الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعتقادهم أن نصوص الوحي لا تفيد اليقين
انطلاقًا من قانون تقديم - بل تحكيم - العقل، بحث الأشاعرة موضوع مجال الوحي واختصاصه حسب القسمة المنطقية الثلاثية لموارد الأدلة التي ننقلها عمَّا قليل.
وليست محاولة تحديد مجالات الوفاق والخلاف بين العقل والنقل إلا مظهرًا من مظاهر (الوسطية)، أو (التوفيقية) التي يتبنَّاها الأشاعرة ويدعونها.
ذلك أن المذهب الأشعري منذ تأسيسه (1) قام على فكرة (الوسطية) بين المعتزلة والسلف، تلك الفكرة التي تمثلت أوضح تمثل في القانون المذكور سابقًا.
ولكن الواقع هو أن هذه (الوسطية) لم تكن سوى أسلوب توفيقي غير ناجح، وكما قيل:(من أراد التوفيق لم يحالفه التوفيق). ذلك أن تباعد ما بين المنهجين: السلفي والاعتزالي كفيلٌ بأن يحكم على أي محاولة توفيقية بالإخفاق.
وكانت النتيجة هي ظهور مذهب - أو منهج - ثالث ملفَّق، يقوم نسيجه على قضايا متعارضة، بل متناقضة في كثير من الأحيان، وبذلك
(1) جذور الفكر الأشعري تعود إلى الجهم بن صفوان وبشر المريسي، أما مؤسسه الحقيقي؛ فهو عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب الذي رجع الأشعري من الاعتزال إلى مذهبه قبل كتابة (الإبانة)، ثم انتشر على يد الباقلاني في مطع القرن الخامس.
أصبح محط النقد الشديد من أتباع السلف وأتباع التفلسف والاعتزال سواء.
لقد أراد الأشاعرة التوفيق بين الأصول السلفية في التعامل مع نصوص الوحي، وبين الأسس الفكرية الاعتزالية القائمة على معايير ومنطلقات خاصة للتحكم في النصوص، وهذه المعايير الاعتزالية تعتمد على سلسلة من عمليات الفصل - أو البتر - الاعتباطية، تسندها قواعد اصطلاحية أحدثها المعتزلة أنفسهم في علوم اللغة والبيان والمنطق.
وسوف نضطر إلى عرض موجز لذلك نظرًا لأهميته في المقارنة بالمنهج الأشعري:
(1)
- الفصل بين السنة والقرآن:
وإن شئت فقل: فصل بعض الوحي (الشرح) عن البعض الآخر (المتن أو النص)، فالسنة كثيرًا ما تحدد معاني القرآن تحديدًا قاطعًا لا مجال معه للبحث في المعاني اللغوية المجردة لألفاظ القرآن، ولكن لما كان المعتزلة أبعد الناس عن السنة علمًا وعملًا أسقطوا دلالتها جملة.
(2)
- الفصل بين النص القرآني والمنهج الكلي:
فالآية المعينة ليست سوى حلقة من حلقات متسقة تشكل منهجًا كليًّا في الاعتقاد أو السلوك، مثل منهج الإيمان بصفات الله، أو منهج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن المعتزلة يجتزئون هذه الآية دون النظر إلى روابطها ومكانها من المنهج المتكامل،
بل كثيرًا ما يجتزئون اللفظة الواحدة دون النظر لموقعها من مدلول الآية نفسها.
(3)
- بعد هذا يأتون بتلك الجملة أو اللفظة المفصولة المجردة، فيطبقون عليها قواعد أو قوالب اصطلاحية كان للمعتزلة أنفسهم اليد الطولى في تقريرها، كقواعد علوم البلاغة (1) مثلًا.
فإذا وضعنا في الاعتبار سعة اللغة العربية؛ ظهر أنه يمكن بالنظر إلى الألفاظ وحدها دون اعتبارٍ لمقاصد المتكلم، أو القرائن الظاهرة أن تقبل الجملة أو اللفظة أكثر من احتمال.
ومهما قيل: (إن بعض الاحتمالات أقوى من بعض)؛ فإن مجرد قبول الاحتمال - لا سيما عندما يكون التعسف والتشهي هو الأصل - يكفي وحده في الحكم على مدلول النص بأنه ظني!!.
4 -
بعد تقرير الحكم بأن النص ظني، يحاكمونه - ون كان محكمًا في الأصل - إلى نصٍ متشابه، أي عكس المنهج السلفي، وليس مرادهم التحاكم إلى النصوص؛ ولكن لأن بعض احتمالات المتشابه تتفق مع مقرراتهم وأصولهم العقلية التي قررت وأصِّلت سلفًا وفق منهج بعيد كل البعد عن النصوص. (5) - فلمَّا دعموا دلالة المتشابه - بعد إخضاع المحكم لها - بالقاعدة العقلية، أوهموا الناس أنهم وفقوا بين العقل والنقل، وجعلوا من
(1) المعتزلة أخطأوا في التأصيل، ثم أخطأوا أبعد من ذلك في التطبيق، أما القواعد الصحيحة المطبقة في موضعها الصحيح فلا اعتراض عليها.
هذا التوفيق قاعدة كلية منضبطة، وألزموا كل أحد بالرد إليها، والتحاكم إليها (1).
(1) مثال ذلك صفة (اليد):
فإن المعتزلة طبقوا ما أسلفنا أعلاه ابتداء من فصل القرآن عن السنة حيث ورد النص النبوي صريحًا في مثل حديث: (كتب التوراة بيده). انظر كتاب التوحيد لابن خزيمة ((1) /126)، ومرورًا بفصل الآية عن المنهج، فإن آية {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:(64)] جزءٌ من منهج الإيمان بصفات الله الكلي القطعي، وهم قطعوا النظر عن هذا المنهج بالكلية.
ثم اجتزاء اللغة كما في قولهم: إن اليد في اللغة تأتي بمعنى النعمة والقدرة. ثم الرد إلى المعنى المتشابه أو قواعد البلاغة مثل قولهم: إن قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: (29)] مجازٌ؛ لأن المراد الإنفاق، فكذلك قوله:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ، وتجاهلوا أن الآية المتعلقة بالإنسان لا تتفي أن يكون للإنسان يد، بل لفظة (اليد) فيها حقيقية، وإن كان المعنى الكلي للآية يتعلق بالإنفاق.
فكذلك اليدان في قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} هي صفةٌ حقيقيةٌ لله، مع أن المعنى الكلي للآية في الإنفاق.
ثم التسعف في تطبيق اللغة نفسها، فإن التثنية في قوله:{بَلْ يَدَاهُ} ، وقوله:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: (75)] لا تحتمل المجاز - أي القول بأنها النعمة أو القدرة - لأن المصدر لا يثنى.
ولهذا قال الإمام الدارمي: إن اليهود أثبتوا يدين مغلولتين، والله تعالى أثبت يدين مبسوطتين، فجاء المعطلة (من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة) فقالوا: ليس له يدان أصلًا.
وقل مثل ذلك في قولهم: إن القرآن مخلوق، ثم استدلالهم بكلمة (جعل) في قوله:{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: (3)].
ومثله نفيهم للاستواء، واستدلالهم بالبيت السائب:
قد استوى بشر على العراق
…
من غير سيف أو دم مهراق
واستدلالهم على نفي الرؤية بأنهم وفّقوا بين القواطع العقلية وين قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] ونحوها. وهكذا في كل الصفات ..
وقد أدى هذا بطبيعة الحال إلى إسقاط قيمة النصوص جملة، وهي نتيجة يشترك فيها الأشاعرة معهم، لكن (الوسطية الأشعرية) لم تصل إلى هذه النتيجة مباشرة، بل بواسطة تقرير قاعدتين خطيرتين هما:
(1)
- عدم إفادة النصوص لليقين. (وهو موضوعنا هنا).
(2)
- التأويل. (وهذاالموضوع التالي لهذا).
فأما عدم إفادة النصوص لليقين؛ فإنه يرجع في الأصل إلى تحديد مجال الوحي واختصاصه حسب القسمة المنطقية للمطالب - أي موارد الأدلة -، وهي كما قال صاحب (المواقف):
«ثلاثة:
أحدها: ما يمكن؛ أي لا ما لا يمتنع عقلًا إثباته ولا نفيه، نحو جلوس غراب الآن على منارة الإسكندرية (عبارة الرازي في الأساس: على جبل قاف) فهذا لا يمكن إثباته إلا بالنقل.
الثاني: ما يتوقف عليه النقل، مثل وجود الصانع، ونبوة محمد، فهذا لا يثبت إلا بالعقل؛ إذ لو ثبت بالنقل لزم الدور (1).
(1) مع مراجعة ما سبق تقريره في فصل (أول واجب على المكلف) لاحظ هنا كيف جعل مجال الوحي هو القضايا المجردة كالغراب، بينا جعل وجود الله وصحة النبوة متوقفة على العقل وجوبًا، وإلا لزم الدور، ولزوم الدور عند أساتذتهم الحكماء كفرٌ أكبر.
الثالث: ما عداهما (أي ما يمكن إثباته بالعقل، ولا يتوقف عليه النقل) نحو الحدوث
…
».
ومعنى هذا التقسيم بجلاء: هو أن نصيب الوحي لا يعدو القضايا المجردة التي يتخلى عنها العقل - لا تفضلًا منه، ولكن - لأنها مما لا يترتب على ثبوته وانتفائه شيءٌ، ويستحيل العلم عنها من طريقه كما في مثال الخراب، ولكنهم لا يقفون عند هذا الحد - من حصر دائرة الوحي -؛ بل يتعدونه إلى البحث في مدى إفادة نصوص الوحي، أهي توصل إلى اليقين في هذه الدائرة، كما توصل الأدلة العقلية إليه في مجالها، أم أن غاية ما تفيده هو الظن؟.
يقول المؤلف نفسه بعد ذكر الأقسام الثلاثة المنقولة آنفًا: «الدلائل النقلية هل تفيد اليقين؟. قيل: لا؛ لتوقفه على العلم بالوضع والإرادة.
والأول (العلم بالوضع) إنما يثبت بنقل اللغة والنحو والصرف، وأصولها تثبت برواية الآحاد، وفروعها بالأقيسة، وكلامها ظنيان (1).
والثاني (الإرادة) يتوقف على عدم النقل والاشتراك، والمجاز والإضمار، والتخصيص والتقديم والتأخير، والكل لجوازه بانتفائه، بل غايته الظن» (2).
(1) ما رأي أساتذة اللغة العربية الأفاضل في هذا الكلام؟!.
(2)
لأن المخبر عن الغراب - كما في مثاله - مع إيماننا بصدقه وسلامة بصره قد يكون في أصل وضع لغته تسمية الأسد غرابًا، وقد يكون هو أراد الأسد وعبَّر عنه بالغراب مجازًا، ولذلك فكلامه لا يفيد اليقين، وهكذا عندهم نصوص الوحي؛ لا سيما آيات وأحاديث الصفات.
ومن مفهوم كلامه قد يَرِد عليهم هذا السؤال:
إذا استطعنا أن نصل إلى ما نقطع به في العلم بالوضع والإرادة - وهذا على سبيل الافتراض منا، أما بحسب كلامه فمن أين لنا بالقطع - فهل تفيدنا النصوص اليقين؟.
فجوابهم: كلا. فإن القاضي (العقل) ما يزال ينتظر دوره، وما سبق إنما هو تحقيق مع المتهم.
وهذا الكلام تلخيص للقانون الكلي السابق، فلا حاجة للتعليق عليه، فلنتابع كلامه:«لكن عدم المعارض العقلي غير يقيني؛ إذ الغاية عدم الوجدان، وهو لا يفيد القطع بعدم الوجود» .
أي حسب المثال السابق: إنه مع كون القاضي (العقل) لا يملك دليلًا على إدانة المتهم (النص)، فهو لا يحكم ببراءته؛ إذ ربما ظهر له ولو بعد سنين صدق التهمة.
وعليه؛ فالنتيجة النهائية هي بنص قوله: «فقد تحقق أن دلالتها
(أي نصوص الوحي) تتوقف على أمورٍ ظنيةٍ، فتكون ظنيةً؛ لأن الفرع لا يزيد على الأصل في القوة».
وعلى هذا الحكم إذن هو (السجن إلى أجل غير مسمى، إن لم نقل السجن المؤبد) أي إيقاف العمل بالنصوص في العقيدة إلى أجل غير مسمى، بل إلى الأبد؛ لأن العقيدة مبناها على اليقين والقطع، ودلالة النصوص ستبقى ظنيةً إلى الأبد؛ لأنه علق الأمر على العلم بعدم الوجود، لا على عدم الوجدان، والعلم بعدم الوجود مستحيلٌ، والتعليق على المستحيل إبطالٌ للقضية من أصلها.
ولكن الرجل لم يستقر على هذا بل قال: «والحق أنها قد تفيد اليقين بقرائن مشاهدة أو متواترة تدل على انتفاء الاحتمالات، فإنا نعلم استعمال لفظ الأرض والسماء ونحوهما في زمن الرسول في معانيها التي تراد منها الآن، والتشكيك فيه سفسطة» .
فالحمد لله على أن القوم لا يزال لديهم خير، وأنهم إذا وجدوا في كلام الله ورسوله كلمة أرض أو سماء عرفوا أنها هي هذه الأرض والسماء!!.
على أنه لم يدع فرحتنا بهذا تتم، بل استدرك قائلًا:«نعم في إفادتها اليقين في العقليات نظرٌ؛ لأنه مبنيٌّ على أنه هل يحصل بمجردها الجزم بعدم العارض العقلي؟ وهل للقرينة مدخل في ذلك؟ وهما مما لا يمكن الجزم بأحد طرفيه» (1).
(1) المواقف (ص39 - 40). وقد ناقشه الشيخ المعلمي في التنكيل (2/ 329 - 333)، وللعلم فإن مؤلفه عضد الدين الإيجي (680 - 756هـ) كان معاصرًا لشيخ الإسلام وابن القيم، وكتابه هذا هو المقرر في كلية أصول الدين بالأزهر وغيرها.
وهكذا أعادنا مرةً أخرى إلى احتمال وجون معارض عقلي، وما علينا إلا التسليم!!.
ولنأت بمثالٍ من كلامه تطبيقًا لما قرر وأصَّل.
يقول في الموقف الخامس (الإلهيات): «المرصد الثاني في تنزهيه: وهي الصفات السلبية، وفيه مقاصد:
المقصد الأول: أنه تعالى ليس في جهة، ولا في مكان. وخالف فيه المشبهة، وخصصوه بجهة الفوق
…
».
ثم قال: «واحتج الخصم بوجوه: (وذكر أربعة عقلية ثم قال):
«الخامس: الاستدلال بالظواهر الموهمة للتجسيم من الآيات والأحاديث نحو: قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]. {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: (22)]. {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} [فصلت: (38)]. {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]. {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: (4)]. {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَاتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210]. {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [الملك: 16].
{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى 8 فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى 9} [النجم: 8 - 9]. وحديث النزول، وقوله عليه السلام للجارية الخرساء (1):(أين الله؟)
(1) ليس في الرواية الصحيحة الثابتة عند مسلم أنها خرساء، وهؤلاء يصرون على أنها خرساء؛ لأن دلالة الإشارة أضعف من دلالة اللفظ. انظر الشامل (ص 545).
فأشارت إلى السماء فقرر، فالسؤال والتقرير يشعران بالجهة.
والجواب: أنها ظواهر ظنية لا تعارض اليقينيات.
ومهما تعارض دليلان وجب العمل بهما ما أمكن، فتؤول الظواهر إما إجمالًا، ويفوض تفصيلها إلى الله، كما هو رأي من يقف على (إلا الله)، وعليه أكثر السلف (1) كما روي عن أحمد (كذا): الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة، والبحث عنها بدعة (كذا).
وأما تفصيلًا كما هو رأي طائفة، فتقول: الاستواء: الاستيلاء، نحو: قد استوى عمرو (كذا! والمعروف: بشر) على العراق، والعندية بمعنى الاصطفاء والإكرام، كما يقال: فلان قريبٌ من الملك، {وَجَاءَ رَبُّكَ}: أتى أمره، و {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} أي: يرتضيه، فإن الكلم عَرَضٌ يمتنع عليه الانتقال، و {مَنْ فِي السَّمَاءِ} أي: حكمه، أو سلطانه، أو مَلَكٌ مُوكَلٌ بالعذاب.
وعليه فقس
…
» (2).
ولن نقف الآن عند ما في هذا الكلام من جهل، وتحريف، وتأويل،
(1) من الأخطاء الكبرى التي درج عليها الأشاعرة (من الجويني، وربما قبله إلى الصابوني وغاوجي): اعتبارهم مذهب السلف هو التفويض، ولمعرفة الحقيقة راجع رسالة (علاقة التفويض والإثبات) للزميل رضا نعسان معطي.
(2)
المواقف (ص (272) - (273)). وهو في الحقيفة منقول عن الرازي، انظر الأربعين (ص (423) - (426))، وأصول الدين للرازي أيضًا (ص (23) - (24)).
وتعطيل؛ بل نكتفي بالمقصد الأصلي، وهو دلالة النصوص وإفادتها اليقين:
فهذه عشرة أدلة نصية - منها ثمان آيات، وحديثان صحيحان - يوردها جميعًا ثم ينسفها كلها بعبارةٍ واحدةٍ فقط:«أنها ظواهر ظنية لا تعارض اليقينيات» !!.
نعوذ بالله من الجرأة على الله ورسوله (1).
(1) ولا يقولن أحدٌ: إن هذا رأيٌ فرديٌّ، وصاحب المواقف غير معصوم. وهي كلمة مكررة، تقال دائمًا للتنصل من الحقائق، فقد صرح شارح المواقف الجرجاني في شرح هذا الكلام:«إن القول بأن الأدلة النقلية لا تفيد اليقين هو مذهب المعتزلة وجمهور الأشاعرة» . فهذا مذهب الجمهور الذي استقر عليه المذهب، أما أبو الحسن نفسه وبعض المتقدمين منهم فلا يظن ذلك بهم. راجع التنكيل (2/ 329 - 333)، وقد نقلنا كلام الجويني والرازي، وستأتي الصورة مكتملة في المباحث الآتية.
تنبيه: قوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} الذي دنا هو جبريل عليه اسلام، كما هو ظاهر سياق الآية، وبدليل قوله:{وَلَقَدْ رَأَىهُ نَزْلَةً أُخْرَى} . وانظر تفسير ابن كثير (7/ 419).