المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الآيات: (15- 25) [سورة نوح (71) : الآيات 15 الى 25] - التفسير القرآني للقرآن - جـ ١٥

[عبد الكريم يونس الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌67- سورة الملك

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 11) [سورة الملك (67) : الآيات 1 الى 11]

- ‌الآيات: (12- 15) [سورة الملك (67) : الآيات 12 الى 15]

- ‌الآيات: (16- 27) [سورة الملك (67) : الآيات 16 الى 27]

- ‌الآيات: (28- 30) [سورة الملك (67) : الآيات 28 الى 30]

- ‌68- سورة القلم

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 16) [سورة القلم (68) : الآيات 1 الى 16]

- ‌الآيات: (17- 33) [سورة القلم (68) : الآيات 17 الى 33]

- ‌الآيات: (34- 47) [سورة القلم (68) : الآيات 34 الى 47]

- ‌الآيات: (48- 52) [سورة القلم (68) : الآيات 48 الى 52]

- ‌69- سورة الحاقة

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 12) [سورة الحاقة (69) : الآيات 1 الى 12]

- ‌الآيات: (13- 18) [سورة الحاقة (69) : الآيات 13 الى 18]

- ‌الآيات: (19- 37) [سورة الحاقة (69) : الآيات 19 الى 37]

- ‌الآيات: (38- 52) [سورة الحاقة (69) : الآيات 38 الى 52]

- ‌70- سورة المعارج

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 18) [سورة المعارج (70) : الآيات 1 الى 18]

- ‌[من الإعجاز النفسىّ.. فى القرآن]

- ‌الآيات: (19- 35) [سورة المعارج (70) : الآيات 19 الى 35]

- ‌[الإسلام.. وشهوة الجنس]

- ‌الآيات: (36- 44) [سورة المعارج (70) : الآيات 36 الى 44]

- ‌71- سورة نوح

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 14) [سورة نوح (71) : الآيات 1 الى 14]

- ‌الآيات: (15- 25) [سورة نوح (71) : الآيات 15 الى 25]

- ‌الآيات: (26- 28) [سورة نوح (71) : الآيات 26 الى 28]

- ‌72- سورة الجن

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 15) [سورة الجن (72) : الآيات 1 الى 15]

- ‌الآيات: (16- 28) [سورة الجن (72) : الآيات 16 الى 28]

- ‌73- سورة المزمل

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 14) [سورة المزمل (73) : الآيات 1 الى 14]

- ‌الآيات: (15- 16) [سورة المزمل (73) : الآيات 15 الى 19]

- ‌الآية: (20) [سورة المزمل (73) : آية 20]

- ‌74- سورة المدثر

- ‌الآيات: (1- 7) [سورة المدثر (74) : الآيات 1 الى 7]

- ‌الآيات: (8- 30) [سورة المدثر (74) : الآيات 8 الى 30]

- ‌الآيات: (31- 56) [سورة المدثر (74) : الآيات 31 الى 56]

- ‌75- سورة القيامة

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 15) [سورة القيامة (75) : الآيات 1 الى 15]

- ‌الآيات: (16- 33) [سورة القيامة (75) : الآيات 16 الى 33]

- ‌الآيات: (34- 40) [سورة القيامة (75) : الآيات 34 الى 40]

- ‌76- سورة الإنسان

- ‌مناسبتها لما قبلها

- ‌الآيات: (1- 14) [سورة الإنسان (76) : الآيات 1 الى 14]

- ‌الآيات: (15- 22) [سورة الإنسان (76) : الآيات 15 الى 22]

- ‌الآيات: (23- 31) [سورة الإنسان (76) : الآيات 23 الى 31]

- ‌77- سورة المرسلات

- ‌الآيات: (1- 7) [سورة المرسلات (77) : الآيات 1 الى 7]

- ‌الآيات: (8- 15) [سورة المرسلات (77) : الآيات 8 الى 15]

- ‌الآيات: (16- 28) [سورة المرسلات (77) : الآيات 16 الى 28]

- ‌الآيات: (29- 40) [سورة المرسلات (77) : الآيات 29 الى 40]

- ‌الآيات: (41- 50) [سورة المرسلات (77) : الآيات 41 الى 50]

الفصل: ‌الآيات: (15- 25) [سورة نوح (71) : الآيات 15 الى 25]

‌الآيات: (15- 25)[سورة نوح (71) : الآيات 15 الى 25]

أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (16) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (19)

لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (20) قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَاّ خَساراً (21) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (22) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَاّ ضَلالاً (24)

مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً (25)

التفسير:

قوله تعالى:

«أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً، وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً» هو من دعوة نوح إلى قومه، ومن نصحه لهم، وإلفاتهم إلى ما لله سبحانه وتعالى من قدرة قادرة، وحكمة بالغة، وإحسان عظيم.

وفى هذا الاستفهام، دعوة إلى إيقاظ هذه العقول النائمة، وفتح تلك العيون المغلقة، التي لا ترى شيئا فيما حولها من هذا الوجود، وما فيه من آيات شاهدة على قدرة الله وحكمته.

ص: 1199

وقوله تعالى: «وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً، وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً» أي وجعل فى هذه السموات التي يعلو بعضها بعضا، ويطبق بعضها على بعض- جعل فى هذه السموات: القمر، مبعثا للنور، وجعل الشمس سراجا، يبعث الضوء والحرارة معا..

فالنور الذي يصدر عن القمر، هو نور لا حرارة فيه، لأنه من انعكاس ضوء الشمس على جسمه المعتم، فإذا انعكس الضوء على هذا الجرم، شعّ منه هذا النور الذي يبدد ظلمة الليل، ويملأ العيون بهجة، والقلوب أنسا..

أما الشمس، فهى سراج يتوقد، كما يتوقد السراج، فترسل الضوء والحرارة.. وهى سرّ حياة الكائنات الحية، وسر حركة الهواء، ونزول الأمطار، ونور القمر.. وغير ذلك كثير، مما كشف عنه العلم.

قوله تعالى:

«وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً، ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً» هو من حديث نوح إلى قومه أيضا.. إنه يكشف لهم فى هذا الحديث عن تطورهم فى الخلق، وأنهم نبتوا من الأرض، كما ينبت النبات.. فمن تراب هذه الأرض تخلقت الكائنات الحية، ومن ترابها تخلق الإنسان..

وإن أقرب صورة وأظهرها لتخلقه من الأرض: أن هذه النطفة التي تخلّق منها، هى من نبات الأرض، أي من الغذاء الذي مصدره هذا النبات.. فإذا امتد النظر إلى آفاق بعيدة وراء هذه النظرة المحدودة القريبة، أمكن أن يرى على الأفق البعيد: أن الإنسان فرع من شجرة الحياة التي تضرب جذورها فى أعماق بعيدة من الأرض «1» ..

(1) انظر فى هذا المبحث الخاص فى سورة البقرة: «آدم، ومادة خلقه» .

ص: 1200

قوله تعالى:

«ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً» .. أي كما أنبتكم الله تعالى من الأرض، يعيدكم إلى الأرض، كما يعود إليها النبات، بعد أن يستوفى حياته فوقها.. ولكن لن تظلوا هكذا فى التراب، كما يظل النبات الذي عاد إليها، بل تخرجون منها مرة أخرى، إلى حياة غير حياتكم الأولى.. إلى الحياة الآخرة، وإلى الحساب والجزاء..

قوله تعالى:

«وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً» .

أي أن الله سبحانه قد جعل لكم هذه الأرض بساطا، أي مقاما ممهدا، كالبساط، تستقرون عليه، وتتحركون فوقه، من غير أن يحجزكم حاجز، أو يعوقكم عائق.. وبهذا تستطيعون أن تتحركوا على الأرض كما تشاءون، وأن تنطلقوا إلى أي اتجاه تريدون، حيث تتسع أمامكم وجوه الحياة، والتقلب فى وجوه الرزق..

والفجاج: جمع فجّ، وهو الطريق المتسع بين جبلين..

وهذا يعنى أن هذه السهول الممتدة بين الجبال، هى طرق، ومسالك للعمل فى الحياة، وللتغلب فى وجوه الأرض..

قوله تعالى:

«قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً» شكاة ضارعة من نوح إلى ربه، يشكو فيها قومه، الذي أصمّوا آذانهم عنه، وأعرضوا عن الاستجابة له، على حين أنهم استجابوا لمن يدعونهم إلى الغواية والضلال، من أولئك الذين لا يزيدهم ما يمدهم الله به من نعمه، وما يزدادون

ص: 1201

به أموالا، وأولادا، إلا خسرانا، وضلالا، وبعدا عن طريق الهدى، ومحادّة لله، ولأولياء الله..

قوله تعالى:

«وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً» ..

معطوف على قوله تعالى: «وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً» أي أنهم قد ولّوا وجوههم إلى حيث يدعوهم رؤساؤهم، وأصحاب المال والقوة فيهم، إلى ما يدعونهم إليه من ضلال، وفجور- بل ولم يقفوا عند هذا بل أخذوا يدبرون السوء والمكروه لنوح، ولدعوته، ويبيتون له الشر الذي يلقونه به، هو ومن آمن معه.

والمكر الكبار: هو المكر البالغ غاية السوء.. وهو مبالغة من المكر الكبير..

قوله تعالى:

«وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً، وَلا يَغُوثَ، وَيَعُوقَ وَنَسْراً» .

هذا بيان لبعض ما كان من مكرهم وتدبيرهم فيما بينهم.. فقد تواصوا فيما بينهم، على التمسك بآلهتهم تلك، وألا يصرفهم عنها ما يدعوهم إليه نوح، من الإيمان بالله.. إنها دعوة منهم إلى أنفسهم يردّون بها دعوة نوح إليهم، حتى يبطلوا مفعولها ويفسدوا آثارها..

وودّ، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، هى بعض آلهتهم، ذوات الشأن، والمقام فيهم، هذا إلى آلهة كثيرة لهم، ولكنهم اختصّوا هذه الآلهة بالذكر، وعينوها بالاسم، لما لها من مكانة خاصة فى نفوسهم..

وقد ورث مشركو العرب هذه الآلهة، فبعثوها من مرقدها، بعد أن

ص: 1202

غرقت فيما غرق بالطوفان، وجعلوها آلهة يعبدونها من دون الله، كما كان يعبدها قوم نوح.. ولهذا كان من الأسماء المعروفة عند مشركى الجاهلية التي يسمون بها أبناءهم: عبد يغوث، وعبد ودّ.. فما أشبه هؤلاء المشركين بقوم نوح، وما أجدرهم بأن يلقوا المصير الذي صار إليه القوم.. ومع هذا فإنهم وإن لم يغرقوا بالطوفان، فقد غرقوا فعلا فى طوفان ضلالهم وكفرهم بآيات الله..

قوله تعالى:

«وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا» ..

أي وأنهم ضلوا أنفسهم ضلالا كثيرا، لا يرجى لهم معه رجعة إلى الله..

أو أنهم أضلوا كثيرا غيرهم، واستمالوهم إلى موقفهم الضال، ليكون لهم منهم قوة، ودولة..

وهذا من كلام نوح عليه السلام، ومن شكاته إلى ربه، وهو حال من أحوال قومه..

وقوله تعالى: «وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا» - هو دعاء من نوح إلى ربه، يدعو به على قومه أن يزيدهم الله ضلالا إلى ضلالهم، بعد أن وقفوا منه هذا الموقف المعن فى العناد والسفه، وبعد أن ضلوا هذا الضلال البعيد..

قوله تعالى:

. «مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً» .

ص: 1203