المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثانية: حكم المضارة في الوصية: - لمحات مهمة في الوصية

[سليمان الجاسر]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تعريف الوصية:

- ‌الفرق بين الوصية والوقف:

- ‌الأدلة على مشروعية الوصية:

- ‌أولًا: الأدلة من الكتاب:

- ‌ثانيًا: الأدلة من السنة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌وصية الصحابة رضي الله عنهم:

- ‌رابعًا: المعقول:

- ‌حكم الوصية:

- ‌أولًا: حكم الوصية من حيث الفعل أو الترك:

- ‌1 - الوصية الواجبة

- ‌2 - الوصية المستحبة:

- ‌3 - الوصية المكروهة

- ‌4 - الوصية المحرمة

- ‌5 - الوصية المباحة:

- ‌حكم الوصية المعلقة بشرط:

- ‌حكم الوصية من حيث الصفة الشرعية:

- ‌أولًا: أنها فرض على كل من ترك مالًا:

- ‌ثانيًا: أنها واجبة للوالدين والأقربين غير الوارثين

- ‌حكم الوصية بالمعنى الثاني وهو الأثر المترتب عليها

- ‌فضل الوصية

- ‌نماذج من وصايا السلف:

- ‌الحكمة من الوصية

- ‌أركان الوصية

- ‌أولا: الموصى: والمراد به صاحب الوصية

- ‌ثانيًا: الموصى له: وهو المستفيد من الوصية:

- ‌قبول الموصَى له الوصية:

- ‌هل يشترط إسلام الموصي والموصى له

- ‌ثالثا: الموصَى به

- ‌رابعا: الموصَى إليه (الوصي):

- ‌تنبيهات على الوَصِي:

- ‌خامسا: الصيغة:

- ‌حكم تنفيذ الوصية:

- ‌متى يشرع تنفيذها

- ‌قضاء الدين مقدم على الوصية وجوباً:

- ‌الحث على الوصية في حال الصحة:

- ‌مبطلات الوصية

- ‌مسائل مهمة في أحكام الوصية:

- ‌المسألة الأولى: استحسان تحديد الوصية في شيء معين:

- ‌المسألة الثانية: حكم المضارة في الوصية:

- ‌المسألة الثالثة: مقدار ما يوصَى به:

- ‌المسألة الرابعة: الوصية بالثلث:

- ‌المسألة الخامسة: حكم الوصية بأكثر من الثلث لمن كان له وارث:

- ‌المسألة السادسة: حكم الوصية بأكثر من الثلث لمن لا وارث له:

- ‌المسألة السابعة: تزاحم الوصايا

- ‌المسألة الثامنة: حكم زكاة الموصى به:

- ‌الأمور المعتبرة في إثبات الوصية:

- ‌أولاً: الكتابة:

- ‌ثانياً: الإشهاد:

- ‌ثالثاً: ومما تثبت به الوصية الإشارة:

- ‌حكم التغيير أو الرجوع في الوصية:

- ‌الدليل الإجرائي لكتابة الوصية:

- ‌أحكام لابد من معرفتها عند كتابة الوصية

- ‌المراجع العامة

الفصل: ‌المسألة الثانية: حكم المضارة في الوصية:

‌مسائل مهمة في أحكام الوصية:

‌المسألة الأولى: استحسان تحديد الوصية في شيء معين:

إذا أوصى المسلم بشيء من ماله ثلثاً كان أو أقل منه، احتاج الورثة إلى أن يقوموا بحصر جميع ما خلفه مورثهم للتوصل إلى قدر هذه النسبة، وبما أن الأشياء التي يخلفها الموصي قد تكون كثيرة ومتنوعة، وربما احتاج حصرها لوقت طويل؛ مما يكون سبباً في تعطيل تنفيذ الوصية بعض الوقت، وقد تحدث شقاقاً ونزاعاً بين الورثة؛ لذا فإن من الأولى أن تكون الوصية في عقار، أو عقارات معينة، أو مبالغ محدودة، أو أسهم معلومة، في حدود الثلث فأقل؛ ليكون ذلك أسرع في تنفيذ الوصية، وأسهل على الوارث، وعلى الجهات المختصة من المحاكم وكتابات العدل وكتابات العدل وغيرها (1).

‌المسألة الثانية: حكم المضارة في الوصية:

المضارة في الوصية كبيرة من الكبائر، قال ابن عباس رضي الله عنه:«الإضرار في الوصية من الكبائر» (2).

وقال تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: 12].

قال ابن كثير _رحمه الله_: «لتكن وصيته على العدل لا على الإضرار

(1) نبذة في الوصايا مع بعض النماذج الخاصة بها، لعبد العزيز بن قاسم (ص: 17).

(2)

رواه البيهقي في الكبرى (6/ 271)، وابن عبد البر في الاستذكار (23/ 19)، والتمهيد (5/ 515)، ورواه سعيد بن منصور برقم (343) بلفظ:«الجنف في الوصية والإضرار فيها من الكبائر» ، وروي مرفوعاً ولا يصح، انظر: تفسير ابن كثير (1/ 105)، وسنن الجراقطني وبذيله التعليق المغني (3 - 4/ 151).

ص: 38

والجور والحيف بأن يحرم أحد الورثة أو ينقصه، أو يزيده على ما فرض الله له من الفريضة، فمن سعى في ذلك كان كمن ضاد الله في حكمه وشرعه» (1) ا. هـ.

قال ابن الأثير _رحمه الله_: «ومعنى المضارة في الوصية: أن لا يمضيها، أو ينقص بعضها، أو يوصي لغير أهلها ونحو ذلك» (2) ا. هـ.

والإضرار في الوصية من قبل الموصي بالوصية يكون من قبل الموصي ويكون من قبل الموصى إليه.

فالإضرار بها بأن يوصي بأكثر من الثلث أو يوصي لغير الوارثين مع كون الورثة محتاجين وهذا على نحو ما ذكرناه في أحكام الوصية (3).

قال أبو هريرة رضي الله عنه وروي مرفوعاً-: «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته، فيختم له بشر عمله فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة» ، ثم قال: فاقرؤوا إن شئتم: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} إلى قوله: {عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 13 - 14](4).

(1) تفسير القرآن الكريم (1/ 569).

(2)

جامع الأصول (11/ 626).

(3)

انظر: الملخص الفقهي (2/ 219،220).

(4)

رواه الطبري وابن أبي حاتم في تفسيرهما، كما في تفسير ابن كثير (1/ 461)، والدارقطني فى سننه (4/ 151، رقم7) وغيرهم، وقال ابن كثير: قال الطبري: الصحيح الموقوف. وكذلك قال غير واحد من العلماء. السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، للإمام ضياء الدين المقدسي (5/ 14 - حاشية 5).

ص: 39

ومن الإضرار فيها أيضاً من قبل الموصي تفضيل بعض الورثة على بعض بالوصية له بالمال مضارة بالورثة ونحوه أما الإضرار بالوصية من قبل الموصى إليه فيكون بإهمالها وعدم القيام بحقها أو التصرف فيها بما ليس من مصلحتها بل فيه إفساد لها أو نقص منها ونحو ذلك فهذا إضرار بالوصية.

والإضرار في الوصية نوعان: إثمٌ وجنف.

فالإثم هو الإضرار بالوصية مع القصد، أما الجنف فهو الإضرار بالوصية من دون قصد.

وقد أوضح ابن القيم في إغاثة اللهفان معناهما مع التمثيل لهما وما يجب نحوهما بقوله: «والضرار نوعان: جنف وإثم. فإنه قد يقصد الضرار، وهو الإثم، وقد يضار من غير قصد، وهو الجنف، فمن أوصى بزيادة على الثلث فهو مضار قصد أو لم يقصد، فللوارث رد هذه الوصية. وإن أوصى بالثلث فما دون ولم يعلم أنه قصد الضرار وجب إمضاؤها. فإن علم الموصَى له أن الموصي إنما أوصى ضراراً لم يحل الأخذ، ولو اعترف الموصي أنه إنما أوصَى ضراراً لم تجز إعانته على إمضاء هذه الوصية.

وقد أجاز سبحانه وتعالى إبطال وصية الجنف والإثم، وأن يصلح الوصي أو غيره بين الورثة والمُوصَى له فقال تعالى:{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 182].

وكذلك إذا ظهر للحاكم أو الموصي الجنف، أو الإثم في الوقف ومصرفه أو بعض شروطه فأبطل ذلك مصلحا لا مفسدا. وليس له أن يعين الواقف على إمضاء الجنف والإثم، ولا يصح هذا الشرط ولا يحكم به، فإن الشارع قد

ص: 40