الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تقديم]
تقديم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. . . أما بعد:
فإن ما حدث ويحدث في العالم من ظواهر وتغيرات اجتماعية، ومستجدات وأحداث، تحتاج من المجتمع البشري إلى دراسة وتمحيص لتمييز الغث من السمين.
وهذه الدراسة يجب أن تكون علمية تعتمد على الأسس والأساليب والمعايير العلمية لتحقيق ذلك المستوى من التمييز، فلا يكون النظر إليها نظرا مجددا يدفعه الحماسة أو المدافعة عن وجهة النظر، وهذا بلا شك يحتاج إلى روية وتجرد وعدل في جانب الباحث، وإلى تحديد وتحرير وتعريف علمي دقيق لموضوع الدرس والمناقشة.
وفي هذا الإطار، فإن الإرهاب - بمفهوم الإفساد في الأرض، ونشر الرعب والخوف السلبي بشتى صوره وأشكاله - من الأحداث التي رزء بها إنسان هذا الكون، وهو بهذا المفهوم قديم، نجد الإشارة إليه في الحوار الرباني مع الملائكة:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] .
فأشارت الملائكة إلى الفساد في الأرض وسفك الدماء وهما من الإرهاب في مفهومه السلبي، ولكن العليم الخبير قال:{إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] .
فالإرهاب بذلك المفهوم ليس له وطن ولا دين، وليس حديث النشأة، ومعاناة الإنسان منه ليست للتو، إنما هي سلسلة وتاريخ طويل من الأحداث.
لذا جاءت معالجة هذا الأمر في الديانات السماوية وخاتمتها ديننا الإسلامي الذي أوفى هذا الموضوع حقه في المعالجة الوقائية والعلاجية.
إلا أنه عندما حصلت النكسة الفكرية في الفكر الإنساني في بعض المجتمعات البشرية - وذلك بفصل الدين عن الدولة - تأثرت بذلك سلبا كثير من الأحكام والموجهات والضوابط والمعايير المرتبطة بالدين وخاصة تلك التي تضبط سلوك الإنسان وتصرفاته.
ونظرا إلى اختلاف المصادر الفكرية والبيئات الاجتماعية والموروثات الأدبية، فقد اختلفت نظرة المجتمعات البشرية إلى تلك الأحكام والمسائل، ومنها الإرهاب الذي عانى منه الإنسان قديما، وازداد عناؤه منه حديثا، فكان تكثيف التوجه والاهتمام بمعالجته ومناقشته في المؤسسات الحكومية والهيئات والمنظمات الدولية، وفي المؤسسات العلمية والجامعات ومراكز البحث العلمي.
وفي هذا السياق تلقيت دعوة للمشاركة في المؤتمر الذي نظمه كرسي الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية في كلية الدراسات الشرقية في جامعة لندن خلال المدة 20- 21 شعبان 1424 هـ الموافق له 16-17 أكتوبر 2003 م. فأعددت هذا البحث وعنوانه (وجهة نظر في مفهوم الإرهاب والموقف منه في الإسلام) وقسمته أربعة فصول.
وبعد استكمال البحث رأيت أن أسمه ب (نظرة في مفهوم الإرهاب والموقف منه في الإسلام) ليتفق مع مضمون مادة البحث.
ولما لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية التابع لمؤسسة الملك فيصل الخيرية من جهود مباركة في مجال البحث والنشر العلمي، فقد تولى هذا البحث واعتنى بنشره. مؤملا أن يجد فيه القارئ ما يفيد، وراجيا أن أتلقى ما يسهم في تطويره.
نسأل الله أن يحفظنا جميعا بحفظه، وأن يحفظ ولاة أمرنا وعلماءنا، وأن يديم على بلادنا الأمن والاستقرار، وأن يرد كيد الكائدين ومكر الماكرين في نحورهم.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
عبد الرحمن بن سليمان المطرودي