المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عقبة بن نافع بن عبد قيس - مختصر تاريخ دمشق - جـ ١٧

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌عروة بن العشبة الكلبي

- ‌عروة بن محمد بن عطية

- ‌عروة بن مروان

- ‌عروة بن المغيرة بن شعبة

- ‌عريان بن الهيثم بن الأسود

- ‌عزرة بن قيس بن غزية الأحمسي

- ‌عزير بن جروة ويقال ابن شوريق

- ‌عزير بن الأحنف بن الفضل

- ‌عسكر بن حصين

- ‌عصمة بن أبي عصمة إسرائيل بن بجماك

- ‌عصمة بن أبي عصمة البعلبكي

- ‌عطارد بن حاجب بن زرارة

- ‌عطاف المعلم

- ‌عطاء بن أبي رباح

- ‌عطاء بن ابي صيفي بن نضلة

- ‌عطاء بن قرة أبو قرة السلولي

- ‌عطاء بن أي مسلم

- ‌عطاء بن يسار

- ‌عطاء الكلاعي

- ‌عطرّد أبو هارون المغنّي

- ‌عطية الله بن الحسين بن محمد بن زهير

- ‌عطية الله بن عطاء الله بن محمد بن أبي غياث

- ‌عطية بن عروة

- ‌عطية بن قيس

- ‌عطية مولى سلم بن زياد

- ‌عفير بن زرعة بن عفير بن الحارث

- ‌عقال بن شبّة بن عقال بن صعصعة

- ‌عقبة بن رؤبة بن العجاج

- ‌عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو

- ‌عقبة بن علقمة بن جريج

- ‌عقبة بن عمرو بن ثعلبة

- ‌عقبة بن نافع بن عبد قيس

- ‌عقبة بن يريم

- ‌عقيل بن أحمد بن محمد بن الأزرق

- ‌عقيل بن أي طالب عبد مناف

- ‌عقيل بن العباس بن الحسن

- ‌عقيل بن عبيد الله بن أحمد

- ‌عقيل بن علّفة بن الحارث بن معاوية

- ‌عقيل بن محمد بن علي بن أحمد بن رافع

- ‌عقيل بن خالد بن عقيل

- ‌عكرمة بن ربعي بن عمير التيميّ

- ‌عكرمة بن أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة

- ‌عكرمة أبو عبد الله

- ‌علفة بن عقيل بن علّفة

- ‌علقمة بن جرير ويقال جرير السّلمي

- ‌علقمة بن رمثة البلوي

- ‌علقمة بن زامل بن مروان بن زهير

- ‌علقمة بن شهاب القشيري

- ‌علقمة بن عبدة بن النعمان

- ‌علقمة بن علاثة بن عوف

- ‌علقمة بن قيس بن عبد الله

- ‌علي بن أحمد بن إبراهيم بن ثابت

- ‌علي بن أحمد بن إبراهيم بن غريبٍ الخال

- ‌علي بن أحمد بن الحسين

- ‌علي بن أحمد بن سعيد بن سهل

- ‌علي بن أحمد بن سلمة بن عبيد

- ‌علي بن أحمد بن سهل

- ‌علي بن أحمد بن الصباح

- ‌علي بن أحمد بن طاران

- ‌علي بن أحمد بن عبد الله

- ‌علي بن أحمد بن عبد الرحمن

- ‌علي بن أحمد بن عبد العزيز بن ظنّير

- ‌علي بن أحمد بن علي بن زهير

- ‌علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن جعفر

- ‌علي بن أحمد بن محمد

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن الوليد

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن مروان

- ‌علي بن أحمد بن محمد

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن علي بن الحسن

- ‌علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن مسلم بن أبي مسلم

- ‌علي بن أحمد بن المبارك

- ‌علي بن أحمد بن مقاتل بن مطكود بن أبي نصر

- ‌علي بن أحمد بن منصور بن محمد بن عبد الله بن محمد

- ‌علي بن أحمد أبو الحسن

- ‌علي بن أحمد أبو الحسي السّهيلي

- ‌علي بن أحمد أبو الحسن الزبيري

- ‌علي بن إبراهيم بن العباس

- ‌علي بن إبراهيم بن مطر

- ‌علي بن إبراهيم بن نصرويه

- ‌علي بن إبراهيم بن يوسف

- ‌علي بن إبراهيم القاضي

- ‌علي بن إسحاق بن رداء

- ‌علي بن إسحاق بن يحيى بن معاذ الكاتب

- ‌علي بن إسماعيل أبو الوزير الصوفي

- ‌علي بن أسيد بن أحيحة بن خلف

- ‌علي بن الأقمر بن عمرو بن الحارث

- ‌علي بن بحر بن برّي

- ‌علي بن بذيمة أبو عبد الله

- ‌علي بن بركات بن إبراهيم بن علي

- ‌علي بن بشرى بن عبد الله

- ‌علي بن بشر بن علي

- ‌علي بن بكار بن بلال العاملي

- ‌علي بن بكار بن أحمد بن بكار

- ‌علي بن بندار بن الحسين

- ‌علي بن جعفر بن عبد الله

- ‌علي بن حجر بن إياس

- ‌علي بن الحريش

- ‌علي بن أبي الحرّ

- ‌‌‌علي بن الحسن بن إبراهيم

- ‌علي بن الحسن بن إبراهيم

- ‌علي بن الحسن بن بندار بن محمد بن المثنى

- ‌علي بن الحسن بن جعفر

- ‌علي بن الحسن بن حبيب الدمشقي

- ‌علي بن الحسن بن الحسين

- ‌علي بن الحسن بن رجاء بن ظعان

- ‌علي بن الحسن بن طاوس بن سكر

- ‌علي بن الحسن بن عبد السلام

- ‌علي بن الحسن بن عبد المؤمن بن يحيى بن زيد

- ‌علي بن الحسن بن علي بن ميمون بن بكر بن قيصر

- ‌علي بن الحسن بن علي بن أبي الفضل

- ‌علي بن الحسن بن علي بن سعيد بن محمد بن سعيد

- ‌علي بن الحسن بن علي بن عبد الواحد

- ‌علي بن الحسن بن عمر

- ‌علي بن الحسن بن علان بن عبد الرحمن

- ‌علي بن الحسن بن القاسم

- ‌علي بن الحسن بن محمد

- ‌علي بن الحسن بن محمد بن أحمد

- ‌علي بن الحسن بن المبارك

- ‌علي بن الحسن بن ياسين بن جبير البغدادي

- ‌علي بن الحسن بن يعقوب

- ‌علي بن الحسن الرازي الميسنجاني

- ‌علي بن الحسن أبو الحسن الصيرفي

- ‌علي بن الحسين بن أحمد بن محمد

- ‌علي بن الحسين بن أحمد

- ‌علي بن الحسين بن أحمد بن محمد

- ‌علي بن الحسين بن بندار بن عبيد الله بن خير

- ‌علي بن الحسين بن ثابت بن جميل

- ‌علي بن الحسين بن الجنيد

- ‌علي بن الحسين بن صدقة

- ‌علي بن الحسين بن عبد الرزاق

- ‌علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب

- ‌علي بن الحسين بن محمد بن هاشم

- ‌علي بن الحسين بن محمد المغربي

- ‌علي بن الحسين بن محمد بن مهدي

- ‌علي بن الحسين بن محموية بن زيد

- ‌علي بن الحسين بن هندي

- ‌علي بن الحسين الجعفري

- ‌علي بن الحسين

- ‌علي بن الحصين بن مالك بن الخشخاش

- ‌علي بن حمزة بن عبد الله بن الحسين بن حمزة

- ‌علي بن حمزة بن علي

- ‌علي بن أبي حملة

- ‌علي بن حوشب

- ‌علي بن حيدرة بن جعفر بن المحسن

- ‌علي بن الحضر بن الحسن

- ‌علي بن الخضر بن سليمان بن سعيد

- ‌علي بن الخضر بن عبدان بن أحمد

- ‌علي بن الخضر بن محمد بن سعيد

- ‌علي بن خليد أبو الحسن الدمشقي

- ‌علي بن داود بن أحمد

- ‌علي بن داود بن عبد الله

- ‌علي بن داود الدمشقي

- ‌علي بن رباح بن قصير بن القشب

- ‌علي بن ربيعة البيروتي

- ‌علي بن أبي رجاء أبو الحسن

- ‌علي بن زكريا بن يحيى

- ‌علي بن زيد بن عبد الله بن زهر

- ‌علي بن زيد بن علي

- ‌علي بن زيد أبو الحسن الدمشقي

- ‌علي بن سراح بن عبد الله

- ‌علي بن سعيد بن بشير بن مهران

- ‌علي بن سعيد بن جرير

- ‌علي بن سعيد بن عبد الله

- ‌علي بن سليمان بن سلمة

- ‌علي بن سليمان بن علي

- ‌علي بن سليمان بن الفضل

- ‌علي بن سليمان بن كيسان

- ‌علي بن سهل بن بكر الصيداني

- ‌علي بن شريح بن حميد

- ‌علي بن أبي طالب عليه السلام

الفصل: ‌عقبة بن نافع بن عبد قيس

ولتتركنّها في بطون الأرض وعلى ظهرها كما تركها من كان قبلكم، تناجزوا عليها الآن تناجزكم، وتذابحوا عليها تذابحكم، وليهلك دينكم ودنياكم.

قال أبو مسعود: وعن يسير بن عمرو قال: شيّعنا أبا مسعود حين خرج فنزل في طريق القادسية، فدخل بستاناً، فقضى الحاجة ومسح على جوربين، ثم خرج وإن لحيته ليقطر منها الماء، فقلنا: اعهد غلينا فإن الناس قد وقعوا في الفتن، ولا ندري أنلقاك بعد اليوم أم لا، فقال: اتقوا الله، واصبروا حتى يستريح برٌّ أو يستراح من فاجر، وعليكم بالجماعة، فغن الله لا يجمع أمته على ضلالة.

توفي سنة أربعين، وقيل: سنة تسع وثلاثين.

‌عقبة بن نافع بن عبد قيس

ابن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر الفهري يقال: إن له صحبة، والأظهر أنه لا صحبة له.

سكن مصر، ووفد علمعاوية ويزيد بن معاوية.

روى أبو عبيدة بن عقبة بن نافع: ان أباه وفد على معاوية بن أبي سفيان، فقرب له الغداء، فقال؛ اقترب يا عقبة، فاستأخرت، فقال: اقترب يا عقبة، قلت: إني صائم، قال: أما إنها ليست بسنة، وكان عقبة على سفر.

ص: 106

شهد الفتح بمصر، واختط بمصر، وولي الإمرة لمعاوية بن يزيد بن معاوية على المغرب، وهو الذي بنى قيروان إفريقية وأنزلها المسلمين، وقتلته البربر بتهوذة من أرض الزاب بالمغرب سنة ثلاث وثمانين، وولده بمصر وبالمغرب، وقيل: سنة ثلاث وستين، وهو الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: " رأيت كأني في دار عقبة بن نافع، فأتينا برطبٍ أبرّ طاب، فأوّلتها الرفعة والعافية، وإن ديننا قد طاب لنا. هكذا قال.

ووهم علي بن يونس في نسبه في موضعين، ووهم فيما حكى فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذاك عقبة بن رافع، ولذلك قال: إن لنا الرفعة.

وقال أبو نعيم الحافظ: عقبة بن رافع وقيل: ابن نافع بن عبد القيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن الحارث بن عامر بن فهر القرشي.

وعن أبي الخير قال: لما فتح المسلمون مصر بعث عمرو بن العاص إلى القرى التي حولها، الخيل تطؤهم، فبعث عقبة بن نافع بن عبد القيس، وكان نافع أخا العاص بن وائل لأمه، فدخلت خيولهم أرض النوبة غزاة، غزوا كصوائف الروم، فلقي المسلمون من النوبة قتالاً شديداً، لقد لاقوهم أول يوم، فرشقوهم بالنبل، ولقد جرح منهم عامتهم، وانصرفوا بجارحات كثيرة. وحذق ٍ بفقية، سموهم يومئذ رماة الحدق. فلم يزالوا على ذلك حتى ولي مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح، ولاه عثمان، فسألوه الصلح والموادعة، فأجابهم إلى ذلك، فاصطلحوا على غير جزية، على هداية ثلاث مئة رأس في كل سنة، ويهدي إليهم المسلمون طعاماً مثل ذلك.

ص: 107

وكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يخبره أنه قد ولّى عقبة بن نافع الفهري، وأنه قد بلغ زويلة، وأن ما بين برقة وزويلة سلمٌ كلهم، قد أطاع مسلمهم بالصدقة، وأقر معاهدهم بالجزية.

وبلغ عمرو بن العاص أطرابلس ففتحها، فكتب إلى عمر: إن بيننا وبين إفريقية تسعة أيام، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن للمسلمين في دخولها فعل؛ فإن المسلمين قد اجترؤوا عليهم وعلى بلادهم وعرفوا قتالهم، وليس عدوّاً كلٌّ شوكة منهم، وإفريقية عين مال الغرب، فيوسّع الله بما فيها على المسلمين.

فكتب إليهم عمر: لو فتحت إفريقية ما قامت بوالٍ مقتصدٍ لا جند معه، ثم لا آمن أن يقتلوه، فإن شحنتها بالرجال كلفت حمل مال مصر أو عامته إليهم، لا أدخلها جنداً للمسلمين أبداً، وسيرى الوالي بعدي رأيه.

فلما ولي عثمان أغزى الناس إفريقية، وأمرهم أن يلحقوا بعبد الله بن سعد. وأمر عبد الله بن سعد أن يسير بمن معه، ومن أمده بهم عثمان بن عفان إلى إفريقية. فخرج بالناس حتى نزل بقربها، فصالحه بطريقها على صلح يخرجه له، فقبل ذلك منه.

فلما ولي معاوية بن أبي سفيان، وجّه عقبة بن نافع بن عبد قيس الفهري إلى إفريقية غازياً في عشرة آلاف من المسلمين، فافتتحها واختط قيروانها، وقد كان موضعه غيطة لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدواب، فدعا الله عليها، فلم يبق فيها شيء مما كان فيها من السباع وغير ذلك إلا خرج منها هارباً بإذن الله، حتى إن السباع وغيرها لتحمل أولادها.

قالوا: ولما قدم إفريقية وقف على واديها، فقال: من كان ههنا من الحي فليرتحل،

ص: 108

فإنا نازلون، فمن وجدناه قتلناه. قال: فرأى الناس الحيات تنساب خارجة من الوادي. وكان يقال: إن عقبة رجل يستجاب دعاؤه.

وقيل: إن عقبة بن نافع نادى: إنا نازلون فاظعنوا. قال: فزبنّ يخرجن من جحرتهنّ هوارب.

قال محمد بن عمر: فقلت لموسى بن علي: إنه يقال: إن بإفريقية عقارب تقتل. قال: بناحية منها، قلّما لدغت إنساناً إلا خيف عليه منها، وربما عافاه الله. قلت لموسى: أرأيت بناء إفريقية اليوم؟ هذا الواصل المجتمع، من أوّل من بناء حتى بني إليه؟، قال: أول من ابتنى بها عقبة بن نافع ومن كان معه الدور والمساكن، وأقام بها.

قال الليث بن سعد: في سنة إحدى وأربعين غزوة عقبة بن نافع غدامس. وفي سنة اثنتين وأربعين حاربت البربر، فغزاهم عقبة بن نافع. وفي سنة ثلاث وأربعين غزوة عقبة بن نافع هوّارة. وفي سنة ثمان وأربعين غزوة عقبة بن نافع ومالك بن هبيرة مشتاههم بساموس. وفي سنة أربع وخمسين غزوة ابن مسعود وعقبة بن نافع مشتاهم بقريطيا، وفي سنة اثنتين وستين غزوة عقبة بن نافع إفريقية.

وقال خليفة: في سنة إحدى وأربعين ولّى عمرو بن العاص وهو على مصر عقبة بن نافع الفهري

ص: 109

وهو ابن خالة عمرو إفريقية، فانتهى إلى قونية ومراقية، فأطاعوا، ثم كفروا؛ فغزاهم من سبتة، فقتل وسبى، وفيها يعني سنة اثنتين وأربعين غزا عقبة بن نافع إفريقية، فافتتح غدامس، فقتل وسبى، وفيها يعني سنة ثلاث وأربعين غزا عقبة بن نافع، فافتتح كوراً من بلاد السودان، وافتتح ودّان، وهي من حيدة برقة، وكلها من بلاد إفريقية.

وفي سنة خمسين وجه معاوية عقبة بن نافع إلى إفريقية، فخط القيروان وأقام بها ثلاث سنين، ولما افتتحها وقف على القيروان، فقال: يا أهل الوادي، إنا حالون إن شاء الله فاظعنوا، ثلاث مرات، قال؛ فما رأينا حجراً ولا شجراً، إلا يخرج من تحته دابة حتى هبطن بطن الوادي، ثم قال للناس: انزلوا باسم الله.

حدث رجل من جند مصر قال: قدمنا مع عقبة بن نافع إفريقية، وهو أول الناس، اختطها وقطّعها للناس مساكن ودوراً. وبنى مسجدها. قال: فأقمنا معه حتى عزل عنها، وهو خير وال، وخير أمير، وولّى معاوية بن أبي سفيان حين عزل عقبة بن نافع مسلمة بن مخلّد الأنصاري، ولاّه مصر وإفريقية، وعزل معاوية بن حديج الكندي عن مصر، فوجّه مسلمة بن مخلّد إلى إفريقية ديناراً أبا المهاجر، مولىً له، وعزل عقبة بن نافع، فقيل لمسلمة بن مخلّد: لو أقررت عقبة بن نافع عليها؛ فإن له جرأة وفضلاً، وهو الذي اختطها وبنى مسجدها، فقال مسلمة: إن أبا المهاجر، كنا نرى، إنما هو كأحدنا، صبر علينا في غير ولاية ولا كثير نيل، فنحن يجب أن نكافئه ونصطنعه، فوجهه إلى إفريقية.

ص: 110

فلما قدم دينار إفريقية كره أن ينزل في الموضع الذي اختط عقبة بن نافع، فمضى حتى خلّفه بميلين، ثم نزل بموضع يقال له: أبت كروان فابتناه ونزله.

وخرج عقبة بن نافع منصرفاً إلى المشرق حنقاً على أبي المهاجر، وكان أساء عزله، فدعا الله أن يمكنه منه، وبلغ ذلك أبا المهاجر، فلم يزل خائفاً منه مذ بلغته دعوته. فقدم عقبة بن نافع على معاوية فقال: الله! إني فتحت البلاد ودانت لي، وبنيت المنازل، وبنيت مسجد الجماعة، وسكّنت الرجال، ثم أرسلت عبد الأنصار، فأساء عزلي! فاعتذر إليه معاوية، وقال: قد عرفت مكان مسلمة بن مخلّد من الإمام المظلوم رحمه الله، وتقديمه إياه على من سواه، ثم قيامه بعد ذلك بدمه، وبذل مهجة نفسه محتسباً صابراً مع من أطاعه من قومه ومواليه، وقد رددتك على عملك والياً.

قال عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة: لما ولّى مسلمة بن مخلّد أبا المهاجر إفريقية أوصاه بتقوى الله، وأن يسير بسيرةٍ حسنةٍ، وأن يعزل صاحبه أحسن العزل؛ فإن أهل بدله يحسنون القول فيه، فخالفه أبو المهاجر، فأساء عزله. فمر عقبة بن نافع على مسلمة بن مخلد، فركب إليه مسلمة، يقسم له بالله، لقد خالفه ما صنع، ولقد أوصيته بك خاصة.

ولم يوله معاوية، ولكنه أقام حتى مات معاوية، فولاه يزيد بعد ذلك.

وعن عقبة بن نافع: وكان قد استشهد بإفريقية أنه أوصى ولده، فقال: لا تقبلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عن ثقة، ولا تديّنوا وإن لبستم العبا، ولا تكتبوا ما يشغلكم عن القرآن.

وروى الليث: أن عقبة بن نافع قدم من عند يزيد بن معاوية في جيش على غزو المغرب، فمر على عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو بمصر، فقال له: يا عقبة، لعلك من الجيش الذين

ص: 111

الجنة ترجى لهم. قال: فمضى بجيشه حتى قاتل البربر، وهم كفار فقتلوه جميعاً.

وقيل: إن عبد الله بن عمرو بن العاص قال لعقبة لما دخل عليه: ما أقدمك يا عقبة؟ فإني أعلمك تحب الإمارة، فقال: إن أمير المؤمنين يزيد بن معاوية عقد لي على جيش إلى إفريقية. فقال له عبد الله: إياك أن تكون لعبة لأرامل أهل مصر، فإني لم أزل أسمع أنه سيخرج رجل من قريش في هذا الوجه فيهلك فيه.

قال: فقدم إفريقية فتتبع آثار أبي المهاجر، وضيق عليه، وحدّده. وأخذه في وثاق شديد، وأساء عزله. ثم خرج إلى قتال البربر وهم خمسة آلاف رجل من أهل مصر. وأخرج بأبي المهاجر معه في الحديد، فقتل، وقتل أصحابه، وقتل أبو المهاجر، وكان قدوم عقبة والياً على أبي المهاجر سنة ثنتين وستين.

وفي سنة ثلاث وستين غزا عقبة بن نافع، وساتخلف على القيروان زهير بن قيس البلويّ، فأتى السوس القصوى، فغنم وسلم وقفل، فلقيه كسيلة بن اليزم، وكان نصرانياً، فقتل عقبة بن نافع، وأبو المهاجر مولى الأنصار، وعامة أصحابه، ثم سار كسيلة، فلقيه زهير بن قيس على بريد من القيروان فقتل كسيلة، وانهزم أصحابه، وقتلوا قتلاً ذريعاً.

ولما رد يزيد بن معاوية عقبة بن عامر والياً على إفريقية خرج سريعاً لحنقه على أبي المهاجر حتى قدم إفريقية، فأوثق أبا المهاجر ي وثاق شديد، وأساء عزله، وغزا به إلى السوس الأدنى. وهو في حديد، وهو خلف طنجة، فيما بين قبلة مدينتها التي تسمى

ص: 112