المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتابات أحمد تيمور: - نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة

[أحمد تيمور باشا]

فهرس الكتاب

- ‌نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة:

- ‌مُقَدِّمَةُ النَّاشِرِ:

- ‌أحمد تيمور باشا

- ‌دِرَاسَةٌ تَحْلِيلِيَّةٌ فِي تَارِيخِ الفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ:بقلم الشيخ محمد أبو زهرة

- ‌أحمد تيمور:

- ‌وفاة أحمد تيمور:

- ‌كتابات أحمد تيمور:

- ‌حُدُوثُ المَذَاهِبِ الفِقْهِيَّةِ وَانْتِشَارِهَا:

- ‌تَمْهِيدٌ لِلْمُؤَلِّفِ:

- ‌المَذْهَبُ الحَنَفِيُّ:

- ‌مَذْهَبُ أَهْلِ الرَّأْيِ:

- ‌إِيثَارُ الحَنَفِيَّةِ بِالقَضَاءِ:

- ‌المَذْهَبُ الحَنَفِيُّ فِي إِفْرِيقِيَّةَ وَصِقِلِّيَّةَ:

- ‌الحَنَفِيَّةُ فِي مِصْرَ:

- ‌المَذْهَبُ الحَنَفِيُّ فِي البِلَادِ الإِسْلَامِيَّةِ الأُخْرَى:

- ‌عَقَائِدُ الحَنَفِيَّةِ:

- ‌المَذْهَبُ المَالِكِيُّ:

- ‌مَذْهَبُ أَهْلِ الحَدِيثِ:

- ‌المَالِكِيَّةُ فِي مِصْرَ:

- ‌فِي إِفْرِيقِيَّة وَالأَنْدَلُسْ:

- ‌فِي المَغْرِبِ الأَقْصَى:

- ‌المَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ:

- ‌فِي مِصْرَ:

- ‌فِي الشَّامِ وَالعِرَاقِ: وَإِيرَانْ:

- ‌المَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ فِي المَغْرِبِ وَالأَنْدَلُسِ:

- ‌عَقَائِدُ الشَّافِعِيَّةِ:

- ‌المَذْهَبُ الحَنْبَلِيُّ:

- ‌مَذْهَبُ أَهْلِ نَجْدٍ:

- ‌نَشْأَةُ المَذْهَبِ بِبَغْدَادَ:

- ‌خَاتِمَةٌ:

- ‌مَصَادِرُ البَحْثِ:

الفصل: ‌كتابات أحمد تيمور:

ومن ذا الذي كان يعرف حياة الإما حسونة النواوي الذي سجل له التاريخ مواقف مملوءة بعزة العلم وكرامته.

وما الذي يعرفه الناس عن العالم الذي اعتز بالعلم فقط والذي كان يُقْصَدُ من آفاق الأرض لعلمه، وهو الإمام حسن الطويل لولا قلم أحمد تيمور.

إن الأفاضل من علمائنا وكبرائنا الذين عملوا بالعلم، وبالعلم وحده لَا يُذْكَرُونَ في أوساط الناس كما يذكر غيرهم، وكان الوفاء للعلم والعلماء أن يسجلهم إمام جليل مثلهم في كتب منشورة.

ولكن الذين أدركهم تيمور، والتقى بهم وكان لهم النصيب الوفير، جاءوا بعدهم يحتاجون إلى من يلتفت إليهم في وسط ضجة غيرهم ممن لم يكن لهم فضلهم، وليس لهم في الدين والخلق والعلم مآثرهم، فهل من منصف محقق ينصفهم، كما أنصف أسلافهم من الأكرمين أحمد تيمور - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.

إن تاريخ علمائنا الذين اتصلت حياتنا بحياتهم، ونهلنا من معارفهم، وقدموا لنا أرسال الفكر سائغة نقية سليمة، لم ير فيها ريب، ولم يخالطها انحراف، إنهم في ذمة التاريخ والتعريف بهم في أعناقنا.

‌كتابات أحمد تيمور:

12 -

تتسم كتابة تيمور بسمات ثلاث لعله قد اختص بها في عصرنا.

ص: 37

السمة الأولى: الدقة، وكأن اللفظ فيها قد وضع على قدر المعنى، نسق عليها تنسيقًا حيك عليها، بحيث لا يمكن أن يتسع لسواها، ولو أردت أن تضع كلمة مكان أخرى لكان ذلك عسيرًا مع السهولة والوضوح. وقرب المعنى بلا تعقيد، ولا إعضال. بل إنك تجد الكلام سهلاً ميسرًا على طرف الثمام (1).

السمة الثانية: الإيجاز من غير إخلال، تقرأ الكلام، فتحس بأنه ما ترك مما تصدى له أقل جزء من المعنى، وذلك من غير إبهام. وإن هذا النوع من الإيجاز الوافي أصعب من الإطناب تكتب فيه المعاني عند ورودها مرسلة، وكلما جاءت على الخاطر سطرت على القرطاس، من غير ملاحظة لأن تكون الألفاظ أوسع من المعاني أو لابسة لباسها لا تسع غيرها، أما الإيجاز غير المخل، فإن المعنى يُجْمَعُ، وَيُبْحَثُ له عن أقل لفظ يلبسه من غير إسراف في الثياب، ولا تخلخل فيها، وتعجبني في هذا المقام كلمة للمغفور له سعد زغلول في خطاب أرسله إلى صديق له، وكان فيه إطناب:«أعذروني في هذا الإطناب فإنه ليس عندي وقت للإيجاز» .

السمة الثالثة: جمال العبارات جمالاً هادئًا، ربما لا يكون له بريق، ولكنه جمال يلتقي فيه جمال اللفظ مع جلال الحقائق، فلا يدري القارئ أهو معجب بالمعنى وحده أم بها مع كسائها غير البراق، وإن كان متناسقًا منسجمًا.

(1) في الأصل: التمام، والتصحيح من " القاموس ": ويقال لما لا يعسر تناوله إنه على طرف الثمام. اهـ. الناشر.

ص: 38

المذاهب الأربعة:

13 -

في شهر أكتوبر سنة 1944 أنشئت بكلية الحقوق بجامعة القاهرة دبلوم للشريعة بالدراسات العالية، لأن الحاجة العلمية استدعت وجودها، إذ أن طلاب هذه الدراسات اتجهوا إلى الشريعة يكتبون رسائلهم فيها، ومنهم [من](1) كان يتعسر عليه فهم مصادرها، وفتح مغاليقها، فكان لا بد من دراسة توجههم وتهيء لهم السبيل لذلك، ولأن الأنظار اتجهت إلى كلية الحقوق بالقاهرة لتنهل من عذبها في الشريعة، ولأنه وجب أن تقرب دراسة الشريعة بتعمق لطلاب القانون ليتستقيموا على منهاجها، ولأنه وجب أن يتصل حاضرها بماضيها بدراسة المجتهدين وليرى فيها الطلاب نور الشرق، ومن انبثق منه فكانت دبلوم الشريعة موئل الطلاب والباحثين.

وقد ألفت عند وضع مناهجها لجنة من كبار رجال القانون وأساتذة الشريعة بالكلية وعلى رأسهم أستاذنا المرحوم أحمد إبراهيم، ومن المصادفات الطيبة أنه كان من أصدقاء أحمد تيمور، ومن علماء الشرق الأخيار.

وكان من المنهج الذي وضع دراسته أحد المجتهدين بحيث يدرس كل عام إمام من الأئمة أصحاب المذاهب المشهورة في الأمصار وأصولهم التي تُصَوِّرُ ناحية فكرية من نواحي الفقه الإسلامي، من غير ابتعاد عن

(1) زيادة لا يستقيم المعنى إلا بها. اهـ. الناشر.

ص: 39

مصادره، وإن اختلفت الأنظار حولها، كل يقطف منها، ويمتص، ثم يخرج من بعد ثمارًا مختلفًا ألوانها، وإن اتحد في الجملة مذاقها، لأن الينبوع واحد والتربة خصبة، والبذر متشابه وأكله مريء غير وبيء.

14 -

ولقد عهد إِلَيَّ دراسة مادة أحد المجتهدين، وسرت فيها في طريق سوي أو أحسبه كذلك، وكنت أجد للتاريخ مصادره مستوفاة، وإن كنت أحيانًا أجده رُكَامًا - قد اختلط فيه الجوهر بالحجر فكان الانتقاد ليس يسيرًا سهلاً، والأصول لها بواطنها.

ولكن أمرًا أعياني البحث فيه وهو البلاد التي حل فيها المذهب من المذاهب بقدر كبير أو قدر قليل، وذلك واجب لتعرف مواطنه، وأراضيه التي أخذ أعرافها، واتجاهاتها في الأمور التي لا نص فيها، ولأن معرفة ذلك من معرفة أحوال المسلمين، وهو واجب على كل مسلم يشتغل بالدراسات الإسلامية، ولقد ورد في الآثار عن النبي - صَلََّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:«مَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ المُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ» .

ولكني وأنا أبحث في المكاتب، وأتجه إلى صغير الأحجام من الكتب - دون الضخم كثير الأوراق - وجدت طلبتي في كتاب " المذاهب الفقهية الأربعة "، وفي غيره من كتب التراجم. فتحققت فيها الغاية، وسهل عَلَيَّ مَا صَعُبَ، وقرب ما بعد، فأخذته.

ومن الحق عَلَيَّ أن أقول إن كثيرًا مما في كتب المذاهب الأربعة التي هداني الله تعالى إلى كتابها، كثير مما فيها لكتاب الأستاذ أحمد تيمور

ص: 40

حظ موفور، فأخذت منه مع غيره الكثير.

وفي هذا الكتاب الصغير في حجمه، الكبير فيما اشتمل عليه وجدت ما يعتمد عليه، وما يطمأن إليه، لأنه يرجع الكلام إلى مصادره، والحقائق إلى ينابيعها من غير تفريط، شأن العلام الثبت المنقب عن الحقائق خفيها وجليها.

15 -

والكتاب يبتدئ بمقدمة موجزة في تاريخ الفقه الإسلامي، وينابيعه حتى يصل إلى أكبر الأئمة الأربعة وهو أبو حنيفة، فيذكر موطنه الذي ولد فيه وعاش وتلاميذه الذين تلقوا عليه، ويذكر البلاد التي شاع فيها مذهبه وإيثار أصحابه بالقضاء، ويتتبع البلاد التي انتشر فيها بلدًا بلدًا - يسترسل استرسالاً محكمًا دقيقًا في بيان ما يجري بين هذا المذهب وغيره من المذاهب الأربعة، ويتتبعه في المواطن التي انتشر فيها متقصيًا حتى يصل إلى البلاد التي يقل فيها، ويستعصي عليه أن يعرف نسبته فيها ومبدأ وجوده. فيقول رحمه الله:

«أما بدء دخول المذهب الحنفي في سائر البلاد فغاية ما وقفنا عليه من انتشاره في القرن الرابع ما ذكره المقدسي في " أحسن التقاسيم ". في كلامه في كل إقليم، ومنه يعلم أنه كان الغالب على أهل صنعاء وصعدة باليمن، والغالب على فقهاء العراق وقضاته، وكان منتشرًا بالشام. تكاد لا تخلو قصبة أو بلد من حنفي.

ص: 41

وربما كان القضاة منهم، إلا أن أكثر العمل فيها كان على المذهب الفاطمي في زمنه، أي كما كان في مصر في عهد الفاطميين».

ويسترسل في بيان أماكن المذاهب ما كان فيها شائعًا، وما كان فيها من غير شيوع.

ثم يتجه من بعد إلى مذهب مالك، ويسميه (مذهب أهل الحديث)، فيبين موطنه الأصيل، وهو المدينة، ثم ظهوره ببغداد، وضعفه في القرن الرابع الهجري.

ثم ظهوره منتشرًا في غرب البلاد الإسلامية، وسيطرته وشيوعه في مصر وما والاها من شمال إفريقيا، حتى يصل إلى الأندلس والجزر التي تصاقبها من البحر المتوسط، ويتتبع المذهب في الشرق، حيث يدخل (الرَيَّ)، وزيارته للهند

إلى آخره.

ويتقدم بالتوضيح للمذهب المالكي في مصر، فيبين أول دخوله ومن أدخله، ويحقق في ذلك مقارنًا في ذلك بين النصوص جامعًا بينهما - ثم يشير إلى الحال في العصر الحاضر - وسيادة المذهب الحنفي في إفريقية (تونس) ثم غلبة المذهب المالكي عليه.

ويبين أن أول ما دخل إلى الأندلس من المذاهب الفقهية مذهب «الأوزاعي» وقد غلب عليها، ثم أدخل المذهب المالكي الأمويون بالأندلس، وزال مذهب الأوزاعي حول المائتين.

ص: 42

ويبين أن شيوع المذهب كان بإلزام من أميرها الأموي، لأنه أثنى عليه ثناء طيبًا، وفضله على حكام الحرم المدني، وقال لمحدثه:«نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُزَيِّنَ حَرَمَنَا بِمُلْكِكُمْ» .

ويتقصى شيوع المذهب المالكي لا يغادر بلدًا كان فيه إلا ذكره.

وهكذا يسير على طريقته في بيان أماكن انتشار المذهبين الشافعي الحنبلي من غير تقصير في بيان المواضع، كما فعل في المذهبين الحنفي والمالكي، وقد ضربنا بهما الأمثال.

15 -

(*) ويلاحظ في هذا الكتاب القيم ثلاثة أمور:

أولها - أنه لم يُعْنَ بدراسة حياة الإمام دراسة تحليلية متقصية، ولم يدرس أصول فقهه، ذاكرًا ما بنى عليه آراءه، لأن هذين الأمرين لم يكونا غايته، إذ أن فقهه عمل فقهي يترك للفقهاء يدرسونه ويبينون مبادئه، ونهايته، ويقابلون بينه وبين غيره، ولأن تاريخ الأئمة كان قائمًا في مناقبهم، وما كان من شأنه أن يكرر ما هو مجموع مبسوط في إطار واحد، إنما كانت عنايته متجهة إلى ما هو منثور غير مجموع، وفي وقت لا نكاد نجد فيه كتابًا جمع فيه بين ما هو منثور من أماكن المذاهب، وبين ما هو شائع في أرضه، وما هو قليل فيها، وقد سَدَّ الأستاذ أحمد تيمور تلك الثغرة، وملأ ذلك الفراغ، وهو في ذلك مَحْمُودُ الصَّنِيعِ.

الأمر الثاني - إنك لا تجد مذهبًا من المذاهب قد استولى استيلاء كاملاً على بلد من البلدان، بل كان يزاحمه غيره أحيانًا، ويجاوره في أماكن تمكنه أحيانًا أخرى، ولذلك تراه قد ذكر المذهب الواحد في عدة

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:

(*) سبق نفس الترقيم في صفحة 41 من هذا الكتاب.

ص: 43

أقاليم وذكر غيره أيضًا في هذه الأقاليم، ولكن أحدهما يكون كثيرًا في هذا الإقليم، والآخر قليل فيه.

الأمر الثالث - الذي يلاحظ في هذا الكتاب المفيد القيم كثرة نُقُولِهِ، وذلك في فضل التثبت عند الكاتب الجليل، وهو يتكلم في حكاية نقول فكان لا بد أن يكون ذكرها بالنص مقصودًا، ليأخذ بيد القارئ، ويكون على مقربة من المصادر الإسلامية، ولكي يتأكد من صدق الحكاية، وسلامة النقل، ولكي ينقل علم الأسلاف إلينا ليخاطبوا خيالنا، وفي كلام الكثيرين منهم مَشْرِقَ الحِكْمَةِ.

16 -

وأن عبقرية التصنيف التي اتسم بها الكُتَّابُ السلفيون هي هذا النوع من التأليف المحكم، إذ يصفون النقول القديمة متناسقة يأخذ بَعْضُهَا بِحُجَزِ بَعْضٍ بحيث لا تجد تنافرًا في أجزائها، ولا تضاربًا في معانيها. ولا تجد كلمة تكون نائية عن الأخرى غير مؤتلفة معها، ولا ناشزة عنها، بل هي [هي](1) في طوعها وانقيادها وسلاستها.

وليس ذلك هَيِّنًا لَيِّنًا، إنما هو صنيع لا تقوم به إلا يد ماهرة، ومثله مثل عالم الآثار الذي يجيء إلى الجدار المتناثر في بقعة الآثار، وكأنه حجارة منثورة، فيجيء إليها ويجمع متناثره، ويؤلف بينه ويجعل منه إناء يمثل أواني عصره، وقد جمعه من قطع غير متآلفة فجعلها متألفة.

(1) زيادة لا يستقيم المعنى إلا بها. اهـ. الناشر.

ص: 44

فليست الكتابة العلمية إنشاء فيه جمال ألفاظ، أو سبك عبارات، إنما الكتابة العلمية تأليف بين الألفاظ والمعاني، وجمعها من بين المتناثر، ليكون كيانًا قائمًا بذاته.

ولا أحسب أني رأيت كاتبين عظيمين يتشابهان في جودة هذا النوع كالأستاذ أحمد تيمور وصديقه الفقيه العظيم الأستاذ «أحمد إبراهيم» فقيه عصره.

17 -

إن بعض الذين يدرجون حول الكتابة وتأليف الكتب يحسبون ذلك عملاً صغيرًا، ويقولون مستهزئين:

إن أقصى ما يدل عليه الكتاب أن صاحبه عنده مكتبة استطاع أن ينتفع بها، وقد سمعتها من أستاذ جامعي توفي إلى رحمة الله، وقد وقع الكثيرون في هذا لأنهم حسبوا التأليف ضجة عبارات، وترديد أقوال وتغيير كلمات وتبديل جُمَلٍ.

إن الأستاذ أحمد تيمور قد جمع كتابه من أجزاء منثورة في كتب التاريخ العام، ومعاجم البلدان، والتراجم والمناقب، وغير ذلك، وإنك لتجد في الصفحة الواحدة أحيانًا خمسة مصادر، وهي لا تزيد على ستة عشر سطرًا، ولا تقل صفحة عن مصدرين.

وإذا كان تعارض بينها عمل على التوفيق، ولولا أنه يعزو قوله دائمًا إلى مصدره ما ظننت أن أكثر ما فيها منقولات مؤتلفة.

ص: 45

وقد حاولت إحصاء ما اعتمد عليه من كتب فوجدت الحسبة قاربت المائة. وفي الحق إني أعظمت المجهود الذي بذل في ذلك الكتاب الصغير الحجم، العظيم الجدوى والذي سد به فراغًا، لم يسده أحدٌ قبله، ولم أجد من بعده من سايره أو سار في طريقه.

إن الفراغ قائم في المذاهب الأربعة الأخرى، وهي المذهب «الزيدي والإمامي والظاهري والإباضي» .

وقد ذكر فيما كتبنا بعضًا من ذلك، ولكن دون ما قام به العالم الجليل رضي الله عنه، وأثابه عن الإسلام خيرًا، وَمَكَّنَ الأخلاف من أن ينتفعوا بما خلف، إنه سميع مجيب

محمد أبو زهرة

ص: 46