المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[جهود الدول في مكافحة الإرهاب] - نظرة في مفهوم الإرهاب والموقف منه في الإسلام

[عبد الرحمن المطرودي]

الفصل: ‌[جهود الدول في مكافحة الإرهاب]

خلال مؤسساتها الرسمية، كالجمعية العامة، ومجلس الأمن الدولي.

ولكن - ويا للأسف الشديد - لم تختف من نظام المنظمة الدولية، التي أنشئت للحفاظ على الأمن والسلام الدوليين، صورة تسلط القوي وهيمنته على الضعيف، وذلك بتشريع حق النقض (الفيتو) لأي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وقد أثبت التاريخ أن هذه العصا كانت وراء كثير من مشكلات العالم، واستمرار المعاناة لكثير من دول العالم وشعوبه، والأدلة ماثلة أمام أعيننا ليل نهار، وقضية فلسطين مثال يتجدد كل يوم للتعبير عن فساد ذلك (الحق) وضرره، وهذا القانون المنتزع بالقوة سوغ لآخرين الخروج على القانون الدولي، تعبيرا عن عدم الموافقة على ما تتخذه بعض الدول ذات الأحقية- المنتزعة- بحق النقض من ممارسات أضرت بمصالح بعض شعوب العالم.

[جهود الدول في مكافحة الإرهاب]

جهود الدول في مكافحة الإرهاب: إن كل من ينظر في القوانين الداخلية للدول، يجد أنها لم تغفل عن معالجة قضايا الإرهاب داخل أراضيها بكافة أشكاله وصوره، سواء بشكل مجمل أم مفصل، ولكن الملحوظ على تلك القوانين ما يأتي:

أ- النظرة المحلية، أو ما يسمى بالهاجس الأمني الداخلي؛ إذ سنت كثير من تلك القوانين لمعالجة قضايا داخلية في الدول.

2 -

حداثة المواد والقوانين الخاصة بالإرهاب والتعديلات التي طرأت عليها.

3 -

أن تلك الأنظمة التي سنتها بعض دول العالم إنما جاءت لمحاربة منظمات وحركات هي في منظور تلك الدول حركات إرهابية، ففي بريطانيا مثلا صدر قانون مكافحة الإرهاب عام 1976 م، وجرت عليه تعديلات بعد ذلك، والباعث على إصدار ذلك القانون كان لمواجهة منظمة الجيش الجمهوري الإيرلندي والخلايا الإيرلندية الأخرى التي تسعى إلى تحرير إيرلندا الشمالية وفصلها عن بريطانيا. وفي إيطاليا في عام 1980 م نظم في القانون مواد لمكافحة الإرهاب الذي يمارسه بعض الإرهابيين في اليمين واليسار المسيحيين المتطرفين، وكذا جماعة الألوية الحمراء. أما في ألمانيا فقد جاء

ص: 53

قانون مكافحة الإرهاب لمكافحة نشاط بعض الحركات الإرهابية النشطة في ألمانيا ضد حلف الناتو وبقايا الحركة النازية. وفي إسبانيا وفرنسا كذلك شرعت أنظمة وقوانين حديثة بسبب حوادث العنف والاعتداء التي وقعت فيها من بعض المنظمات المناوئة لها، أو التي تطالب بفصل جزء من تلك الدول تحت مسميات تراها حقا لها.

أما في أمريكا، فإن أنظمة مكافحة الإرهاب في قوانينها ونظمها الداخلية تعتمد على أسس من أهمها:

1 -

أن الإرهاب ظاهرة محلية تواجهها كل دولة بمفردها.

2 -

وضع قواعد قانونية أمريكية لتصنيف من يرعى الإرهاب الدولي حسب المفهوم الأمريكي، وهو ما يضر بالمصالح الأمريكية أو يعرضها للخطر، وصنفت بعض دول العالم بالنظرة الأمريكية إلى دول ترعى الإرهاب وأخرى تسانده.

3 -

أجاز القانون الأمريكي استخدام المعونات الاقتصادية سلاحا ضد الدول التي ترعى الإرهاب حسب التصنيف والمفهوم الأمريكي، وذلك بقطع المعونات الاقتصادية بأية طريقة من الطرق، خاصة للدول المحتاجة، أو بالمقاطعة الاقتصادية.

4 -

يجوز للحكومة الأمريكية مساعدة أية جماعة أو حركة أو منظمة خارجة على دولتها إذا كانت المصلحة الأمريكية تقتضي ذلك.

أما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 م، فقد تغيرت النظرة الدولية لظاهرة الجريمة المنظمة، أو ما اصطلح على تسميته بالإرهاب، وخاصة الحكومة الأمريكية، التي عدت نفسها المتضرر الوحيد من تلك الجريمة، وقد تلخصت التغييرات القانونية العملية في عدة نقاط من أهمها:

1 -

العمل على تدويل ظاهرة الإرهاب، وتصنيفه ضمن الظواهر العالمية التي يجب على دول العالم التعاون لمواجهتها.

2 -

استخدام هيئة الأمم المتحدة لسن تشريعات وإصدار قرارات تجيز لدولة أو أكثر من دول العالم شن حرب على بلد آخر بحجة ضلوع جماعات فيها في عمليات

ص: 54