الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في بيان أن من دعا معبودا أو انتحل طريقة أنه لا يرى في ذلك محذورا]
فصل قال المعترض: (ثم ماذا، والمحذور الذي كفَّر به هذا الرجل وما يضرُّ النداء في هذا، وهل هذا عبادة من دون الله؟ ما أبعد الجهل وأهله من الفرقان) .
ثم ذكر المعترض قول حسَّان في مرثيته مستدلاً به على أن الرسول يُدْعَى ويخاطب.
والجواب أن يقال: لا ريب أن جمهور من دعا معبوداً مع الله. وانتحل طريقة ودينا (1) لم يأذن به الله يرى أنه لا محذور، ولا إنكار، ويحسب أنه مهتدِ، وإن كان من أضلّ الخلق وأبعدهم عن مناهج الإيمان والهدى، ويكفي المؤمن ما تقدَّم من الآيات التي تزعم أن الناظم يعرفها ولا يجهلها.
كقوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18][الجن 18] وهل يحيل هذا الدعاء عن حقيقته، ويسوغه لغير الله تسمية الجاهلين له نداء لا دعاء، وهل العبادة إلَاّ هذا الدعاء ونحوه؛ فأي جهل في تحريم ما حرم الله من دعاء غيره ومسألة سواه ما لا يقدر عليه إلَاّ الله؟ .
(1) في بقية النسخ: أو دينا.
وهذا المعترض وأمثاله من أجهل الناس بمسمى العبادة، ومعرفة أفرادها.
ومعلوم أنَّ قول النصارى: (يا والدة المسيح اشفعي لنا إلى الِإله) نداء إذا جهر به المنادي، ولا يخرجه ذلك عن كونه دعاء وعبادة بإجماع المسلمين، ولو كان المطلوب مجرَّد شفاعتها، فإباحة هذا النوع وجعله لا محذور فيه هو عين الجهل، ونفس الضلال.
وأمَّا رثاء حسَّان: فليس فيه دعاء، وإنَّما هو توجع وتحزن وتألم بفقده (1) صلى الله عليه وسلم؛ وفَرْق بين الخطاب بهذا، والخطاب بالدعاء والمسألة، وقد تقدم التنبيه على ذلك (2) .
(1) في بقية النسخ: لفقده ".
(2)
انظر: ص (323) .