الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]
(كِتَابُ الْجَنَائِزِ) 731 - (1) - حَدِيثٌ: «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» . أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَابْنُ السَّكَنِ، وَابْنُ طَاهِرٍ، كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالْإِرْسَالِ.
وَفِي الْبَابِ أَنَسٌ عِنْدَ الْبَزَّارِ بِزِيَادَةٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: لَا أَصْلَ لَهُ، وَعَنْ عُمَرَ ذَكَرَهُ ابْنُ طَاهِرٍ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الشِّهَابِ، وَفِيهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ، وَذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا.
(تَنْبِيهٌ) :
" هَاذِمِ " ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ أَنَّ الرِّوَايَةَ فِيهِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَمَعْنَاهُ الْقَاطِعُ، وَأَمَّا بِالْمُهْمَلَةِ فَمَعْنَاهُ الْمُزِيلُ لِلشَّيْءِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا، وَفِي هَذَا النَّفْيِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى.
(فَائِدَةٌ) :
اُسْتُدِلَّ لِتَوْجِيهِ الْمُحْتَضَرِ إلَى الْقِبْلَةِ بِحَدِيثِ عُمَيْرِ بْنِ قَتَادَةَ مَرْفُوعًا: «الْكَبَائِرُ تِسْعٌ - وَفِيهِ - اسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد،
وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَرَوَاهُ الْبَغَوِيّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ، وَمَدَارُهُ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَاسْتُدِلَّ لَهُ أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ:«أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَعْرُورٍ أَوْصَى أَنْ يُوَجَّهَ لِلْقِبْلَةِ إذَا اُحْتُضِرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَصَابَ الْفِطْرَةَ» .
732 -
(2) - حَدِيثٌ: «إذَا نَامَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَسَّدْ يَمِينَهُ» . ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ مِنْ حَدِيث الْبَرَاءِ بِلَفْظِ: «إذَا أَخَذَ أَحَدُكُمْ مَضْجَعَهُ فَلْيَتَوَسَّدْ يَمِينَهُ، وَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْلَمْت نَفْسِي إلَيْك» - الْحَدِيثَ - أَوْرَدَهُ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَاهِلِيِّ. وَلَمْ يُضَعِّفْهُ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ بِلَفْظِ: «إذَا أَوَيْت إلَى فِرَاشِك طَاهِرًا فَتَوَسَّدْ يَمِينَك ثُمَّ قُلْ» . وَأَصْلُ حَدِيثِ الْبَرَاءِ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ: «إذَا أَتَيْت مَضْجَعَك فَتَوَضَّأَ وُضُوءَك لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّك الْأَيْمَنِ، وَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْت نَفْسِي إلَيْك» . وَفِي رِوَايَةٍ
لِلْبُخَارِيِّ «كَانَ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ» ، وَلِلنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَيْضًا:«كَانَ يَتَوَسَّدُ يَمِينَهُ عِنْدَ الْمَنَامِ، وَيَقُولُ: رَبِّ قِنِي عَذَابَك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك» .
وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: «كَانَ إذَا نَامَ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ» . وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ، وَعَنْ حَفْصَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد.
وَعَنْ سَلْمَى أُمِّ وَلَدِ أَبِي رَافِعٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِلَفْظِ: إنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهَا اسْتَقْبَلَتْ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ تَوَسَّدَتْ يَمِينَهَا. وَعَنْ حُذَيْفَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ.
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ بِلَفْظِ: «كَانَ إذَا عَرَّسَ عَلَيْهِ لَيْلٌ تَوَسَّدَ يَمِينَهُ» . وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ.
حَدِيثٌ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ قَوْلَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» . أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ عَنْهُ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ دُونَ لَفْظِ:" قَوْلَ " وَعِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمِثْلِهِ، وَزَادَ:«فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ، وَإِنْ أَصَابَهُ مَا أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ» . وَغَلِطَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَعَزَاهُ لِلْبُخَارِيِّ وَلَيْسَ هُوَ فِيهِ، وَأَمَّا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فَجَعَلَهُ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَرَوَى أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي أَمَالِيهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَمْلِيَاءُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «إذَا ثَقُلَتْ مَرْضَاكُمْ فَلَا تَمَلُّوهُمْ قَوْلَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَكِنْ لَقِّنُوهُمْ فَإِنَّهُ لَمْ يُخْتَمْ بِهِ لِمُنَافِقٍ قَطُّ» . وَقَالَ: غَرِيبٌ، قُلْت: فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
وَفِي الْبَابِ. عَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ، وَلَكِنْ قَالَ:" هَلْكَاكُمْ " بَدَلَ: " مَوْتَاكُمْ " وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرَ بِلَفْظِ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ -» الْحَدِيثَ - وَفِيهِ عَنْ جَابِرٍ فِي الدُّعَاءِ لِلطَّبَرَانِيِّ، وَالضُّعَفَاءُ لِلْعُقَيْلِيِّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُجَاهِدٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ رَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ بِإِسْنَادِهِ ضَعِيفٌ ثُمَّ قَالَ: رُوِيَ فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْمُحْتَضَرِينَ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بِلَفْظِ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِنَّهَا تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا مِنْ
الْخَطَايَا» . وَرُوِيَ فِيهِ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، رَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيُّ
، وَرُوِيَ فِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ:«مَنْ لُقِّنَ عِنْدَ الْمَوْتِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» .
734 -
(4) - حَدِيثٌ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» . أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِصَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ، وَأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ، وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهُ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.
(تَنْبِيهٌ) :
غَلِطَ ابْنُ مَعْنٍ فَعَزَى هَذَا الْحَدِيثَ لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَلَيْسَ هُوَ فِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ، نَعَمْ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ:«مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» .
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَغَرِّ، عَنْهُمَا، وَلَفْظُهُ:«مَنْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، لَا تَطْعَمُهُ النَّارُ أَبَدًا» وَفِيهِ جَابِرُ بْنُ يَحْيَى الْحَضْرَمِيُّ، وَنَحْوُهُ عِنْدَ النَّسَائِيّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحْدَهُ.
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:
«أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ نَائِمٌ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ، ثُمَّ أَتَيْته وَقَدْ اسْتَيْقَظَ، فَقَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، إلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» . الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعَنْ عُثْمَانَ، عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا:«إنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ حَقًّا مِنْ قَلْبِهِ فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ، إلَّا حُرِّمَ عَلَى النَّارِ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ. وَفِي الْبَابِ عَنْ عُبَادَةَ، وَطَلْحَةَ، وَعُمَرَ، وَهِيَ فِي الْحِلْيَةِ، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُ حَدِيثِ الْبَابِ، رَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي تَلْخِيصِ الْمُتَشَابِهِ، وَفِيهِ عَنْ حُذَيْفَةَ نَحْوُهُ، وَفِي الْعِلَلِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ جَابِرٍ، وَابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ.
735 -
(5) - حَدِيثٌ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ» . أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ وَلَيْسَ بِالنَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَلَمْ يَقُلْ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ: عَنْ أَبِيهِ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِالِاضْطِرَابِ وَبِالْوَقْفِ، وَبِجَهَالَةِ حَالِ أَبِي عُثْمَانَ وَأَبِيهِ، وَنَقَلَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ
عَنْ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ، مَجْهُولُ الْمَتْنِ، وَلَا يَصِحُّ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا صَفْوَانُ، قَالَ: كَانَتْ الْمَشْيَخَةُ يَقُولُونَ: إذَا قُرِئَتْ يَعْنِي " يس " عِنْدَ الْمَيِّتِ خُفِّفَ عَنْهُ بِهَا. وَأَسْنَدَهُ صَاحِبُ الْفِرْدَوْسِ مِنْ طَرِيقِ مَرْوَانَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي ذَرٍّ قَالَ، «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيُقْرَأُ عِنْدَهُ يس، إلَّا هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ» . وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ، أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ.
(تَنْبِيهٌ) :
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَقِبَ حَدِيثِ مَعْقِلٍ: قَوْلُهُ: «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس» . أَرَادَ بِهِ مَنْ حَضَرَتْهُ الْمَنِيَّةُ، لَا أَنَّ الْمَيِّتَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» . وَرَدَّهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي الْأَحْكَامِ وَغَيْرِهِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَمُسْلِمٌ لَهُ فِي التَّلْقِينِ.
736 -
(6) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ: لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ» . مُسْلِمٌ بِهَذَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْهُ، وَفِي ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَفِي ثِقَاتِ ابْنِ حِبَّانَ أَنَّ بَعْضَ السَّلَفِ سُئِلَ عَنْ مَعْنَاهُ، فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُهُ وَالْفُجَّارَ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ: أَحْسِنُوا أَعْمَالَكُمْ حَتَّى يَحْسُنَ ظَنُّكُمْ بِرَبِّكُمْ، فَمَنْ أَحْسَنَ عَمَلَهُ حَسُنَ ظَنُّهُ بِرَبِّهِ، وَمَنْ سَاءَ عَمَلُهُ سَاءَ ظَنُّهُ. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ رَوَيْنَاهُ فِي الْخَلْفِيَّاتِ بِسَنَدٍ فِيهِ نَظَرٌ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «قَالَ اللَّهُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْمُحْتَضَرِينَ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُلَقِّنُوا الْعَبْدَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، لِكَيْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ، وَعَنْ سَوَّارِ بْنِ مُعْتَمِرٍ قَالَ لِي أَبِي: حَدِّثْنِي بِالرُّخَصِ، لَعَلِّي أَلْقَى اللَّهَ وَأَنَا حَسَنُ الظَّنِّ بِهِ.
قَوْلُهُ: اسْتَحَبَّ بَعْضُ التَّابِعِينَ قِرَاءَةَ سُورَةِ الرَّعْدِ، انْتَهَى. وَالْمُبْهَمُ الْمَذْكُورُ هُوَ أَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، صَاحِبُ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ لَهُ، وَزَادَ: فَإِنَّ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ عَنْ الْمَيِّتِ، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَتْ الْأَنْصَارُ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَقْرَءُوا عِنْدَ الْمَيِّتِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَأَخْرَجَ الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ أَثَرَ أَبِي الشَّعْثَاءِ الْمَذْكُورَ نَحْوَهُ.
737 -
(7) - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَغْمَضَ أَبَا سَلَمَةَ لَمَّا مَاتَ» . مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرَهُ فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» الْحَدِيثَ.
(* * *)(فَائِدَةٌ) :
رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ مَرْفُوعًا: «إذَا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ فَأَغْمِضُوا الْبَصَرَ، فَإِنَّ الْبَصَرَ يَتْبَعُ الرُّوحَ، وَقُولُوا خَيْرًا» . وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْد.
215 -
738 - (8) -
حَدِيثٌ: «أَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم سُجِّيَ بِبُرْدِ حِبَرَةٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ جَابِرٍ: «جِيءَ بِأَبِي يَوْمَ أُحُدٍ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ سُجِّيَ بِثَوْبٍ» ، الْحَدِيثَ.
739 -
(9) - حَدِيثٌ: «أَنَّ غُسْلَهُ صلى الله عليه وسلم تَوَلَّاهُ عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يُنَاوِلُ الْمَاءَ، وَالْعَبَّاسُ وَاقِفٌ» . ثُمَّ قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ: لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّ الَّذِينَ غَسَّلُوهُ عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ، وَاخْتُلِفَ فِي الْعَبَّاسِ، وَأُسَامَةَ، وَقُثَمَ، وَشُقْرَانَ، انْتَهَى. فَأَمَّا عَلِيٌّ: فَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ: قَالَ: «غَسَّلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ مَا يَكُونُ مِنْ الْمَيِّتِ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا» . وَأَمَّا الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: فَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ عَلِيًّا أَسْنَدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى صَدْرِهِ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ،
وَالْفَضْلُ، وَقُثَمٌ يُقَلِّبُونَهُ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَصَالِحٌ مَوْلَاهُ يَصُبَّانِ الْمَاءَ» . وَفِي إسْنَادِهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ: سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أَبَا جَعْفَرَ، يَقُولُ:«غُسِّلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا بِالسِّدْرِ. وَغُسِّلَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ، وَغُسِّلَ مِنْ بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا: الْغَرْسُ بِقُبَاءَ، كَانَتْ لِسَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَكَانَ يَشْرَبُ مِنْهَا، وَوَلِيَ سِفْلَتَهُ عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ يَحْتَضِنُهُ، وَالْعَبَّاسُ يَصُبُّ الْمَاءَ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَقُولُ: أَرِحْنِي قُطِعَتْ وَتِينِي» وَهُوَ مُرْسَلٌ جَيِّدٌ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الْحُلْوَانِيِّ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ:«غَسَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ. وَكَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ» .
وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ: «قَالَ عَلِيٌّ: أَوْصَى النَّبِيُّ أَلَّا يُغَسِّلَهُ أَحَدٌ غَيْرِي» . الْحَدِيثَ. وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يُغَسِّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَنُو أَبِيهِ، وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ» .
740 -
(10) - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ» الشَّافِعِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ:«لَمَّا أَخَذُوا فِي غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَادَاهُمْ مِنْ، الدَّاخِلِ: لَا تَنْزِعُوا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَهُ» . وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ قَبْلُ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد،
وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يُغَسِّلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُهُ مِنْ ثِيَابِهِ كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا أَمْ نُغَسِّلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ؟ . فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّوْمَ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ: أَنْ غَسِّلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ» . الْحَدِيثَ. وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ فَكَانَ الَّذِي أَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ؛ قَالَ:«غَسَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلِيٌّ، وَعَلَى يَدِهِ خِرْقَةٌ يُغَسِّلُهُ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ الْقَمِيصِ يَغْسِلُهُ، وَالْقَمِيصُ عَلَيْهِ» .
(* * *) حَدِيثُ عَلِيٍّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تُبْرِزْ فَخْذَك، وَلَا تَنْظُرْ إلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ» . تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ.
741 -
(11) - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلَّوَاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ: ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَبِمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ،
وَاسْمُهَا نُسَيْبَةُ.
(* * *) حَدِيثٌ رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: افْعَلُوا بِمَيِّتِكُمْ مَا تَفْعَلُونَ بِعَرُوسِكُمْ» . هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ بِلَفْظِ: «افْعَلُوا بِمَوْتَاكُمْ مَا تَفْعَلُونَ بِأَحْيَائِكُمْ» . وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِقَوْلِهِ: بَحَثْت عَنْهُ فَلَمْ أَجِدْهُ ثَابِتًا، وَقَالَ أَبُو شَامَةَ فِي كِتَابِ السِّوَاكِ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، انْتَهَى.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرٍ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلْتُ عَنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ:" اصْنَعْ بِمَيِّتِك كَمَا تَصْنَعُ بِعَرُوسِك غَيْرَ أَلَّا تَجْلُوَ ". وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ لَهُ، وَزَادَ فِيهِ: فَدَلُّونِي عَلَى بَنِي رَبِيعَةَ فَسَأَلْتهمْ فَذَكَرَهُ. . . وَقَالَ: غَيْرَ أَلَّا تُنَوِّرَ. وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، لَكِنْ ظَاهِرُهُ الْوَقْفُ، وَأَصَحُّ مِنْ ذَلِكَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ:«لَمَّا غَسَّلْنَا ابْنَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَشَّطْنَاهَا» .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ تَعْلِيقًا أَنَّهَا قَالَتْ: " عَلَامَ تَنُصُّونَ مَيِّتَكُمْ؟ ". قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَيْ تُسَرِّحُونَ شَعْرَهُ، وَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ، إذَا سَرَّحَهُ بِمُشْطٍ ضَيِّقِ الْأَسْنَانِ كَذَا قَالَ، وَقَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: أَنَّ عَائِشَةَ رَأَتْ امْرَأَةً تَكَدَّرَتْ رَأْسُهَا تُمَشَّطُ، فَقَالَتْ: عَلَامَ تَنُصُّونَ مَيِّتَكُمْ؟ ،. فَكَأَنَّهَا أَنْكَرَتْ الْمُبَالَغَةَ فِي ذَلِكَ لَا أَصْلَ التَّسْرِيحِ.
(* * *) حَدِيثٌ. «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِغَاسِلَاتِ ابْنَتِهِ: ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا» . تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
742 -
(12) -: حَدِيثٌ «أَنَّهُ قَالَ لِغَاسِلَاتِ ابْنَتِهِ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ، لَكِنْ عِنْدَهُمَا بَعْدَ قَوْلِهِ:" أَوْ خَمْسًا " أَوْ " أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ " الْحَدِيثَ. وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي رِوَايَةٍ: " أَوْ سَبْعًا، أَوْ
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ".
(تَنْبِيهٌ) :
بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ هِيَ زَيْنَبُ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ.
743 -
(13) - حَدِيثٌ: «قَالَ لِأُمِّ عَطِيَّةَ: اجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ «عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ مِسْكٌ، فَأَوْصَى أَنْ يُحَنَّطَ بِهِ، وَقَالَ: هُوَ فَضْلُ حَنُوطِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم»
744 -
(14) - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَائِشَةَ: لَوْ مُتِّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ» . أَحْمَدُ، وَالدَّارِمِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِهَا، وَأَوَّلُهُ:«رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْبَقِيعِ، وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأْسِي وَأَقُولُ: وَارَأْسَاهُ، فَقَالَ: مَا ضَرَّك لَوْ مُتِّ قَبْلِي فَقُمْتُ عَلَيْكِ وَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ» . الْحَدِيثَ وَأَعَلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ بِابْنِ إِسْحَاقَ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، بَلْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ، وَأَمَّا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَقَالَ: لَمْ يَقُلْ غَسَّلْتُك إلَّا ابْنُ إِسْحَاقَ، وَأَصْلُهُ عِنْدَ
الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ: ذَاكَ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ، فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ.
(تَنْبِيهٌ) :
تَبَيَّنَّ أَنَّ قَوْلَهُ: لَغَسَّلْتُك بِاللَّامِ تَحْرِيفٌ، وَاَلَّذِي فِي الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ فَغَسَّلْتُك بِالْفَاءِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأُولَى شَرْطِيَّةٌ، وَالثَّانِيَةَ لِلتَّمَنِّي.
(* * *) قَوْلُهُ: إنَّ عَلِيًّا غَسَّلَ فَاطِمَةَ، يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ.
745 -
(15) - حَدِيثٌ: «أَنَّ رَجُلًا كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُمِسُّوهُ بِطِيبٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» . مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَهُ طُرُقٌ وَأَلْفَاظٌ، وَرَوَاهُ أَيْضًا النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَعِنْدَهُمَا:«وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا رَأْسَهُ» . وَهُوَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَيْضًا وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: ذِكْرُ الْوَجْهِ غَرِيبٌ فِيهِ، وَلَعَلَّهُ وَهِمَ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ.
(* * *) حَدِيثٌ: «خَيْرُ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضُ، فَاكْسُوهَا أَحْيَاءَكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» . تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ، وَيُعَارِضُهُ حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا:«إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُكُمْ فَوَجَدَ شَيْئًا فَلْيُكَفَّنْ فِي ثَوْبِ حُبْرَةٍ» . وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
746 -
(16) - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ بِيضٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ قَوْلَهُمْ: فِي ثَوْبَيْنِ وَبُرْدِ حُبْرَةٍ. فَقَالَ: قَدْ أُتِيَ بِالْبُرْدِ، وَلَكِنَّهُمْ رَدُّوهُ، وَلِمُسْلِمٍ: أَمَّا الْحُلَّةُ فَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ، أَنَّهَا اُشْتُرِيَتْ لَهُ لِيُكَفَّنَّ فِيهَا فَتُرِكَتْ.
(تَنْبِيهٌ) :
السَّحُولِيَّةُ نِسْبَةٌ لِسَحُولٍ مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ، وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَيُرْوَى بِضَمِّ أُوَلِّهِ.
(فَائِدَةٌ) :
رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ كُفِّنَ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ: قَمِيصُهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَحُلَّةٌ نَجْرَانِيَّةٌ» . تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَقَدْ تَغَيَّرَ، وَهَذَا مِنْ ضَعِيفِ حَدِيثِهِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ» . وَفِيهِ قَيْسِ بْنُ الرَّبِيعِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَكَأَنَّهُ اشْتَبَهَ بِحَدِيثٍ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ: جُعِلَ فِي قَبْرِهِ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ، فَإِنَّهُ مَرْوِيٌّ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ بِعَيْنِهِ، وَرَوَى الْبَزَّارُ وَابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ مِنْ طَرِيقِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ
«كُفِّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ: قَمِيصٌ، وَإِزَارٌ، وَلِفَافَةٌ» . تَفَرَّدَ بِهِ نَاصِحٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ عَنْ عَلِيٍّ:«كُفِّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَبْعَةِ أَثْوَابٍ» . وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنُ عَقِيلٍ سَيِّئُ الْحِفْظِ يَصْلُحُ حَدِيثُهُ لِلْمُتَابَعَاتِ؛ فَأَمَّا إذَا انْفَرَدَ فَيَحْسُنُ؛ وَأَمَّا إذَا خَالَفَ فَلَا يُقْبَلُ، وَقَدْ خَالَفَ هُوَ رِوَايَةَ نَفْسِهِ، فَرَوَى عَنْ جَابِرٍ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ نَمِرَةٍ» . قُلْت: وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَا يُعَضِّدُ رِوَايَةَ ابْنِ عَقِيلٍ، عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ، فَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
747 -
(17) - حَدِيثٌ: «أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ يَخْلُفْ إلَّا نَمِرَةً، فَكَانَ إذَا غُطِّيَ بِهَا رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غُطِّيَ بِهَا رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ الْإِذْخِرِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ فِي حَدِيثٍ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ:" بُرْدَةٌ " بَدَلُ " نَمِرَةٍ " وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ أَنَسٍ فِي حَقِّ حَمْزَةَ مِثْلَهُ.
(* * *) حَدِيثٌ: أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبِهِ الْخَلَقِ. يَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ.
748 -
(18) - حَدِيثٌ: «لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ، فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا» . أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، وَفِي الْإِسْنَادِ عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ الْجَنْبِيُّ
مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ الشَّعْبِيِّ، وَعَلِيٍّ؛ لِأَنَّ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ: إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ سِوَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ، وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ:«إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» . وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ مَعْنَاهُ الصَّفَا لَا الْمُرْتَفِعَ.
(فَائِدَةٌ) :
رَوَى أَبُو دَاوُد، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا ثُمَّ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهَا» وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِدُونِ الْقِصَّةِ، وَقَالَ: أَرَادَ بِذَلِكَ أَعْمَالَهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] يُرِيدُ وَعَمَلَك فَأَصْلِحْهُ، قَالَ: وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ صَرِيحَةٌ أَنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً، انْتَهَى. وَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ تَرُدُّ ذَلِكَ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُرَادِ مِمَّنْ بَعْدَهُ، وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا: أَنَّهُ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ، ثُمَّ يُحْشَرُ عُرْيَانًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(* * *) حَدِيثُ عَائِشَةَ: «كُفِّنَ فِي ثَلَاثِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» تَقَدَّمَ، وَأَعَادَهُ هُنَا لِلِاحْتِجَاجِ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ فِي نَفْيِ الْقَمِيصِ، وَأَجَابُوهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ زِيَادَةً عَلَى الْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ، وَهُوَ خِلَافُ صَرِيحِ الْخَبَرِ، وَيُسْتَدَلُّ لِلتَّكْفِينِ فِي الْقَمِيصِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، «فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى ابْنَهُ الْقَمِيصَ الَّذِي كَانَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَفَّنَهُ فِيهِ» .
قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى الْمُحْرِمُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَلْبَسُ الْمِخْيَطَ، يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْمُحْرِمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَفِيهِ:«كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبِهِ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» .
749 -
(19) - حَدِيثٌ: «أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ لَمَّا غَسَّلَتْ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا عَلَى الْبَابِ، فَنَاوَلَهَا إزَارًا وَدِرْعًا وَخِمَارًا وَثَوْبَيْنِ» . كَذَا وَقَعَ فِيهِ أُمُّ عَطِيَّةَ. وَفِيهِ نَظَرٌ، لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ لَيْلَى بِنْتِ قَانِفٍ الثَّقَفِيَّةِ؛ «قَالَتْ: كُنْت فِيمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ أَوَّلُ مَا أَعْطَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحِقَا ثُمَّ الدِّرْعَ ثُمَّ الْخِمَارَ ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ، ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدُ فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عِنْدَ الْبَابِ يُنَاوِلُنَا ثَوْبًا ثَوْبًا» . وَهُوَ عِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي نُوحُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ دَاوُد رَجُلٍ مِنْ بَنِي عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَدْ وَلَّدَتْهُ أُمُّ حَبِيبَةَ، عَنْ لَيْلَى بِهَذَا، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِنُوحٍ وَأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ قَدْ قَالَ: إنَّهُ كَانَ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ، وَدَاوُد حَصَلَ لَهُ فِيهِ تَرَدُّدٌ، هَلْ هُوَ دَاوُد بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَوْ غَيْرُهُ، فَإِنْ يَكُنْ ابْنَ عَاصِمٍ، فَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ ابْنَ السَّكَنِ وَغَيْرَهُ قَالُوا: إنَّ أُمَّ حَبِيبَةً كَانَتْ زَوْجًا لِدَاوُدَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ دَاوُد بْنُ عَاصِمٍ لِأُمِّ حَبِيبَةَ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ، وَمَا أَعَلَّهُ بِهِ ابْنُ الْقَطَّانِ لَيْسَ بِعِلَّةٍ، وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ بِأَنَّ دَاوُد هُوَ ابْنُ عَاصِمٍ، وَوِلَادَةُ أُمِّ حَبِيبَةَ لَهُ تَكُونُ مَجَازِيَّةٌ إنْ تَعَيَّنَ مَا قَالَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّمَا هُوَ وَلَّدَتْهُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ قَبِلَتْهُ.
(تَنْبِيهٌ) :
الْحِقَا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ مَقْصُورٌ قِيلَ هُوَ لُغَةٌ فِي الْحِقْوِ وَهُوَ الْإِزَارُ وَقَانِفٍ بِالنُّونِ، وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الْخَبَرِ حُضُورُ أُمِّ عَطِيَّةَ ذَلِكَ، لَكِنْ وَقَعَ فِي ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ
قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نُغَسِّلُ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ» - الْحَدِيثَ - وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فَقَالَ: " زَيْنَبُ " وَرُوَاتُهُ أَتْقَنُ وَأَثْبَتُ.
قَوْلُهُ: لَيْسَ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ دَنَاءَةٌ، فَقَدْ نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، «عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ حَمَلَ جِنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ» وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ شُيُوخٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدُ
قَوْلُهُ: وَنَقَلَ حَمْلَ الْجِنَازَةِ أَيْضًا عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، الشَّافِعِيُّ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: رَأَيْت سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فِي جِنَازَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنَ بْنِ عَوْفٍ، قَائِمًا بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ، وَاضِعًا السَّرِيرَ عَلَى كَاهِلِهِ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا بِأَسَانِيدِهِ مِنْ فِعْلِ عُثْمَانَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ عُمَرَ، أَخْرَجَهَا كُلَّهَا الْبَيْهَقِيّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ فِعْلِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْبُخَارِيِّ: وَحَنَّطَ ابْنُ عُمَرُ ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَلَهُ.
وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ مَرْوَانَ، وَعُثْمَانَ، وَعُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ذَلِكَ.
750 -
(20) - حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: «إذَا تَبِعَ أَحَدُكُمْ الْجِنَازَةَ فَلْيَأْخُذْ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ الْأَرْبَعِ، ثُمَّ لْيَتَطَوَّعْ بَعْدُ أَوْ لِيَذَرْ فَإِنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ» . أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«مَنْ اتَّبَعَ جِنَازَةً فَلْيَحْمِلْ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ كُلِّهَا فَإِنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ فَلْيَتَطَوَّعْ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَدَعْ» . لَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: اخْتَلَفَ فِي إسْنَادِهِ عَلَى مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ؛ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ. وَفِي الْعِلَلِ ثُمَّ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ مَرْفُوعًا، عَنْ ثَوْبَانَ، وَأَنَسٍ، وَإِسْنَادُهُمَا ضَعِيفَانِ. وَعَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ:«مَنْ حَمَلَ جَوَانِبَ السَّرِيرِ الْأَرْبَعِ، كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً» . وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ قَالَ: رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ فِي جِنَازَةٍ يَحْمِلُ جَوَانِبَ السَّرِيرِ الْأَرْبَعِ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْمُهَزِّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: مَنْ حَمَلَ الْجِنَازَةَ بِجَوَانِبِهَا الْأَرْبَعِ فَقَدْ قَضَى الَّذِي عَلَيْهِ.
751 -
(21) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ» أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ بِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا هُوَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلٌ، وَحَدِيثُ سَالِمٍ فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَهْمٌ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: أَهْلُ الْحَدِيثِ يَرَوْنَ
الْمُرْسَلَ أَصَحَّ، قَالَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: وَرَوَى مَعْمَرُ، وَيُونُسُ، وَمَالِكٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ» . قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي سَالِمٌ: أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ مِثْلَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، ثُمَّ رَوَى عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: أَرَى ابْنَ جُرَيْجٍ أَخَذَهُ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: وَصْلُهُ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ مُرْسَلٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ، ثَنَا حَجَّاجٌ، قَرَأْت عَلَى ابْنَ جُرَيْجٍ، ثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ، حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْ الْجِنَازَةِ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ يَمْشُونَ أَمَامَهَا» . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ أَبِي مَا مَعْنَاهُ: الْقَائِلُ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى آخِرِهِ هُوَ الزُّهْرِيُّ، وَحَدِيثُ سَالِمٍ فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهَا، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ، فَهَذَا أَصَحُّ مِنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: إنَّهُ كَانَ يَمْشِي، قَالَ: وَقَدْ مَشَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ. وَاخْتَارَ الْبَيْهَقِيّ تَرْجِيحَ الْمَوْصُولِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ حَافِظٌ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: قُلْت لِابْنِ عُيَيْنَةَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ خَالَفَك النَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ اسْتَيْقَنَ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِي مِرَارًا لَسْتُ أُحْصِيه، يُعِيدُ، وَيُبْدِيهِ، سَمِعْتُهُ مِنْ فِيهِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قُلْتُ: وَهَذَا لَا يَنْفِي عَنْهُ الْوَهْمَ فَإِنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ إلَّا أَنَّ فِيهِ إدْرَاجًا لَعَلَّ الزُّهْرِيَّ أَدْمَجَهُ إذْ حَدَّثَ بِهِ ابْنَ عُيَيْنَةَ، وَفَصَّلَهُ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي الْمُدْرَجِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا، وَجَزَمَ أَيْضًا بِصِحَّتِهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ حَزْمٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ مِثْلُهُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: سَأَلْتُ عَنْهُ الْبُخَارِيَّ فَقَالَ: هَذَا خَطَأٌ أَخْطَأَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ.
حَدِيثُ عَلِيٍّ: «قَامَ صلى الله عليه وسلم لِلْجِنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ، وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، ثُمَّ قَعَدَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَرَهُمْ بِالْقُعُودِ» . الْبَيْهَقِيّ مِنْ طُرُقٍ وَافَقَ فِي بَعْضِهَا هَذَا السِّيَاقَ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ: قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي فِي الْجِنَازَةِ - ثُمَّ قَعَدَ. مُخْتَصَرٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِلَفْظِ «كَانَ يَأْمُرُنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجَنَائِزِ، ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ» .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ:«أَنَّ يَهُودِيًّا قَالَ: هَكَذَا نَفْعَلُ - يَعْنِي فِي الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ - فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اجْلِسُوا خَالِفُوهُمْ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ، وَبِشْرُ بْنُ رَافِعٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الْبَزَّارُ: تَفَرَّدَ بِهِ بِشْرٌ وَهُوَ لَيِّنٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثُ عَلِيٍّ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالنَّوَوِيُّ، أَنَّ الْقُعُودَ إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَالْقِيَامُ بَاقٍ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) :
الْمُرَادُ بِالْوَضْعِ: الْوَضْعُ عَلَى الْأَرْضِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُبَادَةَ الْمَذْكُورَةِ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ، يَرُدُّهُ مَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ الطَّوِيلِ الَّذِي صَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَغَيْرُهُ:«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةٍ فَانْتَهَيْنَا إلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ فَجَلَسْنَا حَوْلَهُ» وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ اخْتِلَافٌ، فَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْهُ: حَتَّى يُوضَعَ بِالْأَرْضِ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْهُ: حَتَّى
تُوضَعَ بِاللَّحْدِ. حَكَاهُ أَبُو دَاوُد، وَوَهَّمَ رِوَايَةَ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَكَذَا قَالَ الْأَثْرَمُ.
753 -
(23) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ الْمَشْيِ بِالْجِنَازَةِ فَقَالَ: دُونَ الْخَبَبِ فَإِنْ يَكُ خَيْرًا عَجِّلُوهُ إلَيْهِ، وَإِنْ يَكُ شَرًّا فَبُعْدًا لِأَهْلِ النَّارِ، الْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ وَلَا تَتْبَعُ لَيْسَ مِنْهَا مَنْ تَقَدَّمَهَا» أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَاجِدَةَ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:«سَأَلْنَا نَبِيَّنَا عَنْ الْمَشْيِ خَلْفَ الْجِنَازَةِ، قَالَ: مَا دُونَ الْخَبَبِ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا عَجَّلْتُمُوهُ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَلَا يَبْعُدُ إلَّا أَهْلُ النَّارِ، الْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ وَلَا تَتْبَعُ، وَلَيْسَ مِنْهَا مَنْ تَقَدَّمَهَا» . وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَرًا مُقْتَصِرًا عَلَى قَوْلِهِ: الْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ. وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
(تَنْبِيهٌ) :
أَوَّلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» . وَلِأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ
وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّا لَنَكَادُ أَنْ نُرْمِلَ بِهَا رَمْلًا» وَلِابْنِ مَاجَهْ وَقَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: «عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي جَنَائِزِكُمْ إذَا مَشَيْتُمْ» . وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ أَبِي مُوسَى مِنْ قَوْلِهِ:«إذَا انْطَلَقْتُمْ بِجِنَازَتِي فَأَسْرِعُوا بِالْمَشْيِ» . وَقَالَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ شِدَّةُ الْإِسْرَاعِ.
قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ صَلُّوا عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنَ بْنِ عَتَّابٍ، يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ.
قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ دَفْنُ مَا يَنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ مِنْ ظُفْرٍ، وَشَعْرٍ، وَغَيْرِهِمَا، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَى فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ أَسَانِيدُهَا ضِعَافٌ، ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا:«ادْفِنُوا الْأَظْفَارَ، وَالشَّعْرَ، وَالدَّمَ فَإِنَّهَا مَيْتَةٌ» . وَضُعِّفَ عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ.
وَفِي الْبَابِ «عَنْ تُمَيْلَةَ بِنْتَ مِشْرَحٍ الْأَشْعَرِيَّةِ، عَنْ أَبِيهَا أَنَّهُ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ فَدَفَنَهَا، وَرَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ
الْإِيمَانِ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
754 -
(24) - حَدِيثُ: «إذَا اسْتَهَلَّ السَّقَطُ صُلِّيَ عَلَيْهِ» . التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَزِيَادَةُ " وَوُرِثَ " وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ الْمَكِّيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ قَالَ التِّرْمِذِيُّ، رَوَاهُ أَشْعَثُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ مَوْقُوفًا، وَكَأَنَّ الْمَوْقُوفَ أَصَحُّ، وَبِهِ جَزَمَ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا وَلَا يَصِحُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ بَدْرٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا، وَالرَّبِيعُ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَوَهَمَ؛ لِأَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ عَنْعَنَ، فَهُوَ عِلَّةُ هَذَا الْخَبَرِ إنْ كَانَ مَحْفُوظًا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ غَيْرَ الْمُغِيرَةِ، وَقَدْ وَقَفَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ
عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا.
وَفِي الْبَابِ عَنْ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَصَحَّحَاهُ وَالْحَاكِمُ، بِلَفْظِ:«السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» . قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلَكِنْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى الْمُغِيرَةِ، وَقَالَ: لَمْ يَرْفَعْهُ سُفْيَانُ، وَرَجَّحَ. الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمَوْقُوفَ
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكٍ، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ، وَقَوَّاهُ ابْنُ طَاهِرٍ فِي الذَّخِيرَةِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ تَعْلِيقًا، وَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ الْبَخْتَرِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«صَلُّوا عَلَى أَطْفَالِكُمْ فَإِنَّهُمْ مِنْ أَفْرَاطِكُمْ» . إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
(فَائِدَةٌ) :
رَوَى الْبَزَّارُ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «اسْتِهْلَالُ الصَّبِيِّ الْعُطَاسُ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ
755 -
(25) - حَدِيثُ: «رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عَلِيًّا بِغَسْلِ أَبِيهِ أَبِي طَالِبٍ» . أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، «عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ. فَقَالَ: انْطَلِقْ فَوَارِهِ، وَلَا تُحْدِثَنَّ حَدَثًا حَتَّى تَأْتِيَنِي، فَانْطَلَقْتُ فَوَارَيْتُهُ، فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْت، فَدَعَا لِي» وَمَدَارُ كَلَامِ الْبَيْهَقِيّ عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَلَا يَتَبَيَّنُ وَجْهُ ضَعْفِهِ، وَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ مَشْهُورٌ، قَالَ ذَلِكَ فِي أَمَالِيهِ. (تَنْبِيهٌ) لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ غَسَّلَهُ، إلَّا أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ:«فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ، فَإِنَّ الِاغْتِسَالَ شُرِعَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ، وَلَمْ يُشْرَعْ مِنْ دَفْنِهِ» . وَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِهِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرُهُ إلَّا عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ، وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي آخِرِهِ: وَكَانَ عَلِيٌّ إذَا غَسَّلَ مَيِّتًا
اغْتَسَلَ.
قُلْتُ: وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ بِلَفْظِ: «فَقُلْتُ: إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ الْكَافِرَ قَدْ مَاتَ، فَمَا تَرَى فِيهِ؟ . قَالَ: أَرَى أَنْ تُغَسِّلَهُ وَتُجِنَّهُ» . وَقَدْ وَرَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: أَنَّهُ غَسَّلَهُ. رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ الْوَاقِدِيِّ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«لَمَّا أَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ بَكَى، ثُمَّ قَالَ لِي: اذْهَبْ فَاغْسِلْهُ وَكَفِّنْهُ قَالَ: فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَتَيْته، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ» . وَكَذَلِكَ رَوَيْنَاهُ فِي الْغَيْلَانِيَّاتِ.
وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى تَرْكِ غَسْلِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ بِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ «قَالَ: جَاءَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ: وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَحْضَرَهَا، فَقَالَ لَهُ: ارْكَبْ دَابَّتَك، وَسِرْ أَمَامَهَا، فَإِنَّك إذَا كُنْتَ أَمَامَهَا لَمْ تَكُنْ مَعَهَا» . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَا يَثْبُتُ. قُلْت: وَهُوَ مَعَ ضَعْفِهِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْأَمْرِ بِتَرْكِ الْغُسْلِ، وَلَا بِفِعْلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
756 -
(26) - قَوْلُهُ: وَرَدَ فِي الْخَبَرِ: «أَنَّ الْوَلَدَ إذَا بَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، مُجْمَعٌ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ حَدَّثَنِي الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ:«إنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ إلَيْهِ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ» - الْحَدِيثَ.
757 -
(27) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِإِلْقَاءِ قَتْلَى بَدْرٍ بِالْقَلِيبِ عَلَى هَيْئَاتِهِمْ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا،
وَعَنْ عُمَرَ مُطَوَّلًا، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ نَحْوَهُ.
758 -
(28) - قَوْلُهُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِمُوَارَاتِهِمْ» . الْحَاكِمُ مِنْ «حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ: سَافَرْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ مَرَّةٍ، فَمَا رَأَيْته مَرَّ بِجِيفَةِ إنْسَانٍ إلَّا أَمَرَ بِمُوَارَاتِهِ، لَا يَسْأَلُ أَمُسْلِمٌ هُوَ أَمْ كَافِرٌ؟» .
759 -
(29) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ» - الْحَدِيثَ - وَفِيهِ: وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ. الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِهِ، وَذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مُخْتَصَرًا:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ» . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ مَاجَهْ. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: لَمْ يُصَلَّ هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَعَلَيْهِ الْمَعْنَى قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِهَا وَلَا يَفْسُدُ الْمَعْنَى، لَكِنَّهُ لَا يَبْقَى فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ
مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَمْ يُصَلِّ هُوَ عَلَيْهِمْ، أَلَّا يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ، وَسَيَأْتِي حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْمَعْنَى.
760 -
(30) - حَدِيثُ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ» . أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَطَوَّلَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَقَدْ أَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ غَلَطٌ، غَلَطَ فِيهِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَالَ: عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ. حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَجَّحَ رِوَايَةَ اللَّيْثِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ جَابِرٍ. (تَنْبِيهٌ) رَوَى أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا قَالَ:«مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَمْزَةَ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الشُّهَدَاءِ غَيْرِهِ» . وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَنْكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَكَذَا أَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. (تَنْبِيهٌ)
وَرَدَ مَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَفْيِ الصَّلَاةِ عَلَى الشُّهَدَاءِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، فَمِنْهَا:
حَدِيثُ جَابِرٍ قَالَ: «فَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَمْزَةَ حِينَ جَاءَ النَّاسُ مِنْ الْقِتَالِ، فَقَالَ رَجُلٌ: رَأَيْتُهُ عِنْدَ تِلْكَ الشُّجَيْرَاتِ، فَجَاءَ نَحْوَهُ، فَلَمَّا رَآهُ، وَرَأَى مَا مُثِّلَ بِهِ شَهِقَ وَبَكَى، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَرَمَى عَلَيْهِ بِثَوْبٍ، ثُمَّ جِيءَ بِحَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ» . الْحَدِيثَ. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو حَمَّادٍ الْحَنَفِيُّ
وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ:«أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ» . وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنَّهُ اُسْتُشْهِدَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَحُفِظَ مِنْ دُعَائِهِ لَهُ: اللَّهُمَّ إنَّ هَذَا عَبْدُك خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِك فَقُتِلَ فِي سَبِيلِك» . وَحَمَلَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ فِي الْمَعْرَكَةِ.
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ» . وَحُمِلَ عَلَى الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَمَا أَخَّرَهَا، وَيُعَكِّرُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ: صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّسْوِيَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَالْمُرَادُ فِي الدُّعَاءِ فَقَطْ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ نَاسِخًا لِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ هَذَا الْآخَرَ مِنْ فِعْلِهِ، انْتَهَى.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ: ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَأَطَالَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلَ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَيْهِمْ، وَنَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: هُوَ بَاطِلٌ بِلَا شَكٍّ - يَعْنِي الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ - وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ: بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْخَصَائِصِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ ثُمَّ إنَّ الَّذِينَ أَجَازُوا الصَّلَاةَ عَلَى الشَّهِيدِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ لَا يُجِيزُونَ تَأْخِيرَهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ.
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ مِقْسَمٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَمْزَةَ فَسُجِّيَ بِبُرْدَةٍ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ، وَكَبَّرَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ أُتِيَ بِالْقَتْلَى فَيُوضَعُونَ إلَى حَمْزَةَ فَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ، وَعَلَيْهِ مَعَهُمْ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ ثِنْتَيْنِ
وَسَبْعِينَ صَلَاةً» . قَالَ السُّهَيْلِيُّ: إنْ كَانَ الَّذِي أَبْهَمَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، هُوَ الْحَسَنَ بْنَ عُمَارَةَ فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِلَّا فَمَجْهُولٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ، انْتَهَى.
قُلْت: وَالْحَامِلُ لِلسُّهَيْلِيِّ عَلَى ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي مُقَدِّمَةِ مُسْلِمٍ عَنْ شُعْبَةَ أَنَّ. الْحَسَنَ بْنَ عُمَارَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ» . فَسَأَلْتُ الْحَكَمَ فَقَالَ: لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، انْتَهَى. لَكِنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى، مِنْهَا: مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ وَأَتَمُّ مِنْهُ، وَيَزِيدُ فِيهِ ضَعْفٌ يَسِيرٌ.
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ طَرِيقِهِ وَهُوَ تَابِعِيٌّ اسْمُهُ غَزْوَانُ، وَلَفْظُهُ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ، عَشَرَةً عَشَرَةً، فِي كُلِّ عَشَرَةٍ حَمْزَةُ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ صَلَاةً» . وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَقَدْ أَعَلَّهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ مُتَدَافِعٌ؛ لِأَنَّ الشُّهَدَاءَ كَانُوا سَبْعِينَ، فَإِذَا أَتَى بِهِمْ عَشَرَةً عَشَرَةً، يَكُونُ قَدْ صَلَّى سَبْعَ صَلَوَاتٍ، فَكَيْفَ يَكُونُ سَبْعِينَ، قَالَ: وَإِنْ أَرَادَ التَّكْبِيرَ فَيَكُونُ ثَمَانِيًا وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً، لَا سَبْعِينَ، وَأُجِيبَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى سَبْعِينَ نَفْسًا وَحَمْزَةُ مَعَهُمْ كُلُّهُمْ، فَكَأَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ صَلَاةً.
حَدِيثُ: عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ، وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ.
قَوْلُهُ: " الشُّهَدَاءُ الْعَارُونَ عَنْ الْأَوْصَافِ كَسَائِرِ الْمَوْتَى، وَإِنْ وَرَدَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، فَهُمْ، كَالْمَبْطُونِ، وَالْغَرِيقِ، وَالْغَرِيبِ، وَالْمَيِّتِ عِشْقًا، وَالْمَيِّتَةِ طَلْقًا " انْتَهَى. سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الْبَابِ.
حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، رَجَمَ الْغَامِدِيَّةَ وَصَلَّى عَلَيْهَا» مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَاشَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا، وَسَيَأْتِي فِي الْحُدُودِ أَيْضًا.
761 -
(31) - حَدِيثُ: «أَنَّ حَنْظَلَةَ بْنَ الرَّاهِبِ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ جُنُبٌ، فَلَمْ يُغَسِّلْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ» ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ:«أَنَّ حَنْظَلَةَ لَمَّا قَتَلَهُ شَدَّادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ صَاحِبَكُمْ تُغَسِّلُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَسَلُوا صَاحِبَتَهُ. فَقَالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ جُنُبٌ لَمَّا سَمِعَ الْهَاتِفَ» ، وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: وَقَدْ قُتِلَ حَنْظَلَةُ» - الْحَدِيثَ - هَذَا سِيَاقُ ابْنِ حِبَّانَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ عَنْ جَدِّهِ، يَعُودُ عَلَى عَبَّادٍ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مِنْ مُسْنَدِ الزُّبَيْرِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْمَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي تِلْكَ الْحَالِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَرَوَاهُ ثَابِتٌ السَّرَقُسْطِيُّ فِي غَرِيبِهِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي إسْنَادِ الْبَيْهَقِيّ: أَبُو شَيْبَةَ الْوَاسِطِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَفِي إسْنَادِ الْحَاكِمِ: مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَفِي إسْنَادِ الطَّبَرَانِيِّ: حَجَّاجٌ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، رَوَاهُ الثَّلَاثَةُ عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. (تَنْبِيهٌ)
صَاحِبَتُهُ هِيَ زَوْجَتُهُ جَمِيلَةُ بِنْتُ أُبَيِّ، أُخْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ.
حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ» . أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي إسْنَادِهِمَا ضَعْفٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْهُ، وَهُوَ مِمَّا حَدَّثَ بِهِ عَطَاءٌ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ. وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ:«رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ فَمَاتَ، فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، أَخَرَجَهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
حَدِيثُ: الصَّلَاةِ عَلَى الْحَسَنِ. يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ.
763 -
(33) - حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إنَّ اللَّهَ لَا يَرُدَّ دَعْوَةَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ» . هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ، وَالْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ، وَلَا أَدْرِي مَنْ خَرَّجَهُ.
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: «إنَّ مِنْ إجْلَالِ اللَّهِ إكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ» . وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَأَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ حِبَّانَ: أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَلَمْ يُصِيبَا جَمِيعًا، وَلَهُ الْأَصْلُ الْأَصِيلُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَاللَّوْمُ فِيهِ عَلَى ابْنِ الْجَوْزِيِّ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ خَرَّجَ عَلَى الْأَبْوَابِ.
وَفِي النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ
طَلْحَةَ مَرْفُوعًا: «لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ فِي الْإِسْلَامِ، يَكْثُرُ تَكْبِيرُهُ، وَتَسْبِيحُهُ، وَتَهْلِيلُهُ، وَتَحْمِيدُهُ» .
764 -
(34) - حَدِيثُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ وَسَطَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَسَمَّاهَا مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ أُمَّ كَعْبٍ.
765 -
(35) - «حَدِيثُ أَنَسٍ: أَنَّهُ قَامَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَفِي جِنَازَةِ امْرَأَةٍ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا. فَقِيلَ لَهُ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعِنْدَ عَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ» . أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِهِ نَحْوَ هَذَا، وَفِيهِ: أَنَّهُ كَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ.
766 -
(36) - حَدِيثُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ عَلَى الْمَيِّتِ أَرْبَعًا، وَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى» . الشَّافِعِيُّ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ بِهَذَا، وَرَوَاهُ
الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِهِ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا:«صَلُّوا عَلَى مَوْتَاكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، الصَّغِيرُ، وَالْكَبِيرُ، وَالدَّنِيُّ، وَالْأَمِيرُ، أَرْبَعًا» . تَفَرَّدَ بِهِ عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ الْبَيْرُوتِيُّ عَنْ ابْنِ لَهَيْعَةَ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» . وَفِي إسْنَادِهِمَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ أَبُو شَيْبَةَ، ضَعِيفٌ جِدًّا، قُلْتُ: وَفِي الْبُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَقَالَ: إنَّهَا سُنَّةٌ: فَهَذَا يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ أَبِي شَيْبَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَادَ: وَسُورَةٍ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: ذِكْرُ السُّورَةِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ
حَدِيثِ أُمِّ شَرِيكٍ قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَقْرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» . وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ يَسِيرٌ. وَأَمَّا التَّكْبِيرُ فَتَقَدَّمَ فِيهِ حَدِيثُ أَنَسٍ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ:«صَلَّى عَلَى قَبْرٍ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا» «وَعَنْ جَابِرٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ: أَنَّهُ كَبَّرَ أَرْبَعًا» ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ كُلْثُومٍ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَحَثَا فِيهِ ثَلَاثًا» . قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُد: لَيْسَ فِي الْبَابِ أَصَحُّ مِنْهُ، وَسَلَمَةُ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ وَرَدَتْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ.
767 -
(37) - قَوْلُهُ: ثَبَتَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ عَلَى الْجِنَازَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ» . مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: «كَانَ زَيْدٌ يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا، وَأَنَّهُ كَبَّرَ خَمْسًا، فَسَأَلْتُهُ؟ فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُهَا» وَلِأَحْمَدَ عَنْ حُذَيْفَةَ: «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ خَمْسًا» وَفِيهِ أَنَّهُ رَفَعَهُ.
وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ، قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو سَرِيحَةَ الْغِفَارِيُّ
فَصَلَّى عَلَيْهِ زَيْدُ بْنُ أَرَقَمَ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى سَهْلٍ بْنِ حُنَيْفٍ، زَادَ الْبَرْقَانِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ سِتًّا. وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ فَقَالَ: خَمْسًا، وَعَنْهُ: أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أَبِي قَتَادَةَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ سَبْعًا. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ غَلِطَ؛ لِأَنَّ أَبَا قَتَادَةَ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ، قُلْت: وَهَذِهِ عِلَّةٌ غَيْرُ قَادِحَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَدْ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا يُكَبِّرُونَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ خَمْسًا، وَسِتًّا، وَسَبْعًا، وَذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: السُّنَّةُ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، ثُمَّ يَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ يَدْعُوَ وَيُخْلِصَ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ يُسَلِّمَ وَيَنْصَرِفَ، وَيَفْعَلُ مَنْ وَرَاءَهُ ذَلِكَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: هَذَا خَطَأٌ، إنَّمَا هُوَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ. قُلْتُ: حَدِيثُ حَبِيبٍ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُخْلِصَ الدُّعَاءَ فِي التَّكْبِيرَاتِ الثَّلَاثِ، ثُمَّ يُسَلِّمَ تَسْلِيمًا خَفِيًّا. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَفْعَلَ مَنْ وَرَاءَهُ مِثْلَ مَا فَعَلَ إمَامُهُ» . قَالَ الزُّهْرِيُّ: سَمِعَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ مِنْهُ فَلَمْ يُنْكِرْهُ، قَالَ: وَذَكَرْته لِمُحَمَّدِ بْنِ سُوَيْد فَقَالَ: وَأَنَا سَمِعْت الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ يُحَدِّثُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِي صَلَاةٍ صَلَّاهَا عَلَى الْمَيِّتِ مِثْلَ الَّذِي حَدَّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ.
768 -
(38) - قَوْلُهُ: وَالْأَرْبَعُ أَوْلَى، لِاسْتِقْرَارِ الْأَمْرِ عَلَيْهَا وَاتِّفَاقِ
الصَّحَابَةِ. أَمَّا اسْتِقْرَارُ الْآمِرِ: فَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: «كَبَّرَتْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى آدَمَ أَرْبَعًا، وَكَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعًا، وَكَبَّرَ عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَرْبَعًا، وَكَبَّرَ صُهَيْبٌ عَلَى عُمَرَ أَرْبَعًا، وَكَبَّرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى عَلِيٍّ أَرْبَعًا، وَكَبَّرَ الْحُسَيْنُ عَلَى الْحَسَنِ أَرْبَعًا» ، قُلْتُ: وَفِيهِ مَوْضِعَانِ مُنْكَرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَبَّرَ عَلَى النَّبِيِّ وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَّ النَّاسَ فِي ذَلِكَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ صَلُّوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَفْرَادًا كَمَا سَيَأْتِي. وَالثَّانِي: أَنَّ الْحُسَيْنَ كَبَّرَ عَلَى الْحَسَنِ؛ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الَّذِي أَمَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ كَمَا سَيَأْتِي، قَالَ الْحَاكِمُ: وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَخْرَجَهُ وَفِيهِ الْفُرَاتُ بْنُ سَلْمَانَ، وَلَفْظُهُ: آخِرُ «مَا كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا» . فَذَكَرَ قَالَ الْحَاكِمُ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْكِتَابِ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَرُوِيَ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَقَالَ الْأَثْرَمُ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْهُ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ هَذَا رَوَى أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً مِنْهَا هَذَا، وَاسْتَعْظَمَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ: كَانَ أَبُو الْمَلِيحِ أَتْقَى النَّاسِ وَأَصَحَّ حَدِيثًا مِنْ أَنْ يَرْوِيَ مِثْلَ هَذَا، وَقَالَ حَرْبٌ عَنْ أَحْمَدَ: هَذَا الْحَدِيثُ إنَّمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الطَّحَّانُ، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ.
وَرَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ لَهُ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شَاهِينَ بِسَنَدِهِ إلَى ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِ زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ رَوَاهُ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَذَا قَالَ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْءٌ، وَرَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ، وَأَمَّا اتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ: فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: إنَّ عُمَرَ قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ فَقَدْ كَانَ أَرْبَعًا وَخَمْسًا،
فَاجْتَمَعْنَا عَلَى أَرْبَعٍ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: «كَانُوا يُكَبِّرُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعًا، وَخَمْسًا، وَسِتًّا، وَسَبْعًا» ، فَجَمَعَ عُمَرُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِمَا رَأَى، فَجَمَعَهُمْ عُمَرُ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ. وَمِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: اجْتَمَعَ. أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ أَبِي مَسْعُودٍ فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعٌ.
وَرَوَى بِسَنَدِهِ إلَى الشَّعْبِيِّ: صَلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى زَيْدِ بْنِ عُمَرَ وَأُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ، فَكَبَّرَ أَرْبَعًا، وَخَلَفَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: وَمِمَّنْ رَوَيْنَا عَنْهُ الْأَرْبَعُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. وَغَيْرُهُمْ.
وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا، وَخَمْسًا، وَسَبْعًا، وَثَمَانِيًا، حَتَّى جَاءَ مَوْتُ النَّجَاشِيِّ، فَخَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى وَصَفَّ النَّاسَ وَرَاءَهُ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، ثُمَّ ثَبَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَرْبَعٍ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عز وجل» . وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالطَّحَاوِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ:«كَانَ عَلِيٌّ يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سِتًّا، وَعَلَى الصَّحَابَةِ خَمْسًا وَعَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ أَرْبَعًا» .
حَدِيثُ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ» . تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ، وَفِيهِ بَقِيَّةُ طُرُقِهِ.
769 -
(39) - حَدِيثُ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَقَدْ مَضَى.
حَدِيثُ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» . تَقَدَّمَ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنِي مُطَرِّفٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ: أَنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ، ثُمَّ يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ سِرًّا فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَخْلُصَ الدُّعَاءَ لِلْجِنَازَةِ فِي التَّكْبِيرَاتِ، لَا يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ، ثُمَّ يُسَلِّمَ سِرًّا. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَضُعِّفَتْ رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ بِمُطَرِّفٍ، لَكِنْ قَوَّاهَا الْبَيْهَقِيّ بِمَا رَوَاهُ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الرُّصَافِيِّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ بِمَعْنَى رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ.
وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، سَمِعْت أَبَا أُمَامَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: إنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يُخْلِصَ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ حَتَّى يَفْرُغَ، وَلَا يَقْرَأُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ يُسَلِّمَ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ الْجَارُودِ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ بِهِ، وَرِجَالُ هَذَا الْإِسْنَادِ مُخَرَّجٌ لَهُمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَهَمَ فِيهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ فَرَوَاهُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ.
770 -
(40) - حَدِيثُ: «إذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ» . أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ،
وَالْبَيْهَقِيُّ،، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ عَنْعَنَ، لَكِنْ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهُ مُصَرِّحًا بِالسَّمَاعِ.
771 -
(41) - حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جِنَازَةٍ فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ» - الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ - مُسْلِمٌ، وَزَادَ فِيهِ: وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا.
772 -
(42) - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جِنَازَةٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا، وَمَيِّتِنَا، وَصَغِيرِنَا، وَكَبِيرِنَا» - الْحَدِيثَ - أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، قَالَ: وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ، فَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ، وَأَعَلَّهُ التِّرْمِذِيُّ بِعِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، وَقَالَ: إنَّهُ فِي حَدِيثِهِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: الْحُفَّاظُ لَا يَذْكُرُونَ أَبَا هُرَيْرَةَ، إنَّمَا يَقُولُونَ: أَبُو سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا، وَلَا يُوصِلُهُ بِذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَّا غَيْرُ مُتْقِنٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ.
قُلْت: رُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَلَى أَوْجُهٍ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إبْرَاهِيمَ الْأَشْهَلِ، عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَصَحُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ رِوَايَةُ أَبِي إبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، نَقَلَهُ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ اسْمِهِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ: أَبُو إبْرَاهِيمَ مَجْهُولٌ، وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ وَهُوَ غَلَطٌ، أَبُو إبْرَاهِيمَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَأَبُو قَتَادَةَ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ.
(تَنْبِيهٌ)
الدُّعَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ، الْتَقَطَهُ مِنْ عِدَّةِ أَحَادِيثَ، قَالَهُ الْبَيْهَقِيّ ثُمَّ أَوْرَدَهَا، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: اخْتِلَافُ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو عَلَى مَيِّتٍ بِدُعَاءٍ، وَعَلَى آخَرَ بِغَيْرِهِ، وَاَلَّذِي أَمَرَ بِهِ أَصْلُ الدُّعَاءِ، وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: مَا أَتَاحَ لَنَا فِي دُعَاءِ الْجِنَازَةِ رَسُولُ اللَّهِ، وَلَا أَبُو بَكْرٍ، وَلَا عُمَرُ. وَفَسَّرَ أَتَاحَ بِمَعْنَى قَدَّرَ، وَاَلَّذِي وَقَفْتُ عَلَيْهِ تَاحَ أَيْ جَهَرَ، فَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثُ: «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» . تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.
حَدِيثُ: «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ جَمَاعَةً» . لَمْ أَجِدْ هَذَا هَكَذَا، لَكِنَّهُ مَعْرُوفٌ فِي الْأَحَادِيثِ كَحَدِيثِ صَلَاتِهِ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَصَلَاتِهِ عَلَى
النَّجَاشِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ طِفْلًا اقْتَصَرَ عَلَى الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيُضِيفُ إلَيْهِ:«اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ سَلَفًا وَفَرْطًا لِأَبَوَيْهِ، وَذُخْرًا وَعِظَةً وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا، وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ وَلَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ» ، انْتَهَى. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْمَنْفُوسِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرْطًا وَسَلَفًا وَأَجْرًا» . وَفِي جَامِعِ سُفْيَانَ، عَنْ الْحَسَنِ فِي «الصَّلَاةِ عَلَى الصَّبِيِّ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا سَلَفًا وَاجْعَلْهُ لَنَا فَرْطًا وَاجْعَلْهُ لَنَا أَجْرًا» .
(فَائِدَةٌ) :
ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ خِلَافًا فِي اسْتِحْبَابِ الذِّكْرِ فِي الرَّابِعَةِ، وَرَجَّحَ الِاسْتِحْبَابَ، وَدَلِيلُهُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ مَاتَ لَهُ ابْنٌ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا وَقَامَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، قَدْرَ مَا بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ يَدْعُو، ثُمَّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ هَكَذَا» . وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ الشَّافِعِيُّ فِي الْغَيْلَانِيَّاتِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَزَادَ: ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا أَزِيدُ عَلَى مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: التَّسْلِيمُ عَلَى الْجِنَازَةِ، كَالتَّسْلِيمِ فِي الصَّلَاةِ.
773 -
(43) - حَدِيثُ: «أَنَّ الصَّحَابَةَ صَلَّوْا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمَ فُرَادَى» ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ:«ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ فَصَلُّوا عَلَيْهِ أَرْسَالًا، لَمْ يَؤُمَّهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُسَيْبٍ، «أَنَّهُ شَهِدَ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك؟ قَالَ: اُدْخُلُوا أَرْسَالًا -» الْحَدِيثَ - وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إدْرِيسَ هُوَ كَذَّابٌ، وَقَدْ قَالَ الْبَزَّارُ: إنَّهُ مَوْضُوعٌ. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِسَنَدٍ وَاهٍ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، وَذَكَرَهُ مَالِكٌ بَلَاغًا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَصَلَاةُ النَّاسِ عَلَيْهِ أَفْذَاذًا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَنِ، وَجَمَاعَةُ أَهْلِ النَّقْلِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ دِحْيَةَ، بِأَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ حَكَى الْخِلَافَ فِيهِ، هَلْ صَلُّوا عَلَيْهِ الصَّلَاةَ الْمَعْهُودَةَ، أَوْ دَعَوْا فَقَطْ؟ ، وَهَلْ صَلُّوا عَلَيْهِ أَفْرَادًا أَوْ جَمَاعَةً، وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَمَّ عَلَيْهِ بِهِمْ، فَقِيلَ أَبُو بَكْرٍ، وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ لَا يَصِحُّ، فِيهِ حَرَامٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِيَقِينٍ لِضَعْفِ رُوَاتِهِ وَانْقِطَاعِهِ، قُلْتُ: وَكَلَامُ ابْنِ دِحْيَةَ هَذَا مُتَعَقَّبٌ بِرِوَايَةِ الْحَاكِمِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً، قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ صَلَّوْا عَلَيْهِ أَفْرَادًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ، وَبِهِ جَزَمَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: وَذَلِكَ لِعِظَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، وَتَنَافُسِهِمْ فِي أَلَّا يَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَاحِدٌ.
حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» . تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.
774 -
(44) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بِمَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَخَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَلَهُ طُرُقٌ
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَبْرٍ دُفِنَ لَيْلًا، فَقَالَ: مَتَى دُفِنَ هَذَا؟ قَالُوا: الْبَارِحَةَ، قَالَ: أَفَلَا آذَنْتُمُونِي؟ . قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَك، فَقَامَ فَصَفَّنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: الْبَارِحَةَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ: بَعْدَ مَا دُفِنَ بِثَلَاثٍ، وَفِي آخَرَ لِلطَّبَرَانِيِّ: بِلَيْلَتَيْنِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعَنْ أَنَسٍ نَحْوُهُ فِي الْبَزَّازِ وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ نَحْوُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ نَحْوُهُ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ، وَعِنْدَهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ عَوْفٍ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عِنْدَ النَّسَائِيّ، وَعَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعُبَادَةَ، وَأَبِي قَتَادَةَ، وَبُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ، ذَكَرَهَا حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ.
776 -
(46) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَبْرِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ بَعْدَ شَهْرٍ» الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَعْبَدِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ، أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَوْصُولًا دُونَ التَّأْقِيتِ، ثُمَّ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَ شَهْرٍ» . وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ «أَنَّ أُمَّ سَعْدٍ مَاتَتْ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَائِبٌ، فَلَمَّا قَدِمَ صَلَّى عَلَيْهَا، وَقَدْ مَضَى لِذَلِكَ شَهْرٌ» ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَإِسْنَادُهُ مُرْسَلٌ صَحِيحٌ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثٍ، وَفِي إسْنَادِهِ سُوَيْد بْنُ سَعِيدٍ.
777 -
(47) - حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَنَا أَكْرَمُ عَلَى رَبِّي مِنْ أَنْ يَتْرُكَنِي فِي قَبْرِي بَعْدَ ثَلَاثٍ» وَكَذَا أَوْرَدَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي نِهَايَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمَيْنِ، لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، لَكِنْ رَوَى الثَّوْرِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ شَيْخٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ:«مَا يَمْكُثُ نَبِيٌّ فِي قَبْرِهِ، أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً حَتَّى يُرْفَعَ» . وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ، «عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا مَكَثَ نَبِيٌّ فِي الْأَرْضِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» . وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَقِبَهُ حَدِيثَ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: «مَرَرْت بِمُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي
فِي قَبْرِهِ» . وَأَرَادَ بِذَلِكَ رَدَّ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمِمَّا يَقْدَحُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ حَدِيثُ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ:«صَلَاتُكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» - الْحَدِيثَ - ". وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ» . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا نَحْوَ الْأَوَّلِ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هَذَا بَاطِلٌ مَوْضُوعٌ.
وَقَدْ أَفْرَدَ الْبَيْهَقِيّ جُزْءًا فِي حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي قُبُورِهِمْ، وَأَوْرَدَ فِيهِ عِدَّةَ أَحَادِيثَ تُؤَيِّدُ هَذَا، فَيُرَاجَعُ مِنْهُ، وَقَالَ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: الْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ كَالشُّهَدَاءِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الِاعْتِقَادِ: وَالْأَنْبِيَاءُ بَعْدَ مَا قُبِضُوا رُدَّتْ إلَيْهِمْ أَرْوَاحُهُمْ، فَهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ كَالشُّهَدَاءِ. (تَنْبِيهٌ)
وَقَعَ لَلْغَزَالِيِّ فِي كِتَابِ كَشْفِ عُلُومِ الْآخِرَةِ هُنَا أَمْرٌ يَطُولُ مِنْهُ التَّعَجُّبُ: فَإِنَّهُ أَوْرَدَ الْحَدِيثَ بِلَفْظِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ ثُمَّ قَالَ: وَكَأَنَّ الثَّلَاثَ عَشَرَاتٍ لِأَنَّ الْحُسَيْنَ قُتِلَ عَلَى رَأْسِ السِّتِّينَ، فَغَضِبَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَعُرِجَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ، وَهَذَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ.
778 -
(48) - حَدِيثُ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» . مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جُنْدُبٍ قَالَ: «سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ وَهُوَ يَقُولُ: أَلَا لَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» .
(فَائِدَةٌ) :
دَلِيلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ صَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَصُهَيْبًا صَلَّى عَلَى عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ. وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ.
779 -
(49) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْفِنَ أَصْحَابَهُ فِي الْمَقَابِرِ» . لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، لَكِنْ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ» وَفِي هَذَا الْبَابِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ
780 -
(50) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دُفِنَ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ» . الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ: «قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَدُفِنَ فِي بَيْتِي» . وَفِي الْبَابِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ.
781 -
(51) - حَدِيثُ: «احْفِرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَعْمِقُوا» . أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ ذَلِكَ. صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ رَاوِيهِ عَنْ هِشَامٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ سَعْدَ بْنَ هِشَامٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَدْخَلَ
بَيْنَهُمَا أَبَا الدَّهْمَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُمَا أَحَدًا، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ «رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةٍ، فَرَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقَبْرِ يُوصِي الْحَافِرَ أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ» . إسْنَادُهُ صَحِيحٌ (تَنْبِيهٌ)
كَذَا وَقَعَ فِيهِ يُوصِي بِالْوَاوِ وَالصَّادِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْمَوَّاقِ: أَنَّ الصَّوَابَ يَرْمِي بِالرَّاءِ وَالْمِيمِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: قَالَ عُمَرُ: " أَعْمِقُوهُ لِي قَدْرَ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ. أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.
782 -
(52) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» . أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ بِهَذَا، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَامِرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
وَأَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ، وَفِيهِ عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، لَكِنْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طُرُقٍ، زَادَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ:" لِغَيْرِنَا "" أَهْلِ الْكِتَابِ ". وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ «حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: أَلْحِدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كَمَا فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَبُرَيْدَةَ، فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ، وَلَفْظُهُ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَلْحَدَ لَهُ لَحْدًا» . وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَلْحَدَ لَهُ، وَلِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ» . وَحَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ ابْنِ شَاهِينَ فِي النَّاسِخِ بِلَفْظِ حَدِيثِ الْبَابِ، وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ فِي كَامِلِ ابْنِ عَدِيٍّ.
783 -
(53) - حَدِيثُ: «رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلَانِ: أَحَدُهُمَا يُلْحِدُ، وَالْآخَرُ يَشُقُّ، فَبَعَثَ الصَّحَابَةُ فِي طَلَبِهِمَا، وَقَالُوا: أَيُّهُمَا جَاءَ أَوَّلًا عَمِلَ عَمَلَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ الَّذِي يُلْحِدُ، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي كَانَ يُضْرِحُ
هُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَنَّ الَّذِي كَانَ يُلْحِدُ هُوَ أَبُو طَلْحَةَ، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ نَحْوَ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهَا، رَوَاهُ أَبُو حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ حَمَّادٍ عَنْ هِشَامٍ، وَقَالَ: إنَّهُ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ الْمَحْفُوظُ مُرْسَلٌ، وَكَذَا رَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْمُرْسَلَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
784 -
(54) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ سَلًّا» . لَمْ أَجِدْهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، إنَّمَا هُوَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَعَلَّهُ مِنْ طُغْيَانِ الْقَلَمِ، فَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ الثِّقَةِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْهُ بِهَذَا، وَقِيلَ: إنَّ الثِّقَةَ هُنَا هُوَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى مُرْسَلًا مِثْلُهُ، وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَرَبِيعَةَ، وَأَبِي النَّضْرِ كَذَلِكَ، قَالَ: لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرَ، ثُمَّ وَجَدْت عَنْ شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِأَبِي الْبَرَكَاتِ بْنِ تَيْمِيَّةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ النِّجَادَ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: «سَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ سَلَّا، وَرَشَّ عَلَى قَبْرِهِ الْمَاءَ» .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْخِطْمِيَّ أَدْخَلَ الْمَيِّتَ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْ الْقَبْرِ، وَقَالَ: هَذَا مِنْ السُّنَّةِ.
785 -
(55) - حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَفَنَهُ عَلِيٌّ،
وَالْعَبَّاسُ، وَأُسَامَةُ» . أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:«غَسَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلِيٌّ، وَالْعَبَّاسُ، وَأُسَامَةُ، وَهُمْ أَدْخَلُوهُ قَبْرَهُ» . قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَرْحَبٌ أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا مَعَهُمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِمْ أَرْبَعَةً.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «وَلِيَ دَفْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةٌ: عَلِيٌّ، وَالْعَبَّاسُ، وَالْفَضْلُ، وَصَالِحٌ» .
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «دَخَلَ قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعَبَّاسُ، وَعَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ، وَسَوَّى لَحْدَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَهُوَ الَّذِي سَوَّى لُحُودَ الْأَنْصَارِ يَوْمَ بَدْرٍ» . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«كَانَ الَّذِينَ نَزَلُوا فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ، وَقَثْمٌ، وَشُقْرَانُ، وَنَزَلَ مَعَهُمْ قَوْلِيٌّ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَشُقْرَانُ هُوَ صَالِحٌ.
786 -
(56) - حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَفَنَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، سَتَرَ قَبْرَهُ بِثَوْبٍ» . الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَلَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ سَعْدٍ بِثَوْبِهِ» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا أَحْفَظُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي الْعَيْزَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، انْتَهَى. وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسُتِرَ عَلَى الْقَبْرِ، حَتَّى دَفَنَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِيهِ، فَكُنْت مِمَّنْ أَمَسَكَ الثَّوْبَ» . ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ
إلَى أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ أَنَّهُ حَضَرَ جِنَازَةَ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، فَأَمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ أَنْ يَبْسُطُوا عَلَيْهِ ثَوْبًا.
لَكِنْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ صَلَّى عَلَى الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ إلَى الْقَبْرِ فَدَعَا بِالسَّرِيرِ فَوُضِعَ عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَسُلَّ سَلًّا، ثُمَّ لَمْ يَدَعْهُمْ يَمُدُّونَ ثَوْبًا عَلَى الْقَبْرِ وَقَالَ: هَكَذَا السُّنَّةُ، فَيُحَرَّرُ هَذَا، فَلَعَلَّ الْحَدِيثَ كَانَ فِيهِ: وَأَمَرَ أَلَّا يَبْسُطُوا فَسَقَطَتْ لَا، أَوْ كَانَ فِيهِ فَأَبَى، بَدَلَ فَأَمَرَ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: شَهِدْت جِنَازَةَ الْحَارِثِ فَمَدُّوا عَلَى قَبْرِهِ ثَوْبًا، فَجَبَذَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، وَقَالَ: إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ، فَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي بِإِسْنَادٍ لَهُ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ أَتَاهُمْ وَنَحْنُ نَدْفِنُ قَيْسًا، وَقَدْ بُسِطَ الثَّوْبُ عَلَى قَبْرِهِ، فَجَذَبَهُ وَقَالَ: إنَّمَا يُصْنَعُ هَذَا بِالنِّسَاءِ.
787 -
(57) - قَوْلُهُ: «وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُدْخِلُهُ الْقَبْرَ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ» . رَوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. أَبُو دَاوُد وَبَقِيَّةُ أَصْحَابِ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِهِ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا وَضَعَ الْمَيِّتَ فِي الْقَبْرِ، قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ» وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِهِ مِنْ حَدِيثِهِ مَرْفُوعًا عِنْدَ النَّسَائِيّ، وَالْحَاكِمِ، وَغَيْرِهِمَا، وَأُعِلَّ بِالْوَقْفِ، وَتَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ،
وَوَقَفَهُ سَعِيدٌ، وَهِشَامٌ، فَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَبْلَهُ النَّسَائِيُّ: الْوَقْفَ، وَرَجَّحَ غَيْرُهُمَا رَفْعَهُ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ مَرْفُوعًا.
وَرَوَى الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ، وَقَالَا: تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَلْبِيِّ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَاسْتَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَلَّاجِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«قَالَ لِي الْحَلَّاجُ: يَا بُنَيَّ، إذَا مِتُّ فَأَلْحِدْنِي فَإِذَا وَضَعْتنِي فِي لَحْدِي فَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، ثُمَّ سُنَّ عَلَيَّ التُّرَابَ سَنًّا، ثُمَّ اقْرَأْ عِنْدَ رَأْسِي بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ، وَخَاتِمَتِهَا، فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ مَوْلَى الْغِفَارِيِّينَ حَدَّثَنِي الْبَيَاضِيُّ رَفَعَهُ:«الْمَيِّتُ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، فَلْيَقُلْ الَّذِينَ يَضَعُونَهُ حِينَ يُوضَعُ فِي اللَّحْدِ: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاَللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا، وَالْبَيْهَقِيُّ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَلَفْظُهُ:«لَمَّا وُضِعَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَبْرِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] بِسْمِ اللَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ» . الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: إذَا أُدْخِلَ الْمَيِّتُ الْقَبْرَ، أُضْجِعَ فِي اللَّحْدِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، كَذَلِكَ فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ. ابْنُ مَاجَهْ
مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُخِذَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، وَأُسْنِدَ بِهِ الْقِبْلَةَ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَرَوَى الْعُقَيْلِيُّ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ: «أُخِذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، وَأُلْحِدَ لَهُ، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا» . وَفِي إسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ التَّمِيمِيُّ وَقَدْ ضَعَّفُوهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ، فَيُنْظَرُ.
حَدِيثُ عُمَرَ: أَنَّهُ أَمَرَ بِدَفْنِ ذِمِّيَّةٍ. يَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ.
788 -
(58) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ جُعِلَ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطِيفَةً حَمْرَاءَ» مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِهِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ الْحَسَنِ نَحْوَهُ، وَزَادَ: لِأَنَّ الْمَدِينَةَ أَرْضٌ سَبْخَةٌ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَنَّ تِلْكَ الْقَطِيفَةَ اُسْتُخْرِجَتْ قَبْلَ أَنْ يُهَالَ التُّرَابُ. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: جُعِلَ، وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ، الْجَاعِلُ لِذَلِكَ هُوَ شُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ: أَنَا وَاَللَّهِ طَرَحْت الْقَطِيفَةَ تَحْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي، وَالْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: كَانَ شُقْرَانُ حِينَ وُضِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُفْرَتِهِ، أَخَذَ قَطِيفَةً قَدْ كَانَ يَلْبَسُهَا وَيَفْتَرِشُهَا فَدَفَنَهَا مَعَهُ فِي الْقَبْرِ، وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا يَلْبَسُهَا أَحَدٌ بَعْدَك، فَدُفِنَتْ مَعَهُ. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ: أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهَا، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
حَدِيثُ سَعْدٍ: «اصْنَعُوا بِي كَمَا صَنَعْتُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ، وَأَهِيلُوا عَلَيَّ التُّرَابَ» . الشَّافِعِيُّ قَالَ، بَلَغَنِي أَنَّهُ قِيلَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: " أَلَا نَتَّخِذُ لَك شَيْئًا كَأَنَّهُ الصُّنْدُوقُ مِنْ الْخَشَبِ؟ فَقَالَ: بَلْ اصْنَعُوا فَذَكَرَهُ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَوْصُولًا عَنْهُ، دُونَ قَوْلِهِ: أَهِيلُوا عَلَيَّ التُّرَابَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ فِي ابْنِ حِبَّانَ، وَعَنْ عَلِيٍّ فِي الْمُسْتَدْرَكِ.
789 -
(59) - حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَثَى عَلَى الْمَيِّتِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا» . الْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ:«رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ دَفَنَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ صَلَّى عَلَيْهِ أَرْبَعًا، وَحَثَى عَلَى قَبْرِهِ بِيَدِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ التُّرَابِ، وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ رَأْسِهِ» . وَزَادَ الْبَزَّارُ: فَأَمَرَ فَرُشَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا، قُلْت: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْمُنْذِرِ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَثَى فِي قَبْرٍ ثَلَاثًا» . وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: أَبُو الْمُنْذِرِ مَجْهُولٌ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَلَمْ يُصَبْ لَهُ حَسَنَةٌ إلَّا ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ حَثَاهَا فِي قَبْرٍ، فَغَفَرَتْ لَهُ ذُنُوبَهُ.
وَرَوَى
أَبُو الشَّيْخِ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «مَنْ حَثَى عَلَى مُسْلِمٍ احْتِسَابًا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ ثُرَاةٍ حَسَنَةً» . إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَثَى مِنْ قِبَلِ الرَّأْسِ ثَلَاثًا» . وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ.
قُلْت: إسْنَادُهُ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ، قَالَ: ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُلْثُومٍ، ثِنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، ثُمَّ أَتَى قَبْرَ الْمَيِّتِ فَحَثَى عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ثَلَاثًا» . لَيْسَ لِسَلَمَةَ بْنِ كُلْثُومٍ فِي سُنَنٍ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهَا إلَّا هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي دَاوُد فِي كِتَابِ التَّفَرُّدِ لَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَزَادَ فِي الْمَتْنِ:«أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا» وَقَالَ بَعْدَهُ: لَيْسَ يُرْوَى فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ أَرْبَعًا إلَّا هَذَا، فَهَذَا حُكْمٌ مِنْهُ بِالصِّحَّةِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، لَكِنَّ أَبَا حَاتِمٍ إمَامٌ لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ بِالْبُطْلَانِ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُ، وَأَظُنُّ الْعِلَّةَ فِيهِ عَنْعَنَةَ الْأَوْزَاعِيِّ، وَعَنْعَنَةَ شَيْخِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ هُوَ الْوُحَاظِيَّ شَيْخَ الْبُخَارِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
790 -
(60) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «أَنَّهُ أَلْحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَحْدًا وَنَصَبَ عَلَيْهِ اللَّبِنَ نَصْبًا، وَرَفَعَ قَبْرَهُ عَنْ الْأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ» ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُرْسَلًا لَيْسَ فِيهِ جَابِرٌ، وَهُوَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ.
791 -
(61) - حَدِيثُ: «عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْت: يَا أُمَّاهُ، اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ،
فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ، لَا مُشْرِفَةٍ وَلَا لَاطِئَةٍ، مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ» . أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، زَادَ الْحَاكِمُ:«وَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقَدَّمًا، وَأَبُو بَكْرٍ رَأْسُهُ بَيْنَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعُمَرُ رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسَنَّمًا وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِهِ، وَزَادَ: وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ، وَقَبْرَ عُمَرَ كَذَلِكَ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: رَأَيْت قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شِبْرًا، أَوْ نَحْوَ شِبْرٍ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا مُسَطَّحًا كَمَا قَالَ الْقَاسِمُ، ثُمَّ لَمَّا سَقَطَ الْجِدَارُ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أُصْلِحَ فَجُعِلَ مُسَنَّمًا، قَالَ: وَحَدِيثُ الْقَاسِمِ أَوْلَى وَأَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
792 -
(62) - حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَيُبْنَى عَلَيْهِ، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُوطَأَ» التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ،
وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِسَمَاعِ أَبِي الزُّبَيْرِ مِنْ جَابِرٍ، وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ بِدُونِ الْكِتَابَةِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: الْكِتَابَةُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ غَرِيبَةٌ، وَالْعَمَلُ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد:«أَوْ يُزَادُ عَلَيْهِ» ، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ الْبَيْهَقِيّ: لَا يُزَادُ فِي الْقَبْرِ أَكْثَرُ مِنْ تُرَابِهِ لِئَلَّا يَرْتَفِعَ. وَذَكَرَ صَاحِبُ مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ الْحَاكِمِ أَنَّهُ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: «لَا يَزَالُ الْمَيِّتُ يَسْمَعُ الْأَذَانَ مَا لَمْ يُطَيَّنْ قَبْرُهُ» . وَإِسْنَادُهُ بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الطَّايَكَانِيِّ وَقَدْ رَمَوْهُ بِالْوَضْعِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَطْيِينِ الْقُبُورِ، مِنْهُمْ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرٍ النِّجَادُ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رُفِعَ قَبْرُهُ مِنْ الْأَرْضِ شِبْرًا، وَطُيِّنَ بِطِينٍ أَحْمَرَ مِنْ الْعَرْصَةِ» .
793 -
(63) - حَدِيثُ: رُوِيَ «عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَشَّ قَبْرَ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ، وَوَضَعَ عَلَيْهِ الْحَصَى» . الشَّافِعِيُّ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ وَزَادَ:«وَأَنَّهُ أَوَّلُ قَبْرٍ رُشَّ عَلَيْهِ» . وَقَالَ بَعْدَ فَرَاغِهِ: «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ» . وَلَا أَعْلَمُهُ إلَّا قَالَ: «حَثَى عَلَيْهِ بِيَدَيْهِ» . رِجَالُهُ ثِقَاتٌ مَعَ إرْسَالِهِ.
794 -
(64) - حَدِيثُ بِلَالٍ: «أَنَّهُ رَشَّ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: «رُشَّ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَاءُ رَشًّا، وَكَانَ الَّذِي رَشَّ عَلَى قَبْرِهِ بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ، بَدَأَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ مِنْ
شِقِّهِ الْأَيْمَنِ حَتَّى انْتَهَى إلَى رِجْلَيْهِ» . وَفِي إسْنَادِهِ الْوَاقِدِيُّ.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا بِلَفْظِ:«رُشَّ عَلَى قَبْرِهِ الْمَاءُ، وَوُضِعَ عَلَيْهِ حَصًى مِنْ الْحَصْبَاءِ وَرُفِعَ قَبْرُهُ قَدْرَ شِبْرٍ» . وَلَمْ يُسَمِّ الَّذِي رَشَّ، وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ:«أَنَّ الرَّشَّ عَلَى الْقَبْرِ كَانَ عَلَى عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم»
795 -
(65) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ صَخْرَةً عَلَى قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَقَالَ: أُعَلِّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي» أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ وَلَيْسَ صَحَابِيًّا، وَقَالَ:«لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، أُخْرِجَ بِجِنَازَتِهِ فَدُفِنَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَ بِحَجَرٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، فَقَامَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، قَالَ الْمُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا، ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ» ، فَذَكَرَهُ. وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ لَيْسَ فِيهِ إلَّا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ رَاوِيهِ عَنْ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ صَدُوقٌ، وَقَدْ بَيَّنَ الْمُطَّلِبُ أَنَّ مُخْبِرًا أَخْبَرَهُ بِهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ، وَلَا يَضُرُّ إبْهَامُ الصَّحَابِيِّ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ عَدِيٍّ مُخْتَصَرًا مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ أَيْضًا، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ نُبَيْطٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ أَبُو زُرْعَةُ: هَذَا خَطَأٌ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الصَّوَابَ رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ كَثِيرٍ، عَنْ الْمُطَّلِبِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ فِيهِ ضَعْفٌ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي تَرْجَمَةِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ فِيهِ الْوَاقِدِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ
حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سَطَّحَ قَبْرَ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ» . تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ وَضَعَ عَلَيْهِ حَصْبَاءَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْحَصْبَاءُ لَا تَثْبُتُ إلَّا عَلَى مُسَطَّحٍ. حَدِيثُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: «رَأَيْت قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ، وَقَبْرَ عُمَرَ مُسَطَّحَةً» . تَقَدَّمَ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ مَا يُعَارِضُهُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ.
(تَنْبِيهٌ) احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْقُبُورَ تُسَطَّحُ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ: «لَا تَدَعْ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْته، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ» . وَعَنْ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا» .
حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ إذَا بَدَتْ جِنَازَةٌ، فَأُخْبِرَ أَنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُ ذَلِكَ، فَتَرَكَ الْقِيَامَ بَعْدَ ذَلِكَ مُخَالَفَةً لَهُمْ» أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ.
796 -
(66) - حَدِيثُ: «مَنْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ وَرَجَعَ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا وَلَمْ يَرْجِعْ فَلَهُ قِيرَاطَانِ، أَصْغَرُهُمَا، وَيُرْوَى: أَحَدُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ، وَلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ قُلْت: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَمَا الْقِيرَاطُ؟ قَالَ: مِثْلُ أُحُدٍ: وَهُوَ لِلْبُخَارِيِّ أَيْضًا، وَلِابْنِ أَيْمَنَ بِإِسْنَادِ الصَّحِيحِ قُلْت:«يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْقِيرَاطَانِ؟» . وَلِلْبُخَارِيِّ: «مَنْ تَبِعَ جِنَازَةَ مُسْلِمٍ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا وَيَفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا - يَرْجِعْ مِنْ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ» . وَعِنْدَهُمَا تَصْدِيقُ عَائِشَةَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظٍ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يَقْضِيَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، أَحَدُهُمَا أَوْ أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ» . وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بِالْقِصَّةِ الَّتِي لِابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَوَهِمَ فِي اسْتِدْرَاكِهَا؛ إلَّا أَنَّهُ زَادَ فِيهِ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، كُنْت أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَعْلَمَنَا بِحَدِيثِهِ وَفِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ أَيْضًا عِنْدَهُ: فَلَهُ مِنْ الْقِيرَاطِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ. وَأَنْكَرَهَا النَّوَوِيُّ عَلَى صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ فَوَهَمَ، وَلِلْبَزَّارِ مِنْ طَرِيقِ مَعْدِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ:«مَنْ أَتَى جِنَازَةً فِي أَهْلِهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ تَبِعَهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ انْتَظَرَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطٌ» . وَمَعِدِيُّ فِيهِ مَقَالٌ، وَفِي الْبَابِ عَنْ ثَوْبَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ. (تَنْبِيهٌ)
نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ حُصُولَ الْقِيرَاطِ الثَّانِي لِمَنْ رَجَعَ قَبْلَ إهَالَةِ التُّرَابِ، وَقَدْ يُحْتَجُّ لَهُ بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ:«وَمَنْ اتَّبَعَهَا حَتَّى تُوضَعَ فِي الْقَبْرِ» . قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّحِيحُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْفَرَاغِ مِنْ الدَّفْنِ، لِقَوْلِهِ:«حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا» . وَرِوَايَةُ: «حَتَّى تُوضَعَ» . مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا، وَقَدْ قَرَّرَ ذَلِكَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بَحْثًا فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ.
797 -
(67) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» . أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ وَالْبَزَّارُ عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ الْبَزَّارُ: لَا يُرْوَى
عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَقَّنَ الْمَيِّتُ بَعْدَ الدَّفْنِ، فَيُقَالُ:«يَا عَبْدَ اللَّهِ يَا ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا: شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ بَعَثَ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا. وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» ؛ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: «إذَا أَنَا مِتُّ فَاصْنَعُوا بِي كَمَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَصْنَعَ بِمَوْتَانَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إخْوَانِكُمْ فَسَوَّيْتُمْ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ، فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ لْيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُهُ وَلَا يُجِيبُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ؛ فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا يَرْحَمْكَ اللَّهُ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ. فَلْيَقُلْ: اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا: شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَيَقُولُ: انْطَلِقْ بِنَا مَا يُقْعِدُنَا عِنْدَ مَنْ لُقِّنَ حُجَّتُهُ. قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أُمَّهُ؟ قَالَ: يَنْسُبُهُ إلَى أُمِّهِ حَوَّاءَ، يَا فُلَانُ بْنُ حَوَّاءَ» . وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ.
وَقَدْ قَوَّاهُ الضِّيَاءُ فِي أَحْكَامِهِ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي الشَّافِي، وَالرَّاوِي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: سَعِيدٌ الْأَزْدِيُّ، بَيَّضَ لَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَلَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ، مِنْهَا: مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، وَضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، وَغَيْرِهِمَا قَالُوا:«إذَا سُوِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْرُهُ وَانْصَرَفَ النَّاسُ عَنْهُ، كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُقَالَ لِلْمَيِّتِ عِنْدَ قَبْرِهِ: يَا فُلَانُ قُلْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قُلْ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قُلْ: رَبِّي اللَّهُ، وَدِينِي الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّ مُحَمَّدٌ. ثُمَّ يَنْصَرِفُ» .
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ الْحَارِثِ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: «إذَا
دَفَنْتُمُونِي وَرَشَشْتُمْ عَلَى قَبْرِي الْمَاءَ، فَقُومُوا عَلَى قَبْرِي وَاسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَادْعُوا لِي» . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثٍ سِيقَ بَعْضُهُ، وَفِيهِ:«فَلَمَّا سَوَّى اللَّبِنَ عَلَيْهَا، قَامَ إلَى جَانِبِ الْقَبْرِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهَا، وَصَعِّدْ رُوحَهَا، وَلَقِّهَا مِنْك رِضْوَانًا» . وَفِيهِ أَنَّهُ رَفَعَهُ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ فِي حَدِيثٍ عِنْدَ مَوْتِهِ: " إذَا دَفَنْتُمُونِي أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٍ وَيُقَسَّمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ، وَأَعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ رُسُلَ رَبِّي ". وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ: «وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» . وَقَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْت لِأَحْمَدَ: هَذَا الَّذِي يَصْنَعُونَهُ إذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ يَقِفُ الرَّجُلُ وَيَقُولُ: يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ، قَالَ: مَا رَأَيْت أَحَدًا يَفْعَلُهُ إلَّا أَهْلُ الشَّامِ حِين مَاتَ أَبُو الْمُغِيرَةِ، يُرْوَى فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَم، عَنْ أَشْيَاخِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ، وَكَانَ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ يَرْوِيه، إلَى حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ.
قَوْلُهُ: الِاخْتِيَارُ: أَنْ يُدْفَنَ كُلُّ مَيِّتٍ فِي قَبْرٍ، كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، لَكِنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ.
قَوْلُهُ: وَأَمَرَ بِذَلِكَ لَا أَصْلَ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ، أَمَّا فِعْلُهُ فَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَأَمَرَ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، كَمَا سَيَأْتِي.
حَدِيثٌ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْأَنْصَارِ يَوْمَ أُحُدٍ: احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا وَاجْعَلُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ، وَقَدِّمُوا، أَكْثَرَهُمْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ» . أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ. حَدِيثُ: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتَحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إلَى
جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِلَفْظٍ آخَرَ.
798 -
(68) - حَدِيثُ: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ» . مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ:«اسْتَأْذَنْت رَبِّي أَنْ أَزُورَ قَبْرَ أُمِّي، فَأَذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْمَوْتَ» . وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَابْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَرًا، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَفِيهِ أَيُّوبُ بْنُ هَانِئٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ، وَلَفْظُهُ:«فَإِنَّهَا عِبْرَةٌ»
وَعَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَلَفْظُهُ: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ثُمَّ بَدَا لِي أَنَّهُ يُرِقُّ الْقَلْبَ، وَيُدْمِعُ الْعَيْنَ، وَيُذَكِّرُ الْآخِرَةَ، فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا» . وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا، لَكِنَّ سَنَدَهُ، ضَعِيفٌ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «رَخَّصَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
799 -
(69) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» . أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ حَسَّانٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَالْبَزَّارُ، وَابْنُ حِبَّانَ
وَالْحَاكِمُ، مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ أَبَا صَالِحٍ هُوَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَغْرَبَ ابْنُ حِبَّانَ فَقَالَ: أَبُو صَالِحٍ رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ، اسْمُهُ مِيزَانٌ، وَلَيْسَ هُوَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ.
(فَائِدَةٌ) :
مِمَّا يَدُلُّ لِلْجَوَازِ بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّسَاءِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ: كَيْفَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ تَعْنِي إذَا زُرْت الْقُبُورَ، قَالَ: قُولِي السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ» .
وَلِلْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ كَانَتْ تَزُورُ قَبْرَ عَمِّهَا حَمْزَةَ كُلَّ جُمُعَةٍ، فَتُصَلِّي وَتَبْكِي عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَقُولَ الزَّائِرُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ» . الْحَدِيثَ. مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إلَى الْمَقْبَرَةِ، فَقَالَ ذَلِكَ. وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظٍ آخَرَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بِلَفْظٍ آخَرَ وَهُوَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إنْ
شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ» .
800 -
(70) - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» . التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ وَقَدْ ضُعِّفَ بِسَبَبِهِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا، قَالَ: وَيُقَالُ: أَكْثَرُ مَا اُبْتُلِيَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ هَذَا الْحَدِيثَ نَقَمُوهُ عَلَيْهِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، وَهُوَ أَحَدُ مَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: قَدْ رَوَاهُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ.
وَرُوِيَ عَنْ إسْرَائِيلَ، وَقَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَالثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
وَرَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ طَرِيقِ نَصْرِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ شُعْبَةَ نَحْوَهُ، وَقَالَ الْخَطِيبُ: رَوَاهُ عَبْدُ الْحَكَمِ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْحَارِثُ بْنُ عِمْرَانَ الْجَعْفَرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ مَعَ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا ثَابِتًا، وَيُحْكَى عَنْ أَبِي دَاوُد أَنَّهُ قَالَ: عَاتَبَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ فِي وَصْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَهُمْ مُنْقَطِعٌ، وَقَالَ لَهُ: إنَّ أَصْحَابَك الَّذِينَ سَمِعُوهُ مَعَك لَا يُسْنِدُونَهُ فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ، قُلْت: وَرِوَايَةُ الثَّوْرِيِّ مَدَارُهَا عَلَى حَمَّادِ بْنِ الْوَلِيدِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَكُلُّ الْمُتَابِعِينَ لِعَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ أَضْعَفُ مِنْهُ بِكَثِيرٍ، وَلَيْسَ فِيهَا رِوَايَةٌ يُمْكِنُ التَّعَلُّقُ بِهَا إلَّا طَرِيقَ إسْرَائِيلَ، فَقَدْ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْكَمَالِ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْهُ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى إسْنَادِهَا بَعْدُ، وَلَهُ شَاهِدٌ أَضْعَفُ مِنْهُ، طَرِيقُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، سَاقَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَمِنْ شَوَاهِدِهِ حَدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ مَرْفُوعًا:«مَنْ عَزَّى ثَكْلَى كُسِيَ بُرْدًا فِي الْجَنَّةِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ،
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا:«مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ، إلَّا كَسَاهُ اللَّهُ عز وجل مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
801 -
(71) - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ جَاءَهُمْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ» . الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَهِيَ وَالِدَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ.
802 -
(72) - حَدِيثُ: «إذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ» . مَالِكٌ،
وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَفِيهِ قَالُوا: وَمَا الْوُجُوبُ؟ قَالَ: " الْمَوْتُ ". وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ أَنَّ بَعْضَ رُوَاتِهِ قَالَ: «الْوُجُوبُ إذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ» وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ الْبُكَاءِ عَلَى حَمْزَةَ، وَفِي آخِرِهِ: وَلَا يُبْكَيَنَّ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ.
803 -
(73) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ فِي حِجْرِهِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إنَّهَا رَحْمَةٌ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ - ثُمَّ قَالَ -: الْعَيْنُ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبُ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ بِهَذَا وَأَتَمَّ مِنْهُ، لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ:«وَإِنَّهَا رَحْمَةٌ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» قَالَهُ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي حَقِّ ابْنِ ابْنَتِهِ لَا فِي هَذَا، وَفِي هَذَا: أَنَّ السَّائِلَ لَهُ فِي ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ،
عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ.
وَفِي الْبَابِ فِي مُطْلَقِ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ، عَنْ جَابِرٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَعَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِيهِ، وَفِي قِصَّةِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ النَّسَائِيّ، وَابْنِ مَاجَهْ، وَابْنِ حِبَّانَ، بِلَفْظِ:«مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِجِنَازَةٍ فَانْتَهَرَهُنَّ عُمَرُ. فَقَالَ: دَعْهُنَّ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَإِنَّ النَّفْسَ مُصَابَةٌ، وَالْعَيْنَ دَامِعَةٌ، وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ» . وَعَنْ بُرَيْدَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي زِيَارَتِهِ قَبْرَ أُمِّهِ صلى الله عليه وسلم.
804 -
(74) - حَدِيثُ: «لَعَنَ اللَّهُ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ» . وَفِي نُسْخَةٍ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِاللَّفْظِ الثَّانِي، وَاسْتَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.
805 -
(75) - حَدِيثُ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ» . مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، بِزِيَادَةِ:«وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» .
806 -
(76) - حَدِيثُ: «إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا، وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ:«الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: «إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ» وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِحَفْصَةَ: أَمَا عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ» . زَادَ ابْنُ حِبَّانَ قَالَتْ: بَلَى.
(تَنْبِيهٌ) :
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الصَّوَابُ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ أَنْ يُقَالَ: بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ
الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ، مِنْ أَعْوَلَ يُعَوَّلُ إذَا رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْبُكَاءِ، وَهُوَ الْعَوِيلُ، وَمَنْ شَدَّدَهُ أَخْطَأَ، انْتَهَى. وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ التَّشْدِيدَ، وَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بِلَفْظِ:«مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . لَفْظُ مُسْلِمٍ.
وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: إنِّي أَعْتَذِرُ إلَيْكُمْ مِنْ شَأْنِ أُولَاءِ، إنَّهُنَّ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«الْمَيِّتُ يُنْضَحُ عَلَيْهِ الْحَمِيمُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عَلَيْهِ» ، انْتَهَى. وَفِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ زُبَالَةَ، قَالَ الْبَزَّارُ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ وَكَذَّبَهُ غَيْرُهُ، وَلَقَدْ أَتَى فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِطَامَّةٍ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُنْكِرُ هَذَا الْإِطْلَاقَ، كَمَا سَيَأْتِي.
وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا «الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ» ، إذَا قَالَتْ الْجَمَاعَةُ: وَاعَضُدَاهُ، وَانَاصِرَاه، وَاكَاسِبَاهُ جُبِذَ الْمَيِّتُ، وَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ كَذَلِكَ؟ ". وَلِابْنِ مَاجَهْ نَحْوُهُ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ:«مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ بَاكِيهِمْ فَيَقُولُ: وَاجَبَلَاهُ وَاسَنَدَاهُ وَنَحْوَهُ إلَّا وَيَلْزَمُهُ مَلَكَانِ بِلَهَازِمِهِ أَهَكَذَا أَنْتَ؟» .
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَشَاهِدُهُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ. أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ،
فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ تَبْكِي وَتَقُولُ: وَاجَبَلَاهُ وَكَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إلَّا قِيلَ لِي أَنْتَ كَذَا؟ فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ.
وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَمْلِيَاءُ قَالَ: ذَكَرُوا عِنْد عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ، فَقَالُوا: كَيْفَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ؟ فَقَالَ عِمْرَانُ: قَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
(فَائِدَةٌ) :
اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَاخْتَارَ الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُكَاءِ مَا كَانَ مِنْ النِّيَاحَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَذَابِ الَّذِي يُعَذَّبُ بِهِ الْمَيِّتُ، مَا يَنَالُهُ مِنْ الْأَذَى بِمَعْصِيَةِ أَهْلِهِ لِلَّهِ، وَاخْتَارَ هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ مِنْ آخِرِهِمْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
807 -
(77) - حَدِيثُ عَائِشَةَ: «رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاَللَّهِ مَا كَذَبَ، وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ أَوْ نَسِيَ، إنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى يَهُودِيَّةٍ وَهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: إنَّهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّهَا تُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا» ، انْتَهَى. وَهَذَا اللَّفْظُ الَّذِي أَوْرَدَهُ إنَّمَا قَالَتْهُ عَائِشَةُ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَأَمَّا الرَّدُّ عَلَى عُمَرَ فَقَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ، وَاَللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الْمُؤْمِنِينَ بِبُكَاءِ أَحَدٍ، وَلَكِنْ قَالَ:«إنَّ اللَّهَ يَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» . وَقَدْ أَنْكَرَ النَّوَوِيُّ عَلَى الرَّافِعِيِّ مَا أَوْرَدَهُ، وَقَالَ: إنَّهُ تَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيَّ، وَهُوَ غَلَطٌ، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الْمُحْسِنِ الْبَغْدَادِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، بَلَغَهَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ:«إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ. فَقَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ، وَاَللَّهِ مَا هُمَا بِكَاذِبَيْنِ. وَلَكِنَّهُمَا وَهَمَا» ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ لَمَّا بَلَغَهَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: إنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَ عَنْ غَيْرِ
كَاذِبَيْنِ وَلَا مُكَذِّبَيْنِ، وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ.
808 -
(78) - قَوْلُهُ: وَرَدَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ: عَلَى الْمَبْطُونِ، وَالْغَرِيقِ وَالْغَرِيبِ، وَالْمَيِّتِ عِشْقًا وَالْمَيِّتَةِ طَلْقًا، أَمَّا الْمَبْطُونُ وَالْغَرِيقُ، فَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . وَلِمَالِكٍ، وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ نَحْوُهُ: وَالْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أُمِّ حَرَامٍ:«الْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ، وَالْغَرِيقُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ» . وَلِأَبِي دَاوُد. وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ مَرْفُوعًا:«الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الْمَطْعُونُ، وَالْغَرِقُ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ، وَالْمَبْطُونُ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ، وَاَلَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ» . وَأَمَّا الْغَرِيبُ: فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ
حَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَوْتُ الْغَرِيبِ شَهَادَةٌ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْهُذَيْلِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالْهُذَيْلُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى الْهُذَيْلِ هَذَا، وَصَحَّحَ قَوْلَ مَنْ قَالَ: عَنْ الْهُذَيْلِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَاغْتَرَّ عَبْدُ الْحَقِّ بِهَذَا، وَادَّعَى أَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ صَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فَأَجَادَ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ وَالْبَزَّارُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا، تَفَرَّدَ بِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ إبْرَاهِيمُ هَذَا يَسْرِقُ الْحَدِيثَ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ سَرَقَهُ مِنْ الْهُذَيْلِ، وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ وَقَالَ: رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ مُرْسَلًا وَهُوَ أَوْلَى، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ أَبُو رَجَاءَ الْخُرَاسَانِيُّ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ: هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَرَوَاهُ أَبُو مُوسَى فِي الذَّيْلِ فِي تَرْجَمَةِ عَنْتَرَةَ جَدِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ فِي حَدِيثٍ، وَهُوَ فِي الطَّبَرَانِيِّ وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا وَأَمَّا الْمَيِّتُ عِشْقًا فَاشْتَهَرَ مِنْ رِوَايَةِ سُوَيْد بْنِ سَعِيدٍ الْحَدَثَانِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ، وَكَتَمَ، ثُمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدًا» .
وَقَدْ أَنْكَرَهُ عَلَى سُوَيْد الْأَئِمَّةُ، قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ، وَكَذَا أَنْكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ، وَابْنُ طَاهِرٍ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَنْ رَوَى مِثْلَ هَذَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ تَجِبُ مُجَانَبَةُ رِوَايَتِهِ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُسْلِمٌ أَخْرَجَ لَهُ فِي صَحِيحِهِ فَقَدْ اعْتَذَرَ مُسْلِمٌ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ عَنْهُ إلَّا مَا كَانَ عَالِيًا وَتُوبِعَ عَلَيْهِ، وَلِأَجْلِ هَذَا أَعْرَضَ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: صَدُوقٌ وَأَكْثَرُ مَا عِيبَ عَلَيْهِ التَّدْلِيسُ وَالْعَمَى، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ لَمَّا كَبِرَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ حَدِيثٌ فِيهِ بَعْضُ النَّكَارَةِ فَيُجِيزُهُ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّهُ رَوَى أَحَادِيثَ
مُنْكَرَةً لُقِّنَهَا بَعْدَ عَمَاهُ فَتَلَقَّنَ: لَوْ كَانَ لِي فَرَسٌ وَرُمْحٌ لَكُنْت أَغْزُو سُوَيْد بْنَ سَعِيدٍ، وَقَالَ الْحَاكِمُ بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُد بْنِ عَلِيٍّ الظَّاهِرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُوَيْد: أَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرُ سُوَيْد، وَهُوَ وَدَاوُد وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ ثِقَاتٌ، انْتَهَى. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ دَاوُد وَابْنِهِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَزْرَقِ، عَنْ سُوَيْد.
وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ سُوَيْد فَرَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ عِيسَى، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوُهُ، وَيَعْقُوبُ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ بَكَّارٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ بِهِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقُ غَلِطَ فِيهَا بَعْضُ الرُّوَاةِ فَأَدْخَلَ إسْنَادًا فِي إسْنَادٍ، وَقَدْ قَوَّى بَعْضُهُمْ هَذَا الْخَبَرَ، حَتَّى يُقَالَ: إنَّ أَبَا الْوَلِيدِ الْبَاجِيَّ نَظَمَ فِي ذَلِكَ:
إذَا مَاتَ الْمُحِبُّ جَوًى وَعِشْقًا
…
فَتِلْكَ شَهَادَةٌ يَا صَاحِ حَقَّا
رَوَاهُ لَنَا ثِقَاتٌ عَنْ ثِقَاتٍ
…
إلَى الْحَبْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَرَقَّا
وَأَمَّا الْمَيِّتَةُ طَلْقًا: فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي ذِكْرِ الشُّهَدَاءِ قَالَ: وَالنُّفَسَاءُ شَهِيدٌ، وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ:«الشَّهَادَةُ سَبْعٌ» . فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ: وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ.
(تَنْبِيهٌ) :
جُمْعٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ: هِيَ الْمَرْأَةُ تَمُوتُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ، وَقِيلَ: هِيَ الْبِكْرُ خَاصَّةً، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ بْن جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا:«إنَّ لِلْمَرْأَةِ فِي حَمْلِهَا إلَى وَضْعِهَا إلَى فِصَالِهَا مِنْ الْأَجْرِ كَمَا لِلْمُرَابِطِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ هَلَكَتْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَلَهَا أَجْرُ شَهِيدٍ» .
حَدِيثُ: " أَنَّ عَلِيًّا غَسَّلَ فَاطِمَةَ ". الشَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ
عَنْ عُمَارَةَ - هُوَ ابْنُ الْمُهَاجِرِ - عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ: أَنَّ فَاطِمَةَ أَوْصَتْ أَنْ تُغَسِّلهَا هِيَ وَعَلِيٌّ، فَغَسَّلَاهَا، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَوْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَسْمَاءَ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ فَاطِمَةَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثَنَا قُتَيْبَةُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا الْمَخْزُومِيُّ بِهِ، وَسَمَّى أُمَّ عَوْنٍ أُمَّ جَعْفَرٍ بِنْتَ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، ثُمَّ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ فِي هَذَا الْوَقْتِ كَانَتْ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَعْلَمْ بِوَفَاةِ فَاطِمَةَ، لِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ عَلِيًّا دَفَنَهَا لَيْلًا، وَلَمْ يُعْلِمْ أَبَا بَكْرٍ فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ تُغَسِّلَهَا زَوْجَتُهُ وَلَا يَعْلَمُ هُوَ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ عَلِمَ بِذَلِكَ، وَظَنَّ أَنَّ عَلِيًّا سَيَدْعُوهُ لِحُضُورِ دَفْنِهَا وَظَنَّ عَلِيٌّ أَنَّهُ يَحْضُرُ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْعَاءٍ مِنْهُ، فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، وَأَجَابَ فِي الْخِلَافِيَّاتِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَلِمَ بِذَلِكَ، وَأَحَبَّ أَنْ لَا يَرُدَّ غَرَضَ عَلِيٍّ فِي كِتْمَانِهِ مِنْهُ، وَقَدْ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَحْمَدُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَفِي جَزْمِهِمَا بِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ عِنْدَهُمَا.
(تَنْبِيهٌ) :
هَذَا إنْ صَحَّ يَبْطُلُ مَا رُوِيَ أَنَّهَا غَسَّلَتْ نَفْسَهَا وَمَاتَتْ، وَأَوْصَتْ أَنْ لَا يُعَادَ غُسْلُهَا، فَفَعَلَ عَلِيٌّ ذَلِكَ، وَهُوَ خَبَرٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ سَلْمَى زَوْجِ أَبِي رَافِعٍ كَذَا فِي الْمُسْنَدِ، وَالصَّوَابُ: سَلْمَى أُمُّ رَافِعٍ وَهُوَ حَدِيثٌ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَفِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ، وَأَفْحَشَ الْقَوْلَ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ رَاوِيهِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ تَوَلَّى رَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي فِي التَّنْقِيحِ.
حَدِيثُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبِهِ الْخَلَقِ، فَنُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ،
الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهَا: فِي كَمْ كَفَّنْتُمْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَلَا عِمَامَةٌ، فَنَظَرَ إلَى ثَوْبٍ كَانَ يَمْرَضُ فِيهِ، بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ، فَقَالَ:" اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ ". قُلْت: إنَّ هَذَا خَلَقٌ، قَالَ: إنَّ الْحَيَّ أَوْلَى بِالْجَدِيدِ مِنْ الْمَيِّتِ، إنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ، الْحَدِيثَ.
(تَنْبِيهٌ) :
الْمُهْلَةُ مُثَلَّثَةُ الْمِيمِ صَدِيدُ الْمَيِّتِ، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا اُحْتُضِرَ أَبُو بَكْرٍ - فَذَكَرَ قِصَّةً - وَفِيهَا: " اُنْظُرُوا ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ فَاغْسِلُوهُمَا، ثُمَّ كَفِّنُونِي فِيهِمَا، فَإِنَّ الْحَيَّ أَحْوَجُ إلَى الْجَدِيدِ مِنْهُمَا ". وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ فِي الثَّوْبَيْنِ.
حَدِيثُ: أَنَّ الصَّحَابَةَ صَلَّوْا عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، أَلْقَاهَا طَائِرٌ بِمَكَّةَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ، وَعَرَفُوا أَنَّهَا يَدُهُ بِخَاتَمِهِ، ذَكَرَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي الْأَنْسَابِ، وَزَادَ: أَنَّ الطَّائِرَ كَانَ نَسْرًا، وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا، وَذَكَرَ أَبُو مُوسَى فِي الذَّيْلِ: أَنَّ الطَّائِرَ أَلْقَاهَا بِالْمَدِينَةِ، وَذَكَر ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَنَّ الطَّائِرَ أَلْقَاهَا بِالْيَمَامَةِ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ أَلْقَاهَا بِالطَّائِفِ.
(فَائِدَةٌ) :
الرَّافِعِيُّ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ صَلَّى عَلَى رُءُوسٍ، وَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ ثَوْرٍ، لَكِنْ لَمْ يُسَمِّ خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ، ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: بَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ
بِرَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَازِمٍ بِخُرَاسَانَ، فَكَفَّنَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَازِمٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَوَّلُ رَأْسٍ صُلِّيَ عَلَيْهِ رَأْسُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَضَعَّفَهُ صَاعِدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَهُوَ وَاهٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ صَلَّى عَلَى رِجْلٍ
حَدِيثُ: " أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُغَسِّلْ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: جَاءَ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ صُوحَانَ قَالَ: " لَا تَنْزِعُوا عَنِّي ثَوْبًا وَلَا تَغْسِلُوا عَنِّي دَمًا وَادْفِنُونِي فِي ثِيَابِي، وَقُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ ".
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طُرُقِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ نَحْوَهُ.
حَدِيثُ: أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ أَوْصَى أَنْ لَا يُغَسَّلَ. الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ.
حَدِيثُ: أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ غَسَّلَتْ ابْنَهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ. الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: وَجَاءَ كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِأَنْ يُدْفَعَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ قَتْلِهِ إلَى أَهْلِهِ، فَأَتَيْت بِهِ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، فَغَسَّلَتْهُ، وَكَفَّنَتْهُ، وَحَنَّطَتْهُ، وَدَفَنَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. إسْنَادٌ صَحِيحٌ.
وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، كُنْت الْآذَانَ لِمَنْ بَشَّرَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ بِنُزُولِ ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ مِنْ الْخَشَبَةِ، فَدَعَتْ بِمِرْكَنٍ وَشَبٍّ يَمَانِيٍّ، وَأَمَرَتْنِي بِغُسْلِهِ.
حَدِيثُ: " أَنَّ عُمَرَ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَقَدْ قُتِلَ ظُلْمًا بِالْمُحَدَّدِ ". مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عَاشَ
عُمَرُ ثَلَاثًا بَعْدَ أَنْ طُعِنَ، ثُمَّ مَاتَ فَغُسِّلَ وَكُفِّنَ.
حَدِيثُ: " أَنَّ عُثْمَانَ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَقَدْ قُتِلَ ظُلْمًا بِالْمُحَدَّدِ ".
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: أَقَامَ عُثْمَانُ مَطْرُوحًا عَلَى كُنَاسَةِ بَنِي فُلَانٍ ثَلَاثًا، فَأَتَاهُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا: مِنْهُمْ جَدِّي مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ، وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ عُثْمَانَ، وَمَعَهُمْ مِصْبَاحٌ فَحَمَلُوهُ عَلَى بَابٍ، وَإِنَّ رَأْسَهُ تَقُولُ عَلَى الْبَابِ طَقْ طَقْ، حَتَّى أَتَوْا بِهِ الْبَقِيعَ فَصَلَّوْا عَلَيْهِ، ثُمَّ أَرَادُوا دَفْنَهُ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - فِي دَفْنِهِ بِحَشِّ كَوْكَبٍ، وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ مُخْتَصَرًا وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ.
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرُّوخَ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: شَهِدْت عُثْمَانَ دُفِنَ فِي ثِيَابِهِ بِدِمَائِهِ، وَرَوَاهُ الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمِهِ فَزَادَ: وَلَمْ يُغَسَّلْ، وَكَذَا فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: صَلَّى الزُّبَيْرُ عَلَى عُثْمَانَ وَدَفَنَهُ، وَكَانَ قَدْ أَوْصَى إلَيْهِ.
(تَنْبِيهٌ) :
اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُغَسَّلْ، وَاخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ فَتُرَدُّ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ.
حَدِيثُ: أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ قَدَّمَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ فَصَلَّى عَلَى الْحَسَنِ. الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ: سَمِعْت أَبَا حَازِمٍ يَقُولُ: إنِّي لَشَاهِدٌ يَوْمَ مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَرَأَيْت الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَيَطْعَنُ فِي عُنُقِهِ: تَقَدَّمْ، فَلَوْلَا أَنَّهَا سُنَّةٌ مَا قُدِّمْتَ. وَسَالِمٌ ضَعِيفٌ، لَكِنْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ بِنَحْوِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْأَوْسَطِ: لَيْسَ فِي الْبَابِ أَعْلَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ جِنَازَةَ الْحَسَنِ حَضَرَهَا جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ
مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى فِيهَا مُبْهَمٌ لَمْ يُسَمِّ.
حَدِيثُ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ صَلَّى عَلَى زَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ فَوَضَعَ الْغُلَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالْمَرْأَةَ خَلْفَهُ، وَفِي الْقَوْمِ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِينَ نَفْسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَصَوَّبُوهُ، وَقَالُوا: هَذِهِ السُّنَّةُ. أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارِ أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةَ أُمِّ كُلْثُومٍ وَابْنِهَا، فَجَعَلَ الْغُلَامَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، فَأَنْكَرْت ذَلِكَ وَفِي الْقَوْمِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو قَتَادَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالُوا: هَذِهِ السُّنَّةُ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فَقَالَ: وَفِي الْقَوْمِ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَنَحْوٌ مِنْ ثَمَانِينَ نَفْسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(تَنْبِيهٌ) :
أَبْهَمَ الْإِمَامَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ: أَنَّهُ ابْنُ عُمَرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى سَبْعِ جَنَائِزَ جَمِيعًا رِجَالًا وَنِسَاءً، فَجَعَلَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَجَعَلَ النِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَصَفَّهُمْ صَفًّا وَاحِدًا وَوُضِعَتْ جِنَازَةُ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ امْرَأَةِ عُمَرَ، وَابْنٍ لَهَا يُقَالُ لَهُ: زَيْدٌ، قَالَ: وَالْإِمَامُ يَوْمَئِذٍ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، وَفِي النَّاسِ يَوْمَئِذٍ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو قَتَادَةَ، فَوَضَعَ الْغُلَامَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، فَقُلْت: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: السُّنَّةُ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الْجَارُودِ فِي الْمُنْتَقَى، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَمَّ بِهِمْ حَقِيقَةً بِإِذْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: إنَّ الْإِمَامَ كَانَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ - يَعْنِي الْأَمِيرَ جَمَعَا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ - أَوْ أَنَّ نِسْبَةَ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ؛ لِكَوْنِهِ أَشَارَ بِتَرْتِيبِ وَضْعِ تِلْكَ الْجَنَائِزِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الصَّلَاةِ.
حَدِيثُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَى جَنَائِزَ فَجَعَلَ الرِّجَالَ يَلُونَهُ، وَالنِّسَاءَ يَلِينَ الْقِبْلَةَ. تَقَدَّمَ قَبْلَهُ.
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي جَمِيعِ تَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ ". الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَوَصَلَهُ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ نَافِعٍ بِهِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي. الْأَوْسَطِ فِي تَرْجَمَةِ مُوسَى بْنِ عِيسَى مَرْفُوعًا، وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ نَافِعٍ إلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ، تَفَرَّدَ بِهِ عَبَّادُ بْنُ صُهَيْبٍ. قُلْت: وَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَيَرُدُّ عَلَى إطْلَاقِهِ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ بِهِ مَرْفُوعًا، لَكِنْ قَالَ فِي الْعِلَلِ: تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَرَوَاهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ يَزِيدَ مَوْقُوفًا وَهُوَ الصَّوَابُ.
حَدِيثُ أَنَسٍ مِثْلُ ذَلِكَ، الشَّافِعِيُّ عَمَّنْ سَمِعَ سَلَمَةَ بْنَ وَرْدَانَ يَذْكُرُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ كُلَّمَا كَبَّرَ عَلَى الْجِنَازَةِ. قَوْلُهُ: عَنْ عُرْوَةَ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ مِثْلُهُ، الشَّافِعِيُّ بَلَغَنَا عَنْ عُرْوَةَ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
(تَنْبِيهٌ) :
رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ
لَا يَعُودُ» . وَإِسْنَادُهُمَا ضَعِيفَانِ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.
حَدِيثُ: رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ الذِّمِّيَّةَ إذَا مَاتَتْ وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ مُسْلِمٌ، أَنْ تُدْفَنَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ امْرَأَةً نَصْرَانِيَّةً مَاتَتْ، وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ مُسْلِمٌ، فَأَمَرَ عُمَرُ أَنْ تُدْفَنَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَجْلِ وَلَدِهَا. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، عَنْ عُمَرَ نَحْوَهُ.