المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌دع عنك العلماء يا جمال - مجالس مع فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي

[أحمد بن محمد الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌تصدير

- ‌نبذة عن حياة الشيخ أحمد بن محمد الأمين بن أحمد بن المختار

- ‌مع الشَّيخ مُحمَّد الأمين

- ‌مَجلسٌ مع الشَّيخ المختار بن حامدن الدَّيماني

- ‌رجوعٌ إلى مجلس الشَّيخ المختار بن حامِدُنْ الدَّيماني

- ‌ومَجلسٌ في بيت سماحة الشَّيخ عبد اللَّه الزَّاحم

- ‌ومَجلسٌ في إدارة المعاهد والكليَّات بالرِّياض

- ‌ومجلس مع الشّيخ عبد الله السَّعدوان

- ‌ومَجلس معه في المسجد الحرام

- ‌وشبهُ مَجلِسٍ مع سماحة الشّيخ محمّد الأمين بن محمد الخضر الشنقيطي

- ‌ومَجلسٌ كان داخل المسجد النَّبوي لَمَّا زارَ مَلِكُ المَغْرِب الأقصى مولاي محمَّد بن يوسف المعروف بمحمد الخامس

- ‌وفي مَجلسٍ آخر معه

- ‌ومَجالسُ متتالية ببيتِ فضيلةِ شيخنا عليه رحمةُ الله تفسيرًا للآيات من سورة البقرة من الآية 45 إلى الآية 79

- ‌وبعدَ وفاة الشَّيخ

- ‌الموضوعات التي حاوَرْتُ الشَّيخ حولها

- ‌واوُ العطْفِ ليستْ للمُغايَرَةِ دائمًا

- ‌الإسراف في ادِّعاءِ النَّسخ

- ‌الردُّ على ما نَشَّرتهُ جريدة النَّدوة بقلم الأستاذ أحمد محمَّد جَمال

- ‌بين الشَّيخ الشَّنقيِطي والأستاذ أحمد مُحَمَّد جمال يكتبه أحمد بن أحمد الشنقيطي

- ‌دَعْ عنك العلماء يا جَمَال

- ‌الدَّليلُ على تَفْنيد هذه الفقرة

- ‌ذِكْرُ مَنْ أنكرَ النَّسخ

- ‌لا تُغالِطْ يا أُستاذ

- ‌كلامُ أحمد جَمَال في أهليَّة النَّسَب والدِّين

- ‌خاتمة

الفصل: ‌دع عنك العلماء يا جمال

كتبتْهُ الدكتورة بنتْ الشاطئ- يتَّجِهُ اتجاهات شبيهة باتجاهات الأستاذ أحمد جَمَال من القولِ برأيه واجتهاده في القرآن من غير دَعْمٍ بالحجج والبراهين التي لابدَّ للعلماء والمفسرين منها، لأنَّ هذه ظاهرة جديدة، فقد يكون السُّكوت عليها من جانب طلبة العلم من التَّقصير الشَّائن.

‌دَعْ عنك العلماء يا جَمَال

!!

ولئن كان الأستاذ أحمد جمال يقول: إني كتبتُ ثُلُثَيْ ما كتبتُهُ في مجال "الهُراء والبَذاءَة"، فقد كانَ أكثر ما كتبتُهُ استشهادات منقولة بالنَّصِّ عن أجلاء أئمةِ التفسير وعلوم القرآن مثل: ابن عطيَّة، وابن العربي، والقرطبي، وأبي حيان، والشَّوكاني، وفي ميدان الأصول عن ابن السُّبكي في جمع الجوامع، وعن شَرْحهِ الضِّياء اللامع لابن حلولو، وعن مراقي السُّعود، إلى غير ذلك.

وفي مجال البَلاغَة عن فحول الفنِّ مثل الخطيب القزويني والعلّامة المرشدي والجلال السُّيوطي فما أشدَّ فخري بهذا الهُراء وهذه البَذاءة إذًا!!

غير أنَّني أَلتَمِسُ العذرَ للأستاذِ أحمد جمال من حيث إنَّهُ إمَّا أنَّ

ص: 289

الحساب قد اختلطَ عليه، وامّا أنّ التعبيرَ قد خانَه.

وأرى الأستاذ أحمد جَمَال لم يركِّز على شيء فيما كتبه في النَّدوة مثل تركيزه على عَيْبي بالتَّعَصُّبِ الذميم. . . وإنِّي، وكذلك كلُّ طالب علم، لأَضُمُّ صوتي إلى صوت الأستاذ أحمد جمال في إعابةِ هذه الخصلة الذَّميمة. . . وإنَّ أشنع ما يكون من ذلك هو ما يكون منهُ تعصُّبًا للنَّفس. . . وقد يكون من غير التَّعصُّبِ في نظر الأستاذ أحمد جمال لو حصل السُّكوتُ مِنَّا على تَقَوُّلاتِهِ على صاحب "دَفْعِ إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" أو عمَّا سيكتبه عن سلطان العلماء العزِّ بن عبد السلام، لو حصلَ مني ذلك لكنتُ عنده -ولا شك- من أشدِّ المتسامحين.

وسوف أخالفُ الأستاذ في هذه فقط، وهي أني لا أعتقد في شَيْخي ولا في غيره من العلماء إلا أنهم يجوزُ عليهم الخطأ والنسيان، وإذا كان ذلك يجوز عليهم فهو على الأستاذ أحمد جَمَال أشدُّ جوازا من باب أَحْرى. . .!!

ومن هنا كانت محاولتي لردِّ أخي إلى صوابه عن طريق الإحالة إلى منابع العلم الأساسية، وباستشهاداتي فيما ذهبتُ إليه بما سقتُه من أدلَّةٍ وحُجَج، وما أحلتُهُ إليه من المراجع لطائفةٍ من أئمة

ص: 290

المسلمين المشهود لهم بالفهم والقَدَم الرَّاسخة في علوم القرآن.

وقريبًا سنطالعُ كتاب الأستاذ أحمد جَمَال "مع المفسرين والكتاب"، وفيه يَرُدُّ دفعةً واحدةً على خيرة العلماء وعلى المشبوهين من المستشرقين واليهود في آنٍ واحد! ذلك الكتاب يردُّ فيه على سلطان العلماء العزّ بن عبد السلام، وعلى جُسْتاف لُبون، وعلى فضيلة الشَّيخ محمَّد الأمين الشَّنقيطي، وعلى جُولد تسهير، والزَّمخشري، والباقوري. . . فهل الموضوع الذي جَمَعَ بين هؤلاء جميعًا هو افتعال المشاكلِ في القرآن؟ نعوذُ باللَّهِ من توُّهمِ ذلك.

يقول الأستاذ أحمد جَمَال في جريدة النَّدوة: "وإلى جوار ملاحظاتي على الشَّيخ الشَّنقيطي ملاحظاتي على سلطان العلماء العزِّ بن عبد السلام رحمه الله في كتابه المفيد في مشكل القرآن إذ إنَّ موضوعهما واحد". . . إلخ.

وكان أحرى بالأستاذ أحمد جمال أن يضمَّ إليهما إمامَ أهلِ السُّنَّةِ أحمد بن حنبل؛ فقد سَبَقَ هذين إلى الكتابة في هذا الموضوع بكتابِهِ: (الردِّ على الزَّنادقة والجهمية) وأن يضيف إليهما أيضًا أبا محمَّد عبد الله بن قُتَيْبَة، فقد صنَّفَ في هذا الموضوع كتابه المعروف بـ (تأويل مشكل القرآن).

ص: 291

تكاثرتِ الظِّباءُ على خِراشٍ

فما يدري خِراشٌ ما يَصيدُ

ولقد صدق الأستاذ أحمد محمَّد جَمال في قوله: "ولو ربطنا بين الآيات ذات الموضوع الواحد والقضية الواحدة، ولو كانت موزَّعة على سورِ متعددة، لما اختلفت معانيها ومقاصدها ولما توهَّمَ مُتَوَهِّمٌ اضطرابًا أو تناقضًا بينها".

ولكن المشكلَ يا أستاذ أحمد جمال بالنسبة لطلبة العلم هو أن هذا الرَّبط بين هذه الموضوعات عزيزُ المنالِ على مَنْ لم يمدَّهُ اللَّهُ بالتوفيق إلى ذلك، وهذا الرَّبط هو وجه الجَمْعِ بين الآيات التي قد يكون ظاهرها متعارضًا في نظر غير المطلِع. . . وهذا بعينه هو ما حَمَلَ العُلماء إلى تبيين وَجْه الجَمْع بين الآيات وما تدلُّ عليه.

وقد اعتنى بذلك الإمام أحمد بن حنبل في الردِّ على الزنادقة والجهمية، وابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن، والعزُّ ابن عبد السلام في المفيد في مشكل القرآن، والشيخ محمَّد الأمين في دَفْع إيهام الاضطراب، للجميع ثوابُ الله وعليهم رحمته.

ولقد حاول الأستاذ أحمد جمال أن يُقلِّل من أهمية هذا الجهد الذي صَرَف له جهابذة علماء التفسير جُزءًا من وقتهم الثمين، فقال: "إنَّ الشَّيخَ الشنقيطي توهَّمَ التَّناقض أو الاختلاف بين

ص: 292

بعض الألفاظ القرآنية ومعانيها، وحاول دفعها بما هو موجود في الآيات نفسها أو بما هو معروف ومعلوم من قواعد اللُّغة العربية" .. إلخ.

وإذا كان الأمر كما ذكر أحمد جَمال فأين يكون إذًا موقف طالب العلم البسيط من هذه الآيات، إذا لم يُقَيِّض الله له مَنْ يُظْهِر له وجه الجمع بينها؟

{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]، {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56]، {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف: 6]، {وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [القصص: 78]، {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 39]، {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101]، {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: 27]، {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: 5] {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4]، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2]، {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} [الرعد: 28].

والأستاذ أحمد جمال يتَّهمني: "بأنّي لم أُورد له استدلالاته

ص: 293

الكاملة في قضية النَّسخ، وواو العطف، ولا في موضوع دعاء موسى وهارون، وقال إنهُ كان عليَّ أن أوردَ نصَّ ما قال كاملًا بحججه واستدلالاته ثم أُعَقِّب عليه ليميِّزَ القارئ بين الخطأ والصَّواب"!

والمشكلةُ التي واجهتني وأنا أحاول ذلك هي أنِّي لم أجد له استدلالات! فهو لم ينسب "رأيا" مِمَّا ساقه إلى أحد، ويظهرُ أنَّ ما قاله هو من بنات أفكاره هو، وذلك ليس بدليل في المناقشات العلميَّة، ولا يستحق الاعتداد به، وهذا هو أساس القضية معه.

إنَّنا نرفضُ ما يذهبُ إليه إذا كان "مجرد رأيهِ الخاص" بدون أن يسوقَ معه دليلًا.

وفيما كتبتُهُ في جريدة المدينة أحلتُهُ إلى كتب التَّفسير والأصول واللغة وآراء العلماء في مناقشاتي له مختَصِرًا حسب الإمكان.

وأُعَرِّجُ الآن إلى ما كتبه أحمد جَمَال لأزيده تفنيدًا، وأُوَضِّحَ ذلك إيضاحًا، وأُبَيِّنَهُ تبيانًا؛ قال الأستاذ أحمد جمال:"وذهب بعض الباحثين في علوم القرآن والمتدبِّرين لأحكامه وأخباره إلى القول إلى أنَّه لا نَسْخَ في القرآن إطلاقًا".

وهذه الطَّائفة من الباحثين الذين أشار إليهم الأستاذ أحمد جمال،

ص: 294