الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا الحديث الصحيح يدل على أن الإسراف في الأكل والتوسع فيه أمر غير مرغوب فيه، بل وخطير، بحسب ابن آدم ما يقيم صحته، ويقيم صلبه من اللقيمات التي تناسبه صباحا ومساء، وفي غير ذلك من الأوقات التي يحتاج فيها إلى الطعام والشراب.
فإن كان لا بد ولا محالة من الزيادة فلا يسرف، فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس والراحة، للقراءة والتهليل والنشاط الاجتماعي، ومخاطبة الناس، إلى غير ذلك، والإسراف هو الزيادة، وهو في الأكل يؤدي إلى التخمة، وهو في الملابس يفضي إلى إضاعة المال، وعدم الاهتمام بحفظه، وفي الكلام يفضي إلى ما لا تحمد عقباه، أو إلى ما حرم الله من الكلام.
الإسراف من شرور الحياة:
وهذا الإسراف في كل شيء من شرور هذه الحياة، فالمؤمن يتوسط في أموره كلها، والمؤمنة تتوسط في كل الأمور، وقد أخبر جل وعلا عن منزلة المبذرين بقوله:{وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (1){إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (2)
فالمبذر مضيع للمال، لا يؤمن على مال، والمال له شأن عظيم، والمال الصالح نعم العون للرجل الصالح، ينفقه في سبيل الله.
فالواجب حفظ المال وعدم إضاعته، ولذلك جاء التشديد في شهادة الزور لما فيها من أخذ الأموال بغير حق، وسفك الدماء بغير حق، وهتك الأعراض بغير حق، فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال ألا
(1) سورة الإسراء الآية 26
(2)
سورة الإسراء الآية 27
وقول الزور ألا وشهادة الزور (1) » فكررها عليه الصلاة والسلام؛ لأن شهادة الزور شرها عظيم وعواقبها وخيمة، تؤخذ بها الأموال بغير حق، وتزهق بها الأرواح، وتنتهك بها الأعراض بغير حق؛ ولهذا حذر منها عليه الصلاة والسلام.
وجاء في كتاب الله العزيز ما يفيد التحذير منها، كما قال جل وعلا في سورة الحج:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (2)
أما عقوق الأمهات فهو كبيرة عظيمة، وجريمة شنيعة يجب الحذر منها، والتواصي بتركها، وأهل الشرك بالله فهو أعظم الذنوب وأكبرها كما قال سبحانه:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (3) وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (4) نعود إلى إكمال البحث في التبذير، يقول سبحانه وتعالى:{وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (5) يحذر سبحانه من التبذير وهو الإنفاق في غير الوجه الشرعي، كإنفاق الأموال في ظلم الناس، وقصد الإضرار بهم، أو في ظلم النفس كإنفاقها في المسكرات والمخدرات، وفي التدخين وفي الزنى وسائر المعاصي: كالقمار والربا ونحو ذلك، وهكذا إتلافها من غير سبب: كالإفراط في شراء الأغراض التي لا حاجة إليها. هذا من إضاعة المال، ومن التبذير، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال.
فالتبذير هو: صرف الأموال في غير وجهها، إما في المعاصي، وإما في غير فائدة لعبا وتساهلا بالأموال.
(1) صحيح البخاري الأدب (5976) ، صحيح مسلم الإيمان (87) ، سنن الترمذي تفسير القرآن (3019) ، مسند أحمد بن حنبل (5/37) .
(2)
سورة الحج الآية 30
(3)
سورة لقمان الآية 13
(4)
سورة النساء الآية 48
(5)
سورة الإسراء الآية 26