المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[الفصل الثاني الإرهاب في المجتمع البشري جذوره ونشأته] ‌ ‌[نشأة الإرهاب] الفصل الثاني الإرهاب - نظرة في مفهوم الإرهاب والموقف منه في الإسلام

[عبد الرحمن المطرودي]

الفصل: ‌ ‌[الفصل الثاني الإرهاب في المجتمع البشري جذوره ونشأته] ‌ ‌[نشأة الإرهاب] الفصل الثاني الإرهاب

[الفصل الثاني الإرهاب في المجتمع البشري جذوره ونشأته]

[نشأة الإرهاب]

الفصل الثاني

الإرهاب في المجتمع البشري، جذوره ونشأته نشأة الإرهاب: يرى كثير من الباحثين والمؤرخين أن الإرهاب ظاهرة قديمة قدم العلاقات الإنسانية على وجه الأرض، فهي ترتبط بوجود علاقات اجتماعية بين بني البشر، وترتبط بوجود الصراع بين الحق والباطل وبن الخير والشر، وتزداد وتنقص حسب اتساع دائرة العلاقات الإنسانية أو تقلصها، وحسب احتدام الصراع بين الخير والشر والحق والباطل، فكلما اتسعت دائرة العلاقات الإنسانية، وازداد الصراع بين الخير والشر، وبين الحق والباطل، كلما ازدادت هذه الظاهرة وانتشرت في المجتمعات البشرية، كما أن هذه الظاهرة ترتبط بمدى التمسك بمنظومة القيم والأخلاق والتعاليم النبيلة في علاقة عكسية تماما؛ فكلما ازداد تمسك أفراد المجتمع بمنظومة القيم والأخلاق والتعاليم النبيلة كلما قلت هذه الظاهرة في المجتمع، وكلما نقص تمسك أفراد المجتمع بتلك المنظومة كلما ازدادت هذه الظاهرة، "وذلك لأنها ظاهرة سلبية وشاذة وغير سوية"، لا تستقيم ولا تنتظم مع القيم والأخلاق والتعاليم النبيلة، ويعد الظلم وتسلط القوي على الضعيف من أهم ما ينشر الإرهاب ويسببه.

وعلى هذا الاعتبار، فإن هذه الظاهرة ليست نشاطا بشريا طارئا أو ظاهرة مفاجئة، بل قديمة قدم الإنسان، فلم يخل زمن من الأزمان، أو عصر من العصور، من شذوذ في تصرفات الإنسان وسلوكه فردا كان أم جماعة، بل وجد من يتمرد على السلطة ويبغي على السلطان، من الناقمين على المجتمع الذي يعيشون فيه، وذلك بالخروج على نظمه وقوانينه، لأسباب شتى وأهداف متعددة، تسوغ لهم- من وجهة نظرهم- ما يقولون وما يفعلون، لذا نجد أن هذه الظاهرة عاشت في أقدم الحضارات في العالم وحتى الآن منذ أقدم حادثة إرهاب ظهرت على وجه الأرض بين ابني آدم قابيل وهابيل، وإلى وقتنا الحاضر، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، إذ وجدت هذه الظاهرة في أقدم العلاقات وأعرق الحضارات، وانتشرت في كل زمان ومكان، مع تفاوت في

ص: 20

الدرجة والنوع والهدف والطريقة والأسلوب، حسب طبيعة كل زمان ومكان ونوع العلاقات وتشابك المصالح بين البشر.

وقد جاء في بعض آي القرآن الكريم وكتب السيرة والتاريخ ذكر بعض الحوادث التي يمكن احتسابها ضمن منظومة الإرهاب البشري.

فأول عنف وعمل إرهابي ظهر على وجه الأرض ما حصل بين ابني آدم؛ إذ قتل قابيل أخيه هابيل بسبب الغيرة والحسد؛ قال الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ - لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ - إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ - فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ - فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة: 27 - 31][المائدة: 27- 31] ، فهذه أول حادثة يتمثل فيها أول عمل يحتسب من الإرهاب في مفهومه الواسع.

كما أن نبي الرحمة والسلام محمد صلى الله عليه وسلم لم يسلم من إرهاب من لم يؤمن برسالته؛ فلم يسلم ومن آمن به واتبعه من الأذى، فتعرضوا لصنوف من العذاب والاضطهاد من قبل قومهم، مما اضطرهم ذلك إلى الهجرة مرتين إلى الحبشة ثم إلى يثرب "المدينة المنورة"، تاركين الأموال والأملاك والديار والأهل والعشيرة في سبيل نشر دعوة الله في الأرض، وبناء الدولة الإسلامية.

وبالرغم من أن الإسلام لم يدع إلى قطيعة رحم أو حرب على الناس وسلب ممتلكاتهم، بل هو دين السلام والرحمة والمحبة والأمن والأمان والتعاون بين بني البشر، وعدم البغي والظلم، وعدم الإكراه، حتى في أمر الدين، ومع هذا لم يسلم هذا الدين من ظهور فئات تخالف تلك التعاليم السمحة من تلك الفئات الخارجة عن الدين، والبعد عن رحمته وعدله وأمنه وأمانه ووسطيته.

ومن تلك الفئات:

- حركة الخوارج التي ظهرت عقب موقعة صفين عام 37 هـ بسبب موقفهم من

ص: 21