الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حمله سِيبَوَيْهٍ على تَقْدِير اللَّام1. وَقَالَ تَعَالَى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} 2
…
"3.
والحقيقة أَن الإِمَام أَبَا إِسْحَاق الشاطبي قد أَكثر من المباحث النحوية الْمُتَعَلّقَة بِالْقُرْآنِ الْكَرِيم، وَلَا أُبالغ إِن قلت: إِن هَذِه المباحث لَو جُرّدت لبلغت مجلدَين.
1 - انْظُر الْكتاب لسيبويه (3/127) فقد ذكر هَذِه الْآيَات كلهَا وَغَيرهَا وأعربها بِمَا قَالَه أَبُو إِسْحَاق هُنَا.
2 -
سُورَة الْقَمَر، الْآيَة:10. وَيُرِيد الشاطبي أَن يَقُول: التَّقْدِير: لِأَنِّي مغلوب.
3 -
انْظُر الْمَقَاصِد الشافية فِي شرح الْخُلَاصَة الكافية (1/147) .
المبحث السَّابِع: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي ذكر الْقرَاءَات وتوجيهها
اشْتهر أهل الْمغرب والأندلس بملازمة علمين عظيمين، والتبحر فيهمَا، هما علم الْعَرَبيَّة والقراءات.
وَالْإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشاطبي قد أثَّر فِيهِ هَذَا الاتجاه، فَهُوَ أحد عُلَمَاء الْعَرَبيَّة الَّذين يشار إِلَيْهِم بالبنان، وَكتابه "الْمَقَاصِد الشافية فِي شرح الْخُلَاصَة الكافية" شَاهد بإمامته فِي فن الْعَرَبيَّة.
أما الْقرَاءَات فَهُوَ عَالم بهَا مُتَمَكن فِيهَا، خُصُوصا الْقرَاءَات السَّبع، فقد ذكر تِلْمِيذه المجاري أَن الإِمَام الشاطبي قَرَأَ الْقرَاءَات السَّبع على شَيْخه مُحَمَّد بن الفخار البيري - الَّذِي كَانَ من أحسن قراء الأندلس تِلَاوَة وَأَدَاء - فِي سبع ختمات1.
1 - انْظُر برنامج المجاري، ص (119) .
وَقد تعرض أَبُو إِسْحَاق الشاطبي - فِي أثْنَاء مؤلفاته - لذكر الْقرَاءَات السَّبع وتوجيهها، وهاك بعض الْأَمْثِلَة فِي ذَلِك:
(1)
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الشاطبي - فِي أثْنَاء الْكَلَام على أَن النكرَة قد يتخصص بِالْإِضَافَة -: "وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم
…
{وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً} 1على قِرَاءَة غير نَافِع وَابْن عَامر2، هُوَ جمع قبيل، أَي: قبيلاً قبيلاً، وصِنْفا صِنْفا، وَإِنَّمَا سَاغَ هُنَا الْحَال من النكرَة المُخصَّصة كَمَا سَاغَ الِابْتِدَاء بالنكرة إِذا خُصِّصت؛ لِأَنَّهَا بذلك تقرب من الْمعرفَة، فعوملت مُعَاملَة الْمعرفَة فِي صِحَة نصب الْحَال عَنْهَا"3.
(2)
وَقَالَ - أَيْضا -: "
…
إِلَّا أَنه قد حكى فِي التسهيل4أَن الْوَاو قد تدخل على الْمُضَارع الْمَنْفِيّ بـ (لَا)، وَاسْتشْهدَ عَلَيْهِ بقوله تَعَالَى:{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} 5فِي قِرَاءَة غير نَافِع6، فَقَوله:"وَلَا تُسْألُ" جملَة حَالية دخلت عَلَيْهَا الْوَاو.
1 - سُورَة الْأَنْعَام، الْآيَة:111.
2 -
إِذْ قراءتهما بِكَسْر الْقَاف، وَفتح الْبَاء. انْظُر إرشاد الْمُبْتَدِي وَتَذْكِرَة المنتهي، ص (316) .
3 -
انْظُر الْمَقَاصِد الشافية (2/35) .
4 -
يَعْنِي ابْن مَالك. انْظُر تسهيل الْفَوَائِد (ص/113) .
5 -
سُورَة الْبَقَرَة، الْآيَة:119. وَلم أر الْآيَة - فِي النُّسْخَة الَّتِي اطَّلَعت عَلَيْهَا من التسهيل - فِي الْموضع الْمشَار إِلَيْهِ.
6 -
يَعْنِي من السَّبْعَة، وَإِلَّا فَإِن يَعْقُوب أَيْضا من الْعشْرَة يقْرَأ بِالْجَزْمِ. انْظُر إرشاد الْمُبْتَدِي، ص (232) .
وَهَذَا الشَّاهِد لَا شَاهد فِيهِ؛ لعطفه على "بشيرًا" و "نذيرًا " فالواو عاطفة، وَإِنَّمَا الشَّاهِد فِي قِرَاءَة ابْن ذكْوَان:"وَلَا تتبعَانِ"1بتَخْفِيف النُّون2، فالنون فِيهِ نون الرّفْع، وَهُوَ خبر لَا نهي، وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال، أَي: فاستقيما غير متبعين
…
"3.
(3)
وَقَالَ - فِي قَوْله تَعَالَى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} 4 -: "على قِرَاءَة من قَرَأَ بذلك5 أَي: اقتدِ اقْتِدَاء
…
فتضمر الْمصدر ثمَّ تبنيه لما لم يُسمَّ فَاعله،
مضمرًا فِيهِ اسْم الْمَفْعُول كَمَا أضمرته فِي بِنَاء الْفَاعِل6".
(4)
وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا} 7 -: "فنصب "السَّمَاء" بِاعْتِبَار "يسجدان" وَلَو اعْتبر أوَّل الْجُمْلَة لجاء: (والسماءُ رَفعهَا)
وَفِي الْقُرْآن أَيْضا: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} 8قَرَأَ الحرميان9وَأَبُو عَمْرو بِالرَّفْع فِي
1 - سُورَة يُونُس، الْآيَة:89.
2 -
هِيَ قِرَاءَة ابْن ذكْوَان عَن ابْن عَامر الشَّامي. انْظُر إتحاف فضلاء الْبشر، ص (253) .
3 -
انْظُر الْمَقَاصِد الشافية (2/103) .
4 -
سُورَة الْأَنْعَام، الْآيَة:90.
5 -
وَهِي قِرَاءَة ابْن عَامر. انْظُر علل الْقرَاءَات (1/190) ، والمبسوط فِي الْقرَاءَات الْعشْر، ص (198) .
ونسبها أَبُو حَيَّان أَيْضا إِلَى أحد رُوَاة ابْن عَامر وَهُوَ ابْن ذكْوَان. انْظُر الْبَحْر (4/176) .
6 -
انْظُر الْمَقَاصِد الشافية فِي شرح الْخُلَاصَة الكافية (1/34) .
7 -
سُورَة الرَّحْمَن، الْآيَة: 6، 7.
8 -
سُورَة يس، الْآيَة: 38، 39.
9 -
هما ابْن كثير الْمَكِّيّ، وَنَافِع الْمدنِي.