الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يزال في مزيد، وإيمانهم قهر أهل الكفر والشرك والتنديد، وعادت تلك البقاع والأماكن من أفضل مساكن أهل التوحيد.
وأما قوله: (إنَّ العرب نصَّت على أن لغة أهل اليمامة أركّ اللغات فأين تأتي لهم الفصاحة) ؟ .
فبنو حنيفة من أعيان العرب ورؤوسهم، وهم من أفصح اللغات، ولا أصل لقول هذا المعترض، ما قال أحد بعيب لغتهم وذمها (1) وقوله:(نصت العرب) .
دليل على كذبه وجهله بمعاني الكلام، فإن العرب يدخل فيهم من ليس بأعجمي النسب واللسان، فيقع على من سكن الجزيرة بأجمعها إلى حدود مصر والشام، ومن ساحل (2) اليمن إلى ساحل (3) العراق، وأين نصّ هؤلاء؟ ومن الذي قاله منهم؟ وهذا أبلغ من حكاية الإجماع.
وأما قوله: (فأين تأتي لهم الفصاحة) ؟ .
فهذا تركيب ركيك، فإن "أتى يأتي " يتعدَّى بنفسه، فالركيك تركيب المعترض وكلامه.
[المدح والذم الشرعيين يتوجهان إلى الإيمان والكفر لا إلى سكنى الأرض أو الانتساب إلى قوم]
وقوله: (وقد أثبت فيهم النبي (4) صلى الله عليه وسلم الجفا) .
فيقال: عيب بني حنيفة أكبر من الجفاء وأغلظ (5) وأما الجفاء فلم
(1) في (ق) : "لا ذمها".
(2)
في (ق) : " سواحل ".
(3)
في (ق) : "سواحل".
(4)
ساقطة من (ق) .
(5)
في (ق) : "وغلط ".
[149]
، يرد فيهم لفظة واحدة، وإنما ورد في أهل الوبر والشعر، كقوله صلى الله عليه وسلم:" «الغلظة في الفدادين أهل الوبر والشعر» "(1) وقال تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 97][التوبة -97] .
ومع هذا فقد أثنى الله تعالى على من آمن بالله واليوم الآخر منهم واستثناهم من العموم.
قال تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ} [التوبة: 99][التوبة -99] .
فمن آمن بالله ورسوله (2) وكذَّب مسيلمة، ولم يؤمن به، فهو من المؤمنين.
وقد {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا (3) وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ (4) . ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 72](5)[التوبة: 72] وأما قول الصدّيق (6) فإن. فالمراد به من آمن بمسيلمة وأدركه منهم،
(1) أخرجه البخاري (3301، 3352) ومواضع أخرى عن حديث أبي هريرة وأبي مسعود البدري، رمسلم (51، 52) ، والترمذي (2243) ، وأحمد (258 / 2، 269، 372) .
(2)
في (ق) مكانها: "واليوم الآخر".
(3)
ما بين القوسين ساقط من النسخ الأربع.
(4)
ما بين القوسين ساقط من النسخ الأربع.
(5)
ما بين القوسين ساقط من النسخ الأربع.
(6)
في (ق) و (م) زيادة: " رضي الله عنه،.
كما وقع من ابن النواحة (1) وأما من بعدهم من نسلهم وذراريهم المؤمنين فلا يتوجه إليهم ذم ولا عيب، والصدّيق أجلّ من أن يعيب من لم يؤمن بمسيلمة ولم يشهد عصره، وآباء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلافهم (2) كانوا على جاهلية وشرك وعبادة للأصنام والأحجار وغيرها، ولا يتوجَّه عيب أحد منهم بأسلافه، وقد يُخرج الله من أصلاب المشركين والكفار من هو من خواص أوليائه وأصفيائه، ولما استأذن ملك الجبال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطبق عليهم الأخشبين- لما رجمه أهل الطائف- ودعا بدعائه المشهور وهو قوله: " «اللهمَّ إليك أشكو ضعف قوَّتي وقلَّة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهَّمني؟ أو إلى قريب» (3) ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضبٍ (4) عليّ فلا أبالي، غير أن عافيتك (5) أوسع لي، لك العتبى حتى ترضى، أعوذ بنور وجهك أن ينزل بي سخطك، أو يحلّ عليّ غضبك) فاستأذنه المَلَك عند ذلك (6) فقال:( «بل أتأنى بهم لعلَّ الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده ولا يشرك به شيئاً» )(7)
(1) انظر قصته في: المستدرك (3 / 54) وغيره.
(2)
ساقطة من (ق) و (مِ) .
(3)
في (ق) و (م) : (عدو) ".
(4)
في (ق) و (م) و (ح) : "عليَّ غضب"، وفي (المطبوعة) :(سخط علي) .
(5)
في بقية النسخ زيادة: "هي ".
(6)
في (المطبوعة) زيادة: (أن يطبق عليهم الأخشبين) .
(7)
أخرج البخاري منه استئذان ملك الجبال ورده صلى الله عليه وسلم (3231، 7389) ، وأما الدعاء المشهور فأخرجه ابن جرير الطبري في التاريخ (2 / 345) وابن منده في ترجمة الطبراني ص (346) ، والضياء في المختارة (9 / 181) ، وابن عدي في الكامل (6 / 111) ، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي والسامع (2 / 275) ، كلهم من طريق ابن إسحاق.
إذا عرفت هذا فشيخنا ليس من بني حنيفة أصلاً، والقصد بيان كلام الصديق وما أريد به.
وأما قوله: (وقد وجد منهم مائة وستون رجلاً بمسجدهم بالكوفة يقرءون كلام مسيلمة) .
فهذا كذب. القصة ليست كذلك؟ (بل هم بضعة عشر رجلا، لم 155، يقرءوا قرآنه)(1) وإنَّما تكلَّموا في نبوَّته وجَوَّزُوهَا، وهذا الرجل بضاعته الكذب على الله وعلى خلقه، فنعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء.
ثم لو فرض أن من بني حنيفة عالماً يدعو إلى الله، فما وجه عيبه وذمه بقومه، وقد خالفهم في الإيمان والدين؟ وسلمان الفارسي وصهيب الرومي، وبلال بن (2) رباح رضي الله عنهم من أفضل الناس، وأسلافهم من شرّ الناس؟ بل (3) والرسل أفضل الخلق وأكرمهم على الله، والمكذبون لهم من قومهم أكثر من المستجيبين، وابن نوح على أبيه السلام لم ينتفع بإيمان أبيه ورسالته، ولم ينل بذلك ما يوجب سعادته وفلاحه، وهذا المعترض جاهلي الدين والمعرفة (4) والمذهب.
(1) ما بين القوسين ساقط من (ق) .
(2)
في النسخ الأربع زيادة: (أبي) ، وهو خطأ.
(3)
ساقطة من (ق) .
(4)
في (ق) : "والطبع".