المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في المغرب الأقصى: - نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة

[أحمد تيمور باشا]

فهرس الكتاب

- ‌نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة:

- ‌مُقَدِّمَةُ النَّاشِرِ:

- ‌أحمد تيمور باشا

- ‌دِرَاسَةٌ تَحْلِيلِيَّةٌ فِي تَارِيخِ الفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ:بقلم الشيخ محمد أبو زهرة

- ‌أحمد تيمور:

- ‌وفاة أحمد تيمور:

- ‌كتابات أحمد تيمور:

- ‌حُدُوثُ المَذَاهِبِ الفِقْهِيَّةِ وَانْتِشَارِهَا:

- ‌تَمْهِيدٌ لِلْمُؤَلِّفِ:

- ‌المَذْهَبُ الحَنَفِيُّ:

- ‌مَذْهَبُ أَهْلِ الرَّأْيِ:

- ‌إِيثَارُ الحَنَفِيَّةِ بِالقَضَاءِ:

- ‌المَذْهَبُ الحَنَفِيُّ فِي إِفْرِيقِيَّةَ وَصِقِلِّيَّةَ:

- ‌الحَنَفِيَّةُ فِي مِصْرَ:

- ‌المَذْهَبُ الحَنَفِيُّ فِي البِلَادِ الإِسْلَامِيَّةِ الأُخْرَى:

- ‌عَقَائِدُ الحَنَفِيَّةِ:

- ‌المَذْهَبُ المَالِكِيُّ:

- ‌مَذْهَبُ أَهْلِ الحَدِيثِ:

- ‌المَالِكِيَّةُ فِي مِصْرَ:

- ‌فِي إِفْرِيقِيَّة وَالأَنْدَلُسْ:

- ‌فِي المَغْرِبِ الأَقْصَى:

- ‌المَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ:

- ‌فِي مِصْرَ:

- ‌فِي الشَّامِ وَالعِرَاقِ: وَإِيرَانْ:

- ‌المَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ فِي المَغْرِبِ وَالأَنْدَلُسِ:

- ‌عَقَائِدُ الشَّافِعِيَّةِ:

- ‌المَذْهَبُ الحَنْبَلِيُّ:

- ‌مَذْهَبُ أَهْلِ نَجْدٍ:

- ‌نَشْأَةُ المَذْهَبِ بِبَغْدَادَ:

- ‌خَاتِمَةٌ:

- ‌مَصَادِرُ البَحْثِ:

الفصل: ‌في المغرب الأقصى:

العلم، ومنها خرج إلى العراق، ولم يكن العراق في طريقهم، فاقتصروا على الأخذ عن علماء المدينة، وشيخهم يومئذ وإمامهم مالك وشيوخه [من قبله وتلميذه من بعده. فرجع إليه أهل المغرب والأندلس] وقلدوه دون غيره ممن لم تصل إليهم طريقته.

وأيضًا فالبداوة كانت غالبة على أهل المغرب والأندلس ولم يكونوا يعانون من الحضارة التي لأهل العراق فكانوا إلى أهل الحجاز أميل لمناسبة البداوة، ولهذا لم يزل المذهب المالكي غَضًّا عندهم، ولم يأخذه تنقيح الحضارة وتهذيبها كما وقع في غيره من المذاهب» (1) انتهى.

قلنا: وتقدم في الكلام على الحنفي شيء عن سبب انقطاعه بالأندلس وغلبة المالكي فيما رواه المقدسي.

‌فِي المَغْرِبِ الأَقْصَى:

ولما قامت دولة بني تاشفين بالمغرب الأقصى في القرن الخامس، واستولوا على الأندلس، وتولى ثانيهم أمير المسلمين على بن يوسف بن تاشفين اشتد إيثاره لأهل الفقه والدين. فكان لا يقطع أمرًا في جميع مملكته دون مشاورة الفقهاء، وألزم القضاة بألا يَبَتُّوا حكومة في صغير الأمور وكبيرها إلا بمحضر أربعة من الفقهاء، فعظم أمر الفقهاء. ولم يكن يقرب منه، ويحظى عنده إلا من علم مذهب مالك، فنفقت في زمنه كتب المذهب، وعمل بمقتضاها وَنُبِذَ ما سواها. وكثر ذلك حتى نُسِيَ

(1) عن " مقدمة ابن خلدون ".

ص: 67

النظر في كتاب الله وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم. فلم يكن أحد يعتني بهما كل الاعتناء (1).

ثم زالت دولتهم، واستولى الموحدون على مملكتهم في أوائل القرن السادس، وسلك خليفتهم عبد المؤمن بن علي هذا المسلك، فجمع الناس بالمغرب على مذهب مالك في الفروع، ومذهب أبي الحسن الأشعري في الأصول (2) وكان مقصده في الباطن - هو وابنه يوسف - مَحْوَ المَذْهَبَ المَالِكِيَّ، وَحَمْلِ الناس على العمل بظاهر القرآن والحديث، ولكنهما لم يتمكنا من ذلك (3).

فلما تولى حفيده يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، تظاهر بمذهب الظاهرية وأعرض عن مذهب مالك، فعظم أمر الظاهرية في أيامه، وكان بالمغرب منهم خلق كثير يقال لهم الحَزْمِيَّةُ نسبة لابن حزم رئيسهم، إلا أنهم كانوا مغمورين بالمالكية، فظهروا وانتشروا في أيام يعقوب، ثم في آخر أيامه استقصى الشافعية على بعض البلاد ومال إليهم (4).

قال المراكشي في " المعجب ":

«وفي أيامه انقطع علم الفروع، وخافه الفقهاء، وأمر بإحراق كتب المذهب بعد أَنْ يُجَرِّدَ ما فيها من حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ

(1) عن " المعجب " للمراكشي.

(2)

عن " الكامل " لابن الأثير.

(3)

عن " المعجب " للمراكشي.

(4)

عن " الكامل " لابن الأثير.

ص: 68

وَسَلَّمَ - والقرآن، ففعل ذلك، فأحرق منها جملة في سائر البلاد، كـ " مدونة " سحنون، و" كتاب " ابن يونس، و" نوادر " أبي زيد و" مختصره "، وكتاب " التهذيب " للبراذعي، و" واضحة " ابن حبيب، وما جانس هذه الكتب [ونحا نحوها].

لقد [شهدت منها] وأنا يومئذ بمدينة فاس، يؤتى منها بالأحمال فتوضع ويطلق فيها النار. [وتقدم إلى الناس في ترك الاشتغال بعلم الرأي والخوض في شيء منه، وتوعد على ذلك بالعقوبة الشديدة. وأمر جماعة ممن كان عنده من العلماء المحدثين] بجمع أحاديث من المصنفات العشرة: " الصحيحين "، و" الترمذي "، و" الموطأ "، و" سنن أبي داود "، و" سنن النسائي"، و" سنن البزار "، [و" مسند ابن أبي شيبة "]، و" سنن الدارقطني "، و" سنن البيهقي " في الصلاة وما يتعلق بها، [على نحو الأحاديث التي جمعها محمد بن تومرت في الطهارة؛ فأجابوه إلى ذلك، وجمعوا ما أمرهم بجمعه]، فكان يمليه بنفسه على الناس ويأخذهم بحفظه، [وانتشر هذا " المجموع " في جميع المغرب، وحفظه الناس من العوامِّ والخاصة]. فكان يجعل لمن حفظه الجُعْلَ السني من الكُسَى والأموال». انتهى ملخصًا.

وكان المذهب المالكي في القرن الرابع بالعراق والأهواز، ومنتشرًا بمصر وبلاد المغرب، وغالبًا على الأندلس على ما ذكره المقدسي في " أحسن التقاسيم ".

ويتبع المالكية في الأصول عقيدة أبي الحسن الأشعري بحيث لَا يُرَى مَالِكِيٌّ إِلَاّ أَشْعَرِيًّا - كما في " الطبقات " و" معيد النعم " للتاج السبكي.

ص: 69