المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إسقاط قيمة النصوص في مجال العقيدة - منهج الأشاعرة في العقيدة - الكبير

[سفر الحوالي]

الفصل: ‌إسقاط قيمة النصوص في مجال العقيدة

‌إسقاط قيمة النصوص في مجال العقيدة

بناءً على ما تقرر تأصيله فيما سبق جعل منهج الأشاعرة رد النصوص جملة، والاكتفاء بالعقل المزعوم أصلًا منهجيًّا في الاعتقاد والتأليف، وأسقطوا قيمة النصوص لا من جهة عدم اعتقاد ما دلت عليه فحسب، بل من جهة عدم اعتبارها مجالًا للبحث والاستدلال والنظر، فما فائدة البحث والنظر عندهم فيما لا يفيد اليقين ولا يورث إلا الظن، وما يترتب على حصول العلم منه شروط دونها خرط القتاد، ودخول الجمل في سَمِّ الخِيَاط؟!.

وما جدوى الخوض في تلك الظواهر الظنية من حيث إن الأصول العقلية المنضبطة قائمةٌ مقررةٌ، ودلالتها يقينية قاطعة؟!.

على هذا المنهج ساروا في مصنفاتهم في العقيدة، فإنك تقرأ الواحد منها وتتصفحه عمدًا بحثًا عن آية، وتنقيبًا عن حديث، فلا تجد في المائتين من الصفحات لا آيةً ولا حديثًا، وإن وجدته فإنما جاء به في معرض سرد النصوص الظنية الواجبة التأويل، أو ذكره ضمن أقوال خصومهم (الحشوية!!)، أو أورده - وهذا أقلها - على سبيل التبعية والاستئناس!!.

وإن شئت الأمثلة فانظر: (الشامل) و (الإرشاد) للجويني، و (غاية المرام) وأصله (أبكار الأفهام) للآمدي، و (أساس التقديس) وسائر مؤلفات الرازي الكلامية، و (المواقف) وشروحه وحواشيها، و (المقاصد) وشروحها وحواشيها، و (الذسفية) وشروحها وحواشيها، و (العضدية)

ص: 103

وشروحها وحواشيها، و (السنوسية) وشروحها وحواشيها.

إلى آخر ما يعلمه المطلع دونما حاجة إلى ذكر مثال!.

وليس هذا منهم خطأ في التطبيق، بل هو عين المنهج، كما صرَّح به الجويني والرازي وغيرهما، يقول الرازي ضمن القانون الكلي الذي سبق إيراده:«ثم إن جوَّزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل» .

فالاشتغال بالنصوص - أي بردِّها وصرفها عن حقيقتها، لا بإثباتها واعتقاد ما فيها - مسألة تبرعٍ وتنفّل، والتبرع أيضًا معلقٌ بالقول بجواز التأويل، والأصل عدم القول به؛ لأن القواطع العقلية كافيةٌ في الردِّ، كما قرر في نص قانونه.

ويقول الجويني: «إن ما يصح في الصحاح من الآحاد لا يلزم تأويله إلا أن نخوض فيه مسامحين، فإنه إنما بجب تأويل ما لو كان نصًّا لأوجب العلم» (1).

ويعقد ابن فورك فصلًا ختاميًّا لكتابه (مشكل الحديث) عنوانه: «فصل في الكلام على من قال: إن ما روينا من هذه الأخبار، وذكرنا في أمثال هذه السنة والآثار مما لا يجب الاشتغال بتأويله وتخريجه ..» (2).

وأقرَّ هذا، لكن بَرَّرَ عمله وكأنه يعتذر عنه، فالاشتغال بالنصوص عندهم خاصٌّ بتأويل المتواتر، أما الصحيح من الآحاد فما لنا وله،

(1) الشامل (ص561).

(2)

(ص267). وانظر أيضًا قوله: «إنها أخبار آحاد لا توجب العلم» (ص269).

ص: 104

فالأصل هو عدم إضاعة الوقت فيما لا جدوى من الخوض فيه، أما أخذها بدون تأويل سواء متواترةً أو آحادًا، فأمرٌ ما خطر بالبال!.

ولقد ترتب على هذا ما ترتب؛ الجهل الفاضح المتعمّد بالسنة النبوية روايةً ودرايةً، والجهل كذلك بكتاب الله، فإن الجويني وهو الملقب عندهم بإمام الحرمين، وهو من أساطين الشافعية الأشاعرة قد ألف كتابًا كبيرًا في الفقه الشافعي هو (نهاية المطلب في دراسة المذهب) لم يذكر فيه حديثًا واحدًا معزوًّا إلى صحيح البخاري، إلا أنه ذكر حديثًا واحدًا في البسملة، وعزاه للبخاري وليس فيه (1).

والغزالي يعترف لتلميذه أبي بكر بن العربي أن بضاعته في الحديث مزجاة على أن ما في كتابه (إحياء علوم الدين) من الموضوعات والأباطيل يغنينا عن كل اعتراف (2)، فما بالك بمن جاء بعدهم من أصحاب الحواشي الجافة الميتة؟.

وتظهر المفارقة أعظم وأعظم حين تجد هؤلاء القوم يضيعون الأعمار ويؤلفون المجلدات الضخام في الاشتغال بمقالات الفلاسفة من وثنيي اليونان، ومشركي الصابئة ويسمونهم (الحكماء)، ويجهدون أنفسهم وقرَّاءهم في أقوالهم أخذًّا وردًّا وموافقةً ومناقشةً، ثم هم مع

(1) انظر التسعينية (ص251). ولهذا لا يعتد الشافعية بآرائه الفقهية، فكيف يقلدونه في العقيدة؟!.

(2)

انظر الرد على المنطقيين (ص (482))، وأراء أبي بكر بن العربي الكلامية (1/ 113).

ص: 105

هذا كله يجعلون الاشتغال بما صح نقله عن المعصوم صلى الله عليه وسلم لا يعدو هذه المنزلة؟.

أما عن قضية التفريق بين المتواتر والآحاد، فالحق الذي لا مرية فيه أنهم تحت هذا الستار طعنوا في السنة النبوية كلها، وطعنوا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجملة عدالةً وضبطًا.

وهنا عند الحديث عن هذه القضية الكبرى أجدني مرغمًا لنقل كلام الأشاعرة إرغامًا، وهو في الحقيقة مما يتألم المرء من قراءته، فضلًا عن نقله، ولقد كنا نصبّ جام غضبنا على المستشرقين بسبب موقفهم من هذا الموضوع، فلما ظهر أبو رَيَّة عرفنا أن في صفوفنا من هو أخطر منهم، ثم ظهر الدكتور حسن الترابي (1)، فاستعذنا بالله وقلنا رأيٌ شاذٌّ، فلما قرأنا هذا الكلام ونحوه لأشاعرة معاصرين (2)، ثم وجدناه في كلام الرازي والجويني؛ أيقنَّا أننا أمام مدرسة فكرية، واتجاه مرسوم، وليست شذوذات فردية.

يقول صاحب (أساس التقديس) بعنوان: (كلام كلي في أخبار الآحاد): «أما التمسك بخبر الواحد في معرفة الله تعالى فغير جائزٍ، يدل عليه وجوه:

(1) انظر مجلة المجتمع، العدد ((573)) سنة (1402هـ)، مقالة له بعنوان: الفكر الإسلامي بين القديم والجديد. تجد بعض كلام الرازي هنا بنصه، فمصدرهما واحد، أو هو نقل عن نقل، والله أعلم. ومثله ما كتبه محمد حسن هيتو في جملة المجتمع أكثر من مرة.

(2)

انظر كتاب: جولات في الفقهين الكبير والأكبر.

ص: 106

الأول: أن أخبار الآحاد مظنونة، فلم يجز التمسك بها في معرفة الله تعالى وصفاته.

وإنما قلنا: إنها مظنونة، وذلك لأنا أجمعنا على أن الرواة ليسوا معصومين.

وكيف والروافض لما اتفقوا على عصمة علي رضي الله عنه وحده، فهؤلاء المحدّثون كفَّروهم (؟!)، فإذا كان القول بعصمة علي - كرم الله وجهه - يوجب تكفير القائلين بعصمة علي، فكيف يمكنهم عصمة هؤلاء الرواة؟.

وإذا لم يكونوا معصومين كان الخطأ عليهم جائزًا، فحينئذ لا يكون صدقهم معلومًا، بل مظنونًا، فثبت أن خبر الواحد مظنون، فوجب أن لا يجوز التمسك به؛ لقوله تعالى:{إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: (36)]. ولقوله تعالى في صفة الكفار: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [الأنعام: 116]. ولقوله: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: (36)]. ولقوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 169]. فترك العمل بهذه العمومات في فروع الشريعة؛ لأن المطلوب فيها الظن، فوجب أن يبقى في مسائل الأصول على هذا الأصل.

والعجب من الحشوية أنهم يقولون: الاشتغال بتأويل الآيات المتشابهة غير جائز؛ لأن تعيين ذلك التأويل مظنونٌ، والقول بالظن في القرآن لا يجوز، ثم إنهم يتكلمون في ذات الله تعالى وصفاته بأخبار الآحاد، مع أنها في غاية البعد من القطع واليقين، وإذا لم يجوّزوا تفسير

ص: 107

ألفاظ القرآن بالطريق المظنون، فلأن يمتنعوا عن الكلام في ذات الحق تعالى وفي صفاته بمجرد الروايات الضعيفة أولى (!!!!).

الثاني: أن أجل طبقات الرواة قدرًا، وأعلاهم منصبًا الصحابة رضي الله عنهم، ثم إنا نعلم أن روايتهم لا تفيد القطع واليقين (؟!!!!). والدليل عليه أن هؤلاء المحدثين رووا عنهم أن كل واحد منهم طعن في الآخر، ونسبه إلى ما لا ينبغي (؟!!!!).

أليس من المشهور أن عمر طعن في خالد بن الوليد، وأن ابن مسعود وأبا ذر كانا يبالغان في الطعن في عثمان، ونقل عن عائشة رضي الله عنها أنها بالغت في الطعن في عثمان.

أليس أن عمر قال في عثمان: إنه يحلف بأقاربه (؟). وقال في طلحة والزبير أشياء أخر تجري هذا المجرى؟.

أليس أن عليًّا - كرم الله وجهه - سمع أبا هريرة يومًا أنه كان يقول: أخبرني خليلي أبو القاسم .. فقال له علي: متى كان خليلك؟.

أليس أن عمر رضي الله عنه نهى أبا هريرة عن كثرة الرواية؟.

أليس أن ابن عباس رضي الله عنه طعن في خبر أبي سعيد في الهرق (1)، وطعن في خبر أبي هريرة في غسل اليدين، وقال كيف يصنع طهرًا منا (؟).

أليس أن أبا هريرة رضي الله عنه لما روى: (من أصبح جنبًا فلا صوم له) طعنوا فيه؟.

(1) كذا في الأصل!، ونحوها كثير، ولعلها:(الهرة) مما قد يعزى للنساخ، أو لجهل الرجل بالسنة، كما تبين لي من كثرة مطالعة كتبه.

ص: 108

أليس أن ابن عمر لما روى: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) طعنت عائشة فيه بقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: (164)]؟.

أليس أنهم طعنوا في خبر فاطمة بنت قيس وقالوا: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا بخبر امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت.

أليس أن عمر طالب أبا موسى الأشعري في خبر الاستئذان بالشاهد وغلظ الأمر عليه؟.

أليس أن عليًّا كان يستحلف الرواة؟.

أليس أن عليًّا قال لعمر في بعض الوقائع: إن قاربوك (؟) فقد غَشُّوك؟.

واعلم أنك إذا طالعت كتب الحديث وجدت من هذا الباب ما لا يعد ولا يحصى (!!).

إذا ثبت هذا فنقول: الطاعن إن صدق فقد توجه الطعن على المطعون، وإن كذب فقد توجه على الطاعن، فكيف كان فتوجه الطعن لازم (!!!).

إلا أنا قلنا: إن الله تعالى أثنى على الصحابة رضي الله عنهم في القرآن على سبيل العموم، وذلك يفيد ظن الصدق (؟!!!)، فلهذا الترجُّح قبلنا روايتهم في فروع الشريعة، أما الكلام في ذات الله تعالى وصفاته فكيف يمكن بناؤه على هذه الرواية الضعيفة (؟!!!).

الثالث: وهو أنه اشتهر فيما بين الأمة أن جماعة من الملاحدة وضعوا أخبارًا منكرة، واحتالوا في ترويجها على المحدثين،

ص: 109

والمحدثون لسلامة قلوبهم ما عرفوها، بل قبلوها (!!!).

وأي منكرٍ فوق وصف الله تعالى بما يقدح في الإلهية، ويبطل الربوبية (1)؟.

فوجب القطع في أمثال هذه الأخبار بأنها موضوعة.

وأما البخاري والقشيري (مسلم) فهما ما كانا عالمين بالغيوب (؟!)، بل اجتهدا واحتاطا بمقدار طاقتهما، فأما اعتقاد أنهما علما جميع الأصول الواقعة في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم إلى زماننا (؟!) فذلك لا يقوله عاقل.

غاية ما في الباب: أنا نحسن الظن بهما وبالذين رويا عنهم، إلا أنا إذا شاهدنا خبرًا مشتملًا على منكر لا يمكن إسناده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، قطعنا بأنه من أوضاع الملاحدة، ومن ترويجاتهم على أولئك المحدثين (!!!!).

الرابع: أن هؤلاء المحدثين يجرحون الروايات بأقل العلل (2): (أنه كان مائلًا إلى حب عليّ فكان رافضيًّا فلا تقبل روايته)، و (كان معبد الجهني يقول بالقدر فلا تقبل روايته)، فما كان فيهم عاقل يقول: إنه وصف الله تعالى بما يبطل إلهيته وربوبيته فلا تقبل روايته (؟!!!)(3)، إن هذا من العجائب.

(1) يعني أحاديث علو الله ونزوله؛ لأنها هي موضوع كتابه وأبوابه السابقة.

(2)

هنا على ما يظهر سَقْطٌ في الأصل تسده كلمة (مثل).

(3)

مراده أن مجرد رواية حديث في العلو أو النزول كافٍ في رده؛ لتعارضه مع ألوهية الله، وإلا فالمحدثون ليس فيهم عاقل!!!.

ص: 110

الخامس: أن الرواة الذين سمعوا هذه الأخبار من الرسول صلى الله عليه وسلم ما كتبوها عن لفظ الرسول، بل سمعوا شيئًا في مجلس، ثم إنهم رووا تلك الأشياء بعد عشرين سنة أو أكثر، ومن سمع شيئًا في مجلس مرةً واحدةً، ثم رواه بعد العشرين والثلاثين لا يمكنه رواية تلك الألفاظ بأعبائها (1)، وهذا كالمعلوم بالضرورة، وإذا كان الأمر كذلك كان القطع حاصلًا بأن شيئًا من هذه الألفاظ ليس من ألفاظ الرسول عليه السلام، بل ليس ذلك إلا من ألفاظ الراوي (!!!!).

وكيف يقطع أن هذا الراوي سمع ما جرى في ذلك المجلس؟ فإن من سمع كلامًا في مجلس واحد، ثم إنه ما كتبه وما كرر عليه كل يوم، بل ذكره بعد عشرين سنة أو ثلاثين، فالظاهر أنه في منه شيئًا كثيرًا، أو تشوش عليه نظم الكلام وترتيبه وتركيبه، ومع هذا الاحتمال فكيف يمكن التمسك به في معرفة ذات الله تعالى وصفاته؟.

واعلم أن هذا الباب كثير الكلام، وأن القدر الذي أوردناه كافٍ في بيان أنه لا يجوز التمسك في أصل الدين بخبر الآحاد. والله أعلم» (2).

(1) كذا! والصحيح (بأعيانها). ولعله من الناسخ أو الطابع.

(2)

أساس التقديس (ص82 - 168)، وانظر: الشامل للجويني (ص557 - 558).

ونحن نحيل هذا الكلام إلى المشتغلين بالسنة والحديث من الأشاعرة المعاصرين، ونريد أن نسمع رأيهم فيه، أما أهل السنة والجماعة فقد عقد البخاري رحمه الله كتابًا من صحيحه بعنوان (كتاب أخبار الآحاد)، وأسهب ابن القيم في الصواعق المرسلة في إبطال هذا اللغو ونسفه، ومنه اختصر الشيخ الألباني رسالته المفيدة في ذلك، وكذا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله =

ص: 111

= في مذكرة أصول الفقه.

وبخصوص كلام الرازي هذا نقول بإيجاز شديد: إنه احتوى على مغالطات واضحة لا تخفى على من درس مبادئ علم المصطلح، وعرف طرفًا من فنون الرواية، وكلامه هذا أشبه بهذيان الرافضة والمستشرقين، على أننا ننبه إلى بعض أخطائه؛ فمنها:

(1)

- أخطاء اصطلاحية. فهو لم يدرك مفهوم كلمتي (الظن) و (الكذب) في الاصطلاح ويفرق بينهما وبين استعمالهما اللغوي

(2)

- لم يدرك الفرق بين عصمة الأمة في مجموعها أن تكذب على نبيها، وكون لا أحد بمفرده معصوم.

(3)

- لم يفرق بين تخطئة إنسان أو نقده على فعل عمله وبين نسبته إلى الكذب، بل هذا تدليس منه، فإن ما ذكره من طعن بعض الصحابة في بعض إن صح ليس هو في مقام التصديق والتكذيب في الرواية!!.

(4)

- لم يفرق بين زيادة التثبت من خبر الصادق وبين تكذيبه.

(5)

- أنه لو أخطأ أحدٌ في تكذيب أحد لا يلزم تكذيب المخطئ، وإلا سقط كلام رجال الجرح والتعديل جميعهم.

(6)

- أنه لم يفرق بين المتواتر والآحاد، فمع أن كلامه عن الأخير فقد نسب الصحابة كلهم إلى الضعف وعدم اليقين، وهذا ينطبق على نقلهم للمتواتر من القرآن.

(7)

- سؤال نوجهه للرازي ولسائر الأشاعرة: كيف وصلكم كلام أرسطو القطعي الدلالة والثبوت عندكم، وهو المنقول من وراء القرون المتطاولة والترجمات المتعاورة؟ وكيف وصلكم البيت الذي بنى الرازي عليه أساس تقديسه:

قد استوى بشر على العراق؟.

الحق أنه بعد هذا الكلام لم يعد غريبًا أن يعظم الفخر عند نصير الكفر الطوسي وسائر الروافض وعند التتار، فإن مثل هذا الكلام أحلى عند جنكيز خان =

ص: 112

ولقائلٍ أن يقول: حسبك! فليس بعد هذا الكلام من مقال، وماذا عسى أن يأتي أحدٌ في الإسلام بأشنع منه، وهو من المنتسبين له.

ونقول: كلا، فالرازي - مع جرأته الفظة على الصحابة - من المعتدلين في المسألة، ولهذا تجد أكثر الأشاعرة المعاصرين يقولون بنحو كلامه لما فيه من الاعتدال، (حرصًا منهم على جمع الصف ووحدة الكلمة!). وإلا فلديهم من هو أصرح منه في بيان حقيقة منهج المذهب، وموقفه من النصوص.

لقد جاء بعده من نص بصراحة على أنه لا يجوز التمسك بالأدلة النقلية في العقليات جميعها؛ كأبواب الصفات، والقدر، والحسن والقبح

الخ، ولا يجوز التمسك بها في السمعيات؛ كالحوض، والجنة والنار إلا بشرط عدم معارضتها للعقل، سواءً أكانت متواترةً أم آحادًا.

فالمسألة هنا لها منطلق واعتبار آخر.

وعلى هذا نص أصحاب الحواشي على (العضدية) و (المواقف) و (المقاصد)(1)، وهو الذي عليه ظاهر صنيع العضد الإيجي في (المواقف)، وقد نقلناه من قبل.

= وهولاكو والطوسي وابن العلقمي من الشهد، وربما لأجله قتلوا الملايين من المسلمين، إلا أولاد الرازي فقد حملوهم معززين مكرمين إلى جنكيز خان.

(1)

ننبه إلى أن صاحب (المقاصد) ماتريدي المنهج، ولكن الفوارق بن الأشعرية والماتريدية محدودة، ولا سيما أن أكثرها في قضايا عقلية بدعية لا تهم الباحث الذي لا شأن له بما خرج عن منهج السلف من خلافات بدعية.

ص: 113

ثم لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل جاء إمامهم في القرن التاسع وما يليه السنوسي، فقال: في (شرح أم البراهين): «أصول الكفر ستة:

(1)

- الإيجاب الذاتي.

(2)

- والتحسين العقلي.

(3)

- والتقليد الرديء.

4 -

والربط المعادي.

(5)

- والجهل المركب.

(6)

- والتمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير عرضها على البراهين العقلية والقواطع الشرعية».

ثم قال في الشرح: «والتمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب وسنة من غير بصيرة في العقل هو أصل ضلالة الحشوية، فقالوا بالتشبيه والتجسيم والجهة، عملًا بظاهر قوله تعالى: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: (5)]، {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: (16)]، {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: (75)]، ونحو ذلك» (1).

وتبعه الصاوي في تعليقه على الجلالين فقال: «

الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر» (2).

(1) شرح أم البراهين (ص317 - 318)، مع حاشية الدسوقي عليها، وكذا شرح أم البراهين (ص81) طبعة سنة (1353هـ)، وسيأتي شرح بعض الستة عما قليل.

(2)

(3/ 9) طبعة الحلبي، وأوله كلامه:«ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة، ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية، فالخارج عن المذاهب الأربعة ضال مضل، وربما أداه ذلك للكفر، لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر» . وقارنه بما في (جولات في الفقهين الكبير والأكبر).

ص: 114

ويقول السنوسي في شرح الكبرى: «وأما من زعم أن الطريق بدءًا إلى معرفة الحق الكتاب والسنة، ويحرم ما سواهما. فالرد عليه أن حجتيهما لا تعرف إلا بالنظر العقلي، وأيضًا فقد وقعت فيهما ظواهر من اعتقدها على ظاهرها كفر عند جماعة وابتدع» .

وقال شارحها: «قوله: (ظواهر) أي: قضايا دالة بحسب الظاهر على عقائد فاسدة، نحو:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10]

» (1).

هذا الكلام نسوقه لطائفتين:

الأولى: الذين يقولون من أهل السنة: إن الأشاعرة هم من أهل السنة والجماعة (2).

الثانية: الأشاعرة الذين يقولون: إن أتباع منهج السلف يكفرونهم، ولم يأتوا بنصٍّ واحد عمن يعتبر قوله قديمًا أو حديثًا.

وربما كان مصدر هذه التهمة إحساس الأشاعرة في أنفسهم بخطورة ما يقولون واستلزامه للكفر إذا قيس بمنهج الوحي، وبما يكفرون هم به مخالفيهم، فسارعوا إلى الاتهام الموهوم، وألصقوه بمن يمثل منهج السلف، ثم دافعوا في الخيال.

أما نحن فنقول: هذه نصوصكم بين أيديكم .. وليتكم اكتفيتم

(1) شرح الكبرى (ص (82)) من المطبوع مع حواشي الحامدي.

(2)

أي بالمعنى الأخص، لا بمعنى ما يقابل الشيعة.

ص: 115

بتكفير أشخاص أهل السنة، ولكنكم عمدتم إلى الأصل نفسه، فقلتم:«إن الأخذ من الكتاب والسنة أصل الكفر وسببه» . وهذا أعظم وأطم.

وهنا لا بد لنا من وقفة حول تكفير الأشاعرة لأهل السنة والجماعة في عقائدهم، على ألَّا يبعدنا ذلك عن أصل موضوعنا، وهو إسقاط قيمة النصوص عندهم، فإن الترابط بينهما واضحٌ؛ لأنهم لم يكفروا أحدًا بسبب التزامه بنص إلا وقد أهدروا قيمة النص، بل جعلوه علة الكفر!.

إنه بمراجعة أصول الكفر الستة التي ذكرها السنوسي آنفًا لا يكون أهل السنة والجماعة كفارًا بالأخير منها - وهو التمسك بظواهر النصوص - فحسب، بل بمعظمها:

فأهل السنة والجماعة يقولون بالتحسين العقلي (مع مخالفتهم للمعتزلة في أن العقل يوجب شيئًا أو يحرمه) وهم يقولون بما هو أظهر وأعظم لكل ذي عقل وهو الربط العادي، وموقف الأشاعرة في هذه القضية عجيب حقًّا، ولكن أعجب منه أن يكفروا من خالفهم فيه.

فها هو ذا السنوسي ينقل عن ابن دهان في (شرح الإرشاد) ما يلي: «النوع الثاني من أنواع الشرك: ما أضيف من أفعال بعض إلى بعض، من أن النار تحرق، والطعام يشبع، والثوب يستر

إلى غير ذلك من ربط المعتادات حتى ظنوها واجبة، وتلك ضلالة تبع الفيلسوفي فيها كثير من عامة المسلمين.

قلتُ (أي السنوسي): بل وكثير من المتفقهين المشتغلين بما لا يعنيهم من العلوم، وعن مراشدهم عمين.

ص: 116

قال: وهم فيها على اعتقادات؛ فمن قال: بطبعها تفعل. فلا خلاف في كفره، ومن قال: بقوة جعلها الله فيها كان مبتدعًا، وقد اختلف الناس في كفره» (1).

وقال عن ذلك في (شرح أم البراهين): إنه «بدعةٌ شنيعةٌ في أصول الدين، وشركٌ عظيمٌ) (2).

وقال صاحب منظومة (الخريدة البهية):

ومن يقل بالطبع أوبالعلةِ فذاك كفر عند أهل الملةِ

ومن يقل بالقوة المودعةِ فذاك بدعي فلا تلتفتِ (3)

فإذا كان الأشاعرة يطلقون الشرك أو البدعة على من قال: (إن النار تحرق، والطعام يشبع، والثوب يستر) مع قوله: إن الله أودع فيها، أو جعلها علةً لذلك، أو خلقها كذلك، وهو خالق الأسباب والمسببات.

فلماذا يغضبون إذا قيل: إن عبادة القبور والتوسل بالأموات شركٌ. ويقولون: هذا من غلو الوهابية، ويلصقون بهم تهمة تكفير المسلمين.

وأما التقليد الرديء الذي هو أصل من أصول الكفر عندهم، فإنهم يعممون مدلوله حتى يشمل كل من لم يؤمن بالله على الطريقة التي رتبوها وقرروها، فيعدّونه مقلدًا. وقد سبق بحثه (4). فعوام أهل السنة،

(1) شرح الكبرى مع الحواشي (ص184).

(2)

شرح أم البراهين (ص81).

(3)

انظر مجموع أمهات المتون، والمنظومة للدردير.

(4)

في موضع (أول واجب على المكلف).

ص: 117

بل وعلماؤهم داخلون فيه (1).

والحق أن مسألة التكفير عند الأشاعرة من المسائل المهمة والمحيرة معًا، وليست هذه الأصول الستة هي وحدها مصادر الحكم على المرء بالكفر عندهم، لكن ليس هذا هو العجيب وحده، إنما العجب الذي لا ينقضي: هو تساهلهم الشديد جدًّا فى قضيتي الإيمان والتوحيد، وغلوهم المفرط في التكفير بهذه القضايا!!.

ونحن نختار - للتمثيل - صفةً واحدةً من الصفات، ونرى بِمَ حكم الأشاعرة على مثبتيها:

وقد آثرت اختيار صفة (العلو)؛ لأنها من أعظم وأشهر الصفات التي يؤمن بها بنو آدم أجمعون - إلا من شذ - من المِلِّيِّين والوثنِّيين، حتى أعند الطواغيت مثل فرعون (2)، وستالين (3)، وفطرت عليها جميع النفوس حتى نفوس البهائم.

أما النصوص من الوحي فهي - كما نقل ابن القيم - تقارب الألوف، وما هو ببعيد.

فما حكم من يقول بإثباتها عند الأشاعرة؟

(1) السنة (1/ 128) الطبعة القديمة.

(2)

{يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر: 36 - 37].

(3)

فإنه لما صعد أول رائد فضاء، وهو الروسي (جاجارين) أرغمه أن يقول: صعدت في السماء وبحثت عن الله فلم أجده!.

ص: 118

يقول إمامهم أبو بكر الباقلاني ضمن ما قال عنها: «قال أبو عثمان (المغربي): كنت أعتقد شيئًا من حديث الجهة، فلما قدمت بغداد وزال ذلك عن قلبي (1)، فكتبت إلى أصحابنا: إني قد أسلمت جديدًا.

وقال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: من زعم أن الله تعالى في شيءٍ، أو من شيءٍ، أو على شيءٍ، فقد أشرك؛ لأنه لو كان على شيءٍ لكان محمولًا، ولو كان في شيءٍ لكان محصورًا، ولو كان شيئًا لكان محدثًا، والله تعالى عن جميع ذلك» (2).

ويقول الجويني ضمن كلام له طويل في نفي العلو: «ومن ينتمي إلى الحق من الأئمة ومخلصي الأمة يعترف بتقديس الرب عن الجهات والمقابلات، وليس هذا مما يسع جهله؛ إذ الترخيص في جهل ذلك يتداعى إلى جملة العقائد، ومن أبدى في ذلك ريبًا فليس منا ولسنا منهم ..

والآيات المشتملة على إنزال القرآن تجري هذا المجرى (أي مجرى تأويل حديث النزول)، وليس المراد بإنزاله نقله من موضع إلى موضع، هذا ما صار إليه أهل التحصيل، ولا اكتراث بقول الجهلة الحشوية في اعتقادهم أن الكلام ينتقل من جهة إلى جهة

(1) انظر كيف كان على الفطرة حتى علمه المبتدعة بدعتهم. اللهم إلا إذا كان على شيء من التشبيه، فتحول إلى بدعة أخرى.

(2)

الإنصاف (ص (42))، ومثل هذا لانحسبه يصح عن من في مثل منزلة جعفر، بل هو كلام متفلسف.

ص: 119

وأقرب الناس إلى التزام الكفر الصراح من جوَّز على الرب الانتقال» (1).

أي من تمسك بظاهر حديث النزول (2).

ويقول الرازي: «الفصل الثالث: في أن من يثبت كونه تعالى جسمًا (3) متحيزًا مختصًّا بجهة معينة، هل يحكم بكفره، أم لا؟ للعلماء فيه قولان:

أحدهما: أنه كافر، وهو الأظهر، وهذا لأن من مذهبنا أن كل شيء يكون مختصًّا بجهة حيز فإنه مخلوقٌ محدَثٌ، وله إلهٌ أحدَثه وخَلَقه.

وأما القائلون بالجسمية والجهة الذين أنكروا وجود موجود آخر سوى هذه الأشياء التي يمكن الإشارة إليها، فهم منكرون لذات الموجود الذي يعتقد أنه هو الإله، فإذا كانوا منكرين لذاته كانوا كفارًا لا محالة.

وهذا بخلاف المعتزلة فإنهم يثبتون موجودًا وراء هذه الأشياء التي يشار إليها بالحسِّ، إلا أنهم يخالفوننا في صفات ذلك الوجود، والمجسمة يخالفوننا في إثبات ذات المعبود ووجوده، فكان هذا

(1) الشامل (ص551، 558).

(2)

لأنهم من منطلق التشبيه يعطلون، فلما تصوروا أن النزول كنزول المخلوقين اعتبروه انتقالًا.

(3)

لفظ (الجسم) لم يرد في الكتاب والسنة، فليس هو من الألفاظ السلفية، ولكن الأشاعرة من أجهل الناس بمعتقد السلف ألفاظًا ومعاني، ومثله (التحيز)، أما الجهة فلا يريد بها السلف الحصر، بل هو تعالى عالٍ على كل شيء، وفوق كل خلوقاته، محيط بها جميعًا.

ص: 120

الخلاف أعظم، فيلزمهم الكفر لكونهم منكرين لذات المعبود الحق ولوجوده، والمعتزلة في صفته لا في ذاته (1).

والقول الثاني: أنا لا نكفّرهم؛ لأن معرفة التنزيه لو كانت شرطًا لصحة الإيمان لوجب على الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يحكم بإيمان أحد إلا بعد أن يتفحص أن ذلك الإنسان هل عرف الله بصفة التنزيه أو لا، وحيث حكم بإيمان الخلق من غير هذا التفحص (2)، علمنا أن ذلك ليس شرطًا للإيمان» (3).

وقال شارح (الجوهرة): «واعلم أن معتقد الجهة لا يكفر، كما قاله العز بن عبد السلام، وقيده النووي بكونه من العامة، وابن أبي جمرة بعسر فهم نفيها، وفصَّل بعضهم فقال: إن اعتقد جهة العلو لم يكفر؛ لأن جهة العلو فيها شرفٌ ورفعةٌ في الجملة (4)،

وإن اعتقد جهة السفل كفر» (5).

(1) مع ما في هذا الكلام من مغالطة وجرأة على التكفير، انظر إلى تفضيله مذهب المعتزلة على مذهب السلف الذين يسميهم (المجسمة)، وتصريحه بأن الخلاف بين مذهبه هو وأصحابه الأشاعرة وبين مذهب السلف أعظم مما بينهم وبين المعتزلة.

(2)

بل قد تفحص النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن على عكس ما قرر الرازي، فقد فحص الجارية قايلًا: أين الله؟ فقالت: في السماء. فحكم بأنها مؤمنة؛ لإثباتها العلو، فلو أنكرته كالرازي وأصحابه لتغير الحكم.

(3)

أساس التقديس (ص196 - 197).

(4)

انظر إلى المكابرة، فهم يعترفون أن إنكار العلو عسير الفهم؛ لمصادمته للفطرة والعقل، ويعترفون أن إثبات العلو شرف ورفعة، ولا يؤمنون بذلك مع تواتر النصوص به.

ثم أيها أعسر فهمًا، وأبعد عن الشرف، بل عن مجرد التصور: إثبات علو الله تعالى، أم القول بأنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا عن يمينه ولا شماله، ولا فوقه ولا تحته، ولا وراءه ولا أمامه؟!!.

(5)

شرح الباجوري على الجوهرة (ص86 - 87).

ص: 121

وأما الخمراوي فرجح قولًا واحدًا اختاره فقال: «واعتقاد الفوقية فسقٌ، وغيرها كفر» (1).

فانظر إلى هذا الأخير الذي هو أخف أقوالهم في المسألة، وطبِّقه على الصحابة رضي الله عنهم الذين كانوا يعتقدون - قطعًا - أن الله في السماء، كما في حديث الجارية وغيره!!.

فما بالك بكلام الباقلاني والرازي الذي لو طبَّقه أحدٌ عليهم لكانوا - عياذًا بالله - كفارًا مشركين، ودعك من مسألة اللوازم هذه، ومسألة الجرأة على التكفير، وانظر إلى أصل القضية كلها، وهو أن الالتزام بالنصوص أصلٌ للكفر، مستوجبٌ له، مفضٍ إليه، وتلك هي الطامة.

وأخيرًا؛ قد يقال: إن هذا كلام الأشاعرة السالفين، أما في هذا العصر وقد تنورت العقول، وتلاقحت الأفكار، واحتاجت الأمة إلى وحدة الصف وجمع الشمل، فلا يظن بالأشاعرة - لا سيما المنتسبين منهم للعمل الإسلامي - أن يقولوا شيئًا من هذا!.

وحتى لا نطيل بكلام المعاصرين ننقل نصًّا واحدًا عن أحد

(1) حاشية الخمراوي على إرشاد المريد (ص83)، وهو في المتن والشرح.

ص: 122