المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الأمان إذا عاش غير المسلم فى أرض إسلامية فعلى أولى الأمر - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌ ‌الأمان إذا عاش غير المسلم فى أرض إسلامية فعلى أولى الأمر

‌الأمان

إذا عاش غير المسلم فى أرض إسلامية فعلى أولى الأمر من المسلمين حمايته سواء أكان ذمياً أو أمّنه مسلم. . والشريعة الإسلامية تفرض على كل مسلم -الرجل والمرأة، الحر والعبد- أن يؤمّن غير المسلم. وقد جاء فى الحديث:"ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم".

ويجوّز المالكية والحنابلة للقصّر أن يمنحوا الأمان ما داموا قد بلغوا التمييز.

المصادر:

(1)

شرح السرخسى لكتاب السير الكبير للشيبانى، فهرس المخطوطات العربية بليدن، رقم 373، وقة 55.

(2)

البغوى، مصابيح السنة، بولاق سنة 1294 هـ، جـ 2، ص 55 وما بعدها.

(3)

الشوكانى، نيل الأوطار، جـ 7، ص 232 - 234.

(4)

الماوردى، طبعة إنكر Enger، ص 85.

(5)

الشعرانى: الميزان الكبرى، القاهرة سنة 1279 هـ، حـ 3، ص 199.

(6)

Mischcat Al-: A.N.Matthews Masabih . جـ 2، ص 275 - 277.

(7)

Kresmarik فى Zeitschr. d. Deutsch ، Morgenl. Gesellsch ، جـ 58، ص 88.

(8)

Mohammed ed Jo-: A.J. Wensinck den to Medina، 87 - 89.

[جوينبول Th. W. Juynboll]

+ الأمان: السلامة، الحماية، صك الأمان، الملجأ: والمستأمِن؛ الشخص الذى حصل على أمان. والمصطلح لم يرد فى القرآن، وهو مأخوذ من سورة التوبة، الآية 6:"وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه"(وانظر أيضاً سورة النحل، الآية 112). وفى كتب محمد [صلى الله عليه وسلم] إلى القبائل العربية ورد أمان (أو أمانة) مرادفاً لعهد وذمة وجوار.

ونظام الأمان هو فى الحق امتداد لنظام عربى سابق على الإسلام هو الجوار الذى كان به الغريب المقصى من حيث المبدأ من جماعته الخاصة، يحصل على حماية حياته وممتلكاته من فرد من جماعة لا ينتمى

ص: 1170

إليها، ثم حماية الجماعة جملة (انظر Institutions du droit public Mu-: E. Tyan sulman، جـ 1، ص 60 وما بعدها) وهذا كله يرجع إلى آثار سامية (انظر فى العبرية "كير").

وقد أحل محمد [صلى الله عليه وسلم] محل الوحدة القبلية، الوحدة العقائدية، وقرر فى النظام المعروف بالعهد المدينى (السنة الأولى أو الثانية بعد الهجرة) أن ذمة الله واحدة وأن المؤمنين يجير عليهم أدناهم (ابن هشام، ص 342) ومثل هذه الأقوال نقلت عن النبى [صلى الله عليه وسلم] فى الأحاديث (Handbook: Wensinck، مادتا "ذمّة" و"جار").

ومستهل سورة التوبة الذى فيه الآية المذكورة آنفاً يكّون جزءاً يفصّل مدى عهود الأمان بين المؤمنين والمشركين (Le Coran: Blachere، الترجمة، جـ 2، ص 1076 (والكتب المتصلة بالدعوة من النبى [صلى الله عليه وسلم] والخلفاء الأولين وأمرائهم، سواء أكانت حقيقية أو غير حقيقية (انظر Documents sur la di-: M.Hamidullah plomatie Musulmane باريس سنة 1935 وبه مصادر) تكاد تقتصر فى عنايتها على منح الأمان الدائم، الذى يُكتسب إما باعتناق الإسلام، وإما بالخضوع السياسى للدولة الإسلامية، وثمة على الأقل شاهد على معاملات المسافرين الأجانب معاملة آمنة (ابن سعد جـ 1، قسم 2، ص 371). ولكن الأمان بمدلوله الاصطلاحى المتأخر لم يكن بعد يتميز عن الفكرة العامة للذمة، وحين تُوسع فى الشريعة الإسلامية كان هذا التمييز.

والأمان فى الشريعة الإسلامية هو المعاملة الآمنة، أو تعهد بأمان، به الحربى غير المسلم الذى فى دار حرب يصبح فى أمن بمقتضى أحكام الشرع على حياته وممتلكاته لمدة محدودة، وكل مسلم، رجلا أو امرأة، قد بلغ الرشد، وحتى العبد، وفقاً لمعظم المذاهب، فهو أهل لأن يعطى أماناً صحيحاً. لفرد أو لعدد محدود من الحربيين. والإمام وحده هو الأهل لأن يعطى أماناً لجماعات غير محدودة مثل سكان مدينة بأجمعها، أو صقع، أو للتجار كلهم. والأمان الذى يعطى على وجهه يكون شرعياً سواء كانت حال الحرب الأساسية قائمة بين المسلمين والجماعة التى إليها ينتمى الحربى

ص: 1171

المعنى، أو كانت أوقفت إلى حين باتفاق أو هدنة. ويمكن أن يعطى الأمان مشافهة بأى أسلوب أو بأية إشارة جلية. وللمستأمن الحق فى أن يذهب بما يملك إلى مأمنه حيث لا يتعرض لاعتداءات مباغتة من المسلمين حين ينقضى أجل أمانة (أو قبل هذا) أو عند آخر سنة قمرية (عند الشافعية أربعة أشهر) من حصوله عليه، ما لم يؤثر أن يبقى فى صقع إسلامى بين أهل الذمة. والسفراء السياسيون المعروفون، والذين يستطيعون إثبات ذواتهم، كانوا كذلك يستمتعون بالأمان تلقائياً. ولم يكن هذا حقاً للتجار أو لركاب سفينة غرقت. والمستأمن خلال مدة إقامته فى صقع إسلامى يكون بوجه عام أشبه بالذمى فى القانون المدنى. وفى قانون العقوبات فإن المذاهب الإسلامية تتفاوت لاختلافات كثيرة فى التفاصيل عن إخضاعه لحد العقوبات المطابق للذمى، أو عن جعله مسئولا مدنياً فحسب. وعلى أية حال فإن المستأمن إذا تصرف ضد مصلحة المسلمين، أو أساء التصرف كان للإمام أن ينهى أمانه ويبعده إلى حيث مأمنه. ومعاملات الأمان المشاكلة التى يعطيها الحربيون لمسلم فى صقعهم لا تسمى أماناً ولكن إذناً.

ومن حيث العمل فإن كتب الأمان للأفراد كانت مقررة منذ العهد الأخير للأمويين (104 - 108 هـ = 723 - 726 م) إلى ما بعد ذلك. وأقدم ما منح من أمان بمعناه الصحيح كان خاصا لجماعات بأكملها، لغرض السفر أو التجارة جاء مضمناً فى الكتب بين حكام مصر من المسلمين وبين النوبيين والبّجة، من 31 هـ (651 - 652 م) و 104 - 116 هـ (722 - 734 م) على الولاء وثمة مراسيم من العهد المتأخر فى القلقشندى، صبح الأعشى جـ 8، ص 321 (ملخصة فى Bei- Bjor kman trage Zur Geschichte der Staatskanzlei im islamischen Agypten هامبورغ سنة 1928، ص 170).

وقد ذكر القلقشندى أيضاً كتب أمان صادرة من أولياء أمر سياسيين مسلمين إلى مسلمين، وساق نماذج لاسيما عن المدة الأخيرة. وهذه كانت براءات محضة صادرة إلى العصاة. كانت فيها على التدقيق نوافل

(*) الهوامش تلى المقال.

ص: 1172

أو مجاوزة للشرع. ومع ذلك فإن هذه الكتب صدرت مراراً؛ والمؤرخون يسوقون أمثلة عديدة من هذا النوع من الأمان الذى كان ينقض فى بعض الأحيان دون مبالاة منذ العهد العباسى الأول إلى ما بعده. ومن ناحية أخرى فإن نظام الأمان لم يجعل فقط صلات سياسية (Deux episodes des: M. Canard relations diplomatiques arabebyzantines au Xe .siecle، فى B. Et. Or. جـ 13 ص 51 - 69) بل تجارة بين العالم الإسلامى والعالم المسيحى إلى منتصف القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى)، وكانت كتب الأمان تمنح فى اطراد إلى التجار والحجاج. ويظن أن الأمان فى العقيدة الإسلامية تطور عن أسس عربية قديمة وأسس إسلامية. ومنذ نهاية القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) إلى ما بعده، ومع التوسع التجارى عبر البحر المتوسط فإن نظام الأمان حلت محله من حيث العمل اتفاقات دولية بين الدولتين المسيحية والإسلامية منحت الأجانب أمناً أكثر وحقوقاً أكثر. وثمة تشابهات طبيعية فى التفاصيل. وحتى المصطلح "أمان" فإنه يستعمل أحياناً فى التراجم العربية للمعاهدات. وكان العلماء المسلمون حين يدعون ليفتوا فى مسائل تثيرها هذه التشابهات لايشغل بالهم إلا اصطلاح أمان (انظر An Un-: A.S. Atiya published XVI th Century Fatwa فى- Studi en Zur Geschichte und Kultur des Nohen und Fernen Ostens [P.Kahle Festschrift]، ليدن سنة 935، ص 55 - 68) ومع أن هذه المعاهدات التى كانت سبباً بآخرة فى الامتيازات الأجنبية لم تنشأ عن فكرة الإسلام فى الأمان، ولكنها تمثل صورة من المعاهدات التى ظهرت إلى حيز الوجود بين المدن التجارية فى إيطاليا والإمبراطورية البوزنطية والدول الصليبية.

المصادر:

مراجع: (1) أبو يوسف المتوفى سنة 182 هـ: كتاب الخراج، طبعة بولاق سنة 1302 هـ، والقاهرة سنة 1346 هـ؛ وترجمة E.Fagnan، باريس سنة 1921.

(2)

الكاتب نفسه: الرد على سير الأوزاعى (وهو دفاع عن أقوال أبى حنيفة المتوفى سنة 150 ضد أقوال الأوزاعى المتوفى سنة 157 هـ).

ص: 1173