الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأما أَسبَاب الِاخْتِلَاف الْحَقِيقِيَّة فَلم يذكرهَا أَبُو إِسْحَاق الشاطبي هُنَا؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفَة، طرقها الباحثون ضمن مؤلفاتهم1، وأفردها بَعضهم بالتأليف2.
1 - انْظُر التسهيل لعلوم التن - زيل (1/15) ، وبحوث فِي أصُول التَّفْسِير ومناهجه، ص (44) .
2 -
مثل الْأُسْتَاذ الدكتور سعود الفنيسان فِي أطروحته للدكتوراه فقد كَانَت بعنوان ((اخْتِلَاف الْمُفَسّرين أَسبَابه وآثاره)) .
المبحث الثَّانِي عشر: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي
فِي وجود المعرَّب فِي الْقُرْآن الْكَرِيم
أَشَارَ أَبُو إِسْحَاق إِلَى هَذِه الْمَسْأَلَة إِشَارَة تَبَعِيَّة1تَحت عنوان وَضعه بقوله: "النَّوْع الثَّانِي فِي بَيَان قصد الشَّارِع فِي وضع الشَّرِيعَة للإفهام ويتضمن مسَائِل"2.
فَقَالَ: "وَأما كَونه جَاءَت فِيهِ أَلْفَاظ من أَلْفَاظ الْعَجم، أَو لم يَجِيء فِيهِ شَيْء من ذَلِك فَلَا يحْتَاج إِلَيْهِ إِذا كَانَت الْعَرَب قد تَكَلَّمت بِهِ، وَجرى فِي خطابها، وفهمت مَعْنَاهُ، فَإِن الْعَرَب إِذا تَكَلَّمت بِهِ صَار من كَلَامهَا، أَلا ترى أَنَّهَا لَا تَدعه على لَفظه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ عِنْد الْعَجم، إِلَّا إِذا كَانَت حُرُوفه فِي المخارج وَالصِّفَات كحروف الْعَرَب، وَهَذَا يقل وجوده، وَعند ذَلِك يكون مَنْسُوبا إِلَى الْعَرَب، فَأَما إِذا لم تكن حُرُوفه كحروف الْعَرَب، أَو كَانَ بَعْضهَا كَذَلِك دون بعض، فَلَا بُد لَهَا من أَن تردها إِلَى حروفها، وَلَا تقبلهَا على مُطَابقَة حُرُوف الْعَجم أصلا، وَمن أوزان الْكَلم مَا تتركه على حَاله فِي كَلَام الْعَجم، وَمِنْهَا مَا
1 - إِذْ إِن مَقْصُوده من الْكَلَام على هَذِه الْمَسْأَلَة أَن يبين أَن الْقُرْآن نزل بِلِسَان الْعَرَب على الْجُمْلَة فَطلب فهمه إِنَّمَا يكون من هَذَا الطَّرِيق خاصّة. انْظُر الموافقات (2/102) .
2 -
الموافقات (2/101) .
تتصرف فِيهِ بالتغيير كَمَا تتصرف فِي كَلَامهَا، وَإِذا فعلت ذَلِك صَارَت تِلْكَ الْكَلم مَضْمُومَة إِلَى كَلَامهَا كالألفاظ المرتجلة والأوزان المبتدأة لَهَا، هَذَا مَعْلُوم عِنْد أهل الْعَرَبيَّة لَا نزاع فِيهِ وَلَا إِشْكَال.
وَمَعَ ذَلِك فَالْخِلَاف الَّذِي يذكرهُ الْمُتَأَخّرُونَ فِي خُصُوص الْمَسْأَلَة لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ حكم شَرْعِي، وَلَا يُسْتَفَاد مِنْهُ مَسْأَلَة فقهية، وَإِنَّمَا يُمكن فِيهَا أَن تُوضَع مَسْأَلَة كلامية يبْنى عَلَيْهَا اعْتِقَاد، وَقد كفى الله مُؤنَة الْبَحْث فِيهَا بِمَا اسْتَقر عَلَيْهِ كَلَام أهل الْعَرَبيَّة فِي الْأَسْمَاء الأعجميّة"1.
التَّعْلِيق على مَبْحَث: وجود المعرَّب فِي الْقُرْآن الْكَرِيم
يُفهم من كَلَام أبي إِسْحَاق فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَنه لَا يستبعد وجود بعض الْكَلِمَات فِي الْقُرْآن أَصْلهَا لَيْسَ عَرَبيا، إلَاّ أَنه يرى أَن الْعَرَب بعد أَن تَكَلَّمت بهَا، وغيَّرت فِيهَا حَتَّى تتناسب مَعَ الْعَرَبيَّة أَصبَحت فِي هَذِه الْحَالة عَرَبِيَّة وَبهَا نزل الْقُرْآن الْكَرِيم.
وَهَذَا الَّذِي ذهب إِلَيْهِ أَبُو إِسْحَاق هُوَ مَذْهَب من أَرَادَ الْجمع بَين قَوْلَيْنِ، أَحدهمَا: يَنْفِي وجود المعرَّب فِي الْقُرْآن الْكَرِيم، وَالْآخر: يثبت وجود المعرَّب.
وَإِن أردْت الْإِحَاطَة بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة من جَمِيع جوانبها فَانْظُر فِيهَا آراء الْأَئِمَّة: الشَّافِعِي2، وَابْن جرير الطَّبَرِيّ3، وَأبي عُبَيْدَة4، وَابْن فَارس5،
1 - الْمصدر نَفسه (2/102، 103) .
2 -
انْظُر الرسَالَة، ص (41 - 47) .
3 -
انْظُر تَفْسِيره، (1/13 - 19) .
4 -
انْظُر مجَاز الْقُرْآن (1/17، 18) .
5 -
انْظُر الصاحبي، ص (46) .
وَابْن عَطِيَّة1، والجواليقي2، والسيوطي3، وَغَيرهم4.
1 - انْظُر الْمُحَرر الْوَجِيز (1/36 - 37) .
2 -
انْظُر المعرَّب، ص (53) .
3 -
انْظُر الْمُهَذّب، ص (61، 62) .
4 -
انْظُر لُغَة الْقُرْآن الْكَرِيم، ص (202 - 222) ، واستدراكات القَاضِي ابْن عَطِيَّة على الإِمَام ابْن جرير الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِير الْقُرْآن الْكَرِيم، ص (56 - 64) .