المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مع الصحف والإذاعة - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٤

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌أسئلة مهمة في العقيدة تتعلق بالمحاضرة

- ‌متى يعذر المسلم

- ‌حكم التوسل، ومعاشرة الفساق:

- ‌التحاكم إلى القوانين العرفية والقوانين القبلية:

- ‌النكاح بنية الطلاق:

- ‌حكم ذبيحة من لا تعرف عقيدته:

- ‌توضيح معنى الشرك بالله

- ‌هذا هو طريق الرسل وأتباعهم

- ‌وجوب شكر النعم والحذر من صرفها في غير مصارفها

- ‌أخلاق المؤمنين والمؤمنات

- ‌الحاجة إلى القضاء الشرعي

- ‌المقارنة بين الشريعة والقانون

- ‌صبغ اللحية بالسواد

- ‌أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة

- ‌أخلاق أهل العلم

- ‌حادث المسجد الحراموأمرالمهدي المنتظر

- ‌بيان من هيئة كبار العلماء بشأنالاعتداء على المسجد الحرام

- ‌تعليق على محاضرة عنوانها:"عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر

- ‌وجوب الصدق والنصح في المعاملات

- ‌التذكير بالله والتآخي في الله من أهم القربات ومن أفضلالطاعات

- ‌أخلاق المؤمنين والمؤمنات:

- ‌الإسراف من شرور الحياة:

- ‌التأدب بآداب الله:

- ‌الأسئلة المطروحة والإجابة عليها:

- ‌حكم البذخ والإسراف في العزاء:

- ‌الإسراف في الحفلات:

- ‌الحكم على أمور مخالفة تحدث في ليلة الزفاف:

- ‌صحة حديث: «نحن قوم لا نأكل حتى نجوع»

- ‌آنية الذهب:

- ‌زكاة الحلي

- ‌ملاحظات تتعلق بما نشر حول مشروع قانونالأحوال الشخصية في بعض الدول الإسلامية

- ‌الإجابة على أسئلة طرحت على سماحته بإحدى المحاضرات بمكة المكرمة بجامعة أم القرى

- ‌السفر إلى الخارج

- ‌ثواب الصلاة في مكة

- ‌ الحق في معنى الساق

- ‌حكم التأويل في الصفات

- ‌واجب العلماء نحو الأمة

- ‌واجب العلماء المسلمين تجاه النكبات التي حلت بالعالم الإسلامي:

- ‌واجب العلماء المسلمين حيال كثرة الجمعيات والجماعات

- ‌تغلغل أعداء الإسلام في ديار المسلمين:

- ‌خرافة يجب تكذيبها

- ‌كثيرا ما نقرأ في الصحف ونرى إعلانات تشجب الأمية

- ‌حكم البكاء بسبب المرض والتحدث عنه مع الآخرين

- ‌حكم من حلف ثلاث مرات على التوبة

- ‌الحلف بالكعبة لا يجوز

- ‌استماع الأغاني العاطفية

- ‌لا تجوز الإعانة في المعصية

- ‌الواجب عدم الالتفات إلى قول الساخرين والمستهزئين

- ‌حكم التصفيق في الحفلات

- ‌جميع ما يفعله الناس بقدر

- ‌تغيير الاسم بعد اعتناق الإسلام

- ‌مم خلق الله الملائكة وإبليس

- ‌لا يجوز للمسلم أن يكره ما لم يكره الله

- ‌نشرات مكذوبة يروجها بعض الناس

- ‌مع الصحف والإذاعة

- ‌لقاء مع صحيفة الراية السودانية

- ‌نداء لجميع المسلمين وغيرهم لمساعدة السودان

- ‌ الإهابة بالمسلمين لمساعدة إخوانهم في أفريقيا

- ‌تهنئة لحكومة الباكستان لإعلانهاتطبيق الشريعة الإسلامية

- ‌كلمة في مناسبة إجازة الربيع

- ‌الشباب والإجازة

- ‌التحذير من السفر إلى بلاد الكفرة وخطرهعلى العقيدة والأخلاق

- ‌حكم السفر خارج الدول الإسلامية

- ‌لا لهذه الرحلات

- ‌التحذير من القمار وشرب المسكر وبيوع الغرر

- ‌هذه المعاملة من القمار

- ‌تعليق موجز على ما كتبه بعض الكتابفي مجلة اليمامة

- ‌احذروا الصحف الخليعة

- ‌جواب حول:إصدار المجلات الخليعة

- ‌حكم التصوير

- ‌حكم تعليق الصور

- ‌الصور والتماثيل:

- ‌حكم جمع الصور بقصد الذكرى

- ‌أسئلة مهمة وأجوبتها

- ‌ كلمة عن تقبيح الوجه…وأن الله خلق آدم على صورته:

- ‌التعزية في أهل المعاصي:

- ‌صلاة التوبة:

- ‌السبيل الأمثل في الدعوة إلى الله:

- ‌العلم الذي يحتاجه الداعي:

- ‌إنكار المنكر على الأقارب:

- ‌نصح المؤمنة لأختها:

- ‌مقاطعة مرتكب الجريمة:

- ‌ثقافة الداعية:

- ‌الكتب المفيدة في مجال الدعوة إلى الله:

- ‌المرأة والدعوة إلى الله

- ‌دعوة المتأثرين بثقافات معينة

- ‌تحريم التبرج والسفور

- ‌لا للاختلاط

- ‌حكم مصافحة الطالب لزميلته

- ‌حكم الاختلاط في التعليم

- ‌الاختلاط والسفور

- ‌الإجابة عن سؤال قدمه أحد الإخوانحول بعض الأمور البدعية والشركية

- ‌واجب المسلم تجاه الكافر

- ‌جواب عن أربع مسائل مهمة

- ‌ ما حكم ذبائح أهل الكتاب

- ‌ ما حكم نكاح نسائهم

- ‌ من هم أهل الكتاب

- ‌حكم الاحتفالات بالموالد ونحوها

- ‌حكم الاحتفال بمرور سنة أو سنتين لولادة الشخص

- ‌حكم إقامة أعياد الميلاد

- ‌حكم الاحتفال بالموالد

- ‌هل يحل للمسلمين أن يحتفلوا بالمولد النبوي

- ‌وصية بمناسبة تعيين الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عويشز في رئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌معنى نقص العقل والدين عند النساء

- ‌نوعية جهاد الفلسطينيين

- ‌وجوب الرفق بالحيوان

- ‌أسئلة مهمة والجواب عليها

- ‌حكم الصلاة مع المتمسكين بالبدعة

- ‌كسب المصور

- ‌تصوير ما لا روح فيه

- ‌ترك العمل والاتجاة للدراسة

- ‌حكم عمل المرأة

- ‌العمل في البنوك ووضع الأموال فيها

- ‌حكم الصلاة خلف من عرف بالغلو في الأنبياء والصالحين

- ‌حكم الصلاة خلف من يستغيث بغير الله

- ‌التوسل بالجاه

- ‌التوسل بعبارة جارية على ألسنة الناس

- ‌التعريف بالدين

- ‌الذبح لغير الله شرك

- ‌التحذير من اتخاذ المساجد على القبور ودعوة أهلها

- ‌عدم جواز توجيه الطلب إلى الميت

- ‌حكم البناء على القبور

- ‌لا يجوز التبرك بالأموات

- ‌حكم الدعاء ببركة الصالحين وحكم الحجب والمحو

- ‌حكم الطواف وختم القرآن للأموات

- ‌ وصف الميت بأنه مغفور له أو مرحوم

- ‌وجوب احترام قبور المسلمين وعدم امتهانها

- ‌حكم الكتابة على القبور

- ‌الحكمة من إدخال قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد

- ‌ما حكم قراءة القرآن للميت في داره

- ‌حكم قراءة القرآن على الأموات

- ‌حكم قراءة الفاتحة للميت وذبح المواشي له

- ‌زيارة القبور والتوسل بالأضرحة وأخذ أموال التوسل

- ‌حكم أخذ أجرة قراءة القرآن على الأموات

- ‌إقامة الولائم عند موت الميت من تركته

- ‌حكم قراءة القرآن لآخر حيا أو ميتا

- ‌وفاء النذر

- ‌تنبيهات مهمة

- ‌تفسير آيات كريمات

- ‌الإجابة عن أسئلة متفرقة

- ‌حكم الأخطاء التي ارتكبت قبل الهداية

- ‌تربية ثلاث بنات

- ‌معنى الإحسان

- ‌اجتناب الكبائر لحصول الوعد

- ‌تبادل الزيارات بين المسلمات وغير المسلمات

- ‌قطع الأشجار المؤذية من المقابر

- ‌الشجرة النابتة على القبر

- ‌وجوب العدل بين العامل المسلم وغيره

- ‌حكم السكن مع العوائل في الخارج

- ‌حكم تغيير الاسم بعد الإسلام

- ‌هل في القرآن مجاز

- ‌حكم مس المصحف بغير وضوء

- ‌تأييد وشكر

- ‌العلاج الشرعي

- ‌الله سبحانه غني بذاته عمن سواه وهو الممسك للعرش والسماوات والأرض

- ‌ظاهرة السائقين والخدم

- ‌حكم القيام للقادم

- ‌الإجابة عن سؤال عن الأوراد والأدعية المتنوعة في مجالس الذكر وبعد الصلوات

- ‌وصية بمناسبة تعيين الدكتور يوسف الهاجري وزيرا

- ‌حكم الملاكمة ومصارعة الثيران والمصارعة الحرة

- ‌الرد على من يعتبر الأحكام الشرعية غيرمتناسبة مع العصر الحاضر

- ‌حكم من يحكم بغير ما أنزل الله

- ‌فاتقوا الله ما استطعتم

- ‌لا تعارض بين الآيتين

- ‌بداية الثلث الأخير من الليل ونهايته

- ‌التوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب

- ‌حكم الختان

- ‌المثل الأعلى

- ‌كيفية التوكل على الله

- ‌شرح بعض الأمور التي تهم الدعاة

- ‌سحر الزوجة للزوج

- ‌العمل في مصانع الخمر

- ‌أكل ذبائح الكفار واستعمال أوانيهم

- ‌الحكم الشرعي في فتاة شيعية يمنعها المأذون من عقد القران

- ‌توضيح عن فرقة الشيعة

- ‌ما حكم الخجل من الإنكار على أهل الغيبة والنميمة

- ‌إجبار الطالب العسكري على حلق لحيته

- ‌حكم من يساوي لحيته

- ‌صحة الحديث «من رآني فقد رآني حقا

الفصل: ‌مع الصحف والإذاعة

‌مع الصحف والإذاعة

(1)

نشرت بعض الصحف لبعض الكتاب والكاتبات كلمات لا تهدف إلى صالح المجتمع بل تضره وتفضي به إلى أسوأ العواقب، وقد يكون ذلك الكاتب وتلك الكاتبة لا يشعران بمدى خطورة ما كتبا ولا يعلمان عظيم جنايتهما على المجتمع الإسلامي الذي يعيشان فيه ولا سيما في هذا العصر الرهيب الذي استحكمت فيه غربة الإسلام وظهر فيه الإلحاد والإباحية وانتشر أنصارهما والدعاة إليهما، تارة باسم التقدم والرقي والقومية العربية، وتارة باسم الحرية والاشتراكية، وطورا بأسماء أخرى، شعارات براقة وأساليب خداعة لا تمت إلى الخير بصلة ولا تهدف إلى الحق بأدنى وسيلة، يغتر بها السذج والسفهاء ويخدع بها الجهال والحمقى ويربح من ورائها الأعداء.

وكان الواجب على كتابنا من الرجال والنساء أن يتحروا الحق فيما يكتبون وأن يزنوا كلماتهم وأهدافهم بالميزان الذي لا يجور وهو ميزان الشريعة الإسلامية الكاملة المعروف من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وأن لا يغتروا بالشعارات المضللة والدعايات الجوفاء والأساليب الساحرة التي انتحلها أعداؤهم وقصدوا من ورائها تضليل المسلمين وتلبيس دينهم عليهم ودعوتهم إلى التملص منه والخروج على أحكامه بشتى الأساليب وأنواع المغريات.

وهكذا وسائل الإعلام يجب على القائمين عليها أن يتحروا الخير فيما يوجهونه للناس، وأن يزودوها بالمقالات النافعة البناءة والأحاديث الهادفة والتوجيهات السديدة التي تنفع المجتمع في دينه ودنياه وتأخذ بيده إلى الطريق القويم وتنبهه على أخطائه ومواضع الزلل من سيرته، حتى يرجع

(1) نشرت في الصحف المحلية في عام 1383هـ.

ص: 160

عن الخطأ ويستقيم على سواء السبيل.

وبذلك تؤدي واجبها وتساهم في الإصلاح الديني والدنيوي ويتحقق بها نفع الأمة وتوجيهها إلى الصالح العام في المشارق والمغارب وتكون بذلك قد استغلت الوقت فيما يفيد وأحسنت سمعة بلدها وأخذت بأيدي مستمعيها إلى أسباب الرقي الصالح والتقدم السليم والحضارة الكريمة التي تصان بها الكرامة وتحفظ بها الحقوق وتزكى بها النفوس وترشد بها العقول إلى طرق السلامة ووسائل البناء والإصلاح والابتعاد عن أسباب الغي والضلال والتخريب والإفساد.

ولقد كان مما أخذ على الإذاعات واستاء له كل مسلم غيور ما تمليه على الناس عبر الأثير ليل نهار من الأغنيات الخليعة وما يضاف إلى ذلك من آلات العزف والطرب، ومعلوم ما يترتب على ذلك من إفساد القلوب ومرضها وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة وإشغالها بأغنية فلان وفلانة وصوت علان وعلانة عن استماع القرآن الكريم وأحاديث النبي الأمين والمواعظ المفيدة والمقالات البناءة إلى غير ذلك من أنواع الفساد والتخريب، ولا ريب أن ذلك كله من لهو الحديث الذي أخبر الله في كتابه أنه يضل أهله عن سبيل الله ويفضي بهم إلى اتخاذ آيات الله هزوا كما قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} (1) وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف (2) » أخرجه البخاري في صحيحه، والحر: بالحاء والراء المهملتين هو الفرج الحرام يعني بذلك الزنى، وأما الحرير والخمر فمعروفان، وأما المعازف فهي آلات اللهو كلها كالطنبور والعود والكمان والطبل وشبه ذلك.

وقد ظهر مصداق هذا الحديث الشريف في العصور المتأخرة، فقد

(1) سورة لقمان الآية 6

(2)

سنن أبو داود اللباس (4039) .

ص: 161

استحل الكثير من الناس الفرج الحرام والخمر والمعازف، واستحل الكثير من الرجال لبس الحرير، وكل ذلك يدل على ضعف في الإيمان وقلة في العلم وفساد في المقصد وإقبال على الشهوات وإعراض عظيم عن التفقه في الشريعة الإسلامية والعمل بها، وهذا كله في المنتسبين إليها والمحسوبين عليها، وقد حاربوها وابتعدوا عن تعاليمها واستهزأوا بمن تمسك بها أو دعا إليها إلا من شاء الله وهم القليل.

ولا ريب أن بلادنا من أحسن البلاد الإسلامية وأقومها بشعائر الله على ما فيها من نقص وضعف، فالواجب علينا جميعا من مسئولين ومذيعين وكتاب وكاتبات أن نتقي الله جميعا في أنفسنا ومجتمعنا، وأن نتكاتف ونتعاون على نصر دينه وحماية شريعته وترك ما خالف ذلك حتى نكون أسوة صالحة ومثالا أعلى لجميع البلدان الإسلامية، ولا سيما ونحن في مهبط الوحي ومطلع شمس الرسالة وقبلة المسلمين في المشارق والمغارب، ولا ريب أن هذا كله يقتضي مضاعفة الجهود والعناية بعظم المسئولية، ولا يخفى ما في ذلك من جزيل المثوبة إذا قمنا بواجبنا، ويقتضى كبر الجريمة وشدة الخطر إذا تخلينا عنه وتساهلنا بالمسئولية الملقاة على عواتقنا.

وقد علم كل ذي بصيرة وعلم بأحوال الناس أن فشو الغناء والملاهي في المجتمع من أعظم الأسباب لزوال النعم وحلول النقم وخراب الدولة وزوال الملك وكثرة الفوضى والتباس الأمور.

فالجد الجد والبدار البدار قبل أن يحل بنا من أمر الله ما لا طاقة لنا به، وقبل أن تنزل بنا فتنة لا تصيب الذين ظلموا منا خاصة بل تعم الصالح والطالح ويهلك بها الحرث والنسل ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولقد استنكر أهل العلم والإيمان ما تنشره الصحف وغيرها وما تسير عليه الإذاعات حاليا مما أشرنا إليه آنفا وكتبوا في ذلك ما شاء الله أن يكتبوا مما نشر بعضه في الصحف وأكثره لم ينشر.

حفزهم إلى ذلك

ص: 162

الغيرة لله والنصيحة له ولعباده وما أوجب عليهم مولاهم سبحانه من إنكار المنكر والأمر بالمعروف، وممن كتب في ذلك أخونا العلامة الناصح لله ولعباده الشيخ محمد أحمد باشميل، فقد نشرت له صحيفة الندوة في عددها الصادر في 20 \ 2 \ 1383هـ كلمة قيمة بعنوان:(اضربوا على أيدي السفهاء) ، أنكر فيها ما كتبه بعض من قل علمه وضعفت بصيرته من الدعوة إلى السفور والغناء والعزف والطرب وبروز المرأة واختلاطها مع الرجل في المصنع والمتجر والمكتب ونحو ذلك.

وأوضح ما يترتب على ذلك من الفساد. ودعا المسئولين إلى الضرب على أيدي السفهاء. ولا ريب أن هذا هو الواجب عليه وعلى غيره من أهل العلم أن ينصحوا لله ولعباده وأن ينكروا المنكر على من فعله وأن يحذروا الناس من مغبة ظهور المنكرات والتساهل في إنكارها.

ولا شك أن من دعا الناس إلى ما يفسد مجتمعهم ويضرهم في دينهم ويوجب غضب الله عليهم ويسبب حلول النقم. حقيق بأن يسمى سفيها وأن يطلب من المسئولين من ولاة الأمر وغيرهم من أعيان الناس وأرباب الغيرة والدين أن يضربوا على يديه وأن يمنعوه من أسباب الخطر، وأن يوقفوه عند حده ويبصروه بعيبه وخطئه، وهذا هو الواجب عليهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته (1) » الحديث، فعلى السلطان واجبه مع الرعية بتقويم أخلاقهم وإلزامهم بالحق ومنعهم مما حرم الله حسب الطاقة، وعلى كل إنسان من والد وزوج وأمير وكبير عشيرة ونحوهم واجبهم من إنكار المنكر والأخذ على يد السفيه حسب الطاقة، وإذا كان الله سبحانه قد سمى من لا يحسن التصرف في ماله سفيها.

ولو كان شيخا كبيرا في قوله سبحانه: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} (2) الآية، فالذي لا يحسن التصرف في دينه ولا يقف عند الحد الذي حده الله له أولى بهذه

(1) صحيح البخاري الجمعة (893) ، صحيح مسلم الإمارة (1829) ، سنن الترمذي الجهاد (1705) ، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2928) ، مسند أحمد بن حنبل (2/121) .

(2)

سورة النساء الآية 5

ص: 163

التسمية وأحق بهذا اللقب، ولا ريب أن سفور النساء بحضرة الرجال غير المحارم وإبدائهن مفاتنهن من أعظم السفه سواء كان ذلك في الطريق أو الطائرة أو السيارة أو المتجر أو المكتب أو المصنع أو القطار أو غير ذلك.

وهكذا إعلان الأغاني وآلات العزف ودعوة الناس إلى ذلك وتحبيذه لهم من أعظم السفه.

فيجب على ولاة الأمر القضاء على ذلك والمنع منه والضرب على أيدي من يدعو إليه أو يفعله، وبذلك تصلح الأحوال ويؤدي الواجب ويزول المنكر ويؤخذ على يد السفيه، وقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه تلا الآية الكريمة من قول الله عز وجل ثم قال: والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم (3) » وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه (4) » .

وإني لأعجب كثيرا من استنكار بعض كتابنا كلمة أخينا الشيخ محمد أحمد باشميل التي أشرنا إليها وغضبهم منها ومناقشتهم إياها وهم يعلمون نصح الرجل وغيرته العظيمة وكتاباته المفيدة، فما كان ينبغي لهم أن يغضبوا من كلمة الحق بل كان الواجب عليهم أن يؤيدوه ويؤازروه في الصدع بالحق والدعوة إليه وإنكار المنكر والتحذير منه، والواجب أيضا أن يحملوا كلامه على أحسن المحامل وأن يظنوا به الظن الحسن وأن لا يرموه بما لا يليق به، فالمؤمنون أخوة وجسد واحد وبناء واحد سواء كانوا عربا أو عجما وسواء نبتوا في هذه البلاد وعاشوا فوق أرضها وتحت سمائها أو هاجروا إليها من بعيد.

فكل مسلم يعبد الله وحده وينقاد

(1) سنن الترمذي تفسير القرآن (3047) ، سنن أبو داود الملاحم (4336) ، سنن ابن ماجه الفتن (4006) .

(2)

سورة المائدة الآية 78 (1){لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}

(3)

سورة المائدة الآية 79 (2){كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}

(4)

سنن الترمذي الفتن (2168) ، سنن ابن ماجه الفتن (4005) .

ص: 164

لشريعته أخونا وحبيبنا، سواء كان في المشرق أو المغرب، وسواء كان عربيا أو عجميا، وسواء تجنس بالجنسية الرسمية أم لم يتجنس بها، هكذا علمنا ربنا وأدبنا أحسن تأديب، وهكذا أرشدنا رسوله صلى الله عليه وسلم ووجهنا أكمل توجيه، قال الله عز وجل:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (1) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه (2) » .

فاتقوا الله يا إخواني وأنصفوا من أنفسكم وحققوا الأخوة الإيمانية التي أمر الله بها، وقولوا للمحق: أحسنت وأجملت ووجهوه واشكروه وأعينوه، وقولوا للمسيء: أسأت وأخطات برفق وحكمة ووجهوه وأرشدوه، وبذلك تستحقون الثواب الجزيل من الله سبحانه والثناء الحسن من الناس والسمعة الطيبة في الداخل والخارج، واحذروا طاعة الهوى والتعصب المقيت والتقليد الأعمى تربحوا وتسلموا وتفوزوا بالعاقبة الحميدة.

والله أسأل أن يهدينا جميعا سواء السبيل، وأن يوفق حكومتنا وولاة أمرنا لما فيه صلاح المجتمع وسعادته في الدنيا والآخرة، وأن يجعلنا جميعا ممن يقول الحق ويعمل به لا يخاف في الله لومة لائم إنه على كل شيء قدير.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.

(1) سورة الحجرات الآية 10

(2)

صحيح البخاري المظالم والغصب (2442) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2580) ، سنن الترمذي الحدود (1426) ، سنن أبو داود الأدب (4893) ، مسند أحمد بن حنبل (2/91) .

ص: 165