المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الكتب والصحف الرقم ثمانية تأليف جان غولمييه - عرف قراء الثقافة الأستاذ جان غولمييه - مجلة «الثقافة» السورية - جـ ٨

[خليل مردم بك]

الفصل: ‌ ‌الكتب والصحف الرقم ثمانية تأليف جان غولمييه - عرف قراء الثقافة الأستاذ جان غولمييه

‌الكتب والصحف

الرقم ثمانية

تأليف جان غولمييه

-

عرف قراء الثقافة الأستاذ جان غولمييه رحالة وكاتباً اجتماعياً وها هو الآن ينشر مجموعة قصص تحت عنوان الرقم ثمانية. فالرقم ثمانية هو رقم الدفتر الصغير الذي حمله الأستاذ غولمييه عندما كان جندياً في سوريا وحوادث قصصه تجري أغلبها في أراضي سوريا وغايتنا الوحيدة من هذه الأسطر هي أن نعرف هذه المجلة على محتوى القصص التي تؤلف هذا الكتاب:

فالحكاية الأولى عنوانها الحياة جميلة وقد انتخب العنوان الأستاذ غولمييه عن تهكم لأنها حكاية محزنة وبطلها يدعى كلود مايار وقد ترك وطنه وتجند في جيش المستعمرات وكانت فرقته في بيروت حيث التحقت به امرأته وابنته الصغيرة ولكن كلود في الجيش اتخذ عادات شنيعة منها لعب القمار والرهان في سباق الخيل وقد خسر ماله واستدان من رفاقه ثم رأى نفسه مضطراً أن يسرق من خزينة الجيش وقد حاول مراراً أن يمتنع من الذهاب إلى سباق الخيل ولكنه كان يمل ويضجر ثم تعود على الميسر لمقاومة الضجر. سرق مرة أولى ثم كرر عمله ولما اقتربت ساعة الفضيحة ذهب إلى سوق من أسواق بيروت وأطلق على نفسه بعض عيارات نارية رمته صريعاً على الأرض. مات كلود ورجعت امرأته مع ابنتها إلى فرنسا إلى والده المسكين الذي ظن أن كلود ذهب ضحية الواجب ثم عرف الحقيقة عندما حاول أن يقبض مساعدة مالية لامرأة ابنه. وتنتهي القصة بيأس والد كلود وانقطاع أمله.

2 -

كان الجندي السنغالي لفباسي بسيط القلب لطيف المعشر جاهلاً بكل ما يتعلق بفن الحرب وبينما كان يوماً بعيداً عن فرقته ظن أحد الضباط أنه ينتسب إلى فرقة أخرى وأن اسمه كيكي مادو، وفرقة كيكي مادو على وشك الرحيل إلى سوريا فقبض حينئذ على لفباسي وأرغم على السفر إلى مرسيليا ومن هناك أبحر إلى بيروت. وفي لم يستطع لفباسي أن يفوه ببنت شفة خوفاً من العقاب حتى مرض ومات وقبر في مقبرة سورية ونعاه

ص: 70

ملازم من الجيش قائلاً كيكي مادو نم بسلام وافتخر بخدماتك لفرنسا وقد أتيت حراً متحمساً من قريتك البعيدة إلى هذه البلاد لكي تجيب نداء الوطن وقد قمت بواجبك وسيحفظ رفاقك منك تذكاراً خالداً

هكذا مات لفباسي المسكين ولم بعرف أحد حقيقة أمره.

أما الحكاية الثالثة فتجري أغلب حوادثها في دمشق وضواحيها لأنها تدور حول إحدى المومسات الإفرنجيات اللواتي أطلق عليهن الشرق اسم ارتيست وقد وصف لنا الأستاذ غولمييه، محل اللهو المعروف باولمبيا حيث يعرفنا بتلك الارتيست التي تدعى ايفيت وبسبب قدومها إلى سوريا. نشأت ايفيت في عائلة شريفة فقيرة فمات والدها وتركا لها أخاً صغيراً اسمه جان فاضطرت ايفيت لأن تتعاطى الفحش في سبيل تعليمه وتربيته. ولما شب جان تجند في سوريا عندما كانت الثورة الدرزية مشتعلة في دمشق والجهات وقتل في إحدى المواقع التي جرت في الغوطة بعد أن أوصى رفيقاً من رفاقه بالذهاب إلى مدينة بوردو في فرنسا لكي يخبر أخته بوفاته ولما سمعت ايفيت بهذا الخبر المؤلم أرادت أن تأتي بنفسها إلى سوريا لترى المحل الذي قتل فيه أخوها ودفن.

الجندية في المستعمرات أو البلاد البعيدة عن فرنسا لا توافق جميع الشبان وقد صرح بذلك المسيو غولميية مراراً في حكاية الأرتيست ولكن بعض الرجال خلقوا ليعيشوا في المهنة العسكرية ولا يصلحون لغيرها ولا للحياة خارج الجيش وهذه الحقيقة تظهر جلياً في القصة الرابعة والخامسة وهي كلها قصص محزنة قصها الأستاذ غولميية من غير أن يتحامل على الجندية كما ظن بعض الناقدين ولكنه أراد أن يضرب لنا أمثالاً عن نفسية الجنود في المستعمرات عامة وفي البلاد السورية خاصة. قال منهم من كان غليظاً سافلاً مثل المدعو اليازي ومنهم من كان جاهلاً وشجاعاً مثل الجندي كنس منهم من كان رقيق الشعور فيفسد الجيش أخلاقه في غالب الأحيان ويسبب هلاكه وتعسه في الحياة. وإنشاء الأستاذ غولميية بسيط ساذج بعيد عن التصنع وقد وصف بعض مناظر سوريا بدقة يستحق الثناء عليها.

أنور حاتم

النثر العربي في القرن الرابع للهجرة

الموضوع شائع ومعروف، غير أنه رغم شيوعه لم يطرقه أحد بصورة جدية ولم تتناوله

ص: 71

بعد وسائل البحث العلمي التحليلي الحديث. والقرن الرابع كما لا يخفي هو من أهم العصور الأدبية لما له من صفات تميزه عن بقية العصور السابقة لأن كتاب هذا العصر حاولوا بكل ما وأتوه من جهد ونشاط تنميق النثر وتحسينه بالألفاظ المنتخبة مع عناية فائقة بالشعر لكي يخلقوا بيد القارئ عند قراءته قطعة من نثر حاسة فنية تشبه تماماً الحاسة التي يشعر بها عند قراءته قطعة شعرية.

يلك هي الأسباب التي حدت بالأستاذ كي مبارك إلى أن يجعل من النثر العربي في القرن الرابع للهجرة موضوعاً لأطروحته لجامعة باريس بعد أن بين في مقدمة وجيزة أن بحثه لا يتناول سوى خصائص النثر الفني أي الذي عملت فيه الصنعة عملها لا النثر المعروف في كتابه المؤلفات العلمية والتاريخية.

1 -

شيوع السجع والعناية الفائقة فيه وقد تعدى استعمال السجع الرسائل العامة إلى الرسائل الخاصة والمجادلات العلمية في حين أنه يجب أن تمنع خطورة هذه المواضيع الناس عن العناية بالألفاظ والالتفات غليها ومثال على ذلك الجدال الذي حدث بيوفيه ن بديع الزمان الهمذاني والخوارزمي وكتاب الأخير إلى رؤساء الشيعة في نيسابور.

2 -

الميل إلى الاستشهاد بالأشعار والأمثال وقد جرت العادة أن يستهل الكاتب رسالته بشعر أو شعرين تناسب الموضوع عوضا عن أن يبتدأ كما - في العصور السابقة - بذكر اسم الله والصلاة على نبيه وقد أورد المؤلف مثالاً على نلك كتاب بديع الزمان الهمذاني للخوارزمي وفيه يدعوه لمساجلة علنية بيد أن أكثر الكتاب في هذا العصر لم يتقيدوا بهذه القواعد بل استشهد بعضهم في رسائله بقطعة شعرية وآخرون بمثل شائع أو بقطعة بليغة وبعضهم دخل رأساً في الموضوع.

3 -

طرق كتاب القرن الرابع للهجرة مواضيع كانت فيما سبق في حوزة الشعر مثل الهجاء والوصف والرثاء مع العناية بالصور والمطابقة والتجانس وقد أراد الكتاب بذلك كما يرى الأستاذ زكي مبارك أن يعطوا لرسائلهم شكلاً فنياً يسهل على الذاكرة حفظها بدون تعب ولا عناء

4 -

أن شيوع القرآن في البلاد التي وقعت تحت سيطرة الإسلام جعل العرب يهتمون بالبحث عن أصول لغتهم ودرس قواعدها ودقائقها، ومن هنا يستنتج المؤلف أن خصائص

ص: 72

النثر العربي في القرن الرابع لم تكن شائعة في قطر دون آخر بل أن هذا النثر كان شائعاً في قطر دون آخر بل أن هذا النثر العربي كان شائعاً في أوساط البلاد الأدبية ورغم أن كل بلد احتفظ بلهجته الخاصة في الكلام والتخاطب نرى أن لغة القرآن بقيت ومازالت المثل الأعلى للكتابة في اللغة العربية.

ولا يغربن عن البال أن ما نسميه الصنعة أو ما دعاها المؤلف كانت الصفة الغالبة على النثر في هذا العصر وهنا لابد لنا أن نعرض لنظرية ابتدعها المسيو وليام أستاذ الآداب العربية في الكوليج دي فرانس في بحث طويل عن نشوء النثر الأدبي عند العرب وشايعه عليه الأستاذان طه حسين وأحمد ضيف وملخصه أن الصنعة اللفظية هي من أصل أجنبي وأن أول من اخترع النثر الأدبي عند العرب هو ابن المقفع الفارسي أي أن النماذج الصحيحة للنثر الأدبي عند العرب لا يجب أن تلتمس في القرآن - كما يرد الأستاذ زكي مبارك - لأن القرآن هو أقرب بأسلوبه إلى الشعر منه إلى النثر كما أنه لا يجب أن يلتمس هذا النثر في الحديث لأن أكثره مزور ومدسوس وأن ما يظهر عليه من صفات النثر المنمق الصحيح هو من وضع العصور المتأخرة إلى غير ذلك من الآراء التي هي ظاهرة للرأي السائد في أوساط المستشرقين من أن العرب مدينون للفرس واليونان بعلومهم وآدابهم وفنونهم وجميع منتخبات أفكارهم، وقد أفرد الأستاذ زكي مبارك فصلاً في كتابه للرد على هذه المزاعم وحاول أثبات أن الصنعة في النثر العربي ليست مقتبسة عن الفرس وإنما هي خاصة من خواص العبقرية العربية ثم أن ابن المقفع الذي ينسب إليه المستشرقون خلق النثر الأدبي عند العرب عاش في محيط فارسي وقرأ كتباً فارسية ولو أن الذي قالوه عن الصنعة الكتابية أنها من أصل فارسي لكان حري بابن المقفع أن يتأثر منها وهو الذي كانت كتابته من أرقى ما كتب في اللغة العربية وأبعدها عن الصنعة الكتابية والتكلف اللفظي.!

وفي الكتاب فصل ممتع عن الحياة العقلية في القرن الرابع للهجرة فقد ترك لنا كتاب هذا القرن رسائل ومؤلفات هي صورة صادقة لما جرى في هذا العصر من أهم الحوادث والأمور ولعل أهم هذه الأحداث هو نضال الشيعة في سبيل حقوقهم المشروعة وما جرت عليهم مطالبتهم بالخلافة من ويلات واضطهادات، والمنازعات التي اشتد أوارها بين

ص: 73

الفرس والعرب فقد اجتهد العرب بالرد على الشعوبية وقام هؤلاء بدورهم يعدون مثالب العرب ويظهرون عيوبهم وقد كان للكتاب والوزراء والولاة نصيب كبير في إذكاء هذه النار بين الكتاب، فكثرت المؤلفات في هذا الموضوع نذكر منها رسائل بديع الزمان الهمذاني التي تعد بحق صورة واضحة لعقلية أهل هذا العصر.

والخلاصة أن القرن الرابع للهجرة ذو أهمية كبرى في تاريخ الأدب والثقافة العربية وقد كان للمنازعات السياسية والخصومات الأدبية والعصبية الجنسية أثرها في تكوين هذا النثر ودفعه في طريق التطور السريع.

إبراهيم الكيلاني

جغرافية العراق

أصدر الأستاذ الفريق طه الهاشمي كتابه الأخير جغرافية العراق الذي هو أحد مؤلفاته الثمانية عشر التي خصص أكثرها للبحث في شؤون العراق التاريخية والجغرافية وقد وضع هذا الكتاب الأخير لطلبة المدارس المتوسطة ودور المعلمين فجعله كتاباً مدرسياً عالج فيه ما يجب أن يعالج من أحوال العراق الجغرافية، بدأ يوصف وضع العراق الجيولوجي ووضعها الأرضي ثم درس أنهار العراق وبحيراته وإقليمه وحيواناته ونباتاته والحياة الاجتماعية فيه فتكلم عن سكان العراق وقبائله والبطون والأفخاذ التي تتشعب عن هذه القبائل ثم عالج الوضع الإداري فتطرق للبحث في التشكيلات الإدارية في زمن العثمانيين وقبلهم ثم وصف بوضوح وجلاء شأن العراق الإداري بعد الحرب العامة فعدد المدائن والقرى والقصبات في العراق وانتقل لمعالجة الشؤون الاقتصادية والزراعية فتكلم عن الري والزراعة وطرق الحاصلات والمعادن والمناجم والصناعات والتجارة وما إليها من الواردات والصادرات وقد زين جميع هذه الفصول بالصور والرسوم مما زاد في وضوح الأبحاث وسهولة تفهمها. ويقع الكتاب في 247 من القطع الكبير،

جيد الطبع صقيل الورق تكاد لا تخلو صفحة من صفحاته من عدة رسوم يضاف إلى ما حواه من الخرائط والمصورات ولولا بعض تشويه وعدم وضوح في أكثر صوره ورسومه ووفرة الأغلاط المطبعية فيه لكان الكتاب نموذجاً لما تصدره العراق من مؤلفات جديدة وهو من الكتب التي يجدر مطالعتها ليس بالطلاب فقط بل بكل من يود أن يعرف عن العراق ما

ص: 74

لا يستغنى عنه كل مثقف في أقطار الشرق العربي.

ك. د

ص: 75