الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأييد وشكر
(1)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد اطلعت على ما كتبه أخونا العلامة الشيخ (أحمد محمد جمال) في مقالاته الأسبوعية المنشورة في صحيفة المدينة الصادرة بتاريخ 11 \ 11 \ 95 هـ و 18 \ 11 \ 1395 هـ و 25 \ 11 \ 95 هـ من المقالات المتضمنة استنكار ما اقترحه بعض الكتاب من إيجاد دور سينمائية في البلاد تحت المراقبة، وما وقع من بعض الشركات وغيرها من توظيف النساء في المجالات الرجالية من سكرتيرات وغيرهن، والإعلان في بعض الصحف لطلب ذلك.
وإني لأشكر لأخينا العلامة (أحمد محمد جمال) هذه الغيرة الإسلامية والحرص على سلامة هذه البلاد مما يشينها، ويفسد مجتمعها، ويعرضها لما أصاب غيرها من التحلل والفساد، وانحراف الأخلاق، واختلال الأمن، وظهور الرذيلة، واختفاء الفضيلة، فجزاه الله خيرا وضاعف مثوبته، وإني أؤيده كل التأييد فيما دعا إليه من سد الذرائع المفضية إلى الفساد، والقضاء على جميع وسائل الشر في مهدها حماية لديننا وصونا لمجتمعاتنا وتنفيذا لأحكام شرعنا الذي جاء بتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها، ودعا إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال وبالغ في التحذير من سفاسف الأخلاق وسيئ الأعمال.
وإن هذه البلاد- كما قال أخونا الأستاذ أحمد - هي قبلة المسلمين وأستاذهم وقدوتهم، فيجب على حكامها وجميع المسئولين فيها أن يتكاتفوا على جميع ما يصونها ويصون مجتمعاتها من عوامل الفساد وأسباب الانحطاط، وأن يشجعوا فيها الفضيلة ويقضوا على أسباب الرذيلة، وأن يحافظوا على جميع أحكام الله في كل الشئون، وأن
(1) نشرت بمجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة العدد الرابع السنة الثامنة ربيع الأول عام 1396هـ ص 3 - 5.
يمنعوا توظيف المرأة في غير محيطها النسوي، وأن يدعوا مجتمعات الرجال للرجال، وأن يمنعوا منعا باتا كل ما يفضي إلى الاختلاط بين الجنسين في التعليم والعمل وغيرهما، ولا فرق في هذا كله بين المرأة السعودية وغيرها، وحسبنا في هذا الباب قوله عز وجل:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (1) الآية وقوله سبحانه: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (2) الآية، وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} (3) الآية، وقوله عز وجل:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (4){وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (5)
ففي هذه الآيات الكريمات وما جاء في معناها الأمر بالحجاب وغض النظر وإخفاء الزينة سدا لباب الفتنة وتحذيرا مما لا تحمد عقباه، فكيف يمكن تنفيذ هذه الأوامر مع وجود المرأة بين الرجال في المكاتب والمعارض وميادين الأعمال.
(1) سورة الأحزاب الآية 33
(2)
سورة الأحزاب الآية 53
(3)
سورة الأحزاب الآية 59
(4)
سورة النور الآية 30
(5)
سورة النور الآية 31
وحسبنا أيضا في هذا المعنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء (1) » وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا في الحديث الصحيح: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء (2) » ، فكيف تتقى هذه الفتنة مع توظيف النساء في ميدان الرجال.
ويكفينا عظة وعبرة ما وقع في غيرنا من الفساد الكبير والشر العظيم بسبب السماح بعمل الفتيات في ميدان الرجال، (والسعيد من وعظ بغيره) والعاقل الحكيم هو الذي ينظر في العواقب ويحسم وسائل الفساد ويسد الذرائع المفضية إليه.
ومما ذكرناه من الأدلة يتضح لذوي البصائر ورواد الفضيلة والغيورين على الإسلام أن الواجب على حكام هذه البلاد والمسئولين فيها وفقهم الله جميعا أن يمنعوا منعا باتا فتح دور السينما مطلقا؛ لما يترتب على السماح بذلك من الفساد العظيم والعواقب الوخيمة، والرقابة في مثل هذه الأمور لا يحصل بها المقصود، ومعلوم أن الوقاية مقدمة على العلاج، وأن الواجب سد الذرائع وحسم مواد الفساد، وفي واقع غيرنا عبرة لنا كما سلف، كما يجب تطهير الإذاعة والتلفاز من جميع ما يخالف الشرع المطهر ويفضي إلى فساد الأخلاق والأسر.
ويتضح أيضا أن الواجب على المسئولين منع توظيف النساء في غير محيطهن سواء كن سعوديات أو غيرهن، وفي ذوي الكفاية من الرجال ما يغني عن توظيف النساء في ميادين الرجال، وليس هناك ما يدعو إلى توظيفهن في ميدان أعمال الرجال إلا التأسي بمن نهينا عن التأسي بهم من أعداء الله عز وجل، أو قصد إفساد هذا المجتمع الذي يجب أن يحافظ عليه وأن يحمى من أسباب الفساد، ويجب على حملة الأقلام من ذوي الغيرة الإسلامية وعلى أعيان الشعب أن يتكاتفوا مع الحكومة والمسئولين في كل ما يحمي بلادهم ومجتمعهم من وسائل الشر والفساد؛ لقول الله عز وجل:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (3)
(1) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2742) ، سنن الترمذي الفتن (2191) ، سنن ابن ماجه الفتن (4000) ، مسند أحمد بن حنبل (3/61) .
(2)
صحيح البخاري النكاح (5096) ، صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2741) ، سنن الترمذي الأدب (2780) ، سنن ابن ماجه الفتن (3998) ، مسند أحمد بن حنبل (5/210) .
(3)
سورة آل عمران الآية 103
وقوله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1) وقوله عز وجل: {وَالْعَصْرِ} (2){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4)
والله المسئول أن يوفق حكومتنا وسائر المسئولين فيها لكل ما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا، وأن يمنحهم الفقه في دينه وأن يوفق علماءهم وكتابهم للتمسك بدينه والغيرة له والحفاظ عليه والدعوة إليه على بصيرة، وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن ونزغات الشيطان إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
(1) سورة المائدة الآية 2
(2)
سورة العصر الآية 1
(3)
سورة العصر الآية 2
(4)
سورة العصر الآية 3