الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَذْهَبُ الحَنَفِيُّ فِي إِفْرِيقِيَّةَ وَصِقِلِّيَّةَ:
وكان الغالب على إفريقية السُّنَنُ والآثار، إلى أن قدم عبد الله بن فروح أبومحمد الفاسي بمذهب أبي حنيفة، ثم غلب عليها لما ولي قضاءها أسد بن الفرات بن سنان (1). ثم بقي غالبًا عليها حتى حمل المعز بن باديس أهلها على مذهب مالك (2) وهو الغالب إلى اليوم على أهلها إلا قليلاً منهم يقلدون المذهب الحنفي.
وفي " الديباج " لابن فرحون: أن المذهب الحنفي ظهر ظهورًا كثيرًا بإفريقية إلى قريب من سنة 400 هـ، فانقطع ودخل منه شيء ما وراءها من المغرب قريبًا من الأندلس ومدينة «فاس». وفي " أحسن التقاسيم ": أن أهل صقلية حنفيون.
وذكر أيضًا أنه سأل بعض أهل المغرب: كيف وقع مذهب أبي حنيفة رحمه الله إليكم ولم يكن على سابلتكم؟
قالوا: لما قدم وهب بن وهب من عند مالك رحمه الله، وقد حاز من الفقه والعلوم ما حاز، استنكف أسد بن عبد الله أن يدرس عليه،
(1) عن المقريزي. والمراد بإفريقية - ما يشمل طرابلس وتونس والجزائر -، وجعلها بعضهم أقل من ذلك. وتفصيل الخلاف فيها ليس هذا موضعه. ويستفاد من " معالم الإيمان " أن ابن فروح سمع من الإمامين مالك وأبي حنيفة. وكان اعتماده على مالك، ولكنه كان يميل إلى قول أهل العراق إذا ظهر عنده صوابه، أو سمع ابن الفرات من مالك وأصحاب أبي حنيفة، ونشر مذهب أهل العراق بإفريقية لسبب ترك صاحب " المعالم " ذكره.
وذكره ابن خلدون أنه كتب عن أصحاب أبي حنيفة أولاً ثم انتقل إلى مذهب مالك.
(2)
عن " الكامل " لابن الأثير. وكانت ولاية المعز سنة 407 هـ وتوفي سنة 451 هـ.
لجلالته وَكِبَرِ نفسه، فرحل إلى المدينة ليدرس على مالك، فوجده عليلاً، فلما طال مقامه عنده، قال له: إرجع إلى ابن وهب فق أَوْدَعْتُهُ عِلْمِي، وَكَفَيْتُكُمْ بِهِ الرِّحْلَةَ. فصعب ذلك على أسد وسأل: هل يُعْرَفُ لِمَالِكٍ نَظِيرٌ؟ فقالوا: فتى بالكوفة يقال له محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة.
قالوا: فرحل إليه، وأقبل عليه محمد إقبالاً لم يقبله على أحد، ورأى فيه فهمًا وحرصًا، فزقه الفقه زَقًّا.
فلما علم أنه قد استقل وبلغ مراده فيه، سَيَّبَهُ إلى المغرب، فلما دخلها اختلف إليه الفتيان، ورأوا فروعًا حيرتهم، ودقائق أعجبتهم، ومسائل ما طنت على أذن ابن وهب. وخرج به خلق، وفشا مذهب أبي حنيفة رحمه الله بالمغرب.
قلتُ: فلم لم يَفْشُ بالأندلس؟
قالوا: لم يكن بالأندلس أقل منه ها هنا، ولكن تناظر الفريقان يومًا بين يدي السلطان فقال لهما: من أين كان أبو حنيفة؟
قالوا: من الكوفة. فقال: ومالك؟. قالوا: من المدينة. قال: عالم دار الهجرة يكفينا. وأمر بإخراج أصحاب أبي حنيفة وقال: لا أحب أن يكون في عملي مذهبان: وسمعت هذه الحكاية من عدة مشايخ بالأندلس
…
انتهى.