الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علي بن أحمد أبو الحسي السّهيلي
الفقيه الشافعي مصنف، قدم دمشق.
وحدث في جامعها سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة، وفي هذه كان مسيره من البلد، قال: رأيت في بلاد جيلان في سنة ثلاثين وأربع مئة رجلاً عيناه في وسط رأسه، وما كان في موضع عينيه إلا شامة بين السواد والبياض.
وحدث في هذه السنة أيضاً قال: كنت ببلاد ديلمان، وأكثرهم رافضي، وكنت أصلي فيها منفرداً، مرسلاً اليدين على وفق مذاهبهم خوفاً منهم، وهؤلاء يقولون بخلق القرآن.
ففارقت ديارهم، ودخلت إلى بلدة تعرف ببلدة كوتم، وصليت الظهر بالجماعة بجنب شاب، فلما فرغت من الصلاة قلت: الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين، فقال: وما ذاك؟ فقلت: كنت ببلاد ديلمان، وما كنت أصلي بالجماعة، والساعة قد دخلت بلاد أهل السنة فشكرت الله تعالى عليه.
فسألني وقال: أيش تقول في هذا الجدار أقديم هو أم مخلوق؟ فقلت: إنه مخلوق.
فقال لي: أتقول إن القرآن مخلوق؟ فقلت: لا، بل أقول: إن القرآن كلام الله قديم، ومن قال: إنه مخلوق فهو كافر بالله. فقال: أما ترى كتب على الجدار: " إن الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون "؟ فقال: ما أرى على الجدار أكثر من السواد والبياض والجصّ، وهذا كله مخلوق.
قال: إن كنت ترى غيره فاذكر لي. قلت: فإني لم أر أكثر من هذا. فقال: هذا لا يقوله إلا الأشعري، وقام وتخطى خطوتين ثلاثاً، وأعاد الصلاة، فقلت له: لم أعدت الصلاة؟ قال: لما سمعته منك.
فقتل: أحسب أني صرت على زعمك كافراً بهذه المقالة، فعلى أي مذهب تجب إعادة الصلاة إذا صلى الرجل بجنب كافر غير مقتد به؟ فقال: أنا أنصحك ألا تذكر هذا الذي ذكرته لغيري تقتل.
قلت: أنا أقول: إن الجدار مخلوق، وإن السواد والبياض والجص مخلوق، ولو قتلت.
ثم تفكرت في حالي فخفت على نفسي، فقمت طائفاً في البلد أطلب فقهاء على مذهب الشافعي رحمه الله، فدلوني على قاض، فجئت إليه، وسألته عن مذهبه فقال: شافعي، فسألته عن مذهبه في الأصول فقال: ليس هذا وقته.
فجلست إلى أن تفرق الناس فسألته، فقال: أنا على مذهب الحق، ولكن لا تظهر مذهبك لأحد؛ فإنك إن أظهرته قتلت؛ فذكرت القصة التي جرت لي، فاستخبرني عن الرجل، فذكرت له العلامات.
فدعا بذلك الشاب وقال: اعلم أن هذا الرجل على مذهب أصحابنا في الأصول، وهو شافعي في الفروع كمثلي، غير أنه ظن أن هذه البلدة يقولون في القرآن مثلما يقول أهل ديلمان، فذكر ذلك طلباً للوفاق، وإن اعتقاده أن القرآن قديم، وأن الحروف والأصوات قديم، وأن الكتابة وأن الجدار قديم.
قلت: صدق القاضي، وإنما قلت ذلك ظناً مني بأنكم تقولون بمقالة ديلمان.
ثم تفرقنا، وأوصاني ذلك القاضي بأن إذا سئلت عن النزول والروح والإيمان والتدين والقرآن فتقول: إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا مثلما ينزل واحد منا من السرير، وفي رجليه نعل من ذهب. ويقولون في الروح والإيمان: إنهما قديمان وتقول في القرآن مثلما ذكرنا.