الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة
للشعراء مقاطيع فائقة، وأبيات رائقة، يشير مجموعها إلى جميع الأصول السابقة، وتترجم عنده بالغزل والنسيب، لإعراب مضمونها عن نحو محاسن الحبيب، وتهييجها الأشواق المستقرة، حيث يذكر الشعر والطرة، وتفصيلها لتلك الجملة، من حيث وصف الحجاب والمقلة، إثارة ما قر من البلبال، عند ذكر الوجنة والخال، واستمالتها نفوس الأحباب، عند ذكر الثغر والرضاب، وإتيانها بأعذب الموارد بعدما حال الصدر، إذا ذكر النهد والصدر، ونشر مطاوي الأشواق، إذا سمح مدح الخلخال والساق، إلى غير ذلك مما اقترحته أفكارهم الدقيقة اللطيفة، وتخيرته في هذا الباب أذهانهم الشريفة، وبها نختم هذا المورد اللطيف، وما يتعلق بالعشق من هذا التأليف. قال ابن نباتة المصري:
أيها العاذل الغبي تأمل
…
من غدا في صفاته القلب ذائب
وتعجب لطرة وجبين
…
إن في الليل والنهار عجائب
ولابن المطران:
ظباء أعارتها المها حسن مشيها
…
كما قد أعارتها العيون الجآذر
فمن حسن ذاك المشي جاءت وقبلت
…
مواطئ من أقدامهن الغدائر
ولحسام الدين الحاجري:
ومهفهف من شعره وجبينه
…
تغدو الورى في ظلمة وضياء
لا تنكروا الخال الذي في خده
…
كل الشقيق بنقطة سوداء
ولشمس الدين ابن العفيف:
بدا وجهه من فوق أسمر قده
…
وقد لاح من سود الذوائب في جنح
فقلت: عجيباً! كيف لم يظهر الدجى
…
وقد طلعت شمس النهار على رمح
ولابن المعتز:
سقتني في ليل شبيه بشعرها
…
شبيهة خديها بغير رقيب
فأمسيت في ليلين للشعر والدجى
…
وشمسين من خمر وخد حبيب
ولابن نباتة:
وأغيد جارت في القلوب لحاظه
…
وأسهرت الأجفان أجفانه الوسنى
أجلى نظرا في حاجبيه وطرفه
…
ترى السحر منه قاب قوسين أو أدنى
ولعلاء الدين الوداعي:
رمتني سود عينيه
…
فأصمتني ولم تبطي
وما في ذاك من بدع
…
سهام الليل لا تخطي
وللصلاح الصفدي:
بسهم أجفانه رماني
…
فذبت من هجره وبينه
إن مت ما لي سواه خصم
…
لأنه قاتلي بعينه
ولبدر الدين بن حبيب:
عيناه قد شهدت بأنه مخطئ
…
وأتت بخط عذاره تذكارا
يا حاكم الحب اتئد في قتلي
…
فالخط زور والشهود سكارى
ولابن قلاقس:
فوق خديك دليل
…
أن نهديك ثمار
ما اختفى الرمان إلا
…
وتبدى الجلنار
ولمظفر الأعمى:
قبلته فتلظى جمر وجنته
…
وفاح من عارضيه العنبر العبق
وحال بينهما ماء ومن عجب
…
لا ينطفي ذا ولا ذا منه يحترق
ولبعضهم:
فتنت بتركي حماني عناقه
…
عقارب صدغيه على خده صرعى
ألم تر أني كلما رمت لثمه
…
تخيل لي من سحرها أنها تسعى
ولابن الوردي:
قال من أهواه: صف صدغي بما
…
فيه توجيه وحببه إلي
قلت: إن الصدغ لام قد كوى
…
نصبها قلبي فهذا لام كي
ولابن نباتة المصري:
لله خال على خد الحبيب له
…
بالعاشقين كما شاء الهوى عبث
أورثته حبه للقلب القتيل به
…
وكان عهدي بأن الخال لا يرث
ولبعضهم:
غدا خاله رب الجمال لأنه
…
على عرش كرسي الخدود قد استوى
وأرسل في الأصداغ رسلا أعزة
…
على فترة تدعو القلوب إلى الهوى
وقال آخر:
أبو طالب في كفه وبخده
…
أبو لهب والقلب منه أبو جهل
وبنتا شعيب مقلتاه وخاله
…
إلى الصدغ موسى قد تولى إلى الظل
وللدماميني:
تحدث ليل عارضه بأني
…
سأسلوه وينصرم المزار
فقال جبينه لما تبدى
…
كلام الليل يمحوه النهار
ولغيره:
سألته في ثغره قبلة
…
فقال: ثغري لم يجز لثمه
فهاكها في الخد واقنع بها
…
ما قارب الشيء له حكمه
وقال آخر:
ذكرت ريق حبيبي
…
بشرب راح معطر
وليس ذا بعجيب
…
فالشيء بالشيء يذكر
وللصلاح الصفدي:
رشفت ريقك حلوا
…
فلم يكن لي صبر
وسوف أحظى بوصل
…
وأول الغيث قطر
وقد أكثروا من هذا النمط، أعني التشبيب بالوجه ولأعضائه البسيطة والمركبة، لكونه أشرف وأبهج وأعلى وألطف، وأما ما عداه فنادر، إن تيسر لشاعر بيت أو بيتان أو أكثر في عضو بعينه، أما في ضمن غيره فكثير، وأما مطلق القامة بما فيها فأكثر من أن يحصى ما فيه، وما قيل من أول من وصف الثدي عمرو بن كلثوم:
وثدي مثل حق العاج رخص
…
مصون عن اللامسينا
فأمر يحتاج إلى مزيد استقصاء وإحاطة، لأن العرب تغزلت كثيرا، غاية الأمر أن المتأخرين ألطف. وأورد الأنطاكي أشعارا كثيرة لشعراء كثيرين في وصف أعضاء المعشوقة متفرقة، وللسيد غلام علي آزاد البلكرامي رحمه الله قصيدة سماها "مرآة الجمال" آتى فيها بوصف كل عضو من أعضاء الحسناء، وصنع مرآة ينطبع فيها