٌ يُرْمَى بِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمِخْذفة الَّتِي يُوضَعُ فِيهَا الْحَجَرُ ويُرْمى بِهَا الطَّيْرُ وَغَيْرُهَا مِثْلُ المِقلاع وَغَيْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمْ يَتْرُكْ عيسى بن مَرْيَمَ، عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، إِلَّا مِدْرَعةَ صُوفٍ ومِخْذَفةً
؛ أَراد بِالْمِخْذَفَةِ الْمِقْلَاعَ. وخَذْفُه النُّطْفَةَ: إِلْقَاؤُهَا فِي وسَط الرَّحِم. وخَذَفَ بِهَا يَخْذِفُ خَذْفاً: ضَرطَ. والخَذَّافة والمِخْذَفَةُ: الاسْتُ. وخذفَ بِبَوْلِهِ: رَمى بِهِ فَقَطَّعَه. والخَذْفُ: القَطعُ كالخَدْبِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والخَذْفُ والخَذَفانُ: سُرْعةُ سَيْرِ الإِبل. والخَذُوفُ مِنَ الدَّوابّ: السَّريعةُ والسَّمِينَةُ؛ قَالَ عَديّ:
لَا تَنْسَيَا ذِكْرِي على لذَّةِ الكأْسِ،
…
وطَوْفٍ بالخَذُوفِ النَّحُوصْ
يَقُولُ: لَا تَنْسَيا ذِكْرِي عِنْدَ الشُّرْبِ والصَّيْدِ. الْجَوْهَرِيُّ: والخَذُوفُ الأَتان تَخْذِفُ مِنْ سُرْعَتِهَا الحَصى أَي تَرْميه؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
كأَنَّ الرَّحْلَ شُدَّ بِهِ خَذُوفٌ،
…
مِنَ الجَوْناتِ، هادِيةٌ عَنُونُ
وَقِيلَ: الخَذُوفُ الَّتِي تَدْنو مِنَ الأَرض سِمَناً، وَقِيلَ: الخَذُوف الَّتِي تَرْفَعُ رِجْلَيْهَا إِلَى شِقِّ بَطْنِها. قَالَ الأَصمعي: أَتانٌ خَذُوفٌ، وَهِيَ الَّتِي تَدْنُو مِنَ الأَرض مِنَ السِّمَنِ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ عَيْراً وأُتُنَه:
نَفَى بالعِرَاكِ حَوالِيَّها،
…
فَخَفَّتْ لَهُ خُذُفٌ ضُمَّرُ
والخَذُوفُ مِنَ الإِبل: الَّتِي لَا يَثْبُت صِرارُها. التَّهْذِيبُ: الخَذَفانُ ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل.
خذرف: خَذْرَفَ: زَجَّ بقوائمِه، وَقِيلَ: الخَذْرَفةُ اسْتِدارةُ القوائِمِ.
والخُذْرُوفُ: السريعُ الْمَشْيِ، وَقِيلَ: السَّريعُ فِي جَرْيِه، والخُذْرُوفُ: عُوَيْدٌ مَشْقُوقٌ فِي وَسَطِهِ يُشَدُّ بِخَيْطٍ ويُمَدّ فَيُسْمع لَهُ حَنِينٌ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الخَرَّارة، وَقِيلَ: الخُذْرُوف شيءٌ يُدوِّرُه الصَّبِيُّ بِخَيْطٍ فِي يَدِهِ فيُسْمَع لَهُ دَويّ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ فَرَسًا:
دَرِيرٍ، كخُذْرُوفِ الوَلِيدِ أَمَرَّه
…
تَتابُعُ كَفَّيْه بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ
وَالْجَمْعُ الخَذاريف. وَفِي تَرْجَمَةِ رَمَعَ: اليَرْمَعُ الخَرَّارةُ الَّتِي يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ وَهِيَ الخُذْرُوف. التَّهْذِيبُ: والخُذْرُوف عُودٌ أَو قصَبَة مَشْقوقة يُفْرَض فِي وسَطه ثُمَّ يُشَدُّ بِخَيْطٍ، فَإِذَا أُمِرَّ دارَ وَسَمِعْتَ لَهُ حَفِيفًا، يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ ويُوصَفُ بِهِ الْفَرَسُ لسُرْعَتِه، تَقُولُ: هُوَ يُخَذْرِفُ بِقَوَائِمِهِ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
وإنْ سَحَّ سَحّاً خَذْرَفَتْ بالأَكارِع
قَالَ بَعْضُهُمْ: الخَذْرَفَةُ مَا تَرْمِي الإِبلُ بأَخْفافِها مِنَ الْحَصَى إِذَا أَسرعت. وكلُّ شَيْءٍ مُنْتَشِرٍ مِنْ شَيْءٍ، فَهُوَ خُذْرُوفٌ؛ وأَنشد:
خَذارِيفُ مِن قَيْضِ النَّعامِ التَّرائكِ
وَقَالَ مُدْرِكٌ القَيْسِيُّ: تَخَذْرَفَتِ النَّوى فُلاناً وتَخَذْرَمَتْه إِذَا قَذَفَتْه ورحَلَتْ بِهِ. والخُذرُوف: العُود الَّذِي يُوضَعُ فِي خَرْقِ الرَّحى العُليا، وَقَدْ خَذْرَف الرَّحى. والخُذْرُوفُ: طِين شَبِيهٌ بالسُّكَّرِ يُلْعَبُ بِهِ. والخِذْرافُ: ضَرْبٌ مِنَ الحَمْضِ، الواحدةُ خِذْرَافَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ نَبْت رَبيعيّ إِذَا أَحَسَّ الصَّيْفَ يَبِسَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخِذْرَافُ مِنَ الحَمْض لَهُ وُرَيقة صَغيرةٌ تَرْتَفِعُ قَدْرَ الذِّراعِ، فَإِذَا جَفَّ شاكَهَ البَياضَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَوائِمُ أَشْباهٌ بأَرْضٍ مَريضةٍ،
…
يَلُذْنَ بِخِذْرافِ المِتانِ وبالغَرْبِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الصَّحِيحُ أَن الخِذْرَافَ مِنَ الحَمْض وَلَيْسَ مِنْ بُقول الرَّبِيعِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَتَذَكَّرَتْ نَجْداً وبَرْدَ مِياهِها،
…
ومَنابتَ الحَمَصِيص والخِذْرافِ
ورجُل مُتَخَذْرِفٌ: طَيِّبُ الخُلُقِ. وخَذْرَفَ الإِناءَ: مَلأَه. والخَذْرَفَةُ: القِطْعة مِنَ الثَّوْبِ. وتَخَذْرَفَ الثَّوْبُ: تَخَرَّقَ، والله أَعلم.
خرف: الخَرَفُ، بِالتَّحْرِيكِ: فَسادُ العَقْلِ مِنَ الكِبَرِ. وَقَدْ خَرِفَ الرجُل، بِالْكَسْرِ، يَخْرَفُ خَرَفاً، فَهُوَ خَرِفٌ: فَسَدَ عَقْلُه مِنَ الكِبَرِ، والأُنثى خَرِفةٌ، وأَخْرَفَه الهَرَمُ؛ قَالَ أَبو النَّجْم العِجْليّ:
أَقْبَلْتُ مِنْ عِنْدِ زِيادٍ كالخَرِفْ،
…
تَخُطُّ رِجْلايَ بخَطٍّ مُخْتَلِفْ،
وتَكْتُبانِ فِي الطَّريقِ لَامَ الِف «5»
نَقَلَ حركةَ الْهَمْزَةِ مِنَ الأَلف عَلَى الْمِيمِ السَّاكِنَةِ مِنْ لَامٍ فَانْفَتَحَتْ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ فِي الْعَدَدِ: ثلاثةَ أَرْبَعَةَ. والخَريفُ: أَحَدُ فُصُولِ السنةِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْهر مِنْ آخِرِ القَيْظِ وأَوَّل الشِّتَاءِ، وَسُمِّيَ خَريفاً لأَنه تُخْرَفُ فِيهِ الثِّمار أَي تُجْتَنى. والخَريفُ: أَوَّلُ مَا يَبدأُ مِنَ الْمَطَرِ فِي إقْبالِ الشِّتَاءِ. وَقَالَ أَبو حنيفة:
(5). قوله [وتكتبان] رواه في الصحاح بدون واو من التكتيب.
لَيْسَ الخَرِيفُ فِي الأَصل بِاسْمِ الْفَصْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْمُ مَطَرِ الْقَيْظِ، ثُمَّ سُمِّيَ الزَّمَنُ بِهِ، والنَّسَبُ إِلَيْهِ خَرْفيٌّ وخَرَفيٌّ، بِالتَّحْرِيكِ، كِلَاهُمَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وأَخْرَفَ القومُ: دَخَلُوا فِي الْخَرِيفِ، وَإِذَا مُطِرَ القومُ فِي الْخَرِيفِ قِيلَ: قَدْ خُرِفُوا، ومَطَرُ الْخَرِيفِ خَرْفيٌّ. وخُرِفَتِ الأَرضُ خَرْفاً: أَصابها مطرُ الْخَرِيفِ، فَهِيَ مَخْروفةٌ، وَكَذَلِكَ خُرِفَ الناسُ. الأَصمعي: أَرضٌ مخْروفةٌ أَصابها خَريفُ الْمَطَرِ، ومَرْبُوعةٌ أَصابها الربيعُ وَهُوَ الْمَطَرُ، ومَصِيفةٌ أَصابها الصيفُ. والخَريفُ: الْمَطَرُ فِي الْخَرِيفِ؛ وخُرِفَتِ الْبَهَائِمُ: أَصابها الخريفُ أَو أَنْبَتَ لَهَا مَا تَرْعاه؛ قَالَ الطِّرمَّاح:
مِثْلَ مَا كافَحْتَ مَخْرُوفةً
…
نَصَّها ذاعِرُ رَوْعٍ مُؤام
يَعْنِي الظبْيةَ الَّتِي أَصابها الخَريفُ. الأَصمعي: أَوّل مَاءِ الْمَطَرِ فِي إقْبالِ الشِّتَاءِ اسْمُهُ الخرِيفُ، وَهُوَ الَّذِي يأْتي عِنْدَ صِرامِ النخْل، ثُمَّ الَّذِي يَلِيه الوَسْميّ وَهُوَ أَوَّلُ الرَّبيعِ، وَهَذَا عِنْدَ دُخُولِ الشِّتَاءِ، ثُمَّ يَلِيهِ الرَّبيع ثُمَّ الصيفُ ثُمَّ الحَمِيمُ، لأَن الْعَرَبَ تَجْعَلُ السَّنَةَ سِتَّةَ أَزْمِنة. أَبو زَيْدٍ الغَنَوِيُّ: الخَريفُ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشِّعْرى إِلَى غُرُوبِ العَرْقُوَتَيْنِ، والغَوْرُ ورُكْبةُ والحِجازُ، كُلُّهُ يُمْطَرُ بِالْخَرِيفِ، ونَجْدٌ لَا تُمْطَرُ فِي الخَريف، أَبو زَيْدٍ: أَوّلُ الْمَطَرِ الوسْمِيّ ثُمَّ الشَّتْوِيُّ ثُمَّ الدَّفَئِيُّ ثُمَّ الصيفُ ثُمَّ الحَمِيمُ ثُمَّ الخَريفُ، وَلِذَلِكَ جُعِلت السنةُ ستةَ أَزْمِنةٍ. وأَخْرَفُوا: أَقامُوا بِالْمَكَانِ خَرِيفَهم. والمَخْرَفُ: مَوْضِعُ إقامَتِهم ذَلِكَ الزَّمَنَ كأَنه عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذُرَيْح:
فَغَيْقةُ فالأَخْيافُ، أَخْيافُ ظَبْيةٍ،
…
بِهَا مِنْ لُبَيْنى مَخْرَفٌ ومَرابِعُ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: إِذَا رأَيت قَوْمًا خَرَفُوا فِي حائطِهم
أَي أَقامُوا فِيهِ وقْتَ اخْتِرافِ الثِّمارِ، وَهُوَ الْخَرِيفُ، كَقَوْلِكَ صافُوا وشَتَوْا إِذَا أَقاموا فِي الصيْف وَالشِّتَاءِ، وأَما أَخْرَفَ وأَصافَ وأَشْتَى فَمَعْنَاهُ أَنه دَخَلَ فِي هَذِهِ الأَوقات. وَفِي حَدِيثِ
الْجَارُودِ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَوْدٌ نأْتي عَلَيْهِنَّ فِي خُرُف فَنَسْتَمْتِعُ مِنْ ظُهورِهنَّ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا يَكْفِينا مِنَ الظَّهْر، قَالَ: ضالَّةُ المؤْمِن حَرَقُ النارِ
؛ قِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ فِي خُرُفٍ أَي فِي وَقْتِ خُروجهنَّ إِلَى الْخَرِيفِ. وعامَلَه مُخارَفةً وخِرافاً مِنَ الخَريفِ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كالمُشاهَرَةِ مِنَ الشَّهْرِ. واسْتَأْجَره مُخارَفةً وخِرافاً؛ عَنْهُ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
فُقَراءُ أُمتي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغنيائهم بأَربعين خَرِيفًا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الزَّمَانُ الْمَعْرُوفُ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ مَا بَيْنَ الصيْف وَالشِّتَاءِ، وَيُرِيدُ بِهِ أَربعين سَنَةً لأَن الْخَرِيفَ لَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ إِلَّا مرَّة وَاحِدَةً، فَإِذَا انْقَضَى أَربعون خَرِيفًا فَقَدْ مَضَتْ أَربعون سَنَةً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِنَّ أَهل النَّارِ يَدْعون مَالِكًا أَربعين خَرِيفًا
؛ وَفِي حَدِيثِ سَلَمَة بْنِ الأَكوع وَرَجَزِهِ:
لَمْ يَغْذُها مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ،
…
وَلَا تُمَيْراتٌ وَلَا رَغِيفُ،
لكِنْ غَذاها لَبَنُ الخَريفِ «1»
قَالَ الأَزهري: اللَّبَنُ يَكُونُ فِي الخَريفِ أَدْسَمَ. وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: الرِّوَايَةُ اللبنُ الخَريفُ، قَالَ: فيُشْبِه أَنه أَجْرى اللَّبَنَ مُجْرى الثِّمار الَّتِي تُخْتَرَفُ عَلَى
(1). في هذا الشطر إقواء.
الِاسْتِعَارَةِ، يُرِيدُ الطَّريَّ الحَديثَ العَهْدِ بالحَلَبِ. والخَريفُ: الساقِيةُ. والخريفُ: الرُّطَبُ المَجْنيّ. والخَريف: السنةُ والعامُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا بَيْنَ مَنْكِبَي الخازِنِ مِنْ خَزَنة جَهَنَّمَ خَريفٌ
؛ أَراد مَسَافَةً تُقْطَعُ مِنَ الْخَرِيفِ إِلَى الْخَرِيفِ وَهُوَ السَّنَةُ. والمُخْرِفُ: النَّاقَةُ الَّتِي تُنْتَجُ فِي الْخَرِيفِ. وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي نُتِجَتْ فِي مِثْلِ الْوَقْتِ الَّذِي حَمَلَتْ فِيهِ مِنْ قَابِلٍ، والأَوّل أَصحّ لأَن الاشْتِقاق يَمُدُّه، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيَّ:
تَلْقى الأَمانَ، عَلَى حِياضِ مُحمدٍ،
…
ثَوْلاءُ مُخْرِفةٌ، وذِئْبٌ أَطْلَسُ
لَا ذِي تَخافُ، وَلَا لذلِك جُرْأَةٌ،
…
تُهْدى الرَّعِيّةُ مَا اسْتَقامَ الرَّيِّسُ
وَقَدْ أَخْرَفَتِ الشاةُ: وَلَدَتْ فِي الخَريف، فَهِيَ مُخْرِفٌ. وَقَالَ شِمْرٌ: لَا أَعرف أَخْرَفَت بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَّا مِنَ الْخَرِيفِ، تَحْمِلُ الناقةُ فِيهِ وتَضَعُ فِيهِ. وخَرَفَ النخلَ يَخْرُفُه خَرْفاً وخَرافاً وخِرافاً واخْتَرَفَه: صَرَمَه واجْتَناه. والخَرُوفَةُ: النَّخْلَةُ يُخْرَفُ ثمَرُها أَي يُصْرَمُ، فَعُولةٌ بِمَعْنَى مَفْعولة. والخرائفُ: النَّخْلُ اللَّائي تُخْرَصُ. وخَرَفْتُ فُلَانًا أَخرفُه إِذَا لَقَطْتَ لَهُ الثَّمرَ. أَبو عَمْرٍو: اخْرُفْ لَنَا ثمَرَ النخلِ، وخَرَفْتُ الثِّمار أَخْرُفُها، بِالضَّمِّ، أَي اجْتَنَيْتُها، وَالثَّمَرُ مَخْرُوفٌ وخَريف. والمِخْرَف: النَّخْلَةُ نَفْسُها، والاخْتِرافُ: لَقْطُ النَّخْلِ، بُسْراً كَانَ أَو رُطَباً؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وأَخْرَفَ النخلُ: حانَ خِرافُه. والخارِفُ: الحافِظُ فِي النخلِ، وَالْجَمْعُ خُرّافٌ. وأَرسلوا خُرَّافَهم أَي نُظَّارَهم. وخَرَفَ الرجلُ يَخْرُفُ: أَخَذَ مِنْ طُرَفِ الفَواكِهِ، وَالِاسْمُ الخُرْفَةُ. يُقَالُ: التمْرُ خُرْفَة الصَّائِمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ الشجَرَ أَبْعَدُ مِنَ الخارِف
، وَهُوَ الَّذِي يَخْرُفُ الثَّمَر أَي يَجْتَنِيه. والخُرْفةُ، بِالضَّمِّ: مَا يُجْتَنى مِنَ الفَواكِه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عَمْرةَ: النَّخْلَةُ خُرْفةُ الصَّائِمِ
أَي ثَمَرتُه الَّتِي يأْكلها، ونَسَبَها إِلَى الصَّائِمِ لأَنه يُسْتَحَبُّ الإِفْطارُ عَلَيْهِ. وأَخْرَفَه نَخلةً: جعلَها لَهُ خُرْفةً يَخْتَرِفُها. والخَرُوفَةُ: النخلةُ. والخَريفةُ: النَّخْلَةُ الَّتِي تُعْزَلُ للخُرْفةِ. والخُرافةُ: مَا خُرِفَ مِنَ النَّخْلِ. والمَخْرَفُ: القِطْعة الصَّغِيرَةُ مِنَ النَّخْلِ سِتّ أَو سبْعٌ يَشْتَرِيهَا الرَّجُلُ للخُرْفةِ، وَقِيلَ هِيَ جَمَاعَةُ النَّخْلِ مَا بَلَغَتْ. التَّهْذِيبُ:
رَوَى ثوْبانُ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: عائدُ المَريضِ فِي مَخْرَفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ.
قَالَ شَمِرٌ: المَخْرَفَةُ سِكّةٌ بَيْنَ صَفَّيْن مِنْ نَخْلٍ يَخْتَرِفُ مِنْ أَيِّهِما شَاءَ أَي يَجْتَنِي، وَجَمْعُهَا المَخارِفُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: المَخارِفُ جَمْعُ مَخْرَفٍ، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الحائطُ مِنَ النَّخْلِ أَي أَنّ العائدَ فِيمَا يَحُوزُه مِنَ الثَّوَابِ كأَنَّه عَلَى نَخْلِ الْجَنَّةِ يَخْتَرِفُ ثِمارَها. والمِخْرَفُ، بِالْكَسْرِ: مَا يُجْتَنى فِيهِ الثِّمارُ، وَهِيَ المَخارِفُ، وَإِنَّمَا سمِّي مِخْرَفاً لأَنه يُخْتَرَفُ فِيهِ أَي يُجْتَنَى. ابْنُ سِيدَهْ: المِخْرَفُ زَبيلٌ صَغِيرٌ يُخْتَرَفُ فِيهِ مِنْ أَطايِبِ الرُّطَب. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَخذ مِخْرَفاً فأَتَى عِذْقاً
؛ المِخْرَفُ، بِالْكَسْرِ: مَا يُجْتَنَى فِيهِ الثَّمَرُ، والمَخْرَفُ: جَنَى النخلِ. وَقَالَ ابْنُ قُتيبة فِيمَا ردَّ عَلَى أَبي عُبَيْدٍ: لَا يَكُونُ المَخْرفُ جَنى النَّخْلِ، وَإِنَّمَا المَخْرُوفُ جنَى النَّخْلِ، قَالَ:
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ عائدُ الْمَرِيضِ فِي بَسَاتِينِ «2» الْجَنَّةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: بَلْ هُوَ المُخْطئُ لأَن المَخْرَفَ يَقَعُ عَلَى النَّخْلِ وَعَلَى المَخْرُوفِ مِنَ النَّخْلِ كَمَا يَقَعُ المشْرَب عَلَى الشُرْبِ والموضعِ والمَشْرُوبِ، وَكَذَلِكَ المَطْعَمُ يَقَعُ عَلَى الطَّعَامِ المأْكول، والمَرْكَبُ يقعُ عَلَى الْمَرْكُوبِ، فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ جَازَ أَن تَقَعَ المَخارِفُ عَلَى الرُّطَبِ المَخْرُوف، قَالَ: وَلَا يَجْهَلُ هَذَا إِلَّا قَلِيلُ التَّفْتِيشِ لِكَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ نُصَيْبٌ:
وَقَدْ عادَ عَذْبُ الماءِ بَحْراً، فزادَني
…
إِلَى ظَمَئي أَنْ أَبْحَرَ المَشْرَبُ العَذْبُ
وَقَالَ آخَرُ:
وأُعْرِضُ عَنْ مَطاعِمَ قَدْ أَراها
…
تُعَرَّضُ لِي، وَفِي البَطْنِ انْطواء
قَالَ: وَقَوْلُهُ عَائِدُ الْمَرِيضِ عَلَى بَسَاتِينِ الْجَنَّةِ لأَن عَلَى لَا تَكُونُ بِمَعْنَى فِي، لَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ الكِيسُ عَلَى كُمِّي يُرِيدُ فِي كُمِّي، والصِّفاتُ لَا تُحْمَلُ عَلَى أَخواتها إِلَّا بأَثر، وَمَا رَوَى لُغَوِيّ قطُّ أَنهم يَضَعُون عَلَى مَوْضِعَ فِي. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
عَلَى خُرْفةِ الْجَنَّةِ
؛ والخُرفة، بِالضَّمِّ: مَا يُخْتَرَفُ مِنَ النَّخْلِ حِينَ يُدْرِكُ ثَمَرَهُ. وَلَمَّا نَزَلَتْ: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً*، الْآيَةَ؛ قَالَ أَبو طَلْحَةَ: إنَّ لِي مَخْرَفاً وَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ صَدَقَةً أَي بُسْتاناً مِنْ نَخْلٍ. وَالْمَخْرَفُ، بِالْفَتْحِ: يَقَعُ عَلَى النَّخْلِ وَالرُّطَبِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي قَتَادة: فابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفاً
أَي حَائِطًا يُخْرَفُ مِنْهُ الرُّطَبُ. وَيُقَالُ لِلنَّخْلَةِ الَّتِي يأْخذها الرَّجُلُ للخُرْفَة يَلقُطُ مَا عَلَيْهَا مِنَ الرُّطَب: الخَرُوفَةُ. وَقَدِ اشْتَمَلَ فُلَانٌ خَرائفَه إِذَا لَقَطَ مَا عَلَيْهَا مِنَ الرُّطَبِ إِلَّا قلِيلًا، وَقِيلَ: مَعْنَى الْحَدِيثِ
عَائِدُ الْمَرِيضِ عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ
أَي يؤدِّيه ذَلِكَ إِلَى طُرُقِهَا؛ وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ رَجُلًا ضَرَبَهُ ضَرْبَةً:
وَلَقَدْ تُحِينُ الخِرْقَ يَرْكُدُ عِلْجُه،
…
فَوْقَ الإِكامِ، إدامَةَ المُسْتَرْعِفِ
فأجَزْتُه بأَفَلَّ تَحْسَبُ أَثْرَه
…
نَهْجاً، أَبانَ بِذِي فَريغٍ مَخْرَفِ
فَريغ: طَرِيقٌ وَاسِعٌ.
وَرُوِيَ أَيضاً عَنْ عَلِيٍّ، عليه السلام، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: مَن عادَ مَريضاً إِيمَانًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَصْدِيقًا لكِتابه كَانَ مَا كَانَ قاعِداً فِي خِرافِ الجنةِ
، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
عائدُ المريضِ فِي خِرافة الْجَنَّةِ
أَي فِي اجْتِناء ثَمَرِهَا مِنْ خَرَفْت النخلةَ أَخْرُفُها، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
عَائِدُ الْمَرِيضِ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ
أَي مَخْرُوفٌ مِنْ ثَمَرِهَا، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والمَخْرَفةُ: الْبُسْتَانُ. والمَخْرَفُ والمَخْرَفَةُ: الطَّرِيقُ الواضحُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: تَرَكْتُكُمْ عَلَى مَخْرَفةِ «3» النَّعَمِ
أَي عَلَى مِثْلِ طريقِها الَّتِي تُمَهِّدُها بأَخْفافِها. ثَعْلَبٌ: المَخارِفُ الطُّرُقُ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَية الطُّرُق هِيَ. والخُرافةُ: الحديثُ المُسْتَمْلَحُ مِنَ الكذِبِ. وَقَالُوا: حَدِيثُ خُرافةَ، ذَكَرَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ فِي قَوْلِهِمْ حديثُ خُرَافَة أَنَّ خُرَافَةَ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ أَو مِنْ جُهَيْنةَ، اخْتَطَفَتْه الجِنُّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَكَانَ يُحَدِّثُ بأَحاديثَ مِمَّا رَأَى يَعْجَبُ منها الناسُ
(2). قوله [في بساتين إلخ] هذا يناسب رواية النهاية عائد المريض على مخارف الجنة بصيغة الجمع لا الرواية هنا في مخرفة الجنة بالإفراد.
(3)
. قوله [تركتكم على مخرفة] الذي في النهاية: تركتم على مثل مخرفة.
فكذَّبوه فَجَرَى عَلَى أَلْسُنِ النَّاسِ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: وخُرَافَةُ حَقٌّ.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: قَالَ لَهَا حَدِّثِيني، قَالَتْ: مَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثَ خُرَافَةَ
، وَالرَّاءُ فِيهِ مُخَفَّفَةٌ، وَلَا تَدْخُلُهُ الأَلف وَاللَّامُ لأَنه مَعْرِفَةٌ إِلَّا أَن يُرِيدَ بِهِ الخُرَافَاتِ الموضوعةَ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْلِ، أَجْرَوْه عَلَى كُلِّ مَا يُكَذِّبُونَه مِنَ الأَحاديث، وَعَلَى كُلِّ مَا يُسْتَمْلَحُ ويُتَعَجَّبُ مِنْهُ. والخَرُوفُ: وَلَدُ الحَمَلِ، وَقِيلَ: هُوَ دونَ الجَذَعِ مِنَ الضأْنِ خَاصَّةً، وَالْجَمْعُ أَخْرِفَةٌ وخِرَفَان، والأَنثى خَرُوفَةٌ، واشْتِقاقُه أَنه يَخْرُفُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا أَي يَرْتَعُ. وَفِي حَدِيثِ
الْمَسِيحِ: إِنَّمَا أَبْعَثُكُم كالكِباشِ تَلْتَقِطون خِرْفَان بَنِي إِسْرَائِيلَ
؛ أَراد بالكِباش الكِبارَ العُلَماء، وبالخِرْفان الصِّغارَ الجُهّالَ. والخَرُوفُ مِنَ الْخَيْلِ مَا نُتِجَ فِي الخَريفِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَبَلَة: مَا رَعى الخَريفَ، وَقِيلَ: الخَرُوفُ ولَدُ الْفَرَسِ إِذَا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهر أَو سَبْعَةً؛ حَكَاهُ الأَصمعي فِي كِتَابِ الفَرس؛ وأَنشد لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَرْثِ:
ومُسْتَنّةٍ كاسْتِنانِ الخَرُوفِ،
…
قَدْ قَطَعَ الحَبْلَ بالمِرْوَدِ
دَفُوعِ الأَصابعِ، ضَرْحَ الشَّمُوسِ
…
نَجْلاء، مُؤيسة العُوَّدِ
أَرادَ مَعَ المِرْودِ. وَقَوْلُهُ ومُسْتَنَّةٍ يَعْنِي طَعْنة فَارَ دَمُها باسْتِنانٍ. والاسْتِنانُ والسَّنُّ: المَرُّ عَلَى وَجْهِهِ، يُرِيدُ أَن دَمَها مرَّ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا يَمْضِي المُهْرُ الأَرِنُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبو الْغَوْثِ؛ وَقَوْلُهُ دَفُوع الأَصابع أَي إِذَا وضَعْتَ أَصابعكَ عَلَى الدَّم دَفَعها الدَّمُ كضَرْحِ الشَّمُوسِ برِجْلِه؛ يَقُولُ: يَئِسَ العُوّادُ مِنْ صَلاحِ هَذِهِ الطَّعْنة، والمِرْوَدُ: حَدِيدَةٌ تُوتَدُ فِي الأَرض يُشَدُّ فِيهَا حبلُ الدابةِ؛ فأَما قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
جَوادَ المَحَثّةِ والمُرْوَدِ «1»
والمَرْوِد أَيضاً، فَإِنَّهُ يُرِيدُ جَواداً فِي حالتَيْها إِذَا اسْتَحْثَثْتَها وَإِذَا رفَقْتَ بِهَا. والمُرْوَدُ: مُفْعَلٌ مِنَ الرَّوْدِ وَهُوَ الرِّفْقُ، والمَرْوَدُ مَفْعَلٌ مِنْهُ، وَجَمْعُهُ خُرُفٌ؛ قَالَ:
كأَنَّها خُرُفٌ وافٍ سَنابِكُها،
…
فَطأْطَأَتْ بُؤَراً فِي صَهْوَةٍ جَدَدِ
ابْنُ السِّكِّيتِ: إِذَا نُتِجَت الفرَسُ يُقَالُ لِوَلَدِهَا مُهْر وخَروف، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. والخَرْفى مَقْصُورٌ: الجُلْبانُ والخُلَّرُ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ فَارِسِيٌّ. وَبَنُو خَارِفٍ: بَطْنان. وخارِفٌ ويامٌ: قَبيلَتان مِنَ اليمن، والله أَعلم.
خرشف: أَبو عَمْرٍو: الكَرْشَفَةُ الأَرضُ الغَليظةُ وَهِيَ الخَرْشَفةُ. وَيُقَالُ كِرْشِفةٌ وخِرْشِفةٌ وكِرْشافٌ وخِرْشافٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَبِالْبَيْضَاءِ مِنْ بِلَادِ بَنِي جَذِيمةَ بِسِيفِ الْبَحْرَيْنِ مَوْضِعٌ يُقَالُ لَهُ خِرْشافٌ فِي رِمالٍ وَعْثَةٍ تَحْتَهَا أَحْساء عَذْبةُ الْمَاءِ، عَلَيْهَا نَخْلٌ بَعْلٌ.
خرقف: الخُرَنْقِفَةُ: القَصِيرُ.
خرنف: ناقةٌ خِرْنِفٌ: غَزيرةٌ. وَنُوقٌ خَرانِفُ: غَزيرةُ الأَلْبانِ. وَفِي النَّوَادِرِ: خَرْنَفْتُه بِالسَّيْفِ
(1). قوله [جواد إلخ] صدره كما في رود من الصحاح: وأعددت للحرب وثابة
وكَرْنَفْتُه إِذَا ضَرَبْتَه. وخَرانِفُ العِضاه ثَمَرَتُهَا، وَاحِدَتُهَا خِرْنِفةٌ. والخِرْنِفُ: السَّمِينَةُ الغَزيرةُ مِنَ النُّوقِ؛ قَالَ زِيَادٌ المِلْقَطِيُّ:
يَلُفُّ مِنْهَا بالخَرانِيفِ الغُرَرْ،
…
لَفّاً بأَخْلافِ الرَّخِيّاتِ المَصَرّ
خزف: الخَزَفُ: مَا عُمِلَ مِنَ الطِّينِ وشُويَ بِالنَّارِ فَصَارَ فَخّاراً، وَاحِدَتُهُ خَزَفةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الخَزَفُ، بِالتَّحْرِيكِ، الجَرُّ وَالَّذِي يَبيعُه الخَزَّاف. وخَزَفَ بِيَدِهِ يَخْزِفُ خَزْفاً: خَطَرَ. وخَزَفَ الشيءَ خَزْفاً: خَرَقَه. وخَزَفَ الثوبَ خَزْفاً: شَقَّه. والخَزْفُ: الخَطْرُ باليدِ عِنْدَ المَشْي.
خزرف: رَجُلٌ خِزْرَافَةٌ: ضَعِيفٌ خَوّارٌ خَفيفٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَضْطَرِبُ فِي جُلُوسِه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ولَسْتُ بِخِزْرَافَةٍ فِي القُعُود،
…
ولَسْتُ بطَيّاخَةٍ أَخْدَبا «1»
الأَخْدَب الَّذِي لَا يَتَمالَكُ حُمْقاً، وَقِيلَ: الأَخْدَبُ الأَهْوَجُ. ابْنُ الأَعرابي: الخِزْرَافَةُ الَّذِي لَا يُحْسِنُ القُعود فِي الْمَجْلِسِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الخِزْرَافَةُ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ الخفيفُ، وَقِيلَ: الرَّخْوُ.
خسف: الخسف: سُؤُوخُ الأَرض بِمَا عَلَيْهَا. خَسَفَتْ تَخْسِفُ خَسْفاً وخُسُوفاً وانْخَسَفَتْ وخَسَفَها اللَّهُ وخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الأَرضَ خَسْفاً أَي غابَ بِهِ فِيهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ
. وخَسَفَ هُوَ فِي الأَرض وخُسِفَ بِهِ،
وَقُرِئَ: لخُسِفَ بِنَا
، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ. وَفِي حَرْفِ عَبْدِ اللَّهِ: لانْخُسِفَ بِنَا كَمَا يُقَالُ انْطُلِقَ بِنَا، وانْخَسَفَ بِهِ الأَرضُ وخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الأَرضَ وخَسَفَ المكانُ يَخْسِفُ خُسوفاً: ذهَب فِي الأَرض، وخَسَفَه اللَّهُ تَعَالَى. الأَزهري: وخُسِفَ بِالرَّجُلِ وبالقومِ إِذَا أَخذته الأَرضُ وَدَخَلَ فِيهَا. والخَسْفُ: إلْحاقُ الأَرض الأُولى بالثانية. والخَسْفُ: غُؤُورُ العينِ، وخُسوفُ العينِ: ذَهابُها فِي الرأْس. ابْنُ سِيدَهْ: خَسَفَتْ عينُه ساخَتْ، وخَسَفَها يَخْسِفُها خَسْفاً وَهِيَ خَسِيفةٌ: فَقَأَها. وَعَيْنٌ خَاسِفَةٌ: وَهِيَ الَّتِي فُقِئَتْ حَتَّى غَابَتْ حَدَقَتاها فِي الرأْس. وعينٌ خَاسِفٌ إِذَا غارَتْ، وَقَدْ خَسَفَتِ العينُ تَخْسِفُ خُسُوفاً؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
مِن كلِّ ملْقى ذَقَنٍ جَحُوفِ،
…
يَلِحُّ عِنْدَ عَيْنِها الخَسِيفِ
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عينٌ خَسِيفٌ وَالْبِئْرُ خَسِيفٌ لَا غَيْرُ. وخَسَفَتِ الشمسُ وكسَفَتْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: خَسَفَتِ الشمسُ تَخْسِفُ خُسوفاً ذَهَبَ ضَوْؤُها، وخسَفَها اللَّهُ وَكَذَلِكَ الْقَمَرُ. قَالَ ثَعْلَبٌ: كسَفتِ الشمسُ وخَسَفَ الْقَمَرُ هَذَا أَجودُ الْكَلَامِ، والشمسُ تَخْسِفُ يَوْمَ القيامةِ خُسُوفاً، وَهُوَ دُخُولُهَا فِي السَّمَاءِ كأَنها تَكَوَّرَتْ فِي جُحْر. الْجَوْهَرِيُّ: وخُسُوفُ القمرِ كُسوفُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ الشمسَ والقمرَ لَا يَخْسِفانِ «2» لموْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَياتِه.
يُقَالُ: خَسَفَ القمرُ بِوَزْنِ ضرَب إِذَا كَانَ الْفِعْلُ لَهُ، وخُسِفَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعله. قال
(1). قوله [ولست إلخ] تقدم في مادة طيخ:
وَلَسْتُ بِطَيَّاخَةٍ فِي الرِّجَالِ
…
ولست بخِزْرَافَة أحدبا
بفتح التاء من لست وبالحاء المهملة في أَحدبا.
(2)
. قوله [لا يَخْسِفَان] في النهاية: لا ينخسفان.
ابْنُ الأَثير: وَقَدْ وَرَدَ الخُسُوفُ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا لِلشَّمْسِ وَالْمَعْرُوفُ لَهَا فِي اللُّغَةِ الكسوفُ لَا الخُسُوفُ، فأَما إطلاقُه فِي مِثْلِ هَذَا فَتَغْلِيبًا لِلْقَمَرِ لِتَذْكِيرِهِ عَلَى تأْنيث الشَّمْسِ، فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَخُصّ الْقَمَرَ، وَلِلْمُعَاوَضَةِ أَيضاً فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخرى:
إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفانِ
، وأَما إطلاقُ الخُسُوفِ عَلَى الشَّمْسِ مُنْفَرِدَةً فَلِاشْتِرَاكِ الخُسُوف وَالْكُسُوفِ فِي مَعْنَى ذَهَابِ نُورِهِمَا وَإِظْلَامِهِمَا. والانْخِسَافُ: مُطاوِعُ خَسَفْتُه فانْخَسَفَ. وخَسَفَ الشيءَ يَخْسِفُه خَسْفاً: خَرَقَه. وخَسَفَ السقْف نفْسُه وانْخَسَفَ: انْخَرَقَ. وَبِئْرٌ خَسُوفٌ وخَسِيفٌ: حُفِرَتْ فِي حِجَارَةٍ فَلَمْ يَنْقَطِعْ لَهَا مَادَّةٌ لِكَثْرَةِ مَائِهَا، وَالْجَمْعُ أَخْسِفةٌ وخُسُفٌ، وَقَدْ خَسَفَها خَسْفاً، وخَسْفُ الرَّكِيَّةِ: مَخْرَجُ مَائِهَا. وبئرٌ خَسِيفٌ إِذَا نُقِبَ جَبَلُها عَنْ عَيْلَمِ الْمَاءِ فَلَا يَنْزَحُ أَبداً. والخَسْفُ: أَن يَبْلُغَ الحافِرُ إِلَى مَاءِ عِدٍّ. أَبو عَمْرٍو: الخَسِيفُ الْبِئْرُ الَّتِي تُحْفَرُ فِي الْحِجَارَةِ فَلَا يَنْقَطِعُ مَاؤُهَا كَثْرَةً؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
قَدْ نَزَحَتْ، إنْ لَمْ تَكُنْ خَسِيفا،
…
أَو يَكُنِ البَحرُ لَهَا حَلِيفَا
وَقَالَ آخَرُ: مِنَ العَيالِمِ الخُسْفُ، وَمَا كَانَتِ الْبِئْرُ خَسِيفاً، وَلَقَدْ خُسِفَتْ، وَالْجَمْعُ خُسُفٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ أَن الْعَبَّاسَ، رضي الله عنهما، سأَله عَنِ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ: امْرُؤُ الْقَيْسِ سابِقُهم خَسَفَ لَهُمْ عَيْن الشِّعْرِ فافْتَقَرَ «1» عَنْ معانٍ عُورٍ أَصَحَّ بَصَرٍ
أَي أَنْبَطَها وأَغْزَرها لَهُمْ، مِنْ قَوْلِهِمْ خَسَفَ البئرَ إِذَا حَفَرَها فِي حِجَارَةٍ فَنَبَعَتْ بِمَاءٍ كَثِيرٍ، يُرِيدُ أَنه ذَلَّلَ لَهُمُ الطَّرِيقَ إِلَيْهِ وبَصَّرَهُم بمَعاني الشِّعْر وفَنَّن أَنواعه وقَصَّدَه، فاحْتَذَى الشُّعَرَاءُ عَلَى مِثَالِهِ فَاسْتَعَارَ الْعَيْنَ لِذَلِكَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ قَالَ لِرَجُلٍ بَعَثَهُ يَحفِرُ بِئْرًا: أَخَسَفْتَ أَم أَوشَلْتَ؟ أَي أَطْلَعْتَ مَاءً كَثَيِرًا أَم قلِيلًا. والخَسِيفُ مِنَ السَّحابِ: مَا نَشَأَ مِنْ قِبَلِ العَيْنِ حامِلَ مَاءٍ كَثِيرٍ والعينُ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ. والخَسْفُ: الهُزالُ والذُّلُّ. وَيُقَالُ فِي الذُّلِّ خُسْفٌ أَيضاً، والخَسْفُ والخُسْفُ: الإِذْلالُ وتَحْمِيلُ الإِنسان مَا يَكْرَه؛ قَالَ الأَعشى:
إذْ سامَه خُطَّتَيْ خَسْفٍ، فَقَالَ لَهُ:
…
اعْرِضْ عليَّ كَذَا أَسْمَعْهما، حارِ «2»
والخَسْفُ: الظُّلْمُ؛ قَالَ قَيس بْنُ الْخَطِيمِ:
وَلَمْ أَرَ كامْرئٍ يَدْنُو لِخَسْفٍ،
…
لَهُ فِي الأَرض سَيْرٌ وانْتِواء
وَقَالَ ساعِدةُ بْنُ جُؤيّةَ:
أَلا يَا فَتًى، مَا عَبْدُ شَمْسٍ بِمِثْلِه
…
يُبَلُّ عَلَى العادِي وتُؤْبَى المَخاسِفُ
المَخاسِفُ: جَمْعُ خَسْفٍ، خَرَجَ مَخْرَجَ مَشابهَ ومَلامِحَ. وَيُقَالُ: سامَه الخَسْفَ وسامَه خَسْفاً وخُسْفاً، أَيضاً بِالضَّمِّ، أَي أَوْلاه ذُلًّا. وَيُقَالُ: كلَّفه المَشَقَّةَ والذُّلَّ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: مَنْ تَرَكَ الجِهادَ أَلْبَسَه اللهُ الذِّلَّةَ وسيمَ الخَسْفَ
؛ الخَسْفُ: النُّقْصانُ والهَوانُ، وأَصله أَن تُحْبَسَ الدابةُ عَلَى غَيْرِ عَلَفٍ ثُمَّ اسْتُعِيرَ فَوُضِعَ مَوْضِعَ الهَوان، وسِيمَ: كُلِّفَ وأُلزِمَ. والخَسْفُ: الجُوعُ؛ قَالَ بِشْر بْنُ أَبي خازم:
بضَيْفٍ قَدْ أَلمَّ بِهِمْ عِشاءً،
…
عَلَى الخَسْفِ المُبَيَّنِ والجُدُوبِ
(1). قوله [فافتقر إلخ] فسره ابن الأَثير في مادة فقر فقال: أَي فَتَحَ عَنْ مَعَانٍ غامضة.
(2)
. في قصيدة الأَعشى:
قلْ ما تشاء، فإني سامعٌ حارِ
أَبو الْهَيْثَمِ: الخَاسِفُ الجائعُ؛ وأَنشد قَوْلَ أَوس:
أَخُو قُتُراتٍ قَدْ تَبَيَّنَ أَنه،
…
إِذَا لَمْ يُصِبْ لَحْماً مِنَ الوَحْشِ، خاسِفُ
أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ شَرِبْنَا عَلَى الخَسْفِ أَي شَرِبْنَا عَلَى غَيْرِ أَكل. وَيُقَالُ: بَاتَ الْقَوْمُ عَلَى الخَسْف إِذَا بَاتُوا جِيَاعًا لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ يتقوَّتونه. وَبَاتَتِ الدابةُ عَلَى خَسْف إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَف؛ وأَنشد:
بِتْنا عَلَى الخَسْفِ، لَا رِسْلٌ نُقاتُ بِهِ،
…
حَتَّى جَعَلْنا حِبالَ الرَّحْلِ فُصْلانا
أَي لَا قُوتَ لَنَا حَتَّى شَدَدْنا النُّوقَ بالحِبالِ لِتَدِرَّ عَلَيْنَا فَنَتَقَوَّتَ لبَنها. الْجَوْهَرِيُّ: بَاتَ فُلَانٌ الخَسْفَ أَي جَائِعًا. والخَسْفُ فِي الدَّوابّ: أَن تُحْبَسَ عَلَى غَيْرِ عَلَف. والخَسْفُ: النُّقْصانُ. يُقَالُ: رَضِيَ فُلَانٌ بالخَسْفِ أَي بالنَّقِيصة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ الخَسِيفَةُ أَيضاً؛ وأَنشد:
ومَوْتُ الفَتى، لَمْ يُعْطَ يَوْماً خَسِيفَةً،
…
أَعَفُّ وأَغْنَى فِي الأَنامِ وأَكْرَمُ
والخاسِف: المَهْزولُ. وَنَاقَةٌ خَسِيفٌ: غَزيرَةٌ سرِيعةُ القَطْعِ فِي الشِّتَاءِ، وَقَدْ خَسَفَتْ خَسْفاً. والخُسُفُ: النُّقَّهُ مِنَ الرِّجال. ابْنُ الأَعرابي: وَيُقَالُ لِلْغُلَامِ الخَفِيف النَّشِيطِ خَاسِفٌ وخاشِفٌ ومَرّاقٌ ومُنْهَمِكٌ. والخَسْفُ: الجَوْزُ الَّذِي يُؤْكَلُ، وَاحِدَتُهُ خَسْفةٌ، شِحْرِيّةٌ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ الخُسْفُ، بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ السِّينِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. والخَسِيفانُ: رَدِيءُ التمْرِ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ وَزَعَمَ أَن النُّونَ نُونُ التَّثْنِيَةِ وأَنّ الضَّمَّ فِيهَا لُغَةٌ، وَحَكَى عَنْهُ أَيضاً: هُمَا خليلانُ، بِضَمِّ النُّونِ. والأَخَاسِيفُ: الأَرضُ اللَّيِّنَةُ. يُقَالُ: وقَعُوا فِي أَخاسِيفَ مِنَ الأَرض وهي اللينة.
خشف: الخَشْفُ: المَرُّ السريعُ. والخَشُوفُ مِنَ الرِّجَالِ: السريعُ. وخَشَفَ فِي الأَرض يَخْشُفُ ويَخْشِفُ خُشوفاً وخَشَفاناً، فَهُوَ خَاشِفٌ وخَشوفٌ وخَشِيفٌ: ذَهَب. أَبو عَمْرٍو: رَجُلٌ مِخَشٌّ مِخْشَفٌ وَهُوَ الجَريءُ عَلَى هَوْلِ اللَّيْلِ. وَرَجُلٌ خَشُوفٌ ومِخْشَفٌ: جَرِيءٌ عَلَى اللَّيْلِ طُرَقَةٌ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي عَمْرٍو: الخَشُوفُ الذاهبُ فِي اللَّيْلِ أَو غَيْرِهِ بجُرْأَةٍ؛ وأَنشد لأَبي المُساوِرِ العَبْسِيّ:
سَرَيْنَا، وفِينا صارِمٌ مُتَغَطْرِسٌ،
…
سَرَنْدَى خَشُوفٌ فِي الدُّجى، مُؤْلِفُ القفرِ
وأَنشد لأَبي ذُؤَيْبٍ:
أُتِيحَ لَهُ مِنَ الفِتْيانِ خِرْقٌ
…
أَخُو ثِقةٍ وخِرّيقٌ خَشُوفُ
ودليلٌ مِخْشَفٌ: ماضٍ. وَقَدْ خَشَفَ بِهِمْ يَخشِفُ خَشافةً وخَشَّفَ وخَشَفَ فِي الشَّيْءِ وانْخَشَفَ، كِلَاهُمَا: دَخَل فِيهِ؛ قَالَ:
وأَقْطَعُ الليلَ، إِذَا مَا أَسْدَفا،
…
وقَنَّعَ الأَرضَ قِناعاً مُغْدَفا
وانْغَضَفَتْ لِمُرْجَحِنٍّ أَغْضَفا
…
جَوْنٍ، تَرى فِيهِ الجِبالَ خُشَّفا
والخُشّافُ: طَائِرٌ صغيرُ العَيْنَينِ. الْجَوْهَرِيُّ: الخُشّافُ الخُفّاشُ، وَقِيلَ الخُطَّافُ. اللَّيْثُ:
الخَشَفانُ الجَوَلانُ بِاللَّيْلِ، وسُمّي الخُشّافُ بِهِ لخَشَفانِه، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنَ الخُفّاشِ. قَالَ: وَمَنْ قَالَ خُفّاشٌ فاشْتِقاقُ اسْمِهِ مِنْ صِغَر عَينيه. والخَشْفُ والخِشْفُ: ذُبابٌ أَخْضر. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخُشْفُ الذبابُ الأَخضر، وَجَمْعُهُ أَخْشافٌ. والخِشْفُ: الظَّبْيُ بَعْدَ أَن يَكُونَ جِدايةً، وَقِيلَ: هُوَ خِشْفٌ أَوَّلَ مَا يُولَدُ، وَقِيلَ: هُوَ خِشْفٌ أَوَّل مَشْيِه، وَالْجَمْعُ خِشَفةٌ، والأَنثى بِالْهَاءِ. الأَصمعي: أَوَّلَ مَا يُولَدُ الظبيُ فَهُوَ طَلًا، وَقَالَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الأَعراب: هُوَ طَلًا ثُمَّ خشْفٌ. والأَخْشَفُ مِنَ الإِبل: الَّذِي عَمَّه الجَرَبُ. الأَصمعي: إِذَا جَرِبَ البعيرُ أَجْمَعُ فَيُقَالُ: أَجْرَبُ أَخْشَفُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ الَّذِي يَبِسَ عَلَيْهِ جَرَبَهُ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
عَلَى الناسِ مَطْلِيُّ المَساعِرِ أَخْشَفُ
والخُشَّفُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تَسِيرُ فِي اللَّيْلِ، الْوَاحِدُ خَشُوفٌ وخاشِفٌ وخاشِفةٌ؛ وأَنشد:
باتَ يُباري وَرِشاتٍ كَالْقَطَا
…
عَجَمْجَماتٍ، خُشَّفاً تحْتَ السُّرى
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْوَاحِدُ مِنَ الخُشَّفِ خاشِفٌ لَا غَيْرُ، فأَمّا خَشُوفٌ فَجَمْعُهُ خشُفٌ، والوَرِشاتُ: الخِفافُ مِنَ النوقِ، والخَشْفُ مِثْلُ الخَسْفِ، وَهُوَ الذُّلُّ. والأَخاشِفُ، بِالشِّينِ: العَزازُ الصُّلْبُ مِنَ الأَرض، وأَما الأَخاسِفُ فَهِيَ الأَرض اللَّيِّنةُ. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ خَشَفَ بِهِ وخَفَشَ بِهِ وحَفَشَ بِهِ ولَهَطَ بِهِ إِذَا رَمَى بِهِ. وخَشَفَ البرْدُ يَخْشُفُ خَشْفاً: اشْتَدَّ. والخَشَفُ: اليُبْسُ. والخَشَفُ والخَشِيفُ: الثلْجُ، وَقِيلَ: الثَّلْجُ الخَشِنُ، وَكَذَلِكَ الجَمْدُ الرِّخْو، وَقَدْ خَشَفَ يَخْشِفُ ويَخْشُفُ خُشُوفاً. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: خَشَفَ الثلْجُ وَذَلِكَ فِي شدَّةِ البَرْدِ تَسْمَعُ لَهُ خَشْفة عِنْدَ المَشْيِ؛ قَالَ:
إِذَا كَبَّدَ النَّجْمُ السماءَ بشَتْوةٍ،
…
عَلَى حِينَ هَرَّ الكلبُ والثلْجُ خاشِفُ
قَالَ: إِنَّمَا نَصَبَ حِينَ لأَنه جَعَلَ عَلَى فَضْلًا فِي الْكَلَامِ وأَضافَه إِلَى جُمْلَةٍ فتُركت الْجُمْلَةُ عَلَى إِعْرَابِهَا كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
عَلَى حِينَ أَلْهى الناسَ جُلُّ أُمُورِهم،
…
فَنَدْلًا زُرَيْقُ المالَ نَدْلَ الثَّعالِبِ
ولأَنه أُضِيفَ إِلَى مَا لَا يُضَافُ إِلَى مِثْلِهِ وَهُوَ الْفِعْلُ، فَلَمْ يوفَّرْ حظُّه مِنَ الإِعرابِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلْقَطَامِيِّ وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ:
إِذَا كبَّدَ النجمُ السَّمَاءَ بسُحْرةٍ
قَالَ: وَبَنَى حِينَ عَلَى الْفَتْحِ لأَنه أَضافه إِلَى هرَّ وَهُوَ فِعْلٌ مَبْنِيٌّ فبُني لإِضافته إِلَى مَبْنِيٍّ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
عَلَى حينَ عاتَبْتُ المَشِيبَ عَلَى الصِّبا
وماءٌ خاشِفٌ وخَشْفٌ: جامِدٌ. والخَشِيفُ مِنَ الْمَاءِ: مَا جَرَى فِي البَطْحاء تحتَ الحَصى يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَةً ثُمَّ ذَهَبَ. قَالَ: وَلَيْسَ لِلْخَشِيفِ فِعْلٌ، يُقَالُ: أَصبح الماءُ خَشِيفاً؛ وأَنشد:
أَنْتَ إِذَا مَا انْحَدَرَ الخَشِيفُ
…
ثَلْجٌ، وشَفَّانٌ لَهُ شَفِيفُ
والخَشَفُ: اليُبْسُ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ الأَهتم:
وشَنَّ مائِحةً فِي جِسْمِها خَشَفٌ،
…
كأَنَّه بِقِباصِ الكَشْحِ مُحْتَرِقُ
والخَشْفُ والخَشْفَةُ والخَشَفَةُ: الْحَرَكَةُ والحِسُّ. وَقِيلَ: الحِسُّ الخَفِيُّ. وخَشَفَ يَخْشِفُ خَشْفاً إِذا سُمع لَهُ صَوت أَو حَركة.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: مَا دَخَلْتُ مَكاناً إِلَّا سَمِعْتُ خَشْفَةً فالتَفَتُّ فَإِذَا بِلَالٌ.
وَرَوَاهُ الأَزهري: أَنه صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِبلالٍ: مَا عَمَلُك؟ فَإِنِّي لَا أَراني أَدخلُ الْجَنَّةَ فأَسْمَعُ الخَشْفَةَ فأَنظُرُ إِلَّا رأَيتُكَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخَشْفةُ الصَّوْتُ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ، وَقِيلَ: الصوتُ، وَيُقَالُ خَشْفةٌ وخَشَفَةٌ لِلصَّوْتِ. وَرَوَى الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: الخَشْفَةُ، بِالسُّكُونِ، الصوتُ الواحدُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الخشَفة، بِالتَّحْرِيكِ، الحِسُّ وَالْحَرَكَةُ، وَقِيلَ: الحِسُّ إِذَا وقَع السيفُ عَلَى اللَّحْمِ قلتَ سَمِعْتُ لَهُ خَشْفاً، وَإِذَا وقَع السيفُ عَلَى السِّلاح قَالَ: لَا أَسمع إِلَّا خَشْفاً. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: فسَمِعَتْ أُمّي خَشْفَ قَدَمَيَّ.
والخَشْفُ: صَوْتٌ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ. وخَشْفَةُ الضَبُعِ: صَوْتُها. والخَشْفةُ: قُفٌّ قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ السُّهُولةُ. وجِبالٌ خُشَّفٌ: مُتواضِعةٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وأَنشد:
جَوْنٍ تَرى فِيهِ الجِبالَ الخُشَّفا،
…
كَمَا رأَيتَ الشَّارِفَ المُوَحَّفا
وأُمُّ خَشَّافٍ: الدّاهِيةُ؛ قَالَ:
يَحْمِلْنَ عَنْقاء وعَنْقَفِيرا،
…
وأُمّ خَشّافٍ وخَنْشَفِيرا
وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً: خَشَّاف، بِغَيْرِ أُم. وَيُقَالُ: خَاشَفَ فُلَانٌ فِي ذِمَّته إِذَا سارَعَ فِي إخْفارِها، قَالَ: وخَاشَفَ إِلَى كَذَا وَكَذَا مِثْلُه. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: كَانَ سَهْم بْنُ غالِبٍ من رُؤوس الخَوارِج، خَرَجَ بِالْبَصْرَةِ فآمَنَه عبدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِ معاويةُ: لَوْ كنتَ قَتَلْتَه كَانَتْ ذِمّةً خَاشَفْتَ فِيهَا
أَي سارَعْتَ إِلَى إخْفارها. يُقَالُ: خَاشَفَ إِلَى الشرِّ إِذَا بادَرَ إِلَيْهِ؛ يُرِيدُ: لَمْ يَكُنْ فِي قَتْلِكَ لَهُ إِلَّا أَن يقالَ قَدْ أَخْفَرَ ذِمَّتَه. والمَخْشَفُ: النَّجْرانُ «1» الَّذِي يَجْري فِيهِ البابُ، وَلَيْسَ لَهُ فِعْلٌ. وَسَيْفٌ خَاشِفٌ وخَشِيفٌ وخَشُوفٌ: ماضٍ. وخَشَفَ رأْسَه بِالْحَجَرِ: شَدَخَه، وَقِيلَ: كل ما شُدِخَ، فَقَدْ خُشِفَ. والخَشَفُ: الخَزَفُ «2» ، يَمَانِيَّةٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحْسَبُهم يَخُصُّون بِهِ مَا غَلُظَ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ الْكَعْبَةِ:
إِنَّهَا كَانَتْ خَشَفةً عَلَى الْمَاءِ فدُحِيَتْ عَنْهَا الأَرضُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ الخَشَفةُ وَاحِدَةُ الخَشَف، وَهِيَ حِجَارَةٌ تَنْبُتُ فِي الأَرض نَبَاتًا، قَالَ: وَتُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْعَيْنِ بَدَلَ الْفَاءِ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي مَوْضِعِهَا.
خصف: خَصَفَ النعلَ يخْصِفُها خَصْفاً: ظاهَرَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وخَرَزَها، وَهِيَ نَعْلٌ خَصِيفٌ؛ وكلُّ مَا طُورِقَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ، فَقَدْ خُصِفَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَخْصِفُ نَعْلَه
، وَفِي آخَرَ:
وَهُوَ قَاعِدٌ يَخْصِفُ نَعْلَهُ
أَي كَانَ يَخْرُزها، مِنَ الخَصْفِ: الضَّمُّ وَالْجَمْعُ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ عليّ
(1). قوله [والمخشف النجران] كذا بالأصل. وفي القاموس مع شرحه: والمخشف كمقعد: اليخدان؛ عن الليث، قال الصاغاني: ومعناه موضع الجمد. قلت: واليخ بالفارسية الجمد، ودان موضعه. هذا هو الصواب وقد غلط صاحب اللسان فقال هو النجران.
(2)
. قوله [والخشف الخزف] في شرح القاموس الصواب: الخسف، بالسين المهملة.
خاصِفِ النَّعْلِ
، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَبَّاسِ يَمْدَحُ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ فِي الظِّلالِ وَفِي
…
مُسْتَوْدَعٍ، حيثُ يَخْصَفُ الوَرَقُ
أَي فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ خَصَفَ آدمُ وحوَّاء، عليهما السلام، عَلَيْهِمَا مِنْ ورَق الْجَنَّةِ. والخصَفُ والخَصَفةُ: قِطْعَةٌ مِمَّا تُخصَفُ بِهِ النعلُ. والمِخْصَفُ: المِثقَبُ والإِشْفَى؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ يَصِفُ عُقاباً:
حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى فِراشِ عَزِيزَةٍ
…
فَتْخاء، رَوْثَةُ أَنْفِها كالمِخْصَفِ
وَقَوْلُهُ فَمَا زَالُوا يَخْصِفون أَخْفافَ المَطِيّ بحوافِر الْخَيْلِ حَتَّى لَحِقُوهم، يَعْنِي أَنهم جَعَلُوا آثَارَ حَوافِرِ الْخَيْلِ عَلَى آثَارِ أَخْفاف الإِبل، فكأَنهم طارَقُوها بِهَا أَي خصَفُوها بِهَا كَمَا تخْصَفُ النعلُ. وخَصَفَ العُرْيانُ عَلَى نفسِه الشيءَ يخْصِفُه: وصلَه وأَلزَقَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ*
؛ يَقُولُ: يُلْزِقانِ بعضَه عَلَى بَعْضٍ ليَسْتُرا بِهِ عورَتَهما أَي يُطابقان بعضَ الْوَرَقِ عَلَى بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ الاخْتِصافُ. وَفِي
قِرَاءَةِ الْحَسَنِ: وَطَفِقَا يَخِصِّفانِ
، أَدغم التَّاءَ فِي الصَّادِ وَحَرَّكَ الْخَاءَ بِالْكَسْرِ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ حَوَّلَ حَرَكَةَ التَّاءِ فَفَتَحَهَا؛ حَكَاهُ الأَخفش. اللَّيْثُ: الاخْتِصافُ أَن يأْخذ الْعُرْيَانُ وَرَقًا عِراضاً فيَخْصِفَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَيَسْتَتِرَ بِهَا. يُقَالُ: خَصَفَ واخْتَصَفَ يَخْصِفُ ويَخْتَصِفُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا دخلَ أَحدُكم الحَمَّام فَعَلَيْهِ بالنَّشيرِ وَلَا يَخْصِفْ
؛ النَّشِيرُ: المِئْزَرُ، وَلَا يَخْصِفْ أَي لَا يَضَعْ يَدَهُ عَلَى فَرْجِهِ، وتخَصَّفَه كَذَلِكَ، وَرَجُلٌ مِخْصَفٌ وخَصّافٌ: صانِعٌ لِذَلِكَ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. والخَصْفُ: النعلُ ذاتُ الطِّراقِ، وكلُّ طِراقٍ مِنْهَا خَصْفةٌ. والخَصَفَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: جُلَّةُ التَّمْرِ الَّتِي تُعْمَلُ مِنَ الْخُوصِ، وَقِيلَ: هِيَ البَحْرانِيةُ مِنَ الْجَلَالِ خَاصَّةً، وَجَمْعُهَا خَصَفٌ وخِصافٌ؛ قَالَ الأَخطل يَذْكُرُ قَبِيلَةً:
فطارُوا شقافَ الأُنْثَيَيْنِ، فعامِرٌ
…
تَبيعُ بَنِيها بالخِصافِ وَبِالتَّمْرِ
أَي صَارُوا فِرْقَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الأُنثيين وَهُمَا البيضتانِ. وكتيبةٌ خَصِيفٌ: وَهُوَ لونُ الحديدِ. وَيُقَالُ: خُصِفَتْ مِنْ وَرَائِهَا بِخَيْلٍ أَي أُرْدِفَتْ، فَلِهَذَا لَمْ تَدْخُلْهَا الْهَاءُ لأَنها بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، فَلَوْ كَانَتْ لِلَّوْنِ الْحَدِيدِ لَقَالُوا خَصِيفَةٌ لأَنها بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ. وكلُّ لَوْنَيْنِ اجْتَمَعَا، فَهُوَ خَصِيفٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ خَصَفَتِ الإِبلُ الْخَيْلُ تَبِعَتْها؛ قَالَ مَقّاسٌ الْعَائِذِيُّ:
أَوْلى فأَوْلى، يا إمْرَأَ القَيْسِ، بَعْدَ ما
…
خَصَفْنَ بآثارِ المَطِيِّ الحَوافِرا
والخَصِيفُ: اللَّبَنُ الْحَلِيبُ يُصَبُّ عَلَيْهِ الرائبُ، فَإِنْ جُعِلَ فِيهِ التَّمْرُ وَالسَّمْنُ، فَهُوَ العَوْبَثانيُّ؛ وقال ناشرةُ ابن مَالِكٍ يَرُدُّ عَلَى المُخَبّل:
إِذَا مَا الخَصِيفُ العَوْبَثانيُّ سَاءَنَا،
…
ترَكْناه واخْتَرْنا السَّديفَ المُسَرْهَدا
والخَصَفُ: ثِيَابٌ غِلاظٌ جِدًّا. قَالَ اللَّيْثُ: بَلَغْنَا فِي الْحَدِيثِ
أَنَّ تُبَّعاً كسَا الْبَيْتَ المَنسوج، فانتفضَ البيتُ مِنْهُ ومَزَّقَه عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ كَسَاهُ الخَصَفَ فَلَمْ يَقْبَلْهَا، ثُمَّ كَسَاهُ الأَنْطاعَ فَقَبِلَها
؛ قِيلَ: أَراد بالخَصَف هاهنا الثيابَ الغِلاظَ جِدًّا تَشْبِيهًا بالخَصَفِ المَنْسوج مِنَ الخُوص؛ قَالَ الأَزهري: الْخَصَفُ الَّذِي
كسَا تُبَّعٌ الْبَيْتَ لَمْ يَكُنْ ثِياباً غِلاظاً كَمَا قَالَ اللَّيْثُ، إِنَّمَا الْخَصَفُ سَفائِفُ تُسَفُّ مِنْ سَعَف النَّخْلِ فَيُسَوَّى مِنْهَا شُقَقٌ تُلَبَّسُ بُيوتَ الأَعراب، وَرُبَّمَا سُوّيت جِلالًا لِلتَّمْرِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه كَانَ يصلي فأَقبل رَجُلٌ فِي بَصره سُوءٌ فَمَرَّ بِبِئْرٍ عَلَيْهَا خَصَفَةٌ فوطِئها فَوَقَعَ فِيهَا
؛ الخَصَفَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: وَاحِدَةُ الخَصَف وَهِيَ الجُلَّةُ الَّتِي يُكْنَزُ فِيهَا التَّمْرُ، وكأَنها فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُول مِنَ الخَصْفِ، وَهُوَ ضمُّ الشَّيْءِ إِلَى الشي لأَنه شَيْءٌ مَنْسُوجٌ مِنَ الْخُوصِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتْ لَهُ خَصَفَةٌ يَحْجُرُها وَيُصَلِّي فِيهَا
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَنه كَانَ مُضْطَجِعاً عَلَى خصَفة
، وأَهل الْبَحْرِينِ يُسَمُّونَ جِلالَ التَّمْرِ خصَفاً. والخَصَفُ: الخزَفُ. وخَصَّفه الشيبُ إِذَا استَوى البياضُ والسوادُ. ابْنُ الأَعرابي: خَصَّفه الشيبُ تَخْصيفاً وخَوَّصه تَخْوِيصًا ونَقَّبَ فِيهِ تَنقِيباً بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وحَبْلٌ أَخْصَفٌ وخَصيفٌ: فِيهِ لوْنان مِنْ سوادٍ وَبَيَاضٍ، وَقِيلَ: الأَخْصَفُ والخَصِيف لوم كَلَوْنِ الرْماد. ورَمادٌ خَصِيفٌ: فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ وَرُبَّمَا سُمِّيَ الرَّمادُ بِذَلِكَ. التَّهْذِيبُ: الخَصِيفُ مِنَ الحِبال مَا كَانَ أَبْرَقَ بقوّةٍ سَوْدَاءَ وأُخرى بَيْضَاءَ، فَهُوَ خَصِيفٌ وأَخْصَفُ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
حَتَّى إِذَا مَا لَيْلُه تَكَشَّفا،
…
أَبْدَى الصَّباحُ عَنْ بَرِيمٍ أَخْصَفا
وَقَالَ الطِّرِمّاح:
وخَصِيفٍ لذِي مَناتِجِ ظِئْرَيْنِ
…
مِنَ المَرْخِ أَتْأَمَتْ رَبْدُهُ
شبَّه الرَّمادَ بالبَوِّ، وظِئْراه أُثْفِيتان أُوقِدَتِ النارُ بَيْنَهُمَا. والأَخْصَفُ مِنَ الْخَيْلِ وَالْغَنَمِ: الأَبيضُ الخاصِرَتَيْن والجنبينِ، وَسَائِرُ لَوْنِهِ مَا كَانَ، وَقَدْ يَكُونُ أَخْصَفَ بِجَنْبٍ وَاحِدٍ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي ارْتَفَعَ البَلَقُ مِنْ بَطْنِهِ إِلَى جَنْبَيْهِ. والأَخْصَفُ: الظَّلِيمُ لسوادٍ فِيهِ وَبَيَاضٍ، والنعامةُ خَصْفَاء، والخَصْفَاء مِنَ الضأْنِ: الَّتِي ابْيَضَّتْ خاصِرَتاها. وكَتيبةٌ خَصِيفَةٌ: لِمَا فِيهَا مِنْ صَدَإِ الْحَدِيدِ وبياضِه. والخَصُوفُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَلِدُ فِي التَّاسِعِ وَلَا تَدْخُلُ فِي الْعَاشِرِ، وَهِيَ مِنْ مَرابِيعِ الإِبل الَّتِي تُنْتَج إِذَا أَتت عَلَى مَضْرِبها تَماماً لَا يَنْقُصُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الَّتِي تُنْتَجُ عِنْدَ تَمامِ السنةِ، وَالْفِعْلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ خَصَفَتْ تَخْصِفُ خِصافاً. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذَا بَلَغَتِ الشَّهْرَ التَّاسِعَ مِنْ يَوْمِ لَقِحَتْ ثُمَّ أَلقَتْه: قَدْ خَصَفَتْ تَخْصِفُ خِصافاً، وَهِيَ خَصُوف. الْجَوْهَرِيُّ: وخَصَفَتِ النَّاقَةُ تَخْصِفُ خَصْفاً «3» إِذَا أَلْقَتْ وَلَدَهَا وَقَدْ بَلَغَ الشَّهْرَ التَّاسِعَ، فَهِيَ خَصُوف. وَيُقَالُ: الخَصُوفُ هِيَ الَّتِي تُنْتَجُ بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ مَضْرِبها بِشَهْرٍ، والجَرُورُ بِشَهْرَيْنِ. وخَصَفَةُ: قَبِيلةٌ مِنْ مُحارِب. وخَصَفَةُ بْنُ قَيس عَيْلانَ: أَبو قَبَائِلَ مِنَ الْعَرَبِ. وخِصَافٌ: فَرَسُ سُمَيْر بْنِ رَبيعةَ. وخِصَافٌ أَيضاً: فرَسُ حَمَلِ بْنِ بَدْرٍ، رَوَى ابْنُ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبيه قَالَ: كَانَ مالكُ بْنُ عَمْرٍو الغَسَّاني يُقَالُ لَهُ فارسُ خِصَافٍ، وَكَانَ مِنْ أَجْبَنِ الناسِ، قَالَ: فغَزَا يَوْمًا فأَقبل سَهْمٌ حَتَّى وقَع عِنْدَ حافِر فرَسِه فَتَحَرَّكَ سَاعَةً، فَقَالَ: إِنَّ لِهَذَا السهْمِ سَبَبًا يَنْجُثُه، فاحْتَفَرَ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ وقَع عَلَى نَفَقِ يَرْبُوعٍ فأَصاب رأْسَه فَتَحَرَّكَ اليَرْبُوعُ سَاعَةً ثُمَّ مَاتَ، فَقَالَ: هَذَا فِي جَوْفِ جُحْر جَاءَهُ سَهْمٌ فقتَله وأَنا ظاهِرٌ عَلَى فَرَسِي، مَا الْمَرْءُ فِي شَيْءٍ وَلَا اليربوعُ ثُمَّ شدَّ عَلَيْهِمْ فكان بعد
(3). قوله [تَخْصِفُ خَصْفاً] كذا بالأصل، والذي فيما بأيدينا من نسخ الجوهري: خصافاً لا خصفاً.
ذَلِكَ مِنْ أَشجَعِ النَّاسِ؛ قَوْلُهُ يَنجثه أَي يُحَرِّكُهُ. قَالَ: وخِصَافٌ فَرَسِهِ، ويُضربُ المَثلُ فَيُقَالُ: أَجْرَأُ مِنْ فارِس خِصَافٍ. وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي: أَنَّ صاحِب خِصَافٍ كَانَ يُلَاقِي جُنْدَ كِسْرَى فَلَا يَجْتَرئ عَلَيْهِمْ ويظُنُّ أَنهم لَا يَمُوتون كَمَا تَمُوتُ النَّاسُ، فرَمى رَجُلًا مِنْهُمْ يَوْمًا بِسَهْمٍ فَصَرَعَهُ فَمَاتَ، فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَمُوتُونَ كَمَا نموتُ نَحْنُ، فاجترأَ عَلَيْهِمْ فَكَانَ مِنْ أَشجع النَّاسِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وخَصَافِ مِثْلَ قَطَامِ اسْمِ فَرَسٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
تاللهِ لَوْ أَلْقى خَصَافِ عَشِيّةً،
…
لكُنْتُ عَلَى الأَمْلاكِ فارِسَ أَسْأَما
وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ أَجرأُ مِنَ خَاصِيٍّ خَصَاف «1» ، وَذَلِكَ أَن بعضَ المُلوكِ طَلَبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ ليَسْتَفْحِلَه فمَنَعه إِيَّاهُ وخَصاه. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ الإِخْصَافُ شدَّة العَدْوِ. وأَخْصَفَ يُخْصِفُ إِذَا أَسرَعَ فِي عَدْوِه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: صَحَّفَ الليثُ وَالصَّوَابُ أَحْصَفَ، بِالْحَاءِ، إحْصافاً إِذَا أَسْرَعَ فِي عَدْوِه.
خصلف: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، رحمه الله: نَخْلٌ مُخَصْلَفٌ قَلِيلُ الحَمْلِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
كقِنْوانِ النَّخِيلِ المُخَصْلَفِ
خضف: خَضَفَ بِهَا يَخْضِفُ خَضْفاً وخَضَفاً وخُضَافاً وغَضَف بِهَا إِذَا ضَرطَ؛ وأَنشد:
إِنَّا وَجَدْنا خَلَفاً، بِئْسَ الخَلَفْ
…
عَبْداً إِذَا مَا ناءَ بالحِمْلِ خَضَفْ
أَغْلَقَ عَنّا بابَه، ثُمَّ حَلَفْ
…
لَا يُدْخِلُ البَوّابُ إِلَّا مَنْ عَرَفْ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ:
إنَّ عُبَيْداً خَلَفٌ بئسَ الخَلَفْ
وامرأَة خَضُوفٌ أَي رَدُومٌ؛ قَالَ خُلَيْدٌ اليَشْكُريّ:
فَتِلْك لَا تُشْبِهُ أُخْرى صِلْقِما،
…
أَعْني خَضُوفاً بالفِناء دِلْقِما
والخَيْضَفُ: الضَّرُوطُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الخَيْضَفُ فَيْعَلٌ مِنَ الخَضْف وَهُوَ الرُّدامُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فأَنْتُمْ بَنُو الخَوَّارِ يُعْرَفُ ضَرْبُكُمْ،
…
وأُمّاتُكُمْ فُتْخُ القُدامِ وخَيْضَفُ
وَيُقَالُ للأَمةِ: يَا خَضَافِ؛ وللمَسْبُوبِ: يَا ابنَ خَضَافِ مَبْنِيّةً كَحَذام؛ وَقَالَ رَجُلٌ لِجَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ وَكَانَتِ الخَوارِجُ قَتَلَتْه:
تَرَكْتَ أَصْحابَنا تَدْمى نُحُورُهُمُ،
…
وجئتَ تَسْعى إِلَيْنَا خَضْفَةَ الجَملِ
أَراد: يَا خَضْفَةَ الْجَمَلِ. والخَضَفُ: البِطِّيخُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يَكُونُ قَعْسَرِيّاً رَطْباً مَا دَامَ صَغِيرًا ثُمَّ خَضَفاً أَكبرَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قُحّاً ثُمَّ يَكُونُ بِطِّيخاً؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
نازَعْتُهُمْ أُمَّ لَيْلى، وهْي مُخْضِفةٌ،
…
لَهَا حُمَيّا بِهَا يُسْتَأْصَلُ العَرَبُ
(1). قوله [أَجْرَأُ مِنْ خَاصِيٍّ خَصَاف] تبع في ذلك الجوهري. وفي شرح القاموس: فأما ما ذكره الجوهري على مثال قطام، فهي كانت أنثى فكيف تخصى؟ وصحة إيراد المثل أَجْرَأُ مِنْ فَارِسِ خَصَاف انتهى. يعني كقطام وأما أَجْرَأُ مِنْ خَاصِيٍّ خِصَاف فهو ككتاب.
أُمّ لَيلى: هِيَ الخَمر، والمُخْضِفَة: الخاثِرةُ، والعَرَبُ: وجَعُ المَعِدةِ. الأَزهري: أَظنها سُمِّيَتْ مُخَضْفَة لأَنها تُزِيلُ الْعَقْلَ فيَضْرطُ شارِبُها وَهُوَ لَا يَعْقِلُ.
خضرف: الخَضْرَفَةُ: العَجوز، وَفِي الْمُحْكَمِ: الخَضْرَفَةُ هرَمُ العَجُوزِ وفُضُولُ جِلْدها. وامرأَة خَنْضَرِفٌ: نَصَفٌ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ تَشَبَّبُ، وَقِيلَ: هِيَ الضَّخْمةُ الكثيرةُ اللَّحْمِ الْكَبِيرَةُ الثَّدْيَيْنِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: امرأَة خَنْضَرِفٌ وخَنْضَفير إِذَا كَانَتْ ضَخْمَةً لَهَا خَواصِرُ وبُطونٌ وغُضُونٌ؛ وأَنشد:
خَنْضَرِفٌ مثْلُ حُماء القُنَّهْ،
…
لَيْسَتْ مِنَ البِيضِ ولا في الجَنّهْ
خضلف: الأَزهري: الخِضْلافُ شَجَرُ المُقْلِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الخَضْلَفَةُ خِفّة حَمْل النَّخِيلِ؛ وأَنشد:
إِذَا زُجِرَتْ أَلْوَتْ بِضافٍ سَبيبُه
…
أَثِيثٍ كقِنْوانِ النخيلِ المُخَضْلَفِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعل قِلَّةَ حَمْل النخِيلِ خَضْلَفةً لأَنه شُبِّهَ بالمُقل فِي قِلة حَمله؛ وَقَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:
تُتِرُّ برجْلَيْها المُدِرَّ كأَنَّه،
…
بِمشرفةِ الخِضْلافِ، بادٍ وُقُولُها
تُتِرُّه: تَدْفَعُه. والوُقُول: جَمْعُ وَقْلٍ وهو نوى المُقْل.
خطف: الخَطْفُ: الاسْتِلابُ، وَقِيلَ: الخَطْفُ الأَخْذُ فِي سُرْعةٍ واسْتِلابٍ. خَطِفَه، بِالْكَسْرِ، يَخْطَفُه خَطْفاً، بِالْفَتْحِ، وَهِيَ اللُّغَةُ الْجَيِّدَةُ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى حَكَاهَا الأَخفش: خَطَفَ، بِالْفَتْحِ، يَخْطِفُ، بِالْكَسْرِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ رَديئة لَا تَكَادُ تُعْرَفُ: اجْتَذَبَه بسُرْعة،
وقرأَ بِهَا يُونُسُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَخْطِفُ أَبصارَهم، وأَكثر القُرّاء قرأُوا: يَخْطَف
، مَنْ خَطِفَ يَخْطَفُ، قَالَ الأَزهري: وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الْجَيِّدَةُ.
ورُوي عَنِ الْحَسَنِ أَنه قرأَ يِخِطِّفُ أَبصارَهم
، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ مَعَ الْكَسْرِ،
وقرأَها يَخَطِّفُ
، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِهَا، فَمَنْ قرأَ يَخَطِّفُ فالأَصل يَخْتَطِفُ فأُدْغِمت التاءُ فِي الطَّاءِ وأُلقيت فَتْحَةُ التَّاءِ عَلَى الْخَاءِ، وَمَنْ قرأَ يِخِطِّفُ كسَر الْخَاءَ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الطَّاءِ؛ قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الكسرُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ هاهنا خَطَأٌ وَإِنَّهُ يَلْزَمُ مَنْ قَالَ هَذَا أَن يَقُولَ فِي يَعَضُّ يَعِضُّ وَفِي يَمُدُّ يَمِدُّ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِهِ الْعِلَّةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ لأَنه لَوْ كسَر يَعِضُّ ويَمِدّ لالْتَبَسَ مَا أَصله يَفْعَل ويَفْعُل بِمَا أَصله يَفْعِل، قَالَ: وَيَخْتَطِفُ لَيْسَ أَصله غيرَها وَلَا يَكُونُ مَرَّةً عَلَى يَفْتَعِل وَمَرَّةً عَلَى يَفْتَعَل، فَكُسِرَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مُلْتَبِسٍ. التَّهْذِيبُ قَالَ: خَطِفَ يَخْطَفُ وخَطَفَ يَخْطِفُ لُغَتَانِ. شَمِرٌ: الخَطْف سُرْعَةُ أَخذ الشَّيْءِ. ومرَّ يَخْطَفُ خَطْفاً مُنْكَرًا أَي مرَّ مَرًّا سَرِيعًا. واخْتَطَفَه وتَخَطَّفَه بِمَعْنًى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ
، وَفِيهِ: وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ
. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ
؛ وأَما
قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ إِلَّا مَن خَطَّفَ الخَطْفَةَ
، بِالتَّشْدِيدِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ فَإِنَّ أَصله اخْتَطَفَ فأُدغمت التَّاءُ فِي الطَّاءِ وأُلقِيَتْ حَركتُها عَلَى الْخَاءِ فَسَقَطَتِ الأَلف، وَقُرِئَ خِطِّفَ، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالطَّاءِ عَلَى إِتْبَاعِ كَسْرَةِ الْخَاءِ كسرةَ الطَّاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، قَالَ سِيبَوَيْهِ: خَطَفَه واخْتَطَفَه
كَمَا قَالُوا نَزَعَه وانْتَزَعَه. ورجُل خَيْطَفٌ: خاطِفٌ، وبازٌ مخْطَفٌ: يَخْطَفُ الصيدَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، نهَى عَنِ المُجَثَّمةِ والخَطْفةِ
؛ وَهِيَ مَا اخْتَطَفَ الذئبُ مِنْ أَعضاء الشَّاةِ وَهِيَ حَيّةٌ مِنْ يَدٍ ورِجل، أَوِ اخْتَطَفَهُ الْكَلْبُ مِنْ أَعضاء حَيَوانِ الصَّيدِ مِنْ لَحْمٍ أَو غَيْرِهِ وَالصَّيْدُ حَيّ لأَن كُلَّ مَا أُبينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيّتٌ، وَالْمُرَادُ مَا يُقْطَع مِنْ أَعضاء الشَّاةِ؛ قَالَ: وكلُّ مَا أُبينَ مِنَ الْحَيَوَانِ وَهُوَ حَيٌّ مِنْ لَحْمٍ أَو شَحْمٍ، فَهُوَ مَيت لَا يَحِلُّ أَكله، وَذَلِكَ أَنه لَمَّا قَدِمَ المدينةَ رأَى النَّاسَ يَجُبُّون أَسْنِمَةَ الإِبلِ وأَلَياتِ الْغَنَمِ ويأْكلونها. والخَطْفَة: المرَّةُ الواحدةُ فَسُمِّيَ بِهَا العُضْوُ المُخْتَطَفُ. وَفِي حَدِيثِ الرَّضَاعَةِ:
لَا تُحَرِّمُ الخَطْفَةُ والخَطْفَتَانِ
أَي الرضعةُ الْقَلِيلَةُ يأْخذُها الصَّبِيُّ مِنَ الثدْي بِسُرْعَةٍ. وسيفٌ مِخْطَف: يَخطَفُ الْبَصَرَ بلَمْعِه؛ قَالَ:
وناطَ بالدَّفِّ حُساماً مِخْطَفَا
والخاطِفُ: الذئبُ. وذئبٌ خاطِفٌ: يَخْتَطِفُ الفَريسةَ، وبَرْقٌ خاطِفٌ لِنُورِ الأَبصار. وخَطِفَ البرقُ البَصرَ وخَطَفَه يَخْطِفُه: ذَهَبَ بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ
، وَقَدْ قُرِئَ بِالْكَسْرِ، وَكَذَلِكَ الشُّعاعُ والسيفُ وَكُلُّ جِرْمٍ صَقِيل؛ قَالَ:
والهُنْدُوانِيّاتُ يَخْطَفْنَ البَصَرْ
رَوَى الْمَخْزُومِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: لَمْ أَسمع أَحداً ذهَب بِبَصَرِهِ البرقُ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ
، وَلَمْ يَقُلْ يُذْهِبُ، قَالَ: والصَّواعِقُ تُحْرِقُ لِقَوْلِهِ عز وجل: فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ليَنْتَهِيَنَّ أَقْوامٌ عَنْ رفْع أَبصارِهم إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ أَو لتُخْطَفَنَّ أَبصارُهم
؛ هُوَ مِنَ الخَطْف استِلابِ الشَّيْءِ وأَخْذِه بسُرعَة. وَمِنْهُ حَدِيثُ أُحد:
إِنْ رأَيتمونا تَخْتَطِفُنا الطيرُ فَلَا تَبْرَحُوا
أَي تَسْتَلِبُنا وَتَطِيرُ بِنَا، وَهُوَ مُبالغة فِي الْهَلَاكِ. وخَطِفَ الشيطانُ السمْعَ واخْتَطَفَه: اسْتَرَقَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ
. والخَطَّافُ، بِالْفَتْحِ، الَّذِي فِي الْحَدِيثِ هُوَ الشَّيْطَانُ، يَخطَفُ السمعَ: يَسْتَرِقُه، وَهُوَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: نَفَقَتُكَ رِياءً وسُمْعةً للخَطَّاف
؛ هُوَ، بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ، الشيطانُ لأَنه يَخْطَفُ السَّمْعَ، وَقِيلَ: هُوَ بِضَمِّ الْخَاءِ عَلَى أَنه جَمْعُ خَاطِفٍ أَو تَشْبِيهًا بالخُطَّاف، وَهُوَ الْحَدِيدَةُ المُعْوَجَّةُ كالكلُّوبِ يُخْتَطَفُ بِهَا الشيءُ وَيُجْمَعُ عَلَى خَطَاطِيفَ. وَفِي حَدِيثِ الْجِنِّ:
يَختَطِفُون السَّمْعَ
أَي يَسْتَرِقُونَه ويَسْتَلِبونه. والخَيْطَفُ والخَيْطَفَى: سُرعة انْجِذَابِ السَّيْرِ كأَنه يخْتَطِفُ فِي مَشْيِه عُنُقَه أَي يجْتَذِبه. وَجَمَلٌ خَيْطَفٌ أَي سَرِيعُ الْمَرِّ. وَيُقَالُ: عَنَقٌ خَيْطَفٌ وخَطَفَى؛ قَالَ جَدُّ جَرِيرٍ:
وعَنَقاً بَعْدَ الرَّسِيمِ خَيْطَفا
والخَطَفَى: سَيْرَتُه، وَيُرْوَى خَطَفَى، وَبِهَذَا سُمِّي الخَطَفَى، وَهُوَ لقَبُ عَوْفٍ جَدّ جَرِيرِ بْنِ عطِيّةَ بْنِ عَوْفٍ الشَّاعِرِ؛ وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي عُبَيْدَةَ قَالَ: الخَطَفَى جَدُّ جَرِيرٍ وَاسْمُهُ حُذيفَةُ بْنُ بَدْر ولُقِّب بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
يَرْفَعْنَ بالليلِ، إِذَا مَا أَسْدَفا،
…
أَعْناقَ جِنَّانٍ وَهَامًا رُجَّفا،
وعَنَقاً بَعْدَ الكَلالِ خَيْطَفا
والجِنَّانُ: جِنْسٌ مِنَ الْحَيَّاتِ إذا مشَت رَفعت رؤوسها؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنَ مَلِيحِ شِعْرِ الخَطَفَى:
عَجِبْتُ لإِزْراءِ العَييِّ بنَفْسِه،
…
وصَمْتِ الَّذِي قَدْ كَانَ بالقَوْلِ أَعلما
وَفِي الصَّمْتِ سَتْرٌ للعَييِّ، وَإِنَّمَا
…
صَفِيحةُ لُبِّ المَرْء أَن يَتَكلَّما
وَقِيلَ: هُوَ مأْخوذ مَنْ الخَطْفِ وَهُوَ الخَلْسُ. وَجَمَلٌ خَيْطَفٌ: سَيْرُه كَذَلِكَ أَي سريعُ المَرّ، وَقَدْ خَطِفَ وخَطَفَ يَخْطِفُ ويَخْطَفُ خَطْفاً. والخاطُوفُ: شَبِيهٌ بالمِنْجَل يُشَدُّ فِي حِبالةِ الصائِد يَخْتَطِفُ الظبْيَ. والخُطّافُ: حَدِيدَةٌ تَكُونُ فِي الرَّحْل تُعَلَّقُ مِنْهَا الأَداةُ والعِجْلةُ. والخُطَّافُ: حَدِيدَةٌ حَجْناءُ تُعْقَلُ بِهَا البَكْرةُ مِنْ جانِبَيْها فِيهَا المِحْوَر؛ قَالَ النابغة:
خَطاطِيفُ حُجْنٌ فِي حِبالٍ مَتِينَةٍ،
…
تُمَدُّ بِهَا أَيْدٍ إليكَ نوازِعُ
وكلُّ حديدةٍ حَجْناء خُطَّافٌ. الأَصمعي: الخُطَّاف هُوَ الَّذِي يَجْري فِي الْبَكْرَةِ إِذَا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ، فَإِذَا كَانَ مِنْ خَشَبٍ، فَهُوَ القَعْوُ، وَإِنَّمَا قِيلَ لخُطَّافِ البَكرة خُطَّافٌ لحَجَنه فِيهَا، ومَخالِيبُ السِّباعِ خَطاطِيفُها. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ «1»:
فِيهِ خَطاطِيفُ وكلالِيبُ.
وخَطاطِيفُ الأَسَد: براثِنُه شُبِّهَتْ بِالْحَدِيدَةِ لحُجْنَتِها؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ يَصِفُ الأَسد:
إِذَا عَلِقَتْ قِرْناً خَطاطِيفُ كَفِّه،
…
رأَى الموتَ رَأْيَ العَيْنِ أَسْوَدَ أَحْمَرا
إِنَّمَا قَالَ: رَأْيَ الْعَيْنِ أَو بالعَيْنَيْنِ «2» تَوْكِيدًا، لأَنَّ الْمَوْتَ لَا يُرى بِالْعَيْنِ، لَمَّا قَالَ أَسْوَدَ أَحْمرا، وَكَانَ السوادُ والحُمْرةُ لَوْنَيْن، وَكَانَ اللَّوْن مِمَّا يُحسّ بِالْعَيْنِ جُعِلَ الموتُ كأَنه مَرْئيٌّ بِالْعَيْنِ، فتَفَهَّمْه. والخُطَّافُ: سِمةٌ عَلَى شَكْل خُطَّافِ البَكْرة، قَالَ: يُقَالُ لِسِمة يُوسَم بِهَا البَعِير، كأَنها خُطَّافُ البَكْرَة: خُطَّافٌ أَيضاً. وبَعِير مَخْطُوفٌ إِذَا كَانَ بِهِ هَذِهِ السِّمةُ. والخُطّافُ: طَائِرٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والخُطَّافُ العُصْفور الأَسودُ، وَهُوَ الَّذِي تَدْعُوه العامّةُ عُصْفُورَ الجنةِ، وَجَمْعُهُ خَطاطِيفُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: لأَنْ أَكونَ نَفَضْتُ يَدَيَّ مِنْ قُبُورِ بَنِيَّ أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَن يَقَعَ مِنْ بَيْضِ الخُطَّافِ فيَنْكَسِر
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الخُطَّاف الطَّائِرُ الْمَعْرُوفُ، قَالَ ذَلِكَ شَفَقَةً ورحْمةً. والخُطَّافُ: الرجُل اللِّصُّ الفاسِقُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
واسْتَصْحَبُوا كُلَّ عَمٍ أُمِّيِّ
…
مِنْ كلِّ خُطّافٍ وأَعْرابيِ
وأَما قَوْلُ تِلْكَ المرأَة لِجَرِيرٍ: يَا ابْنَ خُطَّافٍ؛ فَإِنَّمَا قَالَتْهُ لَهُ هازِئةً بِهِ، وَهِيَ الخَطاطِيفُ. والخُطْفُ والخُطُفُ: الضُّمْرُ وخِفّةُ لَحْمِ الجَنْبِ. وإخْطَافُ الحَشى: انْطِواؤُه. وفَرس مُخْطَفُ الحَشى، بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ، إِذَا كَانَ لاحِقَ ما
(1). قوله [حديث القيامة] هو لفظ النهاية أيضاً، وبهامشها صوابه: حديث الصراط.
(2)
. قوله [أو بالعينين] يشير إلى أنه يروى أيضاً: رأى الموت بالعينين إلخ، وهو كذلك في الصحاح.
خَلْفَ المَحْزِمِ مِنْ بَطْنه، وَرَجُلٌ مُخْطَفٌ ومَخْطُوفٌ. وأَخْطَفَ الرجلُ: مَرِضَ يَسِيراً ثُمَّ بَرأَ سَرِيعًا. أَبو صَفْوانَ: يُقَالُ أَخْطَفَتْه الحُمّى أَي أَقْلَعَتْ عَنْهُ، وَمَا مِنْ مَرَضٍ إِلَّا وَلَهُ خُطْفٌ أَي يُبْرَأُ مِنْهُ؛ قَالَ:
وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا صَرْفُ يَوْمٍ ولَيْلةٍ،
…
فَمُخْطِفةٌ تُنْمِي ومُقْعِصةٌ تُصْمِي
وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلذِّئْبِ خاطِفٌ، وَهِيَ الخَواطِفُ. وخَطافِ وكَسابِ: مِنْ أَسماء كِلَابِ الصَّيْدِ. وَيُقَالُ للصِّ الَّذِي يَدْغَرُ نفسَه عَلَى الشَّيْءِ فيَخْتَلِسُه: خُطَّافٌ. أَبو الخَطَّاب: خَطِفَتِ السفينةُ وخَطَفَت أَي سارَتْ؛ يُقَالُ: خَطِفَت اليومَ مِنْ عُمان أَي سَارَتْ. وَيُقَالُ: أَخْطَفَ لِي مِنْ حَدِيثه شَيْئًا ثُمَّ سَكَتَ، وَهُوَ الرَّجُلُ يأْخذ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَقْطَعُ حَدِيثَهُ، وَهُوَ الإِخْطافُ. والخياطِفُ: المَهاوي، وَاحِدُهَا خَيْطَفٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَقَدْ رُمْتَ أَمْراً، يَا مُعاوِيَ، دُونَه
…
خَيَاطِفُ عِلَّوْزٍ، صِعابٌ مَراتِبُهْ
والخُطُف والخُطَّفُ، جَمِيعًا: مِثْلُ الجُنون؛ قَالَ أُسامةُ الهُذَلي:
فَجَاءَ، وَقَدْ أَوجَتْ مِنَ المَوْتِ نَفْسُه،
…
بِهِ خُطُفٌ قَدْ حَذَّرَتْه المقاعِدُ
وَيُرْوَى خُطَّفٌ، فإِما أَن يَكُونَ جَمعاً كضُرَّب، وَإِمَّا أَن يَكُونَ وَاحِدًا. والإِخْطافُ: أَن تَرْمِيَ الرَّمِيّةَ فتُخْطئ قَرِيبًا، يُقَالُ مِنْهُ: رَمى الرَّمِيَّةَ فأَخْطَفَها أَي أَخْطأَها؛ وأَنشد أَيضاً:
فَمُخْطِفةٌ تُنْمي ومُقْعِصةٌ تُصْمي
وَقَالَ العُمانيُّ:
فانْقَضَّ قَدْ فاتَ العُيُونَ الطُّرَّفا،
…
إِذَا أَصابَ صَيْدَه أَو أَخْطَفَا
ابْنُ بَزْرَجٍ: خَطِفْتُ الشَّيْءَ أَخذْته، وأَخْطَفْتُه أَخْطَأْتُه؛ وأَنشد الْهُذَلِيُّ:
تَناوَلُ أَطْرافَ القِرانِ، وعَيْنُها
…
كعَيْنِ الحُبارى أَخْطَفَتْها الأَجادِلُ
والإِخْطافُ فِي الْخَيْلِ: ضِدُّ الانْتِفاخ، وَهُوَ عَيب فِي الْخَيْلِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الإِخْطَاف سِرُّ الْخَيْلِ، وَهُوَ صِغَرُ الْجَوْفِ «3»؛ وأَنشد:
لَا دَنَنٌ فِيهِ وَلَا إخْطَافُ
والدَّنَنُ: قِصَرُ الْعُنُقِ وتطامُنُ المُقَدَّم؛ وَقَوْلُهُ:
تَعَرَّضْنَ مَرْمى الصَّيْدِ، ثُمَّ رَمَيْنَنا
…
مِنَ النَّبْلِ، لَا بالطَّائِشاتِ الخَواطِفِ
إِنَّمَا هُوَ عَلَى إِرَادَةِ المُخْطِفات وَلَكِنَّهُ عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ. والخَطِيفةُ: دَقِيقٌ يُذَرُّ عَلَى لَبَنٍ ثُمَّ يُطْبَخُ فيُلْعَق؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الحَبُولاء. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فَإِذَا بِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ صَحْفة فِيهَا خَطِيفةٌ ومِلْبَنةٌ
؛ الخَطِيفةُ: لَبَنٌ يُطبخ بِدَقِيقٍ ويُخْتَطَفُ بالمَلاعِق بسُرعة. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَنه كَانَ عِنْدَ أُم سُليم شَعِيرٌ فَجَشَّتْه وعَمِلت لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم،
(3). قوله [سر الخيل وهو إلخ] كذا بالأصل. ونقل شارح القاموس ما قبله حرفاً فحرفاً وتصرف في هذا فقال: والإِخْطَاف في الخيل صغر الجوف إلخ.
خَطِيفة فأَرْسَلتني أَدْعوه
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الخَطِيفَة عِنْدَ الْعَرَبِ أَن تُؤْخَذَ لُبَيْنةٌ فتسخَّنَ ثُمَّ يُذرَّ عَلَيْهَا دَقِيقَةٌ ثُمَّ تُطبخَ فَيَلْعَقَها الناسُ وَيَخْتَطِفُوهَا فِي سُرْعَةٍ.
وَدَخَلَ قَوْمٌ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، عليه السلام، يَوْمَ عِيدٍ وَعِنْدَهُ الكَبُولاء، فَقَالُوا: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ أَيَوْمُ عِيد وخَطِيفةٌ؟ فَقَالَ: كُلوا مَا حَضَر واشكُروا الرزَّاق.
وخاطِفُ ظِلِّه: طَائِرٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ:
ورَيْطةِ فِتْيانٍ كخاطِفِ ظلِّه،
…
جَعَلْتُ لَهم مِنْهَا خِباءً مُمَدَّدا
قَالَ ابْنُ سَلَمَة: هُوَ طَائِرٌ يُقَالُ لَهُ الرَّفْرافُ إِذَا رأَى ظلَّه فِي الْمَاءِ أَقبل إِلَيْهِ ليَخْطَفَه يحسَبُه صَيْداً، والله أَعلم.
خطرف: الخُطْرُوفُ: المُسْتَديرُ. وعَنَقٌ خِطْريفٌ: وَاسِعٌ، وخَطْرَفَ فِي مَشْيِه وتَخَطْرَفَ: تَوَسَّعَ. وخَطْرَفَه بِالسَّيْفِ: ضَرَبَهُ، بِالطَّاءِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ لَا غَيْرُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَإِنْ تَلَقَّى غَدَراً تَخَطْرَفا
وجمَل خُطْرُوفٌ: يُخَطْرِفُ خَطْوَه؛ ويَتَخَطْرَفُ فِي مَشْيِهِ: يُجْعَلُ خَطْوَتَيْن خَطْوةً مِنْ وَساعَتِه. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَالْخَضِرِ، عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وإنَّ الانْدلاثَ والتَّخَطْرُفَ مِنَ الانْقِحام والتَكَلُّف
؛ تَخَطْرَف الشيءَ إِذَا جاوَزَه وتَعَدّاه، والله أَعلم.
خظرف: خَظْرَفَ البعيرُ فِي مَشْيِهِ: أَسرع وَوَسَّعَ الخَطْو، لُغة فِي خَذْرَفَ، بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ «1»؛ وأَنشد:
وَإِنْ تَلَقّاه الدَّهاس خَظْرَفا
وخَظْرَفَ جِلْدُ العَجوز: اسْتَرْخى، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ بِالضَّادِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَالظَّاءُ أَكثر وأَحسن. وَعَجُوزٌ خَنْظَرِفٌ: مُسْتَرْخِيةُ اللَّحْمِ. اللَّيْثُ: الخَنْظَرِف الْعَجُوزُ الْفَانِيَةُ. وَجَمَلٌ خُظْرُوفٌ: وَاسْعُ الخَطوة. وَرَجُلٌ مُتَخَظْرِفٌ: واسِع الخَلْق رَحْبُ الذِّرَاعِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ خَظْرَفَ فِي مَشْيِهِ، بِالظَّاءِ وَالطَّاءِ أَيضاً. وخَطْرَفَه بِالسَّيْفِ: ضَرَبَهُ، بِالطَّاءِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ لَا غَيْرُ.
خفف: الخَفَّةُ والخِفّةُ: ضِدُّ الثِّقَلِ والرُّجُوحِ، يَكُونُ فِي الْجِسْمِ والعقلِ والعملِ. خَفَّ يَخِفُّ خَفّاً وخِفَّةً: صَارَ خَفِيفاً، فَهُوَ خَفِيفٌ وخُفافٌ، بِالضَّمِّ وَقِيلَ: الخَفِيفُ فِي الْجِسْمِ، والخُفَاف فِي التَّوَقُّد وَالذَّكَاءِ، وَجَمْعُهَا خِفَافٌ. وَقَوْلُهُ عز وجل: انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ أَي مُوسرين أَو مُعْسِرين، وَقِيلَ: خَفَّتْ عَلَيْكُمُ الْحَرَكَةُ أَو ثَقُلَت، وَقِيلَ: رُكباناً ومُشاة، وَقِيلَ: شُبَّاناً وَشُيُوخًا. والخِفُّ: كُلُّ شَيْءٍ خَفَّ مَحْمَلُه. والخِفُّ، بِالْكَسْرِ: الخفِيف. وشيءٌ خِفٌّ: خَفِيفٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
يَزِلُّ الغُلامُ الخِفُّ عَنْ صَهَواتِه،
…
ويُلْوِي بأَثْوابِ العَنِيفِ المُثَقَّلِ «2»
وَيُقَالُ: خَرَجَ فُلَانٌ فِي خِفٍّ مِنْ أَصحابه أَي فِي جَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ. وخِفُّ المَتاعِ: خَفِيفُه. وخَفَّ الْمَطَرُ: نَقَص؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فَتَمَطَّى زَمْخَريٌّ وارِمٌ
…
مِنْ رَبيعٍ، كلَّما خَفَّ هَطَلْ «3»
(1). قوله [بالظاء] متعلق بخظرف.
(2)
. وفي رواية: يطير الغلامُ الخُفُّ. وفي رواية أُخرى: يُزل الغلامَ الخِفَّ.
(3)
. قوله [فتمطى إلخ] في مادة زمخر، قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فَتَعَالَى زَمْخَرِيٌّ وَارِمٌ
…
مَالَتِ الْأَعْرَاقُ مِنْهُ واكتهل
واسْتَخَفَّ فُلَانٌ بِحَقِّي إِذَا اسْتَهانَ بِهِ، واسْتَخَفَّه الفرحُ إِذَا ارْتَاحَ لأَمر. ابْنُ سِيدَهْ: اسْتَخَفَّه الجَزَعُ والطَربُ خَفَّ لَهُمَا فاسْتَطار وَلَمْ يثبُت. التَّهْذِيبُ: اسْتَخَفَّه الطَّرَب وأَخَفَّه إِذَا حَمَلَهُ عَلَى الخِفّة وأَزال حِلْمَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِبَعْضِ جُلسائه: لَا تَغْتابَنَّ عِنْدِي الرَّعِيّة فَإِنَّهُ لَا يُخِفُّني؛ يُقَالُ: أَخَفَّنِي الشيءُ إِذَا أَغْضَبَك حَتَّى حَمَلَكَ عَلَى الطَّيْش، واسْتَخَفَّه: طَلَب خِفَّتَه. التَّهْذِيبُ: اسْتَخَفَّهُ فُلَانٌ إِذَا اسْتَجْهَله فَحَمَلَهُ عَلَى اتِّباعه فِي غَيِّه، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ
، قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ لَا يَسْتَفِزَّنَّك عَنْ دِينِكَ أَي لَا يُخْرِجَنَّك الَّذِينَ لَا يُوقِنون لأَنهم ضُلَّال شَاكُّونَ. التَّهْذِيبُ: وَلَا يَسْتَخِفَّنَّك لَا يستفزنَّك وَلَا يَسْتَجْهِلَنَّك؛ وَمِنْهُ: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ
أَي حَمَلَهُمْ عَلَى الخِفّة وَالْجَهْلِ. يُقَالُ: اسْتَخَفَّهُ عَنْ رأْيه واستفزَّه عَنْ رأْيه إِذَا حَمَلَهُ عَلَى الْجَهْلِ وأَزاله عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّوَابِ. واستَخَفَّ بِهِ أَهانه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، لمَّا اسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَزْعم الْمُنَافِقُونَ أَنك اسْتَثْقَلْتَني وتَخَفَّفْتَ مِنِّي
، قَالَهَا لَمَّا اسْتَخْلَفَهُ فِي أَهله وَلَمْ يمضِ بِهِ إِلَى تِلْكَ الغَزاةِ؛ مَعْنَى تَخَفَّفْتَ مِنِّي أَي طَلَبْتَ الْخِفَّةَ بتخليفِك إِيَّايَ وَتَرْكِ اسْتصْحابي مَعَكَ. وخَفَّ فُلَانٌ لِفُلَانٍ إِذَا أَطاعه وَانْقَادَ لَهُ. وخَفَّتِ الأُتُنُ لعَيرها إِذَا أَطاعَتْه؛ وَقَالَ الرَّاعِي يَصِفُ العَير وأُتُنه:
نَفَى بالعِراكِ حَوالِيَّها،
…
فَخَفَّتْ لَهُ خُذُفٌ ضُمَّرُ
والخَذُوفُ: وَلَدُ الأَتان إِذَا سَمِنَ. واسْتَخَفَّه: رَآهُ خَفيفاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ: اسْتَخَفَّ الْهَمْزَةَ الأُولى فَخَفَّفَهَا أَي أَنها لَمْ تَثْقُلْ عَلَيْهِ فخفَّفها لِذَلِكَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ
؛ أَي يَخِفُّ عَلَيْكُمْ حَمْلُهَا. وَالنُّونُ الخَفِيفَة: خِلَافَ الثَّقِيلَةِ وَيُكَنَّى بِذَلِكَ عَنِ التَّنْوِينِ أَيضاً وَيُقَالُ الخَفِيّة. وأَخَفَّ الرجلُ إِذَا كَانَتْ دوابُّه خِفَافًا. والمُخِفُّ: القليلُ المالِ الْخَفِيفُ الْحَالِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه كَانَ خَفِيفَ ذَاتِ الْيَدِ
أَي فَقِيرًا قَلِيلَ الْمَالِ والحظِّ مِنَ الدُّنْيَا، وَيُجْمَعُ الخَفِيفُ عَلَى أَخْفَافٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
خَرَّجَ شُبّانُ أَصحابه وأَخْفَافُهم حُسَّراً
؛ وَهُمُ الَّذِينَ لَا مَتاع لَهُمْ وَلَا سِلاح، وَيُرْوَى: خِفَافُهم وأَخِفّاؤهم، وَهُمَا جَمْعٌ خَفِيف أَيضاً. اللَّيْثُ: الخِفّةُ خِفَّةُ الوَزْنِ وخِفّةُ الحالِ. وَخِفَّةُ الرَّجل: طَيْشُه وخِفَّتُه فِي عَمَلِهِ، وَالْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ كلِّه خَفَّ يَخِفُّ خِفَّة [خَفَّة]، فَهُوَ خَفِيف، فَإِذَا كَانَ خَفِيفَ الْقَلْبِ مُتَوَقِّداً، فَهُوَ خُفَافٌ؛ وأَنشد:
جَوْزٌ خُفَافٌ قَلْبُه مُثَقَّلُ
وخَفَّ القومُ خُفُوفاً أَي قَلُّوا؛ وَقَدْ خَفَّت زَحْمَتُهم. وخَفَّ لَهُ فِي الخِدمةِ يَخِفُّ: خَدَمه. وأَخَفَّ الرَّجل، فَهُوَ مُخِفٌ وخَفِيف وخِفٌّ أَي خَفَّت حالُه ورَقَّت وَإِذَا كَانَ قَلِيلَ الثَّقَلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إنَّ بَيْنَ أَيدِينا عَقَبَةً كَؤُوداً لَا يُجَوِّزُهَا إِلَّا المُخِفّ
؛ يُرِيدُ المخفَّ مِنَ الذُّنُوبِ وأَسبابِ الدُّنْيَا وعُلَقِها؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَيضاً:
نَجا المُخِفُّون.
وأَخَفَّ الرجلُ إِذَا كَانَ قَلِيلَ الثَّقَلِ فِي سفَره أَو حَضَره. والتَّخْفِيفُ: ضدُّ التَّثْقِيلِ، واستَخَفَّه: خِلَافُ اسْتَثْقَلَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذَا بَعَثَ الخُرَّاصَ
قَالَ: خَفِّفُوا الخَرْصَ فإنَّ فِي الْمَالِ العرِيّة وَالْوَصِيَّةَ
أَي لَا تَسْتَقْصُوا عَلَيْهِمْ فِيهِ فَإِنَّهُمْ يُطعِمون مِنْهَا ويُوصون. وَفِي حَدِيثِ
عَطاء: خَفِّفُوا عَلَى الأَرض
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
خِفُّوا
أَي لَا تُرْسِلوا أَنفسكم فِي السُّجُودِ إرْسالًا ثَقِيلًا فتؤثِّرُوا فِي جِباهِكم؛ أَراد خِفُّوا فِي السُّجُودِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُجَاهِدٍ: إِذَا سجدتَ فتَخافَ
أَي ضَعْ جَبْهَتَكَ عَلَى الأَرض وَضْعاً خفِيفاً، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والخَفِيفُ: ضَرْبٌ مِنَ الْعَرُوضِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لخِفَّته. وخَفَّ الْقَوْمُ عَنْ مَنْزِلِهِمْ خُفُوفاً: ارْتحَلُوا مُسْرِعِينَ، وَقِيلَ: ارتحلُوا عَنْهُ فَلَمْ يَخُصُّوا السُّرْعَةَ؛ قَالَ الأَخطل:
خَفَّ القَطِينُ فَراحُوا مِنْكَ أَو بَكَرُوا
والخُفُوفُ: سُرعةُ السَّيْرِ مِنَ الْمَنْزِلِ، يُقَالُ: حَانَ الخُفُوفُ. وَفِي حَدِيثِ خُطْبَتِهِ فِي مَرَضِهِ:
أَيها النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ دَنا مِنِّي خُفُوفٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ
أَي حركةٌ وقُرْبُ ارْتِحالٍ، يُرِيدُ الإِنذار بِمَوْتِهِ، صلى الله عليه وسلم. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: قَدْ كَانَ مِنِّي خفوفٌ
أَي عَجَلَةٌ وسُرعة سَيْرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا ذُكِرَ لَهُ قتلُ أَبي جَهْلٍ استخفَّه الفَرَحُ
أَي تَحَرَّكَ لِذَلِكَ وخَفَّ، وأَصله السرعةُ. ونَعامة خَفّانةٌ: سَرِيعَةٌ. والخُفُّ: خُفُّ الْبَعِيرِ، وَهُوَ مَجْمَعُ فِرْسِن الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: هَذَا خُفُّ الْبَعِيرِ وَهَذِهِ فِرْسِنُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا سَبَق إِلَّا فِي خُفٍّ أَو نَصْلٍ أَو حَافِرٍ
، فالخُفُّ الإِبل هاهنا، والحافِرُ الخيلُ، والنصلُ السهمُ الَّذِي يُرمى بِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مُضَافٍ، أَي لَا سَبَقَ إِلَّا فِي ذِي خُفٍّ أَو ذِي حافِرٍ أَو ذِي نَصْلٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الخُف وَاحِدُ أَخْفافِ الْبَعِيرِ وَهُوَ لِلْبَعِيرِ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ الْخُفُّ لِلنَّعَامِ، سَوَّوْا بَيْنَهُمَا للتَّشابُهِ، وخُفُّ الإِنسانِ: مَا أَصابَ الأَرضَ مِنْ بَاطِنِ قَدَمِه، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ الْخُفُّ مِنَ الْحَيَوَانِ إِلَّا لِلْبَعِيرِ وَالنَّعَامَةِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: غَلِيظة الْخُفِّ
؛ اسْتَعَارَ خُفَّ الْبَعِيرِ لِقِدَمِ الإِنسان مَجَازًا، والخُفّ فِي الأَرض أَغلظ مِنَ النَّعْل؛ وأَما قَوْلُ الرَّاجِزِ:
يَحْمِلُ، فِي سَحْقٍ مِنَ الخِفافِ،
…
تَوادِياً سُوِّينَ مِنْ خِلافِ
فَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ كِنْفاً اتُّخِذَ مِنْ ساقِ خُفٍّ. والخُفُّ: الَّذِي يُلْبَس، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَخْفافٌ وخِفافٌ. وتخَفَّفَ خُفّاً: لَبِسه. وَجَاءَتِ الإِبلُ عَلَى خُفّ وَاحِدٍ إِذَا تَبِعَ بَعْضُهَا بَعْضًا كأَنها قِطارٌ، كلُّ بَعِيرٍ رأْسُه عَلَى ذَنَبِ صَاحِبِهِ، مَقْطُورَةً كَانَتْ أَو غَيْرَ مَقْطُورَةٍ. وأَخَفَّ الرجلَ: ذَكَرَ قَبِيحَهُ وعابَه. وخَفّانُ: مَوْضِعٌ أَشِبُ الغِياضِ كَثِيرُ الأُسد؛ قَالَ الأَعشى:
وَمَا مُخْدِرٌ وَرْدٌ عَلَيْهِ مَهابةٌ،
…
أَبو أَشْبُلٍ أَضْحى بخَفّانَ حارِدا
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مأْسَدة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
شَرَنْبَث أَطْرافِ البَنانِ ضُبارِمٌ،
…
هَصُورٌ لَهُ فِي غِيلِ خَفّانَ أَشْبُلُ
والخُفّ: الجمَل المُسِنّ، وَقِيلَ: الضخْم؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
سأَلْتُ عَمْراً بَعْدَ بَكْرٍ خُفّا،
…
والدَّلْوُ قَدْ تُسْمَعُ كيْ تَخِفّا
وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ حَمْيِ الأَراك إِلَّا مَا لَمْ تَنَلْه أَخْفافُ الإِبل
أَي مَا لَمْ تَبْلُغْه أَفواهُها بِمَشْيِهَا إِلَيْهِ.
وَقَالَ الأَصمعي: الخُف الْجَمَلُ المُسِنُّ، وَجَمْعُهُ أَخفاف، أَي مَا قَرُب مِنَ المَرْعى لَا يُحْمى بَلْ يُتْرَكُ لمَسانِّ الإِبل وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنَ الضّعافِ الَّتِي لَا تَقْوى عَلَى الإِمعان فِي طلَبِ المَرْعَى. وخُفافٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ خُفافُ بْنُ نُدْبةَ السُّلمي أَحد غِرْبانِ الْعَرَبِ. والخَفْخَفَةُ: صوتُ الحُبارى والضَّبُعِ والخِنْزيرِ، وَقَدْ خَفْخَفَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
لَعَنَ الإِلهُ سِبالَ تَغْلِبَ إنَّهم
…
ضُرِبوا بكلِّ مُخَفْخِفٍ حَنّان
وَهُوَ الخُفَاخِفُ. والخَفْخَفَةُ أَيضاً: صوتُ الثَّوْبِ الْجَدِيدِ أَو الفَرْو الْجَدِيدِ إِذَا لُبِس وحرَّكْتَه. ابْنُ الأَعرابي: خَفْخَفَ إِذَا حرَّك قميصَه الْجَدِيدَ فَسَمِعْتَ لَهُ خَفْخَفَةً أَي صَوْتًا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا تَكُونُ الخَفْخَفةُ إِلَّا بَعْدَ الجَفْجَفةِ، والخَفْخَفة أَيضاً: صَوْتُ الْقِرْطَاسِ إِذَا حرَّكْتَه وقلَبته. وَإِنَّهَا لخَفْخافةُ الصَّوْتِ أَي كأَن صَوْتَهَا يَخْرُجُ مِنْ أَنفها. والخُفْخُوفُ: طَائِرٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ أَبي الخَطاب الأَخفش، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ، قَالَ: وَلَا ذَكَرَهُ أَحد مِنْ أَصحابنا. الْمُفَضَّلُ: الخُفْخُوفُ الطَّائِرِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ المِيساقُ، وَهُوَ الَّذِي يُصَفِّقُ بِجَنَاحَيْهِ إِذَا طار.
خلف: اللَّيْثُ: الخَلْفُ ضِدُّ قُدّام. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: خَلْفٌ نَقِيضُ قُدَّام مُؤَنَّثَةٌ وَهِيَ تَكُونُ اسْمًا وظَرفاً، فَإِذَا كَانَتِ اسْمًا جَرت بِوُجُوهِ الإِعراب، وَإِذَا كَانَتْ ظَرْفًا لَمْ تَزَلْ نَصْبًا عَلَى حَالِهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ*
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: خَلْفَهُمْ مَا قَدْ وَقَعَ مِنْ أَعمالهم وَمَا بَيْنَ أَيديهم مِنْ أَمرِ الْقِيَامَةِ وَجَمِيعِ مَا يَكُونُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ
؛ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ مَا أَسْلَفْتُم مِنْ ذُنوبكم، وَما خَلْفَكُمْ
مَا تَسْتَعْمِلُونَهُ فِيمَا تَسْتَقْبِلُونَ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ مَا نَزَلَ بالأُمم قَبْلَكُمْ مِنَ الْعَذَابِ، وَما خَلْفَكُمْ
عذابُ الْآخِرَةِ. وخَلَفَه يَخْلُفه: صَارَ خَلْفَه. واخْتَلَفَه: أَخذَه مِنْ خَلْفِه. واخْتَلَفَه وخَلَّفَه وأَخْلَفه: جَعَلَهُ خَلْفَه؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
حَتَّى إِذَا عَزَلَ التَّوائمَ مُقْصِراً،
…
ذاتَ العِشاء، وأَخْلَفَ الأَرْكاحا
وجَلَسْتُ خَلْفَ فُلَانٍ أَي بعدَه. والخَلْفُ: الظَهْر. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: جئتُ فِي الْهَاجِرَةِ فوجدْتُ عمرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، يُصَلِّي فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فأَخْلَفَني، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَجَاءَ يَرْفَأُ، فتأَخَّرْتُ فصيلتُ خَلْفُه
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُهُ فأَخلفني أَي رَدَّني إِلَى خَلْفِه فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَو جَعَلَنِي خَلْفَه بحِذاء يَمِينِهِ. يُقَالُ: أَخْلَفَ الرجلُ يدَه أَي رَدَّها إِلَى خَلْفِه. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَلْحَحْتُ عَلَى فُلَانٍ فِي الاتِّباع حَتَّى اخْتَلَفْتُه أَي جَعَلْتُهُ خَلْفي؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ يَخْتَلِفُني النصيحةَ أَي يخْلُفني. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: أَتَخَلَّفُ عَنْ هِجْرتي
؛ يُرِيدُ خَوْفَ الْمَوْتِ بِمَكَّةَ لأَنها دَارٌ تَرَكُوهَا لِلَّهِ تَعَالَى، وهاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ يُحِبُّوا أَن يَكُونَ مَوْتُهُمْ بِهَا، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ مَرِيضًا. والتخلُّفُ: التأَخُّرُ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: فخَلَّفَنا فكُنّا آخِر الأَربع
أَي أَخَّرَنا وَلَمْ يُقَدِّمْنا، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ ليَمُرُّ بجَنَباتهم فَمَا يُخَلِّفُهم
أَي يتقدَّم عَلَيْهِمْ وَيَتْرُكُهُمْ وَرَاءَهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
سَوُّوا صُفوفَكم وَلَا تَخْتَلِفوا فتَخْتَلِفَ قلوبُكم
أَي إِذَا تقدَّم بعضُهم عَلَى بَعْضٍ فِي الصُّفوف تأَثَّرَت قُلوبهم ونشأَ بَيْنَهُمُ الخُلْفُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَتُسَوُّنَّ صُفوفَكم أَو لَيُخالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكم
؛ يُرِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَصْرِفُ وجهَه عَنِ الْآخَرِ ويُوقَعُ بَيْنَهُمُ التباغُضُ، فإنَّ إقْبالَ الوجْهِ عَلَى الوجهِ مِنْ أَثَرِ المَوَدَّةٍ والأُلْفةِ، وَقِيلَ: أَراد بِهَا تحويلَها إِلَى الأَدْبارِ، وَقِيلَ: تَغْيِيرُ صُوَرِها إِلَى صُوَرٍ أُخرى. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
ثُمَّ أُخالِفَ إِلَى رِجَالٍ فأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بيوتَهم
أَي آتِيَهم مِنْ خَلْفِهِمْ، أَو أُخالف مَا أَظْهَرْتُ مِنْ إقامةِ الصلاةِ وأَرجع إِلَيْهِمْ فآخُذهم عَلَى غَفْلةٍ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى أَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ بمُعاقبتهم. وَفِي حَدِيثِ السَّقِيفةِ:
وخالَف عَنّا عليٌّ والزُّبَيْرُ
أَي تَخَلَّفا. والخَلْفُ: المِرْبَدُ يَكُونُ خَلْفَ الْبَيْتِ؛ يُقَالُ: وَرَاءَ بَيْتِكَ خَلْفُ جَيِّدٌ، وَهُوَ المِرْبَدُ وَهُوَ مَحْبِسُ الإِبل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وجِيئا مِنَ البابِ المُجافِ تَواتُراً،
…
وَلَا تَقْعُدا بالخَلْفِ، فالخَلْفُ واسِعُ «1»
وأَخْلَفَ يدَه إِلَى السيفِ إِذَا كَانَ مُعَلَّقاً خَلْفَه فَهَوَى إِلَيْهِ. وَجَاءَ خِلافَه أَي بَعْدَهُ. وَقُرِئَ:
وَإِذَا لَا يَلْبَثُون خَلفَكَ إِلَّا قَلِيلًا
، وخِلافك. والخِلْفةُ: مَا عُلِّقَ خَلْفَ الرَّاكِبِ؛ وَقَالَ:
كَمَا عُلِّقَتْ خِلْفَةُ المَحْمِلِ
وأَخْلَف الرجلُ: أهْوَى بيدِه إِلَى خَلْفِه ليأْخُذَ مِنْ رَحْلِه سَيْفًا أَو غيرَه، وأَخْلَفَ بيدِه وأَخْلفَ يدَه كَذَلِكَ. والإِخْلافُ: أَن يَضْرِبَ الرجُل يَدَهُ إِلَى قِرابِ سيفِه ليأْخُذَ سيفَه إِذَا رأَى عَدُوًّا. الْجَوْهَرِيُّ: أَخْلَفَ الرجلُ إِذَا أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى سَيْفِهِ ليَسُلَّه. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَن رَجُلًا أَخْلَفَ السَّيْفَ يَوْمَ بَدْرٍ «2» .
يُقَالُ: أَخْلَفَ يَدَهُ إِذَا أَراد سَيْفَهُ وأَخْلفَ يدَه إِلَى الكنانةِ. وَيُقَالُ: خَلَفَ لَهُ بالسيفِ إِذَا جَاءَ مِنْ وَرائه فضرَبه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَخْلَفَ بِيَدِهِ وأَخذ يَدْفَعُ الفَضْلَ.
واسْتَخْلَفَ فُلَانًا مِنْ فُلَانٍ: جَعَلَهُ مَكَانَهُ. وخَلَفَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا كَانَ خَلِيفَتَه. يُقَالُ: خَلَفَه فِي قَوْمِهِ خِلافَةً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي
. وخَلَفْتُه أَيضاً إِذَا جِئْتُ بَعْدَهُ. وَيُقَالُ: خَلَّفْتُ فُلَانًا أُخَلِّفُه تَخْلِيفاً واسْتَخْلفْتُه أَنا جَعَلتُه خَليفَتي. واسْتَخْلفه: جَعَلَهُ خَلِيفَةً. والخَلِيفةُ: الَّذِي يُسْتخْلَفُ مِمَّنْ قَبْلَهُ، والجمع خَلَائِف، جاؤوا بِهِ عَلَى الأَصل مِثْلَ كريمةٍ وكرائِمَ، وَهُوَ الخَلِيفُ وَالْجَمْعُ خُلَفَاء، وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ خَلِيفةٌ وخُلَفَاء، كَسَّروه تَكْسِيرَ فَعِيلٍ لأَنه لَا يَكُونُ إِلَّا لِلْمُذَكَّرِ؛ هَذَا نَقْلُ ابْنِ سِيدَهْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَعِيلة بِالْهَاءِ لَا تُجْمَعُ عَلَى فُعَلاء، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما خَلائِفُ فَعَلَى لَفْظِ خَلِيفةٍ وَلَمْ يَعْرِفْ خَلِيفًا، وَقَدْ حَكَاهُ أَبو حَاتِمٍ؛ وأَنشد لأَوْس بْنِ حَجَر:
إنَّ مِنَ الْحَيِّ مَوْجُودًا خَلِيفَتُهُ،
…
وَمَا خَلِيفُ أَبِي وَهْبٍ بمَوْجُودِ
والخِلافَةُ: الإِمارةُ وَهِيَ الخِلِّيفَى. وإنه لخَلِيفةٌ
(1). قوله [وجيئا إلخ] تقدم إنشاده للمؤلف وشارح القاموس في مادّة جوف:
وجئنا مِنَ الْبَابِ الْمُجَافِ تَوَاتُرًا
…
وَإِنْ تَقْعُدَا بِالْخَلْفِ فَالْخَلْفُ وَاسِعُ
(2)
. قوله [أخلف السيف يوم إلخ] كذا بالأصل، والذي في النهاية مع إصلاح فِيهَا: وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فأحاطوا بنا وأنا أذب عنه فأخلف رجل بالسيف يوم بدر.
يقال إلخ.
بَيِّنُ الخِلافةِ والخِلِّيفى. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: لَوْلَا الخِلِّيفَى لأَذَّنْتُ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَوْ أَطَقْتُ الأَذَان مَعَ الخِلّيفى
، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ والقَصْر، الخِلافةِ، وَهُوَ وأَمثاله مِنَ الأَبْنِيَةِ كالرِّمِّيَّا والدِّلِّيلَى مَصْدَرٌ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْكَثْرَةِ، يُرِيدُ بِهِ كَثْرَةَ اجتِهاده فِي ضَبْطِ أُمورِ الخِلافَةِ وتَصْرِيفِ أَعِنَّتِها. ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ الزَّجَّاجُ جَازَ أَنْ يُقَالَ للأَئمة خُلفاء اللَّهِ فِي أَرْضِه بقوله عز وجل: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ
. وَقَالَ غَيْرُهُ: الخَليفةُ السلطانُ الأَعظم. وَقَدْ يؤنَّثُ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
أَبوكَ خَلِيفةٌ وَلَدَتْه أُخْرَى،
…
وأَنتَ خَليفةٌ، ذاكَ الكَمالُ
قَالَ: وَلَدَتْهُ أُخْرَى لتأْنيث اسْمِ الْخَلِيفَةِ وَالْوَجْهُ أَن يَكُونَ وَلَدَهُ آخَرُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ
، قَالَ: جَعَلَ أُمة مُحَمَّدٍ خَلَائِفَ كلِّ الأُمم، قَالَ: وَقِيلَ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ*
يَخْلُفُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: فَإِنَّهُ وقَعَ لِلرِّجَالِ خَاصَّةً، والأَجْوَدُ أَن يُحْمَل عَلَى مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَقَعُ لِلرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ الْهَاءُ، أَلا تَرَى أَنهم قَدْ جَمَعُوهُ خُلَفَاء؟ قَالُوا ثلاثةُ خُلَفَاء لَا غَيْرَ، وَقَدْ جُمعَ خَلائِفَ، فَمَنْ قَالَ خَلَائِفَ قَالَ ثلاثَ خَلَائِفَ وَثَلَاثَةَ خَلَائِفَ، فمرَّة يَذْهَب بِهِ إِلَى الْمَعْنَى ومرَة يَذْهَبُ بِهِ إِلَى اللَّفْظِ، قَالَ: وَقَالُوا خُلَفَاء مِنْ أَجل أَنه لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى مُذَكَّرٍ وَفِيهِ الْهَاءُ، جَمَعُوهُ عَلَى إِسْقَاطِ الْهَاءِ فَصَارَ مِثْلَ ظَرِيفٍ وظُرَفاء لأَن فَعِيلة بِالْهَاءِ لَا تُجمَعُ عَلَى فُعلاء. ومِخْلافُ البلدِ: سُلطانُه. ابْنُ سِيدَهْ: والمِخْلافُ الكُورةُ يَقْدَمُ عَلَيْهَا الإِنسان، وَهُوَ عِنْدَ أَهل الْيَمَنِ واحِدُ المَخالِيفُ، وَهِيَ كُوَرُها، ولكلِّ مِخْلافٍ مِنْهَا اسْمٌ يُعْرَفُ بِهِ، وَهِيَ كالرُسْتاقِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المَخالِيفُ لأَهل الْيَمَنِ كالأَجْنادِ لأَهل الشامِ، والكورِ لأَهل العِراقِ، والرَّساتِيقِ لأَهل الجِبالِ، والطّساسِيج لأَهْلِ الأَهْوازِ. والخَلَفُ: مَا اسْتَخْلَفْتَه مِنْ شَيْءٍ. تَقُولُ: أَعطاك اللَّهُ خَلَفاً مِمَّا ذَهَبَ لَكَ، وَلَا يُقَالُ خَلْفاً؛ وأَنتَ خَلْفُ سُوءٍ مِنْ أَبيك. وخَلَفَه يَخْلُفُه خَلَفاً: صَارَ مَكَانَهُ. والخَلَفُ: الْوَلَدُ الصَّالِحُ يَبْقَى بَعْدَ الإِنسان، والخَلْفُ والخَالِفَةُ: الطَّالِحُ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَقَدْ يُسَمَّى خَلَفاً، بِفَتْحِ اللَّامِ، فِي الطَّلاحِ، وخَلْفاً، بإِسكانها، فِي الصّلاحِ، والأَوّلُ أَعْرَفُ. يُقَالُ: إِنَّهُ لخالِفٌ بَيِّنُ الخَلافةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى اللِّحْيَانِيَّ حَكَى الكسْر. وَفِي هَؤُلَاءِ القَوْمِ خَلَفٌ مِمَّنْ مَضى أَي يَقُومُونَ مَقامهم. وَفِي فُلَانٍ خَلَفٌ مِنْ فُلَانٍ إِذَا كَانَ صَالِحًا أَو طَالِحًا فَهُوَ خَلَفٌ. وَيُقَالُ: بئسَ الخَلَفُ هُمْ أَي بِئْسَ البَدَلُ. والخَلْفُ: القَرْن يأْتي بَعْدَ القَرْن، وَقَدْ خلَفوا بَعْدَهُمْ يخلُفون. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ
، بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ لأَنهم إِذَا أَضاعوا الصلاةَ فَهُمْ خَلْفُ سُوء لَا مَحالةَ، وَلَا يكونُ الخَلَفُ إلَّا مِنَ الأَخْيارِ، قَرْناً كَانَ أَو ولَداً، ولا يكونُ الخَلْفُ إلا مِنَ الأَشرارِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ
، قَالَ: قَرْنٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الخَلَفُ يَكُونُ فِي الخَير وَالشَّرِّ، وَكَذَلِكَ الخَلْفُ، وَقِيلَ: الخَلْفُ الأَرْدِياء الأَخِسَّاء. يُقَالُ: هَؤُلَاءِ خَلْفُ سوءٍ لناسٍ لاحِقِينَ بِنَاسٍ أَكثر مِنْهُمْ، وَهَذَا خَلْف سَوْء؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ذَهَبَ الذينَ يُعاشُ فِي أَكنافِهمْ،
…
وبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كجِلْدِ الأَجربِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَالْجَمْعُ فِيهِمَا أَخْلافٌ وخُلُوفٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بقِينا فِي خَلْفِ سَوْءٍ أَي بَقِيَّةِ سَوْء. وَبِذَلِكَ فُسِّرَ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ*
، أَي بَقِيّة. أَبو الدُّقَيْشِ: يُقَالُ مَضَى خَلْفٌ مِنَ النَّاسِ، وَجَاءَ خَلْفٌ مِنَ النَّاسِ، وَجَاءَ خَلْفٌ لَا خيرَ فِيهِ، وخَلْفٌ صَالِحٌ، خفَّفهما جَمِيعًا. ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَ هَذَا خَلْفٌ، بإِسكان اللَّامِ، للرَّديء، والخَلْفُ الرَّديء مِنَ الْقَوْلِ؛ يُقَالُ: هَذَا خَلْفٌ مِنَ القولِ أَي رَديء. وَيُقَالُ فِي مَثَلٍ: سَكَتَ أَلفاً ونَطَقَ خَلْفاً، لِلرَّجُلِ يُطيل الصَّمْتَ، فَإِذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بالخَطإ، أَي سَكَتَ عَنْ أَلف كَلِمَةٍ ثُمَّ تَكَلَّمَ بخطإٍ. وَحُكِيَ عَنْ يَعْقُوبَ قَالَ: إِنَّ أَعرابيّاً ضَرطَ فتَشَوَّر فأَشار بِإِبْهَامِهِ نَحْوَ اسْتِه فَقَالَ: إِنَّهَا خَلْفٌ نَطَقَتْ خَلْفاً؛ عَنَى بالنُّطْق هَاهُنَا الضَّرْطَ. والخَلَف، مَثَقَّل، إِذَا كَانَ خلَفاً مِنْ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ مَرْفُوعٍ:
يَحْمِلُ هَذَا العِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُه يَنْفُون عَنْهُ تَحْريفَ الغالِينَ، وانْتِحالَ المُبْطِلينَ، وتأويلَ الجاهِلينَ
؛ قَالَ الْقَعْنَبِيُّ: سَمِعْتُ رَجُلًا يُحَدِّثُ مالكَ بْنَ أَنس بِهَذَا الْحَدِيثِ فأَعجبه. قَالَ ابْنُ الأَثير: الخَلَفُ، بِالتَّحْرِيكِ وَالسُّكُونِ، كُلُّ مَنْ يَجِيءُ بَعْدَ مَنْ مَضَى، إِلَّا أَنه بِالتَّحْرِيكِ فِي الْخَيْرِ، وَبِالتَّسْكِينِ فِي الشَّرِّ: يُقَالُ خَلَفُ صِدْقٍ وخَلْفُ سُوءٍ، وَمَعْنَاهُمَا جَمِيعًا القَرْن مِنَ النَّاسِ، قَالَ: وَالْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ المَفْتُوحُ، وَمِنَ السُّكُونِ الْحَدِيثُ:
سيكُونُ بَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً خَلْفٌ أَضاعُوا الصلاةَ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ
«1» ؛ خُلوفٌ هِيَ جَمْعٌ خَلْفٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلْيَنْفُضْ فِراشَه فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَه عَلَيْهِ
أَي لَعَلَّ هامَّة دَبَّتْ فَصَارَتْ فِيهِ بَعْدَهُ، وخِلافُ الشَّيْءِ بعدَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فدخَل ابنُ الزُّبَيْرِ خِلافَه.
وَحَدِيثُ الدَّجّال:
قَدْ خَلَفَهم فِي ذَرارِيِّهم
«2» . وَحَدِيثُ
أَبي اليَسَرِ: أَخَلَفْتَ غازِياً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي أَهلِه بِمِثْلِ هَذَا؟
يُقَالُ: خَلَفْتُ الرجلَ فِي أَهله إِذَا أَقمتَ بعدَه فِيهِمْ وَقُمْتَ عَنْهُ بِمَا كَانَ يَفْعَلُهُ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلِاسْتِفْهَامِ. وَفِي حَدِيثِ
ماعزٍ: كلَّما نَفَرْنا فِي سبيلِ اللَّهِ خَلَفَ أَحدُهم لَهُ نَبيبٌ كنَبِيبِ التَّيْسِ
؛ وَفِي حَدِيثِ
الأَعشى الحِرْمازِي:
فَخَلَفَتْني بنِزاعٍ وحَرَبْ
أَي بَقِيَتْ بَعْدِي؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَوْ رُوِيَ بِالتَّشْدِيدِ لَكَانَ بِمَعْنَى تَرَكَتْني خَلْفها، والحَرَبُ: الْغَضَبُ. وأَخْلَفَ فُلَانٌ خَلَفَ صِدْقٍ فِي قَوْمِهِ أَي ترَكَ فِيهِمْ عَقِباً. وأَعْطِه هَذَا خَلَفاً مِنْ هَذَا أَي بَدَلًا. والخَالِفةُ: الأُمّةُ الباقيةُ بَعْدَ الأُمة السالِفةِ لأَنها بَدَلٌ مِمَّنْ قَبْلَهَا؛ وأَنشد:
كَذَلِكَ تَلْقاه القُرون الخَوالِفُ
وخلَفَ فُلَانٌ مكانَ أَبيه يَخْلُف خِلافةً إِذَا كَانَ فِي مَكَانِهِ وَلَمْ يَصِرْ فِيهِ غيرُه. وخَلَفَه رَبُّه فِي أَهلِه وولدِه: أَحْسَنَ الخِلافةَ، وخَلَفَه فِي أَهله وولدِه ومكانِه يَخْلُفُه خِلافةً حسَنةً: كَانَ خَلِيفةً عَلَيْهِمْ مِنْهُ، يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: أَوْصى لَهُ بالخِلافةِ. وَقَدْ خَلَّف فُلَانٌ فُلَانًا يُخَلِّفُه تَخْلِيفاً، وخَلَفَ بَعْدَهُ يَخْلُفُ خُلوفاً، وَقَدْ خَالَفَه إِلَيْهِمْ واخْتَلَفه. وَهِيَ الخِلْفةُ؛ وأَخْلَفَ النباتُ: أَخرج الخِلْفةَ.
(1). قوله [تخلف من بعدهم] في النهاية: تختلف من بعده.
(2)
. قوله [ذراريهم] في النهاية: ذريتهم.
وأخْلَفَتِ الأَرضُ إِذَا أَصابَها بَرْد آخِر الصَّيْفِ فيَخْضَرُّ بعضُ شَجرِها. والخِلْفة: زِراعةُ الْحُبُوبِ لأَنها تُسْتَخْلَفُ مِنَ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ. والخِلْفةُ: نَبْتٌ يَنْبُتُ بَعْدَ النَّبَاتِ الَّذِي يَتَهَشَّم. والخِلْفةُ: مَا أَنبت الصَّيْفُ من العُشْبِ بعد ما يَبِسَ العُشْبُ الرِّيفِيُّ، وَقَدِ اسْتَخْلَفَتِ الأَرض، وَكَذَلِكَ مَا زُرع مِنَ الحُبوب بَعْدَ إِدراك الأُولى خِلْفَةٌ لأَنها تُسْتَخْلَفُ. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: خيرُ المَرْعى الأَراكُ والسَّلَمُ إِذا أَخْلَفَ كَانَ لَجِيناً
أَي إِذا أَخرج الخِلْفَة، وَهُوَ الْوَرَقُ الَّذِي يُخْرَجُ بَعْدَ الورَق الأَوَّل فِي الصَّيْفِ. وَفِي حَدِيثِ
خُزيمةَ السُّلمي: حَتَّى آلَ السُّلامى وأَخْلَفَ الخُزامى
أَي طَلَعَتْ خِلْفَتُه مِنْ أُصولِه بِالْمَطَرِ. والخِلْفةُ: الرّيحةُ وَهِيَ مَا يَنْفَطِرُ عَنْهُ الشَّجَرُ فِي أَوَّل الْبَرْدِ، وَهُوَ مِنَ الصَّفَرِيَّةِ. والخِلْفةُ: نباتُ ورَقٍ دُونَ وَرَقٍ. والخِلْفةُ: شَيْءٌ يَحْمِلُه الكَرْمُ بعد ما يَسْوَدُّ العِنَبُ فيُقْطَفُ الْعِنَبُ وَهُوَ غَضٌّ أَخْضَرُ ثُمَّ يُدْرِك، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنْ سَائِرِ الثَّمر. والخِلفَةُ أَيضاً: أَن يأْتيَ الكَرْمُ بحِصْرِمٍ جديدٍ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وخِلْفَةُ الثَّمر: الشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ. والإِخْلَافُ: أَن يَكُونَ فِي الشَّجَرِ ثَمَر فَيَذْهَبُ فَالَّذِي يعُود فِيهِ خِلْفةٌ. وَيُقَالُ: قَدْ أَخْلَفَ الشجرُ فَهُوَ يُخْلِفُ إخْلافاً إِذَا أَخرج وَرَقًا بَعْدَ وَرَقٍ قَدْ تَنَاثَرَ. وخِلْفة الشَّجَرِ: ثَمَرٌ يَخْرُجُ بَعْدَ الثَّمَرِ الْكَثِيرِ. وأَخْلَفَ الشجرُ: خَرَجَتْ لَهُ ثَمَرَةٌ بَعْدَ ثَمَرَةٍ. وأَخْلَفَ الطَّائِرُ: خَرَجَ لَهُ ريشٌ بَعْدَ رِيشٍ. وخَلَفَتِ الفاكهةُ بعضُها بَعْضًا خَلَفاً وخِلْفَةً إِذَا صَارَتْ خَلَفاً مِنَ الأُولى. وَرَجُلَانِ خِلْفَةٌ: يَخْلُفُ أَحدُهما الْآخَرَ. والخِلْفَةُ: اخْتِلَافُ الليلِ وَالنَّهَارِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً
؛ أَي هَذَا خَلَفٌ مِنْ هَذَا، يذهَب هَذَا وَيَجِيءُ هَذَا؛ وأَنشد لِزُهَيْرٍ:
بِهَا العِينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً،
…
وأَطْلاؤُها يَنْهَضْنَ مِنْ كلِّ مَجْثَمِ
وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِ زُهَيْرٍ يَمْشِينَ خِلْفَةً مُخْتَلِفاتٌ فِي أَنها ضَرْبان فِي أَلْوَانِهَا وَهَيْئَتِهَا، وَتَكُونُ خِلْفَة فِي مِشْيَتِها، تَذْهَبُ كَذَا وَتَجِيءُ كَذَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى خَلْفِهِ*
أَي مَن فَاتَهُ عَمَلُ في اللَّيْلِ اسْتَدْرَكَهُ فِي النَّهَارِ فَجَعَلَ هَذَا خلَفاً مِنْ هَذَا. وَيُقَالُ: عَلَيْنَا خِلْفَةٌ مِنْ نَهَارٍ أَي بَقِيَّةٌ، وبَقِيَ فِي الحَوْضِ خِلْفَةٌ مِنْ مَاءٍ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ يَجِيءُ بَعْدَ شَيْءٍ، فَهُوَ خِلْفَة. ابْنُ الأَعرابي: الخِلْفَة وَقْت بَعْدَ وَقْتٍ. والخَوالِفُ: الَّذِينَ لَا يَغْزُون، وَاحِدُهُمْ خَالِفَةٌ كأَنهم يَخْلُفُون مَنْ غَزَا. والخَوَالِفُ أَيضاً: الصِّبْيانُ المُتَخَلِّفُون. وقَعَدَ خِلافَ أَصحابه: لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمْ، وخَلَفَ عَنْ أَصحابه كَذَلِكَ. والخِلافُ: المُخالَفةُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: سُرِرْتُ بمَقْعَدِي خِلافَ أَصحابي أَي مُخالِفَهم، وخَلْفَ أَصحابي أَي بعدَهم، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سُرِرْتُ بمُقامي بعدَهم وبعدَ ذَهَابِهِمْ. ابْنُ الأَعرابي: الخَالِفَةُ القاعدِةُ مِنَ النِّسَاءِ فِي الدَّارِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذاً لَا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا
، ويقرأُ خَلْفَك وَمَعْنَاهُمَا بعدَك. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ
، ويقرأُ خَلْفَ رسولِ اللَّهِ أَي مُخالَفةَ رسولِ اللَّهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: خِلافَ
فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى بعد؛ وأَنشد للحرِثِ بْنِ خالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ:
عَقَبَ الرَّبيعُ خِلافَهم، فكأَنَّما
…
نَشَطَ الشَّواطِبُ بَيْنَهُنَّ حَصِيرا
قَالَ: وَمِثْلُهُ لمُزاحِمٍ العُقَيْلِي:
وَقَدْ يَفْرُطُ الجَهْل الفَتى ثُمَّ يَرْعَوِي،
…
خِلافَ الصِّبا، للجاهلينَ حُلوم
قَالَ: وَمِثْلُهُ لِلْبَرِيقِ الْهُذَلِيِّ:
وَمَا كنتُ أَخْشى أَن أَعِيشَ خِلافَهم،
…
بسِتَّةِ أَبْياتٍ، كَمَا نَبَتَ العِتْرُ
وأَنشد لأَبي ذُؤَيْبٍ:
فأَصْبَحْتُ أَمْشِي فِي دِيارٍ كأَنَّها،
…
خِلافَ دِيارِ الكاهِلِيّةِ، عُورُ
وأَنشد لِآخَرَ:
فقُلْ لِلَّذِي يَبْقَى خِلافَ الَّذِي مضَى:
…
تَهَيّأْ لأُخْرى مِثْلِها فكأَنْ قَدِ «1»
وأَنشد لأَوْس:
لَقِحَتْ بِهِ لِحَياً خِلافَ حِيالِ
أَي بَعدَ حِيالِ؛ وأَنشد لمُتَمِّم:
وفَقْدَ بَني آمٍ تَداعَوْا فَلَمْ أَكُنْ،
…
خِلافَهُمُ، أَن أَسْتَكِينَ وأَضْرَعا
وَتَقُولُ: خَلَّفْتُ فُلَانًا وَرَائِي فَتَخَلَّفَ عَنِّي أَي تأَخَّر، والخُلُوفُ: الحُضَّرُ والغُيَّبُ ضِدٌّ. وَيُقَالُ: الحيُّ خُلوفٌ أَي غُيَّبٌ، والخُلوفُ الحُضُورُ المُتَخَلِّفُون؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:
أَصْبَحَ البَيْتُ بَيْتُ آلِ بَيانٍ
…
مُقْشَعِرًّا، والحيُّ حَيٌّ خُلُوفُ
أَي لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحد؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِهِ:
أَصْبَحَ البيْتُ بَيْتُ آلِ إياسٍ
لأَن أَبا زُبَيْدٍ رَثَى فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ فَرْوَة بْنَ إياسِ بْنِ قَبيصةَ وَكَانَ مَنْزِلُهُ بِالْحِيرَةِ. والخَلِيفُ: المتَخَلِّفُ عَنِ المِيعاد؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تَواعَدْنا الرُّبَيْقَ لنَنْزِلَنْهُ،
…
وَلَمْ تَشْعُرْ إِذًا أَني خَلِيفُ
والخَلْفُ والخِلْفَةُ: الاسْتِقاء وَهُوَ اسْمٌ مِنَ الإِخْلافِ. والإِخْلافُ: الاسْتِقاء. والخَالِفُ: المُسْتَقِي. والمُسْتَخْلِفُ: المُسْتَسْقِي؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومُسْتَخْلِفاتٍ مِنْ بلادِ تَنُوفةٍ،
…
لِمُصْفَرَّةِ الأَشْداقِ، حُمْرِ الحَواصِلِ
وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
لِزُغْبٍ كأَوْلادِ القَطا راثَ خَلْفُها
…
عَلَى عاجِزاتِ النَّهْضِ، حُمْرٍ حَواصلُهْ
يَعْنِي راثَ مُخْلِفُها فوضَع المَصْدَرَ مَوْضِعَهُ، وَقَوْلُهُ حواصِلُه قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَراد حَوَاصِلَ مَا ذَكَرْنَا، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْهَاءُ تَرْجِعُ إِلَى الزُّغْبِ دُون العاجِزاتِ الَّتِي فِيهِ عَلَامَةُ الْجَمْعِ، لأَن كُلَّ جَمْعٍ بُني عَلَى صُورَةِ الْوَاحِدِ سَاغَ فِيهِ تَوَهُّم الْوَاحِدِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
مِثْل الفِراخِ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ
لأَن الْفِرَاخَ لَيْسَ فِيهِ عَلَامَةُ الْجَمْعِ وَهُوَ عَلَى صُورَةِ الْوَاحِدِ كالكِتاب والحِجاب، وَيُقَالُ: الْهَاءُ تَرْجِعُ إِلَى النَّهْضِ وَهُوَ مَوْضِعٌ فِي كَتِف الْبَعِيرِ فَاسْتَعَارَهُ لِلْقَطَا، وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ هَذَا الْحَرْفَ بِكَسْرِ الْخَاءِ وقال:
(1). قوله [يبقى] في شرح القاموس: يبغي.
الخِلْفُ الاسْتِقاءُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي مَا قَالَ أَبو عَمْرٍو إِنَّهُ الخَلْف، بِفَتْحِ الْخَاءِ، قَالَ: وَلَمْ يَعْزُ أَبو عُبَيْدٍ مَا قَالَ فِي الخِلف إِلَى أَحد. واسْتَخْلَفَ المُسْتَسْقي، والخَلْفُ الِاسْمُ مِنْهُ. يُقَالُ: أَخْلَفَ واسْتَخْلَفَ. والخَلْفُ: الحَيُّ الَّذِينَ ذهَبوا يَسْتَقُون وخَلَّفُوا أَثقالهم. وَفِي التَّهْذِيبِ: الخَلْفُ القوم الذين ذَهَبُوا مِنَ الْحَيِّ يَسْتَقُونَ وخلَّفوا أَثقالهم. واسْتَخْلَفَ الرجلُ: اسْتَعْذَب الْمَاءَ. واسْتَخْلَفَ واخْتَلَفَ وأَخْلَفَ: سَقَاهُ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
سَقاها فَروّاها مِنَ الْمَاءِ مُخْلِفُ
وَيُقَالُ: مِنْ أَين خِلْفَتُكم؟ أَي مِنْ أَين تَسْتَقُونَ. وأَخْلَفَ واسْتَخْلَفَ: اسْتَقَى. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَخْلَفْتُ القَومَ حَمَلت إِلَيْهِمُ الْمَاءَ العَذْب، وَهُمْ فِي رَبِيعٍ، لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ عَذْبٌ أَو يَكُونُونَ عَلَى مَاءٍ مِلْحٍ، وَلَا يَكُونُ الإِخْلافُ إِلَّا فِي الرَّبِيعِ، وَهُوَ فِي غَيْرِهِ مُسْتَعَارٌ مِنْهُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخِلْفُ والخِلْفَةُ مِنْ ذَلِكَ الِاسْمِ، والخَلْفُ الْمَصْدَرُ؛ لَمْ يَحْكِ ذَلِكَ غَيْرُ أَبي عُبَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراه مِنْهُ غَلَطًا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: ذَهَبَ المُستَخْلِفُونَ يسْتَقُون أَي الْمُتَقَدِّمُونَ. والخَلَفُ: العِوَضُ والبَدَلُ مِمَّا أُخذ أَو ذهَب. وأَخْلَفَ فُلَانٌ لِنَفْسِهِ إِذَا كَانَ قَدْ ذَهَبَ لَهُ شَيْءٌ فَجَعَلَ مَكَانَهُ آخَرَ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فأَخْلِفْ وأَتْلِفْ، إِنَّمَا المالُ عارةٌ،
…
وكُلْه مَعَ الدهْرِ الَّذِي هُوَ آكِلُه
يُقَالُ: اسْتَفِدْ خَلَفَ مَا أَتْلَفْتَ. وَيُقَالُ لِمَنْ هَلَكَ لَهُ مَنْ لَا يُعْتاضُ مِنْهُ كالأَب والأَمّ وَالْعَمِّ: خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَي كَانَ اللَّهُ عَلَيْكَ خَلِيفَةً، وخَلَفَ عَلَيْكَ خَيْرًا وَبِخَيْرٍ وأَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ خَيْرًا وأَخْلَفَ لَكَ خَيْرًا، وَلِمَنْ هَلَك لَهُ مَا يُعْتاض مِنْهُ أَو ذهَب مِنْ وَلَدٍ أَو مَالٍ: أَخْلَفَ اللَّهُ لَكَ وخَلَفَ لَكَ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ لِمَنْ ذَهَبَ لَهُ مَالٌ أَو وَلَدٌ أَو شَيْءٌ يُسْتَعاضُ: أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَي ردَّ عَلَيْكَ مثلَ مَا ذَهَبَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ هَلَكَ لَهُ وَالِدٌ أَو عَمٌّ أَو أَخ قُلْتَ: خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ، بِغَيْرِ أَلف، أَي كَانَ اللَّهُ خليفةَ والدِك أَو مَنْ فَقَدتَه عَلَيْكَ. وَيُقَالُ: خَلَفَ اللَّهُ لَكَ خَلَفاً بخَيْرٍ، وأَخْلَفَ عَلَيْكَ خَيْرًا أَي أَبْدَلَك بِمَا ذَهَبَ مِنْكَ وعَوّضك عَنْهُ؛ وَقِيلَ: يُقَالُ خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ إِذَا مَاتَ لَكَ مَيِّتٌ أَي كَانَ اللَّهُ خَليفَتَه عَلَيْكَ، وأَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَي أَبْدَلك. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
تَكَفَّل اللَّهُ للغازِي أَن يُخْلِفَ نَفَقَتَه.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ فِي الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ: اخْلُفْه فِي عَقِبِه
أَي كُنْ لَهُمْ بَعْدَهُ. وَحَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: اللَّهُمَّ اخْلُفْ لِي خَيْرًا مِنْهُ.
اليزِيدِيُّ: خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ خِلافة. الأَصمعي: خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ، إِذَا أَدخلت الْبَاءَ أَلْقَيْتَ الأَلف. وأَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَي أَبدل لَكَ مَا ذَهَبَ. وخَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَي كَانَ اللَّهُ خَلِيفَةَ والدِك عَلَيْكَ. والإِخْلافُ: أَن يُهْلِكَ الرجلُ شَيْئًا لِنَفْسِهِ أَو لِغَيْرِهِ ثُمَّ يُحْدِث مثلَه. والخَلْفُ: النَّسْلُ. والخَلَفُ والخَلْفُ: مَا جَاءَ مِنْ بعدُ. يُقَالُ: هُوَ خَلْفُ سَوء مِنْ أَبيه وخَلَفُ صِدْقٍ مِنْ أَبيه، بِالتَّحْرِيكِ، إِذَا قَامَ مَقامه؛ وَقَالَ الأَخفش: هُمَا سَوَاءٌ، مِنْهُمْ مَن يُحرّك، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَكِّنُ فِيهِمَا جَمِيعًا إِذَا أَضاف، وَمَنْ حَرَّكَ فِي خَلَفِ صدْق وَسَكَّنَ فِي الْآخَرِ فَإِنَّمَا أَراد الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إنَّا وجدْنا خَلَفاً، بئسَ الخَلَفْ
…
عَبْداً إِذَا مَا ناءَ بالحِمْلِ خَضَفْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشدهما الرِّياشِيُّ لأَعرابي يذُمُّ رَجُلًا اتَّخَذَ وَلِيمَةً، قَالَ: وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَن الخَلَف خَلَفُ الإِنسان الَّذِي يَخْلُفُه مِنْ بَعْدِهِ، يأْتي بِمَعْنَى الْبَدَلِ فَيَكُونُ خلَفاً مِنْهُ أَي بَدَلًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هَذَا خَلَفٌ مِمَّا أُخذ لَكَ أَي بَدَلٌ مِنْهُ، وَلِهَذَا جَاءَ مَفْتُوحَ الأَوسط لِيُكُونَ عَلَى مِثال الْبَدَلِ وَعَلَى مِثَالِ ضِدّه أَيضاً، وَهُوَ الْعَدَمُ والتَّلَفُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
اللَّهُمَّ أَعْطِ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً ولِمُمْسِكٍ تَلَفاً
أَي عِوَضاً، يُقَالُ فِي الْفِعْلِ مِنْهُ خَلَفَه فِي قَوْمِهِ وَفِي أَهله يَخْلُفُه خَلَفاً وخِلافَةً. وخَلَفَنِي فَكَانَ نِعْمَ الخَلَفُ أَو بِئْسَ الخَلَفُ؛ وَمِنْهُ خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ خَلَفاً وخِلافةً، وَالْفَاعِلُ مِنْهُ خَلِيفٌ وخَلِيفَةٌ، وَالْجَمْعُ خُلفاء وخَلائِفُ، فالخَلَفُ فِي قَوْلِهِمْ نِعْمَ الخَلَف وَبِئْسَ الخَلَف، وخَلَفُ صِدْقٍ وخَلَفُ سَوء، وخَلَفٌ صالحٌ وخَلَفٌ طالحٌ، هُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ مَنْ يَكُونُ خَلِيفَةً، وَالْجَمْعُ أَخْلافٌ كَمَا تَقُولُ بدَلٌ وأَبْدالٌ لأَنه بِمَعْنَاهُ. قَالَ: وَحَكَى أَبو زَيْدٍ هُمْ أَخْلافُ سَوْء جَمْعُ خَلَفٍ؛ قَالَ: وَشَاهِدُ الضَّمِّ فِي مُسْتَقْبل فِعْلِه قولُ الشمَّاخ:
تُصِيبُهُمُ وتُخْطِينا المَنايا،
…
وأَخْلُفُ فِي رُبُوعٍ عَنْ رُبُوعِ
قَالَ: وأَما الخَلْفُ، ساكِنَ الأَوسَط، فَهُوَ الَّذِي يَجيء بَعْدُ. يُقَالُ: خَلَفَ قومٌ بَعْدَ قَوْمٍ وسلطانٌ بَعْدَ سلطانٍ يَخْلُفُون خَلْفاً، فَهُمْ خَالِفون. تَقُولُ: أَنا خَالِفُه وخَالِفَتُه أَي جِئْتُ بَعْدَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن أَعرابيّاً سأَل أَبا بَكْرٍ، رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ: أَنتَ خَلِيفَةُ رسولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: لَا، قَالَ: فَمَا أَنت؟ قَالَ: أَنا الخَالِفةُ بعدَه.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الخَلِيفةُ مَن يَقُومُ مَقام الذَّاهِبِ ويَسُدُّ مَسَدَّه، وَالْهَاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ، وَجَمْعُهُ الخُلَفَاء عَلَى مَعْنَى التَّذْكِيرِ لَا عَلَى اللَّفْظِ مِثْلَ ظَريفٍ وظُرَفاء، وَيُجْمَعُ عَلَى اللَّفْظِ خَلائِفَ كظرِيفةٍ وظرائِفَ، فأَما الخَالِفَةُ، فَهُوَ الَّذِي لَا غَناء عِنْدَهِ وَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الخَالِف، وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ الخِلافِ وَهُوَ بَيِّنُ الخَلَافَةِ، بِالْفَتْحِ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ تواضُعاً وهَضماً مِنْ نَفْسِهِ حِين قَالَ لَهُ:
أَنتَ خَلِيفَةُ رسولِ اللَّهِ.
وَسَمِعَ الأَزهري بَعْضَ الْعَرَبِ، وَهُوَ صادِرٌ عَنْ مَاءٍ وَقَدْ سأَله إِنْسَانٌ عَنْ رَفيق لَهُ فَقَالَ: هُوَ خالِفتي أَي وارِدٌ بَعْدِي. قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الخالِفُ المُتَخَلِّف عَنِ الْقَوْمِ فِي الغَزْوِ وَغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ*
، قَالَ: فَعَلَى هَذَا الخَلْفُ الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَ الأَوّل بِمَنْزِلَةِ القَرْنِ بَعْدَ القَرْن، والخَلْفُ الْمُتَخَلِّفُ عَنِ الأَول، هَالِكًا كَانَ أَو حَيًّا. والخَلْفُ: الْبَاقِي بَعْدَ الْهَالِكِ وَالتَّابِعُ لَهُ، هُوَ فِي الأَصل أَيضاً مِنْ خَلَفَ يخْلُفُ خَلْفاً، سُمِّيَ بِهِ المُتَخَلِّف والخَالِفُ لَا عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ، وَجَمْعُهُ خُلُوفٌ كقَرْنٍ وَقُرُونٍ؛ قَالَ: وَيَكُونُ محْمُودا ومَذْموماً؛ فشاهدُ الْمَحْمُودِ قولُ حسانَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنصاري:
لَنا القَدَمُ الأُولى إِلَيْكَ، وخَلْفُنا،
…
لأَوَّلِنا فِي طاعةِ اللَّهِ، تابِعُ
فالخَلْف هَاهُنَا هُوَ التابعُ لمَن مضَى وَلَيْسَ مِنْ مَعْنَى الخَلَفِ الَّذِي هُوَ البدَلُ، قَالَ: وَقِيلَ الخَلْفُ هُنَا المتخلِّفُون عَنِ الأَوّلين أَي الْبَاقُونَ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ عز وجل: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ*
، فَسُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ فَهَذَا قَوْلُ ثَعْلَبٍ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَحَكَى أَبو الْحَسَنِ الأَخفش فِي خَلفِ صِدْق وخَلفِ سَوء التحريكَ والإِسكان، قَالَ: وَالصَّحِيحُ قَوْلُ ثَعْلَبٍ إِن
الخَلَف يَجِيءُ بِمَعْنَى البدَل والخِلافةِ، والخَلْفُ يَجِيءُ بِمَعْنَى التَّخَلُّفِ عَمَّنْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ: وَشَاهِدُ الْمَذْمُومِ قَوْلُ لَبِيدٍ:
وبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كجِلْدِ الأَجْرَبِ
قَالَ: وَيُسْتَعَارُ الخَلْفُ لِمَا لَا خَيْرَ فِيهِ، وَكِلَاهُمَا سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ أَعني الْمَحْمُودَ وَالْمَذْمُومَ، فَقَدْ صَارَ عَلَى هَذَا للفِعْل مَعْنَيَانِ: خَلَفْتُه خَلَفاً كُنْتُ بَعْدَهُ خَلَفاً مِنْهُ وَبَدَلًا، وخَلَفْتُه خَلْفاً جِئْتُ بَعْدَهُ، وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنَ الأَول خَلِيفة وخَلِيفٌ، وَمِنَ الثَّانِي خَالِفةٌ وخَالِفٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ
. قَالَ: وَقَدْ صَحَّ الفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا بَيَّنّاه. وَهُوَ مِنْ أَبيه خَلَف أَي بدلٌ، والبدلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَفٌ مِنْهُ. والخِلَافُ: المُضادّةُ، وَقَدْ خَالَفَه مُخَالَفَة وخِلافاً. وَفِي الْمَثَلِ: إِنَّمَا أَنتَ خِلَافَ الضَّبُعِ الراكبَ أَي تُخَالِفُ خِلافَ الضَّبُعِ لأَنَّ الضَّبُعَ إِذَا رأَت الراكِبَ هَرَبَتْ مِنْهُ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي وَفَسَّرَهُ بِذَلِكَ. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ يُخَالِفُ إِلَى امرأَة فُلَانٍ أَي يأَتيها إِذَا غَابَ عَنْهَا. وخَلَفَ فُلَانٌ بعَقِبِ فُلَانٍ إِذَا خَالَفَه إِلَى أَهله. وَيُقَالُ: خَلَف فُلَانٌ بعَقبِي إِذَا فَارَقَهُ عَلَى أَمر فَصَنَعَ شَيْئًا آخَرَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا أَصح مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهُ يُخَالِفُهُ إِلَى أَهله. وَيُقَالُ: إِنَّ امرأَة فُلَانٍ تَخْلُفُ زوجَها بِالنِّزَاعِ إِلَى غَيْرِهِ إِذَا غَابَ عَنْهَا؛ وقدمَ أَعْشَى مازِنٍ عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فأَنشده هَذَا الرَّجَزَ:
إليكَ أَشْكُو ذِرْبَةً مِنَ الذِّرَبْ،
…
خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعامَ فِي رَجَبْ،
فَخَلَفَتْني بِنزاعٍ وحَرَبْ،
…
أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ
وأَخْلَفَ الغُلامُ، فَهُوَ مُخْلِفٌ إِذَا راهَقَ الحُلُم؛ ذكره الأَزهري؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
إِذَا لَسَعَتْه النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَها،
…
وخَالَفَها فِي بَيْتِ نُوبٍ عَواسِلِ «2»
مَعْنَاهُ دخَل عَلَيْهَا وأَخَذ عَسَلها وَهِيَ تَرْعَى، فكأَنه خَالَفَ هَواها بِذَلِكَ، وَمَنْ رَوَاهُ وحالَفَها فَمَعْنَاهُ لزِمَها. والأَخْلَفُ: الأَعْسَرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي كَبِيرٍ الهُذلي:
زَقَبٌ، يَظَلُّ الذئبُ يَتْبَعُ ظِلَّه
…
مِنْ ضِيقِ مَوْرِدِه، اسْتِنانَ الأَخْلَفِ
قَالَ السُّكَّرِيُّ: الأَخْلَفُ المُخالِفُ العَسِرُ الَّذِي كأَنه يَمشي عَلَى أَحد شِقَّيْه، وَقِيلَ: الأَخْلَفُ الأَحْوَلُ. وخَالَفَه إِلَى الشَّيْءِ: عَصاه إليه أَو قصَده بعد ما نَهَاهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى مَا أَنْهاكُمْ عَنْهُ
. الأَصمعي: خَلَفَ فُلَانٌ بعَقِبي وَذَلِكَ إِذَا مَا فارَقَه عَلَى أَمْر ثُمَّ جَاءَ مِنْ وَرَائِهِ فجعَل شَيْئًا آخَرَ بَعْدَ فِراقِه، وخَلَفَ لَهُ بِالسَّيْفِ إِذَا جَاءَهُ مِنْ خَلْفِه فضَرب عُنقه. والخِلافُ: الخُلْفُ؛ وسُمع غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ إِذَا سُئل وَهُوَ مُقبل عَلَى مَاءٍ أَو بَلَدٍ: أَحَسْتَ فُلَانًا؟ فيُجِيبُه: خَالِفَتِي؛ يُرِيدُ أَنه ورَدَ الْمَاءَ وأَنا صادِرٌ عَنْهُ. اللَّيْثُ: رَجُلٌ خَالِفٌ وخَالِفَةٌ أَي يُخالِفُ كثيرُ الخِلافِ. وَيُقَالُ: بَعِيرٌ أَخْلَفُ بيِّنُ الخَلَفِ إِذَا كَانَ مَائِلًا عَلَى شِقّ. الأَصمعي: الخَلَفُ فِي الْبَعِيرِ أَن يَكُونَ مَائِلًا فِي شَقٍّ. ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي خُلُقِه خَالِفٌ وخَالِفَةٌ وخُلْفَةٌ وخِلْفَةٌ وخِلَفْنَة وخِلَفْنَاةٌ أَي خِلافٌ. ورجل
(2). قوله [في بيت نوب إلخ] تقدّم ضبطه في مادة دبر لا على هذا الوجه ولعل الصواب في الضبط ما هنا.
خِلَفْنَاة: مُخالِفٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هَذَا رَجُلٌ خِلَفْنَاة وامرأَة خِلَفْنَاة، قَالَ: وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْجَمْعُ خِلَفْنَيَاتٌ فِي الذُّكُورِ والإِناث. وَيُقَالُ: فِي خُلُق فُلَانٍ خِلَفْنَةٌ مِثْلُ دِرَفْسةٍ أَي الخِلافُ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، وَذَلِكَ إِذا كَانَ مُخالِفاً. وتَخالَفَ الأَمْران واخْتَلَفا: لَمْ يَتَّفِقا. وكلُّ مَا لَمْ يَتَسَاوَ، فَقَدْ تَخَالَفَ واخْتَلَفَ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ
؛ أَي فِي حَالِ اخْتِلافِ أُكُلِه إِن قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ يَكُونُ أَنْشأَه فِي حَالِ اخْتِلافِ أُكُله وَهُوَ قَدْ نَشأَ مِنْ قَبْلِ وقُوع أُكُلِه؟ فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنه قَدْ ذُكِرَ إِنْشَاءً بِقَوْلِهِ خالِقُ كلِّ شَيْءٍ، فأَعلم جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَن المُنْشئ لَهُ فِي حَالِ اخْتِلافِ أُكُلِه هُوَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَنشأَه وَلَا أُكُلَ فِيهِ مُخْتَلِفًا أُكُله لأَن الْمَعْنَى مُقَدَّراً ذَلِكَ فِيهِ كَمَا تَقُولُ: لتَدْخُلَنَّ مَنْزِلَ زَيْدٍ آكِلًا شَارِبًا أَي مُقَدِّراً ذَلِكَ، كَمَا حَكَى سسيبويه فِي قَوْلِهِ مررتُ بِرَجُلٍ مَعَهُ صَقْر صَائِدًا بِهِ غَدًا أَي مُقَدِّراً بِهِ الصيدَ، وَالِاسْمُ الخِلْفةُ. وَيُقَالُ: الْقَوْمُ خِلْفةٌ أَي مُخْتَلِفون، وَهُمَا خِلْفَان أَي مُخْتَلِفَانِ، وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ قَالَ:
دَلْوايَ خِلْفَانِ وساقِياهُما
أَي إِحْدَاهُمَا مُصْعِدةٌ مَلأَى والأُخرى مُنْحَدِرةٌ فارِغةٌ، أَو إِحداهما جَدِيدَةٌ والأُخرى خَلَقٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْئَيْنِ اخْتَلَفَا هُمَا خِلْفَان، قَالَ: وَقَالَ الْكِسَائِيُّ هُمَا خِلْفَتَانِ، وَحُكِيَ: لَهَا ولَدانِ خِلْفَانِ وخِلْفَتَانِ، وَلَهُ عَبدان خِلْفَان إِذَا كَانَ أَحدهما طَوِيلًا وَالْآخَرُ قَصِيرًا، أَو كَانَ أَحدهما أَبيضَ وَالْآخَرُ أَسود، وَلَهُ أَمتان خِلْفَان، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَخْلافٌ وخِلْفَةٌ. ونِتاجُ فُلَانٍ خِلْفَة أَي عَامًا ذَكَرًا وَعَامًا أُنثى. وَوَلَدَتِ النَّاقَةُ خِلْفَيْنِ أَي عَامًا ذَكَرًا وَعَامًا أُنثى. وَيُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ خِلْفَةٌ أَي شطْرةٌ نِصف ذُكُورٍ وَنِصْفٌ إِناث. والتَّخَالِيف: الأَلوان المختلفةُ. والخِلْفَةُ: الهَيْضةُ. يُقَالُ: أَخَذَتْه خِلْفَةٌ إِذَا اخْتَلَفَ إِلَى المُتَوَضَّإِ. وَيُقَالُ: بِهِ خِلْفَة أَي بَطنٌ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الرجلُ وأَخْلَفَه الدَّواء. والمَخْلُوفُ: الَّذِي أَصابته خِلفة ورِقَّةُ بَطْنٍ. وأَصبح خَالِفاً أَي ضَعِيفًا لَا يَشْتَهِي الطَّعَامَ. وخَلَفَ عَنِ الطَّعَامِ يَخْلُفُ خُلُوفاً، وَلَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ مرَض. اللَّيْثُ: يُقَالُ اخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ اخْتِلافةً وَاحِدَةً. والخَلْفُ والخَالِف والخالِفةُ: الفاسِدُ مِنَ النَّاسِ، الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ. والخَوالِفُ: النِّسَاءُ المُتَخَلِّفاتُ فِي الْبُيُوتِ. ابْنُ الأَعرابي: الخُلُوفُ الْحَيُّ إِذَا خَرَجَ الرجالُ وَبَقِيَ النِّسَاءُ، والخُلُوفُ إِذَا كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ مُجْتَمِعِينَ فِي الْحَيِّ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. وَقَوْلُهُ عز وجل: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ*
؛ قِيلَ: مَعَ النِّسَاءِ، وَقِيلَ: مَعَ الْفَاسِدِ مِنَ النَّاسِ، وجُمِع عَلَى فَواعِلَ كفوارِسَ؛ هَذَا عَنِ الزَّجَّاجِ. وَقَالَ: عَبد خَالِفٌ وصاحِب خَالِفٌ إِذَا كَانَ مُخالفاً. ورَجل خَالِفٌ وَامْرَأَةٌ خَالِفَةٌ إِذَا كَانَتْ فاسِدةً ومتخلِّفة فِي مَنْزِلِهَا. وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: لَمْ يجئْ فَاعِلٌ مَجْمُوعًا عَلَى فَواعِلَ إِلَّا قَوْلُهُمْ إِنَّهُ لخَالِفٌ مِنَ الخَوَالِف، وهالِكٌ مِنَ الهَوالِكِ، وفارِسٌ مِنَ الفَوارِس. وَيُقَالُ: خَلَفَ فُلَانٌ عَنْ أَصحابه إِذَا لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الْيَهُودَ قَالَتْ لَقَدْ عَلِمْنَا أَن مُحَمَّدًا لَمْ يَتْرُكْ أَهلَه خُلُوفاً
أَي لَمْ يَتْرُكْهُنَّ سُدًى لَا راعِيَ لهنَّ وَلَا حامِيَ. يُقَالُ: حيٌّ خُلوفٌ إِذَا غَابَ الرِّجَالُ وأَقام النِّسَاءُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمُقِيمِينَ والظَّاعِنين؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ المرأَة والمَزادَتَيْنِ:
ونَفَرُنا خُلُوفٌ
أَي رِجَالُنَا
غُيَّبٌ. وَفِي حَدِيثِ
الخُدْريِّ: فأَتينا الْقَوْمَ خُلُوفاً.
والخَلْفُ: حَدُّ الفَأْسِ. ابْنُ سِيدَهْ: الخَلْفُ الفَأْس الْعَظِيمَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الفأْس برأْس وَاحِدٍ، وَقِيلَ: هُوَ رأْس الفأْس والمُوسى، وَالْجَمْعُ خُلوفٌ. وفأْسٌ ذاتُ خِلْفَيْنِ «1» أَي لَهَا رأْسانٍ، وفأَسٌ ذاتُ خِلْفٍ. والخَلْفُ: المِنْقارُ الَّذِي يُنْقَرُ بِهِ الْخَشَبُ. والخَلِيفَان: القُصْرَيانِ. والخِلْفُ: القُصَيْرى مِنَ الأَضْلاعِ، بِكَسْرِ الْخَاءِ «2». وضِلَعُ الخِلْفِ: أَقصى الأَضْلاعِ وأَرَقُّها. والخِلْفُ، بِالْكَسْرِ: وَاحِدُ أَخْلافِ الضَّرْع وَهُوَ طرَفُه. الْجَوْهَرِيُّ: الخِلْفُ أَقصر أَضلاع الْجَنْبِ، وَالْجَمْعُ خُلُوف؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طرفةَ بْنِ الْعَبْدِ:
وطَيُّ مَحالٍ كالحَنِيِّ خُلُوفُه،
…
وأَجْرِنةٌ لُزَّتْ بدَأْيٍ مُنَضَّدِ
والخَلْفُ: الطُّبْيُ المؤَخَّرُ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّرْعُ نفْسُه، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ ضَرْعَ النَّاقَةِ وَقَالَ: الخِلْف، بِالْكَسْرِ، حلَمةُ ضَرْعِ النَّاقَةِ القادِمان والآخِران. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخِلْفُ فِي الخُفِّ والظِّلْفِ، والطُّبْيُ فِي الحافِر والظُّفُر، وَجَمْعُ الخِلْف أَخْلافٌ وخُلُوفٌ؛ قَالَ:
وأَحْتَمِلُ الأَوْقَ الثَّقِيلَ وأَمْتَري
…
خُلُوفَ المَنايا، حِينَ فَرَّ المُغامِسُ
وَتَقُولُ: خَلَّفَ بِنَاقَتِهِ تَخْلِيفاً أَي صَرَّ خِلْفاً وَاحِدًا مِنْ أَخْلافِها؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ وأَنشد لِطَرَفَةَ:
وطَيُّ مَحالٍ كَالْحَنِيِّ خُلُوفُه
قَالَ اللَّيْثُ: الخُلُوفُ جَمْعُ الخِلْفِ هُوَ الضَّرْعُ نفْسُه؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنَّ خِلْفَيها إِذَا مَا دَرَّا
يُرِيدُ طُبْيَيْ ضَرْعِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
دَعْ داعِيَ اللَّبَنِ. قَالَ: فَتَرَكَتْ أَخْلافَها قَائِمَةً
؛ الأَخْلافُ جَمْعُ خِلف، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الضَّرْعُ لِكُلِّ ذَاتِ خُفّ وظِلْفٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَقْبِضُ يَدِ الْحَالِبِ مِنَ الضَّرْعِ. أَبو عُبَيْدٍ: الخَلِيفُ مِنَ الْجَسَدِ مَا تَحْتَ الإِبط، والخَلِيفَانِ مِنَ الإِبل كالإِبْطين مِنَ الإِنسان، وخَلِيفَا الناقةِ إبْطاها، قَالَ كُثَيِّرٌ:
كأَنَّ خَلِيفَيْ زَوْرها ورَحاهُما
…
بُنَى مَكَوَيْنِ ثُلِّما بعدَ صَيْدنِ
الْمَكَا جُحْرُ الثَّعْلَبِ والأَرْنبِ وَنَحْوِهِ، والرَّحى الكِرْكِرةُ، وبُنَى جَمْعُ بُنْيةٍ، والصَّيْدن هُنَا الثَّعْلَبُ؛ وَقِيلَ: دُوَيْبَّةٌ تَعْمَلُ لَهَا بَيْتًا فِي الأَرض وتُخْفيه. وحلَبَ النَّاقَةَ خَلِيفَ لِبَئِها، يَعْنِي الحلْبة الَّتِي بَعْدَ ذَهاب اللِّبا. وخَلَفَ اللبنُ وَغَيْرُهُ وخَلُفَ يَخْلُفُ خُلُوفاً فِيهِمَا: تغَيَّر طَعْمُه وَرِيحُهُ. وخَلَفَ اللبنُ يَخْلُفُ خُلُوفاً إِذَا أُطيل إنْقاعُه حَتَّى يَفْسُدَ. وخَلَفَ النبيذُ إِذَا فسَد، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: أَخْلَفَ إِذَا حَمُضَ، وَإِنَّهُ لطَيِّبُ الخُلْفَةِ أَي طيِّبُ آخِر الطعْم. اللَّيْثُ: الخَالِفُ اللَّحْمُ الَّذِي تَجِدُ مِنْهُ رُوَيحةً وَلَا بأْسَ بمَضْغِه. وخَلَفَ فُوه يَخْلُفُ خُلُوفاً وخُلُوفَة وأَخْلَفَ: تغَيَّر، لُغَةٌ فِي خَلَفَ؛ وَمِنْهُ:
ونَوْم الضُّحى مَخْلَفَةٌ لِلْفَمِ
أَي يُغَيِّرُه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: خَلَفَ الطعامُ وَالْفَمُ وَمَا أَشبههما يَخْلُفُ خُلُوفاً إِذَا تغيَّر. وأَكل طَعَامًا فَبَقِيَتْ فِي فيه خِلْفَةٌ فتغير
(1). قوله [ذات خِلْفَيْنِ] قال في القاموس: ويفتح.
(2)
. قوله [بكسر الخاء] أَي وتفتح وعلى الفتح اقتصر المجد.
فُوه، وَهُوَ الَّذِي يَبْقى بَيْنَ الأَسنان. وخَلَفَ فَمُ الصَّائِمِ خُلُوفاً أَي تَغَيَّرَتْ رائحتُه.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
خِلْفَةُ فمِ الصَّائِمِ أَطيبُ عندَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ
؛ الخِلْفَةُ، بِالْكَسْرِ: تغَيُّرُ ريحِ الْفَمِ، قَالَ: وأَصلها فِي النَّبَاتِ أَن يَنْبُتَ الشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ لأَنها رائحةٌ حديثةٌ بَعْدَ الرَّائِحَةِ الأُولى. وخَلَفَ فمُه يَخْلُفُ خِلْفَةً وخُلُوفاً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخُلُوف تَغَيُّرُ طَعْمِ الْفَمِ لتأَخُّرِ الطَّعَامِ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ، عليه السلام، حِينَ سُئل عَنِ القُبْلة لِلصَّائِمِ فَقَالَ: وَمَا أَرَبُك إِلَى خُلُوف فِيهَا.
وَيُقَالُ: خَلَفَتْ نفْسه عَنِ الطَّعَامِ فَهِيَ تَخْلُفُ خُلُوفاً إِذَا أَضرَبَت عَنِ الطَّعَامِ مِنْ مَرَضٍ. وَيُقَالُ: خَلَفَ الرَّجُلُ عَنْ خُلُق أَبيه يَخْلُفُ خُلُوفاً إِذَا تغَيَّر عَنْهُ. وَيُقَالُ: أَبيعُكَ هَذَا العَبْدَ وأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ خُلْفَتِه أَي فَسادِه، ورجُل ذُو خُلْفةٍ، وَقَالَ ابْنُ بُزرج: خُلْفَةُ العبدِ أَن يَكُونَ أَحْمَقَ مَعْتُوهاً. اللِّحْيَانِيُّ: هَذَا رَجُلٌ خَلَفٌ إِذَا اعْتَزَلَ أَهلَه. وَعَبْدٌ خَالِفٌ: قَدِ اعْتَزَلَ أَهلَ بَيْتِهِ. وَفُلَانٌ خَالِفُ أَهلِ بَيْتِهِ وخَالِفَتُهم أَي أَحمقهم أَو لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقَدْ خَلَفَ يَخْلُفُ خَلافة وخُلُوفاً. والخَالِفَةُ: الأَحْمَقُ القليلُ العقْلِ. وَرَجُلٌ أَخْلَفُ وخُلْفُفٌ مَخْرَجَ قُعْدُدٍ. وَامْرَأَةٌ خَالِفَةٌ وخَلْفاء وخُلْفُفَة وخُلْفُفٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ: وَهِيَ الحَمْقاء. وخَلَفَ فُلَانٌ أَي فسَد. وخَلَفَ فُلَانٌ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ أَي لَمْ يُفْلِح، فَهُوَ خَالِفٌ وَهِيَ خَالِفَة. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخالِفةُ العَمودُ الَّذِي يَكُونُ قُدَّامَ البيتِ. وخلَفَ بيتَه يَخْلُفُه خَلْفاً: جَعَلَ لَهُ خالِفةً، وَقِيلَ: الخالِفةُ عَمُودٌ مِنْ أَعْمِدة الخِباء. والخَوالِفُ: العُمُد الَّتِي فِي مُؤَخَّر الْبَيْتِ، وَاحِدَتُهَا خَالِفَةٌ وخَالِفٌ، وَهِيَ الخَلِيفُ. اللِّحْيَانِيُّ: تَكُونُ الخَالِفَةُ آخِرَ الْبَيْتِ. يُقَالُ: بَيْتٌ ذُو خَالِفَتَيْن. والخَوالِفُ: زَوايا الْبَيْتِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَاحِدَتُهَا خَالِفَةٌ. أَبو زَيْدٍ: خَالِفَةُ البيتِ تحتَ الأَطناب فِي الكِسْر، وَهِيَ الخَصاصةُ أَيضاً وَهِيَ الفَرْجة، وَجَمْعُ الخَالِفة خَوالِفُ وَهِيَ الزَّوايا؛ وأَنشد:
فأَخفت حَتَّى هَتَكُوا الخَوالِفا
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها، فِي بِناء الْكَعْبَةِ: قَالَ لَهَا لَوْلا حِدْثان قَوْمِك بِالْكُفْرِ بَنَيْتُها عَلَى أَساس إبراهيمَ وَجَعَلْتُ لَهَا خَلْفَيْن، فَإِنَّ قُريشاً اسْتَقْصَرَتْ مِنْ بِنائها
؛ الخَلْفُ: الظَّهرُ، كأَنه أَراد أَن يَجْعَلَ لَهَا بَابَيْنِ، والجِهةُ الَّتِي تُقابِل البابَ مِنَ الْبَيْتِ ظهرُه، فَإِذَا كَانَ لَهَا بَابَانِ فَقَدْ صَارَ لَهَا ظَهْرانِ، وَيُرْوَى بِكَسْرِ الْخَاءِ، أَي زِيادَتَيْن كالثَّدْيَيْنِ، والأَول الْوَجْهُ. أَبو مَالِكٍ: الخَالِفَةُ الشُّقّةُ المؤخَّرةُ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ الكِفاء تحتَها طرَفُها مِمَّا يَلِي الأَرض مِنْ كِلا الشِّقَّين. والإِخْلافُ: أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فَيُجْعَلَ مِمَّا يَلي خُصْيَيِ الْبَعِيرِ لِئَلَّا يُصيبَ ثِيله فيَحْتَبِسَ بولُه، وَقَدْ أَخْلَفَه وأَخْلَفَ عَنْهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّمَا يُقَالُ أَخْلِفِ الحَقَبَ أَي نَحِّه عَنِ الثِّيلِ وحاذِ بِهِ الحَقَبَ لأَنه يُقَالُ حَقِبَ بولُ الجملِ أَي احْتَبَسَ، يَعْنِي أَن الحَقَب وقَع عَلَى مَبالِه، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي النَّاقَةِ لأَن بَوْلَهَا مِنْ حَيائها، وَلَا يَبْلُغُ الحقَبُ الحَياء. وَبَعِيرٌ مَخْلُوفٌ: قَدْ شُقَّ عَنْ ثِيله مِنْ خَلْفِه إِذَا حَقِبَ. والإِخْلافُ: أَن يُصَيَّرَ الحَقَبُ وَرَاءَ الثِّيلِ لِئَلَّا يَقْطَعَه. يُقَالُ: أَخْلِفْ عَنْ بَعِيرِكَ فَيَصِيرُ الْحَقَبُ وَرَاءَ الثِّيلِ. والأَخْلَفُ مِنَ الإِبل: المشقوقُ الثِّيلِ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ وجَعاً.
الأَصمعي: أَخْلَفْتَ عَنِ الْبَعِيرِ إِذَا أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه فيَحْقَبُ أَي يَحْتَبِسُ بولُه فتحَوِّلُ الحَقَبَ فتجعلُه مِمَّا يَلِي خُصْيَي الْبَعِيرِ. والخُلْفُ والخُلُفُ: نقِيضُ الوَفاء بالوعْد، وَقِيلَ: أَصله التَّثْقِيلُ ثُمَّ يُخَفَّفُ. والخُلْفُ، بِالضَّمِّ: الِاسْمُ مِنَ الإِخلاف، وَهُوَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَالْكَذِبِ فِي الْمَاضِي. وَيُقَالُ: أَخْلَفَه مَا وَعَده وَهُوَ أَن يَقُولَ شَيْئًا وَلَا يفْعَله عَلَى الِاسْتِقْبَالِ. والخُلُوفُ كالخُلْفِ؛ قَالَ شُبْرمةُ بْنُ الطُّفَيْل:
أَقِيمُوا صُدُورَ الخَيْلِ، إنَّ نُفُوسَكُمْ
…
لَمِيقاتُ يَومٍ، مَا لَهُنَّ خُلُوفُ
وَقَدْ أَخْلَفَه ووعَده فأَخْلَفَه: وجَده قَدْ أَخْلَفَه، وأَخْلَفَه: وجدَ مَوْعِدَه خُلْفاً؛ قَالَ الأَعشى:
أَثْوى وقَصَّرَ لَيْلَةً ليُزَوَّدا،
…
فمَضَتْ، وأَخْلَفَ مِنْ قُتَيلة مَوْعِدا
أَي مَضَتِ اللَّيْلَةُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى فَمَضَى، قَالَ: وَقَوْلُهُ فَمَضَى الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْعَاشِقِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الإِخْلافُ أَن لَا يَفي بِالْعَهْدِ وأَن يَعِدَ الرجلُ الرجلَ العِدةَ فَلَا يُنجزها. وَرَجُلٌ مُخْلِفٌ أَي كَثِيرُ الإِخْلافِ لوَعْدِه. والإِخْلافُ: أَن يَطْلُبَ الرجلُ الْحَاجَةَ أَو الْمَاءَ فَلَا يَجِدْ مَا طُلِبَ. اللِّحْيَانِيُّ: رُجِيَ فُلَانٌ فأَخْلَفَ. والخُلْفُ: اسْمٌ وضِعَ موضِع الإِخْلافِ. وَيُقَالُ لِلَّذِي لَا يَكَادُ يَفِي إِذَا وَعَدَ: إِنَّهُ لمِخْلافٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا وعَدَ أَخْلَفَ
أَي لَمْ يفِ بِعَهْدِهِ وَلَمْ يَصْدُقْ، وَالِاسْمُ مِنْهُ الخُلْفُ، بِالضَّمِّ. وَرَجُلٌ مُخَالِفٌ: لَا يَكَادُ يُوفي. والخِلَافُ: المُضادَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
لمَّا أَسْلمَ سَعِيدُ بْنِ زَيْدٍ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَهله: إِنِّي لأَحْسَبُكَ خَالِفةَ بَنِي عَدِيٍ
أَي الكثيرَ الخِلافِ لَهُمْ؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إنَّ الخطَّاب أَبا عُمر قَالَهُ لزَيْد بْنِ عَمْرو أَبي سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ لمَّا خَالَفَ دِينَ قَوْمِهِ، وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِهِ الَّذِي لَا خَيْرَ عِنْدَهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَيُّما مُسلمٍ خَلَفَ غازِياً فِي خالِفَتِه
أَي فِيمَنْ أَقامَ بعدَه مِنْ أَهله وتخلَّف عَنْهُ. وأَخْلَفَتِ النجومُ: أَمْحَلَتْ وَلَمْ تُمْطِرْ وَلَمْ يَكُنْ لِنَوْئِها مَطَرٌ، وأَخْلَفَتْ عَنْ أَنْوائها كَذَلِكَ؛ قَالَ الأَسودُ بْنُ يَعْفُرَ:
بِيض مَساميح فِي الشِّتَاءِ، وَإِنْ
…
أَخْلَفَ نَجْمٌ عَنْ نَوئِه، وبَلُوا
والخَالِفَةُ: اللَّجوجُ مِنَ الرِّجَالِ. والإِخْلاف فِي النَّخْلَةِ إِذَا لَمْ تَحْمِلْ سَنَةً. والخَلِفَةُ: الناقةُ الحامِلُ، وَجَمْعُهَا خَلِفٌ، بِكَسْرِ اللَّامِ، وَقِيلَ: جَمْعُهَا مَخاضٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَمَا قَالُوا لِوَاحِدَةِ النِّسَاءِ امْرَأَةً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
مَا لَكِ تَرْغِينَ وَلَا تَرْغُو الخَلِفْ
وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي اسْتَكْمَلت سَنَةً بَعْدَ النِّتاج ثُمَّ حُمِل عَلَيْهَا فلَقِحَتْ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِذَا اسْتَبَانَ حَمْلُها فَهِيَ خَلِفَةٌ حَتَّى تُعْشِرَ. وخَلَفَت العامَ الناقةُ إِذَا ردَّها إِلَى خَلِفة. وخَلِفَت الناقةُ تَخْلَفُ خَلَفاً: حَمَلتْ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والإِخْلافُ: أَن تُعِيد عَلَيْهَا فَلَا تَحْمِل، وَهِيَ المُخْلِفةُ مِنَ النُّوقِ، وَهِيَ الرَّاجع الَّتِي توهَّموا أَنَّ بِهَا حمَلًا ثُمَّ لَمْ تَلْقَحْ، وَفِي الصِّحَاحِ: الَّتِي ظَهَرَ لَهُمْ أَنها لَقِحَتْ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ. والإِخْلافُ: أَن يُحْمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا تَلْقَحَ. والإِخْلافُ: أَن يأْتيَ عَلَى الْبَعِيرِ الْبَازِلِ سنةٌ بَعْدَ بُزُوله؛ يُقَالُ: بَعِير مُخْلِفٌ. والمُخْلِف
مِنَ الإِبل: الَّذِي جَازَ البازِلَ؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: بَعْدَ البازِل وَلَيْسَ بَعْدَهُ سِنّ، وَلَكِنْ يُقَالُ مُخْلِفُ عامٍ أَو عَامَيْنِ، وَكَذَلِكَ مَا زَادَ، والأَنثى بِالْهَاءِ، وَقِيلَ: الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
أَيِّدِ الكاهلِ جَلْدٍ بازِلٍ
…
أَخْلَفَ البازِلَ عَامًا أَو بَزَلْ
وَكَانَ أَبو زَيْدٍ يَقُولُ: لَا تَكُونُ النَّاقَةُ بَازِلًا وَلَكِنْ إِذَا أَتى عَلَيْهَا حَوْلٌ بَعْدَ البزُول فَهِيَ بَزُول إِلَى أَن تُنيِّبَ فتُدْعَى نَابًا، وَقِيلَ: الإِخْلافُ آخِرُ الأَسنان مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ. وَفِي حَدِيثِ الدِّيةِ:
كَذَا وَكَذَا خَلِفةً
؛ الخَلِفةُ، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ: الْحَامِلُ مِنَ النُّوقِ، وَتَجْمَعُ عَلَى خَلِفاتٍ وخَلَائِفَ، وَقَدْ خَلِفَت إِذَا حَمَلَتْ، وأَخْلَفَتْ إِذَا حالَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثلاثُ آياتٍ يَقْرؤهنَّ أَحدُكم خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثلاثِ خَلِفَاتٍ سِمانٍ عظامٍ.
وَفِي حَدِيثِ هَدْمِ الْكَعْبَةِ:
لَمَّا هَدَمُوهَا ظَهَرَ فِيهَا مِثْلُ خَلائفِ الإِبل
، أَراد بِهَا صُخوراً عِظاماً فِي أَساسها بقدْر النُّوقِ الْحَوَامِلِ. والخَلِيفُ مِنَ السِّهام: الحديدُ كالطَّرِيرِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لساعِدةَ بْنِ جُؤيَّةَ «3» :
ولَحَفْته مِنْهَا خَليفاً نَصْلُه
…
حَدٌّ، كَحَدِّ الرُّمْحِ، لَيْسَ بِمِنزَعِ
والخَلِيفُ: مَدْفَعُ الْمَاءِ، وَقِيلَ: الْوَادِي بَيْنَ الجبَلين؛ قَالَ:
خَلِيف بَين قُنّة أَبْرَق
والخَليفُ: فَرْج بَيْنَ قُنَّتَيْنِ مُتدانٍ قَلِيلُ الْعَرْضِ والطُّول. والخَلِيفُ: تَدافُع «4» الأَوْدية وَإِنَّمَا يَنتهي المَدْفَعُ إِلَى خَلِيفٍ ليُفْضِيَ إِلَى سَعَةٍ. والخلِيفُ: الطَّريقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
فَلَمَّا جَزَمْتُ بِها قِرْبَتي،
…
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقةً أَو خَلِيفَا
جَزَمتُ: ملأْت، وأَطْرقة: جَمْعُ طَريق مِثْلُ رغيفٍ وأَرْغِفَةٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ ذِيخُ الخَلِيفِ كَمَا يُقَالُ ذِئبُ غَضاً؛ قَالَ كثيِّر:
وذِفْرَى، ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف
…
أَصابَ فَرِيقَةَ لَيْلٍ فَعاثَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِهِ بِذِفْرَى، وَقِيلَ: هُوَ الطَّرِيقُ فِي أَصل الْجَبَلِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّرِيقُ وَرَاءَ الْجَبَلِ، وَقِيلَ: وَرَاءَ الْوَادِي، وَقِيلَ: الخَلِيفُ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ أَيّاً كَانَ، وَقِيلَ: الطَّرِيقُ فَقَطْ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ خُلُفٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فِي خُلُفٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرامِها
والمَخْلَفَةُ: الطَّريقُ كالخَلِيفِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تُؤمِّلُ أَن تُلاقيَ أُمَّ وَهْبٍ
…
بمَخْلَفَةٍ، إِذَا اجْتَمَعَتْ ثَقِيفُ
وَيُقَالُ: عَلَيْكَ المَخْلَفة الوُسْطَى أَي الطَّرِيقُ الْوُسْطَى. وَفِي الْحَدِيثِ ذكْرُ خَلِيفَةَ، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: جَبَلٌ بِمَكَّةَ يُشْرِفُ عَلَى أَجْيادٍ؛ وَقَوْلُ الهُذلي:
(3). قوله [جؤية] صوابه العجلان كما هو هكذا في الديوان، كتبه محمد مرتضى انتهى. من هامش الأصل بتصرف.
(4)
. قوله [والخَلِيف تدافع إلخ] كذا بالأصل. وعبارة القاموس وشرحه: أو الخَلِيف مدفع الماء بين الجبلين. وقيل: مدفعه بين الواديين وإنما ينتهي إلى آخر ما هنا، وتأمل العبارتين.
وإِنَّا نَحْنُ أَقْدَمُ مِنْكَ عِزّاً،
…
إِذَا بُنِيَتْ لِمَخْلَفَةَ البُيوتُ
مَخْلَفَةُ مِنًى: حَيْثُ يَنْزل النَّاسُ. ومَخْلَفَة بَنِي فُلَانٍ: مَنْزِلُهم. والمَخْلَفُ بِمنًى أَيضاً: طُرُقُهم حَيْثُ يَمُرُّون. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ: مَنْ تَخَلَّفَ «1» مِنْ مِخْلافٍ إِلَى مِخْلافٍ فَعُشْرُه وصَدَقتُه إِلَى مِخْلافِ عَشِيرَتِه الأَوّل إِذَا حالَ عَلَيْهِ الحَوْل
؛ أَراد أَنه يؤَدِّي صدَقَته إِلَى عَشيرته الَّتِي كَانَ يُؤَدِّي إِلَيْهَا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ اسْتُعْمِلَ فُلَانٌ عَلَى مَخالِيفِ الطَّائفِ وَهِيَ الأَطراف والنَّواحي. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَة: فِي كُلِّ بَلَدٍ مِخْلافٌ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ. وَقَالَ: كُنَّا نَلْقَى بَنِي نُمَير وَنَحْنُ فِي مِخْلافِ الْمَدِينَةِ وَهُمْ فِي مِخلاف الْيَمَامَةِ. وَقَالَ أَبو مُعَاذٍ: المِخْلافُ البَنْكَرْدُ، وَهُوَ أَن يَكُونَ لِكُلِّ قَوْمٍ صَدقةٌ عَلَى حِدة، فَذَلِكَ بَنْكَرْدُه يُؤدِّي إِلَى عَشِيرَتِهِ الَّتِي كَانَ يُؤدِّي إِلَيْهَا. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ فُلَانٌ مِنْ مِخْلافِ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ عِنْدَ الْيَمَنِ كالرُّستاق، وَالْجَمْعُ مَخَالِيفُ. اليزيدِيّ: يُقَالُ إِنَّمَا أَنتم فِي خَوَالِفَ مِنَ الأَرض أَي فِي أَرَضِينَ لَا تُنْبِت إِلَّا فِي آخِرِ الأَرضِين نَبَاتًا. وَفِي حَدِيثِ
ذِي المِشْعارِ: مِنْ مِخلافِ خارِفٍ ويامٍ
؛ هُمَا قَبِيلَتَانِ مِنَ الْيَمَنِ. ابْنُ الأَعرابي: امْرَأَةٌ خَلِيفٌ إِذَا كَانَ عَهْدُها بَعْدَ الْوِلَادَةِ بِيَوْمٍ أَو يَوْمَيْنِ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الْعَائِذِ أَيضاً خَلِيفٌ. ابْنُ الأَعرابي: والخِلافُ كُمُّ القَمِيص. يُقَالُ: اجْعَلْهُ فِي متنِ خِلافِك أَي فِي وَسطِ كُمّكَ. والمَخْلُوفُ: الثوبُ المَلْفُوقُ. وخلَفَ الثوبَ يَخْلُفُهُ خَلْفاً، وَهُوَ خَلِيفٌ؛ الْمَصْدَرُ عَنْ كُرَاعٍ: وَذَلِكَ أَن يَبْلى وسَطُه فيُخْرِجَ الْبَالِي مِنْهُ ثُمَّ يَلْفِقَه؛ وَقَوْلُهُ:
يُرْوي النَّديمَ، إِذَا انْتَشى أَصحابُه
…
أُمُّ الصَّبيِّ، وثَوْبُه مَخْلُوفُ
قَالَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ المَخْلُوفُ هُنَا المُلَفَّق، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ المرْهُونَ، وَقِيلَ: يُرِيدُ إِذَا تَناشى صحبُه أُمّ وَلَدِهِ مِنَ العُسْر فَإِنَّهُ يُرْوي نَديمَه وَثَوْبُهُ مَخْلُوف مِنْ سُوء حَالِهِ. وأَخْلَفْتُ الثوبَ: لُغَةٌ فِي خَلَفْتُه إِذَا أَصْلَحْتَه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ صَائِدًا:
يَمْشِي بِهِنَّ خَفِيُّ الصَّوْتِ مُخْتَتِلٌ،
…
كالنَّصْلِ أَخْلَفَ أَهْداماً بأَطْمارِ
أَي أَخْلَفَ موضعَ الخُلْقانِ خُلْقاناً. وَمَا أَدْري أَيُّ الخَوالِفِ هُوَ أَي أَيّ الناسِ هُوَ. وَحَكَى كُرَاعٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى: مَا أَدري أَيُّ خَالِفَةَ، هُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ، أَي أَيُّ النَّاسِ هُوَ، وَهُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ للتأْنيث وَالتَّعْرِيفِ، أَلا تَرَى أَنك فَسَّرْتَهُ بِالنَّاسِ؟ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخَالِفَةُ النَّاسُ، فأَدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ. غَيْرُهُ وَيُقَالُ مَا أَدري أَيُّ خَالِفَةَ وأَيُّ خافِيةَ هُوَ، فَلَمْ يُجْرِهما، وَقَالَ: تُرِكَ صَرْفُه لأَنْ أُرِيدَ بِهِ المَعْرِفةُ لأَنه وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَهُوَ فِي مَوْضِعِ جِمَاعٍ، يُرِيدُ أَيُّ النَّاسِ هُوَ كَمَا يُقَالُ أَيُّ تَمِيم هُوَ وأَيُّ أَسَد هُوَ. وخِلْفةُ الوِرْدِ: أَن تُورِد إِبِلَكَ بالعشيِّ بَعد ما يذهَبُ الناسُ. والخِلْفَةُ: الدوابُّ الَّتِي تَخْتَلِفُ. وَيُقَالُ: هُنَّ يَمْشِينَ خِلْفة أَي تَذْهَبُ هَذِهِ وتَجيء هَذِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
بِهَا العينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً،
…
وأَطْلاؤها يَنْهَضْنَ مِنْ كلِّ مَجْثَمِ
(1). قوله [تخلف] كذا بالأصل، والذي في النهاية: تحوّل، وقوله [مخلاف عشيرته] كذا به أَيضاً والذي فيها مخلافه.
وخَلَفَ فلانٌ عَلَى فُلَانَةٍ خِلافَةً تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فإنْ تَسَلي عَنَّا، إِذَا الشَّوْلُ أَصْبَحَتْ
…
مَخَالِيفَ حُدْباً، لَا يَدِرُّ لَبُونُها
مَخَالِيفُ: إِبِلٌ رَعَتِ الْبَقْلَ وَلَمْ تَرْعَ اليَبِيسَ فَلَمْ يُغْن عَنْهَا رَعْيُها البقلَ شَيْئًا. وَفَرَسٌ ذُو شِكالٍ مِنْ خِلافٍ إِذَا كَانَ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى بَيَاضٌ. قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لَهُ خَدَمتانِ مِنْ خِلافٍ أَي إِذَا كَانَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى بَيَاضٌ وَبِيَدِهِ الْيُسْرَى غَيْرُهُ. والخِلافُ: الصَّفْصافُ، وَهُوَ بأَرض الْعَرَبِ كَثِيرٌ، وَيُسَمَّى السَّوْجَرَ وَهُوَ شَجَرٌ عِظام، وأَصنافُه كَثِيرَةٌ وَكُلُّهَا خَوّارٌ خَفيفٌ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الأَسود:
كأَنَّكَ صَقْبٌ مِنْ خِلافٍ يُرى لَهُ
…
رُواءٌ، وتأْتِيه الخُؤُورةُ مِنْ عَلُ
الصَّقْبُ: عَمُودٌ مِنْ عُمُدِ الْبَيْتِ، وَالْوَاحِدُ خِلافَةٌ، وَزَعَمُوا أَنه سُمِّيَ خِلافاً لأَن الْمَاءَ جَاءَ بِبَزره سَبِيًّا فَنَبَتَ مُخالِفاً لأَصْلِه فَسُمِّيَ خِلافاً، وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ. الصِّحَاحُ: شَجَرُ الخِلافِ مَعْرُوفٌ وموضِعُه المَخْلَفَةُ؛ وأَما قَوْلُ الراجِز:
يَحْمِلُ فِي سَحْقٍ مِنَ الخِفافِ
…
تَوادِياً سُوِّينَ مِنْ خِلافِ
فَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنها مِنْ شَجَرٍ مُخْتَلِفٍ، وَلَيْسَ يَعْنِي الشَّجَرَةَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الخِلافُ لأَن ذَلِكَ لَا يَكَادُ يَكُونُ بِالْبَادِيَةِ. وخَلَفٌ وخَلِيفةُ وخُلَيْفٌ: أَسماء.
خنف: الخِنافُ: لِينٌ فِي أَرساغِ الْبَعِيرِ. ابْنُ الأَعرابي: الخِنافُ سُرْعةُ قَلْب يَدَيِ الْفَرَسِ، تَقُولُ: خَنَفَ الْبَعِيرُ يَخْنِفُ خِنافاً إِذَا سَارَ فقلَب خُفَّ يَدِهِ إِلَى وحْشِيِّه، وَنَاقَةٌ خَنُوفٌ؛ قَالَ الأَعشى:
أَجَدَّتْ بِرِجْلَيْها النَّجاء، وراجَعَتْ
…
يَداها خِنافاً لَيِّناً غيرَ أَحْرَدا
وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: إِنَّ الإِبل ضُمَّزٌ خُنُفٌ
؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِالْفَاءِ جَمْعُ خَنُوفٍ، وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي إِذَا سَارَتْ قَلَبَتْ خُفَّ يَدِها إِلَى وحْشِيِّه مِنْ خارجٍ. ابْنُ سِيدَهْ: خَنَفَتِ الدابةُ تَخْنِفُ خِنافاً وخُنوفاً، وَهِيَ خَنُوفٌ، وَالْجَمْعُ خُنُفٌ: مَالَتْ بِيَدَيْهَا فِي أَحد شِقَّيها مِنَ النَّشاط، وَقِيلَ: هُوَ إِذَا لَوى الفرسُ حافِره إِلَى وحْشيِّه، وَقِيلَ: هُوَ إِذَا أَحْضَر وثَنى رأْسَه وَيَدَيْهِ فِي شِقّ. أَبو عُبَيْدَةَ: وَيَكُونُ الخِنافُ فِي الْخَيْلِ أَن يَثْنِيَ يَدَه ورأْسه فِي شِقٍّ إِذَا أَحْضَر. والخِنافُ: دَاءٌ يأْخذ فِي الْخَيْلِ فِي العَضُد. اللَّيْثُ: صَدْر أَخْنَفُ وظَهر أَخْنف، وخَنَفُه انْهِضامُ أَحد جَانِبَيْهِ. يُقَالُ: خَنَفَتِ الدَّابَّةُ تَخْنِفُ بِيَدِهَا وأَنْفِها فِي السَّيْرِ أَي تَضْرِبُ بِهِمَا نَشاطاً وَفِيهِ بعضُ المَيْل، وَنَاقَةٌ خَنُوفٌ مِخْنافٌ. والخَنُوفُ مِنَ الإِبل: اللَّيِّنةُ الْيَدَيْنِ فِي السَّيْرِ. والخِنافُ فِي عُنُق النَّاقَةِ: أَن تُمِيلَه إِذَا مُدَّ بزِمامِها. وخَنَفَ الفرسُ يَخْنِفُ خَنْفاً، فَهُوَ خَانِفٌ وخَنُوفٌ: أَمالَ أَنفَه إِلَى فارِسه. وخنَف الرجلُ بأَنفه: تَكَبَّرَ فَهُوَ خَانِف. والخانِفُ: الَّذِي يَشْمَخُ بأَنفه مِنَ الكِبْر. يُقَالُ: رأَيته خانِفاً عنِّي بأَنفه. وخَنَفَ بأَنفه عَنِّي: لَوَاهُ. وخنَفَ البعيرُ يَخْنِفُ خَنْفاً وخِنَافاً: لَوى أَنفه مِنَ الزِّمام. والخَانِفُ: الَّذِي يُميلُ رأْسه إِلَى الزِّمَامِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ نشاطِه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي وَجْزَةَ:
قَدْ قلتُ، والعِيسُ النَّجائبُ تَغْتَلي
…
بالقَوْمِ عاصِفةً خَوانِفَ فِي البُرى
وَبَعِيرٌ مخْنَفٌ «2» : بِهِ خَنَفٌ. والمِخْنَافُ مِنَ الإِبل: كالعَقِيم مِنَ الرِّجَالِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُلْقِحُ إِذَا ضرَب. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمعِ المِخْنَافَ بِهَذَا الْمَعْنَى لِغَيْرِ اللَّيْثِ وَمَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. والخَنِيفُ: أَرْدَأُ الكَتَّان. وَثَوْبٌ خَنِيفٌ: رَديء وَلَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْكَتَّانِ خاصَّة، وَقِيلَ: الخَنِيف ثَوْبُ كَتّان أَبيض غَلِيظٍ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
وأَبارِيق شِبْه أَعْناق طَيْر الْمَاءِ،
…
قَدْ جِيبَ فَوْقَهُنَّ خَنِيف
شبَّه الفِدام بالجَيْبِ، وَجَمْعُ كَلِّ ذَلِكَ خُنُفٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ قَوْمًا أَتوا النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: تَخَرَّقَتْ عَنَّا الخُنُف وأَحْرقَ بُطُونَنَا التمرُ
؛ الخُنُف، وَاحِدُهَا خَنِيفٌ، وَهُوَ جِنْس مِنَ الْكَتَّانِ أَردأُ مَا يَكُونُ مِنْهُ كَانُوا يَلْبَسُونَهَا؛ وأَنشد فِي صِفَةِ طَرِيقٍ:
عَلَى كالخَنِيفِ السَّحْقِ تَدْعُو بِهِ الصَّدَى،
…
لَهُ قُلُبٌ عادِيَّةٌ وصحونُ
والخَنِيفُ: الغَزِيرةُ، وَفِي رَجَزِ كَعْبٍ:
ومَذْقةٍ كطُرَّةِ الخَنِيفِ
المَذْقةُ: الشَّرْبةُ مِنَ اللَّبَنِ الْمَمْزُوجِ، شبَّه لَوْنها بطُرّة الخَنِيفِ. والخَنْدَفةُ: أَن يَمشِي مُفاجّاً ويَقْلِبَ قدَمَيْه كأَنه يَغْرفُ بِهِمَا وَهُوَ مِنَ التَّبَختُر، وَقَدْ خَنْدف، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ المرأَة. ابْنُ الأَعرابي: الخُنْدُوفُ الَّذِي يَتَبَخْتَرُ فِي مَشْيه كِبْراً وبَطَراً. وخَنَفَ الأُتْرُجّةَ وَمَا أَشبهها: قطَعَها، والقِطْعَةُ مِنْهُ خَنَفَةٌ. والخَنْفُ: الحَلْبُ بأَربع أَصابعَ وتَسْتَعِينُ مَعَهَا بالإِبهام، وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَبْدُ الْمَلِكِ أَنه قَالَ لِحَالِبِ نَاقَةٍ: كَيْفَ تَحْلِبُ هَذِهِ النَّاقَةَ أَخَنْفاً أَم مَصْراً أَم فَطراً؟
ومِخْنَفٌ: اسْمٌ مَعْرُوفٌ. وخَيْنَفٌ: وادٍ بِالْحِجَازِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَعْرَضَتِ الجِبالُ السُّودُ دُوني،
…
وخَيْنَفُ عَنْ شِمالي والبَهِيمُ
أَراد البُقْعَة فَتَرَكَ الصَّرْفَ. وأَبو مِخْنَفٍ، بِالْكَسْرِ: كُنْيةُ لُوط بْنِ يَحْيَى رَجُلٌ مِنْ نَقَلَةِ السِّيَرِ.
خندف: الخَنْدَفَةُ: مِشْيةٌ كالهَرْوَلةِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ، زَعَمُوا، خِندِفُ امرأَة إلْياسَ بْنُ مُضَرَ بْنِ نِزارٍ وَاسْمُهَا لَيْلى، نُسِبَ ولَدُ إلياسَ إِلَيْهَا وَهِيَ أُمهم. غَيْرُهُ: كَانَتْ خِنْدِفُ امرأةُ إلياسَ اسْمُهَا لَيْلَى بنتُ حُلْوانَ غَلَبَتْ عَلَى نَسَبِ أَولادها مِنْهُ، وَذَكَرُوا أَن إِبِلَ إلياسَ انْتَشَرَتْ لَيْلًا فَخَرَجَ مُدْرِكةُ فِي بِغائها فردَّها فَسُمِّيَ مُدْرِكةَ، وخَنْدَفَتِ الأُم فِي أَثره أَي أَسْرَعَتْ فَسُمِّيَتْ خِنْدِفَ، وَاسْمُهَا لَيْلَى بِنْتُ عِمْرانَ بنِ إلحافَ بْنِ قُضاعةَ، وقعَد طابِخَةُ يَطْبُخُ القِدْرَ فَسُمِّيَ طابِخَةَ، وانْقَمَعَ قَمَعَةُ فِي الْبَيْتِ فَسُمِّيَ قَمَعَةَ، وَقَالَتْ خِنْدِف لِزَوْجِهَا: مَا زِلْتُ أُخَنْدِفُ فِي أَثركم، فَقَالَ لَهَا: فأَنت خِنْدِف، فَذَهَبَ لَهَا اسْمًا وَلِوَلَدِهَا نَسَبًا وَسُمِّيَتْ بِهَا القبيلة.
(2). قوله [مخنف] ضبط في الأصل النون بالفتح.
وظُلِمَ رجلٌ أَيام الزُّبَيْرِ «1» بْنِ الْعَوَّامِ فَنَادَى: يَا لخِندِفَ فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ وَمَعَهُ خيف وَهُوَ يَقُولُ: أُخَنْدِفُ إليكَ أَيُّها المُخَنْدِفُ، وَاللَّهِ لَئِنْ كنتَ مَظْلُومًا لأَنْصُرَنَّكَ الخَنْدَفَةُ الهَرْوَلةُ والإِسراعُ فِي المَشْي، يَقُولُ: يَا مَنْ يَدْعُو خنْدفاً أَنا أُجيبُك وآتِيكَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: إِنْ صحَّ هَذَا مِنْ فِعْلِ الزبَير فَإِنَّهُ كَانَ قَبْلَ نَهْي النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، عَنِ التَّعَزِّي بعَزاء الْجَاهِلِيَّةِ. وخَنْدَفَ الرجلُ: انْتَسَبَ إِلَى خِنْدِف؛ قَالَ رُؤْبَةُ: إِنِّي إِذَا مَا خَنْدَفَ المُسَمِّي وخَنْدَفَ الرجلُ: أَسْرَع، وأَما ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الخَدْفِ، وَهُوَ الاخْتِلاسُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَإِنْ صَحَّ ذلك فالخَنْدَفةُ ثلاثية.
خوف: الخَوْفُ: الفَزَعُ، خافَه يَخَافُه خَوْفاً وخِيفَةً ومَخَافةً. قَالَ اللَّيْثُ: خَافَ يَخَافُ خَوْفاً، وَإِنَّمَا صَارَتِ الْوَاوُ أَلفاً فِي يَخَافُ لأَنه عَلَى بِنَاءِ عمِلَ يَعْمَلُ، فَاسْتَثْقَلُوا الْوَاوَ فأَلقَوْها، وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَشياء: الحَرْفُ والصَّرْفُ والصوتُ، وَرُبَّمَا أَلقوا الحَرْفَ بِصَرْفِهَا وأَبقوا مِنْهَا الصَّوْتَ، وَقَالُوا يَخَافُ، وَكَانَ حَدُّهُ يَخْوَفُ بِالْوَاوِ مَنْصُوبَةً، فأَلقوا الْوَاوَ وَاعْتَمَدَ الصَّوْتُ عَلَى صَرْفِ الْوَاوِ، وَقَالُوا خافَ، وَكَانَ حَدُّهُ خوِف بِالْوَاوِ مَكْسُورَةً، فأَلقوا الْوَاوَ بِصَرْفِهَا وأَبقوا الصَّوْتَ، وَاعْتَمَدَ الصَّوْتُ عَلَى فَتْحَةِ الْخَاءِ فَصَارَ مَعَهَا أَلفاً ليِّنة، وَمِنْهُ التَّخْوِيفُ والإِخَافَةُ والتَّخَوُّفُ، وَالنَّعْتُ خَائِفٌ وَهُوَ الفَزِعُ؛ وَقَوْلُهُ:
أَتَهْجُرُ بَيْتاً بالحِجازِ تَلَفَّعَتْ
…
بِهِ الخَوْفُ والأَعْداءُ أَمْ أَنتَ زائِرُهْ؟
إِنَّمَا أَراد بالخَوْفِ المَخَافَةَ فأَنَّث لِذَلِكَ. وَقَوْمٌ خُوَّفٌ عَلَى الأَصل، وخُيَّفٌ عَلَى اللَّفْظِ، وخِيَّفٌ وخَوْفٌ؛ الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ، كلُّهُم خَائِفُونَ، والأَمر مِنْهُ خَفْ، بِفَتْحِ الْخَاءِ. الْكِسَائِيُّ: مَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَنَاتِ الْوَاوِ فَإِنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى فُعَّلٍ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوجه، يُقَالُ: خَائِف وخُيَّفٌ وخِيَّفٌ وخَوْفٌ. وتَخَوَّفْتُ عَلَيْهِ الشَّيْءَ أَي خِفْتُ. وتَخَوَّفَه: كخَافَهُ، وأَخَافَهُ إِيَّاهُ إِخَافَةً وإِخَافاً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وخَوَّفَه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وكانَ ابْن أَجمالٍ إِذَا مَا تَشَذَّرَت
…
صُدُورُ السِّياطِ، شَرْعُهُنَّ المُخَوَّفُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: يَكْفِيهِنَّ أَن يُضْرَبَ غيرُهنّ. وخَوَّفَ الرجلَ إِذَا جَعَلَ فِيهِ الْخَوْفَ، وخَوَّفْتُه إِذَا جعلْتَه بِحَالَةٍ يخافُه النَّاسُ. ابْنُ سِيدَهْ: وخَوَّفَ الرجلَ جَعَلَ الناسَ يَخافونه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ
أَي يَجْعَلُكُمْ تَخَافُونَ أَولياءه؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ يُخَوِّفُكُمْ بأَوليائه، قَالَ: وأَراه تَسْهِيلًا لِلْمَعْنَى الأَول، وَالْعَرَبُ تُضِيفُ المَخافةَ إِلَى المَخُوف فَتَقُولُ أَنا أَخَافُك كخَوْفِ الأَسد أَي كَمَا أُخَوَّفُ بالأَسد؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ قَالَ وَمِثْلُهُ:
وَقَدْ خِفْتُ حَتَّى مَا تزيدُ مَخَافَتِي
…
عَلَى وَعِلٍ، بِذِي المطارةِ، عاقِلِ «2»
كأَنه أَراد: وَقَدْ خَافَ الناسُ مِنِّي حَتَّى مَا تزِيدُ مخافَتُهم إِيَّايَ عَلَى مخافةِ وعِلٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالَّذِي عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَن الْمُصْدَرَ يُضَافُ إِلَى الْمَفْعُولِ كَمَا يُضَافُ إِلَى الفاعل. وفي التنزيل:
(1). قوله [أَيام الزبير إلخ] فِي النِّهَايَةِ وَفِي حَدِيثِ
الزبير وقد سمع رجلًا يقول: يا لخِنْدِف
إلخ.
(2)
. قوله [بذي المطارة] كذا في الأصل، والذي في معجم ياقوت بذي مطارة. وقوله [حتى ما إلخ] جعله الأصمعي من المقلوب كما في المعجم.
لَا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ، فأَضاف الدُّعَاءَ وَهُوَ مُصْدَرٌ إِلَى الْخَيْرِ وَهُوَ مَفْعُولٌ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا: أَعجبني ضرْبُ زيدٍ عمرٌو فأَضافوا الْمَصْدَرَ إِلَى الْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ الخِيفَةُ، والخِيفَةُ الخَوْفُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً
، وَالْجَمْعُ خِيفٌ وأَصله الْوَاوُ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ الْهُذَلِيُّ:
فَلَا تَقْعُدَنَّ عَلَى زَخَّةٍ،
…
وتُضْمِرَ فِي القَلْبِ وجْداً وخِيفاً
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: خَافَه خِيفَةً وخيِفاً فَجَعَلَهُمَا مَصْدَرَيْنِ؛ وأَنشد بَيْتَ صَخْرِ الْغَيِّ هَذَا وَفَسَّرَهُ بأَنه جَمْعُ خِيفَةٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا لأَن المصادِرَ لَا تُجْمَعُ إِلَّا قَلِيلًا، قَالَ: وَعَسَى أَن يَكُونَ هَذَا مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي قَدْ جُمِعَتْ فَيَصِحُّ قَوْلُ اللِّحْيَانِيِّ. وَرَجُلٌ خَافٌ: خائفٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: سأَلت الْخَلِيلَ عَنْ خافٍ فَقَالَ: يَصْلُحُ أَن يَكُونَ فَاعِلًا ذَهَبَتْ عَيْنُهُ وَيَصْلُحُ أَن يَكُونَ فَعِلًا، قَالَ: وَعَلَى أَيّ الْوَجْهَيْنِ وجَّهْتَه فتَحْقِيرُه بِالْوَاوِ. وَرَجُلٌ خَافٌ أَي شديد الخَوْف، جاؤُوا بِهِ عَلَى فَعِلٍ مِثْلَ فَرِقٍ وفَزِعٍ كَمَا قَالُوا صاتٌ أَي شديدُ الصوْتِ. والمَخَافُ والمَخِيفُ: مَوْضِعُ الخَوْفِ؛ الأَخيرة عَنِ الزَّجَّاجِيِّ حَكَاهَا فِي الجُمل. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: نِعْمَ العَبْدُ صُهَيْبٌ لَوْ لَم يَخَفِ الله لم يَعْصِه
، أَراد أَنه إِنَّمَا يُطِيع اللهَ حُبّاً لَهُ لَا خَوْفَ عِقابه، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِقابٌ يَخافُه مَا عَصَى اللهَ، فَفِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَوْ لم يخف الله لم يَعْصِهِ فَكَيْفَ وَقَدْ خَافَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَخِيفُوا الهَوامَّ قَبْلَ أَن تُخيفَكم
أَي احْتَرِسُوا مِنْهَا فَإِذَا ظَهَرَ مِنْهَا شَيْءٌ فَاقْتُلُوهُ، الْمَعْنَى اجْعَلُوهَا تَخَافُكُمْ واحْمِلُوها عَلَى الخَوْفِ مِنْكُمْ لأَنها إِذَا أرادتْكم ورأَتْكم تَقْتُلُونَهَا فَرَّتْ مِنْكُمْ. وخاوَفَني فَخُفْتُه أَخُوفُه: غَلَبْتُه بِمَا يخوِّفُ وَكُنْتُ أَشدَّ خَوْفاً مِنْهُ. وطريقٌ مَخُوفٌ ومُخِيفٌ: تَخافُه الناسُ. وَوَجَعٌ مَخُوفٌ ومُخِيفٌ: يُخِيفُ مَنْ رَآهُ، وخصَّ يَعْقُوبُ بالمَخُوفِ الطَّرِيقَ لأَنه لَا يُخِيفُ، وَإِنَّمَا يُخِيفُ قاطِعُ الطَّرِيقِ، وخصَّ بالمُخِيفِ الوجَعَ أَي يُخِيفُ مَن رَآهُ. والإِخَافَة: التَّخْويفُ. وَحَائِطٌ مَخُوفٌ إِذَا كَانَ يُخْشى أَن يقَع هُوَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وثَغْرٌ مُتَخَوَّفٌ ومُخِيفٌ: يُخافُ مِنْهُ، وَقِيلَ: إِذَا كَانَ الْخَوْفُ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِه. وأَخافَ الثَّغْرُ: أَفْزَعَ. وَدَخَلَ القومَ الخَوْفُ، مِنْهُ؛ قَالَ الزَّجَّاجِيُّ: وقولُ الطِّرِمَّاحِ:
أَذا العَرْشِ إنْ حانَتْ وَفَاتِي، فَلَا تَكُنْ
…
عَلَى شَرْجَعٍ يُعْلى بِخُضْر المَطارِف
ولكِنْ أَحِنْ يَوْمي سَعِيداً بعصْمةٍ،
…
يُصابُونَ فِي فَجٍّ مِنَ الأَرضِ خَائِفِ «1»
هُوَ فاعلٌ فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: خَوِّفْنا أَي رَقِّقْ لَنَا القُرآنَ وَالْحَدِيثَ حَتَّى نَخافَ. والخَوْفُ: القَتْلُ. والخَوْفُ: القِتالُ، وَبِهِ فَسَّرَ اللِّحْيَانِيُّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ
، وَبِذَلِكَ فَسَّرَ قَوْلَهُ أَيضاً: وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ
. والخَوْفُ: العِلْم، وَبِهِ فَسَّرَ اللِّحْيَانِيُّ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً
وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً
. والخَوْفُ: أَديمٌ أَحْمَرُ يُقَدُّ مِنْهُ أَمثالُ السُّيُورِ ثُمَّ يُجْعَلُ عَلَى تِلْكَ السُّيُور شَذْرٌ تَلْبَسُهُ الجارِيةُ؛ الثُّلاثِيَّةُ عَنْ كُرَاعٍ
(1). قوله [بعصمة] كذا بالأصل ولعله بعصبة بالباء الموحدة.
وَالْحَاءُ أَوْلى. والخَوَّافُ: طَائِرٌ أَسودُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدري لِمَ سُمِّيَ بِذَلِكَ. والخَافَةُ: خَريطةٌ مِنْ أَدَمٍ؛ وأَنشد فِي تَرْجَمَةِ عَنْظَبَ:
غَدا كالعَمَلَّسِ فِي خَافَةٍ
…
رُؤُوسُ العَناظِبِ كالعَنْجد «1»
والخَافَةُ: خَريطةٌ مِنْ أَدَمٍ ضَيِّقَةُ الأَعلى واسِعةُ الأَسفل يُشْتارُ فِيهَا العَسلُ. والخَافَةُ: جُبَّةٌ يلْبَسها العَسَّالُ، وَقِيلَ: هِيَ فَرْوٌ مِنْ أَدَمٍ يَلْبَسُهَا الَّذِي يَدْخُلُ فِي بَيْتِ النَّحْلِ لِئَلَّا يلسَعَه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تأَبَّطَ خَافَةً فِيهَا مِسابٌ،
…
فأَصْبَحَ يَقْتَري مَسَداً بِشِيقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، رحمه الله: عَيْنُ خَافَةٍ عِنْدَ أَبي عليٍّ يَاءٌ مأْخوذة مِنْ قَوْلِهِمُ النَّاسُ أَخْيافٌ أَي مُخْتَلِفُون لأَن الخَافَةَ خَرِيطَةٌ مِنْ أَدَم مَنْقُوشَةٌ بأَنواع مُخْتَلِفَةٍ مِنَ النَّقْشِ، فَعَلَى هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَن تُذْكَرَ الخَافَة فِي فَصْلِ خيف، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا هُنَاكَ أَيضاً. والخافةُ: العَيْبةُ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: مَثَلُ المُؤمِن كَمَثَلِ خَافَةِ الزَّرْعِ
؛ الخَافَةُ وِعاء الحَبّ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها وِقايةٌ له، وَالرِّوَايَةُ بِالْمِيمِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. والتَّخَوُّفُ: التَّنَقُّصُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ بأَنه التَّنَقُّصُ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ تَخَوَّفْته أَي تَنَقَّصْتُهُ مِنْ حَافَاتِهِ، قَالَ: فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُهُ، قَالَ: وَقَدْ أَتى التَّفْسِيرُ بِالْحَاءِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ أَو يأْخذهم بَعْدَ أَن يُخِيفَهم بأَن يُهْلِك قَريةً فَتَخَافَ الَّتِي تَلِيهَا؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
تَخَوَّفَ السَّيْرُ مِنْهَا تامِكاً قَرِداً،
…
كَمَا تَخَوَّفَ عودَ النَّبْعةِ السَّفَنُ
السَّفَنُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي تُبْرَدُ بِهَا القِسِيُّ، أَي تَنَقَّصَ كَمَا تأْكلُ هَذِهِ الحَديدةُ خشَبَ القِسيّ، وَكَذَلِكَ التخْويفُ. يُقَالُ: خَوَّفَه وخَوَّفَ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ هُوَ يَتَحَوّفُ الْمَالَ ويَتَخَوّفُه أَي يَتَنَقَّصُه ويأْخذ مِنْ أَطْرافِه. ابْنُ الأَعرابي: تَحَوَّفْتُه وتَحَيَّفْته وتَخَوَّفْتُه وتَخَيَّفْته إِذَا تَنَقَّصْته؛ وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ بَيْتَ طرَفة:
وجامِلٍ خَوَّفَ مِنْ نِيبه
…
زَجْرُ المُعَلَّى أُصُلًا والسَّفِيحْ
يعني أَنه نَقَصَهَا مَا يُنْحَر فِي المَيْسِر مِنْهَا، وَرَوَى غَيْرُهُ: خَوَّعَ مِنْ نِيبه، وَرَوَاهُ أَبو إِسْحَاقَ: مِنْ نَبْتِه. وخَوَّفَ غَنَمَهُ: أَرسلها قِطعة قِطعة.
خيف: خَيِفَ الْبَعِيرُ والإِنسانُ والفرسُ وَغَيْرُهُ خَيَفاً، وَهُوَ أَخْيَفُ بَيِّنُ الخَيَفِ، والأُنثى خَيْفَاء إِذَا كَانَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ سَوْداء كَحْلاء والأُخرى زَرْقاء. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه:
أَخْيَف بَنِي تَيْمٍ
؛ الخَيَفُ فِي الرَّجُلِ أَن تَكُونَ إِحْدَى عَيْنَيْهِ زَرْقَاءَ والأَخرى سَوْدَاءَ، وَالْجَمْعُ خُوفٌ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والأَخْيافُ: الضُّروبُ الْمُخْتَلِفَةُ فِي الأَخْلاق والأَشْكالِ. والأَخْيَافُ مِنَ النَّاسِ: الَّذِينَ أُمُّهم وَاحِدَةٌ وَآبَاؤُهُمْ شَتى. يُقَالُ: الناسُ أَخْيَافٌ أَي لَا يَسْتَوُون، وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي الإِخوة، يُقَالُ: إخوةٌ أَخيَافٌ. والأَخْيَافُ:
(1). قوله [في خَافَة] يروى بدله في حدلة، بالحاء المهملة مضمومة والذال المعجمة، حجزة الإزار، وتقدم لنا في مادة عنجد بلفظ في خدلة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ، وهي خطأ.
اخْتِلَافُ الْآبَاءِ وأَمهم وَاحِدَةٌ، وَمِنْهُ قِيلَ: الناسُ أَخيَاف أَي مُخْتَلِفُونَ. وخَيَّفَتِ المرأَةُ أَولادَها: جَاءَتْ بِهِمْ مُخْتَلِفِينَ. وتَخَيَّفَت الإِبل فِي المَرْعى وَغَيْرِهِ: اخْتَلَفَت وجُوهُها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والخَافَةُ: خريطةٌ مِنْ أَدم تَكُونُ مَعَ مُشْتارِ العَسل، وَقِيلَ: هِيَ سُفْرة كالخَريطة مُصَعَّدةٌ قَدْ رُفعَ رأَسُها لِلْعَسَلِ، قِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لتَخَيُّفِ أَلوانِها أَي اخْتِلافها، قَالَ اللَّيْثُ: تَصْغِيرُهَا خُوَيْفَةٌ واشْتِقاقها مِنَ الخَوْفِ، وَهِيَ جُبة مِنْ أَدَم يَلْبَسُهَا العَسَّالُ والسَّقَّاء، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُهُ اشْتِقَاقُهَا مِنَ الخَوْف خطأٌ وَالَّذِي أَراه الحَوْف، بِالْحَاءِ، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ. وخُيِّفَ الأَمر بَيْنَهُمْ: وُزِّعَ. وخُيِّفت عُمُورُ اللِّثةِ بَيْنَ الأَسنان: فُرِّقَتْ. والخَيْفَانَةُ: الجَرادةُ إِذَا صَارَتْ فِيهَا خُطُوطٌ مُخْتَلِفَةٌ بَيَاضٌ وصُفرة، وَالْجَمْعُ خَيْفَانٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: جَرَادٌ خَيْفَانٌ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الأَلوان والجَرادُ حينئذٍ أَطير مَا يَكُونُ، وَقِيلَ الخَيْفَانُ مِنَ الْجَرَادِ الْمَهَازِيلُ الْحُمْرُ الَّذِي مِنْ نِتاج عَامٍ أَوّل، وَقِيلَ: هِيَ الجَرادُ قَبْلَ أَن تَسْتَوِي أَجْنِحَتُه. وَنَاقَةٌ خَيْفَانَةٌ: سَرِيعَةٌ، شُبِّهَتْ بِالْجَرَادِ لِسُرْعَتِهَا، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ شُبِّهَتْ بِالْجَرَادَةِ لِخِفَّتِهَا وضُمورها؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
فغَدَوْتُ تَحْمِلُ شِكَّتي خَيْفَانَةٌ،
…
مُرْطُ الجِراء لَهَا تَميمٌ أَتْلَعُ
قَالَ أَبو نَصْرٍ: الْعَرَبُ تُشَبِّهُ الْخَيْلَ بالخَيْفَانِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وأَرْكَبُ فِي الرَّوْعِ خَيْفَانَةً،
…
لَهَا ذَنَبٌ خَلْفَها مُسْبَطِرْ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي الصِّحَاحِ:
وأَركب فِي الرَّوْعِ خَيْفَانَةً،
…
كَسا وجْهَها سَعَفٌ مُنْتَشِرْ
وَيُقَالُ: تَخَيَّفَ فُلَانٌ أَلواناً إِذَا تَغَيَّرَ أَلواناً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَمَا تَخَيَّفَ أَلواناً مُفَنَّنَةً،
…
عَنِ المحاسِنِ مِنْ إخْلاقِهِ، الوطْبُ
ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا سُمِّيَتِ الأَرضُ المختلِفةُ أَلوانِ الْحِجَارَةِ خَيْفَاء. والخَيْفُ: جِلدُ الضَّرْع وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: جِلْدُ ضرْع النَّاقَةِ، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ خَيْفاً حَتَّى يخلُوَ مِنَ اللَّبَنِ وَيَسْتَرْخِيَ. وَنَاقَةٌ خَيْفاءُ بَيِّنةُ الخَيَفِ: وَاسِعَةُ جِلْدِ الضَّرْعِ، وَالْجَمْعُ خَيْفَاواتٌ، وخيفٌ الأُولى نَادِرَةٌ لأَن فَعْلاوات إِنَّمَا هِيَ لِلِاسْمِ أَو الصِّفَةِ الْغَالِبَةِ غَلبةَ الِاسْمِ كَقَوْلِهِ، صلى الله عليه وسلم:
لَيْسَ فِي الخَضْراوات صَدقة.
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا كَانَتِ النَّاقَةُ خَيْفاء وَلَقَدْ خَيِفَتْ خَيَفاً. والخَيْفُ: وِعاء قَضِيب الْبَعِيرِ. وَبَعِيرٌ أَخْيَفُ: واسِعُ جِلْدِ الثِّيل؛ قَالَ:
صَوَّى لَهَا ذَا كِدْنةٍ جُلْذِيّا
…
أَخْيَفَ، كَانَتْ أُمّه صَفِيّا
أَي غَزِيرةً. وَقَدْ خَيِفَ، بِالْكَسْرِ. والخَيْفُ: مَا ارْتَفَعَ عَنْ مَوْضِعِ مَجرى السيلِ ومَسيلِ الْمَاءِ وانْحَدَرَ عَنْ غِلَظِ الْجَبَلِ، وَالْجَمْعُ أَخْيَافٌ؛ قَالَ قيسُ بْنُ ذُرَيْحٍ:
فَغَيْقَةُ فالأَخْيَافُ، أَخْيَافُ ظَبْيةٍ،
…
بِهَا مِنْ لُبَيْنَى مَخْرَفٌ ومَرابعُ «2»
(2). قوله [فغيقة إلخ] قبله كما في المعجم لياقوت:
عَفَا سَرِفٌ مِنْ أَهْلِهِ فسراوع
…
فوادي قديد فالتلاع الدوافع