الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنده إثبات الذات.
ولهذا فإننا كثيرا ما نجد أن أغلب الملتحقين بالحركات الإرهابية من المخفقين دراسيا، أو من أصحاب المهن المتدنية في المجتمع، وغيرهم ممن لديهم الشعور بالدونية، ويسعون لإثبات ذاتهم، أو أشخاص لهم طموح شخصي، أو ممن تعرضوا لمواقف اجتماعية معينة.
هذه الأسباب عامة يمكن أن تكون صالحة في عموم دول العالم؛ إذ إنها- في غالبها- تعي حاجة مواطنيها وتسعى إلى تحقيقها. أما حينما تكون قيادة ذلك المجتمع سببا رئيسا من أسباب نشوء حركات نضال، أو مطالبة بحقوق، أو غير ذلك من ألوان التخبط في إدارة البلاد وتسييرها، كالتمييز العنصري، أو فرض مناهج سياسية وأيديولوجيات فكرية تصادم ما يؤمن به أفراد ذلك المجتمع، وما استقرت عليه حياتهم، أو حينما يكون هناك لون من ألوان التعسف الأمني ضد بعض فئات المجتمع، أقول حينما تكون القيادة لبلد من البلاد في العالم سبب التذمر وخلق جو التوتر والمهاترات، فإن الواجب على عقلاء العالم أن يبادروا إلى نصح تلك القيادة لإصلاح شأنها، فإن لم تستجب اتخذت بعض الإجراءات على
المستوى الدولي
من خلال هيئة الأمم المتحدة، إذ ليس من الإصلاح تدريب عصابات التخريب، أو استخدام الإرهاب لمعالجة أخطاء يمكن معالجتها بغير ذلك، فلا يعالج المنكر بما هو أنكر منه، أو بما يقود إلى مفسدة أعم، وهذا هو منهج الإسلام.
[المستوى الدولي]
ب- البعد العام: المستوى الدولي: تنوعت وجهات النظر حول البعد العام وتعددت، حيث يرجعه البعض إلى أزمة ضمير وأخلاقيات حادة يعيشها النظام السياسي الدولي، تلك الأزمة التي يبرز معها التناقض الواضح بين ما تفرضه مواثيق النظام الدولي، وما تحض عليه مواثيق قيم الإنسانية من نظم وقواعد في التعامل، وبين ما يحدث على أرض الواقع من تنكر لكل تلك المواثيق والقيم والمبادئ، من هنا يرى البعض أن الإرهاب الدولي يظهر صرخة احتجاج على هذا التناقض.
بينما يرى آخرون أن شيوع الإرهاب الدولي يرجع إلى افتقار النظام السياسي الدولي إلى الحزم والقوة في الرد على الانتهاكات والمخالفات التي تتعرض لها مواثيقه ومبادئه، من خلال عقوبات رادعة لكل مظاهر الإرهاب الدولي.
وبالجملة فإن أبرز تلك الأسباب على المستوى الدولي تتلخص فيما يأتي:
1 -
عدم الاتفاق الدولي على تعريف محدد للإرهاب يحدد مظاهره وصوره وأسبابه، هذه الضبابية وعدم الوضوح أفسحت المجال لبعض الحكومات لاحتضان ما ترى أنه ليس من الإرهاب في مفهومها، سواء أكان ذلك الاحتضان بشكل مباشر أم غير مباشر، بينما قد تشن دول أخرى حربا على ما تسميه إرهابا في مفهومها، وهو ليس كذلك عند الأخرى "وقلما يكون ذلك " هذا الوضع المتناقض مكن بعض المنظمات التي تمارس الإرهاب من الحركة والتنقل والانطلاق تحت غطاء شرعية وجودها في دولة من دول العالم.
2 -
ظهور منظمات وهيئات كثيرة في العالم تسجل رسميا في دولة من دول العالم لأهداف وأغراض إنسانية أو تعليمية محددة، وتتقدم بتسجيلها إلى دول أو هيئات ومنظمات أخرى طلبا للمساعدة المادية، وربما تحصل على شيء من ذلك بسبب ذلك السجل وتلك الأهداف والبرامج التي تقدمها، خاصة أنها تقدم حساباتها المالية السنوية موثقة من محاسبين قانونيين معتبرين في دولة المقر، مع عدم إمكانية قيام الدولة أو المنظمة أو الهيئة التي تطلب منها المساعدة بالتثبت من تلك الحسابات، وتعقب إنفاق ما تقدمه من تبرعات في وجهته الصحيحة؛ لأن حسابات تلك المنظمات لدى بنوك في دولة المقر، مما يعد معه متابعة الدولة أو المنظمة مقدمة التبرع تدخلا في الشئون الداخلية للدولة الأخرى- دولة المقر- وتشكيك في مصداقية مؤسساتها، وهذا الوضع قد يوجد إمكانية لبعض أفراد تلك المنظمات في سوء استخدام تلك التبرعات، أو عدم صرفها فيما خصصت له، وفي هذه الحال يعد المجتمع أو الدولة المتبرعة خارج نطاق المسؤولية؛ إذ تقع كامل المسئولية على دولة المقر.
3 -
التقدم العلمي والتقني في مجال شبكات الاتصال، الذي مكن أعضاء تلك
الخلايا والشبكات الإرهابية من الحصول على معدات وأجهزة فنية متطورة جدا تيسر لهم الاتصال، وتساعدهم على تنفيذ مهماتهم بدرجة كبيرة من الدقة والإتقان.
وتذكر بعض التقارير والدراسات الدولية المنشورة حول نشاط الإرهاب الدولي إمكانية حصول بعض المنظمات الإرهابية على قدرات واسعة في مجال تقنية المعلومات، بل وتصنيع الأسلحة الفتاكة، بمساعدة بعض دول العالم.
4 -
تغطية وسائل الإعلام من إذاعة وتليفزيون وقنوات فضائية وشبكات الاتصالات العالمية (الإنترنت) للأعمال الإرهابية، يعطي فرصا واسعة أمام الإرهابيين الذين يسعون وراء الدعاية لأهدافهم ونشر فكرهم، بل وتسويغ أعمالهم. ويميل بعض المحللين إلى اعتبار هذه التغطية دعاية مكثفة لمناشط الإرهاب الدولي وعملياته، أو تلك الأصوات التي تنقل وسائل الإعلام تسويغها لأعمال أولئك الإرهابيين، أو حتى تحليلاتها الشاذة في المفهوم والإدراك، من بين الأسباب المهمة التي تحفز الإرهابيين باتجاه التوسع في أعمالهم؛ لأنها تحقق لهم أحد أهم أهدافهم المتمثلة في الحصول على حضور إعلامي أمام الرأي العام العالمي دون أن يتكلفوا شيئا في سبيل الإنفاق على تلك الدعاية.
وهذا الاعتبار الدعائي بالذات كان دافعا لأعضاء اللجنة الخاصة بموضوع الإرهاب الدولي التابعة للأم المتحدة لأن تقترح على الدول أن تقصر تغطيتها الإعلامية للأفعال الإرهابية في أضيق نطاق، لحرمان الإرهابيين من هدفهم الذي يسعون دائما إليه، وهو الحصول على أوسع دعاية دولية ممكنة لعملياتهم الإرهابية.
5 -
التناقضات في مواقف بعض دول العالم تجاه ظاهرة الإرهاب، وعدم مشاركتها الجادة في مكافحته وتضييق الخناق عليه، تلك المواقف قامت بعمل رئيس في اتساع نطاق ظاهرة الإرهاب وتفاقم أخطارها. وتتمثل تلك التناقضات في عدة صور؛ منها ضعف التشريعات القانونية الداخلية في بعض الدول التي تعاقب على ارتكاب أفعال الإرهاب، وبذلك تفقد أثرها الرادع، وتفتح الطريق لمن تسول لهم أنفسهم القيام بأعمال إرهابية. ومنها ما سبق ذكره من احتضان بعض دول العالم لبعض الإرهابيين
المباشرين أو المنظرين للفكر الإرهابي والتطرف الفكري، مما مكنهم من السعي لإذكاء نار الفتن، والتحريض على الدول والحكومات الأخرى، وذلك من وجوه كثيرة؛ منها: مساعدتهم المادية أو المعنوية، بغض الطرف عن أنشطتهم التي تحتضنها دولهم وتنطلق منها ضد دول أخرى، وبعض تلك الدول ترفض إبرام اتفاقيات مع الدول الجادة في مكافحة الإرهاب بحجج كثيرة، كالحرية والديموقراطية وغيرها من الأعذار التي ثبت علميا أن تلك الدول لا تعتبرها عندما يكون الإرهاب موجها إليها.
6 -
قدرة الحركات الإرهابية على الحصول على معلومات دقيقة وحساسة بطرق كثيرة واضحة أو ملتوية، وهذا يساعدها في تنفيذ برامجها الإرهابية، إما داخل تلك الدول أو خارجها.
7 -
تفشي الفقر والبطالة في كثير من دول العالم، مع وجود دول أخرى أصبحت تعد كثيرا من مظاهر الترف المعيشي من أسس حياة شعوبها، وهذه الظاهرة يستغلها أصحاب الفكر الإرهابي في إيغار صدور ضحاياهم، وخاصة من الشباب الذين لم تنضج عقولهم وتصقل مداركهم.
8 -
وجود ما يسمى بحركات المقاومة للفكر السائد في بعض الدول أو للنظام الحاكم فيها، ومساعدة بعض دول العالم لتلك الحركات، سواء أكانت مساعدة مادية أم معنوية، وذلك بحجج مثل عدم توفر الحرية أو الديمقراطية لها في بلادها.
9 -
ظهور ظاهرة الكيل بمكيالين في سياسة بعض الدول ضد دول أو شعوب أخرى، مما دفع بعض المنظمات إلى استغلال هذه الظاهرة في نشر الفكر المضاد لذلك الظلم السياسي في المواقف والانتصار للحقوق.
تلك كانت نماذج من الأسباب العامة لظهور ظاهرة الإرهاب على المستوى الدولي.
ومما يحسن توكيده: التنويه بضرورة الشمولية في معالجة الإرهاب وعدم الانتقائية في المعالجة، فتلك تتيح له فرص النماء والانتشار، بل لا بد من جهد دولي في تحديد الأسباب وكشفها ومعالجتها، ومعالجة كل مظاهر الإرهاب أو ما يدفع إليه، لأن الجهود الفردية للدول لا يمكن أن تخرج خارج نطاقها، ولا تستطيع أن تعالج أسبابا خارجة عن