المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وصف الجرم والدلالة عليه. 5 - جاءت بعض التعريفات الاصطلاحية متأثرة - نظرة في مفهوم الإرهاب والموقف منه في الإسلام

[عبد الرحمن المطرودي]

الفصل: وصف الجرم والدلالة عليه. 5 - جاءت بعض التعريفات الاصطلاحية متأثرة

وصف الجرم والدلالة عليه.

5 -

جاءت بعض التعريفات الاصطلاحية متأثرة بالمعاني اللغوية، والبعض الآخر جاء ليمثل ما يراه المؤلف أو الكاتب دون التفات إلى دلالة اللفظ، ومما تجدر الإشارة إليه أن كل مؤلف أو كاتب سيتأثر بثقافته وموروثة الحضاري، ولهذا قد يظهر على بعض تلك التعريفات المنحى الشخصي أو الموروث الثقافي.

وفي الجملة، فإن جوهر مشكلة الخلط في مفهوم الإرهاب يؤثر في الرؤى حول ما يعد نشاطا يستوجب الإدانة، وما يعد كفاحا يستحق الدعم والتشجيع، فأصبحت كلمة الإرهاب من هذه الزاوية محملة بكم هائل من الخلط والتشويش وعدم الوضوح.

وقد نتج عن ذلك الخلط والتشويش التداخل وعدم الفصل بين "الأداة" و"الوظيفة" وبين "الوسيلة " و" الهدف ". ولهذا نجد كما هائلا من التعريفات والكتابات والتحليلات التي حاولت تعريف مفهوم الإرهاب وتحديده، ولكن نجد بعضها يركز على الوسيلة، وأخرى على الأداة، وتارة على الهدف أو الوظيفة.

[تعريف الإرهاب]

[التعريف اللغوي]

تعريف الإرهاب: التعريف اللغوي: تبين لنا في التقديم السابق أن الاختلافات تدور حول التعريف الاصطلاحي للإرهاب- كما سيأتي تفصيل ذلك- أما التعريف اللغوي، فمن المعروف أنه يرتبط بميكنة تركيب الكلمة وبنائها وحروفها، ولهذا فإن التعريف اللغوي للإرهاب يكاد يكون واحدا، وإن توسعت بعض اللغات في المترادفات أو المشتقات أو الاستعمال للمعنى العام تارة، أو للمفهوم الخاص تارة أخرى، ولا شك أن الاختلاف والتضييق أو التوسع في التعريف اللغوي يلقي بظلاله على المعنى الاصطلاحي.

فالإرهاب في اللغة العربية: رهب: كعلم، رهبة ورهبا، بالضم وبالفتح وبالتحريك، ورهبانا، بالضم ويحرك: خاف. وأرهبه واسترهبه: أخافه (1) .

والراهب: واحد رهبان في الديانة المسيحية. وهو اسم فاعل من رهب: إذا خاف،

(1) مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، القاموس المحيط، ط5، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1416 هـ/ 1996م) ، ص 118.

ص: 11

أي: الخوف من الله سبحانه وتعالى.

وعليه؛ فالإرهاب في اللغة هو الإفزاع والإخافة، يقال: أرهبه، ورهبه أي أخافه (1) .

قال عنترة:

لولا الذي ترهب الأملاك قدرته

جعلت من جوادي قبة الفلك

ويقول الأعشى:

وبلدة يرهب الجواب دلجتها

حتى تراه عليها يبتغي الشيعا

قال أبو القاسم الجنيد، الخوف: توقع العقوبة، وقيل: الخوف: اضطراب القلب وحركته من تذكر المخوف، وقيل: الخوف: هروب القلب من حلول المكروه عند استشعاره.

وبالنظر فيما سبق من معاني مادة "رهب " وبعض ما تفرع عنها يتضح أنها تعني: الخوف، وهو ما يعني الإمعان في الهرب من المكروه، وقد يكون هذا الهرب بالكف عن فعل ما ينتج عنه مكروه أو ببذل الأسباب التي تمنع حدوثه، ومنه إمعان الإنسان في العبادة والزهد في الدنيا خوفا من الله وطمعا في رضاه. وأما أرهب، فتعني: قصد التخويف والإفزاع والترويع، من قوة تفوق قوة ذات المخوف أو المروع، فهو حالة من تسليط عناصر خارجية تتسبب في ضعف داخلي يعتري الإنسان، فيجبره على التخلي عن شيء من اختصاصه، أو عن شيء يحبه.

ولقد أقر مجمع اللغة العربية في القاهرة استخدام كلمة الإرهاب بوصفه مصطلحا حديثا في اللغة العربية أساسه (رهب) بمعنى خاف، وأوضح المجمع:(أن الإرهابيين وصف يطلق على الذين يسلكون سبيل العنف لتحقيق أهدافهم السياسية)(2) .

ومعنى الإرهاب في اللغات الأخرى لا يبعد عن معناه في اللغة العربية؛ ففي اللغة الإنجليزية مثلا كلمة Terrorism التي تعني الإرهاب، وهي مشتقة من كلمة Terror أي تخويف أو Terrorize وكلها تعني الخوف ومشتقاته.

(1) أبو الفضل ابن منظور، لسان العرب (بيروت: دار بيروت للطباعة، 1955 م) ، ج 1، ص 436؛ وإسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح.

(2)

مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط (القاهرة: مجمع اللغة العربية) ، ص 390.

ص: 12