الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن مقولة الصاحبة للصاحبة قول أزاد:
قالت فتاة يا نساء دويرنا
…
جليت سليمى نخبة الخفرات
فأتين تمشي إلى محل جلوسها
…
اليوم يوم الحظ للنظرات
مبحث في أقسام النسوان وجلوة عدة من سرب الغزلان
وقد سمى آزاد كل قسم رائع، وعرفه بتعريف جامع مانع، وأثبت أمثلة تقر بها عيون الأدباء وأقوالا تهتز بها قرائح الظرفاء، والأمثلة التي نسبها إلى نفسه أكثر معانيها من مخترعاته، وقليل منها من أشعار الأهاند، ومن قدرة الله تعالى سبحانه أن الحلاوة التي للأذواق من الأشعار المشتملة على أقسام النسوان في لسان الهند لا تحصل في لسان العرب، وما منشأه إلا خصوصية اللسان، وظاهر أن نقل الخصوصية عن لسان إلى خارج عن الطاقة البشرية، إنما الطاقة بيان القواعد العلمية. فمن تقاسيمهم، تقسيم باعتبار الصلاح والطلاح، فالمرأة على قسمين: صالحة وطالحة. أما الصالحة، فهي التي لا تلتفت إلا إلى زوجها، ومن لوازمها، الحياء، واسترضاء الزوج. وروي عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، إن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسه وماله". وفي الباب أخبار وآثار أخر كثيرة، يعرفها
من يعرف فن الحديث. وكانت الرباب بنت امرئ القيس تحت الحسين سبط النبي (صلى الله عليه وسلمفلما استشهد خطبها الأشراف من قريش، فأبت، وقالت: والله لا يكونن لي حمو آخر بعد رسول الله صلى عليه وآله وسلم. وعاشت بعد الحسين رضي الله تعالى عنه سنة لم يظلها سقف شغلي أن ماتت حزنا وكمدا رحمها الله تعالى.
ومن أمثلتها في الشعر قول الأعشى:
لم تمش ميلا ولم تركب على جمل
…
ولم تر الشمس إلا دونها الكلل
وقول آزاد:
بي ظبية دهشت من ظلها أبدا
…
كأنها اجتمعت بالليث في الأجم
وأما الطالحة، فهي التي تكون عارية عن حلية الصلاح، وهي على قسمين: بيتية وسوقية. فالبيتية: هي التي تكون مشغولة بغير زوجها، ولم يكن الفسق لها حرفة. والسوقية: هي التي يكون الفسق لها حرفة، ويكون مدار معاشرتها على كسب المال، كالرقاصات والبساطات. ثم البيتية على ثلاثة أقسام: إحداهن: المختفية، هي التي لا يعلم فسقها أحد، كقول آزاد:
سحقا لفاجرة تلوح عفيفة
…
وهي التي تضحي وقود جهنم
فسق خفي في عفاف ظاهر
…
يحكي نحاسا كامنا في الدرهم
وثانيتهن: المتسترة، وهي التي تخفي فسقها، لكنه ظهر قليلا
بالأمارات، وهي الوسطى بين المختفية والمعلنة، كقول ولادة:
ترقب إذا جن الظلام زيارتي
…
فإني رأيت الليل أكتم للسر
وبي منك ما لو كان بالبدر لم ينر
…
وبالليل لم يظلم وبالنجم لم يسر
وقول زين الدين بن عبيد الله:
يا عاذلا قد لجاني في محبتها
…
إليك عني فإني لست أتركها
وليس يعجبني إلا تعففها
…
مع الورى ومعي وحدي تهتكها
تسترها ظاهر، وظهور فسقها قليل، يفهم من عذل العاذل. وقول آزاد:
تخفي تعلقها بمن ولهت به
…
وفؤادها عند المحب حبيس
وتدور مقلتها فتثبت نحوه
…
وإلى الجندي يقيم مغناطيس
ومن بدائع قدرته تعالى أن المغناطيس يجذب المغناطيس إن كانت القطعتان منه متساويتين، تجذب كل واحدة منهما الأخرى، وإن كانت متخالفتين تجذب الكبيرة الصغيرة، وأبدع من هذا يجذب الحديد، وأبدع من الأمرين أن طبيعته مائلة إلى الجدي، وهو كوكب قريب من القطب، فانظر إلى من جلت قدرته كيف صنع المعاملة بينهما، فإن الجدي علوي والمغناطيس سفلي، ذلك جرم
نوراني وهذا جسم ظلماني، وبينهما فاصلة من الغبراء إلى السماء، فلا ندري أي نسبة خلقها الله تعالى بينهما منشأ للسيلان ومصدرا للهيمان، مع وجود عدم المناسبة بينهما في الظاهر، ومن ههنا يظهر أن واحدا منا إن عشق ذا شكل قبيح، فهو معذور، ينبغي ألا يلومه لائم لأن الله تعالى خلق بينهما نسبة خفية هي علة للمحبة، والعقل قاصر عن إدراكها، ومن ثم قال بعض الحكماء: الحسن مغناطيس روحاني لا يعلل جذبه للعقول بعلة سوى الخاصة. وما أحسن ما قال الزاهي البغدادي:
وكم أبصرت من حسن ولكن
…
عليك لشقوتي وقع اختياري
ذكره أزاد: ثالثتهن: المعلنة، هي التي تعلن فسقها، كقول بعضهم:
وددتك لما كان ودك خالصا
…
وأعرضت لما صرت نهبا مقسما
ولن يلبث الحوض العتيق بناؤه
…
إذا كثر الوراد أن يتهدما
وقول الصاحب عطا ملك في امرأة اسمها شجر موريا:
يا حبذا شجر وطيب نسيمها
…
لو أنها تسقى بماء واحد
وقول ابن الخازن في مليح:
تسل يا قلب عن سمح بمهجته
…
مبذل كل من يلقاه يعرفه
كالماء أي صد وافاه ينهله
…
والغصن أي نسيم هب يعطفه
وقول العباس بن الأحنف:
كتبت تلوم وتستريث زيارتي
…
وتقول لست لعهدنا بالعاهد