الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إمام
من أمَّ؛ ومعناها فى الأصل الرئيس وخاصة الدليل الذى يقود القافلة. وهى ترادف الحادى، ومنها كل شخص أو شئ يتخذ دليلا أو قدوة، مثال ذلك إمام الغلام فى المكتب، وهو ما يتعلم كل يوم، (لسان العرب: جـ 14، ص 291). وترد فى القرآن بمعنى المثل والدليل والقدوة والمشابه (سورة البقرة، الآية 118؛ سورة الحجر، الآية 79؛ سورة الفرقان، الآية 74؛ سورة يَس الآية 12). ومنذ ظهور الإسلام تطلق هذه الكلمة على الرجل الذى يصلى بالناس. وكان الإمام أول الأمر هو النبى [صلى الله عليه وسلم] أو من ينيبه عنه فى غيبته. وبعد وفاته حل محله فى الإمامة الخلفاء أو عمّالهم، وأصبحت الإمامة فى الصلاة إحدى المهام الأساسية للحاكم. وإسناد السلطة إلى عمال الأقاليم يظهر فى صورة واضحة
للجميع عند ما يؤم نائب الخليفة الناس فى الصلاة. ويخلع فقهاء المسلمين لقب الإمام على رأس الجماعة الإسلامية وهو زعيم الأمة فى الدين والدنيا، ويسمى عادة بالخليفة لأنه يخلف النبى. والإمام يتزعم المسلمين فى أمور الدين وبيده أزمّة الجماعة التى يرأسها، ويطلق على هذا المنصب "الإمامة الكبرى" تمييزاً له عن "الإمامة الصغرى" وهى وظيفة من يؤم الناس فى الصلاة. ويجب أن يُختار الإمام،
وقد طبق هذا على الأقل مع الخلفاء الراشذين وعند الخوارج. ويجب أن تتوافر الصفات الآتية فى الذين يختارون الخليفة:
1 -
العدالة الجامعة لشروطها.
2 -
العلم الذى يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها.
3 -
الرأى والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو أصلح للإمامة، وبتدبير المصالح أقوم وأعرف. وليس لأهل الاختيار الذين يعيشون فى بلد الحاكم امتياز شرعى ما، ولكنهم فى الواقع -كما جرت التقاليد- يقومون بالاختيار عن بقية الأمصار، وعلى كافة الأمصار أن تقر هذا الاختيار.
وأمّا أهل الإمامة فيجب أن تتوافر فيهم الشروط الآتية:
1 -
العدالة على
شروطها الجامعة. 2 - العلم المؤدى إلى الاجتهاد فى النوازل والأحكام. 3 - سلامة اللسان. 4 - سلامة الحواس من السمع والبصر وسلامة الأعضاء من نقص يمنع عن استيفاء الحركة وسرعة النهوض. 5 - الرأى المفضى إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح. 6 - الشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو. 7 - النسب، وهو أن يكون من قريش وتنعقد له الإمامة بالبيعة.
ويضيف الشيعة إلى هذا أن الإمام يجب أن يكون من بيت النبى [صلى الله عليه وسلم]، وعلى هذا فاختيار الإمام محصور فى ذرية علىّ وفاطمة. وهم يذهبون إلى أن علياً قد نصب إماماً بنص أعلن عند غدير خُمّ، والإمامة وراثية فى ذريته، وينحصر الاختيار فيمن يبايع منهم بالإمامة. وهى مسألة أثارت الخصومات فى بيت النبى. وهناك من الفرق من أخرجت ذرية الحسن من ميدان الاختيار وقالت بحق ذرية الحسين وحده فى الإمامة لتزوجه من إحدى بنات يزدجرد الثالث آخر ملوك الساسانيين، وهم يقولون بعصمة الإمام وأتم سلسلة للأئمة هى الاثنا عشرية.
ويرى الزيدية أن النصوص المؤدية لإمامة علىّ لا تشير إلى شخصه مباشرة، وإنما تشير إلى صفاته المميزة له كإمام، وهم على ذلك يقولون إنه من المحتمل أن نقع فى الخطأ عند تحديد صفات الإمام، وإن الأمة لها شرعاً أن تختار الشيخين "أبا بكر وعمر" ولكن علياً أحق بالإمامة وقد فضل الأولان وإن يكن علىّ أحق منهما. وليس للإمام حق تعيين خلفه إلا أن الإماميّة يرون أن الإمام يجب أن يعرف خلفه وأن يعينه. ويذهب الغلاة إلى تأليه الإمام (ابن خلدون: المقدمة طبعة كاترمير Quatremere، جـ 1، ص 355 وما بعدها، ترجمة ده سلان، جـ 1، ص 400 وما بعدها، وانظر أيضاً مادة "الزيدية").
ولكل مسجد إمام، وقد يكون للمسجد الجامع أكثر من إمام واحد، ويكون الإمام من عمال المدينة أحياناً، وعليه أن يرعى الأخلاق، وأن يحافظ على الأمن فى الحى الذى مسجده فيه، وكان له فى الدولة العثمانية حق إعطاء
شهادات "علم الخبر" فى النقل العقارى والحكم فى المسائل المدنية وغيرها.
وللتخلص من اللبس بين مدلولى كلمة "إمام" يطلق الفرس على الذى يصلى بالناس لفظ "بيش نماز" وهى ترجمة حرفية للكلمة العربية "إمام".
ويطلق على كل واحد من واضعى المذاهب الأربعة فى الإسلام لقب "الإمام". أضف إلى ذلك أن أبا حنيفة كان يعرف بين تلاميذه بالإمام الأعظم. ويطلق هذا اللقب كذلك على سوق بالقرب من بغداد كان اسمه أول الأمر "الرصافة" وهو المكان الذى دفن فيه أبو حنيفة (Cl. Huart: ،Hist. de. Baghdad ص 14)، ثم أصبح لفظ إمام يخلع على كل العلماء الذين وضعوا المذاهب المختلفة (1).
المصادر:
(1)
الماوردى: الأحكام السلطانية، طبعة إنكَر Enger ص 3 - 33، ترجمة Os- trorog جـ 1، ص 100 وما بعدها.
(2)
المسعودى: مروج الذهب، طبعة باريس، جـ 1، ص 70 وما بعده، جـ 6، ص 24 وما بعدها.
(3)
ابن خلدون: المقدمة، جـ 1، ص 342 وما بعدها ترجمة ده سلان، جـ 1، ص 384.
(4)
محمد صادق حسن خان: إكليل الكرامة فى تبيان مقاصد الإمامة، بهوبال سنة 1294 هـ.
(5)
of techn. Terms.Dict- كشاف اصطلاحات الفنون، طبعة شبرنكَر، جـ 1، ص 92.
(6)
Gesch. der herrsch: V. Kremer Ideen des Islams، ص 309 وما بعدها، 392 وما بعدها.
(7)
Development of: D.B. Macdonald Muslim Theology، انظر الفهرس.
(8)
Handb. des is-: Th. W. Juynboll Lam Gesetzes، ص 82 وما بعدها، 322 - 336.
(9)
Vorlesungen: Goldziher ص 82 وما بعدها، 280 وما بعدها.
[إيوار Cl. Huart]
(1) كلا، بل إن كلمة (الإمام) من الوجهة العلمية كانت تطلق على كل العلماء الذين يقتدى بهم فى الدين من المجتهدين، ومنهم الأئمة الأربعة وغيرهم، فلم تكن الكلمة خاصة بهم فى أول الأمر، وإنما خصصت أخيرا بعد شيوع تقليد الأربعة، وصار ذلك اصطلاحا خاصا عند بعض المتأخرين فقط.
أحمد محمد شاكر