المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل وكانت فتواه هذه نحو سنة (709هـ) وبعد سنين: - مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور

[عبد العزيز بن فيصل الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌تقدِيْمُ مَعَالِي الشَّيْخِ العَلامَةِ الدّكتورِ صَالِحِ بن ِفوْزَان بن ِعَبْدِ اللهِ الفوْزَان

- ‌فصل فِي الأَحَادِيْثِ النبَوِيَّةِ الناهِيَةِ عَن ِالصَّلاةِ فِي المقابرِ، وَعِنْدَ القبور

- ‌فصل في اخْتِلافِ الأَئِمَّةِ في صِحَّةِ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ، مَعْ قوْلِهمْ بتَحْرِيْمِهَا

- ‌فصل في حُكمِ صَلاةِ مَنْ صَلى عِنْدَ قبْرٍ غيْرَ عَالمٍ باِلنَّهْيّ

- ‌فصل في حُكمِ صَلاةِ مَنْ صَلى عِنْدَ قبْرٍ، غيْرَ عَالِمٍ به

- ‌فصل في بُطلان ِصَلاةِ مَنْ صَلى عِنْدَ قبْرٍ اتفاقا مِنْ غيْرِ قصْدٍ له

- ‌فصل في حُكمِ الصَّلاةِ إلىَ القبوْر

- ‌فصل وَكانتْ فتْوَاهُ هَذِهِ نَحْوَ سَنَةِ (709هـ) وَبَعْدَ سِنِينَ:

- ‌فصل وَقدِ انْتَصَرَ لِشَيْخِ الإسْلامِ رحمه الله ُ

- ‌فصل فِي نقض ِشُبُهَاتِ المعْتَرِض ِعَلى تَحْرِيْمِ الصَّلاةِ مُطلقا في المقابرِ وَعِنْدَ القبور

- ‌فصل فِي نقض ِدَلِيْلِهِ الثانِي، وَهُوَ بنَاءُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مَسْجِدَهُ في مَقبَرَةٍ للمُشْرِكِيْن

- ‌فصل أَمّا مَعْنَى «المقبَرَةِ»: فهيَ أَرْضٌ فِيْهَا قبوْرٌ

- ‌فصل في رَدِّ زَعْمِهِ أَنَّ الدَّلِيْلَ إذا تَطرَّقَ إليْهِ الاحْتِمَالُ، بَطلَ بهِ الاسْتِدْلالُ

- ‌فصل أَمّا اسْتِدْلالُ هَؤُلاءِ المبْطِلِيْنَ، عَلى صِحَّةِ أَعْمَالهِمُ الشِّرْكِيَّةِ

- ‌فصل ثمَّ إنَّ هَؤُلاءِ مَعَ فسَادِ دِينِهمْ وَعقوْلهِمْ: مُتنَاقِضُوْنَ كثِيْرًا

- ‌فصل في اغتِرَارِ الأَتبَاعِ بمَا زَينهُ لهمُ الشَّيْطانُ فِي مَتْبُوْعِيْهمْ مِنْ مَخَارِيْقَ شَيْطانِيَّةٍ

- ‌فصل

- ‌فصل وَمَعَ أَنَّ الدُّعَاءَ وَالاسْتِغاثة َوَالذَّبحَ لِلأَمْوَاتِ أَنبيَاءً وَصَالحِينَ وَغيْرِهِمْ:

- ‌خاتمة

- ‌الفهرس

- ‌فهرس الموضوعات التّفصيلي والفوائد

- ‌فهْرِسُ الموْضُوْعَاتِ الإجْمَالِيّ

الفصل: ‌فصل وكانت فتواه هذه نحو سنة (709هـ) وبعد سنين:

وَقدْ ثبتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم في «الصَّحِيْحِ» : أَنهُ كانَ يَقوْلُ: «إنَّ مَنْ كانَ قبْلكمْ، كانوْا يَتَّخِذُوْنَ القبوْرَ مَسَاجِدَ، أَلا فلا تَتَّخِذُوْا القبوْرَ مَسَاجِدَ، فإني أَنهَاكمْ عَنْ ذلك» ، وَالله ُ أَعْلم) اه كلامُ شَيْخِ الإسْلامِ رحمه الله.

‌فصل وَكانتْ فتْوَاهُ هَذِهِ نَحْوَ سَنَةِ (709هـ) وَبَعْدَ سِنِينَ:

أَنكرَ فتيَاهُ هَذِهِ جَمَاعَة ٌ مِنْ أَهْل ِ البدَعِ سَنَة َ (726هـ)، وَحَصَلَ لهُ رحمه الله ُ بسَببهَا، مِحَنٌ عَظِيْمَة ٌ، وَضَجَّ المبطِلوْنَ مِنْهَا، وَشَرِقوْا بهَا، وَلمْ يَسْتَطِيْعُوْا دَفعَهَا، فكذَبوْا عَليْهِ، وَحَرَّفوْا مُرَادَهُ، لِينفرُوْا النّاسَ مِنْهُ، وَيَحْمِلوْا بذَلِك َ عَليْهِ، وَزَعَمُوْا أَنهُ يُحَرِّمُ زِيَارَة َ قبْرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مُطلقا، وَمَزَاعِمَ أُخْرَى كاذِبة ً، وَكتبُوْا إلىَ السُّلطان ِ بذَلِك َ، فحَبسَهُ سُلطانُ مِصْرَ بقلعَةِ دِمَشْقَ، بكتَابٍ وَرَدَ مِنْهُ في شَهْرِ شَعْبَانَ سنة (726هـ).

قالَ الحافِظُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدِ بْن ِعَبْدِ الهادِي المقدِسِيُّ (ت744هـ) في «العُقوْدِ الدُّرِّيةِ» بَعْدَ أَنْ سَاقَ هَذِهِ الفتْيَا كامِلة ً (ص330 - 341): (هَذَا آخِرُ مَا أَجَابَ بهِ شَيْخُ الإسْلامِ، وَالله ُ سبحانه وتعالى أَعْلم.

وَلهُ مِنَ الكلامِ في مِثْل ِ هَذَا كثِيرٌ كمَا أَشَارَ إليْهِ في الجوَاب.

وَلمّا ظفِرُوْا في دِمَشْقَ بهَذَا الجوَابِ: كتبوْهُ وَبعَثوْا بهِ إلىَ الدِّيارِ المِصْرِيةِ، وَكتبَ عَليْهِ قاضِي الشّافِعِيَّةِ: «قابلتُ الجوَابَ عَنْ

ص: 95

هَذَا السُّؤَال ِ المكتوْبِ عَلى خَط ِّ ابْن ِ تَيْمية َ فصَحَّ».

إلىَ أَنْ قالَ: «وَإنمَا المخزِي جَعْلهُ: زِيَارَة َ قبْرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَقبوْرِ الأَنْبيَاءِ رِضْوَانُ اللهِ تَعَالىَ عَليْهمْ أَجْمَعِيْنَ مَعْصِيَة ً باِلإجْمَاعِ، مَقطوْعًا بهَا» هَذَا كلامُه.

فانْظرْ إلىَ هَذَا التَّحْرِيْفِ عَلى شَيْخِ الإسْلامِ، وَالجوَابُ ليْسَ فِيْهِ المنْعُ مِنْ زِيَارَةِ قبوْرِ الأَنْبيَاءِ وَالصّالِحِينَ، وَإنمَا ذكرَ فِيْهِ قوْليْن ِ: في شَدِّ الرَّحْل ِ، وَالسَّفرِ إلىَ مُجَرَّدِ زِيَارَةِ القبُوْر.

وَزِيَارَة ُ القبُوْرِ مِنْ غيْرِ شَدِّ رَحْل ٍ إليْهَا مَسْأَلة ٌ، وَشَدُّ الرَّحْل ِ لِمُجَرَّدِ الزِّيارَةِ مَسْأَلة ٌ أُخْرَى.

وَالشَّيْخُ لا يَمْنَعُ الزِّيارَة َ الخالِية َ عَنْ شَدِّ رَحْل ٍ، بَلْ يَسْتَحِبُّهَا وَيَنْدُبُ إليْهَا. وَكتبُهُ وَمَنَاسِكهُ تَشْهَدُ بذَلِك َ، وَلمْ يَتَعَرَّض ِ الشَّيْخُ إلىَ هَذِهِ الزِّيارَةِ فِي الفتْيَا، وَلا قالَ:«إنهَا مَعْصِيَة ٌ» ، وَلا حَكى الإجْمَاعَ عَلى المنْعِ مِنْهَا، وَالله ُسُبْحَانهُ وَتعَالىَ لا تَخْفى عَليْهِ خَافِيَة.

وَلمّا وَصَلَ خَط ُّ القاضِي المذْكوْرِ إلىَ الدِّيارِ المِصْرِيَّةِ: كثرَ الكلامُ، وَعَظمَتِ الفِتْنَة ُ، وَطلِبَ القضَاة ُ بهَا، فاجْتَمَعُوْا وَتكلمُوْا، وَأَشارَ بَعْضُهُمْ بحَبْس ِ الشَّيْخِ، فرَسَمَ السُّلطانُ بهِ، وَجَرَى مَا تقدَّمَ ذِكرُه.

ثمَّ جَرَى بَعْدَ ذلِك َ أُمُوْرٌ عَلى القائِمِيْنَ في هَذِهِ القضِيَّةِ، لا يُمْكِنُ ذِكرُهَا في هَذَا الموْضِع.

ص: 96

وَقدْ وَصَلَ مَا أَجَابَ بهِ الشَّيْخُ فِي هَذِهِ المسْأَلةِ إلىَ عُلمَاءِ بَغْدَادَ، فقامُوْا في الانْتِصَارِ لهُ، وَكتبُوْا بمُوَافقتِهِ، وَرَأَيتُ خُطوْطهُمْ بذَلِك َ، وَهَذَا صُوْرَة ُ مَا كتبوْا) ثمَّ أَوْرَدَهَا ابنُ عَبْدِ الهادِي رحمه الله ُ، وَرَحِمَهُمْ.

وَذكرَ الحافِظ ُ عَلمُ الدِّيْن ِ أَبوْ مُحَمَّدٍ القاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بن ِ يُوْسُفَ البرْزَالِيُّ (ت739 هـ) في «تارِيْخِهِ» : أَنَّ شَيْخَ الإسْلامِ اعْتقِلَ بقلعَةِ دِمَشْقَ، عَصْرَ الاثنيْن ِ سَادِسَ عَشْرَ شَعْبَانَ سَنَة َ (726هـ).

ثمَّ قالَ: (وَفي يَوْمِ الجمْعَةِ عَاشِرِ الشَّهْرِ المذْكوْرِ: قرِئَ بجَامِعِ دِمَشْقَ الكِتَابُ السُّلطانِيُّ، الوَارِدُ باِعْتِقالِهِ وَمَنْعِهِ مِنَ الفتيا.

وَهَذِهِ الوَاقِعَة ُ سَببهَا: فتيا وُجِدَتْ بخطهِ في السَّفرِ وَإعْمَال ِ المطِيِّ إلىَ زِيارَةِ قبوْرِ الأَنبيَاءِ عَليْهمُ الصَّلاة ُ وَالسَّلامُ، وَقبوْرِ الصّالحِيْن) اه مِنَ «البدَايَةِ وَالنِّهَايَة» (14/ 107).

وَقالَ الحافِظ ُ العِمَادُ ابْنُ كثِيْرٍ في «البدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ» (14/ 108) في حَوَادِثِ سَنَةِ (726هـ): (ثمَّ يَوْمَ الخمِيْس ِ [11/ 11/726هـ] دَخَلَ القاضِي جَمَالُ الدِّين ِابنُ جملة َ، وَناصِرُ الدِّين ِ مَشَدُّ الأَوْقافِ، وَسَأَلاهُ عَنْ مَضْمُوْن ِ قوْلِهِ في مَسْأَلةِ الزِّيارَة. فكتَبَ ذلِك َ في دَرْجٍ، وَكتبَ تَحْتَهُ قاضِي الشّافِعِيَّةِ بدِمَشْقَ:«قابَلتُ الجوَابَ عَنْ هَذَا السُّؤَال ِ المكتوْبِ عَلى خَطِّ ابْن ِ تَيْمية َ» إلىَ أَنْ قالَ: «وَإنمَا المخزِي جَعْلهُ زِيارَة َ قبْرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَقبوْرِ الأَنبيَاءِ صَلوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَليْهمْ مَعْصِيَة ً باِلإجْمَاعِ، مَقطوْعًا بهَا» .

ص: 97