المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌{حديث عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه - مسند أحمد - ت شاكر - ط دار الحديث - جـ ٢

[أحمد بن حنبل]

فهرس الكتاب

- ‌{مسند أبي محمد طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه

- ‌{مسند الزُبير بن العوام رضي الله تعالى عنه

- ‌{مسند أبي إسحق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌{مسند سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل رضي الله عنه

- ‌{حديث عبد الرحمن بن عوف الزهري رضي الله عنه

- ‌{حديث أبي عبيدة بن الجراح وإسمه عامر بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌{حديث/ عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله تعالى عنه

- ‌{حديث زيد بن خارجة رضي الله عنه

- ‌{حديث الحرث بن خَزْمَة رضي الله عنه

- ‌{حديث سعد مولى أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌مسند أهل البيترضوان الله عليهم أجمعين

- ‌{حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما

- ‌{حديث الحسين بن علي رضي الله عنه

- ‌{حديث عَقِيل بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌{حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما

- ‌ومن مسند بني هاشم

- ‌{حديث العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌{مسند الفضل بن عباس رضي الله عنه

- ‌{حديث عُبيد الله بن العباس عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌{مسند عبد الله بن العباس بن عبد الطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌كلمة الأستاذ الشيخ محمد حامد الفقي رئيس جماعة أنصار السنة

الفصل: ‌{حديث عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه

ابن بلال عن عُماَرة بن غَزِيَّة عن عبد الله بن علي بن حسين عن أبيه [على بن حسين عن أبيه]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البخيلُ من ذكرْتُ عنده ثم لم يصلّ علي"، صلى الله عليه وسلم.

1737 -

حدثنا موسى بن داود حدثنا عبد الله بن عمر عن ابن شهاب عن علي بن حسين عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يَعْنيه".

‌{حديث عَقِيل بن أبي طالب رضي الله عنه

(1)}

= حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي: وذكر المناوي في "شرح الجامع الصغير 3194 نقلا عن الفتح أنه رواه أيضا النسائي وابن حبان وذكر الهيثمي معناه في مجمع الزوائد 10: 164 ونسبه للطبراني بإسناد آخر ضعيف، فلا أدري كيف فاته أن ينسبه إلى المسند، وهو فيه- كما نرى- بإسناد صحيح! والزيادة وهي قوله "على بن حسين عن أبيه" سقطت من ح خطأ، وزدناها من ك وتفسير ابن كثير.

(1737)

إسناده صحيح، موسى بن داود الضبي قاضي طرسوس: ثقة، وثقه ابن نمير وابن سعد والعجلي وغيرهم. عبد الله بن عمر: هو العمري، سبق توثيقه في 226. والحديث في مجمع الزوائد 8: 18 ونسبه أيضاً للطبراني في المعاجم الثلاثة، وقال:"ورجال أحمد والكبير ثقات". انظر 1732، وقد جاء معناه أيضاً من حديث أبي هريرة، وهو الحديث الثاني عشر من الأربعين النووية، وأطال الحافظ ابن رجب الكلام في طرقه وتعليله، انظر جامع العلوم والحكم 79 - 84.

(1)

هو عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، القرشي الهاشمي، ابن عم رسول الله، وأخو علي وجعفر. أسر يوم بدر ففداه عمه العباس بن عبد المطلب، تأخر إسلامه إلى عام الفتح، وقيل أسلم بعد الحديبية، وهاجر في أول سنة 8، كان عالماً بأنساب قريش ومآثرها ومثالبها، وكان سريع الجواب المسكت. مات في أواخر خلافة معاوية على قول، وفى الإصابة:"وفى تاريخ البخاري الأصغر بسند صحيح أنه مات في أول خلافة يزيد قبل الحرة". ومعاوية مات في رجب سنة 60 ووقعة الحرة كانت ستة =

ص: 352

1738 -

حدثنا الحَكَم بن نافع حدثنا إسماعيل بن عيَّاش عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن محمد بن عَقيل قاِل: تزوَّج عَقيل بن أبي طالب فخرج علينا، فقلنا: بالرِّفاء والبنين، فقال: مهْ، لا تقولوا ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن ذلك، وقال:"قولوا: بارك الله [لها]، فيك، وبارك لك فيها".

= 63 "عقيل" بفتح العين وكسر القاف.

(1738)

إسناده مشكل. لا أدري ما وجهه! إسماعيل بن عياش الحمصي: ثقة كما قلنا في 530، ولكنه يغرب ويخطيء فيما يحدث عن المدنيين والمكيين، قال البخاري في الكبير 1/ 1/ 369 - 370:"ما روى عن الشاميين فهو أصح". وشيخه سالم بن عبد الله: لا أستطيع أن أجزم من هو؟ ولكني أرجح أنه سالم بن عبد الله المكي، وهو ثقة روى عنه الثوري وقال:"كان مرضيّا" ووثقه أحمد وابن حبان. فهذا من طبقة يمكن أن يروي عنها إسماعيل بن عياش. وأما سالم بن عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله النصري فلا يمكن أن يدركهما إسماعيل، لأنه ولد سنة 102 أو 105 أو 106 ومات سالم بن عمر سنة 106 ومات النصري 110. عبد الله بن محمد بن عقيل: مات سنة 142

فمن البعيد جدَا أن يكون كبيراً في وقت يتزوج فيه جده عقيل بن أبي طالب، ويقول إنه خرج عليهم بعد الزواج، وبين وفاته ووفاة جده 80 سنة. وقد أثبت الإسناد في ك كما هنا، ولكن وضع فوق كلمتى "عبد الله بن" حرف "خـ" ممدوداً إشارة إلى حذفه في بعض النسخ، فلو صح هذا كان الإسناد هكذا:"عن سالم بن عبد الله عن محمد ابن عقيل قال تزوج عقيلاً إلخ، وهو أقرب أن يكون صواباً، فإن محمد بن عقيل يروي عن أبيه، كما في التهذيب. ولكن لم يذكر فيه أن أحداً روى عنه غير ابنه عبد الله بن محمد بن عقيل. فلعل صحة الإسناد "عن سالم" بن عبد الله عن عبد الله بن محمد

بن عقيل عن أبيه" ويكون قد عمقط قوله "عن أبيه" من الناسخين سهواً. ولست أستطيع أن أجزم بشيء من هذا، فإني لم أجد هذا الحدلث من هذا الوجه إلا هنا. ثم إن التهذيب لم يذكر في "محمد بن عقيل" جرحاً ولا تعديلا، فهو تابعي مستور، وقال في التقريب: "مقبول" وليست له ترجمة في التاريخ الكبير للبخاري. وسيأتي الحدثِ عقب =

ص: 353

1739 -

حدثنا إسماعيل، وهو ابن عُلَيّة أنبأنا يونس عن الحسن: أن عَقيل بن أبي طالب تزوّج امرأة من بني جشَم، فدخل عليه القوم فقالوا: بالرِّفاء والبنين، فقال: لا تفعلوا ذلك، قالوا: فما نقول يا أبا يزيد؟ قال: قولوا: بارك الله لكم، وبارك عليكم، إنا كذلك نُؤمَر.

{حديث جعفر بن أبي طالب (1) وهو حديث الهجرة}

1740 -

حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن محمد بن إسحق حدثني محمد بن مسلم بن عُبيد الله بن شِهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن

= هذا بإسناد آخر بمحناه. الرفاء، بكسر الراء: الالتئام والاتفاق والبركة والنماء، وأصله من رفو الثوب. وزيادة (لها) نسخة بهامش لك.

(1739)

إسناده صحيح، يونس: هو ابن عبيد. الحسن: هو البصري. والحديث رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة رقم 596 من طريق محمد بن كثير عن سفيان عن يونس، ورواه بمعناه النسائي 2: 91 وابن ماجة1: 302 من طريق أشعث عن الحسن. ونسبه الحافظ في الفتح 9: 192 للنسائي والطبراني وقال: "ورجاله ثقات إلا أن الحسن لم يسمع من عقيل، فيما يقال"، وهذه دعوى لا دليل عليها، فالحسن سمع من صحابة أقدم من عقيل، فقد أثبتنا سماعه من عثمان 521 وصحة روايته عن على 940. وقوله "يا أبا يزيد": هي كنية عقيل بن أبي طالب، وفى ح "يا أبا زيد" وهو خطأ، صححناه من ك ومن مراجع الترجمة.

(1)

هو جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب، أخو علي وعقيل. أسلم قديماً. واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على غزوة مؤتة فاستشهد بها سنة 8 من الهجرة، وأخبررسول الله أن الله

أبدله من ذراعيه اللتين قطعتا في القتال جناحين، فمن ذلك سمي "الطيار" و"ذا الجناحين". وهوأحد الرفقاء النجباء الوزراء الذين أعطيهم رسول الله، كما مضى في مسند علي 665، 1262 رحمه الله ورضي عنه.

(1740)

إسناده صحيح، أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام بن المغيرة: تابعي كبير، وهو أحد الفقهاء السبعة المعروفين، وكان ثقة فقيهاً عالما من سادات قريش. والحديث=

ص: 354

الحرث بن هشام المخزومي عن أم سلمة ابنة أبي أمية بن المغيرة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما نزلنا أرض الحبشة/ جاورْنا بها خير جارٍ، النجاشىَّ، أَمَّنا على ديننا، وعبدنا الله، لا نُؤْذَى ولا نسمع شيئاً نكرهه، فلما بلغ ذلكَ قريشاً ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جَلْدين، وأن يُهدوا للنجاشي هدايا مما يُسْتَطرف من متاع مكة، وكان من أعجب ما يأتيه منها إليه الأدَم، فجمعوا له أَدَماً كثيراً، ولم يتركوا من بطارقته بطرْيقاً إلا أهدَوْا له هديةَ، ثم بعثوا بذلك مع عبد الله بن [أبي] ربيعة بن اَلمغيرة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السَّهمي، وأمروهما أَمْرَهم، وقالوا لهما: ادفعوا إلي كل بطريق هديتَه قبل أن تُكلموا النجاشيَّ فيهم، ثم قدَّموا للنجاشي هداياه، ثم سلوه أن يُسْلِمَهم إليكم قبل أن يكلمهم، قالت، فخِرجا فقدما على النجاشي، ونحن عنده بخير دار، وعند خير جار، فلم يَبْقَ من بطارقته بطرْيقٌ إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، ثم قالا لكل بطرْيق منهم: إَنه قد صَبَا إلى بلد الملك منَّا غلمانٌ سفهاءُ، فارقوا دين قومهمِ، ولم يدخلوا في دينكم، وجاؤا بدين مبتدَع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشرافُ قومهم ليردَّهم إليهم، فإذا كلَّمْنا الملك فيهم فتشيروا عليه بأن يُسْلِمَهم إلينا ولا يكلمهم، فإن قومهم أَعْلَى بهم عينًا وأعلمُ بما عابوا

= سيأتي في المسند مرة أخرى بهذا الإسناد 5: 290 - 292 ح وهو في سيرة ابن هشام 217 - 221 (1: 211 - 214 من الروض الأ نف) عن ابن إسحق. والحديث كله بطوله في مجمع الزوائد 6: 24 - 27 وقال "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير ابن إسحق، وقد صرح بالسماع ". ثم لم أجده بهذا السياق في كتاب آخر. وذكر الحافظ ابن كثير في التاريخ 3: 72 - 75 رواية أم سلمة هذه بأطول من هذا السياق من رواية يونس بن بكير عن ابن إسحق "حدثني الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن حارث بن هشام عن أم سلمة". وذكر بعده أيضاً عن يونس عن ابن إسحق: "حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال: إنما كان يكلم النجاشي عثمان بن =

ص: 355

عليهم، فقالوا لهما: نعم، ثم إنهما قرَّبا هداياهم إلى النجاشي، فقبلها منهما، ثم كلماه فقالا له: أيها الملك، إنه قد صبا إلى بلدك منَّا غلمانٌ سفهاء فارقوا دينَ قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاؤا بدينٍ مبتدَع لَا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثَنا إليك فيهمْ أشراف قومهم في آبائهم وأعمامهم وعشائرهم فتردَّهم إليهم، فهم أعْلَى بهم عيناً وأعلمُ بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه، قالت: ولم يكن شيء أبغضِ إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم، فقالت بطارقته حوله: صدقوا أيها الملك، قومهم اعلَى بهم عيناً وأعلمُ بما عابوا عليهم، فأسلمْهم إليهما فليردَّاهم إِلي بلادهم وقومهم، قال: فغضب النجاشي ثم قال: لَا ها الله، ايْمُ الله، إذن لا أُسْلمهم إليهما ولا أُكادُ، قوماً جاوروني نزلوا بلادي واختاروني على مَن سوايَ، حتى أدعوَهم فأسألهم ماذا يقول هذان في أمرهم؟ فإن كانوا كما يقولان أسلمُتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم، وَإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني، قالت: ثم أرسل الى أصحاب رسول الله فدعاهم، فلما جاءهم رسولُه اجتمعوا، ثم قال بعضُهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبيُّنا صلى الله عليه وسلم، كائن في ذلك ما هو كائنٌ، فلما جاؤه، وقد دعا النجاشيُّ

= عفان. والمشهور أن جعفراً هو المترجم. رضي الله عنهم". "جلدين" الجلد، بفتح الجيم وسكون اللام: القوي في نفسه وجسده. البطريق بكسر الباء: الحاذق بالحرب وأمورها بلغة الروم، وهو ذو منصب وتقدم عندهم. "عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي" صحابي معروف من مسلمة الفتح، وهو أخو أبي جهل لأمه، وهو والد عمر بن أبي ربيعة الشاعر المشهور، فإنه "عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة" وإنما اشتهر بالنسبة إلى جده.

ووقع في ح هنا وفى ك في كل موضع ذكر فيه في هذا الحديث "عبد الله بن ربيعة بحذف (أبي) وهو خطأ، وقد ثبت على الصواب في المسند فيما سيأتي 5: 290 - 292 ح وسيرة ابن هشام ومجمع الزوائد، وانظر الإصابة 4: 64 - 65. "صبا" بدون همزة: أي مال، ويجوز همزها أيضاً "صبأ" أي خرج، يقال "صبأت النجوم" أي خرجت من =

ص: 356

أساقفَتَه فنشروا مصاحفهم حولَه، سألهم فقال: ما هذا الدينُ الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأم؟ قالت: فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب، فقال له: أيها الملك، كنا قوماً أهلَ جاهلية، نعبدُ الأصنام، ونأكل المَيْتَة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام

ونُسيء الجوار، ويأكلُ القوِيُّ منَّا الضعيفَ، فكنَّا على ذلك حتى بعث الله إلينَا رِسولآَ منا، نعرف نسبه وصدقَه وأمانته وعفافه. فدعانا إلى الله، لنوحّدَه ونعبده ونخلعَ ما كنَّا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمَرَنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكفّ عن المحارمِ والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزّور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، قال: فعدَّد عليه أمورَ الإسلام، فصدَّقناه وآمنَّا، واتّبعناه على ما جاء به، فعبدْنا الله وحده فلم نُشرك به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أَحَلَّ لنا، فعَدا علينا قومُنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليَرُدُّونا إلى عبادة الأوثان منِ عبادة الله، وأن نستحلَّ ما كنا نستحلُّ من الخبائث، فلما قهرونا وظلموِنا وشقُّوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك ورجوْنا أن لا نُظلم عندك أيها الملك، قالت: فقال

= مطالعها، والظاهر عندي أن المعنى كله يرجع إلى الميل، ومنه "صبأ" أي خرج من دين إلى دين. وهذا هو الثابت في أصلى المسند، وفى ابن هشام والزوائد بدلها "ضوى" قال السهيلي في الروض:"ضوى إليك فتية: أي أوو إليك ولاذوا بك". وفى اللسان: "ضويت إليه بالفتح أضوى ضوياً: إذا أويت إليه وأنضممت- .. ضوى إليه المسلمون:. أي مالوا".

فالمعنى في هذه الحروف كلها متقارب. "فتشيروا عليه" كذا في ح، وفى ك "فتشيرون عليه" وفي ابن هشام والزوائد والرواية الآتية "فأشيروا عليه!. "أعلى بهم عيناً" قال السهيلي: "أي أبصر بهم، أي عينهم وإبصارهم فوق عين غيرهم في أمرهم. فالعين ها هنا بمعنى الرؤية والإبصار، لا بمعنى العين التى هي الجارحة، وما سميت الجارحة عيناً =

ص: 357

له النجاشىُّ: هل معك مما جاء به عن الله منْ شيء؟ قالت:/ فقال له جعفر: نعم، فقال له النجاشي: فاقرأه عَلي، فقرأ عليه صَدْراً من {كهيعص} [مريم: 1]، قالت: فبكى والله النجاشيُّ حتىِ أخْضَلَ لحيته، وبكتْ أساقفته حتى أَخْضَلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلَا عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء به موسى لَيَخرُج من مشكاة واحدة، انطلقا، فوالله لا أُسلِمَهم إليكم أبداً ولا أُكادُ، قالت أم سلمة: فلَّما خرجا من عنده قالَ عمرو بن العاص: والله لأنبئنهم غدًا عيبَهم عندَهم، ثم

أَستأصل به خَضْرَاءَهم، قالت: فقال له عبد الله بن أبي ربيعة، وكان أَتقى الرجليَن فينا: لا تفعلْ، فإن لهم أرحاماً وإن كانوا قد خالفونا، قال: والله لاُخبرنَّه أنهم يزعمون أن عيسى ابنَ مريم عبدٌ، قالت: ثم غدا عليه الغَدَ، فقال له: أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيما، فأرسلْ إِليهم فاسألهم عما يقولون فيه؟ قالت: فأرسل إليهم يسألُهم عنه، قالت: وَلم ينزل بنا مثلُه، فاجتمع القومُ فقال بعضُهم لبعضٍ: ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه؟! قالوا: نقول والله فيه ما قال الله وما جاء به نبيُّنا، كائناً في ذلك ما هو كائن، فلما دخلوا عليه قال لهم: ما تقولون في عيسى ابن مريم؟

فقال له جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاء به نبيُّنا: هو عبد الله ورسوله

= إلا مجازا، لأ نها موضع العيان". "ولا أكاد" بضم الهمزة، فعل مبني للمجهول، أي: ولا يكيدني أحد، ففي اللسان 4: 389: "يقولون إذا حمل أحدهم على ما يكره: لا والله ولا كيدَاً ولا هماً، ويريد لا أكاد ولا أهم" وضبط الفعلان فيه بوزن المبني للمجهول، وهذا هو الصواب عندي، خلافاً لضبطهما في القاموس. والمراد أنه يقول إنه لا يسلمهم أبداً ولا يهمه من ذلك شيء ولا يخشى أن يلقى فيه كيداً. وهذا استعمال نادر، لم أجد مثله في غير هذا الموضع. وقوله (قوماً) نصب على البدل من الضمير في قوله "لا أسلمهم"وفى ك وابن هشام: "لا أسلمهم إليهما ولا يكاد قوم جاوروني" إلخ،

ويظهر لى أن هذا تحريف من الناسخين، لم يفهموا استعمال "ولا أكاد" في هذا الموضع =

ص: 358

وروحه وكلمتُه ألقاها إلى مريم العذراءَ البَتُول، قالت: فضرب النجاشيُّ يدَه إلى الأرض فِأخذ منها عوداً، ثم قال: ما عَدَا عيسى ابن مريم مِا قِلت هذا العودَ، فتناخَرَتْ بطارقتُه حوله حين قال ما قال، فقال: وإن نخرْتم والله! اذهبوا فأنتم سُيُوم بأَرضي، والسُّيُوم: الآمنون، مَن سبَّكم غُرّم، ثم من سبكم

غُرِّم، فما أُحب أن لي دَبْراً ذهباً وأني آذيتُ رجلاً منكَم، والدّبْر بلسان الحبشة الجِبل، ردُّوا عليهما هداياهما فلا حاجة لنا بها، فوالله ما أخذِ الله منّي الرِشْوة حين رد على ملكي فآخُذَ الِرشوةَ فيه، وما أطاعَ الناس في فأطعيهم فيه، قالت: فخرجا من عنده مَقْبَوحَيْن مردوداً عليهما ما جاآ به وأقمنا عِنده بخير دارٍ مع خير جار، قالت: فوالله إنّا على ذلك إذْ نَزَل به، يعني، مِن ينازعه في ملكه، قالت: فوالله ما علمنا حُزْنا قطُّ كانِ أشدَّ من حزنٍ حزِنَّاه عند ذلك، تخوُّفاً أن يَظْهَرَ ذلك على النجاشي فيأتي رجلٌ لا يعرف من حقنا ما كان النجاشيّ يعرف منه، قالت: وسِار النجاشي وبينهما عُرْضُ اَلنيل، قالت: فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ رجلٌ يخرج حتى يحْضُر وقعةَ القوم ثم يأتينا بالخبر؟ قالت: فقال الزبير بن العوّام: أنا، قالت: وكان من أحدث القوم سنا، قالت: فنَفخوا له يربةً فجعلها في صدره، ثم سبح عليها حتى خرجِ إلى ناحية النيل التى بها مُلْتَقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم، قالت ودَعوْنا اللهَ للنجاشيّ بالظهور على عدوّه والتمكين له في

= وظنوه خطأ، فجعلوه "ولا يكاد" وجعلوا "قوم" بالرفع نائب الفاعل، وما أثبتنا هو الذي في ح ومجمع الزوائد. وهو الصواب إن شاء الله، وسيأتي هذا الحرف مكررًا مرة أخرى في أواخر الحديث، ولم يغير في سيرة ابن هشام في ذلك الموضع، بل ضبط في طبعة أوربة بضم الهمزة، كما فعلنا هنا. "ما كنا نعبد نحن وآباؤنا" في ح "ما كنا نحن نعبد وآباؤنا" وفي ك "ما كنا نعبده وآباؤنا" وأثبتنا ما في السيرة ومجمع الزوائد لموافقته الرواية الآتية في المسند. "أخضل لحيته". أي بلها بالدموع. "استأصل به خضراءهم ": أي دهماءهم وسوادهم. "فتناخرت" بالخاء معجمة، قال في النهاية:"أي تكلمت، وكأنه كلام مع غضب ونفور"، وأصله من "النخر" وهو صوت الأنف. "سيوم " بالسين=

ص: 359