الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل آثاره التي تناولها بيده، سواء أكانت مخطوطة أم كانت مطبوعة، وتركه المناصب العليا، ليتفرغ لعلم الإسلام، وإحياء مآثر علومه، ونشرها بين الناس في هدأة العالم، واطمئنان المتثبت.
ولقد ابتدأ يكمل نفسه بالدراسة على أكابر العلماء أمثال العالم المتفكر الزاهد الشيخ حسن الطويل إذ جعل مزرعته مستراضًا للشيخ يستجم كل أسبوع، ويستذكران المغلقات مما يتعسر على الأستاذ تيمور الوصول إلى دقيق معناه من معضلات «المنطق» ، و «الأصول» والأدلة ما بين عقلية ونقلية.
ثم اتصاله بالأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، فجعل داره ملتقى لتلاميذه، وما كان الإمام يضن عليهم بدرس من دروسه التي أشعل بها نور الحق في الأزهر وبين طلابه وأراهم بها الحياة، وقال لهم فيها كلمته المشهورة:«العلم ما علمك من أنت ممن معك» .
كانت حياة أحمد تيمور نورًا يضيء، وفيضًا غير هادر يفيض، يعرفه ناس من أهل العلم ويعشون إليه، ولكن ما كان يأنس به إلا الخاصة.
وفاة أحمد تيمور:
10 -
استمرت تلك الحياة الهادئة دائبة في دراسة كنوز الإسلام، واستخراجها، غير وانية، ولكن في غير ضجة حتى انطفأ ذلك الصباح المنير في مطلع صيف سنة 1930، فكانت رنة الناعي مُعَرِّفَةً للناس مكانة من فقدوا من رجالات الإسلام.
كنت أجلس مع بضعة من شيوخنا الأمجاد الذين يصادقونه ويذاكرونه، وقد تعودت أن أقبس من مجالسهم، وآنس بأخبارهم، وكان لهم في كل يوم ندوة من الأحاديث المطلقة التي يجمعها العلم ولا تضيق بموضوع معين، بل إنها سمر أدبي وديني يجمع بين فكاهات أدبية، وبيان حقائق إسلامية وردود على ما يجري على أقلام بعض الكتاب من انحراف في القول.
ولكن في مساء اليوم الذي شيعت فيه جنازة العالم أحمد تيمور صار هو موضوع تلك الندوة المباركة، ومن بينهم من كان يجاوره، ومنهم من كان يصطفيه ويستفتيه ومكثنا على ذلك أكثر من ثلاث ليال سويًا لا حديث لنا إلا عن تيمور، وكنا نعود إليه الفينة بعد الفينة، لأنه لَا يُنْسَى.
وكانت تنشر له مقالات مسلسلة عن أعلام عصره في إحدى المجلات الأدبية، فكنت ألمح صدق القصص، ودقة الخبر، واتصال السند فِي لَفْظٍ بَيِّنٍ من السهل الممتنع، لا يعلو على العامة، ولا يَنْبُو عن آذان الخاصة، ويجد فيه القارئ نوافذ تطل على آفاق واسعة تكشف عن عصر أولئك الأعلام من غير تكلف في عبارات مقربة.
وكنت ترى في الكتابة تصويرًا دقيقًا وواضحًا لِلْعَلَمِ من الأعلام، من وراء تنقلاته الفكرية.
11 -
ولقد أنصف بهذه الكتابة التي كانت تنشرها المجلات وتسجل في كتب رجال عصرنا.