المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عرض الرواية على رواية أصح منها: - منهجية التأليف في السيرة عند ابن كثير

[عبد الرحمن السنيدي]

الفصل: ‌عرض الرواية على رواية أصح منها:

صلى الله عليه وسلم وهديه فيما يأمر به وينهى عنه ويخبر عنه ويدعو إليه، ويحبه ويكرهه ويشرعه للأمة، بحيث كأنه مخالط للرسول صلى الله عليه وسلم كواحد من أصحابه (1) .

على أي حال جاء نقد ابن كثير للمتن ـ كما سيتضح لاحقاً ـ في ضوء القواعد الموضوعة في هذا الباب، تلك القواعد التي جاءت حصيلة جهة تراكم عبر السنين والعصور، وفي السطور الآتية نأتي على أبرز المعايير التي سلكها ابن كثير وهو ينقد متون مروياته في مجال السيرة النبوية.

(1) نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول، تحقيق حسن السماحي سويدان، ص:12.

ص: 41

‌عرض الرواية على رواية أصح منها:

ثمة روايات انتقدها ابن كثير مشيراً إلى معارضتها ما هو أصح منها كرواية ابن إسحاق في إسلام أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، قال ابن كثير ـ بعد أن نقد الرواية من جهة الإسناد ـ: عارضه ما هو أصح منه وهو ما رواه البخاري رحمه الله، ثم ساق روايته وفيها حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب (2) ، ثم أورد روايات أخرى معارضة لمضمون رواية ابن إسحاق من الصحيحين ومسند الإمام أحمد ومسند البزار وسنن الترمذي ومغازي يونس بن بكير (3) .

(2) 4/309.

(3)

4/310-311.

ص: 41

كذلك راجع ابن كثير رواية ابن إسحاق وفيها أن أبا موسى الأشعري ممن هاجر من مكة إلى الحبشة، وما ورد في المسند عن الإمام أحمد من أن أبا موسى كان من المهاجرين إلى الحبشة من مكة وكذلك رواية أبي نعيم والبيهقي في الدلائل، وفيها عن أبي موسى:"أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق مع جعفر بن أبي طالب على أرض النجاشي". وهي مروية بإسناد صحيح، وقارن تلك الروايات برواية البخاري ومسلم في هجرة أبي موسى الأشعري وفيها أنهم بلغهم مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم باليمن فخرجوا مهاجرين في بضعة وخمسين رجلاً في سفينة فألقتهم السفينة إلى النجاشي.

ونقل ابن كثير عن البيهقي قوله: "ولعل الراوي قد وهم في قوله أمرنا رسول الله أن ننطلق.. والله أعلم"(1) .

وقد رد ابن كثير روايات لابن إسحاق وموسى بن عقبة، معارضاً إياها براويات صاحبي الصحيح مثل رواية ابن إسحاق في وقت نزول سورة "الضحى"(2) ، وقول موسى بن عقبة، عن جميع من استشهد يوم أحد من المهاجرين والأنصار أنهم تسعة وأربعون رجلاً.

حيث عقَّب على ذلك بقوله: "ثبت في الحديث الصحيح عند البخاري عن البراء أنهم قتلوا من المسلمين سبعين رجلاً"(3) .

(1) 4/174-176-177.

(2)

4/41.

(3)

5/445.

ص: 42