المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[الفصل الأول مفهوم الإرهاب وتعريفه] ‌ ‌[توطئة] الفصل الأول مفهوم الإرهاب وتعريفه توطئة: المنهج - نظرة في مفهوم الإرهاب والموقف منه في الإسلام

[عبد الرحمن المطرودي]

الفصل: ‌ ‌[الفصل الأول مفهوم الإرهاب وتعريفه] ‌ ‌[توطئة] الفصل الأول مفهوم الإرهاب وتعريفه توطئة: المنهج

[الفصل الأول مفهوم الإرهاب وتعريفه]

[توطئة]

الفصل الأول

مفهوم الإرهاب وتعريفه توطئة: المنهج العلمي يقتضي عند تعريف أي لفظ عام يستخدم في الدلالة على عمل أو فعل معين، أن يكون ذلك التعريف معبرا عن حقيقة ذلك الفعل، يتمثل فيه تحديده ووصفه، فلا يخرج منه ما يجب أن يكون فيه، ولا يدخل فيه ما ليس منه، بحيث لو أسقط ذلك المصطلح أو اللفظ المستخدم على ذلك الفعل، لأمكن تحديده بشكل مقيس قياسا علميا يطابق الواقع ويدل عليه، وهذا مما يمكن من التعامل معه وفقا لأحكامه وقوانينه، وتحديد أطره وأبعاده ودراستها والتعامل معها بما يناسبها.

وحيث إن هذا البحث يتحدث عن موضوع شائك معقد وهو الإرهاب، فلا بد من تحديده وتعريفه بشكل دقيق حتى لا تحمل المصطلحات معاني لا تدخل ضمن نطاقها.

وتحقيقا لهذا، فقد حاول هذا البحث - من خلال قراءات متعددة في موضوعه - تحديد بعض الألفاظ والتعريفات المتعلقة بها مع الربط بين الواقع وتلك المعاني والتعريفات المتعلقة بموضوع الإرهاب، وقد تبين وجود مفارقات بين واقع الأعمال التي توصف بالإرهاب، والمعاني التي تعنيها كلمة إرهاب. وقد تجلت المفارقات في الآيات القرآنية التي وردت فيها كلمة إرهاب؛ حيث جاء تفسيرها الدال عليه مضمون تلك الآيات لا يلتقي مع استخدام كلمة إرهاب في المصطلحات الحديثة. وترجع تلك المفارقات إلى اعتبارات كثيرة، منها:

1 -

إن وصف العمل نسبي، فما يراه مجتمع، أو تجيزه ثقافة، قد لا يكون كذلك في عرف مجتمع آخر، والعكس صحيح، ولهذا فإن المصالح العامة للمجتمعات والدول تتأثر بهذا سلبا وإيجابا، فما تراه دولة حقا مشروعا وسائغا عمله تحقيقا لمصالحها قد لا تراه كذلك دولة أو مجتمع آخر.

2 -

إن المقاييس المادية للخير والشر تختلف في ثقافات الأمم وحساباتها بقدر ما ينالها

ص: 9

من نفع أو ضرر، أو بقدر ما يؤثر في حياتها من أمور وحوادث سلبا أو إيجابا. والموقف من أفعال الناس من المنظور المادي يتأثر بما يطرأ على العناصر المادية من سلب أو إيجاب. أما في المنظور المعنوي، فهذا متعلق بالحكم الشرعي.

3 -

إن الخلط بين المفاهيم والمقاصد النفعية قاد بعض الباحثين إلى ربط بعض المصطلحات بالمفهوم العام للإرهاب، فلا يكون حديث عن الإرهاب إلا ويأتي الحديث عن التطرف، والغلو، والأصولية، والعنف، إما جهلا بحقيقة تلك المصطلحات والفروق بينها، أو بقصد الربط في المقاصد أو في المعتقدات مع عدم وجوده، بل إن البعض يجعل بعض تلك المصطلحات مترادفة، وهذا بلا شك ربط غير وجيه لاختلاف المفاهيم والدلالات والمقاصد لكل منها.

وهذا الخلط شوه المفهوم الحقيقي لكل واحد منها، وعتم على علاقته بالآخر، فاختلطت المعاني وتداخلت، فلا يعلم أيهما السابق أو اللاحق، ولا يعلم أيهما السبب وأيهما النتيجة، بل إن البعض من الناس قد يدافع عن بعض تلك المصطلحات؛ لأن دلالتها في لغته وثقافته أو مفهومه أو في رأيه سليمة، ونظرا إلى عدم وضوح الصورة والتداخل في المفاهيم والاستعمالات جاءت مواقف بعض المجتمعات غير واضحة وغير ثابتة، وخاصة عند عامة الناس وعند وسائل الإعلام، فاتهمت مجتمعات بالأصولية وأخرى بالتطرف، واتهمت دول بإيواء الأصوليين ودعم الأصولية، وهي في ثقافة ذلك المجتمع وعرفه لا علاقة لها بالمفهوم السلبي عند الآخرين.

ولهذا ضاعت الحقائق في خضم الاختلاف في المفاهيم والمقاصد لعدم تحديد المصطلحات وقصر استخدامها على مرادها.

4 -

إن استخدام مصطلح الإرهاب بموجب مادة هذه الكلمة اللغوية للدلالة على عمل إجرامي فيه تقليل من الجريمة وأبعادها، إذ إن معنى الإرهاب في قواميس اللغة لا يمثل الوصف الحقيقي لحجم الجرم ومستوى الجريمة، فهو يقتصر على معنى الخوف والتخويف وما اشتق منه، وهذا فيه عدم مطابقة للواقع من جانبه المادي والقانوني؛ إذ قد يكون المفهوم اللغوي للإرهاب نتيجة لذلك الفعل فقط، ولكنه لا يمثله من حيث

ص: 10