الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرمية (1) » وقال: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة (2) » متفق عليه.
والأحاديث في شأنهم كثيرة معلومة، وقد قال النبي:«من رأى من أميره شيئا من معصية لله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة فإن من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة جاهلية (3) » وقال عليه الصلاة والسلام في حديث الحارث الأشعري: «وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن: الجهاد، والسمع، والطاعة، والهجرة، والجماعة، فإن من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع (4) » .
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة....
وقد صدر من علماء المملكة فتوى في هذه الحادثة والقائمين بها، وأنا من جملتهم، وقد نشرت في الصحف المحلية، وأذيعت بواسطة الإذاعة المرئية والمسموعة
…
وفيما يلي نصها:
(1) صحيح البخاري كتاب المناقب (3611) ، صحيح مسلم الزكاة (1066) ، سنن النسائي تحريم الدم (4102) ، سنن أبو داود السنة (4767) ، مسند أحمد بن حنبل (1/92) .
(2)
صحيح البخاري استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم (6930) ، صحيح مسلم الزكاة (1066) ، سنن النسائي تحريم الدم (4102) ، سنن أبو داود السنة (4767) ، مسند أحمد بن حنبل (1/131) .
(3)
صحيح مسلم الإمارة (1855) ، مسند أحمد بن حنبل (6/24) ، سنن الدارمي الرقاق (2797) .
(4)
سنن الترمذي الأمثال (2863) ، مسند أحمد بن حنبل (4/130) .
بيان من هيئة كبار العلماء بشأن
الاعتداء على المسجد الحرام
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه.
وبعد:
فبمناسبة انعقاد مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الخامسة عشرة في مدينة الرياض في النصف الأول من شهر صفر عام 1400 هـ للنظر في الأعمال المدرجة في جدول أعمال هذه الدورة، رأت الهيئة أن من واجبها إصدار بيان بشأن الاعتداء على المسجد الحرام من قبل الفئة المعتدية الضالة التي كفى الله المؤمنين شر عدوانها فتم القضاء عليها بفضل الله وكرمه، فإن هيئة كبار العلماء بهذه المناسبة تستنكر من هذه الفئة الظالمة
فعلها الآثم وعدوانها الغادر وتعتبرها بذلك قد ارتكبت عدة جرائم أهمها ما يلي:
1 -
انتهاك حرم الله وجعله ميدانا للقتل والقتال وتحويله من حرم آمن إلى ساحة حرب تسوده الفوضى والفزع والاضطرابات والقتل والقتال متجاهلين ما في ذلك من الوعيد الشديد والإجرام البالغ، قال الله تعالى:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (1) وفي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرا فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب (2) » .
2 -
سفك دماء المسلمين في بلد الله الحرام مكة المكرمة وفي حرمه الآمن حيث قتل فيه على أيديهم وبسبب فتنتهم العشرات من المسلمين معصومي الدم والمال.
3 -
الإقدام على القتال في البلد الحرام وفي الشهر الحرام، قال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} (3) الآية.
4 -
الخروج على إمام المسلمين وولي أمرهم، وهم مع إمامهم وتحت ولايته وسلطانه في حال من الاستقرار والتكاتف والتآلف والتناصح واجتماع الكلمة يحسدهم عليها كثير من شعوب العالم ودولها مستهينين بجريمة الخروج على ولي أمر المسلمين وخلع ما في أعناقهم له من بيعة نافذة
(1) سورة الحج الآية 25
(2)
صحيح البخاري العلم (104) ، صحيح مسلم الحج (1354) ، سنن الترمذي كتاب الحج (809) ، سنن النسائي مناسك الحج (2876) ، مسند أحمد بن حنبل (4/31) .
(3)
سورة البقرة الآية 217
جاهلين أو متجاهلين ما في ذلك من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (1)
وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: «دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا، أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان (2) » واللفظ لمسلم.
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية (3) » .
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة فؤاده فليطعه إن استطاع فمن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر (4) » .
وفي صحيح مسلم عن عرفجة بن شريح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه كائنا من كان (5) » .
5 -
التسبب في تعطيل حرم الله مدة اعتدائهم عليه من الشعائر الدينية من صلاة وذكر وطواف وتلاوة لكتاب الله وغير ذلك من أنواع العبادات حتى إنه مضى عليه جمعتان لم تصل فيه ولم ترفع من مأذنه نداءات الصلاة جمعة وجماعة، قال تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} (6) الآية.
(1) سورة النساء الآية 59
(2)
صحيح مسلم برقم 1709.
(3)
صحيح مسلم الإمارة (1851) ، مسند أحمد بن حنبل (2/97) .
(4)
صحيح مسلم الإمارة (1844) ، سنن النسائي البيعة (4191) ، سنن أبو داود الفتن والملاحم (4248) ، سنن ابن ماجه الفتن (3956) ، مسند أحمد بن حنبل (2/161) .
(5)
صحيح مسلم الإمارة (1852) ، سنن النسائي تحريم الدم (4020) ، سنن أبو داود السنة (4762) ، مسند أحمد بن حنبل (4/341) .
(6)
سورة البقرة الآية 114
6 -
التغرير بمجموعة من الأغرار والنساء والسذج وغيرهم، بزجهم في حظيرة هذا الطغيان الآثم وتعريضهم لكثير من المآسي وصنوف المشقة والتسبب في قتل بعضهم.
7 -
الانقياد لداعي الهوى والضلال، حيث قام من تولى كبر هذه الفتنة بالإشارة إلى أحدهم بأنه هو المهدي المنتظر وأعلن المطالبة بمبايعته مع انتفاء ما يدل على ذلك ووجود ما يكذبه.
وبناء على ما تقدم فإن هيئة كبار العلماء تعتبر هذه الفئة فئة ضالة لاعتدائها على حرم الله وعلى مسجده الحرام وسفكها الدم الحرام وقيامها بما يسبب فرقة المسلمين وشق عصاهم وبذلك دخلت تحت قوله سبحانه: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (1) وقوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} (2) الآية.
والهيئة إذ ترى في هذه الفئة الظالمة هذا الرأي ترى أن في منشوراتها من الشبه الآثمة والتأويلات الباطلة والاتجاهات الضالة ما يعتبر بذور شر وفتنة وضلال وطريق إلى الفوضى والاضطرابات والتلاعب بمصالح البلاد والعباد بدعاوى قد يغتر بعض السذج بظاهرها وفي بواطنها الشر المستطير، وإذ تبين الهيئة ذلك وتستنكره فإنها تحذر المسلمين جميعا مما في تلك المنشورات من الشبه الآثمة والتأويلات الباطلة والاتجاهات السيئة، كما أن الهيئة بهذه المناسبة وبمناسبة القضاء على فتنتهم من حكومة جلالة الملك خالد بن عبد العزيز حفظه الله ووفقه وأعانه على كل خير، تشكر الله سبحانه وتعالى أن يسر أسباب القضاء عليها، وتسأله تعالى أن يحمي هذه البلاد وبلاد المسلمين عامة من كل سوء وأن يجمع شملها على الحق ويعين ولاتها
(1) سورة الحج الآية 25
(2)
سورة البقرة الآية 114
ويعزهم بالإسلام ويعز الإسلام بهم ويجعل لهم من البطانة الصالحة من إذا هموا بالخير أعانوهم عليه وإذا جهلوه أرشدوهم إليه وإذا نسوه ذكروهم إياه وأن يحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون؛ من ظالم وحاقد وماكر وحاسد، وتقدر الهيئة الجهود العظيمة التي بذلتها الحكومة في القضاء على هذه الفتنة بطريقة اتسمت بالقوة والحكمة والبصيرة وتشكر كل من ساهم في القضاء عليها بيده أو لسانه أو قلمه وفي مقدمة هؤلاء جلالة الملك وولي عهده وأعوانه المخلصين والقوات العسكرية بمختلف مسمياتها ورتب أفرادها، ونسأل الله سبحانه وتعالى لقتلاهم المغفرة والرحمة وجزيل الثواب ولأحيائهم الأجر العظيم والثبات على الحق والهدى والله حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء.
عبد الله الخياط
…
محمد بن علي الردركان
…
عبد الله بن محمد بن حميد
سليمان بن عبيد
…
عبد العزيز بن صالح
…
عبد الرزاق عفيفي
راشد بن خنين
…
محمد بن جبير
…
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
عبد الله بن غديان
…
صالح بن غصون
…
عبد المجيد حسن
…
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن منيع
…
صالح بن لحيدان
وفيها الكفاية إن شاء الله والإقناع لطالب الحق، وإنما أردت بكلمتي هذه مزيد الإيضاح والبيان لخطأ هذه الطائفة وظلمها وعدوانها فيما فعلت، وخطئها فيمن زعمت أنه المهدي
…
أما إنكار المهدي المنتظر بالكلية كما زعم ذلك بعض المتأخرين فهو قول باطل؛ لأن أحاديث خروجه في آخر الزمان وأنه يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا قد تواترت تواترا معنويا وكثرت جدا واستفاضت كما صرح بذلك جماعة من العلماء، منهم أبو الحسن الآبري السجستاني من علماء القرن الرابع، والعلامة السفاريني والعلامة الشوكاني وغيرهم، وهو كالإجماع من أهل العلم.
ولكن لا يجوز الجزم بأن فلانا هو المهدي إلا بعد توافر العلامات التي بينها النبي في الأحاديث الصحيحة الثابتة، وأعظمها وأوضحها كونه يملأ الأرض عدلا وقسطا، كما ملئت جورا وظلما كما سبق بيان ذلك.
ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين ويمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفق ولاة أمرهم للحكم بشريعته والتحاكم إليها والحذر من كل ما خالفها، وأن يحسن العاقبة للمسلمين أنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.