المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في أقسام الغزلان التي هي من مستخرجات أزاد رحمه الله تعالى - نشوة السكران من صهباء تذكار الغزلان

[صديق حسن خان]

فهرس الكتاب

- ‌نشوة السكران

- ‌مقدمة في ذكر العشق واسمه وما جاء في حده ورسمه

- ‌مبحث في أسباب العشق وعلاماته

- ‌مبحث في مراتب العشق وأسمائه وصفاته

- ‌مبحث في العشق وذمه وترياقه وسمه

- ‌مبحث في أن العشق اضطراري أو اختياري

- ‌مبحث في ذكر الحسن والجمال

- ‌مبحث في ذكر الغزلان

- ‌مبحث في قسمة العشق مخاطباته

- ‌مبحث في أقسام النسوان وجلوة عدة من سرب الغزلان

- ‌مبحث في التقسيم باعتبار السن

- ‌فصل في أقسام الغزلان التي هي من مستخرجات أزاد رحمه الله تعالى

- ‌مبحث في ذكر من كلف وهو غير مكلف

- ‌فصل في أحوال العشاق

- ‌خاتمة

- ‌مطلق الحسن

- ‌الضفيرة

- ‌الجبهة

- ‌الحاجب

- ‌العين

- ‌الهدب

- ‌اللحظ

- ‌الكحل

- ‌الأنف

- ‌الفم

- ‌الشفة

- ‌المسي

- ‌الثغر

- ‌التبسم

- ‌اللسان

- ‌الحديث

- ‌الرضاب

- ‌الخد

- ‌العرق

- ‌الخال

- ‌الذقن

- ‌القرط

- ‌الجيد

- ‌الطوق

- ‌الثدي

- ‌الوشاح

- ‌القلب

- ‌الساعد

- ‌السوار

- ‌اليد

- ‌الظفر

- ‌الحناء

- ‌الخصر

- ‌السرة

- ‌ما تحت السرة

- ‌الردف

- ‌الساق

- ‌الرجل

- ‌الخلخال

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌فصل في أقسام الغزلان التي هي من مستخرجات أزاد رحمه الله تعالى

يا جارة ذهبت مني إلى رجل

أخذت حظك من عند الذي ظلما

فصمت حبل التقى والأمر متضح

أرى على صدرك التقصار منفصما

وقوله:

سفيرة سلمى بالحبيب تمنعت

أليس على هذا براهين قاطعه

فمن عرق مبلولة الجيب هذه

ومن تعب أنفاسها متتابعة

‌فصل في أقسام الغزلان التي هي من مستخرجات أزاد رحمه الله تعالى

الزائرة في الرؤيا: وهذا القسم كثير الوقوع في كلام العرب، مبارك الورد في رياض الأدب والشعراء أبدعوا فيه معاني تطرب الأرواح، وترقص الأشباح، كقول المعري:

سألت كم بين العقيق إلى الحمى

فعجبت من بعد المدى المتطاول

وعذرت طيفك في المزار لأنه

يسري فيمسي دوننا بمراحل

ص: 61

وقول علي بن الحسن الباخرزي، وفيه من المحسنات المعارضة:

عاتبت طيف الذي أهوى وقالت له

كيف اهتديت وجنح الليل مسدول

فقال: آنست نارا من جوانحكم

يضيء منها لدى السارين قنديل

فقلت: نار الجوى معنى وليس لها

نور يضيء فماذا القول مقبول

فقال: نسبتنا في الأمر واحدة

أنا الخيال ونار الشوق تخييل

النافرة عن الشيب: نفرة المعشوقة عن شيب العاشق موجودة في أشعار الأهاند، لكنهم ما جعلوا هذه النافرة قسما على حدة فأفرزها أزاد، وهي في كلام العرب كثيرة الوقوع، كقول بعضهم:

والشيب أعظم جرما عند غانية

من ابن ملجم عند الفاطميينا

وقول الغزي:

لا تطمعن بوصل خود أبصرت

سيف المشيب على الشباب مجردا

عذر الكواعب أنهن كواكب

لا يجتمعن مع الصباح إذا بدا

العائدة: هي التي تعود محبها المريض مرحمة، كقول أزاد:

عادت فتاة النقا إياي مرحمة

وكنت من كثرة الأمراض في ضيق

ص: 62

فذقت ماء عقيق كان ينفعني

من كل داء عضال بي على الريق

وقول الآخر:

تجمعن من شتى ثلاثا وأربعا

وواحدة حتى كملن ثمانية

يعدن مريضا هن هيجن داءه=ألا إنما بعض العوائد دائيا الغيري: هي التي تغار على المحب لاتخاذه الضرة، وما أظرف ما حكي أن بعض العرفاء سمع امرأة تقول لزوجها: إن ضربتني أو تركتني جائعة أو عطشة أو عارية كلها أقبل، ولا أقبل الضرة. فعرضت للعارف حالة، وتلا قوله تعالى:(إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)[النساء: 48 و 116] . وقول أزاد:

لما رأت ظبية الوعساء ضرتها

غدت تنازعها غيظا وتوجعها

قالت لها: لقمة هيأتها لفمي

أيقبل الطبع أن الغير يبلعها

الخائفة من الوشاة: كقول أبي مسعود المظفر بن إبراهيم الجرجاني:

دنوت إليها مستجيزا لعطفها

وما خلت أني شائم برق خلب

فلم يبدو غير إيماء أصبع

وإيماء لحظ خيفة المترقب

فآيسني من وصلها رجع طرفها

وأطمعني لي البنان المخضب

وقول أزاد:

هي ودعتني والعواذل حولها

ببنانها المخضوب لا بلسانها

فوجدت أي والله رقية نافث

وبيان قس في رؤوس بنانها

ص: 63

المصغية للوشاة: كقول بعضهم:

لقد نبت القضيب على كثيب

فأينع بالمساء وبالصباح

ومالت للوشاة ولا عجيب

لغصن أن يميل مع الرياح

وقول آزاد:

لله فاتنة شغلت بحبها

سلكت طريقة ظالم متعسف

كذب الوشاة علي واتفقوا على

إغضابها فتشنفت بالزخرف

المخلفة للوعد: وتدخل فيها الناقضة للعهد، لأنها مخلفة للوعد، كقول أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه:

ص: 64

دع ذكرهن فما لهن وفاء

ريح الصبا وعهودهن سواء

يكسرن قلبك ثم لا يجبرنه

وقلوبهن من الوفاء خلاء

وقول كثير عزة: قضى كل ذي دين فوفى غريمه=وعزة ممطول معنى غريمها قيل: قالت أم البنين أخت عمر بن عبد العزيز لعزة: ما ذاك الدين؟ قالت: وعدته قبلة فأخلفت، قالت أم البنين: أنجزيها وعلي إثمها!. وقوله:

وكنا عقدنا عقدة الوصل بيننا

فلما تواثقنا شددت وحلت

وكنا سلكنا في صعود من الهوى

فلما توافينا ثنت وزلت

وكانت بقطع الحبل بيني وبينها

كناذرة نذرا فأوفت وبرت

وقول الشيخ يحيى الخباز الحموي في الاعتذار عن مخلفة الوعد مورياً ومضمناً مصراع المعري:

ص: 65

لأن وعدت بالوصل سلمى وأخلفت

فسلها عسى العذر المبين يقوم

ولا تبدها باللوم قبل سؤاله

لعل لها عذراً وأنت تلوم

المودعة: كقول الراضي بالله محمد بن جعفر:

قالوا الرحيل فأنشبت أظفارها

في خدها وقد اعتلقن خضابا

فكأنها بأنامل من فضة

غرست بأرض بنفسج عنابا

وقول ابن الوردي:

ودعتني يوم الفراق وقالت

وهي تبكي من لوعة الافتراق

ما الذي أنت صانع بعد بعدي

قلت قولي هذا لمن هو باق

وقول شاعر:

قامت تودعني والدمع يغلبها

فجمجمت بعض ما قالت ولم تبن

مالت إلي وضمتني لترشفني

كما يميل نسيم الريح بالغصن

وأعرضت ثم قالت وهي باكية

يا ليت معرفتي إياك لم تكن

وقول شاعر:

ألمت فحيت ثم قامت فودعت

فلما تولت كادت النفس تزهق

وكان أستاذي الشيخ صدر الدين الدهلوي يتمثل بهذا البيت كثيراً، وأول ما قرع سمعي هذا البيت من لسانه، ثم وجدته في ديوان الحماسة.

الأعرابية: هي التي تنشأ وتتربى في البدو، كقول المتنبي:

ص: 66

هام الفؤاد بأعرابية سكنت

بيتاً من القلب لم تمدد له طنبا

مظلومة القد في تشبيهه غصناً

مظلومة الريق في تشبيهه ضربا

وقول عمر بن محمد السراج الوراق مورياً:

وبي من البدو كحلاء العيون غدت

في قومها كمهاة بين آساد

فلو بدت لحسان الحضر قمن لها

على الرؤوس وقلن الفضل للبادي

المرسلة: بكسر السين المهملة، هي التي ترسل الكتاب أو الرسالة إلى المحب، كقول بعضهم:

ولقد كتبت إليك لما جد بي

وجدي عليك وزادت الأشواق

وشكوت ما ألقاه من ألم النوى

فبكى اليراع ورقت الأوراق

وبعد ما شرح آزاد نبذة من أقسام الغزلان، وغرس عدة من نوادر الأغصان، نظم قصيدة غزلانية، وأتحف إلى الناظرين اليواقب الرمانية، أتى فيها بجميع تلك الأقسام واحداً بعد واحد، لا نذكرها في هذا الموضع تحاشياً عن الإعادة، ونظراً إلى قلة الإفادة.

ص: 67

مبحث في أقسام العشاق غفر الله لنا ولهم اعلم أن أدباء الهند قالوا في مصنفاتهم: إنا استخرجنا أقسام النساء، ويقاس عليها أقسام الرجال، وما بينوا أقسامهم إلا أربعة، سأذكر منها قسمين: المستفرد والمستكثر، ولا أذكر القسمين الآخرين لعدم الحسن في ذكرهما بالعربية. واستخرج آزاد للعشاق أقساماً على أسلوب العرب، بعضها مقابل لأقسام النساء، كأرق وفاطن وغيور وعائد، وأكثرها لا مقابلة فيها، وهذه الأقسام المستخرجة فذلكة، فمن شاء فليزد عليها، لأن الميدان وسيع، والبستان مريع، وكفاك في تنوع الأزواج حديث أم زرع، قال آزاد رحمه الله تعالى:

مراتب العشق والعشاق وافرة

وواقف دونها حصر المقادير

وبعد ما استخرج نبذة من الأقسام عن أشعار العرب، ظفر "بستان السلطان" لابن أبي حجلة، وهو كتاب يشتمل على أخبار العشاق، فرأى فيه أنه توارد عليه في بعض الأقسام، وتفرد عنه بعض آخر، لكن طريق بيانه من طريق الشيخ المذكور على مسافة بعيدة، ولعله رحمه الله لن يفز يوماً من الدهر" بديوان الصبابة" للشيخ شهاب الدين أحمد ابن أبي حجلة المغربي المذكور، وكذلك "بتزيين الأسواق بتفصيل أشواق العشاق" للشيخ داود الانطاكي،

ص: 68

فهما كتابان نفيسان في أحوال العشق والعشاق والمعاشيق وأقسامها وأنواعها، بحيث لا قسم ولا نوع من ذلك إلا وقد أتيا به فيهما، فكأنهما فتاوى هذا الفن، وقد من الله علي بهما، ووقفت عليهما، واستفدت منهما في هذه المقالة ما رأيته أحرى بالأخذ على سبيل الاختصار، فإن الطبع اللطيف يمل من الإكثار. والآن أبين ما ذكره آزاد من أقسام العشاق، وأهدي لذة جديدة إلى الأذواق: المستفرد: هو الذي لا ينكح إلا زوجة واحدة، ولا يلتفت إليها، وهذا الوصف محمود عن الأهاند للاكتفاء على أيسر شيء من الحظ النفساني، أما صاحب الشبق، فهو بالخيار، يتزوج النساء إلى حد يشاء. قال تعالى:(فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت إيمانكم ذلك أدنى ألا تعدلوا) وقال آزاد:

ما ود إلا مهاة من بني قثم

فما رأى غيرها في حالة الحلم

وقوله:

لله ذو وله أحب خريدة

في حبها خال عن التقصير

قد ود واحدة ولم ير غيرها

هو مشبه بسجنجل التصوير

ص: 69

وقال:

ما إن عشقت وراء بيضاء النقا

عيشي بها في كل فصل أخضر

نيطت بواحدة علاقة خاطري

ولقد تسلم شيمتي النيلوفر

المستكثر: هو الذي ينكح أزواجاً متعددة، ويسقم أن يسوي السلوك بينهن، وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقسم بين نسائه، ويقول:(اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني في ما تملك ولا أملك) . رواه الترمذي. وما أحسن قول راشد النجدي، وقد كتب به إلى من بلده:

فلا تغترر مني بظاهر رونق

وفي القلب ملهى بالرباب وزينا

ثم القسم تارة قولاً، كقول آزاد رحمه الله:

رامت أميمة مني بالحمى رطبا

والعالجية تبراً كان مختزنا

وغادة من جواري المنحنى عسلاً

فقلت خذن وقاكن الإله جنى

وتارة يكون فعلاً، كقول آزاد من شعر هندي:

رحم الإله متيماً متبصراً

لهج العدالة بينهن تخيرا

حاولن منه الورد في روض الحمى

فأمال جانبهن غصناً مزهراً

ص: 70

العفيف: هو الذي يعشق ولا يفتح على نفسه باب الفسق إن ظفر، ومن أعظم شواهده يوسف عليه السلام، وربما يبالغ رجل في العفة فيكتم العشق حتى يموت، كقول بعضهم:

نعم قد سمعنا أن من كتم الهوى

وعف إلى أن مات فهو شهيد

وقال شاعر:

وأكرم أخلاق يدل بها الفتى

عفاف مشوق حين يخلو بشائق

وحكي أن أعرابياً خلا بامرأة، فلما قعد منها مقعد الرجل من المرأة، قام عناه مسرعاً، فقالت: ولم؟ فقال: من باع جنة عرضها السموات والأرض بمقدار أصبع من بين فخذيك فهو قليل العلم بالمساحة. ومن أمثلته قول بشار:

لأخرجن من الدنيا وحبكم

بين الجوانح لم يعلم به أحد

وقول ابن هرمة:

ولرب لذة ليلة قد نلتها

وحرامها بحلالها مدفوع

وقول التهامي:

وهجرت رشف رضابهن لأنه

خمر ولست بذائق لمدام

وقول الصفي الحلي:

ولما أن خلا المغني وبتنا

عراة بالعفاف مؤزرين

قضينا الحج ضما واستلاما

ولم نشعر بما في المشعرين

ص: 71

وقول نفطويه:

كم قد ظفرت بمن أهوى فيمنعني

عنه الحياء وخوف الله والحذر

كذلك الحب لا إتيان معصية

لا خير في لذة من بعدها سقر

الطارق إليها في الليل المظلم: كقول المتنبي:

وقد طرقت فتاة الحي مرتدياً

بصاحب غير عزهاةٍ ولا غزل

فبات بين تراقينا ندفعه

وليس يعلم بالشكوى ولا القبل

ص: 72

ثم اغتدى وبه من ردعها أثر

على ذوائبه والجفن والخلل

وفي ذلك قول للأرجاني ابن خفاجة الأندلسي وغيرهما: الطارق إليها في الليل والمقمر: كقول آزاد

ولقد سريت إلى الأبيطح ليلة

فلقيت ثم خريدة معناقا

والبدر قال وقلبه متكدر

فلما رأى في الواصلين عناقا

هذا قريب عينه بجمالها

وأرى إذا اقترنت ذكاء محاقا

الفاطن: هو الذي يعمل نوعاً من الفطانة في معاملاته بالنسبة إلى محبوبته، وهو على نوعين: الفاطن قولاً، كقول لبن نباتة المصري:

وملولة في الحب لما أن رأت

أثر السقام بعظمى المنهاض

قالت تغيرنا فقلت لها نعم

أنا بالسقام وأنت بالإعراض

وقول القاضي منصور الهروي:

ومنتقب بالورد قبلت خده

وما لفؤادي من هواه خلاص

فأعرض عني مغضباً قلت لا تجر

وقبل فمي إن الجروح قصاص

والفاطن فعلاً: ومن شواهده قصة ذات النحيين، وهي امرأة من تيم الله بن ثعلبة، كانت تبيع السمن في الجاهلية، فأتاها خوات بن جبير الأنصاري، فساومها، فحلت نحياً مملوءاً، فقال لها: امسكيه

ص: 73

حتى أنظر إلى غيره، ثم فك النحي الآخر، وقال: امسكيه حتى أذوقه، فلما شغل يديها ساورها حتى قضى ما أراد وهرب، ثم أسلم وشهد بدراً، فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:"يا خوات! كيف كان شراؤك؟ " وتبسم صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! قد رزق الله الخير، وأعوذ بالله من الحور بعد الكور. ومنه المثل: أشغل من ذات النحيين. وقول بعضهم:

يجري النسيم على غلالة خده

وأرق منه يمر عليه

ناولته المرآة ينظر وجهه

فعكست فتنة ناظريه إليه

وقول آزاد:

مررت على سلمى فأخفيت خاتمي

وكدت رقيبا خوفتني صوارمه

وقفت أراعي حيلة للقائها

وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه

الواصل: كقول أبي الفرج محمد بن محمد الشلحي:

وكم ليلة زارت وقد لان أهلها

وسامح واشيها وغاب حسودها

فحلت بتضييق العناق عقودها

وحلى من در المدامع جيدها

وقول التهامي:

ألبستني سربال ضم ما له

إلا رؤوس نهودها إزار

ص: 74

أجني الثمار من الغصون فحبذا

تلك الغصون وحبذ الأثمار

المهجور: كقوله تعالى: (وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم)[يوسف: 84] .وقوله تعالى على لسان يعقوب: (إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله)[يوسف:86] . وقول قائل:

لئن نحن التقينا قبل موت

شفينا النفس من ألم العتاب

وإن ظفرت بنا أيدي المنايا

فكم من حسرة تحت التراب

وقول ابن قرناص الحموي:

إن الذين ترحلوا

نزلوا بعين ناظرة

أنزلتهم في مقلتي

فإذا هم بالساهرة

المودع: كقول التهامي:

باكرتنا بفراقهن فجأة

قبل العطاس وناعب الغربان

وسفحن للبين المدامع فالتقى

دران در مدامع وجمان

وقول آزاد:

ودعته وفؤادي أمس فاغتربا

وبعد مالي علم أينما ذهبا

وقوله:

أي القيا مات أشكو يوم فرقتهم

صوت الحدى وحنين الطائر الغرد

أو نغمة صدرت عن حلي مائسةٍ

أو قول قائلة فاصبر إلى أمد

ص: 75

وقوله، وهو معنى بديع:

سالت مدامعنا في يوم رحلتهم

وكاد قالبنا يخلو عن النفس

لما حدى السائق القاسي ركائبهم

أننت من خفقان القلب كالجرس

الساهر بالليل: كقول امرئ القيس:

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي

بصبح وما إلا صباح منك بأمثل

وقول علي بن محمد التهامي:

خليلي هل من رقدة استعيرها

أملي بأحلام الكرى أستزيدها

المبتلي بالعذول: كقوله تعالى: (وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتنها عن نفسه، قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين)[يوسف:30] . وقوله الأرجواني:

ص: 76

حبي بلومك يا عذول يزيد

فاستبق سهمك فالرمي بعيد

وقول آزاد:

يقول لي العذول دع التصابي

إلى إبليس تلميذ العذول

ضلال العاشقين هدى عظيم

فلا يعبأ بقولي أبي الفضول

المتأذي بالرقباء: كقول القاسم بن الحسين الخوارزمي:

بدت ورقيب خلفها من نسائها

فما أحسن الأولى وما أقبح الأخرى

وقول الصاحب إسماعيل بن عباد:

قال لي إن رقيبي

سيء الخلق فدراه

قلت دعني وجهك

الجنة خفت بالمكاره

وقول آزاد:

تركية سفكت دمي وهي التي

أسلافها أخنوا على المستعصم

حمراء صينت بالأسنة والظبا

حتم أذى الأشواك دون الحوجم

كيف العلاج ولا أنال لقائها

بالصلح أو بالحرب أو بالدرهم

المتأذي بالوشاة: وفي الحديث: "شرار عباد الله المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة". ومن أمثلته قول بعضهم:

بأبي حبيب زارني متنكرا

فبدا الوشاة له فولى معرضا

ص: 77

فكأنني وكأنه وكأنهم

أمل ونيل حال بينهما القضا

الشاكي من عينه: شكاية العاشق من عينه في الهندية أيضا كثيرة، لكن ما جعلوا هذا الشاكي نوعا مستقلا من أقسام العشاق، واستخرجه آزاد، وأدخله في أقسامهم، وهو نوع أحلى موقعا، كقول الأرجاني:

تمتعا يا مقلتي بنظرة

وأوردتما أشر الموارد

أعيني كفا عن فؤادي فإنه

من البغي سعي اثنين في قتل واحد

وقول آزاد:

ولولا العيون المغويات لمهجتي

لما عرفت نار الغرام فرقت

بكين مدى الأيام أيضا صبابة

ومن آذت الجار السليم تأذت

الشاكي من عينه: شكاية العاشق من عينه في الهندية أيضا كثيرة، لكن ما جعلوا هذا الشاكي نوعا مستقلا من أقسام العشاق، واستخرجه آزاد، وأدخله في أقسامهم، وهو نوع أحلى موقعا، كقول الأرجاني:

تمتعتما يامقلتي بنظرة

وأوردتما قلبي أشر الموارد

أعينيا كفا عن فؤادي فإنه

من البغي سعي إثنين في قتل واحد

وقول آزاد:

ولولا العيون المغويات لمهجتي

لما عرفت نار الغرام فرقت

بكين مدى الأيام أيضا صبابة

ومن آذت الجار السليم تأذت

الشاكي من جور الحبيب: كقول بديع الهمذاني:

هلم إلى نحيف الجسم مني

لتنظر كيف آثار النحاف

ولي جسد كواحدة المثاني

له كبد كثالثة الأثافي

وقول ابن العفيف:

يا ساكنا قلبي المعنى

وليس فيه سواك ثاني

لأي شيء كسرت قلبي

وما التقى فيه ساكنان

وفيه خليل أبداه الصفدي، وهو أن القلب ظرف لاجتماع الساكنين، كما هو القانون، إنما كسر ما اجتمع فيه.

ص: 78

وقول ابن أبي حجلة موريا:

يا سائلاً عن حالتي ما حال من

أمسى بعيد الدار فاقد إلفه

بي صيرفي لا يرق لحالتي

قد مت من جور الزمان وصرفه

الراضي عن جور الحبيب: كقول قائل:

تمنت سليمى أن نموت صبابة

وأهون شيء عندنا ما تمنت

وقول بعضهم:

إن كان يحلو لديك قتلي

فزد من الهجر في عذابي

عسى يطيل الوقوف بيني

وبينك الله في الحساب

وقول آزاد:

سقى الله طيرا قيدت في المصائد

وما نسيت عهد الحمى في الشدائد

وإن شئن يحرقن الحبائل بالجوى

ولكن رضا الصياد أعلى المقاصد

وقوله:

لا اشتكي والله من جفواتها

أنا طالب لذات لا لصفاتها

يا للعناية إن أتت بإساءة

يا للكرامة إن أرت حسناتها

يا صاح إن تذهب فأنت مخير

أنا قد نذرت المكث في عتباته

إن مت في سبل الغرام فهين

أبغي من المنان طول حياتها

ص: 79

الغيور: وفي الحديث ما روي عن المغيرة، قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله وآله وسلم، فقال:"أتعجبون من غيرة سعد! والله لأنا أغير منه، والله أغير مني". وخلاف هذا ما حكى الشيخ أثير الدين أبو حيان الغرناطي في تفسيره عند قوله تعالى: (يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك أنك كنت من الخاطئين)[يوسف:29] : "نقل عن العزيز صاحب مصر أنه كان قليل الغيرة". وقول الطائي:

أغار على القميص إذا علاه

مخافة أن يلامسه القميص

وقول المتنبي:

أغار من الزجاجة وهي تجري

على شفة الأمير أبي الحسين

قالوا: إن هذه الغيرة إنما تكون بين المحب والمحبوب، كما قال كشاجم:

أغار إذا دنت من فيه كأس

على در يقبله زجاج

فأما الأمراء والملوك فلا معنى للغيرة على شفاههم. وقول الأرجاني:

إذا هب النسيم بطيب نشر

طربت وقلت أهلا يا سول

سوى أني أغار لأن فيه

شذاك وأنه مثلي عليل

وقول الصفي الحلي:

يغار عليك قلبي من عياني

وأخفي ما أكابد من هواكا

ص: 80

مخافة أ، أشاور فيك قلبي

فيعلم أن طرفي قد رآكا

المغتبط: من الغبطة، ومضت أمثلتها في "غصن البان"، فيلتفت إلى ثم، وأذكر مثالا واحدا ههنا كيلا يكون المقام خاليا عن المثال مطلقا، وهو قول ابن عبد الظاهر علي بن محمد في معشوقه نسيم:

إن كانت العشاق من أشواقهم

جعلوا النسيم إلى الحبيب رسولا

فأنا الذي أتلوهم يا ليتني

كنت اتخذت مع الرسول سبيلا

العائد: هو الذي يعود حبيبته المريضة، روي أن كثيرا عاد عزة من مصر وهي مريضة بالعراق، فأنشأ يقول:

وعزة قالوا بالعراق مريضة

فأقبلت من مصر عليها أعودها

فوالله ما أدري إذا أنا زرتها

أأبرئها من دائها أم أزيدها

المترجي: هو الذي يترجى قدوم الحبيب الغائب، كقوله تعالى:(فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا)[يوسف:96] . وقول آزاد:

قد جاء من سبإ بشير الهدهد

وأفادني نبأ الغزال الأغيد

وقوله:

جعلت يد الهجران سود وجهه

أسحارنا في صبغة الآصال

ص: 81

قالوا سترجع ممن تحب مجيئها

نفسي الفداء لهذه الأقوال

المسؤول عن حاله: كقول محمد بن سليمان الشاب الظريف:

لا تخف ما فعلت بك الأشواق

واشرح هواك فكلنا عشاق

واصبر على هجر الحبيب فربما

عاد الوصال وللهوى أخلاق

وقول آزاد من قصيدة:

يا صاح أي سقام بات يضنيكا

وأي شيء وقاك الله يشفيك

يا حسرة الوقت ما لي بالرقى خبر

لو كنت أعلم هذا الفن أرقيكا

صواحب الحسن بالجرعاء وافرة

من التي بسهام العين ترميكا

تلقيك مائسة الأغصان في قلق

ورؤية الوردة الحمراء تشجيكا

المائل إلى أشباه الحبيب: حكي عن كثير عزة، قال: بينا أنا أسير في بعض الفلوات، إذا أنا برجل قد نصب حبالته، فقلت: ما حبسك ههنا؟ قال: أهلكني وأهلي الجوع، فنصبت حبالتي هذه لأصيب لهم شيئا ولنفسي ما يكفينا يومنا هذا. قلت: أرأيت إن

ص: 82

أقمت معك فأصبت صيدا، أتجعل لي منه جزاء؟ قال: نعم. فبينا نحن كذلك إذ وقعت ظبية في الحبالة، فخرجنا نبتدر، فسبقني إليها، فحلها وأطلقها، فقلت له: ما حملك على هذا؟ قال: دخلتني عليها رأفة لشبهها بليلى، وأنشأ يقول:

أيا شبه ليلى لا تراعي فإنني

لك اليوم من وحشية لصديق

أقول وقد أطلقتها من وثاقها

فأنت لليلى ما حييت طليق

وقول بعضهم:

ولقد ذكرتك والرماح نواهل

مني وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها

لمعت كبارق ثغرك المتبسم

وقول قائل:

ذكرت سليمى وحر الوغى

بقلبي كساعة فارقتها

وأبصرت بين القنا قدها

وقد ملن نحوي فعانقتها

المعظم لآثار الحبيب: كقول المتنبي:

فديناك من ربع وإن زدتنا كربا

فإنك كنت الشرق للشمس والغربا

وكيف عرفنا رسم من لم تدع لنا

فؤاد لعرفان الرسوم ولا لبا

ص: 83

نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة

لمن بان عنه أن نلم به ركبا

قال ابن بسام في "الذخيرة" أول من بكى الربيع واستبكى ووقف الملك الضليل امرؤ القيس حيث يقول:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

ثم جاء أبو الطيب المتنبي فنزل وترجل ومشى في آثار الديار، حيث يقول:

نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة

ثم جاء أبو العلاء المعري، فلم يقنع بهده الكرامة خشع وسجد، حيث يقول:

تحية كسرى في السناء وتبع

لربعك لا أرضى تحية أربع

وقول القطامي:

إنا محبوك فاسلم أيها الطلل

وإن بليت وإن طالت بك الطيل

وقول بعضهم:

تحية صوب المزن يقرأها الرعد

على منزل كانت تحل به هند

نأت فأعرناها القلوب صبابة

وعارية العشاق ليس لها رد

الباكي على الأطلال والآثار: اعلم أن شعراء العرب أكثروا من أغزالهم ذكر الأطلال والأماكن والبكاء عليها بعدما خلت عن الأحبة، وذكر الأشجار الصحرائية، كالأثل والضال والأراك والبان وغيرها، وذكر الجمل والحادي والسرى، وهذا الطريق مختص بهم ما هو في الفرس ولا في الأهاند، وكذا أكثروا ذكر الحمائم والنسائم والغمائم، وشعراء الفرس شاركوهم في الأولى والثانية،

ص: 84

وشعراء الهند في الثالثة، ولهؤلاء مكان الحمامة الكوكلاء. وقال طرفة وهو مطلع معلقته:

لخولة أطلال ببرقة ثهمد

تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

وقول بشار:

أبى طلل بالجزع أن يتكلما

وماذا عليه لو أجاب متيما

وقول المتنبي:

أثاف بها ما في الفؤاد من الصلى

ورسم كجسمي ناحل متهدم

وقول الأرجواني:

سلا رسوما أقامت بعدما ساروا

أعندها من أهيل الحي أخبار

وقول الشيخ عبد الرحيم البرعي:

بالأبلق الفرد أطلال قديمات

لآل هند عفتهن الغمامات

وملعب لعبت هوج الرياح به

كأنهم فيه ما ظلوا ولا باتوا

ص: 85

وقول الشيخ بهاء الدين العاملي:

قف بالطول وسلها أين سلماها

ورو من أدمع الأجفان جرعاها

صاحب حديث الورقاء والطرفاء وأمثالهما: كقول مهيار:

حمام اللوى رفقاً به فهو لبه

جوادا رهان نوحكن ونحبه

وقول ابن بابك: حمامة جرعا دومة الجندل اسجعي=فأنت بمرأى من سعاد ومسمع وفيه تتابع الإضافات، وقصر جرعاء تأنيث الأجرع للضرورة، كذا في (مطول التفتازاني) ، ويمكن إصلاحه بوضع لفظة مرعى مكان جرعا، ودومة الجندل بضم الدال المهملة اسم موضع، والاسم المركب في حكم لفظ واحد، فارتفع تتابع الإضافات، والقصر في عدم الفرق في اللفظ بين المصراعين إلا بالميم والدال. وقول مجير الدين ابن تميم مورياً:

لم أنس قول الورق وهي حبيبة

والعيش منها قد أقام منغضا

قد كنت ألبس من غصوني أخضراً

فلبست منها بعد ذاك مقفصا

وقول بعضهم:

أحمامة فوق الأراكة خبري

بحياة من أبكاك ما أبكاك

ص: 86

أما أنا فبكيت من ألم الجوى

وفراق من أهوى أأنت كذاك

وقول آزاد:

عطفاً على أطيار ذي الحصحاص

جاء الربيع وهن في الأقفاص

من ذا الذي يسعى لوجه الله في

تخليصها عن محبس القناص

وقوله:

خف الله يا صياد الأجارع

أتقتلها وقت الثمار الأيانع

عليك بتعمير الأبارق رأفة

أتجعلها قفراً بقتل السواجع

وقوله:

رأيت الأمس في قفص سجوعاً

يحن إلى الجداول والطلال

يقول: من الذي آنا يسيرا

يعلقني بطرفاء العوالي

وقوله:

رحم الإله حمامة يمنية

سجعت بموعظة على الأغصان

قالت لقد أبصرت مكتوبا على

باب الحديقة من أنوشروان

عهد الربيع الغض برق ذاهب

فاغنم نصيبك من غصون البان

ص: 87

أبصرت في الأقفاص طير المنحنى

صبرت على جور الزمان الجاني

نسيت على غصن الأراكة عشها

أنى رجاء الفوز بالأفنان

وقوله:

ورد الربيع على الحمام جديدا

قلبي يحدث أن يصير شهيدا

هزت أثيلات الغوير أسنة

يقتلن آه مطوقا غر يدا

وقوله:

لقد برع الأقران في الهند ساجع

وجدد فن العشق يا للمغرد

فلا عجب أن صاده متقنص

ألم تر في الأسلاف قيد المجدد

تلميح إلى ما وقع للشيخ أحمد السهر ندي مجلد الألف الثاني، حبسه سلطان جهانكير في قلعة كواليار. وقوله:

شاهدت ساجعة على يد صائد

نقلت إلى قفص من الأفنان

قالت تفجر دمعها متسلسلا

هذا جزاء العيش في البستان

وقوله في المستزاد:

يا ساجعة على أثيل الجبل أعلاك الله

أرويت غصونه بماء المقل رواك الله

ص: 88

تزورين حديث جيرتي من إضم ما أحسنه

أحييت بذكرهم أسير الأجل حياك الله

صاحب حديث النسيم: كقول علاء الدين الجو يني:

مذ صار مبيتنا بضوء القمر

والحب نديمنا وصوت الوتر

نادى بفراقنا نسيم سحرا

ما أبرد ما جاء نسيم السحر

وقول الحاجري:

لا غرو أن لعبت بي الأشواق

هي رامة ونسيمها الخفاق

وقول القاضي مجير الدين موريا:

شكر لنسمة أرضكم

كم بلغت عني تحية

لا غرو أن حفظت أحا

ديث الهوى في الذكية

وقول شهاب الدين الحاجبي موريا:

لا تبعثوا غير الصبا بتحية

ما طاب في سمعي حديث سواها

حفظت أحاديث الهوى وتضوعت

نشرا فيا لله ما أذكاها

وقول آزاد:

من أي ناحية مجيئك يا صبا

إن كان من أرض الحبيب فمرحبا

طي الطريق على العليل مشقة

فخجلت حيث أتيت نحوي متعبا

ما كنت تعرفني وزرت بداية

لم لا وسواك الإله مهذبا

أحييتني كرما بنفحة وردة

بسمت فأخجلت الوميض الأشنبا

ص: 89

صاحب حديث القلب: وإنما ذكره لكونه مشتملا على رقة تذيب القلوب الجامدة، وتوقظ العيون الراقدة، وهو العاشق الذي يحدث عن قلبه، كقول بعضهم:

أليس وعدتني يا قلب أني

إذا ما تبت عن ليلى تتوب

فها أنا تائب عن حب ليلى

فما لك كلما ذكرت تذوب

وقول الفقيه عمارة اليمني:

قلبي كفاه من الصبا أنه

لبى دعاء الظاعنين وما دعي

ومن الظنون الفاسدات توهمي

بعد الفراق بقاءه في الأضلع

وقول آزاد:

يا سائلا عن فؤادي كيف حالته

اسمع لقد جذب المحبوب فانجذبا

رأيته يوم سار القوم من إضم

يرزح في عقب المعشوق مضطربا

وقوله:

جمر ذكي في ضلوع المغرم

تالله خير من فؤاد مؤلم

وقوله:

سلمت قلبي لسلمى وهي تطعمه

ولست أدري أترعى أو تضيعه

صاحب حديث الطيف: قد مضى ذكره في الزائرة في

ص: 90

الرؤيا، وكان بعض المعاني المتعلقة بالطيف مناسبا بحال العشاق، فعقد بابا له في أقسامهم، كقول من قال:

زها عني وأعرض واستطال

وآلى لا يكلمني دلالا

وكان يزورني منه خيال

فلما أن جفا منع الخيالا

وقول أبي تمام:

ظبي تقنصته لما نصبت له

في آخر الليل أشراكا من الحلم

وقول القسطلي:

إن كان واديك ممنوعا فموعدنا

وادي الكرى فلعلي فيه ألقاكا

وقال آزاد في النبي صلى الله عليه وسلم:

فداء محمد قلبي وروحي

على العلات يسعدني برفده

أتاني زائرا في النوم ليلا

فسبحان الذي أسرى بعبده

الشائم: كقول آزاد:

أصارم أم وميض لاح من أحد

لقد قتلت به قتلا بلا وقود

وقوله:

أترى بروق جوانب الأنجاد

لما بسمن وردت بهن زنادي

وجناته تجلو البصائر في الدجى

رحضاؤها تشفي أوام الصادي

الذاكر لأيام الحمى: كقول المعري:

ويا وطني إن فاتني بك سابق

من الدهر فلينعم لساكنك البال

ص: 91

فإن استطع في الحشر آتك زائرا

وهيهات لي يوم القيامة أشغال

وقول ابن طبا طبا:

لله أيام السرور كأنما

كانت لسرعة مرها أحلام

يا عيشنا المفقود خذ من عمرنا

عاما وزد من الصبا أياما

وقول آزاد:

مضى زمان لقينا فيه جيرتنا

عفى المهيمن عن أيامنا الأول

نعد شوقا وإخلاصا مناقبهم

بسبحة من لآلي أبحر المقل

الشائب المتأسف على الشباب: كقول بشار:

لا يرحل الشيب عن دار يحل بها

حتى يرحل عنها صاحب الدار

وقول أبي تمام غالب الملقب بالحجام:

ليالي كان العيش غصنا يظلني

نضيرا وماء الوعد غير مشوب

وعيني قد نامت بليل شبيبي

فلم تنتبه إلا لصبح مشيب

وقول العلوي الحماني:

عريت عن الشباب وكنت غضا

كما يعري عن الورق القضيب

ونحت على الشباب بدمع عيني

فما نفع البكاء ولا النحيب

ص: 92

ألا ليت الشباب يعود يوما

فأخبره بما فعل المشيب

النادر: هو الذي يوجب على نفسه عملا تكون فيه حسبة على مذهب العشق، بشرط أن يحصل له ما يتمناه. كقول آزاد:

مررت على ترب الفراش عشية

وألفيته صبا شهيدا منورا

نويت هنا أم ألق شمع النقا أضيء

على تربه الميمون شمعا معنبرا

وقوله:

لقد بعدت عني منازل جيرتي

فلا تتراءى ذرة من غبارها

نذرت إذا أحظى برؤية دراهم

أكحل أجفاني بظل جدارها

الموصي: هو الذي يأمر شخصا أن يفعل ما يتمناه على مذهب العشق بعد موته، كقول طرفة:

فإن مت فانعيني بما أنا أهله

وشقي علي الجيب يا ابنة معبد

وقول آزاد:

يا صاحبي أنت لا تأسف على فقد

صار الهوى من أوان المهد دستوري

ص: 93

ألا سأبذل روحي في هوى قمر

فأكتب على لوح قبري سورة النور

المتكلم بعد الموت: قد مضت أمثلة هذا النوع في كلام الروح من كتاب "غصن البان" وأورد هنا أيضا شيئا من كلام قتلى الغرام غفر الله لهم، كقول آزاد رحمه الله:

رآني حمام في المحبة فانيا

وزار ترابي بالأبيطح باكيا

تلا آية الترجيع طورا وقال لي

فنيت وأيم الله قد صرت ناحيا

طويت بلاد الشرق والغرب كلها

فلم أر في العشاق مثلك صبايا

بعثت على دين المحبة والهوى

وعشت إلى نهج الصبابة هاديا

لقد كنت في حزوى بقدري عارفا

إلى الله أشكو في فراقك ما بيا

وأرجو من الله المهيمن أنني

سأبصر تربي في جوارك ثاويا

فلما أتم النائح القول قلت: يا

معالج أدوائي ترفقت وافيا

ص: 94