الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في رد دعوى المعترض إجماع الأمة على قبول البردة والرضا بها]
فصل قال المعترض: (وقد أجمعت (1) الأمة أنها لا تجمع (2) على ضلالة، وهذا يقول: اجتمعت وأجمعت. فهذه البردة لها قدر ستمائة سنة تداولها علماء الأمة، وتشرحها هي والهمزية، ويتهادون شرحها بينهم بغالي الأثمان، وأبلغ من هذا كتبها بماء الذهب دائر الحجرة الشريفة، فلما (3) دخل هؤلاء المدينة المنوَّرة أيام توليهم عليها أرادوا حكها فلم يستطيعوا ذلك، فلزقوا عليها الورق.
ولست أحكي هذا عن غيري، فهلا (4) أنكرها عالم من علماء المسلمين، وما من علماء الأمة إلا منْ شاء الله من لا دخل المدينة المنوَّرة ورآها. وليست خفية؛ بل هي أشهر من "قفا نبكِ"(5) وقد علم (6) حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ما علم، أليس هم أعلى من الشهداء حالا بعد الموت؟ وقد أخبر الله أنهم:{أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ - فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 169 - 170] الآية [آل عمران -169، 170] .
(1) في (ق) : "اجتمعت".
(2)
في (ق) و (خ) : "تجتمع".
(3)
في (ق) : "ولما".
(4)
في (ح) و (المطبوعة) : "فهل".
(5)
يقصد معلقة امرئ القيس المشهورة التي مطلعها:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
…
بسقط اللوى بين الدخول فحومل.
(6)
في (المطبوعة) زيادة: (الله من)، وفي (خ) زيادة:" الله ".
ألم يعلم هذا الرجل أن النبي صلى الله عليه وسلم في معراجه مرَّ بكليم الرحمن موسى بن عمران وهو يصلي في قبره، ومرة كما في الصحيحين من حديث مالك بن صعصعة رضي الله عنه في السماء السادسة، ونصحه واستنصحه وسقم عليه وعلى الأنبياء في السماوات، فردوا عليه ورحَّبوا به، وقد صلَّى بهم قبل في بيت المقدس (1) عند الصخرة عليه وعليهم (2) أفضل الصلاة والسلام، أفيظنهم هذا الرجل أمواتا في عالم العدم، أم (3) يريد أن يمنع عنهم (4) ما أعطاهم الله من الكرامة، ويقيسهم على نفسه التي قد (5) تراكمت عليها ظلمات الزيغ والأهواء بعضها فوق بعض، حيث يرى الحق في صورة الباطل؟ أو ليس هو صلى الله عليه وسلم أفضل أولي (6) العزم من الرسل؟ أليس الله قد أعطى من هو دونه (7) بالفضل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص؟ أليس هو يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله؟ أفيظن هذا الرجل أن هذه الأمور من عيسى عليه السلام من دون الله؟ . بل قال تعالى:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59][آل عمران -59] .
(1) في (المطبوعة) زيادة: "من".
(2)
في (ح) و (المطبوعة) : "الصخرة وعليهم ".
(3)
ساقطة من (ق) .
(4)
ساقطة من (ح) .
(5)
ساقطة من (ق) و (ح) و (المطبوعة) .
(6)
في (ح) و (المطبوعة) : "أولو"، وهو خطأ.
(7)
في (ح) و (المطبوعة) : "في الفضل ".
والجواب أن يقال: أما قوله: (إنَّ الشيخ يقول: اجتمعت (1) الأمة وأجمعت على ضلالة) : فهذا من أبلغ (2) الكذب وأعظم الإفك والافتراء، وقد نزَّه الله الشيخ وأمثاله من أهل العلم عن قول الزور وشهادته، وأظن هذا الغبي يشير إلى أن الأمة من روى البردة واستحسنها واعتقدها، مع أن الشيخ لم يتكلَّم فيهم، ولا بحث في حال من رَوَاها وقرَّرها، وإنَّما الكلام في نفس القول الذي اشتمل على الغلو والإطراء، ولم يتجاوز هذا شيخنا (3) ولم يبلغنا عنه حرف في تضليل من قرأها، وقد يقرؤها الإنسان ويتصفحها وهو منكر لما يجب إنكاره فيها، ثم لو فرض أن الشيخ ضلِّل هؤلاء أيقال: هم الأمة، أين أهل القرون الستة الأول (4) ؟ أين من بعدهم من الأمة إلى عصر الشيخ؟ وغاية ما عندكم عد رجال قليلين رووها، أفتحصر الأمة في هذا [154] العدد اليسير الذين (5) لا يعرف أحد منهم بعلم سوى رجلين أو ثلاثة، وهم دون نظرائهم؟ سبحانك هذا بهتان عظيم، وهل شرحها من الأمة من يُعرف (6) له لسان صدق في المسلمين؟ ما أقبح الفرية! وما أشد جنايتها!! .
وأمَّا كتبها بماء الذهب: فمن كتبها ومن وضعها؟ أهم أهل العلم وسادات الورى؟ أم الملوك والسلاطين والوزراء، إن كان فعلهم حجَّة فقد
(1) في (ق) : "أجمعت".
(2)
ساقطة من (ق) .
(3)
في (المطبوعة) : "شيخنا هذا".
(4)
في (ق) : " الأولين) .
(5)
في (ق) و (ح) و (المطبوعة) : "الذي".
(6)
ساقطة من (ق) .