المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وجود الله ووحدانيتهوالقضاء والقدر - مجلة المنار - جـ ١٦

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (16)

- ‌المحرم - 1331ه

- ‌فاتحة السنة السادسة عشرة

- ‌الدعوة إلى انتقاد المنار

- ‌الجهاد أو القتال في الإسلام

- ‌فتاوى المنار

- ‌عبر الحرب البلقانيةوخطر المسألة الشرقية [*](1)

- ‌أحوال مسلمي الصين

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌أبو سعيد العربي الهندي

- ‌صفر - 1331ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌الدولة العثمانيةتعلق مسلمي الهند وغيرهم وآمالهم فيهاونظرة في حالها ومستقبلها

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌الانقلاب الخطروجمعية الأحمرين الدم والذهب

- ‌ربيع أول - 1331ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌عبر الحرب البلقانيةوخطر المسألة الشرقية(5)

- ‌نظريتي في قصة صلب المسيحوقيامته من الأموات(2)

- ‌خطبة لرأس هذه السنة الجديدةسنة 1331 هجرية [

- ‌الفهم والتفاهم

- ‌بيان حزب اللامركزية الإدارية العثماني [*]

- ‌حديث كامل باشامع مؤسس المؤيد

- ‌اللامركزية الإداريةحياة البلاد العثمانية

- ‌ربيع الآخر - 1331ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌إذن سلطانيعن فتوى شيخ الإسلام بالحكم بغير المذهب الحنفي

- ‌لائحة الإصلاح لولاية بيروت

- ‌كتاب سياسيللعبرة والتاريخ

- ‌انتقاد لائحة الإصلاح البيروتية

- ‌المسألة العربية عند الاتحاديين

- ‌الصلح بعد سوء العاقبة

- ‌مستقبل الدولة العثمانية

- ‌جمادى الأولى - 1331ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌محاورة بين عالم سياسي وتاجر ذكيفي المركزية واللامركزية

- ‌نظرةفي كتب العهد الجديدوفي عقائد النصرانية(2)

- ‌دعاة النصرانيةفي البحرين وبلاد العرب

- ‌جمعية خدام الكعبة [*]

- ‌كتاب متصرف عسيروقائدها سليمان باشا إلى السيد الإدريسي [*](يطلب فيه الاتفاق وعقد الصلح)

- ‌الكتاب الذي أرسل إلى السيد الإدريسيمن مأمور مفرزة (ميدي)

- ‌المؤتمر العربي بباريسوحزب اللامركزية بمصر

- ‌أخبار مختصرة مفيدة

- ‌جمادى الآخر - 1331ه

- ‌إشكالان في حديث وآيتين

- ‌ما الحكمة في الذبح

- ‌نظرةفي كتب العهد الجديدوفي عقائد النصرانية(3)

- ‌تاريخ الجهمية والمعتزلة [*]

- ‌قانون جماعة خدام الكعبة

- ‌السيد الإدريسيوالحكومة العثمانية

- ‌تفريط الاتحاديين بحقوق الدولةفي خليج فارس والعراق والطرف الشرقي من جزيرة العرب

- ‌الأخبار والآراء

- ‌رجب - 1331ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌نظرةفي كتب العهد الجديدوفي عقائد النصرانية(4)

- ‌تاريخ الجهمية والمعتزلة [*]

- ‌نظرة في الحرمين الشريفينومشروع جماعة خدام الكعبة

- ‌احتفال لتكريمأحمد فتحي باشا زغلول

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة [*]

- ‌قتل محمود شوكت باشا

- ‌الأخبار والآراء

- ‌شعبان - 1331ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌تاريخ الجهمية والمعتزلة [*]

- ‌فرنسا الإسلامية

- ‌المجلة المصرية الفرنسيةورأيها في المنار

- ‌الاتفاق الإنكليزي التركيعلى خليج فارس وشط العرب

- ‌مذهب الإباضيةفي صلاة المسافر والاستفتاح والتأمين

- ‌إحراق الكتب الضارة والفرق بينها

- ‌الإصلاح والاتفاقبين الاتحاديين والعرب

- ‌أهم الأنباء والحوادث

- ‌رمضان - 1331ه

- ‌أسئلة من البحرين

- ‌تاريخ الجهمية والمعتزلة

- ‌نموذجمن إنشاء طلبة السَّنة التمهيديةلمدرسة دار الدعوة والإرشاد

- ‌قرارات المؤتمر السوري العربي

- ‌شوال - 1331ه

- ‌وجود الله ووحدانيتهوالقضاء والقدر

- ‌تاريخ الجهمية والمعتزلة

- ‌العرب والعربيةبهما صلاح الأمة الإسلامية

- ‌نزوح العرب عن أسبانيا

- ‌تركيا في بلاد العرب

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة [*]

- ‌حركة الأمة الهندية الشرقيةوالحكومة الهولندية

- ‌الإصلاح اللامركزي في البلاد العربيةواتفاق الترك مع العرب

- ‌ذو القعدة - 1331ه

- ‌صرف الزكاةللإعانة على تعليم القرآن والكتابةوغيرهما من العمل النافع

- ‌تاريخ الجهمية والمعتزلة [*]

- ‌بيان للأمة العربية من حزب اللامركزية [*]

- ‌الجنسية واللغة

- ‌صحيفةالتيمس الأفريقية ومجلة الشرق

- ‌مصاب مصر والصحافة العربية الإسلاميةبالشيخ علي يوسف رحمه الله تعالى

- ‌الأزهر ودعاة النصرانية

- ‌بيان حزب اللامركزية والإصلاح في الولايات

- ‌عناية نظارة المعارف المصرية باللغة العربية

- ‌ذو الحجة - 1331ه

- ‌أنا عربي وليس العرب مني

- ‌تحويل مصلحة الأوقاف العمومية بمصر إلى نظارة

- ‌الإصلاح في نظارة المعارففي عهد أحمد حشمت باشا

- ‌الإسلام وحرية العقيدةوكتاب الدعوة الإسلامية

- ‌المرأة قبل الإسلام وبعده

- ‌سقوط مسقط [*]

- ‌الشيخ علي يوسف(2)

- ‌الأخبار والآراء

- ‌خاتمة السنة السادسة عشرة

الفصل: ‌وجود الله ووحدانيتهوالقضاء والقدر

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌وجود الله ووحدانيته

والقضاء والقدر

(س 37-39) من صاحب الإمضاء الشهير بفاقوس:

حضرة الأستاذ الحكيم السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار الأفخم، تحية

وسلامًا وأشواقًا، وبعد فأرجو أن تجيبوا بالبرهان الكافي والبيان الشافي في المنار

الآن على هذه الأسئلة:

(1)

شاع وذاع وملأ الأسماع أن أستاذًا ملحدًا تلقى العلوم في مدرسة

المعلمين وكمل بمدارس أوربة وعين مدرسًا بمدرسة التجارة بمصر، أنكر وجود

الخالق تعالى مستندًا على علم الطبيعة الذي يبحث فيه عن أشياء الكون الظاهر

الموجودات قائلاً أمام الطلبة: الاعتقاد بوجود الإله من الأوهام التي لم يقم عليها

دليل علمي ولا برهان حسي.

(2)

مما ألقاه هذا الأستاذ الملحد من الشُّبَه على عقيدة القضاء والقدر أمام

الطلبة أن الإنسان أثناء ملابسة الشرور إما أن يكون في سلطة القضاء والقدر أو لا؟

فإن قيل بالإيجاب امتنعت عنه المسئولية، وصار غير مستحق للجزاء لا شرعًا

ولا قانونًا، وإن قيل بالسلب بطل القضاء والقدر. وأما القول بأنه مجبور باطنًا

مختار ظاهرًا فهو من السفسطائيات التي لا يرضاها العلم والفلسفة.

(3)

سأل سائل (المقتطف) كيف اعتقد بعض فلاسفة اليونان تعدد الآلهة

مع قيام البرهان العقلي على التوحيد الخالص؟

فأجاب (المقتطف) : إن البرهان العقلي لا ينفي التوحيد ولا يثبته، وإنما

ثبت التوحيد بالإلهام. فأعاد السائل السؤال فأعاد (المقتطف) الجواب بما لا يخرج

عن معنى ما تقدم.

هذا وأرجو أن يكون الجواب بالأدلة العقلية والعلمية والفلسفية والتاريخية على

الطريقة العصرية؛ ولكم من الله الأجر، ومن الأمة الشكر، ودمتم لصديقكم

المخلص.

...

...

...

... أحمد محمد الألفي

...

...

...

... خادم العلم الشريف

الأدلة العلمية على وجود الله تعالى

(ج) -1 - إذا صح ما نقل عن ذلك المدرس بمدرسة التجارة فهو جاهل

مغرور لا يعلم العلم الإلهي ولا العلم الطبيعي، فلم يقل عالم ولا عاقل مؤمن ولا

ملحد: إن العلم الطبيعي ينفي وجود الخالق، وكل ما زعمه بعض من طمست

بصيرتهم في ذلك أن العلم الطبيعي لا يثبت وجود الخالق ولا ينفيه، ولكن السواد

الأعظم من عقلاء البشر وعلمائهم أثبتوا وجود الخالق بالبراهين العقلية والحجج

العلمية، والمثبت مقدم على النافي؛ لأن نفي ما عدا المحال جهل؛ لأنه عبارة عن

عدم العلم بالنفي، وقد صرحتم فيما نقلتموه عن ذلك الملحد الجديد بأنه استدل على

عدم وجود الخالق بعدم الدليل العلمي والبرهان الحسي على وجوده، وعدم الدليل لا

يقتضي عدم المدلول، على أن دعوى عدم الدليل باطلة، والصواب عدم علمه هو

بالدليل، وعدم العلم بالشيء لا يقتضي عدم ذلك الشيء باتفاق العقلاء، بل هو من

البديهيات، وفي كتب الكلام كثير من الأدلة العقلية على وجود الخالق، وفي القرآن

كثير من الأدلة العقلية والأدلة العلمية الكونية على ذلك.

وقد كتب محرر المقتطف مقالة عنوانها آياته في خلقه شرح فيها الدلائل

العقلية والطبيعية على وجود الخالق تعالى نشرناها في جزء ذي الحجة سنة 1328

بعد مقدمة وتمهيد في الدين والإلحاد والاشتراكية (راجع ص 913 م13) .

* * *

القضاء والقدر

(2)

ما قاله ذلك الأستاذ الملحد في القضاء والقدر مبني على جهله بمعنى

القضاء والقدر، وظنه أنه عبارة عن الجبر وسلب الاختيار، وهو ظن باطل آثم،

وقد بيَّنَّا حقيقة المسألة في المنار مرارًا فلا نعيدها عند هذيان كل هاذ، والسائل

الفاضل يعرف مواضع تحرير هذه المسألة من المنار.

* * *

وحدانية الخالق

(3)

وأما مسألة وحدانية الخالق عز وجل فهي تُعْلَمُ من الدلائل على وجود

الخالق؛ لأن تلك الدلائل تثبت وجود خالق واحد، والتعدد مسألة ثانية لا تحتاج إلى

دليل آخر، والعدد لا نهاية له، فلا بد لمثبت التعدد من دليل يرجِّح به العدد الذي

يدعيه على غيره. وتعلم من دلائل أخرى مبنية على تلك الدلائل، فمقالة المقتطف

التي أشرنا إليها آنفا تثبت وجود الله تعالى ووحدانيته معًا، وما قال المقتطف: إن

التوحيد إنما عرف بالإلهام إلا ذهولاً عن هذا المعنى وعن دلائل التوحيد الأخرى،

وسبحان المنزه عن الغفلة والذهول.

وجمهور فلاسفة اليونان كانوا إلهيين موحدين وأثبتوا وجود الواجب بالأدلة

النظرية، وهؤلاء هم الفلاسفة الإلهيون، وأما الماديون فلا يثبتون إلهًا ليثبتوا

توحيده، وما ذكر في خرافات اليونان من تعدد الآلهة لا يعني به أن واجب الوجود

الذي يطلقون عليه اسم (علة العلل) أي لكل موجود حقيقة لها عدة أفراد، وإنما ذلك

مبني على نظريات أخرى في نظام كل أمر كلي عام، لا محل هنا لشرحها،

لا يتسع وقتنا الآن ولا هذا الجزء من المنار لإطالة الكلام في هذه المسألة فنكتفي بأن

نُذَكِّرَ السائل - وهو من أهل العلم الذين تكفيهم الإشارة - ببعض البراهين العقلية

والطبيعية:

فمنها الاستدلال بوجود الممكنات في جملتها على وجود الواجب؛ إذ يستحيل

أن تكون قد أوجدت نفسها، وأن تكون وجدت من العدم المحض بدون موجد فلم يبق

إلا أن لها مُنشِئًا وجوديًّا آخر ليس من جنسها، أي ليس من الممكنات، وهو الواجب

الأزلي الذي وجوده ذاتي له، وهو حقيقة واحدة اضطر العقل إلى إثباتها مع عدم

معرفة كنهها، فلا مجال لدعوى التعدد فيها إلا التحكم والغرض رجمًا بالغيب من

مكان بعيد.

ومنها أن فرض تعدد الوجود الواجب يوقع العقل في مشكلات لا يمكن

التفصي منها إلا بإبطال الفرض وإثبات الوحدة. فإن الواجب الذي أثبت العقل

وجوده هو مصدر وجود الممكنات في جملتها؛ لأن كل ممكن منها يجوز أن يكون

مصدرُه ممكنًا آخر، وأما جملة الممكنات في أسبابها ومسبباتها، فلا يمكن أن تكون

هي مصدر نفسها ولا أن يكون جزء منها مصدر الكل، ولا أن تكون من العدم

المحض بغير موجد كما تقدم آنفًا، فالوجود الواجب الذي أثبتناه هو مصدر مجموع

الممكنات، ولا معنى لذلك إلا أنها صادرة بإرادته حسب علمه وهما صفتان ذاتيتان

واجبتان له، فإذا فرضنا وجود واجب آخر يكون ذلك تناقضًا معناه أن جملة

الممكنات صادرة عن كل منهما غير صادرة عنه؛ لأن القول بصدورها عن كل

واجد يقتضي عدم صدورها عن الآخر الذي هو غيره ذاتًا وعلمًا وإرادة، فإذا

استطعت أن تفرض وجود واجبين أو أكثر؛ لأن الفرض لا حجر فيه فيتناول

المحال، فإنك لا تستطيع أن تثبت ذلك ولا أن تتفصى من مشاكله.

ولك أن تقول من وجه آخر: إن الخالق هو مصدر هذه الموجودات ومصدر

التدبير والنظام فيها، فإذا فرضنا تعدده المستلزم لاختلاف صفاته من العلم والحكمة

والإرادة والقدرة؛ إذ لا معنى للتَّعدُّد إلا هذا، لزم من هذا الفرض أن يكون التدبير

والنظام صادرين عن علمين أو علوم مختلفة وإرادات متباينة وذلك يستلزم اختلاف

المرادات لاختلاف المعلومات، التابعين لاختلاف كنه الذات، وبذلك يختل النظام

وتفسد الكائنات. وهو هذا برهان التمانع في قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَاّ

اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (الأنبياء: 22) أي في السموات والأرض.

ومن الأدلة الكونية الطبيعية على الوحدانية ما يؤخذ من قول جماهير علماء

الكون إن لمجموع الكائنات مصدر وحدة من حيث المادة والقوة، مجهول الكنه

والحقيقة.

دع ما يدل عليه النظام العام في الخلق من وحدة مصدره، ودع ما يدل عليه

العلم الطبيعي من كون العناصر البسيطة التي يتركب منها عالم المادة لا بد لها من

مبدأ وحدة، وتذكر قولهم: إن الفاعل في مادة الكون الأولى الذي جعلها أطوارًا

انتقلت من طور منها إلى طور بسنن طبيعية مطردة في منتهى الإبداع والنظام إنما

هو شيء وجودي سموه القوة.

وتذكرْ اعترافهم بالعجز عن معرفة كنه تلك القوة التي هي حقيقة واحدة، وأن

عمل القوة بالنظام الدقيق لا يعقل إلا أنه عمل عن علم وحكمة، يُفْتح لك باب آخر

من دلائل التوحيد والوحدة، فإن ادعاء أن هذه القوة عرض ذاتي للمادة لا يقوم

البرهان إلا على ضده؛ لأنه يقتضي أن تكون هذه التطورات التركيبية أزلية وهي

حادثة قطعًا.

ثم تذكر بعد ذلك كله ما انفتح من أبواب العلم لإثبات ما وراء المادة، فإن لم

تعد منها مسألة إدراك الأرواح وظهور آثارها فلا يَفُتْكَ أن منها ما يسمونه اليوم

بالعقل الباطن، وللمقتطف فيه مقالة نشرت في جزء أغسطس من هذا العام، وهذا

يحتاج كغيره إلى شرح في جزء خاص.

_________

ص: 721