المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نداء لجميع المسلمين وغيرهم لمساعدة السودان - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٤

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌أسئلة مهمة في العقيدة تتعلق بالمحاضرة

- ‌متى يعذر المسلم

- ‌حكم التوسل، ومعاشرة الفساق:

- ‌التحاكم إلى القوانين العرفية والقوانين القبلية:

- ‌النكاح بنية الطلاق:

- ‌حكم ذبيحة من لا تعرف عقيدته:

- ‌توضيح معنى الشرك بالله

- ‌هذا هو طريق الرسل وأتباعهم

- ‌وجوب شكر النعم والحذر من صرفها في غير مصارفها

- ‌أخلاق المؤمنين والمؤمنات

- ‌الحاجة إلى القضاء الشرعي

- ‌المقارنة بين الشريعة والقانون

- ‌صبغ اللحية بالسواد

- ‌أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة

- ‌أخلاق أهل العلم

- ‌حادث المسجد الحراموأمرالمهدي المنتظر

- ‌بيان من هيئة كبار العلماء بشأنالاعتداء على المسجد الحرام

- ‌تعليق على محاضرة عنوانها:"عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر

- ‌وجوب الصدق والنصح في المعاملات

- ‌التذكير بالله والتآخي في الله من أهم القربات ومن أفضلالطاعات

- ‌أخلاق المؤمنين والمؤمنات:

- ‌الإسراف من شرور الحياة:

- ‌التأدب بآداب الله:

- ‌الأسئلة المطروحة والإجابة عليها:

- ‌حكم البذخ والإسراف في العزاء:

- ‌الإسراف في الحفلات:

- ‌الحكم على أمور مخالفة تحدث في ليلة الزفاف:

- ‌صحة حديث: «نحن قوم لا نأكل حتى نجوع»

- ‌آنية الذهب:

- ‌زكاة الحلي

- ‌ملاحظات تتعلق بما نشر حول مشروع قانونالأحوال الشخصية في بعض الدول الإسلامية

- ‌الإجابة على أسئلة طرحت على سماحته بإحدى المحاضرات بمكة المكرمة بجامعة أم القرى

- ‌السفر إلى الخارج

- ‌ثواب الصلاة في مكة

- ‌ الحق في معنى الساق

- ‌حكم التأويل في الصفات

- ‌واجب العلماء نحو الأمة

- ‌واجب العلماء المسلمين تجاه النكبات التي حلت بالعالم الإسلامي:

- ‌واجب العلماء المسلمين حيال كثرة الجمعيات والجماعات

- ‌تغلغل أعداء الإسلام في ديار المسلمين:

- ‌خرافة يجب تكذيبها

- ‌كثيرا ما نقرأ في الصحف ونرى إعلانات تشجب الأمية

- ‌حكم البكاء بسبب المرض والتحدث عنه مع الآخرين

- ‌حكم من حلف ثلاث مرات على التوبة

- ‌الحلف بالكعبة لا يجوز

- ‌استماع الأغاني العاطفية

- ‌لا تجوز الإعانة في المعصية

- ‌الواجب عدم الالتفات إلى قول الساخرين والمستهزئين

- ‌حكم التصفيق في الحفلات

- ‌جميع ما يفعله الناس بقدر

- ‌تغيير الاسم بعد اعتناق الإسلام

- ‌مم خلق الله الملائكة وإبليس

- ‌لا يجوز للمسلم أن يكره ما لم يكره الله

- ‌نشرات مكذوبة يروجها بعض الناس

- ‌مع الصحف والإذاعة

- ‌لقاء مع صحيفة الراية السودانية

- ‌نداء لجميع المسلمين وغيرهم لمساعدة السودان

- ‌ الإهابة بالمسلمين لمساعدة إخوانهم في أفريقيا

- ‌تهنئة لحكومة الباكستان لإعلانهاتطبيق الشريعة الإسلامية

- ‌كلمة في مناسبة إجازة الربيع

- ‌الشباب والإجازة

- ‌التحذير من السفر إلى بلاد الكفرة وخطرهعلى العقيدة والأخلاق

- ‌حكم السفر خارج الدول الإسلامية

- ‌لا لهذه الرحلات

- ‌التحذير من القمار وشرب المسكر وبيوع الغرر

- ‌هذه المعاملة من القمار

- ‌تعليق موجز على ما كتبه بعض الكتابفي مجلة اليمامة

- ‌احذروا الصحف الخليعة

- ‌جواب حول:إصدار المجلات الخليعة

- ‌حكم التصوير

- ‌حكم تعليق الصور

- ‌الصور والتماثيل:

- ‌حكم جمع الصور بقصد الذكرى

- ‌أسئلة مهمة وأجوبتها

- ‌ كلمة عن تقبيح الوجه…وأن الله خلق آدم على صورته:

- ‌التعزية في أهل المعاصي:

- ‌صلاة التوبة:

- ‌السبيل الأمثل في الدعوة إلى الله:

- ‌العلم الذي يحتاجه الداعي:

- ‌إنكار المنكر على الأقارب:

- ‌نصح المؤمنة لأختها:

- ‌مقاطعة مرتكب الجريمة:

- ‌ثقافة الداعية:

- ‌الكتب المفيدة في مجال الدعوة إلى الله:

- ‌المرأة والدعوة إلى الله

- ‌دعوة المتأثرين بثقافات معينة

- ‌تحريم التبرج والسفور

- ‌لا للاختلاط

- ‌حكم مصافحة الطالب لزميلته

- ‌حكم الاختلاط في التعليم

- ‌الاختلاط والسفور

- ‌الإجابة عن سؤال قدمه أحد الإخوانحول بعض الأمور البدعية والشركية

- ‌واجب المسلم تجاه الكافر

- ‌جواب عن أربع مسائل مهمة

- ‌ ما حكم ذبائح أهل الكتاب

- ‌ ما حكم نكاح نسائهم

- ‌ من هم أهل الكتاب

- ‌حكم الاحتفالات بالموالد ونحوها

- ‌حكم الاحتفال بمرور سنة أو سنتين لولادة الشخص

- ‌حكم إقامة أعياد الميلاد

- ‌حكم الاحتفال بالموالد

- ‌هل يحل للمسلمين أن يحتفلوا بالمولد النبوي

- ‌وصية بمناسبة تعيين الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عويشز في رئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌معنى نقص العقل والدين عند النساء

- ‌نوعية جهاد الفلسطينيين

- ‌وجوب الرفق بالحيوان

- ‌أسئلة مهمة والجواب عليها

- ‌حكم الصلاة مع المتمسكين بالبدعة

- ‌كسب المصور

- ‌تصوير ما لا روح فيه

- ‌ترك العمل والاتجاة للدراسة

- ‌حكم عمل المرأة

- ‌العمل في البنوك ووضع الأموال فيها

- ‌حكم الصلاة خلف من عرف بالغلو في الأنبياء والصالحين

- ‌حكم الصلاة خلف من يستغيث بغير الله

- ‌التوسل بالجاه

- ‌التوسل بعبارة جارية على ألسنة الناس

- ‌التعريف بالدين

- ‌الذبح لغير الله شرك

- ‌التحذير من اتخاذ المساجد على القبور ودعوة أهلها

- ‌عدم جواز توجيه الطلب إلى الميت

- ‌حكم البناء على القبور

- ‌لا يجوز التبرك بالأموات

- ‌حكم الدعاء ببركة الصالحين وحكم الحجب والمحو

- ‌حكم الطواف وختم القرآن للأموات

- ‌ وصف الميت بأنه مغفور له أو مرحوم

- ‌وجوب احترام قبور المسلمين وعدم امتهانها

- ‌حكم الكتابة على القبور

- ‌الحكمة من إدخال قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد

- ‌ما حكم قراءة القرآن للميت في داره

- ‌حكم قراءة القرآن على الأموات

- ‌حكم قراءة الفاتحة للميت وذبح المواشي له

- ‌زيارة القبور والتوسل بالأضرحة وأخذ أموال التوسل

- ‌حكم أخذ أجرة قراءة القرآن على الأموات

- ‌إقامة الولائم عند موت الميت من تركته

- ‌حكم قراءة القرآن لآخر حيا أو ميتا

- ‌وفاء النذر

- ‌تنبيهات مهمة

- ‌تفسير آيات كريمات

- ‌الإجابة عن أسئلة متفرقة

- ‌حكم الأخطاء التي ارتكبت قبل الهداية

- ‌تربية ثلاث بنات

- ‌معنى الإحسان

- ‌اجتناب الكبائر لحصول الوعد

- ‌تبادل الزيارات بين المسلمات وغير المسلمات

- ‌قطع الأشجار المؤذية من المقابر

- ‌الشجرة النابتة على القبر

- ‌وجوب العدل بين العامل المسلم وغيره

- ‌حكم السكن مع العوائل في الخارج

- ‌حكم تغيير الاسم بعد الإسلام

- ‌هل في القرآن مجاز

- ‌حكم مس المصحف بغير وضوء

- ‌تأييد وشكر

- ‌العلاج الشرعي

- ‌الله سبحانه غني بذاته عمن سواه وهو الممسك للعرش والسماوات والأرض

- ‌ظاهرة السائقين والخدم

- ‌حكم القيام للقادم

- ‌الإجابة عن سؤال عن الأوراد والأدعية المتنوعة في مجالس الذكر وبعد الصلوات

- ‌وصية بمناسبة تعيين الدكتور يوسف الهاجري وزيرا

- ‌حكم الملاكمة ومصارعة الثيران والمصارعة الحرة

- ‌الرد على من يعتبر الأحكام الشرعية غيرمتناسبة مع العصر الحاضر

- ‌حكم من يحكم بغير ما أنزل الله

- ‌فاتقوا الله ما استطعتم

- ‌لا تعارض بين الآيتين

- ‌بداية الثلث الأخير من الليل ونهايته

- ‌التوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب

- ‌حكم الختان

- ‌المثل الأعلى

- ‌كيفية التوكل على الله

- ‌شرح بعض الأمور التي تهم الدعاة

- ‌سحر الزوجة للزوج

- ‌العمل في مصانع الخمر

- ‌أكل ذبائح الكفار واستعمال أوانيهم

- ‌الحكم الشرعي في فتاة شيعية يمنعها المأذون من عقد القران

- ‌توضيح عن فرقة الشيعة

- ‌ما حكم الخجل من الإنكار على أهل الغيبة والنميمة

- ‌إجبار الطالب العسكري على حلق لحيته

- ‌حكم من يساوي لحيته

- ‌صحة الحديث «من رآني فقد رآني حقا

الفصل: ‌نداء لجميع المسلمين وغيرهم لمساعدة السودان

‌نداء لجميع المسلمين وغيرهم لمساعدة السودان

وشعبها بالدعم والمواساة بسبب الكارثة العظيمة التي نزلت بهم (1) .

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين وغيرهم في المملكة العربية السعودية وغيرها، وفقني الله وإياهم لفعل الخيرات وجعلنا جميعا من المسارعين إلى الباقيات الصالحات.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فلا يخفى على الجميع ما حل بحكومة السودان وشعبها من الكارثة العظيمة بسبب الأمطار والفيضانات الغزيرة التي تسببت في أضرار عظيمة على العاصمة السودانية وما جاورها من المدن والقرى، مما تسبب في إتلاف الكثير من أموالهم، وتشريد أكثر من مليون من المواطنين، وموت العديد من الناس، وتهدم الآلاف من المساكن، وقد أصبح أهلها يعيشون في العراء بدون مأوى.

وقد تناقلت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة أنباء هذه الكارثة العظيمة، وشاهد الكثير من الناس على شاشة التلفاز الخراب والدمار الذي حل ببلادهم، كما شوهد المشردون وهم في العراء لا شيء يكنهم من الشمس والمطر والريح، ولا شك أن ما حصل لهم من الابتلاء والامتحان الذي يبتلي الله به من يشاء من عباده فيه عظة وذكرى واختبار وامتحان.

قال سبحانه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (2) وقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (3){الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (4){أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (5)

(1) نصيحة صدرت من مكتب سماحته في 8 \1 \1409هـ.

(2)

سورة الأنبياء الآية 35

(3)

سورة البقرة الآية 155

(4)

سورة البقرة الآية 156

(5)

سورة البقرة الآية 157

ص: 174

وقال جل وعلا: {الم} (1){أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (2){وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (3) وقال سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} (4)

وكل هذه الآيات وغيرها كثير يبين الله سبحانه فيها أنه لا بد أن يبتلي عباده ويمتحنهم في هذه الحياة الدنيا، فإذا صبروا على هذا الابتلاء وأنابوا إلى الله ورجعوا إليه في كل ما يصيبهم، وتابوا إليه من سيئات أعمالهم، أثابهم الله رضاه ومغفرته وكشف عنهم الكربة، وأحسن لهم العاقبة، وعوضهم خيرا مما فاتهم.

ونظرا لعظم المصيبة التي حلت بإخواننا في السودان، وما ترتب عليها من الخسائر العظيمة في النفوس والأموال فإني أهيب بجميع المسلمين وغيرهم من الأمراء والوزراء والأغنياء وغيرهم ممن يحب الخير ويعين عليه في المملكة العربية السعودية وغيرها من سائر المعمورة أن يبادروا إلى مد يد العون لإخوانهم في السودان، وأن تكون المساعدة عامة لكل ما يحتاجون إليه من نقود وأطعمة وملابس وخيام وأدوية وغير ذلك.

كما أهيب بجميع العلماء والدعاة إلى الله سبحانه وجميع الأمراء وأئمة المساجد وجميع الأعيان أن يحثوا المسلمين على الوقوف بجنب إخوانهم في السودان بالدعم والمساعدة استجابة لأوامر الله سبحانه وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم بالحث على الإنفاق في وجوه الخير والتعاون على البر والتقوى، والمساعدة في تخفيف المصائب، قال الله عز وجل:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} (5)

(1) سورة العنكبوت الآية 1

(2)

سورة العنكبوت الآية 2

(3)

سورة العنكبوت الآية 3

(4)

سورة البقرة الآية 214

(5)

سورة الحديد الآية 7

ص: 175

وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (1) وقال سبحانه {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (2) وقال جل وعلا: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} (3) وقال تبارك وتعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (4) وقال عز وجل {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (5) وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (6) وقال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (7) وقال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى (8) » متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام:«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه (9) » وقال عليه الصلاة والسلام: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (10) » رواه مسلم في صحيحه، وقال عليه الصلاة والسلام:«من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (11) » متفق

(1) سورة البقرة الآية 254

(2)

سورة سبأ الآية 39

(3)

سورة المزمل الآية 20

(4)

سورة البقرة الآية 274

(5)

سورة البقرة الآية 195

(6)

سورة المائدة الآية 2

(7)

سورة الحجرات الآية 10

(8)

صحيح البخاري الأدب (6011) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2586) ، مسند أحمد بن حنبل (4/270) .

(9)

صحيح البخاري المظالم والغصب (2446) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2585) ، سنن الترمذي البر والصلة (1928) ، سنن النسائي الزكاة (2560) .

(10)

صحيح البخاري المظالم والغصب (2442) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2580) ، سنن الترمذي الحدود (1426) ، سنن أبو داود الأدب (4893) ، مسند أحمد بن حنبل (2/91) .

(11)

صحيح البخاري المظالم والغصب (2442) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2580) ، سنن الترمذي الحدود (1426) ، سنن أبو داود الأدب (4893) .

ص: 176

على صحته.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم غاية الاهتمام بأمر المحتاجين وذوي الفاقة، ويستاء لحاجتهم ويبادر لمساعدتهم، وهكذا ينبغي لأتباعه أن يتأسوا به في ذلك صلوات الله وسلامه عليه، فعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال:«كنا في صدر النهار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه قوم عراة مجتابي النمار أو العباء، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال: والآية التي في الحشر: تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره " حتى قال: " ولو بشق تمرة "، قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزوها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء (3) » أخرجه مسلم في صحيحه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نقص مال من صدقة (4) » رواه مسلم والترمذي.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه

ص: 177

حتى تغشى أنامله وتعفو أثره، وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة مكانها قال أبو هريرة رضي الله عنه: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأصبعه هكذا في جيبه، فلقد رأيته يوسعها ولا تتسع (1) » أخرجه البخاري ومسلم.

فعلينا جميعا أيها المسلمون المبادرة بمد يد العون والمساعدة لإخواننا المنكوبين في السودان وبذل ما نستطيع مما أنعم الله به علينا لنحقق معنى الأخوة الإسلامية التي ذكرها الله سبحانه في كتابه الكريم وذكرها رسوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة الكثيرة، ونحقق معنى الاستجابة لله ورسوله التي أمرنا بها الله في قوله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (2) الآية، وفي قوله عز وجل:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (3) وفي قوله سبحانه: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (4) ودعا إليها رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (5) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (6) » وقوله صلى الله عليه وسلم «من لا يرحم لا يرحم (7) » في أحاديث كثيرة تحث المؤمنين على التعاون على الخير ودعم المنكوبين ومواساتهم، وجبر مصابهم، رغبة فيما عند الله ورجاء لثوابه ورحمة لعباده، وإحسانا إليهم؛ وبذلك تتحقق الأخوة الإيمانية والتعاون على الخير، ولفوز الجميع بجزيل ثواب الله، وعظيم إحسانه.

واعلموا أيها الإخوة في الله أنه كلما كانت الحاجة إلى المساعدة أشد كان الأجر عليها من الله أعظم، ولا شك أن حاجة إخواننا في السودان شديدة وعظيمة، تستدعى منا المبادرة والمسارعة إلى مساعدتهم، والوقوف

(1) صحيح البخاري اللباس (5797) ، صحيح مسلم الزكاة (1021) ، سنن النسائي الزكاة (2547) ، مسند أحمد بن حنبل (2/523) .

(2)

سورة الأنفال الآية 24

(3)

سورة المائدة الآية 2

(4)

سورة البقرة الآية 195

(5)

صحيح البخاري المظالم والغصب (2442) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2580) ، سنن الترمذي الحدود (1426) ، سنن أبو داود الأدب (4893) .

(6)

صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2699) ، سنن الترمذي القراءات (2945) ، سنن أبو داود الأدب (4946) ، سنن ابن ماجه المقدمة (225) ، مسند أحمد بن حنبل (2/252) .

(7)

صحيح البخاري الأدب (5997) ، صحيح مسلم الفضائل (2318) ، سنن الترمذي البر والصلة (1911) ، سنن أبو داود الأدب (5218) ، مسند أحمد بن حنبل (2/269) .

ص: 178

بجانبهم، وتخفيف آلامهم.

وفق الله المسلمين عموما وإخواننا في السودان خصوصا للصبر والاحتساب، والتعاون على الخير، وضاعف لنا ولهم الأجر، وأنزل على المصابين السكينة والطمأنينة وأحسن للجميع العاقبة في الدنيا والآخرة، ووفق الجميع للتوبة النصوح، والاستقامة على الحق، والحذر من أسباب غضب الله وعقابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ولا يفوتني في ختام كلمتي هذه أن أشكر حكومة المملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين على مبادرتها بمد يد العون والمساعدة للسودان حكومة وشعبا؛ للتخفيف من آثار هذه الكارثة، كما أشكر كل من بادر بمساعدتهم من حكام المسلمين وشعوبهم وغيرهم ممن ساهم في تخفيف هذه المصيبة بالعون والإحسان.

وأسأل الله أن يجعل ذلك عملا خالصا لوجهه الكريم، وأن يثقل به موازين الجميع يوم القيامة ويرفع به درجاتهم في دار الكرامة، ويخلف عليهم ما أنفقوا بخير منه وأفضل، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد والله وصحبه وسلم.

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

رئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة

والرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة

والإرشاد بالمملكة العربية السعودية

ص: 179