الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أى: تحية المؤمنين يوم يلقون الله- تعالى في الآخرة، أو عند قبض أرواحهم، سلام وأمان لهم من كل ما يفزعهم أو يخيفهم أو يزعجهم..
وَأَعَدَّ لَهُمْ- سبحانه- يوم القيامة أَجْراً كَرِيماً هو الجنة التي فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ثم وجه- سبحانه- نداء إلى النبي صلى الله عليه وسلم حدد له فيه وظيفته، وأمره بتبشير المؤمنين بما يسرهم، ونهاه عن طاعة الكافرين والمنافقين فقال:
[سورة الأحزاب (33) : الآيات 45 الى 48]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً (47) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (48)
وقوله: وَمُبَشِّراً من التبشير، وهو الإخبار بالأمر السار لمن لا علم له بهذا الأمر.
وقوله: وَنَذِيراً من الإنذار، وهو الإخبار بالأمر المخيف لكي يجتنب ويحذر.
والمعنى: يا أيها النبي الكريم إِنَّا أَرْسَلْناكَ إلى الناس شاهِداً أى: شاهدا لمن آمن منهم بالإيمان، ولمن كفر منهم بالكفر، بعد أن بلغتهم رسالة ربك تبليغا تاما كاملا.
وَمُبَشِّراً أى: ومبشرا المؤمنين منهم برضا الله- تعالى-.
وَنَذِيراً أى: ومنذرا للكافرين بسوء العاقبة، بسبب إعراضهم عن الحق الذي جئتهم به من عند الخالق- عز وجل.
وقدم- سبحانه- التبشير على الإنذار، تكريما للمؤمنين المبشرين، وإشعارا بأن الأصل في رسالته صلى الله عليه وسلم التبشير، فقد أرسله الله- تعالى- رحمة للعالمين.
وقوله: وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ أى: وأرسلناك- أيضا- داعيا للناس إلى عبادة الله- تعالى- وحده، وهذه الدعوة لهم منك كائنة بإذنه- سبحانه- وبأمره وبتيسيره.
فالتقييد بقوله بِإِذْنِهِ لبيان أنه صلى الله عليه وسلم لم يدع الناس إلى ما دعاهم إليه من وجوب إخلاص العبادة له- سبحانه-، من تلقاء نفسه، وإنما دعاهم إلى ذلك بأمر الله- تعالى- وإذنه ومشيئته، وللإشارة إلى أن هذه الدعوة لا تؤتى ثمارها المرجوة منها إلا إذا صاحبها إذن الله- تعالى- للنفوس بقبولها.
وقوله: وَسِراجاً مُنِيراً معطوف على ما قبله. والسراج: المصباح الذي يستضاء به في الظلمات.
أى: وأرسلناك- أيها الرسول الكريم- بالدين الحق، لتكون كالسراج المنير الذي يهتدى به الضالون، ويخرجون بسببه من الظلمات إلى النور.
ووصف السراج بالإنارة، لأن من المصابيح ما لا يضيء إذا لم يوجد به ما يضيئه من زيت أو ما يشبهه.
قال صاحب الكشاف: جلى الله- تعالى- بنبيه صلى الله عليه وسلم ظلمات الشرك، فاهتدى به الضالون، كما يجلى ظلام الليل بالسراج المنير ويهتدى به. أو أمد الله بنور نبوته نور البصائر، كما يمد بنور السراج نور الأبصار. ووصفه بالإنارة لأن من السراج ما لا يضيء إذا قل سليطه- أى: زيته- ودقت فتيلته.. «1» .
وبعد أن وصف الله- تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم بهذه الصفات الكريمة، اتبع ذلك بأمره بتبشير المؤمنين برضا الله عنهم، وبنهيه عن طاعة الكافرين، فقال- تعالى-: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
…
أى: انظر- أيها الرسول الكريم- إلى أحوال الناس وإلى موقفهم من دعوتك. وبشر المؤمنين منهم بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ- تعالى- فَضْلًا كَبِيراً أى: عطاء كبيرا، وأجرا عظيما، ومنزلة سامية بين الأمم.
وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ فيا يشيرون به عليك من ترك الناس وما يعبدون، أو من عدم بيان ما هم عليه من باطل وجهل، بل اثبت على ما أنت عليه من حق، وامض في تبليغ دعوتك دون أن تخشى أحدا إلا الله- تعالى-.
وَدَعْ أَذاهُمْ أى: ولا تبال بما ينزلونه بك من أذى، بسبب دعوتك إياهم إلى ترك عبادة الأصنام والأوثان، واصبر على ما يصيبك منهم حتى يحكم الله- تعالى- بحكمه العادل بينك وبينهم.
(1) تفسير الكشاف ج 3 ص 547.