الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حدث الصلت قال: أبردني الجراح وعبد الرحمن بن صبح الأزي إلى عمر بن عبد العزيز، فقدمنا عليه، وإنه لقاعد كأحد أصحابه فما عرفناه حتى قيل لنا إنه عمر، فسلّمنا عليه، ودفعنا إليه الكتب من الجراح، ورفعنا إليه حوائجنا.
صمدون بن الحسين بن علي
ابن الحسين بن يحيى بن هارون، أبو الحسن الصوري توفي ببانياس سنة إحدى وسبعين وأربع مئة.
حدث عن عبد الوهاب بن الحسين الغزال بسنده عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من ثمان: من الهم، والحزن، والعجز، والكسل، ومن الجبن، والبخل، ومن ضَلَع الدَّين، وغلبة العدو.
صُهيب بن سنان بن مالك
ابن عبد عمرو بن عقيل بن عامر بن جندلة بن سعد بن جُذيمة بن كعب ابن منقذ بن العُريان ابن حي بن زيد مناة بن عامر بن الضَّحيان ابن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قساط بن هِنْب بن أفصى ابن دُعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار وفي نسبه اختلال - أبو يحيى - وقيل: أبو غسان - النمِري
صاحب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ممن شهد بدراً. وهو المعروف بصهيب الرومي.
كان من أهل الموصل. فسبته الروم وهو صغير، وأعتقه عبد الله بن جدعان. ويقال: هو حليفه، وكان أصابه سِباء بالروم، ووافَوا به الموسم، فاشتراه عبد الله بن جدعان القرشي، فأعتقه.
وأم صعيب سلمى بنت قعيد بن مهيص بن خزاعي بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم. وكان النعمان استعمل أباه سنان على الأُبُلَّة.
وقدم الجابية مع عمر بن الخطاب.
حدث صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار ناداهم " منادٍ " يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعداً لم تَروه. قالوا: وما هو؟ ألم يثقل موازيننا، ويُبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، وينجينا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب تعالى، فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إليه. ثم تلا هذه الآية: " لِلَّذِيْنَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيَادَةٌ " ".
حدث الشعبي عن سويد بن غفلة قال: لما قدم عمر الشام قام إليه رجل من أهل الكتاب فقال: يا أمير المؤمنين، إن رجلاً من المسلمين صنع بي ما ترى، وهو مشجوج مضروب، فغضب عمر غضباً شديداً ثم قال لصهيب: انطلق فانظر مَن صاحبه، فأتني به. قال: فانطلق صهيب، فإذا هو عوف بن مالك الأشجعي فقال: إن أمير المؤمنين قد غضب عليك غضباً شديداً، فأت معاذ بن جبل فليكلمه، فإني أخاف أن يجعل إليك. فلما قضى عمر الصلاة قال: أين صهيب؟ أجئت بالرجل؟ قال: نعم. قال: وقد كان عوف بن مالك أتى معاذاً وأخبره بقصته، فقام معاذ فقال: يا أمير المؤمنين، إنه عوف بن مالك، فاسمع منه، ولا تعجل
إليه. فقال له عمر: مالك ولهذا؟ قال: يا أمير المؤمنين، رأيت هذا يسوق بامرأة مسلمة على حمار فنخس بها لتصرع، فلم تصرع، فدفعها فصرعت، فغشيها - أو أكب عليها - قال: ائتني بالمرأة، فلتصدّق ما قلت، فأتاها عوف بن مالك، فقال له أبوها وزوجها: نحن نذهب فنبلغ عنك. فأتيا عمر فأخبراه بمثل قول عوف. فأمر عمر باليهودي فصلب. وقال: ما على هذا صالحناكم، ثم قال: أيها الناس، اتقوا الله في ذمة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن فعل منهم هذا فلا ذمة له. قال: قال سويد: وذلك اليهودي أول مصلوب رأيته في الإسلام.
كان سنان، أبو صهيب عاملاً لكسرى على الأُبُلّة، وكانت منازلهم بأرض الموصل، ويقال: كانوا في قرية على شط الفرات مما يلي الجزيرة والموصل. فأغارت الروم على تلك الناحية، فسبت صهيباً وهو غلام صغير، واسم القرية التي كان أهله بها الثَنِيّ. ونشأ صهيب بالروم، فصار ألْكن، فابتاعته كلب منهم، وقدمت به مكة، فاشتراه عبد الله بن جدعان التيمي منهم، فأعتقه، وأقام معه بمكة إلى أن هلك عبد الله بن جدعان. وبُعث النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد الله به من الكرامة، ومنّ به عليه من الإسلام. وأما أهل صهيب فإنهم يقولون: بل هرب من الروم حين بلغ وعقل. فقدم مكة فحالف عبد الله بن جدعان وأقام معه إلى أن هلك.
وكان صهيب رجلاً شديد الحمرة، ليس بالطويل ولا القصير. وهو إلى القصر أقرب. وكان كثير شعر الرأس. وكان يخضب بالحناء.
وشهد صهيب بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويقال: إن صهيباً سبته الروم من الموصل فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم، وكناه أبا يحيى.
وحدث صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحب صهيباً حبّ الوالدِ ولدّه ".
وقال صهيب: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه.
وعن عمار بن ياسر قال: لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقلت له: ما تريد؟ قال لي: ما تريد أنت؟ فقلت: أردت أن أدخل على محمد، فأسمع كلامه. قال: وأنا أريد ذلك، فدخلنا عليه، فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا ثم مكثنا يومنا على ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا ونحن مستخفون. فكان إسلام عمار وصهيب بعد بضعةٍ وثلاثين رجلاً.
وعن أم هانىء قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السباق أربعة: أنا سابق العرب، وسلمان سابق فارس، وصهيب سابق الروم، وبلال سابق الحبش.
وعن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" أنا سابق العرب إلى الجنة، وصهيب سابق الروم إلى الجنة، وبلال سابق الحبشة إلى الجنة. وسلمان سابق الفرس إلى الجنة ".
وعن عمر بن الحكم قال: كان عمار بن ياسر يعذَّب حتى لا يدري ما يقول. وكان صهيب يعذَّب حتى لا يدري ما يقول. وكان أبو فكيهة يعذَّب حتى لا يدري ما يقول. وبلال وعامر بن فهيرة وقوم من المسلمين وفيهم نزلت هذه الآية: " ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِيْنَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ".
قال مجاهد: أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وبلال، وخبّاب، وصهيب، وعمار، وسمية أم عمار. قال: فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه عمه، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأُخذ الآخرون فألبسوهم أدراع الحديد ثم صهروهم في الشمس حتى بلغ الجَهد منهم كلَّ مبلغ فأعطوهم ما سألوا، فجاء إلى كل رجل منهم قومه بأنطاع الأدْم
فيها الماء فألقوهم فيه وحملوا بجوانبه إلا بلالاً. فلما كان العشي جاء أبو جهل فجعل يشتم سمية ويرفث، ثم طعنها فقتلها، فهي أول شهيد استشهد في الإسلام، إلا بلال فإنه هانت عليه نفسه في الله حتى ملّوه، فجعلوا في عنقه حبلاً ثم أمروا صبيانهم أن يشتدوا به بين أخشِبَيْ مكة فجعل بلال يقول: أحدٌ أحدٌ.
وعن ابن عباس في قوله عز وجل: " ومِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِيْ نَفْسَهُ ابتغاءَ مَرْضَاةِ اللهِ " قال: نزلت في صهيب وفي نفر من أصحابه، أخذهم أهل مكة، فعذّبوهم ليرُّوهم إلى الشرك بالله، منهم عمار وأمه سمية وأبو ياسر، وبلال وخبّاب وعابس مولى حويطب بن عبد العزى. أخذهم المشركون فعذبوهم.
وعن عروة بن الزبير قال: كان صهيب من المستضعفين من المؤمنين الذين كانوا يعذبون في الله بمكة.
وعن ابن مسعود قال: مرَ الملأ من قريش على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده خبّاب وصهيب وبلال وعمار فقالوا: يا محمد، أرضيت بهؤلاء؟! أتريد أن نكون تبعاً لهؤلاء؟! فنزلت:" وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أن يَحْشَرُوْا إلى رَبِّهِمْ " إلى قوله: " فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُوْنَ مِنَ الظَّالِمِيْنَ ".
وعن خباب بن الأرتْ " " ولا تَطْرُدِ الَّذِيْنَ يَدْعُوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ والعَشِيِّ يُرِيدُونَ وجْهَهُ " قال: جاء الأقرع بن حابس التميمي وعُيينة بن حصن الفَزاري فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بلال وعمار وصهيب وخباب في أناس من الضعفاء من المؤمنين. فلما رأوهم حوله حقروهم، فأتوه فخلوا به وقالوا: إنا نحب أن نجعل لنا منك مجلساً تعرف لنا بها العرب فضلنا، فإن وفود
العرب تأتيك، فنستحي أن ترانا قعوداً مع هؤلاء عندك. فإذا نحن جئنا فافهم عنها، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت. قال: نعم. قالوا: فاكتب عليك كتاباً، فدعا بالصحيفة ليكتب لهم، ودعا علياً ليكتب. فلما أراد ذلك - ونحن قعود في ناحية - إذ نزل جبريل عليه الصلاة والسلام فقال:" ولا تَطْرُدِ الذينّ يدعونَ رَبَّهُم بالغداةِ والعَشِيِّ يُرِيْدُونَ وجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ " الآية. ثم ذكر الأقرع وصاحبه. قال: " وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ " الآية. وقال: " وإِذَا جَاءَ الَّذِيْنَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " الآية. فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحيفة، ودعانا فأتيناه وهو يقول: سلامٌ عليكم، فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس معنا. فإذا أرد أن يقوم قام وتركنا. فأنزل الله عز وجل:" وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ والعَشِّيِّ يُريْدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ " يقول: ولا تجالس الأشراف " وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا واتّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ".
فأما الذي أغفل قلبه فهو عيينة والأقرع. وأما. فرطاً. ضرب لهم مثلاً رجلين ومثل الحياة الدنيا. قال: فكنا بعد ذلك نقعد مع النبي صلى الله عليه وسلم. فإذا بلغنا الساعة التي كنا نقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم. وإلا صبر أبداً حتى نقوم.
وعن أبي سلم بن عبد الرحمن قال:
جاء قيس بن مطاطية إلى حلقة فيها سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي فقال: هؤلاء الأوس والخزرج قاموا بنُصْرة هذا الرجل، فما بال هؤلاء؟! قال: فقام مُعاذ فأخذ بتلبيبه حتى أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بمقالته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضباً يجر رداءه حتى دخل المسجد ثم نودي الصلاة جامعة، فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: " يا أيها الناس، إن الربّ ربّ واحد، وإن الأب أبٌ واحد، وإن الدين دينٌ واحد. ألا وإن
العربية ليست لكم باب ولا أم، إنما هي لسان، فمن تكلم بالعربية فهو عربي ". فقال معاذ - وهو آخذ بتلبيبه -: يا رسول الله، ما تقول في هذا المنافق؟ فقال:" دعه إلى النار ". قال: فكان فيمن ارتد، فقتل في الرِّدة.
قال: هذا حديث مرسل غريب.
وعن مجاهد قوله عز وجل: " مَالَنَا لَانَرى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشرَارِ " قال أبو جهل: ما لنا لا نرى خباباً وصهيباً وعماراً اتخذناهم سِخريّاً في الدنيا، أم هم في النار فزاغت عنهم أبصارنا؟.
ولما أراد صهيب الهجرة إلى المدينة قال له أهل مكة: أتيتنا هاهنا صعلوكاً حقيراً فتغيَّر حالك عندنا، وبلغت ما بلغت. تنطلق بنفسك ومالك؟ والله لا يكن ذلك. قال: أرأيتم إن تركت مالي، أمُخلُّون أنتم سبيلي؟ قالوا: نعم. فخلع لهم ماله أجمع فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ربح صهيب، ربح صهيب ".
وعن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أُريتُ دار هجرتكم: سبخة بين ظهرانّي حَرَّة. فإما أن تكون هَجَر أو تكون يثرب ". قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وخرج معه أبو بكر، وكنت قد هممت بالخروج معه، فصدني فتيان من قريش، فجعلت ليلتي تلك أقوم، لا أقعد، فقالوا: لقد شغله الله عنكم ببطنه - ولم أكن شاكياً - فناموا، يعني: فخرجت فلحقني منهم ناس بعدما سرت بريداً. أبردوني فقلت لهم: هل لكم أن أعطيكم أواقاً من ذهب وتخلّون سبيلي وتوثقون لي؟ ففعلوا، فتبعتهم إلى مكة، فقلت: احفِروا تحت أسكُفَّه الباب فإن تحتها الأواق، واذهبوا إلى فلانة فخذوا الحُلَّتينْ. وخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قُباء قبل أن يتحول منها. فلما رآني قال:" يا أبا يحيى، ربح البيع، ثلاثاً ". فقلت: يا رسول الله، ما سبقني إليك أحد، وما أخبرك إلا جبريل.
وعن سعيد بن المسيب قال: أقبل صهيب مهاجراً إلى المدينة، فاتبعه نفر من قريش، فنزل عن راحلته، وانتشل ما في كنانته ثم قال: يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجلاً، وأيم الله، لا تصلون إلى حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي، ثم أضربكم بالسيف ما بقي في يدي منه شيء، فافعلوا ما شئتم، فإن شئتم دَلَلْتكم على مالي، وخلَيتم سبيلي. قالوا: نعم، ففعل. فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع ". قال: فنزلت: " وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِيْ ابتغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ واللهُ رَؤُوْفٌ بِالعِبَادِ ".
وعن بن جريج في قوله: " وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرَيْ نَفْسَهُ " نزلت في صهيب بن سنان وأبي دّروان الذي أدرك صهيبً بطريق المدينة قُنفُذ بن عمير بن جدعان.
وعن عمر بن الحكم قال: قدم صهيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، ومعه أبو بكر وعمر وبين أيديهم رُطَب قد جاءهم به كلثوم بن الهِدْم أمهات جرادين، وصهيب قد رمد بالطريق، وأصابته مجاعة شديدة، وقع في الرطب، فقال عمر: يا رسول الله، ألا ترى إلى صهيب يأكل الرطب وهو رمِد؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تأكل الرطب وأنت رَمِد؟! " فقال صهيب: إنما آكله بشق عيني الصحيحة، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل صهيب يقول لأبي بكر: وعدتني أن نصطحب، فخرجت وتركتني، ويقول: وعدتني يا رسول الله أن تصاحبني، فانطلقت وتركتني فأخذتني قريش، فحبسوني، ويقول: فاشتريت أهلي بمالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ربح البيع ". فأنزل الله عز وجل: " وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِيْ ابتغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ ". وقال صهيب: يا رسول الله، ما تزودت إلا مداً من دقيق عجنته بالأبواء حتى قدمت عليك.
وعن صهيب قال:
لم يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهداً قط إلا كنت حاضره. ولم يبايع بيعة قط إلا كنت
حاضره، ولم يسير سرية قط إلا كنت حاضرها، ولا غزا عزاة قط أول الزمان وآخره إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله. وما خافوا أمامهم قط إلا كنت أمامهم، ولا ما وراءهم إلا كنت وراءهم. وما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين العدو قط، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن صهيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تبغضوا صهيباً ".
وعن عائذ بن عمرو أن سلمان وصهيباً وبلالاً كانوا قعوداً في أناس فمرّ بهم أبو سفيان بن حرب فقالوا: ما أخذت سيوف الله تبارك وتعالى من عنق عدو الله مأخذها بعد، فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيّدهم؟! قال: فأُخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا بكر، لعلك أغضبتهم، فلئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك تبارك وتعالى. فرجع إليهم فقال: أي إخوتنا، لعلكم غضبتم، فقالوا: لا يا أبا بكر. يغفر الله لك.
وعن صهيب أن أبا بكر مرّ بأسير له يستأمن له من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهيب جالس في المسجد، فقال لأبي بكر: من هذا معك؟ قال: أسير لي من المشركين أستأمن له من رسول اله صلى الله عليه وسلم فقال صهيب: لقد كان في عنق هذا موضع للسيف، فغضب أبو بكر، فقال: لقد كان في رقبة هذا موضع للسيف. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فلعلك آذيته. فقال: لا والله، فقال: لو آذيته لآذيت الله ورسوله.
حدث صيفي بن صهيب قال: قلنا لأبينا: يا أبانا، لِمَ لا تحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أما إني قد سمعت كما سمعوا، ولكني يمنعني من الحديث عنه أني سمعته يقول: مَن كذب علي متعمداً كلف يوم القيامة أن يعقد طرفي شعره، ولن يقدرعلى ذلك. وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من تزوج امرأة ومن نيته أن يذهب بصداقها لقي الله عز وجل وهو زان حتى يتوب ". وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من ادان
بدَين وهو يريد ألا يفيّبه لقي الله سارقاً حتى يتوب ".
وفي حديث آخر بمعناه: مَن كذب عليّ متعمداً فيلتبوّأ مقعده من النار، ولكن سأحدثكم بحديث حفظه قلبي، ووعاه سمعي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أيما رجل تزوج امرأة ومن نيته أن يذهب بصداقها فهو زان حتى يموت. وأيما رجل بايع رجلاً بيعاً ومن نيته أن يذهب بحقه فهو خائن حتى يموت ".
قال عمر لصهيب: أيّ رجل أنت لولا خصال ثلاث فيك. قال: وما هنّ؛ قال: اكتنيت وليس لك ولد، وانتميت إلى العرب وأنت من الروم. وفيك سَرَف في الطعام. قال: أما قولك: اكتنيت ولم يولد لك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني أبا يحيى. وأما قولك: انتميت إلى العرب وأنت من الروم فإني رجل من النّمِر بن قاسط، سبتني الروم من الموصل بعد إذ أنا غلام قد عرفت نسبي، وأما قولك: فيك سرف في الطعام فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " خياركم من أطعم الطعام ".
وفي حديث آخر بمعناه: وأما ادّعائي إلى النمِر بن قاسط فإني امرؤ منهم، ولكني استُرضع لي بالأُبُلَّة. فهذه من ذاك. وأما المال فهل تراني أنفق إلا في حق؟ وفي حديث آخر بمعناه: وأما قولك: إني لا أمسك شيئاً فإن الله عز وجل يقول: " وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِيْنَ ".