الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه مات على الشرك بالله، وعلى عبادة غيره سبحانه وتعالى، فكيف بالذي بين المسلمين وهو يعبد البدوي، أو يعبد الحسين، أو يعبد الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو يعبد الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم، أو يعبد عليا أو يعبد غيرهم.
فهؤلاء وأشباههم لا يعذرون من باب أولى؛ لأنهم أتوا الشرك الأكبر وهم بين المسلمين، والقرآن بين أيديهم. وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودة بينهم، ولكنهم عن ذلك معرضون.
والقسم الثاني: من يعذر بالجهل كالذي ينشأ في بلاد بعيدة عن الإسلام في أطراف الدنيا، أو لأسباب أخرى كأهل الفترة ونحوهم ممن لم تبلغهم الرسالة، فهؤلاء معذورون بجهلهم، وأمرهم إلى الله عز وجل، والصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة فيؤمرون، فإن أجابوا دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار؛ لقوله جل وعلا:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (1) ولأحاديث صحيحة وردت في ذلك.
وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله الكلام في هذه المسألة في آخر كتابه: (طريق الهجرتين) لما ذكر طبقات المكلفين، فليراجع هناك لعظم فائدته.
(1) سورة الإسراء الآية 15
حكم التوسل، ومعاشرة الفساق:
س 2: هل يجوز التوسل بجاه فلان أو حق فلان، وهل تجوز معاشرة الفساق وصحبتهم؟
ج 2: هذا من البدع التي لم يشرعها الله عند جمهور أهل العلم، وإنما المشروع التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وتوحيده ومحبته والإيمان به، وبالأعمال الصالحات كما قال سبحانه:
{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1) ولم يقل سبحانه: فادعوه بجاه محمد، أو بجاه الأنبياء أو بجاه الأولياء، أو بحق بيته العتيق، أو نحو ذلك وإنما قال سبحانه:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (2) أي بأسمائه هو وصفاته، ويدعى أيضا بتوحيده كما جاءت الأحاديث بذلك، ومنها الحديث:«اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد (3) » .
ومن ذلك حديث أهل الغار الذين انطبقت عليهم صخرة لما أووا إلى الغار في ليل فيه مطر، فقد انطبقت عليهم صخرة وسدت عليهم فم الغار ولم يستطيعوا الخروج، فقالوا فيما بينهم: لا ينجينا من هذا إلا أن نتوسل إلى الله بأعمالنا الخالصة، فتوسلوا إلى الله، فتوسل أحدهم إلى الله ببره لوالديه، والثاني توسل بعفته عن الزنى، والثالث توسل بأدائه للأمانة، ففرج الله عنهم.
فعلم بذلك مما ذكرنا أن العبد إذا توسل إلى الله بأسمائه أو بتوحيده، أو بإيمانه به ومحبته له، أو بالإيمان بنبيه صلى الله عليه وسلم ومحبته له، أو بأداء ما افترض الله عليه، من طاعته، أو بترك ما حرم عليه، فهو توسل مشروع وصاحبه حري بالإجابة.
وأما معاشرة الفساق ومجالستهم فلا تجوز؛ لأنهم يجرون إلى فسقهم وضلالهم، لكن إذا خالطهم للدعوة إلى الله وإنكار ما هم عليه من الباطل، وتوجيههم للخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فهذا لا بأس به؛ لأن المسلم مأمور بذلك، أما من يتخذهم أصحابا وخلانا يجالسهم ويأكل معهم ويأنس بهم، فذلك لا يجوز.
(1) سورة الأعراف الآية 180
(2)
سورة الأعراف الآية 180
(3)
أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان