المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نبذة عن حياة الشيخ أحمد بن محمد الأمين بن أحمد بن المختار - مجالس مع فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي

[أحمد بن محمد الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌تصدير

- ‌نبذة عن حياة الشيخ أحمد بن محمد الأمين بن أحمد بن المختار

- ‌مع الشَّيخ مُحمَّد الأمين

- ‌مَجلسٌ مع الشَّيخ المختار بن حامدن الدَّيماني

- ‌رجوعٌ إلى مجلس الشَّيخ المختار بن حامِدُنْ الدَّيماني

- ‌ومَجلسٌ في بيت سماحة الشَّيخ عبد اللَّه الزَّاحم

- ‌ومَجلسٌ في إدارة المعاهد والكليَّات بالرِّياض

- ‌ومجلس مع الشّيخ عبد الله السَّعدوان

- ‌ومَجلس معه في المسجد الحرام

- ‌وشبهُ مَجلِسٍ مع سماحة الشّيخ محمّد الأمين بن محمد الخضر الشنقيطي

- ‌ومَجلسٌ كان داخل المسجد النَّبوي لَمَّا زارَ مَلِكُ المَغْرِب الأقصى مولاي محمَّد بن يوسف المعروف بمحمد الخامس

- ‌وفي مَجلسٍ آخر معه

- ‌ومَجالسُ متتالية ببيتِ فضيلةِ شيخنا عليه رحمةُ الله تفسيرًا للآيات من سورة البقرة من الآية 45 إلى الآية 79

- ‌وبعدَ وفاة الشَّيخ

- ‌الموضوعات التي حاوَرْتُ الشَّيخ حولها

- ‌واوُ العطْفِ ليستْ للمُغايَرَةِ دائمًا

- ‌الإسراف في ادِّعاءِ النَّسخ

- ‌الردُّ على ما نَشَّرتهُ جريدة النَّدوة بقلم الأستاذ أحمد محمَّد جَمال

- ‌بين الشَّيخ الشَّنقيِطي والأستاذ أحمد مُحَمَّد جمال يكتبه أحمد بن أحمد الشنقيطي

- ‌دَعْ عنك العلماء يا جَمَال

- ‌الدَّليلُ على تَفْنيد هذه الفقرة

- ‌ذِكْرُ مَنْ أنكرَ النَّسخ

- ‌لا تُغالِطْ يا أُستاذ

- ‌كلامُ أحمد جَمَال في أهليَّة النَّسَب والدِّين

- ‌خاتمة

الفصل: ‌نبذة عن حياة الشيخ أحمد بن محمد الأمين بن أحمد بن المختار

‌نبذة عن حياة الشيخ أحمد بن محمد الأمين بن أحمد بن المختار

هو الشيخ أحمد بن محمد الأمين بن أحمد بن المختار المحضريّ، ثم الإبراهيمي، ثم الجكنيّ، وُلد أول العقد الخامس مِن القرن الرابع عشر، وعاش بين أبويه إلى أن بلغ سنّ التّعليم، وكان والده إذ ذاك رئيسَ قبيلته، ورئيسَ المحاكم الشرعية، وكان الاستعمار الفرنسي يُشدد وطأته على الرؤساء لأخذ أبنائهم للتّعليم؛ فبسبب ذلك دَفَعَه والدُه لتعليم اللغة الفرنسية، وذهب إلى مَحِلّةِ تُسمى "أباتيلميت"؛ حيث مقرّ الدّراسة هناك، واستمر في تلك الدّراسة حتَّى أنهى المرحلة الابتدائية، ثم توفي والده -عليه رحمة الله-، وبقي يتيمًا، ولكن كانت له همةٌ عاليةٌ حملتْه على النبوغ المبكر.

ولَما بلغ وأدرك أنَّه مِن أسرةِ ذات علمِ أقْبل على التعليم وانقطع له، فذهب إلى محضرة مشهورة هناك تسمى:"محضرة أهل ديد"؛ فلازَم بها الفقيه سيدي جعفر الملقّب بالصحّة، ولم يزل في تلك المحضرة حتَّى قرأ "مختصر خليل"، وأعاده ثانيًا، وقَرَأَ القواعد المعروفة عند المالكيّة بقواعد الفقه، وهي:"المنهج" للإمام

ص: 10

الزقاق، وتكميله لـ: مياره؛ كلاهما مالكي.

ولَما انتهى مِن الدراسة بدأ يحاول التجارة فلم تصلح له، وسافر سنة أربع وسبعين وثلاثمائة وألف إلى الحجاز، وأدى فريضة الحج، ثم لزم الشيخَ الأمين صاحب تفسير "أضواء البيان" وشيخ هذه "المجالس" مدّةً طويلة، وسافر معه إلى الرياض فأحسن صحبته، وصار مِن أخص تلاميذه وأكثرهم انتفاعًا بعلمه.

ولم يزل في المملكة العربية السعودية بعد أن تقلد الوظيفة فيها إلى أن استقلت موريتانيا مِن تحت يد المحتل الفرنسيّ، وعند ذلك تاقت نفسه إلى رؤية مسقط رأسه بعد تحرره من المحتل الغاشم، فذهب إلى موريتانيا وشَغَل فيها عدَّة وظائف في وزارة الخارجية، ثم بدا له أن يترك ذلك ويرجع إلى الوطن الثاني، فذهب إلى الحجاز، وشغل عدَّة وظائف في وزارة الإعلام، ثم في سنة 1389 هـ كُرِّم بنقله إلى الحرم المكّيّ للتدريس فيه، وعين مدرسًا بالمعهد في الحرم المكي.

ومن أهّم ما أُسند إلى الشيخ تدريسُه: أصول الفقه، وأصول التفسير، وألفية ابن مالك، وكان ممتلئًا عِلمًا، له اليد الطّولى في أنساب العرب والسّيرة النّبويّة والأدب والتاريخ، أمّا الفقه وأصوله

ص: 11

فهما فنّاهُ اللذان تخصّص فيهما، ولم يزل بالحرم مدرّسًا إلى سنة 1408 هـ؛ حيث تقاعد.

وللشيخ عدّة مؤلّفات منها "مواهب الجليل من أدلة خليل" في أربعة مجلّدات، وله "تحقيق وتكملة عمود النَّسب في أنساب العرب" في ثلاثة مجلّدات، وله "اختصار زهر الأفنان على حديقة ابن الونّان" في الأدب، وثلاثتها مطبوعةٌ، وله نظْم يبلغ ثمانمائة بيت في البلاغة، وله شرحٌ لمنظومة لعمّته أمّ الخيرات في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وله نظمٌ في أمّهات النّبي صلى الله عليه وسلم، وله شرح على لاميّة الأفعال، وله تهذيبٌ لشرح الشيخ محمد الأمين بن أحمد زيدان على المنهج، ولا يزال الله تعالى مُمْتنًّا على الشيخ بالعمر المبارك مفيدًا ومستفيدًا (1).

مكتب الشؤون الفنية

الكويت

1428 هـ -2007 م

(1) نقلنا هذه الترجمة من مقدّمة كتاب: "نثر الورود على مراقي السّعود"، بقلم الدكتور محمد بن سيدي ابن حبيب الجكني الشنقيطي، بتصرف وزيادة في بعض الألفاظ.

ص: 12

مَجَالِسُ مَعَ

فضيلة الشَّيخ

مُحَمَّد الأَمينِ الجَكَنيّ الشِّنقِيطيِّ - رحمه الله تعالى -

كتبها تلميذُهُ

أحمد بن محمد الأمين بن أحمد الجكني الشنقيطي

المدرِّس سابقًا بالمسجد الحرام

ص: 13

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}

الحمد لله الَّذي بفضله ونعمته وجلاله تتمّ الصَّالحات، والصَّلاةُ والسَّلامُ على سيِّدنا وشفيعنا مُحمد بن عبد الله خاتم النَّبيين صلى الله عليه وسلم، وبارك، وَبجَّل، وكرَّم، وعلى آله الأكرمين، وأصحابه الغُرِّ الميامين الهداة المهديين، وعلى مَن اتَّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.

أمّا بعد؛ فإنَّه لَمَّا منَّ الله عليَّ أن هداني للإيمان، وإني لأرجوه أن يحفظ عليَّ إيماني حتَّى ألقاه وأنا مؤمن، كمنَّهِ علي أنْ جعلني من طلبة العلم عند فضيلة الشيخ محمد الأمين ابن محمد المختار الجكني ثم اليعقوبي، عليه وعلى والدينا رحمةُ اللَّه، وجمعنا الله به وبهم في مستقرِّ رحمته.

لَمّا رأيت هذا العالم الجليل رَنتْ إليه الأبصار، وطار ذكره في الأقطار، وذهب أهل العلم في تقديره والإعجاب به كل مذهب، وجعلوا غايتهم التزام مجالسه العلمية حيثما حلَّ أو ذهب، وكنتُ -أي العبد الفقير- ممن اغترف من مَعينهِ بغُرفةٍ كتبها اللهُ لي، وكنتُ قد صحبتُهُ في فُسحةٍ طيبةٍ من الزمن وشهدتُ عن

ص: 15

كثبٍ وقُربٍ كثيرًا من أحواله وكريم أقواله وفعاله، التي كانت للعلم مدرسةً تطبيقيةً؛ قائمةً بكفايته وحقِّه.

فأحببتُ أن أشارك إخواني طلبة العلم بشيءٍ من خبرِ مجالسِهِ العلمية، عسى أن يشفي غلَّتهم ويروي بعضَ ظمئهم إليه بعضٌ مما يقرأونه في كتابي:"المجالس"؛ هذا الَّذي سيملأ بلبناته قدرًا من الفراغات التاريخية من سيرة حياة شيخنا رحمه الله ويُظهر بعض الحلقات المفقودة من معالم عصره المتوفِّر على أهل العلم، خاصةً لإخواني الناشئين في محاظر الطلب؛ أحداثِ السِّن ممن فاتهم الاتصال العلمي المباشر بشيخنا، عليه رحمة اللَّه؛ أسجِّل فيه علاقتي به، والكيفية التي كانت عليها، وحقيقة القرابة الرابطة بيننا، وصورًا من أفعاله النبيلة وآثار نفسه السَّخية، وإشاراتٍ إلى بصيرته النافذة وعقله الرجَّاح، ودلائلَ على بذخه العلمي وسعة حفظه، كما أسجِّل بعضًا من مجالسه العلمية المتناولة لمزيجٍ متنوِّع من مسائل الاعتقاد، والتفسير، والتاريخ، والفقه، والأدب مما علِقَ بذاكرتي بعدما تطاول عليه العمر، وكان لابدَّ من جمعه وتدوينه خشية عليه من أنْ يطويه النسيان أو يغرقه الضياع.

والمرء مهما حفظ ونسي، فإنه لا ينسى أيام حياته الجميلة، التي قُضيت في تعلُّم العلم وطَلَبه، والرحلة إليه ومجالسة أهله ونُخَبه،

ص: 16

وسماعِ كلام الله تعالى بتفسيره، واستنكاهِ لسان العرب وتنشُّقِ عبيره، ولا إخال أحدًا لقي شيخنا محمَّد الأمين بن محمد المختار الجكني رحمه الله إلا انبهر من سمته وخلقه، وقوة استحضاره وحفظه؛ ويمكن إدراك ذلك من أثر البيئة التي عاشها أو -قل إن شئت- الحضارة العلمية التي خلَّفها أو تركها.

والنّاظر المتفحص لهذه المجالس تتجلى له هذه الظاهرة البيئية عن المجتمع الديني المحيط بشيخنا رحمه الله وما كان عليه أهل الفضل والعلم في زمنه من التواصل والمباسطة، وما تحلوا به من السَّماحة وآداب المباحثة وأخلاق الحوار الراقية؛ تتجلى وتضيءُ بلا خفاء، فرحم الله تلك المجالس العامرة ورحم عمَّارها.

هذا، وإني ألتزم في الكتاب إثباتَ ما حدثني به شيخي -عليه رحمةُ الله- بنفسه أو ما وجدتُهُ مدوَّنًا بخط يده أو ما شهدتُهُ بنفسي معه، وإلّا فأذكر وأسنِدُ المعلومة إلى ناقلها من طلبة شيخنا محمد الأمين رحمه الله، مع التنويه بأنَّ بياني لمنهاج مصادر الكتاب -مع عدم الحاجة الكبيرة إليه! - كان اقتضاء لأصول الأمانة واستيفاء لدواعي التوثُّق.

وأرى أنَّ الكتاب يمثل وثيقةً هامّةً في تَاريخ النّهضة التعليمية

ص: 17

بالقرن الرابع عشر؛ وثيقةً شاهدةً على نبوغ تلكم المرحلة، ومدى صلابة متنها، وثبات أصلها وجذرها بما احتوته من فرسانها وعلمائها، الذين كان شيخنا رائدًا من روادها الأفذاذ، ولله سبحانه وتعالى الفضل والمنة على ذلك.

مع العلم -يا أخي القارئ- أن تدوين المجالس العلمية بعد جمعها وإيراد رواياتها مسندة، نمطٌ من أنماط التآليف العلمية الأصيلة (1) التي قلَّتْ عند الكتَّاب المؤلفين، بل دَرَسَتْ عند متأخريهم لتقادم السنين عن سالف زمانها وتاريخها الماضي؛ لذلك رغبتُ في تجديد العهد بها، وأنْ أتصل إلى تلك المناهج العريقة بسببٍ متين.

ومن جهة أخرى؛ فإني طامعٌ بأنْ يتشجَّع من كانت لديه مسموعاتٌ أو مشاهداتٌ علمية -لفضيلة شيخنا على الإدلاء بها في مؤلَّف مفرَد.

وأستجلبُ في هذا المقام ما أخرجه الإمام مسلم من عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا. ." الحديث، وليكن ذلك لنا شعارًا.

(1) كمجالس الإمام أبي العباس ثعلب رحمه الله.

ص: 18

أقول قولي هذا مُوصيًا أخي القارئ بهذه المجالس خيرًا، وألَّا ينسني أو يبخل عليَّ بدعوة صالحة تنفعني إذا قضيتُ حياتي، واللَّه المستعان، ومنه نستمد العون والسَّداد، وأنْ يسلك بنا سبيل الرَّشاد.

ص: 19