المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌41 - (باب من كان مفتاحا للخير) - مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه - جـ ٤

[محمد بن علي بن آدم الأثيوبي]

الفصل: ‌41 - (باب من كان مفتاحا للخير)

‌41 - (بَابُ مَنْ كَانَ مِفْتاحًا لِلْخَيْرِ)

وبالسند المتّصل إلى الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال:

237 -

(حَدَّثَنَا الحُسَينُ بْنُ الحسَنِ الْمرْوَزِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بن أَبِي عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ الله بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لمِنْ جَعَلَ الله مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لمِن جَعَلَ الله مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 -

(الحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمرْوَزِيُّ) نزيل مكة، صدوقٌ [10] 11/ 101.

2 -

(محَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ) هو: محمد بن إبراهيم بن أبي عديّ، نُسب لجدّه، أبو عمرو البصريّ، ثقة [9] 18/ 134.

3 -

(مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ) واسمه إبراهيم الأنصاريّ الزُّرَقيّ، أبو إبراهيم المدنيّ، لقبه حمّاد، ضعيفٌ [7].

رَوَى عن زيد بن أسلم، ونافع مولى ابن عمر، وسعيد المقبري، وحفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك، وإسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، وغيرهم.

ورَوَى عنه سعيد بن أبي هلال، وأبن أبي فُديك، ومحمد بن أبي عدي، والدراوردي، ورَوح بن عُبادة، وأبو داود الطيالسي، والقعنبي، وآخرون.

قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: أحاديثه مناكير. وقال الدُّوري عن ابن معين: ضعيف، ليس حديثه بشيء. وقال الجوزجاني: واهي الحديث، ضعيف. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال أبو زرعة. ضعيف الحديث.

وقال أبو حاتم: كان رجلا ضريرًا، وهو منكر الحديث، ضعيف الحديث، مثل ابن أبي سَبْرة، ويزيد بن عياض، يَروي عن الثقات المناكير. وقال ابن عدي: ضعفه بَيِّنٌ على ما يرويه، وحديثه مقارب، وهو مع ضعفه يكتب حديثه. وقال ابن أبي مريم عن ابن

ص: 407

معين: منكر الحديث، وكذا قال الساجي. وقال أبو داود، والدارقطني: ضعيف. وقال ابن حبان: لا يحتج به. وذكره يعقوب بن سفيان في "باب من يُرغب عن الرواية عنهم"، وذكره ابن الْبَرْقيّ فيمن كان الغالب على روايته الضعف. ونقل ابن شاهين في "الثقات" توثيقه عن أحمد بن صالح المصري، وهو غير مقبول؛ لأنه مجمع على تضعيفه، فلا التفات إلى قوله، فتنبه (1).

تفرد به الترمذيّ، والمصنّف، وله في هذا الكتاب حديثان فقط، هذا (237) وحديث (4197)"ما من عبد مؤمن يَخرُج من عينيه دموع. . .".

[تنبيه]: صرح محمد بن أبي حميد في سند المصنّف هنا بأنه حدّثه حفص بن عبيد الله، لكن رواه إسماعيل بن عيّاش، عنه عن موسى بن وَرْدان، عن حفص، فأدخل بينه وبين حفص موسى بن وردان، نبّه على ذلك الحافظ المزيّ، في "تحفة الأشراف" 1/ 170، فراجعه، والله تعالى أعلم.

4 -

(حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ الله بْنِ أَنَسٍ) بن مالك، ويقال فيه: عبيد الله بن حفص، ولا يصحّ، صدوقٌ [3].

رَوَى عن جده، وجابر، وابن عمر، وأبي هريرة.

وروى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن أبي كثير، وابن إسحاق، وموسى بن ربيعة، وأسامة بن زيد الليثيّ، وغيرهم.

قال أبو حاتم: لا يثبت له السماع إلا من جدّه. وذكره ابن حبان في "الثقات".

وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: هو أحب إلي من حفص بن عمر، ولا ندري أسمع من جابر وأبي هريرة أم لا؟. وقال البخاري: وقال بعضهم: عبيد الله بن حفص، ولا يصح عبيد الله.

أخرج له الجماعة، سوى أبي داود، وله في هذا الكتاب حديثان فقط، هذا

(1) راجع "تهذيب التهذيب" 3/ 549.

ص: 408

(237)

وحديث (3469)"لا تسبها، فإنها تنفي الذنوب. . .".

5 -

(أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ) رضي الله عنه 3/ 24، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) رضي الله عنه، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ) بالفتح: جمع مِفتاح، وهو -بكسر الميم- آلة لفتح الباب ونحوه، ويقال فيه: المِفْتَح، بحذف الألف بعد التاء، وكأنه مقصور منه، ويُجمع هذا على مفاتح، بغير ياء، أفاده في "المصباح" (1) (لِلْخَيْرِ) أي لجنس الخير (مَغَالِيقَ) بالفتح: جمع مِغلاق -بكسر الميم، وسكون الغين المعجمة-، وهو ما يُغْلَق به، ويقال فيه: مِغْلَق أيضًا، ويُجمع على مَغَالق بغير ياء، كما سبق في "المفاتح"، أفاده أيضًا في "المصباح"(2)(لِلشَّرِّ) أي لجنس الشرّ، ثم إنه لا بدّ من التقدير، أي ذوي مفاتيح للخير إلخ، أي إن الله تعالى أجرى على أيديهم فتح أبواب الخير، كالعلم، والصلاح على الناس، حتى كأنه ملّكهم مفاتيح الخير، ووضعها في أيديهم، ولذلك قال:"جعل الله مفاتيح الخير على يديه"، وتعدية "جَعَلَ" بـ "على" لتضمّنه معنى الوضع.

قال الراغب الأصفهانيّ: الخير ما يَرْغَبُ فيه الكلّ، كالعقل مثلًا، والعدل، والفضل، والشيء النافع، والشرُّ ضدّه، والخير والشرّ قد يتّحدان، وهو أن يكون خيرًا لواحد، وشرًّا لآخر، كالمال الذي ربما كان خيرًا لزيد، وشرًّا لعمر، ولذلك وصفه الله تعالى بالأمرين، فقال في موضع:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: 180] أي مالًا، وقال في موضع آخر:{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ في الْخَيْرَاتِ} [المؤمنون: 55 - 56] انتهى.

وكذا العلم بالنسبة إلى بعضهم حجاب، وسبب للعذاب، وبالنسبة إلى بعض

(1) راجع "المصباح المنير" 2/ 461.

(2)

"المصباح المنير" 2/ 451.

ص: 409

آخر سبب اقتراب إلى ربّ الأرباب، وقس على هذا العبادة، فإن منها ما يورث العجب والغرور، ومنها ما يورث النور والسرور والحبور، كالسيف والخيل ونحوهما، قد تجعل آلةً للجهاد مع الكفّار، ويُتوصّل بها إلى القرار في دار الأبرار، وقد يُتوصّل بها إلى قتل الأنبياء والأولياء، ويُنتهى بها إلى الدرك الأسفل من النار، بحسب ما قُسم لأهله قسمةً أزليّةً أبديّةً، مبنيّةً على جعل بعضهم مرائي الجمال، وبعضهم مظاهر الجلال، كما قال:{فَرِيقٌ في الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ في السَّعِيرِ} [الشورى: 7]، وقال:"خلقت هؤلاء للجنة ولا أبالي، وخلقت هؤلاء للنار ولا أبالي"، مشيرًا إلى قوله:{لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون} ، فبحر القضاء والقدر عريض عميق، لا يغوص فيه إلا من له تحقيق بتوفيق، يتحيّر فيه أرباب السواحل، ويَمضي منه أصحاب سفُن الشرائع الكوامل. قاله القاري (1).

(وَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى) بالضمّ فُعْلَى من الطيب، كما تقدّم (لمِنْ جَعَلَ الله مَفَاتِيحَ الخيْرِ عَلَى يَدَيْهِ) بأن جاد على الناس من علمه، وعمله، وحاله، وماله (وَوَيْلٌ) أي هلاك (لمَنْ جَعَلَ الله مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ) أي بأن كان سببًا للكفر، والعصيان، والبطر، والطغيان، والبخل، وسوء العشرة مع الإخوان.

وذلك لأن الأول يشارك العاملين بالخير في الأجر، فثبتت له الجنة، والثاني يشارك العاملين بالشرّ الوزر، فثبت له الهلاك، قال السنديّ رحمه الله: وبما ذكرنا في المعنى ظهر لك ذكر هذا الباب في مسائل العلم. انتهى (2)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، ونعم الوكيل.

قال الجامع عفا الله عنه: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه هذا إسناده ضعيف؛ لاتفاق الأكثرين على تضعيف محمد بن أبي حميد الأنصاريّ، كما تقدّم في ترجمته.

(1)"المرقاة" 1/ 62 - 63.

(2)

"شرح السنديّ" 1/ 155 - 156.

ص: 410

وحسّنه الشيخ الألبانيّ بمجموع طرقه (1)، وهو محلّ نظر؛ إذ كل طرقه ضعيفة، فسند المصنّف هذا فيه محمد بن أبي حميد ضعيف جدّا، بل قال فيه البخاريّ وغيره: منكر الحديث، والسند التالي فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف جدّا، وقد تابعه راو آخر عند ابن أبي عاصم في "السنة"(250) لا يُعرف، وله شاهد أخر مرسل ضعيف.

وبالجملة فتحسين مثل هذا بعيد، والله تعالى أعلم بالصواب.

وهو من أفراد المصنّف، لم يُخرجه من أصحاب الأصول غيره، وأخرجه (أبو داود الطيالسيّ) في "مسنده"(2195) و (ابن أبي عاصم) في "السنة"(2299) و (البيهقيّ) في "شعب الإيمان"(697)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلي الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال:

238 -

(حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَن أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ هَذَا الخيْرَ خَزَائِنُ، وَلِتِلْكَ الْخَزَائِنِ مَفَاتِيحُ، فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ الله مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ جَعَلَهُ الله مِفْتَاحًا لَلشَّرِّ، مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 -

(هَارُونُ بْنُ سعِيدٍ الْأَيْلِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ): هارون بن سعيد بن الْهَيْثَم بن محمد بن الْهَيْثَم بن فَيْروز التميمي الْأَيْلِيُّ السَّعْدي مولاهم، نزيل مصر، ثقة فاضل [10].

رَوَى عن ابن عيينة، وابن وهب، وأبي ضَمْرة، وخالد بن نِزَار، ومؤمل بن إسماعيل، وبشر بن بكر.

ورَوَى عنه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وأبو حاتم، ومحمد بن وَضَّاح، وبَقِيّ بن مَخْلَد، والمعمريّ، وزكرياء الساجيّ، وغيرهم.

(1)"السلسلة الصحيحة" 3/ 320 - 321 رقم (1332).

ص: 411

قال أبو حاتم: شيخ. وقال النسائي: لا بأس به، وقال في موضع آخر: ثقة.

وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن يونس: تُوُفّي في ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين ومائتين، وكان مولده سنة سبعين ومائة، وكان ثقةً، وكان قد ضَعُفَ ولزم بيته. وقال أبو عمر الْكِنديّ: كان فقيهًا، من أصحاب ابن وهب. وقال مسلمة بن قاسم: كان مُقَدَّمًا في الحديث فاضلًا.

وله في هذا الكتاب ستة أحاديث فقط برقم (238) و 1306) و (1591) و (1817) و (3014) و (3052).

2 -

(عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ) بن مسلم القرشيّ مولاهم، أبو محمد المصريّ الفقيه، ثقة حافظ عابدٌ [9] 35/ 192.

3 -

(عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) العدويّ مولاهم المدنيّ، ضعيف [8].

رَوَى عن أبيه، وابن المنكدر، وصفوان بن سليم، وأبي حازم سلمة بن دينار، وغيرهم.

ورَوى عنه ابن وهب، وعبد الرزاق، ووكيع، والوليد بن مسلم، وابن عيينة، وغيرهم.

قال أبو طالب عن أحمد: ضعيف. وقال أبو حاتم: سألت أحمد عن أولاد زيد، أيُّهُم أحب إليك؟ قال: أسامة، قلت: ثم من؟ قال: عبد الله، ثم ذكر عبد الرحمن، وضَجَّعَ في عبد الرحمن. وقال الميموني عن أحمد: عبد الله أثبت من عبد الرحمن، قلت فعبد الرحمن؟ قال: كذا ليس مثله، وضَعَّف أمره قليلًا. وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يضعف عبد الرحمن، وقال: رَوَى حديثا منكرًا: "أُحِلَّت لنا ميتتان ودمان". وقال عمرو بن علي: لم أسمع عبد الرحمن يحدث عنه. وقال الدُّوري عن ابن معين: ليس حديثه بشيء.

وقال البخاري، وأبو حاتم: ضعفه علي بن المديني جدّا. وقال أبو داود: أولاد زيد بن أسلم كلهم ضُعَفاء، وأمثلهم عبد الله. وقال أيضًا: أنا لا أحدث عن عبد

ص: 412

الرحمن، وعبد الله أمثل منه. وقال النسائي: ضعيف. وقال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: ذَكَرَ رجل لمالك حديثًا منقطعًا، فقال: اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يُحدّثك عن أبيه، عن نوح. وقال خالد بن خِدَاش: قال لي الدَّراورديّ، ومَعْنٌ، وعامةُ أهل المدينة: لا نُريد عبد الرحمن، إنه كان لا يدري ما يقول، ولكن عليك بعبد الله. وقال أبو زرعة: ضعيف. وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث، كان في نفسه صالحًا، وفي الحديث واهيًا، وقال في موضع آخر: هو أحب إلي من ابن أبي الرجال. وقال ابن عديّ: له أحاديث حسان، وهو ممن احتمله الناس، وصدقه بعضهم، وهو ممن يُكتب حديثه. وقال ابن حبان: كان يَقْلِب الأخبار، وهو لا يَعْلَم، حتى كثر ذلك في روايته، مِن رَفْعِ المراسيل، وإسناد الموقوف، فاستحق الترك. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، ضعيفًا جدًّا.

وقال ابن خزيمة: ليس هو ممن يَحتجّ أهلُ العلم بحديثه؛ لسوء حفظه، هو رجل صناعته العبادة والتقشف، ليس من أحلاس الحديث. وقال الساجي: ثنا الربيع، ثنا الشافعي، قال: قيل لعبد الرحمن بن زيد: حدثك أبوك، عن جدك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن سفينة نوح طافت بالبيت، وصلَّت خلف المقام ركعتين"؟ قال: نعم، قال الساجي: وهو منكر الحديث.

وقال الطحاويّ: حديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف. وقال الحربي: غيره أوثق منه. وقال الجوزجاني: أولاد زيد ضعفاء. وقال الحاكم، وأبو نعيم: رَوَى عن أبيه أحاديث موضوعة. وقال ابن الجوزيّ: أجمعوا على ضعفه.

قال البخاري: قال لي إبراهيم ابن حمزة: مات سنة اثنتين وثمانين ومائة.

تفرّد به الترمذيّ، والمصنّف، وله عنده في هذا الكتاب ثمانية أحاديث فقط برقم (238) و (519) و (1188) و (2443) و (2766) و (3218) و (3314) و (4060).

4 -

(أَبُو حَازِمٍ) سلمة بن دينار الأعرج المدنيّ القاصّ، ثقة عابد [5] 35/ 198.

5 -

(سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ) بن مالك بن خالد الأنصاريّ الخزرجيّ الساعديّ، أبو

ص: 413

العباس الصحابيّ ابن الصحابيّ رضي الله عنهما 32/ 164.

وقوله: "إن هذا الخير خزائن إلخ" قال الطيبيّ رحمه الله: المعنى الذي يحتوي على خير المال، وعلى كونه شرّا هو المشبّه بالخزائن، فمن توسّل بفتح ذلك المعنى، وأخرج المال منها، ينفقه في سبيل الله، ولا ينفقه في سبيل الشيطان، فهو مِفتاح الخير، مِغلاق الشرّ، ومن توسّل بإغلاق ذلك الباب بإنفاقه في سبيل الله، وفتحه في سبيل الشيطان، فهو مِغلاق الخير، مفتاح الشرّ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم:"إن للشيطان لِمَّةً بابن آدم، وللمك لمّةً"(1)، وقرأ قوله عز وجل:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 268] إشارةً إلى هذا المعنى. انتهى (2).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث سهل بن سعد رضي الله عنه هذا ضعيف الإسناد؛ لضعف عبد الرحمن بن زيد جدّا، كما سبق في ترجممّه آنفًا، وحسنه الشيخ الألبانيّ رحمه الله، وقد سبق أن تحسينه محلّ نظر، فتفطّن.

وهو من أفراد المصنّف، لم يُخرجه من أصحاب الأصول غيره، وأخرجه أبو يعلى الموصليّ في "مسنده"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].

(1) حديث أخرجه الترمذيّ، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن للشيطان لِمَّةً بابن آدم، وللملك لِمّةً، فأما لِمّة الشيطان فإيعاد بالشر، وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير، وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله. ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ:{الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء} الآية، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، وهو حديث أبي الأحوص، لا نعلمه مرفوعا إلا من حديث أبي الأحوص. انتهى. وفي تحسين الترمذيّ له نظر؛ لأن فيه عطاء بن السائب، وقد اختلط، وأبو الأحوص ممن روى عنه بعد الاختلاط، فالحديث ضعيف، فتنبّه. والله تعالى أعلم.

(2)

"الكاشف عن حقائق السنن" 10/ 3300.

ص: 414