المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تقريظ المطبوعات الجديدة - مجلة المنار - جـ ١٦

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (16)

- ‌المحرم - 1331ه

- ‌فاتحة السنة السادسة عشرة

- ‌الدعوة إلى انتقاد المنار

- ‌الجهاد أو القتال في الإسلام

- ‌فتاوى المنار

- ‌عبر الحرب البلقانيةوخطر المسألة الشرقية [*](1)

- ‌أحوال مسلمي الصين

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌أبو سعيد العربي الهندي

- ‌صفر - 1331ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌الدولة العثمانيةتعلق مسلمي الهند وغيرهم وآمالهم فيهاونظرة في حالها ومستقبلها

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌الانقلاب الخطروجمعية الأحمرين الدم والذهب

- ‌ربيع أول - 1331ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌عبر الحرب البلقانيةوخطر المسألة الشرقية(5)

- ‌نظريتي في قصة صلب المسيحوقيامته من الأموات(2)

- ‌خطبة لرأس هذه السنة الجديدةسنة 1331 هجرية [

- ‌الفهم والتفاهم

- ‌بيان حزب اللامركزية الإدارية العثماني [*]

- ‌حديث كامل باشامع مؤسس المؤيد

- ‌اللامركزية الإداريةحياة البلاد العثمانية

- ‌ربيع الآخر - 1331ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌إذن سلطانيعن فتوى شيخ الإسلام بالحكم بغير المذهب الحنفي

- ‌لائحة الإصلاح لولاية بيروت

- ‌كتاب سياسيللعبرة والتاريخ

- ‌انتقاد لائحة الإصلاح البيروتية

- ‌المسألة العربية عند الاتحاديين

- ‌الصلح بعد سوء العاقبة

- ‌مستقبل الدولة العثمانية

- ‌جمادى الأولى - 1331ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌محاورة بين عالم سياسي وتاجر ذكيفي المركزية واللامركزية

- ‌نظرةفي كتب العهد الجديدوفي عقائد النصرانية(2)

- ‌دعاة النصرانيةفي البحرين وبلاد العرب

- ‌جمعية خدام الكعبة [*]

- ‌كتاب متصرف عسيروقائدها سليمان باشا إلى السيد الإدريسي [*](يطلب فيه الاتفاق وعقد الصلح)

- ‌الكتاب الذي أرسل إلى السيد الإدريسيمن مأمور مفرزة (ميدي)

- ‌المؤتمر العربي بباريسوحزب اللامركزية بمصر

- ‌أخبار مختصرة مفيدة

- ‌جمادى الآخر - 1331ه

- ‌إشكالان في حديث وآيتين

- ‌ما الحكمة في الذبح

- ‌نظرةفي كتب العهد الجديدوفي عقائد النصرانية(3)

- ‌تاريخ الجهمية والمعتزلة [*]

- ‌قانون جماعة خدام الكعبة

- ‌السيد الإدريسيوالحكومة العثمانية

- ‌تفريط الاتحاديين بحقوق الدولةفي خليج فارس والعراق والطرف الشرقي من جزيرة العرب

- ‌الأخبار والآراء

- ‌رجب - 1331ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌نظرةفي كتب العهد الجديدوفي عقائد النصرانية(4)

- ‌تاريخ الجهمية والمعتزلة [*]

- ‌نظرة في الحرمين الشريفينومشروع جماعة خدام الكعبة

- ‌احتفال لتكريمأحمد فتحي باشا زغلول

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة [*]

- ‌قتل محمود شوكت باشا

- ‌الأخبار والآراء

- ‌شعبان - 1331ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌تاريخ الجهمية والمعتزلة [*]

- ‌فرنسا الإسلامية

- ‌المجلة المصرية الفرنسيةورأيها في المنار

- ‌الاتفاق الإنكليزي التركيعلى خليج فارس وشط العرب

- ‌مذهب الإباضيةفي صلاة المسافر والاستفتاح والتأمين

- ‌إحراق الكتب الضارة والفرق بينها

- ‌الإصلاح والاتفاقبين الاتحاديين والعرب

- ‌أهم الأنباء والحوادث

- ‌رمضان - 1331ه

- ‌أسئلة من البحرين

- ‌تاريخ الجهمية والمعتزلة

- ‌نموذجمن إنشاء طلبة السَّنة التمهيديةلمدرسة دار الدعوة والإرشاد

- ‌قرارات المؤتمر السوري العربي

- ‌شوال - 1331ه

- ‌وجود الله ووحدانيتهوالقضاء والقدر

- ‌تاريخ الجهمية والمعتزلة

- ‌العرب والعربيةبهما صلاح الأمة الإسلامية

- ‌نزوح العرب عن أسبانيا

- ‌تركيا في بلاد العرب

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة [*]

- ‌حركة الأمة الهندية الشرقيةوالحكومة الهولندية

- ‌الإصلاح اللامركزي في البلاد العربيةواتفاق الترك مع العرب

- ‌ذو القعدة - 1331ه

- ‌صرف الزكاةللإعانة على تعليم القرآن والكتابةوغيرهما من العمل النافع

- ‌تاريخ الجهمية والمعتزلة [*]

- ‌بيان للأمة العربية من حزب اللامركزية [*]

- ‌الجنسية واللغة

- ‌صحيفةالتيمس الأفريقية ومجلة الشرق

- ‌مصاب مصر والصحافة العربية الإسلاميةبالشيخ علي يوسف رحمه الله تعالى

- ‌الأزهر ودعاة النصرانية

- ‌بيان حزب اللامركزية والإصلاح في الولايات

- ‌عناية نظارة المعارف المصرية باللغة العربية

- ‌ذو الحجة - 1331ه

- ‌أنا عربي وليس العرب مني

- ‌تحويل مصلحة الأوقاف العمومية بمصر إلى نظارة

- ‌الإصلاح في نظارة المعارففي عهد أحمد حشمت باشا

- ‌الإسلام وحرية العقيدةوكتاب الدعوة الإسلامية

- ‌المرأة قبل الإسلام وبعده

- ‌سقوط مسقط [*]

- ‌الشيخ علي يوسف(2)

- ‌الأخبار والآراء

- ‌خاتمة السنة السادسة عشرة

الفصل: ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌تقريظ المطبوعات الجديدة

(العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ)

هذا الكتاب من تصنيف أحد علماء اليمن المجتهدين، الشيخ صالح

مهدي المقبلي المتوفى سنة 1108، وكان في الأصل على مذهب الزيدية

ولكنه قرأ كتب الكلام والأصول وعرف مذاهب الفرق كلها وكتب التفسير

والحديث وسائر العلوم، وطلب بذلك الحق ومرضاة الله تعالى، فانتهى به ذلك

إلى ترك التمذهب وقبول الحق الذي يقوم عليه الدليل، وقد شهد له الإمام الشوكاني

بالاجتهاد المطلق، وهو يشرح في هذا الكتاب أمهات المسائل التي وقع الخلاف

فيها بين المذاهب الشهيرة كالأشعرية والمعتزلة وأهل السنة والشيعة الزيدية

والإمامية وكذا الصوفية. ويبين ما يظهر له أنه هو الحق ولا يتعصب لمذهب

على مذهب، وهذا هو مراده الذي يدل عليه اسم كتابه.

وقد توسع في الكلام على مسائل التحسين والتقبيح العقليين، والكسب

والاختيار والجبر، وأفعال الباري تعالى وأفعال العباد، ورواية الحديث

ونقدها، والجزاء والتوبة، وافتراق المسلمين والفرقة الناجية المشار إليها في

الحديث، والطائفة التي تبقى ظاهرة على الحق لا يضرها من خالفها فيه،

وعنده أن أهل الحق يكونون من مجموع المسلمين لا من أهل مذهب معين،

وبيَّن في هذا المقام مفاسد الخلاف بين المسلمين ومضاره، ومسألة وحدة

الوجود وحقيقة حالة أهلها، ولا تكاد تجد كتابًا منشورًا تعرف منه حقيقة

مذهب المعتزلة والزيدية غير هذا الكتاب، ومنه تعلم أن أكثر ما تجده في كتب

العقائد المتداولة من مذهب المعتزلة خطأ؛ لأنه مِن نقل المخالفين لهم نظروا

إليه بعين السخط، ونقلوه بالمعنى لا بالنص، وتصرفوا فيه كما فهموا، وبهذا

يتجلى لك صدق قول العلماء من أن نقل المخالف لا يعتد به.

كان هذا الكتاب من الأسرار والمخبآت يكتمه كل من يظفر بنسخة منه

إعجابًا به وخوفًا من الناس أن يشنعوا عليه؛ لأنه يخالف كل مذهب من

المذاهب في بعض المسائل، وإن لم يخرج عن مجموعها في شيء، وهو شديد

الحملة على ما يعتقد بطلانه، قوي الإنكار لا يتحامى التشنيع والنبذ بالألقاب

المنكرة، فهو في هذا الخلق يشبه الإمام ابن حزم الذي هجر جمهور الناس كتبه

في الأصول والفقه لشدة إنكاره على مخالفيه من أئمة الفقهاء، ونبزهم بلقب

الجهل وما أشبهه من الألقاب، ولولا ذلك لاشتهرت كتبه وأخذ الناس

بها، وترك كثير منهم مذاهبهم إليها؛ لأنها في الذروة العليا، كما شهد بذلك سلطان

العلماء الشيخ عز الدين بن عبد السلام الشهير إذ سئل عن أحسن ما كتبه المسلمون

في الفقه فقال: (المحلى) لابن حزم و (المغني) للشيخ الموفق، وأنا أرى

أن كتب ابن حزم هي أكبر وأوسع مادةً استمد منها شيخا الإسلام ابن تيمية وابن

القيم. ولكنهما كانا أنزه قلمًا وأشد أدبًا مع الأئمة.

فكتاب (العلم الشامخ) ككتاب (المحلى) هو من الكتب التي يستفيد منها

العلماء الخواص أصحاب العقول والأفهام المستقلة والصدور الواسعة، وقد نقل

عنه شيخ الأزهر العطار الشهير في حاشيته على الجلال المحلي، فدل ذلك

على أن الكتاب كان يتداوله العلماء ويتناسخونه كما كانوا يتناقلون قبل ذلك

كتب ابن حزم.

وقد تصدى لطبع هذا الكتاب منذ ثلاث سنين بعض الشرفاء والفضلاء

الحجازيين والسوريين بعد أن استنسخه بعضهم من مكتبة حسين حسني أفندي

الذي كان شيخَ الإسلام في دار السلطنة، ولما قيل له: إننا نريد طبعه، قال:

ومن يتجرأ على طبعه؟ ومن عاش معظم عمره في حجر السلطة الحميدية

تحيط به جواسيسها لا يبعد منه أن يقول مثل هذا القول، على أنه رحمه الله

كان من أوسع علماء الآستانة صدرًا، وأشدهم تسامحًا، وكان معجبًا بالكتاب

ضنينًا به، ولكنه سمح بنسخه، ولو علم بما يطبع في مصر من كتب الفِرق

والجدل، ومن كتب دعاة النصرانية، لرأى الفرق الكبير بين مصروالآستانة

حتى في عهدها الذي يسمى الدستوري.

طبع الكتاب مع زوائده: (الأرواح النوافخ لإيثار آثار الآباء والمشايخ)

الذي أوضح به مسائله وفند به كلام من أنكر عليه بعضها، ووضعت له عدة

هوامش فيها انتقاد على المؤلف بعضها من النسخة الأصلية يوشك أن تكون

للمحقق الشوكاني.

وهو مطبوع على ورق جيد وصفحاته تناهز 800 صفحة، ولهما

فهرس واسع جدًّا مرتب على حروف المعجم، وثمن النسخة منه 25 قرشا،

وأجرة البريد للخارج خمسة قروش، وللقطر المصري 25 مليما، وهو يطلب

من مكتبة المنار بشارع عبد العزيز بمصر.

***

(رسالة بغية الراغبين، وقرة عين أهل البلد الأمين، فيما يتعلق بعين

الجوهرة السيدة زبيدة أم الأمين)

تأليف العالم الفاضل السيد عبد الله بن السيد محمد صالح الزواوي الحسني

الإدريسي المدرس بالمسجد الحرام ورئيس لجنة عين زبيدة

رسالة تشتمل على ذكر أحوال عين زبيدة التي يستقي منها أهل البلد

الحرام (مكة) والوافدون لحج البيت العتيق مع بيان التصليح والترميم مما

أحدثته اللجنة المشكلة تحت رعاية صاحب السيادة والدولة أمير مكة المعظم،

ورئاسة مؤلف هذه الرسالة، ثم بيان خطط البلد الأمين.

وقد تبرع السيد عمر الخشاب الكتبي بطبع هذه الرسالة؛ إعانةً على

المشروع الجليل النفع، العميم الفائدة، ومن يطلع على هذه الرسالة يعلم أن

إعانات عين زبيدة إنما أنفقت في طريقها وعلى وجهها، فنشكر للمؤلف سعيه

في سبيل الله وخدمة بلده الحرام.

...

...

***

...

...

(كفاية الطالبين لرد شبهات المبشرين)

تأليف الشيخ محمد عبد السميع الحفناوي مدرس اللغة العربية بالمدارس الحرة

صفحاته 133 بقطع، (الإسلام والنصرانية) ، مطبوع بمطبعة أبي الهول

بالقاهرة سنة 1330 على ورق نظيف متوسط ثمنه ثلاثة قروش، ويطلب من

مكتبة المنار بمصر.

موضوع الكتاب الرد على دعاة النصرانية، وقد أبطل المؤلف به ادعاء

النصارى كون كتبهم كتبت بإلهام من الله، وبيَّن اختلافاتها وأغلاطها وأنحى

على عقيدة التثليث ببراهين وأدلة عقلية، وكذلك فعل في نفي الشريك والولد

عن الله تعالى، وفي إبطال ما يتمسك به النصارى من صلب المسيح، وتكلم

على حقية القرآن ووجوه إعجازه، وفي نبوة سيد الأنبياء صلى الله عليهم وسلم

مستدلاًّ على ذلك بنصوص كتبهم التي يسمون مجموعها الكتاب المقدس، ورد

شبهات أولئك الدعاة، وختم الكتاب بمقابلته بين آيات من القرآن الشريف

وجمل من العهد العتيق والعهد الجديد.

***

(كتاب أمراض النساء)

تأليف الدكتور نجيب بك محفوظ الطبيب بمستشفى القصر العيني صفحاته

176 بقطع، (الإسلام والنصرانية) طبع بمطبعة التوفيق، ويشتمل على 45

شكلاً من أشكال الأعضاء والأدوات، يباع بعشرين قرشًا في المكاتب الشهيرة

بمصر.

هذا الكتاب من الكتب العلمية السهلة الفهم التي تفيد مطالعتها الخاصة

والعامة خصوصًا الذين يتعلمون الجراحة بغير اللغة العربية، فنشكر لمؤلفه

على اجتهاده ونتمنى لكتابه الانتشار ليعم نفعه.

***

(كتاب الفتوحات الإلهية في مجمل العلوم الأزهرية، وكتاب التسهيلات

الإلهية في أصول الحنفية والشافعية)

كلاهما تأليف الشيخ أحمد بن محمد درويش القاضي الشرعي وأحد علماء الأزهر

طبع الكتابان في القاهرة بمطبعة مقداد، على ورق نظيف بقطع المنار،

صفحات الأول منها 27، تكلم فيه مؤلفه في تعريف أشهر العلوم الأزهرية

تعريفًا أزهريًّا مصطلاحيًّا، وبيان موضوعاتها وفوائدها ومسائلها، وصفحات

الثاني 200 واسمه يدل على موضوعه، ويطلبان من مكتبة المنار بمصر.

***

(حكم النبي محمد)

للفيلسوف تولستوي

تعريب سليم أفندي قبعين، صفحاته 77 بقطع تفسير الفاتحة، مطبوع

بمطبعة التقدم بمصر، ويطلب من مكتبة المنار وثمنه قرش واحد صحيح.

بحث مؤلف هذا الكتاب في حالة المسلمين الدينية في روسية وشرح ما

قاسوه من الاضطهاد بسبب دينهم، وما منحهم إياه القيصر نقولا الثاني من

حرية عود المتنصرين جبرًا إلى دينهم، ومن حرية المدافعة عن الدين، ونشر

الجرائد بلغة المسلمين إلى غير ذلك، ثم استطرد إلى بيان أخلاق المسلمين

وتعظيم القرآن للمسيح وأمه، وأفرد فصلاً للكلام على النبي محمد صلى الله

عليه وسلم، تكلم فيه عن حالة العرب قبل ظهور الإسلام، وأورد آيات من

القرآن للحكم على الدين الإسلامي فيها بالتوحيد الخالص والأحكام العمومية،

وأبان ما كان للدين الإسلامي من الأثر الصالح في العالم.

وأورد طائفة من الأحاديث النبوية في الأحكام والحِكم ومكارم الأخلاق،

وتكلم على الحجاب وبيَّن مفاسد التهتك إلخ، ولكن فيها شيئًا من الغلط ومن

التحريف المطبعي، ولو قوبلت الحِكم بأصلها من القرآن والأحاديث لكان أقوم

قيلاً.

***

(أمالي الشيخ علي عبد الرازق من علماء الأزهر في علم البيان)

صفحاته 122 بقطع أسرار البلاغة، طبع سنة 1330 بمطبعة مقداد على

ورق نظيف، ويباع بخمسة قروش في مكتبة المنار ومكتبة النيل.

هذا الكتاب هو مجموعة أمالي ألقاها المؤلف دروسًا في الأزهر سنة

1330 هـ، ثم جمعها في كتاب على حدة فجاءت كتابًا وافيًا بالغرض حسن

الأسلوب سهل الفهم ولم أر لعالم أزهري لهذا العهد كتابةً محررةً مختصرةً

مفيدةً تدل على تفكر الكاتب وتوخيه الاستفادة والفائدة مثل هذا الكتاب، وإن

القارئ ليقرأ فيفهم فن المعاني مجردًا.

***

(الجرح والتعديل)

رسالة من تأليف عالم الشام العامل الشيخ جمال الدين القاسمي الدمشقي،

نشرت في المنار، وجمعت فجاءت 40 صفحة بقطع المنار على حدة، وثمنها

قرشان، وهي تطلب من مكتبة المنار بمصر، ومن مؤلفها في دمشق.

هذه الرسالة هي الحكمة التي تكم أفواه الحشوية ومتعصبي الفرق،

وترجع بهم إلى سماحة الإسلام ببيان ما جرى عليه العلماء الأعلام مثل

البخاري وغيره من اعتبار رواية الفرق التي يكفر أهلها اليوم جهلة المقلدين

والحشوية، وتبين أضرار التعصب للمذاهب ميلاً مع الهوى وتكون خير عون

للمصلحين على جمع كلمة المسلمين والتأليف بين المختلفين.

***

...

... (العلاج الجراحي)

الجزء الأول منه تأليف وليم روز ألبرت كارلس وتعريب الدكتور محمد عبد

الحميد طبيب مستشفى قليوب صفحاته 195 بقطع المنار، طبع سنة 1912 بمطبعة

المعارف بمصر طبعًا نظيفًا على ورق جيد، وهو مزين بالرسوم الملونة والأشكال

التي بلغت عشرين شكلاً، ويطلب من معربه بقليوب، ومن مكتبة المنار بمصر،

وثمنه عشرة قروش خلا أجرة البريد.

***

...

... (التشريح الجراحي)

الجزء الأول منه تأليف فردريك لريفي وآرثر كيت وتعريب الدكتور محمد عبد

الحميد أيضًا صفحاته 252 بقطع (الإسلام والنصرانية) طبع في مطبعة

المعارف طبعًا نظيفًا على ورق جيد مزينًا بالصور الملونة التي بلغت 45

شكلاً، وثمنه عشرة قروش، ويطلب من معربه ومن مكتبة المنار بمصر.

مواد الكتاب: فروة الرأس، قبوة الجمجمة، محتويات الجمجمة،

الحجاج والعين، الأنف وتجاويفه، الوجه، الفم واللسان والحنك والبلعوم،

العنق، وأسلوبه كأسلوب سابقه بل كسائر معربات الدكتور محمد عبد الحميد

الذي يفيد لغته وأمته بما يقدمه حينًا بعد حين من الآثار النافعة.

***

(بلوغ المرام من أدلة الأحكام)

تأليف شيخ الإسلام قاضي القضاة الحافظ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن حجر العسقلاني

صفحاته 278 بقطع المنار طبعه بمطبعة التمدن الشيخ عبد الرحمن بدران

الكتبي وشريكاه، على ورق متوسط، وثمنه سبعة قروش، ويطلب من

مكتبة المنار بمصر.

الكتاب مجموعة من أحاديث مخرجة مرتبة على أبواب الفقه، وزاد فيه

باب الأدب، فيجدر بكل من يروم فقه الدين من السنة أن يطلع على هذا الكتاب.

***

(كتاب التبيان في تخطيط البلدان)

الجزء الأول منه

يشمل الدروس التي ألقاها بالجامعة المصرية العالم المؤرخ إسماعيل

رأفت بك أستاذ الجغرافية وعلم الشعوب (قبوغرافية) بها ومدرس الجغرافية

والتاريخ العام بمدرسة دار العلوم، صفحاته 499 بقطع المنار، طبع بمطبعة

محمد الوراق بمصر سنة 1329 وله خرائط للاستعانة على توضيح أبحاثه،

ويباع بعشرين قرشًا في مكتبة المختار بمصر.

معظم ما نقرأه من كتب الجغرافية العربية أنها أشبه بالنقل منها بالتأليف،

ولكن كتاب التبيان على العكس من ذلك فإن مؤلفه قرأ وبحث وباحث ونظر

فكتب، وإنه يخيل إلى القارئ أن المؤلف سائح خريت جاب القارة الأفريقية

وأثبت مشاهداته في مؤلفه هذا.

والكتاب يتناول قارة أفريقية وقد وصفها أوصافها الطبيعية والاقتصادية

والسياسة الجوية، وذيَّل الكتاب بفهرس ذكر فيه أسماء مشاهير المكتشفين

والسياح الذين مر ذكرهم في الكتاب، وكتبها بالحرف اللاتيني والحرف العربي؛

ليرجع القارئ إلى ما كتبه عنهم في أسفل صحائف الكتاب بسهولة.

وحبذا لو تم المؤلف كتابه على هذا النمط، فإن اللغة العربية في أشد الحاجة

إلى كتاب جغرافي عمومي مطول.

_________

ص: 65

الكاتب: محمد رشيد رضا

الحرب البلقانية الصليبية

لقد بدا للناس من هذه الحرب ما لم يكونوا يحتسبون، فقد كانت أقوال صحف

أوربة تدل على أن الأوربيين كالعثمانيين يظنون أن كفة الدولة العثمانية تكون هي

الراجحة، وكفة البلقانيين هي المرجوحة، ولذلك صرحت الدول الكبرى بأنها متفقة

على أن هذه الحرب لا تغير شيئًا من الحال الحاضرة ولا من خارتة البلقان.

فلما ظهر رجحان كفة البلقانيين رجعت عن قولها، وصرحت بأنه ليس من

العدل حرمان الدول المتحالفة من ثمرة انتصارها (والعدل عند هؤلاء الناس لا

يجوز أن يتعدى أبناء جنسهم وأهل ملتهم ودينهم) بل تجاوزت ذلك إلى محاولة

إكراه الدولة العثمانية وقسرها على أن تعطي الصليبيين ما فتحوا من بلادها وما

أعياهم فتحه كأدرنة، وقد أجمعت ذلك دول التثليث كلهن، سواء منهن من أبدى

ناجزَيْ الشر للدولة، وأظهر ضلعه وتعصبه للصليبيين كدول الاتفاق الثلاثي، ومن

جامل العثمانيين بالقول بعض المجاملة كدول التحالف الثلاثي.

نعم إن ما ظهر من ضعف الدولة العثمانية وخللها هو ما لم يكن يحتسبه كله

أحد ولا الأوربيون الذين يعبرون عنها بالرجل المريض، ويرون أنها بهذا المرض

تكاد أن تكون حرضًا أو تكون من الهالكين، وهكذا شأن الناس في تقدير أحوال مَن

ضعُف بعد قوة عظيمة، أو افتقر بعد ثروة كبيرة، فإنهم يتصورون شيئًا من ماضيه

مع تصور حاضره، ويستخرجون النتيجة من مقدمات التاريخ الماضي زالت مع

زمنها ومن مقدمات التاريخ الحاضر، وكذلك يخطئون في تاريخ حال من دخل في

حياة جديدة، استصحابًا لشيء من ماضيه يمزجونه بما عرفوا من حاضره، حتى

تأتي الحوادث والوقائع الكبيرة بما لم يكن في الحسبان، كما رأينا في حرب

الروسية واليابان، ولكن العبرة في رجحان البلغار على الترك أكبر، والتفاوت

بين الفريقين فيها أعظم.

ومما ظهر وبان هاجمًا من وراء حدود الحسبان، شيء آخر كان كثير من

المغرورين بمدنية هذا الزمان يظنون أنه من وراء حدود الإمكان، وهو طغيان

صليبي البلقان الظافرين على أبناء وطنهم المسلمين المسالمين، وإسرافهم في

تقتيلهم وتعذيبهم، وهتك أعراضهم وسلب أموالهم، وإنهم ليقتلون النساء والأطفال

ليقل عدد المسلمين في البلاد، حتى ألجأوا بعضهم إلى الخروج من الإسلام،

وانتحال النصرانية حفظًا لأنفسهم، وصيانة لأعراضهم وأموالهم، وقد شهد فظائعهم

هذه كثير من مكاتبي الصحف الأوروبية من الشعوب المختلفة، وبعض وكلاء

الدول السياسيين (القناصل) وذكرت الجرائد الأوروبية والتركية كثيرًا من حوادثه

تقشعر منها الجلود، وتفتت لهولها الكبود.

ولم يكن عجب الناس من اقتراف البلقانيين لهذه الجرائم والجنايات

والفواحش والمنكرات وجعلهم ذلك باسم الصليب في سبيل المسيحية كعجبهم من

الدول والشعوب الإفرنجية في أوربة وأمريكة لسكوتهم عنها، بل إقرارهم إياهم

عليها، فهل هذه هي المسيحية التي يبذلون الملايين في سبيل دعوتنا إليها؟ وهل

هذه هي الإنسانية التي يفتخرون بدعواها؟

اختلفت دعاة النصرانية في مؤتمرهم الذي عقدوه للنظر في وسائل تنصير

المسلمين: هل إله المسلمين هو إله النصارى أم لا؟ فقال قس من أكبر قسوسهم:

إن إله المسيحيين غير إله المسلمين؛ لأنه دين محبة ورحمة، وإله المسلمين ليس

كذلك.

فأين هذا القس المحب الرحيم الآن؟ لا أراه إلا فرحًا مسرورًا مع قومه

بفظائع الصليبيين في البلقان، فإنه هو وأمثاله قد اتخذوا المسيحية آلة للشهوات

واللذات وسعة الملك واستعباد الأمم والشعوب، وهم أبعد خلق الله عن دين المسيح

عليه الصلاة والسلام، وعن دين بولس الذي تمثله الكتب والرسائل التي يسمونها

العهد الجديد أيضًا.

وإذا كان هذا شأن رجال الدين فيهم فكيف يكون شأن رجال السياسة المنافقين

الذين ينفثون في أرواحهم سموم العصبية الدينية، ويغرونهم بإفساد عقائد الناس،

ويعينونهم على ذلك بالنفوذ والمال، وإذا لقوا أحدًا من أهل الملل الذين يغرونهم بهم

ادعوا أنهم يمقتون العصبية الدينية وأهلها، وأنهم لا يدينون بدين إلا دين الإنسانية

العامة، وهم بهذا الوجه الذي يلقون به المسلمين وغيرهم من أهل الملل الشرقية

المخالفة أشد إفسادًا في الدين والاجتماع من دعاة دينهم، فإن الذين أفسد عليهم

الإفرنج دينهم باسم الإنسانية، أضعاف أضعاف الذين أفسدوا دينهم ودنياهم باسم

المسيحية.

صدق هؤلاء المنافقين تلاميذهم ومريدوهم من المسلمين وغيرهم، وظنوا فيهم

الخير، وتوهموا أنهم بترك الدين وحل رابطته والدعوة إلى رابطة أخرى يسلكون

طريقهم في الترقي المادي، وإنما يهوون في مهواة التدلي والانقراض.

إلا أنه قد وجد فينا الحكماء العارفون، وطالما حذروا وأنذروا، فعلت أصوات

الخادعين أصواتهم فلم تعتبر بها الأمة، وإننا نذكرها الآن بنبذة من مقالة التعصب

إحدى مقالات العروة الوثقى التي نشرناها في المنار من قبل ونقلتها بعض الصحف،

وهي منشورة أيضًا في بعض الكتب.

بيَّن الأستاذ رحمه الله في أول تلك المقالات معنى التعصب في اللغة

والاصطلاح ومفاسد الغلو فيه ومدح الاعتدال، وما ثبت في التاريخ من غلو

الأوربيين في تعصبهم، وإبادتهم للمخالفين لهم، وتسامح المسلمين وتساهلهم، ثم

بيَّن غرضهم من تنفير المسلمين خاصة من التعصب الديني مطلقًا، وإن كان معتدلاً

لا يترتب عليه شيء من إيذاء المخالفين، وهو أن يحلوا رابطتهم ويتمكنوا من

إزالة سلطانهم، وبين كون الموافقين لهم المخدوعين بسحرهم يخربون بيوت

أنفسهم بأيديهم وأيدي أعدائهم، ثم قال:

(هذا أسلوب من السياسة الأوروبية أجادت الدول اختباره وجنت ثماره

فأخذت به الشرقيين لتنال مطامعها فيهم، فكثير من تلك الدول نصبت الحبائل في

البلاد العثمانية والمصرية وغيرها من الممالك الإسلامية، ولم تعدم صيدًا من

الأمراء المنتسبين إلى العلم والمدنية الجديدة، واستعملتهم آلة في بلوغ مقاصدها من

بلادهم، وليس عجبنا من الدهريين والزنادقة ممن يتسترون بلباس الإسلام أن

يميلوا مع هذه الأهواء الباطلة، ولكنا نعجب من أن بعضًا من سذج المسلمين مع

بقائهم على عقائدهم، وثباتهم في إيمانهم، يسفكون الكلام في ذم التعصب الديني

ويلهجون في رمي المتعصبين بالخشونة والبعد عن معدات المدنية الحاضرة، ولا

يعلم أولئك المسلمون أنهم بهذا يشقون عصاهم ويفسدون شأنهم، ويخربون بيوتهم

بأيديهم وأيدي المارقين، يطلبون محو التعصب المعتدل، وفي محوه محو الملة

ودفعها إلى أيدي الأجانب يستعبدونها ما دامت الأرض أرضًا والسماء سماءً، والله

ما عجبنا من هؤلاء وهؤلاء بأشد من العجب لأحوال الغربيين من الأمم الإفرنجية

الذين يفرغون وسعهم لنشر هذه الأفكار بين الشرقيين، ولا يخجلون من تبشيع

التعصب الديني ورمي المتعصبين بالخشونة، الإفرنج أشد الناس في هذا النوع من

التعصب وأحرصهم على القيام بدواعيه، ومن القواعد الأساسية في حكوماتهم

السياسية الدفاع عن دعاة الدين والقائمين بنشره ومساعدتهم على إنجاح أعمالهم،

وإذا عدت عادية مما لا يخلو عنه الاجتماع البشري على واحد ممن على دينهم

ومذهبهم في ناحية من نواحي الشرق، سمعت صياحًا وعويلاً وهيعات ونبآت

تتلاقى أمواجها في جو بلاد المدنية الغربية وينادي جميعهم: ألا قد ألمت ملمة،

وحدثت حادثة مهمة، فأجمِعوا الأمر وخذوا الأهبة لتدارك الواقعة والاحتياط من

وقوع مثلها حتى لا تنخدش الجامعة الدينية، وتراهم على اختلافهم في الأجناس،

وتباغضهم وتحاقدهم وتنابذهم في السياسات، وترقب كل دولة منهم لغرة الأخرى

حتى توقع بها السوء - يتقاربون ويتآلفون ويتحدون في توجيه قواهم الحربية

والسياسية لحماية من يشاكلهم في الدين، وإن كان في أقصى قاصية من الأرض،

ولو تقطعت بينه وبينهم الأنساب الجنسية.

أما لو فاض طوفان الفتن وطم وجه الأرض وغمر وجه البسيطة من دماء

المخالفين لهم في الدين والمذهب فلا ينبض فيهم عرق ولا يتنبه لهم إحساس بل

يتغافلون عنه ويذرونه، وما يجرف حتى يأخذ مده الغاية من حده، ويذهلون عما

أودع في الفطر البشرية من الشفقة الإنسانية والرحمة الطبيعية كأنما يعدون من

الخارجين عن دينهم من الحيوانات السائمة والهمل الراعية. وليسوا من نوع

الإنسان الذي يزعم الأوربيون أنهم حماته وأنصاره، وليس هذا خاصًّا بالمتدينين

منهم، بل الدهريون ومن لا يعتقدون بالله وكتبه ورسله يسابقون المتدينين في

تعصبهم الديني، ولا يألون جهدًا في تقوية عصبيتهم، وليتهم يقفون عند الحق ولكن

كثيرًا ما تجاوزوه، أما إن شأن الإفرنج في تمسكهم بالعصبية الدينية لغريب.

يبلغ الرجل منهم أعلى درجة في الحرية كغلادستون وأضرابه ثم لا تجد كلمة

تصدر عنه إلا وفيها نفثة من روح بطرس الراهب، بل لا نرى روحه إلا نسخة

من روحه (انظر إلى كتب جلادستون وخطبه السابقة) اهـ.

ومما بدا للمسلمين من هذه الحرب ولم يكونوا يحتسبونه، أن الدولة العثمانية

ليست بالدولة القوية التي يرجى أن تحفظ نفسها من أوربة بقوتها الحربية، سواء

منها البرية والبحرية، وإنما بقاؤها بدوام تنازع الدول في اقتسامها، وإن هذا

الاقتسام متفق عليه في الجملة، مختلف عليه في التفصيل، وإن ممالكها في نظرهن

كالأرض الموات: مَن سبق إلى شيء منه ملكه، وإن ما يبديه بعضهن لها من الميل

والانعطاف أحيانًا، وهو لا يتعدى القول اللطيف والمساعدة السلبية، فإنما سببه جر

المغنم العاجل كالامتيازات والقروض وبيع الأسلحة والذخائر، على أنهن صرن

يقبضن أيديهن عن إقراضها ولو بالربا الفاحش ويتشددون في ذلك، وأما ما كان من

مساعدة بعضهن لها في الزمن الماضي فسببه تعارضهن في النفوذ والطمع في

بلادها أيضًا، وقد ارتقوا عن هذه الدرجة الآن.

عرف خواص المسلمين هذه الحقائق في الأقطار الكثيرة، وشعر به عوامهم

في مصر وولايات السلطنة أيضًا، فأصابهم من الغم والكآبة ما وجلت له القلوب،

وذرفت لأجله العيون، وطفق الناس يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه

مختلفون، وهو كيف يكون حال الإسلام والمسلمين إذا صارت هذه الدولة

في عداد الغابرين؟

إن أصحاب هذه الدولة يجدُّون ويجتهدون في هدمها منذ قرنين أو أكثر وكانت

بعض الدول الأوربية تدعّهم إلى الإسراع في الهدم، وبعضها تدعوهم إلى التريث

فيه، وقد اشتد الهدم على عهد عبد الحميد ولكن من وراء الحجب والأستار، وفي

حنادس الظلمات، وأما بعد سقوطه فقد صار الهدم أشد، ولكن الهادمين يسمون

أنفسهم البنائين الأحرار، وصار أبين وأظهر لأنه يؤتى في ضوء النهار.

لقد كان جهل المسلمين بحقيقة حال هذه الدولة، أكبر مصائبهم ومصائب

الدولة، ولو كانوا يعرفون كُنْهَ حالها، منذ تنبهوا لأنفسهم ولها - أي من عهد

انكسارها في حرب الروسية الأخيرة - لاجتهدوا في إصلاح أنفسهم وإصلاحها،

ولكنهم اغتروا وخُدعوا بها، وأمدتهم جرائد المنافقين في غرورهم، فحسبوا أن لهم

دولة قوية عزيزة تقيم شرعهم، وتعلي كلمة دينهم وتدافع عنه وعنهم، وكم

نبهناهم وأنذرناهم فتماروا بالنذر، ولا يزال كثير منهم على غرورهم، كما يدلنا

على ذلك تجاوب اقتراحهم عليها إدامة الحرب، وكراهتهم لما جنحت إليه الوزارة

الكاملية من السلم، وعقد الهدنة للبحث عن شروط الصلح.

إن كل ما عرفناه من مساعدة العالم الإسلامي للدولة في حربها هذه هو أنهم

أمدوها بإعانة لا تتجاوز نصف مليون من الجنيهات إلا قليلاً، إلا أن يكون هنالك

إعانات خفية عنا وعن غيرنا، وليس هذا بالذي ينهض بمثل هذه الدولة الكبيرة،

ولا إظهار الغيرة عليها بالذي يدفع عدوان الدول عنها، بل يخشى أن يكون مغريًا

لدول الاستعمار بالتعجيل عليها، فأنا لا أزال أعيد ما بدأت من القول بأن الدولة

على خطر، وحل المسألة الشرقية أقرب غائب ينتظر، وأدعو عقلاء المسلمين

خاصة إلى التفكير في المآل وإعداد ما يستطيعون له من العدة والمال، وما بعد

الجهد إلا العزم والاتكال، وإنني أشير إلى شيء من ذلك بالإجمال:

مستقبل الإسلام والمسلمين:

أهم ما يهم كل مسلم في الأرض أن يكون للإسلام سلطة تقام بها شريعته،

وتحيا بها دعوته، وقد كان المسلمون لفشو الجهل فيهم مغرورين بحكوماتهم

ودولهم، ولم يكن غرور التابعين للدول ذات التاريخ الكبير كالدولة العثمانية، بأشد

من غرور التابعين للدول ذات التاريخ الصغير كسائر الدول الأفريقية والآسيوية،

ولكن الغرور بالدولة العثمانية تجاوز بلادها إلى الملايين من المسلمين الذين استولت

عليهم الدول الأوروبية في الشرق والغرب، وإن هذا الغرور قد أوصل السلطة

الإسلامية إلى درجة الخطر - خطر الفناء والزوال - فوجب على كل عارف مخلص

أن يصرح للمسلمين بما يعرف، وقد كنا في السنين الغابرة نكني، ولكن الوقت

ضاق عن الكنى.

ولو عرف جماهير المسلمين كُنه حال دولهم وحكوماتهم من قبل لجَدَّ العقلاء

في السعي لإصلاحهم وحفظها، ولكان الفوز أرجى لهم من الخيبة، ويجب أن يعرفوا

الآن ما جهلوا من قبل، وإن كان الرجاء في السعي الآن أضعف، ولكن المسلم لا

ييأس ولا يقنط، ولقد كان أكبر بلاء الدولة العثمانية من بعض رجالها الذين يئسوا

منها في الزمن الذي دبَّ فيه إلى مسلمي الآفاق الرجاء فيها، وما زلزل غرور

المسلمين وأزال بقايا غرور غير الحكام من العثمانيين، إلا هذه الحرب البلقانية،

فإذا كانت ثمرتها أن نعرف حدنا ونهتدي إلى رشدنا، فنعرف كيف ندرأ خطر

الزوال عنا، فإن هذه الحرب تكون - كما قلت من قبل - أكبر نعمة علينا.

ألا فليعلم من لم يكن يعلم أن وجود الدولة العثمانية في أوربة هو سبب

غرورها وفقرها ومولد الفتن فيها، وهو الذي جعل رجال الدولة يحتقرون بلادها

في آسية وأفريقية وجميع الشعوب الذين في هذه البلاد، فكل قوة الدولة تعد في

ولاياتها الأوروبية ولولاياتها الأوروبية، ومعظم أموال الدولة تصرف فيها،

وعاقبتها للأوروبيين دون العثمانيين؛ لأن أوروبة كلها مجمعة على ذلك، ولكن

تنفذه بالتدريج، فلا ينبغي أن نأسى على ما يزول من أملاك الدولة في أوروبة،

ولا نفرح بما يبقى منها، وإنما ينبغي أن نوجه كل عنايتنا إلى أملاكنا في آسية،

وأن نقيم بناء الإدارة والإصلاح فيها على الطريقة التي يسمونها اللامركزية.

فتجب العناية قبل كل شيء بجعل كل من يقدر على حمل السلاح في كل قطر

من الأقطار جنودًا مستعدين للدفاع عنه إذا هاجمه العدو، وأن يكونوا في هذا

متكافلين متعاونين بنظام يوضع لذلك، وأن يكون أول ما يبدأ به من ذلك الحجاز

والبلاد المجاورة له، وأن يكون كل ما يجمع من المال لإعانة الدولة خاصًّا

بتحصين الحرمين الشريفين وما حولهما، وإعداد تلك البقاع كلها للدفاع عنهما،

وبجعلهما مثابة للعلوم والفنون بإقامة المدارس العامة في المدينة المنورة والطائف،

وأن يتولى هذا العمل جمعية علمية إسلامية يختار أعضاؤها من خيار مسلمي الآفاق

كلها. فإذا لم يبادر عقلاء المسلمين من العرب والترك والهنود والفرس وغيرهم إلى

جمع المال لهذين العملين والسعي لتنفيذهما - فوالله ثم والله ليندمُنَّ وليعلمُنَّ

أن اهتمامهم بأدرنة والقسطنطينية لا يغني عنهم من ذلك شيئًا.

وليسقطن تحت نير أوربة كل ما بقي لهم، حتى كعبتهم وروضة نبيهم صلى

الله عليه وسلم، فليتدبروا ويتذاكروا {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَاّ مَن يُنِيبُ} (غافر: 13)

وسنعود إلى هذا البحث إن شاء الله تعالى.

((يتبع بمقال تالٍ))

_________

ص: 71

الكاتب: محمد رشيد رضا

رحلتنا الهندية

شكر علني

كنت أرى من حقوق إخواني مسلمي الهند وعمان والعراق الذين

أكرموا مثواي في رحلتي، وأحسنوا ضيافتي وبالغوا في مودتي، أن أكتب

إلى كل واحد منهم كتاب شكر خاص به، وكنت أتربص فرصة فراغ أوفيهم

حقهم هذا، ولكن قد طال العهد والزمن لم يَجُدْ عليَّ بهذه الفرصة، وذلك أن

زمن الرحلة قد امتد في العودة فلم أبلغ القاهرة إلا في النصف الثاني من شهر

شوال، فالأعمال التي كانت متأخرة من مدة ستة أشهر، وما يجب من

الاهتمام والعمل لفتح مدرسة الدعوة والإرشاد، وكان قد جاء موعد فتح

المدارس، وما يجب من جمع الهيئة العامة لجماعة الدعوة والإرشاد في

النصف الأول من ذي القعدة، وما عرانا من انحراف المزاج، ثم ما شغل

البال والوقت من هذه الحرب المشئومة، كل ذلك كان حائلاً دون سنوح

الفرصة المنتظرة.

لهذا رأيت أنه يجب عليَّ في عرف الوفاء والأدب أن أستعيض عن

الشكر التفصيلي الخاص بشكر إجمالي عام لأولئك الأصدقاء الكرام، والعلماء

الأعلام، والأمراء الفخام، وإنني أرجو وقد وفقت للكتابة إلى قليل منهم، أن أوفق

إلى مكاتبة سائرهم أو أكثرهم، وإنني أخص بالذكر من أتذكر الآن أسماءهم.

أولهم وأولاهم بالشكر من جالية العرب في بمبي ومن أهلها صديقي

الحميم المحسن العظيم الكريم ابن الكريم ابن الكريم، الشيخ قاسم بن محمد آل

إبراهيم، فهو الذي قام بحسن ضيافتي في غدوتي وروحتي، وأعد سيارة

كهربائية خاصة مدة إقامتي في بمبي، ثم ابنا أخيه الشيخ عبد الرحمن إبراهيم،

والشيخ يعقوب إبراهيم، والشيخ محمد المشاري رئيس شركة البواخر

العربية، وعبد الله فوزان، وسائر الجالية العربية في بومباي الذين استقبلوني

على رصيفها هم وبعض كرام أهلها كالحاج سليمان عبد الواحد شريف البلد

والحاج إسماعيل صوباني رئيس (أنجمن إسلام) الذي حياني على رصيف

البحر بخطبة بليغة، وميان محمد حاجي جان محمد شوتهاني كبير طائفة

الميمن وأشهر تجارهم نجدةً ومروءةً، والحاج عبد الله ميان الكهندواني من

كبراء طائفة الميمن أيضًا، وهؤلاء قد أدبوا لنا مآدب حافلة اجتمع لها مئات

من الكبراء والفضلاء.

ثم أشكر فضل باي من أكابر سروات البلد جماعة آغاخان، وكنت أتمنى

لو كان زعيمهم محمد سلطان (إمام الإسماعيلية) يومئذ في بمبي فإني كنت

حريصًا على لقائه، وقد سررت من اهتمام فضل باي بأمر الجامعة الإسلامية؛

لأنها كانت جل حديثنا في تزاورنا.

وممن أخص بالشكر والثناء السيد علي الحسن معاون البوليس في آكره

الذي أحسن ضيافتي وإطلاعي على الآثار العظيمة التي فيها، ومحمد شعيب

مفتش مصلحة الآثار في آكره ودهلي.

وأما أهل دهلي فأجدرهم بثنائي وشكري النواب محمد أجمل خان حاذق

الملك الطبيب الشهير كبير سروات دهلي وأحد أفراد المسلمين الممتازين في

الهند بالعلم والفضل وعلو الجانب، وقد أحسن - حفظه الله - ضيافتي

وجمعني في داره بأكبر علماء البلد ووجهائه، وخصص لي سيارة كهربائية

تيسر لي بركوبها رؤية جميع الآثار القديمة في ضواحي تلك المدينة في مدة

قصيرة، ولا أنسى أولئك العلماء الكرام الذين أنسنا بهم هناك وأخص بالذكر

منهم مولوي الشيخ سيف عبد الرحمن المدرس الأول والناظر لمدرسة فتح

بوري الدينية، وقد زرنا مدرسته وسمعنا وأسمعنا ما فتح الله به فيها.

وتكلمنا معه في إصلاح التعليم، والعناية باللغة العربية فصادفنا منه ارتياحًا لرأينا

في ذلك، ومولوي الشيخ عبد الله الغزيبوري، ومولوي أحمد الله المبارك بوري،

وميرزا ضمير الدين أحمد اللوهاري، ولا أنسى مودة التاجر الصادق الحاج

التقي عبد الغفار بن الحاج علي جان، الذي كان يترك محل تجارته الكبير

ويصاحبني في كل مكان، وقد صحبنا معه في رؤية آثار دهلي النواب ضمير

الدين، وبالقرب من الأثر العظيم الذي هو أكبر آثار دهلي، منارة قطب أوليا، بلدة

اسمها مهرولي، عرجنا فيها على دار الشيخ رياض الدين من كبراء أهلها

وكان أعد لنا غداءً طيبًا نوَّع فيه ألوان الأطعمة الهندية،وكان من مظاهر

الكرم الإسلامي في تلك الديار.

ولم أنسَ ولا أنسى زيارة مدرسة مظاهر العلوم في مدينة سهارنبور ولقاء

ناظرها وأكبر مدرسيها مولوي الشيخ خليل أحمد الذي لم أر في علماء الهند

الأعلام أشد منه إنصافًا ولا أبعد عن التعصب للمشايخ وللتقاليد، وما ذلك إلا

لإخلاصه وقوة دينه ونور بصيرته.

وأبدأ من شكر أهل لاهور الكرام بالثناء على الأمير الجليل والسري

النبيل، النواب فتح علي خان قزلباش، الذي أحسن ضيافتنا وأكرم وفادتنا،

ولا غرو فقصره في تلك المدينة القديمة معهد الكبراء والفضلاء، وموئل

السائحين والغرباء، وأثني بالثناء على الصديقين الفاضلين، والرصيفين

الكريمين مولوي محبوب عالم صاحب جريدة بيسه أخبار، ومولوي محمد إن

شاء الله صاحب جريدة وطن، وكان هذان الفاضلان يتسابقان لضيافتي،

ويرى كل منهما أنه أولى بي: الأول لأنه تكرم بزيارتي في مصر عند

منصرفه من أوربة، والثاني لما بيني وبينه من صلة المكاتبة وعنايته بنشر

تفسير المنار، ولكن النواب الجليل قال: إنه هو الأحق بذلك، فلم يسعهما إلا

الإذعان، لأنه هو البدء الذي لا يختلف على تقديمه اثنان.

ثم أثني الثناء الأوفى على الكاتب البليغ والخطيب المصقع مولوي ظفر

علي خان، صاحب جريدة (زميندار) الذي بالغ في الترحيب بي قبل وصولي

إلى الهند، واقترح أن تعقد لجنة لوضع برنامج لحفاوة مسلمي الهند بي، وكان

يريد أن يحتفل احتفالاً عامًّا يجتمع له الألوف من جميع طبقات الشعب

فاعتذرت له على ذلك بأنني مضطر إلى السفر إلى ندوة العلماء لقرب موعد

احتفالهم هذا العام.

ومما أذكره مع الشكر والثناء مواتاته لي في الصلح بينه وبين صديقي

صاحب جريدة (وطن) الذي أشكر له مثل هذه المواتاة، وكانت جرت بينهما

مناظرة حادة أدت إلى الجفوة وآلمت فضلاء المسلمين في جميع البلاد الهندية

حتى رغب إليَّ كثير من كبرائهم في السعي للصلح بينهما عند زيارة لاهور.

ومما أشكره لصديقي محبوب عالم شكرًا خاصًّا، ترْكه لنجله الكريم مريضًا

يعالَج وطوافه بي على مساجد البلد ومدارسها ومعاهدها الأثرية فيها وفي

ضواحيها.

وأما أهل لكنهؤ فلا أستطيع أن أوفيهم حقهم من الشكر والثناء، فقد

استقبلني الألوف منهم بحفاوة قلما يستقبل بمثلها الملوك، حتى خجلت

واستحييت وكلما رجوتهم أن يختصروا في التكريم غلوا فيه وأفرطوا، حتى

إنهم جروا المركب التي ركبتها بأيديهم، وأخص بالشكر والثناء رجال ندوة

العلماء الكرام، وفي مقدمتهم رئيسهم صديقي العلامة الهمام شمس العلماء

الشيخ شبلي النعماني، والسيد ممتاز حسين رئيس لجنة المستقبلين فيها، وهو

الذي خصص داره الفيحاء لنزولي فيها، وتأنق في إتقان الضيافة ما شاء فجمع

بين مقتضى أصله العربي الصميم، وفرعه الهندي الكريم، واحتشام السلطنة

أمين أموال الندوة، وسائر علماء الندوة وغيرهم كالعلامة الكبير السيد ناصر

حسين كبير علماء الشيعة.

ثم عظماء البلد الذين أدبوا لنا المآدب الحافلة: مشير حسين القدوائي،

الذي كان كاتب السر لجمعية الجامعة الإسلامية في لندن وأخوه شاهد حسين

والسيد محمد علي حسن خان ابن أمير العلماء وعلامة الأمراء المرحوم السيد

صديق حسن خان، نواب بهوبال صاحب التصانيف الشهيرة، والأمير الكبير

النواب محمد علي راجا ولاية محمود آباد، وهو من أعظم أمراء الهند

وسرواتهم من طائفة الشيعة الإمامية، وأركان النهضة الإسلامية، فإنه يبذل

المال لمدرسة العلوم الكلية في عليكرة بألوف الجنيهات، كما يبذل للمدارس

الخاصة بأهل السنة كمدرسة ندوة العلماء، فنسأل الله أن يكثر في المسلمين من

أمثاله، وكانت خاتمة الدعوات الحافلة في لكهنؤ دعوة الطبيب الشهير الحكيم

محمد عبد الولي حياه الله تعالى.

وقد سِرت من لكهنؤ إلى بنارس مدينة البراهمة المقدسة ومقر أقدم أصنام

في الأرض فلم أعرف من مسلميها إلا مضيفنا الكريم محمد ممنون حسن خان

المعاون المسلم للحاكم الإنكليزي فيها، وهو أفغاني الأصل، فقد تفضل - أحسن

الله جزاءه - مع حسن الضيافة بمساعدتنا على رؤية الآثار القديمة الوثنية

الثابتة من ألوف السنين المكتشفة حديثًا في ضواحيها، صرفنا كل وقتنا في

رؤية الآثار والعاديات فلم نتعرف لأحد، على أن أكثر مسلمي بنارس من

الصناع والزراع وقلما يوجد فيها أحد من أهل العلوم والآداب فيما نعلم.

للشكر بقية

((يتبع بمقال تالٍ))

_________

ص: 77